بعد إلغائه التعليم الشرعي.. إلى أين يقود (أويحيى) الجزائر؟
22 ربيع الثاني 1426

ارتبط اسم أحمد (رئيس الحكومة الجزائرية) بالسنوات السوداء والحمراء التي عرفتها الجزائر، كما ارتبط اسمه بالسياسة الاستئصالية القمعية الحديدية التي كان ينتهجها جنرالات الجزائر الذين أدخلوا الجزائر في أتون حرب أهلية أدّت إلى مقتل أزيد من ربع مليون جزائري وخسائر تقدّر بأزيد من ثلاثين مليار دولار أمريكي.<BR><BR>ولا يمكن للمحللّ السياسي أن يصنّف أحمد أويحي في خانة سياسية معينة فهو كثير التلوّن وكثير الاضطراب في مواقفه السياسية وهو أقرب إلى مهرّج سياسي منه إلى صانع قرار في بلد يتمتع بمقدرات رهيبة.<BR> فهو مع الاستئصاليين فقيه الاستئصال، ومع التصالحيين داعية رحمة ومودة ومع الأمازيغ ماسنيسا أو يوغرطة ومع الفرانكفونيين سليل الثقافة الفرنكفونية والفرانكوفيلية.<BR> وهو أبعد ما يكون عن العروبة والإسلام وأقل ما يقال عنه أنّه ينفذّ أجندة معينة، بل هو مفروض حتى على بوتفليقة من الدوائر العليا التي تحكم من وراء الستار الجزائر، هذه الدوائر التي كانت وراء خطف أزيد من ثمانية آلاف جزائري تمّ قتلهم جميعا بدم بارد، والذين وما زال ذووهم يبحثون عنهم. <BR><BR>وكان يفترض ببوتفليقة الذي وعد الأمة الجزائرية المنكوبة بسياسة جنرالاتها الرعناء بالمصالحة الوطنية الشاملة والكاملة أن يأتي إلى دوائر القرار بشخصيات سياسية تجسّد الأغلبية في الشارع الجزائري ليكون ذا صدقية في طرحه السياسي، لكنّه وأثناء التعيين الوزاري الأخير عينّ أحمد أويحي رئيساً للوزراء، وهو الذي تقلبّ في منصب رئيس الحكومة ومناصب وزارية أخرى منذ انطلاق الأزمة الجزائرية والذي يعدّ أحمد أويحي ملازماً لها ووجهاً من وجوهها، بالإضافة إلى ذلك فهو لا يتمتع بأي شعبية في الشارع الجزائري الذي ينظر إليه على أساس أنّه متلون ومتحايل وكثير النفاق، بل طعن حتى في رئيسه عبد العزيز بوتفليقة عندما كان وزيراً للعدل في عهدة بوتفليقة الأولى. <BR><BR>وعلى امتداد سنوات الاستئصال والقمع والاحتقار وتهميش الشعب الجزائري كان أحمد أو يحي أبرز من فعلّ هذا الخطاب وقدمّه باللغات العربية والفرنسية والأمازيغية إلى الرأي العام الجزائري، ولذلك أصبح في نظر الشعب الجزائري بمثابة البوم أو فأل السوء الذي يقف دائماً وراء المشاريع المشبوهة والممقوتة. <BR><BR>ويجسّد أحمد أويحي الميكيافيلية في أروع مصاديقها فهو نفعي براغماتي يقول الشيء ويطبّق نقيضه وبقاؤه على رأس الحكومة الجزائرية سيجعل مشروع بوتفليقة المصالحة الوطنية مشروعاً هشّاً غير ذي صدقية خصوصاً وقد بدأ من الآن يريد جعله مشروعاً قانونياً وإجراءً إدارياً لا مشروعاً سياسياً لإخراج الجزائر من أزمتها. <BR><BR>وبعد أن وجّه أحمد أويحي لكمة إلى التعليم العربي في الجزائر وقانون الأسرة المؤسسّ على أساس الشريعة الإسلامية ها هو يلغي مادة التربية الإسلامية والشعبية الإسلامية من التعليم الثانوي في وقت تعززّت فيه اللغة الفرنسية والإنجليزية على السواء، وعلى مدى ساعات عديدة ظلّ يقدم تبريراته المزيفّة في البرلمان الجزائري وأمام البرلمانيين الذين لم ينبسوا ببنت شفة رغم أنّه الأعرف بأكاذيبه وتصريحاته المتناقضة، خصوصاً وأنّ البرلمان الجزائري خير شاهد على براغماتيته وألاعيبه المدجنّة.<BR><BR>و يبدو أنّ أحمد أويحي مكلّف في هذه المرحلة بقيادة الاستئصال الثقافي والفكري والحضاري، حيث عندما أخفق مشروع الاستئصاليين الأمني والذين تلاحقهم المنظمات الدولية ومنظمة العفو الدولية التي تطالب الجنرالات بالكشف عن مصير المواطنين الأبرياء المخطوفين والمسروقين من الشوارع، انتقلوا إلى الخطوة التالية، والتي تكمن في الاستئصال الثقافي والفكري وتجفيف منابع ومقومات الشخصية الجزائر التي صاغها الإسلام منذ أزيد من أربعة عشر قرناً. <BR><BR>إنّ أحمد أويحي وهو يبرر خطوة إلغاء شعبة الشريعة الإسلامية من التعليم الثانوي بررّ ذلك بقوله: إنّ الشعب الجزائري مسلم ولا يحتاج إلى تعليم إسلامي، وهذا التبرير الباطل مردود على أويحي؛ لأنّ المصادر الطبية الجزائرية كشفت في الملتقى الطبي الذي نظمته الجمعية الجزائرية للتنظيم العائلي بفندق السوفيتال سابقاً عن تسجيل أكثر من 250 ألف – ربع مليون – حالة إجهاض غير شرعي في الجزائر سنوياً، أفلا يحتاج هذا الشعب إلى ما يرفد شخصيته الدينية والوطنية بمقومات الثقافة العربية والإسلامية أم أنّ أويحي ترك المهمة لقنوات الجنس الفرنسية التي تبث إلى الجزائر بالجملة والمفرّق وحولّت الجزائر إلى بيت دعارة حقيقية.<BR><BR>إنّ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مدعو إلى قيادة الجزائر برجال جدد لم يتورطوا في المراحل السابقة العفنة والتي أدخلت الجزائر في عنق الزجاجة، ولا يمكنه أن يتبنى مشروعاً للمصالحة، والذي يتقوقع في دائرة التنفيذ غير مقتنع لا بهذا المشروع ولا بماهية الثقافة الوطنية الإسلامية والعربية التي يجب أن يكون عليها المجتمع الجزائري. <BR><BR>وأول خطوة يجب أن يقوم بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إذا أراد بالفعل أن يصدقّه الشعب الجزائري في مسعاه للمصالحة الوطنية أن يعينّ رئيساً محترماً للحكومة يكون منسجماً مع تطلعات الشعب الجزائري ولا يكون مجرد بهلوان سياسي لا يكاد يبين. <BR><BR>وغير تحمّل بوتفليقة لمسؤولية استمرار رئيس حكومته في الاستئصال الثقافي والفكري والحضاري، فإنّ الأحزاب الإسلامية كحركة حمس والنهضة والخلاص المشاركة في البرلمان، والتي لبعضها وجود في الحكومة أن تخرج من نفاقها ومداراتها وتفصل في مواقفها هل هي مع الدينار أو مع الإسلام، صحيح أن بعض زعماء هذه التيارات قد أثروا إلى حدّ انفجار البطون، لكن فليتقوا الله في شعب يراد له أن ينفصل عن تربته وجذوره.<BR><BR>ويبقى القول: إنّ بوتفليقة مدعو للكف عن هذه الثنائية والعبثية فإما مصالحة شاملة دون الدوس على مقومات الأمة الجزائرية وبرجال صادقين أو عبثية وأكاذيب وعفو رمزي عن الذين تسببوا في قتل الأبرياء في الجزائر وعلى رأسهم قادة الأجهزة الأمنية وزعماء المؤسسة العسكرية. <BR><br>