جرائم التعذيب: استراتيجية أمريكية بامتياز
24 ربيع الأول 1426

<font color="#FF0000"> "بعد مرور سنة على أبي غريب، تستمر الولايات المتحدة بفعل ما تفعله الديكتاتوريات وجمهوريات الموز عندما تفتضح جرائمها أمام العالم: من تغطية للفضيحة ونقل اللوم إلى الأسفل، في حين يستمر جدار من الحصانة بإحاطة مهندسي السياسات التي أدّت إلى كل هذه الجرائم". </br> "ريد برودي" المستشار الخاص </br> في منظمة هيومن رايتس ووتش </font> </br> </br> في 28 نيسان من عام 2005 يكون قد مرّ عام كامل على كشف فظائع تعذيب المعتقلين العراقيين على أيدي القوّات المحتلّة الأمريكية في سجن "أبو غريب" السيئ السمعة والذي ذاع صيته السيئ في جميع أنحاء العالم خاصّة بعد استلامه من قبل "المحرّرين" الأمريكيين حيث تمّ الكشف عمّ يتعرّض له المعتقلون العراقيون من عمليات تعذيب وامتهان للكرامة الإنسانية وانتهاك لأبسط حقوق الخلق في الأرض على أيدي قوّات الديمقراطيّة الأمريكية العريقة بقيادة بوش، وما خفي كان أعظم. <BR><BR>وفي هذا الإطار نتحدّث في هذا التقرير عن عدّة نقاط أساسية تتمحور حول كشف جهود الولايات المتّحدة في تأسيس مدارس التعذيب والسجن وحول التساؤل عمّا إذا كانت فظائع أبو غريب وأخواتها حدثاً عرضياً أم منهجاً استراتيجياً مرسّخاً، نعرض بعدها لنماذج من التعذيب الأمريكي والى ماذا توصّلت عمليات التحقيق التي بحثت في الفضيحة وماذا قالت أبرز تقارير المنظمات الدولية في الموضوع ونكشف عن استلهام الدول في العالم الثالث لتجربة الولايات المتّحدة في التعذيب وعن الخطط المستقبلية للولايات المتحدّة لتفادي وقوع قادتها في تحمّل المسؤولية عن مثل هذه الأعمال.<BR><BR><font color="#0000FF"> مدارس التعذيب الأمريكية: </font><BR>يعتقد كثير من الموهومين المبهورين بما يسمى "العالم المتمدّن" –Civilized World- (المعتقدين أنّ كل ما يلمع ذهبا) أنّ الفظائع التي ارتكبها جنود رائدة الحضارة الغربية الولايات المتّحدة الأمريكية هي مجرّد استثناء وحادث عرضي وأعمال فرديّة، وهذا ما حاول الأمريكيون تسويقه أيضاً، لكنّ التاريخ يكشف أنّ التعذيب ولاسيما الأمريكي يأتي نتيجة احتراف ومهنة وبعد جهود مضنية ومكثّفة يتم تدريب الضبّاط فيها من خلال كتب ومدارس وأخصّائيين نفسانيين واجتماعيين على كيفية إذلال المعتقل وامتهان كرامته لانتزاع ما يريدون منه، وإن كانت وسائل الإعلام العالمية (و هي بغالبها صهيونية وأمريكية التمويل) لم تذكر شيئاً عن الموضوع، فإنّ ذلك لا يعني أنّه غير موجود سابقا في القاموس الأمريكي، فأسلوب التعذيب عند الأمريكيين قديم ونعطي في هذا عدّة شواهد من محطّات متعدّدة:<BR>- عام 1946: تأسست المدرسة العسكريّة الأمريكية في باناما، وكان الهدف من هذه المدرسة تدريب رجال الشرطة والضباط في بلدان أمريكا اللاتينية ضدّ الأنظمة الشيوعية وحركات التحرير وكانت هذه المدرسة أوّل من أصدر كتبا منسّقة توصي باستخدام التعذيب والإعدامات بدون محاكمة واستخدام كل أساليب العنف بغية الحصول على المعلومات من المعارضين وأعضاء الميلشيا السياسية أو العاملين في صفوف حركات التحرير. ثمّ انتقلت هذه المدرسة عام 1984 إلى نورث بينييج حيث كانت هذه المدرسة بلغت ذروتها في تعليم التعذيب في الستينات حيث كانت أمريكا تدرّب الضباط ضدّ الشيوعيين في أمريكا اللاتينية. وقد قامت هذه المدرسة منذ تأسيسها عام 1946 بتدريب 60 ألف عضو من 12 بلدا وقد أصبح عدد منهم فيما بعد رؤساء دول بعد أن أصبحوا جلاّدين مشهورين.<BR><BR>- في عام 1963، تمّ طباعة أبرز كتب تعذيب تحت اسم "KUBARK" لتعليم فنون التعذيب, ويبدأ الكتاب بجملة "حتى تكون محقّقا جيدا!!" ويشرح الأساليب والطرق التي يجب اتّباعها لانتزاع المعلومات من الأسير ومزوّد برسوم وتفاصل الانتقال من مرحلة إلى أخرى ومن أسلوب إلى آخر والظروف المناسبة لأداء ذلك والتأثير الذي يتركه هذا على الأسير أو المعتقل. و يؤكّد واضعوا هذا المنهج أنّ أفضل وسيلة هي التي تجعل المعتقل يعذّب نفسه وأن يعذّب المعتقلين بمعتقلين آخرين. وقد تمّ تدريس هذا المنهج إلى رجال الاستخبارات والضبّاط في السجون وضبّاط مكافحة التمرّد والثورات.<BR><BR>- وفي عام 1983 طوّرت الاستخبارات الأمريكية منهاج التدريس في التعذيب نحو الأسوأ وأصدرت كتابا آخر تحت اسم "التدريب لاستغلال القدرات البشرية" وكان هذا أسوأ نتاج في التعذيب ويعتقد أنّ المنهج الذي طبٌّق في سجن "أبو غريب" هو نفسه المذكور في ذلك الكتاب. وقد تمّ ترجمة العديد من هذه الكتب إلى اللغات لاسيما الإنسانية وسرعان ما تمّ انكشاف أمرها وأدّى إلى استياء لدى شعوب أمريكا اللاتينية خاصّة انّه كان يتم تعذيبهم عبر المناهج الواردة فيها ممّا دفع الحكومة الأمريكية خلال عهد بوش الأب إلى سحب جميع النسخ الموجودة والتي تباع بعد أن كان ريجان فعّلها لاستخدامها في مآرب خاصّة في الحرب الباردة، ولا نستبعد أنّ بوش الابن يستعين فيها الآن في حربه المزعومة على الإرهاب.<BR><BR><font color="#0000FF"> نموذج "أبو غريب" استثناء أم استراتيجية محكمة؟: </font><BR>يعتقد الكثيرون أنّ نموذج التعذيب في أبو غريب ليس إلاّ حالة استثنائية قام بها عدد محدود من الجنود بدافع ذاتي وهذا نفس المنطق الأمريكي الذي يحاول التخفّي خلف هذه الحجّة. إلاّ أننا نرفض هذا رفضا قاطعا، فنحن نعتقد بما نمتلكه من أدّلة (و من طبيعة ما جرى من حيث التحضير له والتدرّب عليه وتطبيقه على الأسرى العراقيين وتكرار التجربة الأمريكية المنحطّة في أكثر من سجن ومعتقل) أنّ الأسلوب الذي طبّق في العراق في سجن "أبو غريب" هو استراتيجية أمريكية مدروسة بدقّة وعناية ومن لا يعتقد بذلك فما عليه إلاّ قراءة التالي من الحجج التي تبرهن أنّ التعذيب بالشكل الذي تمّ كان مستهدفا ومقصودا:<BR><BR><font color="#FF0000"> أولا: تكرار نفس الأفعال وطرق التعذيب: </font><BR>إذ إنّ تعذيب السجناء بالمعتقلات الأمريكية لم يقتصر على أبو غريب، بل أنه امتد للمعتقلات الأمريكية عبر العراق وفي أفغانستان وفي جوانتانامو بدليل أنّ تقرير لجنة مستقلة كان البنتاغون قد شكّلها في أيّار عام2004 برئاسة وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس شليزينجر للتحقيق في أوضاع المعتقلات الأمريكية قد أشار أن كثير من المعتقلين الذين قدّر التقرير عددهم بحوالي 50 ألف معتقل في أفغانستان والعراق وحدهما تعرضوا للتعذيب والإهانة. وهذا أيضاً ما أكّده تقرير صدر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" في 24 نيسان عام 2005 بعنوان: "هل يفلت مرتكبو التعذيب من العقاب..المسؤولية والقيادية عن إساءة الولايات المتّحدة لمعاملة السجناء", حيث ذكر التقرير "أنّه يوجد دليل دامغ على أن إساءة الولايات المتحدة للسجناء المسلمين وتعذيبها إياهم أمران لم يحدثا في أبي غريب فقط بل في أماكن أخرى في أفغانستان والعراق إضافة إلى غوانتانامو و"أماكن سرية" أخرى حول العالم (سنأتي على ذكرها لاحقا)، في خرق لمعاهدة جنيف وللقوانين المناهضة للتعذيب" وأدى ذلك إلى وفاة العديد من المعتقلين أو تشوّههم نفسيا وجسديا وما صدر خلال العام الماضي من وثائق رسمية ومعلومات صحفية عن فضائح التعذيب بالمعتقلات الأمريكية كشف أن الفضيحة هي أكبر بكثير مما كان متوقعا بسبب انتشار التعذيب في المعتقلات الأمريكية عبر العالم والتنوع الخطير للانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون كما أنّ القضية وذيولها وتكرار أسلوبها لم يتوقف منذ تفجرها في شهر نيسان من 2004 حتى الآن، فكل أسبوع تقريبا تصدر تقارير رسمية أو صحفية تكشف عن أبعاد جديدة خطيرة لفضائح التعذيب بالمعتقلات الأمريكية لم يكن ليصدقها أحد قبل أبو غريب، وهو ما يؤّكد ما ذهبنا إليه من أنّ التعذيب استراتيجية إذ لا يمكن أن يكون عملا استثنائيا فيما يتم ممارسته في جميع المعتقلات الأمريكية تقريبا وبنفس الطريقة وعلى المعتقلين المسلمين بالذات سواء كانوا متّهمين أم غير متّهمين بشيء إذ إن كثير من المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب بالمعتقلات الأمريكية لم يكونوا على أي صلة بأية عمليات أو جماعات سياسية أو مسلحة وقد أكّدت ذلك العديد من تقارير الوكالات المدنية كالصليب الأحمر وهيئات التحقيق الأمريكية الرسمية التي أشارت إلى أن 70-90% من المعتقلين بالسجون الأمريكية بالعراق على سبيل المثال هم من الأبرياء.<BR><BR><font color="#FF0000"> ثانيا: وجود أوامر عليا متكررة باستعمال هذا النوع من التعذيب وازدراء الأمريكيين للقانون الدولي: </font><BR>بداية نرفض أن يتم حصر جرائم التعذيب السادية والتعتيم عليها بسلوك بعض جنود الاحتلال, فهذه الممارسات هي في صميم وجوهر الاحتلال الأمريكي وفي صميم نظام إرهاب الدولة العظمى الذي يمثله الرئيس الأمريكي بوش (القائد الأعلى للقوات الأمريكية) و(وزير الدفاع) رامسفيلد وكل الإدارة الأمريكية التي تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن انتهاك الثوابت الإنسانية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان وأحكام القانون الدولي الإنساني، فمدى الجريمة المخيفة يزداد وضوحا مع مرور الوقت ويشير إلى أنّ بشاعة الجريمة تكمن في كون القرار بارتكاب جرائم الحرب هذه ليس قرار جنود أفراد وإنما قرار مؤسسة دولة بأعلى مستوياتها, بما فيها تدريب وكالة المخابرات الأمريكية للجنود على عشرين نوع من استحداثات التعذيب, ومنها الاغتصاب والإهانات الجنسية الفردية والجماعية للأسرى والأسيرات، وربطهم وجرهم كالحيوانات، والتعذيب حتى الموت, مطلقين العنان للغرائز السادية التي لا تعرف حدود للبشاعة لامتهان كرامة الشعب العراقي والمسلم، وسحق إنسانيته، وقهر إرادته تحت الاحتلال.<BR><BR>وفي هذا الإطار لا بدّ أن نربط المذكرات الحكومية السرية التي وقعها كبار المسؤولين الأمريكيين وعلى رأسهم (الرئيس الأمريكي) جورج دبليو بوش وكتبها مستشاروهم القانونيين للتشاور حول كيفية التعامل مع المعتقلين في أفغانستان والعراق بالازدراء الأمريكي للقانون الدولي ولحقوق الشعوب، فالأصل في أمريكا هو انتهاك القانون الدولي والحق في انتهاك حقوق الآخر وهذا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ولا يحتاج إلى دليل وحسبنا التاريخ الأمريكي وشواهده، ويكفينا أنّ أمريكا الداعم الأوّل لإسرائيل في البقاء فوق القانون الدولي. على العموم وفيما يخص المذكرات فقد جاء بعضها (مذكرة مساعد وزير العدل السابق إلى مستشار القانوني للبيت الأبيض عام 2002م) يروج لفكرة أن الدستور الأمريكي يجعل من حق الرئيس إعلان عدم التزامه بتطبيق القوانين الدولية في تعامله مع أسرى حرب أفغانستان بحكم أن أفغانستان هي دولة منهارة، وذلك بهدف حماية الجنود الأمريكيين من مغبة الوقوع تحت طائلة القانون الدولي. وقد وافق عليها بوش في نيسان عام 2002 عبر مذكرة لفريق الأمن القومي المساعد له أكد فيها على أنه يمتلك سلطة إعلان عدم انطباق اتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب على أسرى الصراع في أفغانستان ولكنه لن يستخدم هذه السلطة!! (طبعا يمكنكم الوثوق في الكلمتين الأخيرتين). هذا وقد أصدر (وزير الدفاع الأمريكي) دونالد رامسفيلد مذكرة في كانون أول عام 2002 تسمح باستخدام 16 أسلوبا من أساليب التعذيب. فهل من المعقول أن تكون هذه الجرائم في أبي غريب وغيرها أفعال فرديّة!<BR><BR>يجيب الصحفي المشهور "سيمور هرش" في مقال له في صحيفة نيويوركر ( 1/5/2004) بعنوان "التعذيب في سجن أبو غريب" أن تلك الجرائم لم تكن تتم وفق اجتهادات فردية أو تصرفات محدودة، وإنما انطلاقا من فلسفة وقناعات تسيطر على القادة العسكريين والأمنيين الأمريكان، وبتوجيه كامل من ضباط الاستخبارات الأمريكية، فأحد الجنود المتهمين بالتعذيب أجابه قائلاً: "هل تعتقد أن عددا من الجنود الفتيان من فيرجينيا كانوا يقومون بهذه التصرفات اجتهادا منهم، دون توجيه من أحد؟" كما نقل قول أحد أبرز الجنود المتهمين في القضية في رسائله الشخصية لأهله أن ما قام به من فظائع بحق الأسرى العراقيين كان يتم وفق أوامر من ضباط الاستخبارات، وأنه سأل مديره في السجن إذا كان يقوم به من عمليات تعذيب سيعرضه للمساءلة من باب إساءة معاملة السجناء، فأجابه: "لا تقلق بشأن ذلك".<BR><BR>هذا وقد أكّد تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الصادر في 24 نيسان 2005 على وجود مذكرات واقلّه على معرفة المسؤولين بالجرائم التي تتم والكتمان عليها، حيث ذكر أنّ " رامسفيلد قد وافق على طرق الاستجواب التي تخرق معاهدات جنيف واتفاقية مناهضة التعذيب من قبيل استخدام كلاب الحراسة لإخافة السجناء ومن قبيل وضعهم في وضعيات "صعبة" ومؤلمة, ولم يتوفر أي دليل على أن رامسفيلد (وخلال ثلاث سنوات من تزايد التقارير التي تحدثت عن سوء المعاملة،) قد مارس سلطته لإنذار مرؤوسيه بأن إساءة معاملة السجناء يجب أن تتوقف ولو كان قد فعل ذلك لأمكن بالتأكيد تجنب كثير من الجرائم التي ارتكبتها القوات الأميركية". في حين أكّد "ريد برودي" المستشار الخاص في هيومن رايتس ووتش في نفس التقرير أنّ " هذا النموذج من إساءة المعاملة والمنتشر في عددٍ من البلدان لم ينتج عن أفعال الأفراد من الجنود الذين يخرقون الأنظمة، بل نتج عن قرارات متخذة من جانب مسؤولين أمريكيين على مستوى رفيع لتحريف الأنظمة أو تجاهلها أو حتى إلقاءها جانباً". وأضاف التقرير "وافق الجنرال سانشيز على طرق الاستجواب غير القانونية ـ أيضاً، استخدام كلاب الحراسة لترويع السجناءـ التي مارسها الجنود في أبو غريب. ولا يبدو أن الجنرال سانشيز قد تدخل لوقف ارتكاب جرائم الحرب والتعذيب من قبل الجنود الواقعين تحت أمرته المباشرة. وقد يتحمل الجنرال ميلر، بصفته قائد معسكر الاعتقال الشديد الحراسة في غوانتانامو بكوبا، المسؤولية عن جرائم الحرب وأعمال التعذيب التي تمت هناك، وقد يتحمل أيضاً مسؤولية تصدير أساليب استجواب مسيئة وغير قانونية إلى العراق". وقد كان هيرش أشار إلى ان عملية التعذيب في سجن أبو غريب ليست عملا منعزلا عن التحول الجديد، وإنما تأتي في سياق واحد من أفغانستان إلى غوانتنامو إلى العراق، وقد تمت عملية الربط بين السجون العراقية وبين عمليات التحقيق ووظائف رجال الأمن بموافقة من سانشيز، وبتوصيات من ميلر (الضابط الأمريكي المسؤول في سجون غوانتنامو). إذ تقوم رؤية ميلر على ضرورة أن تخدم وظيفة الجنود والحراس في السجون مهام المحققين في انتزاع المعلومات من السجناء وبموافقة تينيت بطبيعة الحال.<BR><BR>يبقى أن نشير إلى أنّ ذلك يرتبط بازدراء الولايات المتحدة وقادتها للقانون الدولي ولا يهمها إذا كانت تلك الأفعال تشكل انتهاكاً خطيراً (إنّ هذا التعبير معتدل جدا مع ما ترتكبه أمريكا وأقل ما يجب أن يقال عنها هي جرائم في حق الإنسانية وليست انتهاكات؛ لأن الانتهاك يكون استثناءً عادة ولكن هذه الجرائم هي استراتيجية أمريكية) لاتفاقية جنيف وللمعايير الدولية لحقوق الإنسان كما هو منصوص عليها في مختلف الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان كاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة لعام 1984 والتي تضع على عاتق كل دولة طرف مسؤولية اتخاذ مختلف الإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية الفعالة لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي، ولا تجيز ممارسة أعمال التعذيب تحت كافة الظروف بما في ذلك التذرع بالظروف الاستثنائية، أو حالة الحرب، أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي، أوفي حالات الطوارئ. وليس أدّل على ذلك أنّ الولايات المتحدة الأمريكية وقعت الاتفاقية في 18 نيسان/أبريل 1988 دون أن تصادق عليها - وفقا للمعطيات المتوافرة للعام 2000. كما وأنها وقّعت على اتفاقية روما لعام 1998 بتشكيل محكمة الجزاء الدولية ورفضت التصديق عليها لمعرفتها المسبقة لطبيعة مشاريعها العدوانية. فهل هذه استثناءات أم استراتيجية محكمة؟!<BR><BR><font color="#0000FF"> نماذج من التعذيب المستخدم من قبل "العالم المتمدن" في أبو غريب: </font><BR>فيما تعجز الكلمات عن وصف هول جرائم التعذيب التي مارستها قوات الاحتلال الأمريكي في سجن أبي غريب في العراق، والتي لو ارتكبتها أي دولة من دول البلدان النامية والعالم الثالث لكان رد الفعل الدولي وبالذات الأمريكي والأوروبي الإدانة والتنديد والإجراءات العقابية للنظام المعني بل وقد يصل الأمر إلى تحرير ذلك البلد دفاعا عن الإنسانية!! ولكانت الإدارة الأمريكية تحدثت عن تفوقها الأخلاقي والحضاري كونها "رائدة العالم الحر". وأتذكّر في هذا المجال كيف راحت المنظّمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتّحدة، والدول الأخرى لاسيما أمريكا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا وغيرها من الدول تتحدّث عن تفوّقها وسموّها الحضاري ودفاعها عن حقوق الإنسان وحتى الحيوان وتتّهم المسلمين بالتخلّف والانحطاط حيث قامت الدنيا ولم تقعد لمجرّد أنّ نظام طالبان وضع دبّابة أمام "تمثال حجري" (مع العلم أنّ الهدف من قيام طالبان بذلك لفت انتباه العالم إلى تلك الدولة والحصار المفروض عليها ليقولوا إننا هنا لماذا لا يسمع أحد؟ ويبدو أنّ الجميع قد سمع ورأى حينها ولكن من الصورة التي يريدها الأمريكيون) أمّا الجرائم في سجون أبي غريب وغوانتنامو وأفغانستان (لا نتكلم عن كل الجرائم فهي أكبر من أن تذكر أو أن تحتويها الكتب والمجلدات بل المكتبات) فهي مسألة لا تتعدى الاعتذار كحد أقصى ثمّ تعود الأمور إلى ما كانت عليه من قبل لا بل تستكمل عمليات التعذيب والاعتقال والاغتصاب والشذوذ والهتك التي تعبّر عن الحضارة الغربية ومجتمعاتها المنحلّة أخلاقيا إلى درجة الانحطاط في الدرك الأسفل بين جميع أمم وشعوب الأرض لدرجة يندى لها جبين الإنسانيّة والتاريخ. فضرب تمثال حجري أمر لا يغتفر......و لكنّ التعذيب الأمريكي (على النحو الذي سننقله) بحق الشعب المسلم مسألة فيها نظر، ومهما قلنا فلن نعبّر عن جزء بسيط جدّا ممّا جرى ولكن لنوضّح الصورة أكثر ننقل لكم بعض طرق وأشكال وأساليب التعذيب التي تمّ اتّباعها في "أبي غريب"و أمثاله:<BR><BR>فقد كشف تقرير أعده الجنرال الأمريكي أنطونيو ثاغوبا ونشرته مجلة نيويورك (العام الماضي)عن اعتداءات وممارسات سادية بشكل ممنهج ضد المعتقلين العراقيين، بعد أن كانت شبكة سي.بي. إس التلفزيونية الأمريكية وصحيفة الواشنطن بوست أوّل من كشفتا النقاب وبالصور عن عمليات التعذيب اللا أخلاقية والساديّة التي تمارسها قوات الاحتلال الأمريكية ضد المعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب, ويقول التقرير:حدثت ممارسات سادية وجرائم في سجن أبو غريب بين شهر تشرين أول وشهر كانون أول من العام الماضي، وقام بهذه الممارسات جنود من كتيبة الشرطة العسكرية رقم 372 وعدد من عناصر أجهزة المخابرات الأمريكية وانتهاكات كبيرة منها:<BR><BR>- كسر الأضواء الكيماوية وسكب السائل على المعتقلين <BR>- سكب المياه الباردة والساخنة على المعتقلين بعد تعريتهم.<BR>- ممارسة اللواط بحق المعتقلين وإجبارهم على تمثيل مظاهر جنسية ضد بعضهم البعض. <BR>- إجبارهم على ممارسة العادة السرية.<BR>- تعرية المعتقلين وإجبارهم على النوم فوق بعض <BR>- إدخال أضواء كيماوية في دبر المعتقلين<BR>- إبقاء المعتقلين عراة لعدة أيام <BR>- ضرب المعتقلين بمقابض المكانس والكراسي <BR>- إجبارهم على التعري ولبس ملابس نسائية داخلية <BR>- ربط رقاب المعتقلين وهم عراة بحبل وجرهم وهم مقيدين<BR>- حرمانهم من النوم <BR>- استخدام الكلاب العسكرية لترويع المعتقلين وعضهم <BR>- اغتصاب النساء المعتقلات. <BR><BR>و قد أضاف سيمون هيرش في تقريره في (1-5-2004) على هذه الأنواع من التعذيبات نوع آخر نقلا عن ثاغوبا أيضاً ومنها:<BR>- سكب سوائل فسفورية على المحتجزين<BR>- ضرب المحتجزين بالكراسي والمطارق اليدوية<BR>- السماح للحرس بغرز الجراح الجديدة نتيجة التعذيب<BR>- ضرب السجناء بجدران السجن<BR>- انتهاك عرض المساجين بكافة الطرق لاسيما إدخال عصي المقشات في دبر المعتقلين<BR>- ربط الأماكن الحساسة للمعتقلين بالأسلاك الكهربائية والتهديد بتشغيلها<BR><BR>ويروي إضافة إلى ذلك شهادتين عن مجندين كانوا وقت التعذيب، فيقول الأوّل: رأيت زملائي وقد أجبروا محتجزين عراقيين على التعري وغطّوا رؤوسهم وأجبروا أحدهم على الاستمناء والآخر على فتح فمه ثمّ قالوا لي: "هل ترى ماذا تفعل هذه الحيوانات عندما نتركها لبضع دقائق؟!". هذا فيما قال الثاني: لقد تعرّض أحد المعتقلين المصنف على أنه خطير جدا إلى ضرب مبرح على أيدي رجال الاستخبارات، وقد أدى ذلك إلى موته وبدلا من التعريف به وإعطائه رقم السجين تمّ وضعه في كيس مليء بالثلج ثمّ اخذوا يلتقطون الصور معه!!<BR><BR>هذا ولم يكتف جنود التحرير الأمريكي بقدراتهم الخاصّة بالتعذيب فاستجاروا بأساتذة التعذيب الصهاينة واستأجروا المستشارين منهم والمعذّبين والمحققين ليشاركوهم ساديّتهم وحقدهم على المسلمين، فقد أكّد عدد من المعتقلين العراقيين الذين أطلق سراحهم من "أبو غريب" أنّهم خضعوا للتحقيق أمام رجال الموساد وقد عرفوا ذلك من خلال نوعية الأسئلة التي كانوا يطرحونها عليهم وعن مناطق وأماكن عراقية كانت تضم معالم يهودية مقدسة واستطاع بعضهم وخاصّة المضطّلع على اللغة العبرية تمييزها في أثناء حديث المحققين فيما بينهم على الرغم من حرصهم التحدّث بالإنجليزية في غالب الأحيان، ولا نستبعد ذلك أبدا خاصّة أنّ هذا حصل حتى في غوانتانامو، فقد ذكرت "اورلي ازولاي كاتس" الإسرائيلية في تقرير لها نشر في صحيفة يدعوت أحرنوت 25/2/ 2005 إن المحققين الأميركيين حاولوا كسر إرادة أسير سوداني في غوانتانامو من خلال إلباسه العلم الإسرائيلي عنوة فيما قاموا بربط أسرى آخرين بأيديهم وأرجلهم حتى غرقوا ببولهم وبرازهم طيلة 18 إلى 24 ساعة.<BR><BR>وأكد التقرير أن الأسرى العرب والمسلمين هناك لا يعلمون هوية مكان اعتقالهم ما يمكن المحققين الأميركيين بتهديد من يرفض الإدلاء بمعلومات حول القاعدة خلال استجوابه بتسليمه للإسرائيليين من خلال نقله إلى ثكنة مجاورة يرفع فيها العلم الإسرائيلي مسبقا، لافتة إلى أن الطريقة "مجدية". وأفاد التقرير أن مترجمًا أمريكيا عمل في المعتقل يعدّ كتابا يكشف فيه المزيد من فظاعات غوانتانامو منها مهاجمة الأسرى بغاز الفلفل وقيام محققة بخلع ملابسها أثناء التحقيق مع أسير سعودي أغمض عينيه وشرع بالصلاوات وعندها ألقت بنفسها عليه فبصق نحوها فعادت وبللته بمادة سائلة حمراء كالدم وأبلغته أن ذلك من حيضها (هناك شهادات تفيد أنّه حيضها وليس مادّة حمراء، نعم إلى هذه الدرجة الانحطاط الغربي فهنئيا للمبهورين) في محاولة لحرمانه من الصلاة ثم غادرت الغرفة تاركة إياه باكيا كالطفل.<BR><BR>وبالعودة إلى "أبي غريب" أظهرت الصور أنّ الجنود قاموا بهذه الجرائم الدنيئة بكل فرح وسرور وغبطة ما بعدها غبطة وهو ما يشير إلى نفسيتهم المريضة وأخلاقهم البذيئة وتربيتهم الشنيعة وحضارتهم الدنيئة ومجتمعاتهم الفسيقة، فقد قاموا بالتقاط الصور الفوتوغرافية والأفلام المسجلة ورفعوا أصابع الإبهام تعبيرا عن الرضا والاغتباط خلال ارتكابهم لجرائمهم ، وتظهر الصور بعض الجنود الأمريكيين واقفين مبتسمين أمام الكاميرا وهم يضحكون بعد أن كوّموا السجناء العراقيين عراة على شكل هرم وإرغامهم على ممارسة الشذوذ والأفعال المشينة وبدأ المجرمون بتوثيقهم لانتهاكاتهم لا يخافون من أي استجواب أو محاسبة أو قانون فهم القانون وهم العالم ودولتهم القائدة!!. إضافة إلى صور تظهر مجندة تقف والسيجارة تتدلى من شفتيها وترفع علامة النصر وتشير باليد الأخرى إلى موقع حسّاس لمعتقل عراقي عار تماما ورأسه مغطى بكيس، وصورة أخرى تظهر فيها المجندة إلى جانب ثلاث معتقلين يغطون عوراتهم بأيديهم وصورة إضافيّة تظهر فيه المجندة "انجلاند" ويدها بيد "غرانر" يرفعان بأيديهما بإشارة النصر أمام سبعة معتقلين عراقيين عراة مكوميين فوق بعضهم البعض بينما يضحك الجنود عليهم وصور أخرى كثيرة وما خفي أعظم.<BR><BR><font color="#0000FF"> لماذا هذا النوع من التعذيب والممارسات الشاذة وما الهدف منها: </font><BR> أنّ الأفعال الإجرامية التي ارتكبها الأمريكيين بحق السجناء والمعتقلين الأبرياء بمعظمهم والعزّل تكشف نفسيّتهم المريضة والمحطّمة وعجزهم عن تحطيم المسلم وفشلهم في مسعاهم لإذلاله وتعبّر عن شعورهم ومجتمعاتهم وحضارتهم المزعومة بالنقص تجاه أخلاق المسلم ومبادئه وعفّته وكرامته واستبساله في مقاومته, فقد لجؤوا إلى هذه الأفعال ليوهموا أنفسهم أنّهم انتصروا وهم فاشلون ونعتقد أنّهم هم من قام بتسريب هذه الصور التي نشرت حول التعذيب في إطار الحرب النفسية لإذلال المسلمين ولتثبيط الروح المعنوية للمقاومة العراقية بعد الانتصارات المدوية التي حققنها في عملياته العسكرية والاستخباراتية والتي لا ينفكّ الإعلام العربي والغربي على تشويهها وطمسها، لكنّ هذه الأفعال لا تزيد المسلم إلاّ إيمانا وتمسكا بعقيدته وانتقاما من أعدائه. وقد أشار البروفسور الأمريكي " برناردو هيكل " أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة نيويورك أن تعرية الرجال وتكديسهم فوق بعضهم، أو إجبارهم على ممارسة العادة السرية جاء في ضوء قراءة إدارة الاحتلال للتقاليد العربية والإسلامية التي ترفض الإباحية والتعري وتعتبرها منافية للخلق والدين،وبالتالي استخدمت قوات الاحتلال والمخابرات الأمريكية هذا الأسلوب السادي اللاإنساني في التعذيب كوسيلة للتعذيب لانتزاع الاعتراف وكسر إرادة المعتقلين. في حين أكّد عدد من الجنود المتّهمين أنّ المسؤولين عنهم وضبّاط الاستخبارات كانوا يقنعونهم أن ما يقومون به من عمليات تعذيب "مهمّة عظيمة" ويؤكّدون أنّ تعذيب العرب وتعريتهم وانتهاك أعراضهم هي الوسيلة الوحيدة التي تجبرهم على الاعتراف بما ارتكبوه. (خسئوا بعون الله).<BR><BR><font color="#0000FF"> التعذيب الأمريكي مصدر استلهام للأنظمة الأخرى: </font><BR>أكدت منظمة "هيومان رايتس واتش" في تقرير حديث لها "أن سلوك الولايات المتحدة يجردها من أي حق في أن تعتبر نفسها وصيا على حقوق الإنسان في دول أخرى". وأضاف التقرير أن انتهاكات الولايات المتحدة لحقوق الإنسان، "شجعت بعض الدول الأخرى التي دأبت على انتهاك تلك الحقوق على تبرير مسلكياتها". وأورد التقرير أمثلة لدول "استشهدت" بسلوك الولايات المتحدة واستمرت في ممارساتها التي تتعارض مع حقوق الإنسان: <BR>ففي مصر دافعت الدولة عن تمديدها لقوانين الطوارئ بالإشارة إلى التشريعات المضادة للإرهاب للولايات المتحدة. <BR>وفي ماليزيا يبررون الاعتقالات بدون محاكمة بممارسات الولايات المتحدة في جوانتانامو. <BR>وتتخذ روسيا من أبو غريب مثالا حين تلقي بالمسؤولية عن انتهاكات قواتها في الشيشان على الجنود ذوي الرتب الصغيرة. وكانت منظمة "هيومان رايتس وتش" لحقوق الإنسان قد أوضحت في تقرير سابق أن "مظاهر الرعب" التي صورت في سجن أبو غريب ببغداد كانت إفرازا لسياسة ترمي إلى الضرب باتفاقيات جنيف عرض الحائط. <BR><BR><font color="#0000FF"> أين التحقيق والمحاسبة؟! </font><BR>لن نطيل عليكم في هذا الباب فنحن نعلم أنّ ما يتم هو مجرّد مسرحيات ولإسكان الخواطر وللتمويه وأنّ هؤلاء القوم لا يخشون خلقا ولا دينا ولا قانونا ولا حسابا من أحد ويكفي أن تعلموا انّه بدلا من أن يلقى المتهم بأنّه أحد المسؤولين عن هذه الجرائم (إضافة إلى كثير غيره) وهو الجنرال سانشيز جزاءه في السجن أو الإعدام (و هو قليل عليه) فقد نال وساما عند استدعائه من مهمته في العراق تقديرا على جهوده وخدماته!!<BR><BR>وعلى الرغم من أنّ تقرير "هيومن رايتس وتش" الصادر في 24 نيسان 2004 يطالب بمحاكمة كل من رامسفيلد وجورج تينت وسانشيز والجنرال ميلر والتحقيق معهم بموجب مبدأ المسؤولية القيادية إلا أنّ التقرير يقول: "تعرض الجنود في المراتب الدنيا إلى اللوم في فضيحة أبي غريب وبسبب ممارسات التعذيب في مناطق أخرى من العالم في حين يبقى كبار القادة بعيداً عن متناول العقاب" مؤكدا على أن "هذا ليس عدلاً، بكل بساطة" ويضيف التقرير أن "الولايات المتحدة، ورغم هذه الأدلة، قد تعمدت حماية من خططوا لسياسات الاعتقال غير القانونية عبر رفضها السماح بتحقيق مستقل في إساءة معاملة السجناء وعبر امتناعها عن إجراء تحقيق جنائي بحق القادة الذين سمحوا بتنامي واستمرار هذه الإساءات الإجرامية بحق المعتقلين. وفي الوقت الذي أجرت فيه وزارة الدفاع الأميركية عدداً كبيراً من التحقيقات، إلا أنها لم تشرع في تحقيق داخلي يستهدف يتتبع تراتبية المسؤولية القيادية، في حين بدأت المحاكمات بحق الجنود من ذوي الرتب المنخفضة والمتعاقدين فقط".<BR>وأصلا حتى لو تمّ محاكمة الجميع وإعدامهم فهل هذا يكفي؟ ولكن لن يحصل أي شيء من هذا أصلا وكل ما هناك أنّهم يجرون مجرّد إجراءات شكلية للتخلص من الجنود الرديئين أو وضع بعضهم كبش فداء.<BR><BR><font color="#0000FF"> ابتكار أساليب ووسائل جديدة للتعذيب لضمان عدم الوقوع في المسؤولية: </font><BR>لا شكّ أن الجميع أدرك بعد كل هذه التفاصيل انّه لا يمكن للتعذيب أن يكون حالة استثنائية فيما يخص الولايات المتّحدة وانّ التعذيب لديها استراتيجية محكمة لها وسائل وطرق تعليم وتدريب وتكتب للتدريس وأهداف للتحقيق، وعلى الرغم من أنّ الذين يقومون بهذه الجرائم لا يخشون شيئا ولم يوقعوا على كافّة الاتفاقيات التي من شأنها محاسبة جنودهم أو مساءلتهم لعلمهم بجرائمهم إلاّ أنهم يعتبرون أنّ الحذر مطلوب. ولهذا فقد شرعوا في ابتكار وسائل جديدة للتعذيب وأماكن سرية لا يجري ملاحقتهم فيها ولا يزعجهم فيها فضول صحفي أو تدخّل منظّمة مستقّلة أو صور إذاعة تلفزيونية ومن هذه الأساليب:<BR>- استخدام الطائرات كمراكز تحقيق مع المعتقلين حيث لا يوجد أحد يطبّق عليهم أي قانون وهم في السماء ولا احد يراقبهم, وقد كشفت مجلة 'نيوزويك' الأمريكية الأسبوعية عن أن وكالة المخابرات المركزية(CIA) استخدمت طائرات بوينج 737 في استجواب من تسميهم واشنطن 'الإرهابيين المشتبه فيهم' كجزء من نظام سجن الأشباح العالمي. وكانت تقارير إعلامية عديدة أشارت إلى أن وكالة مخابرات تستخدم طائرة نفاثة تجارية، كمراكز تحقيق، ودعمتها تقارير حديثة بأن طائرة نفاثة صغيرة، كانت جزءا سريا للغاية، ضمن وسائل الاستجواب التي استخدمت في الحرب على 'الإرهاب'.<BR><BR>- تسليم المعتقلين إلى مخابرات في دول العالم الثالث (توصيات جورج تينت) حيث يتم تعذيبهم دون أن يعلم احد بمكان وجودهم وقد أشار عدد من التقارير انّ هذه الدول غالبا ما تكون الأردن والسعودية ومصر واليمن وسوريا بالإضافة إلى الدول التي تحتوي قواعد عسكرية أمريكية والتي لا تخضع لأي قانون أو تلك التي يتم استئجارها على سبيل المثال مثل "غوانتانامو" في كوبا.<BR><BR>- استئجار المرتزقة والتعاقد مع شركات أمنية خاصّة من خارج الجيش مقابل أموال طائلة مما يبعد المسؤولية عن أي قيادي في الجيش الأمريكي ويتيح الفرصة أمام هؤلاء المرتزقة استخدام كافة أنواع التعذيب دون حسيب ورقيب، فهم يكادون يكونون حسب ما قاله تقرير "هيومن رايتس ووتش" الأخير بمأمن تام من أي مساءلة أو عقاب على أفعالهم لأن شروط عملهم مع الجيش الأمريكي تمنحهم الحصانة من المقاضاة أمام المحاكم وهم لا يخضعون لتسلسل القيادة العسكرية وبالتالي لا تجوز محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية ولا الأمريكية.<BR><BR>- اختطاف المعتقلين وإخفائهم عن الأنظار واستخدام أسلوب "الإغراق بالماء" - المعروف في أمريكا اللاتينية باسم "submarino" – وحبس الأطفال (غوانتانامو سجن فيها طفل عمره 9 سنوات وخرج عمره 12 سنة، هل هذا إرهابي أيضاً؟) واعتقالهم وأهاليهم وهدم بيوتهم وتقليع أشجارهم ومزروعاتهم (و هو أسلوب صهيوني بامتياز) لإجبار المطلوب على تقديم نفسه والاستسلام. وقد أشار تقرير صادر عن "منظمة هيومان رايتس ووتش" بعنوان "مختفيين الولايات المتحدة:أشباح المخابرات الأمريكية المحتجزين لفترات طويلة الأمد" إلى أنّ أمريكا تستخدم أساليب مألوفة بين الدكتاتوريات القمعية.<BR>لكن المحققين ليسوا من بلد دكتاتوري وإنما من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، السي آي إيه.<BR><BR>ويضيف التقرير "الاختفاءات" كانت علامة الانتهاك المميزة للدكتاتوريات العسكرية في أمريكا اللاتينة في "الحرب القذرة" ضد التآمر المزعوم. والآن أصبحت تكتيك الولايات المتحدة في صراعها مع القاعدة.ويضم سجناء السي آي إى "المختفين" <BR>أبو زبيده، مساعد مقرب لأسامه بن لادن،<BR>ورمزي بن الشيب الذي ربما كان أحد المختطِفين في 9/11 لولا فشله في الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة،<BR>وحمبلي وهو أحد حلفاء القاعدة الأساسيين في جنوب شرق آسيا <BR>وعبد الرحمن الناشري الذي يزعم بأنه العقل المدبر وراء تفجير المدمرة كول.<BR><BR>ووفقاً لـ"الفريق المستقل لتقييم عمليات السجن لوزارة الدفاع" الذي يترأسه وزير الدفاع السابق جيمس شلسينجر، فقد صُرح للسي آي أى "بالعمل وفقاً لقواعد مختلفة" عن تلك السارية على الجيش الأمريكي. وانبثقت هذه الأنظمة جزئياً من مذكرة من وزارة العدل في آب/أغسطس 2002 رداً على طلب من السي آي إى لتلقي إرشادات، حيث نصت المذكرة على أن تعذيب معتقلي القاعدة "قابل للتبرير" وأن القوانين الدولية ضد التعذيب "قد تكون غير دستورية إذا تم تطبيقها في عمليات التحقيق" التي تتم في سياق الحرب ضد الإرهاب.<BR><BR><font color="#0000FF"> خاتمة: </font><BR>لا تعليق لدينا نضيفه على ما ذكرناه من فضح للاستراتيجيات الأمريكية في التعذيب والانحطاط التي تعيشه هذه الدولة, ولكن يبقى لدينا سؤال نوجّهه لجميع من قرأ التقرير بعد أن فاضت عيناي دموعا في كل سطر منه سيما وانّ صورة أحد المعتقلين السابقين في سجن أبي غريب الذين عقدوا تصريحا عند خروجه من السجن ونقلته الجزيرة الفضائية وقتها مازال عالقا في ذهني، رجل بكل ما للكلمة من معنى شامخ قوي معتز بدينه وشرفه لم تتمالكه نفسه فانفجر باكيا شاكيا قائلا: "لقد اغتصبوني". لا أملك ما أفعله حيال هذه الجرائم الأمريكية سوى ما سطّره قلمي مضافا إليه هذا السؤال: "ماذا لو تعرّض أحدكم لمثل ما حصل لإخواننا؟ ماذا سيكون ردّ فعلكم وما هو تصرّفكم؟ بالتأكيد لن يتكلّم أحد عن مزايا الديمقراطيّة الأمريكية وعن رغبته بتنمية بلده وتطويره وبخوض ما يسمى الانتخابات وهم فيها فرحين وما إلى ذلك بعد أن فقد أعزّ ما يملك وهو شرفه وعرضه وأخته وأمه وأباه وبيته وأرضه وشعبه ويجبرونه على ترك دينه ولكن خسئوا إن كانوا يستطيعون، فالله الله في أسرى المسلمين والمعتقلين في السجون الغربية.<BR>" وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون" صدق الله العظيم.<BR><br>