لقاء مع الدكتور نعمان السامرائي
27 جمادى الثانية 1424

بسم الله الرحمن الرحيم </br><font color="#0000FF">الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. </br>بداية أرحب بفضيلة الشيخ الدكتور نعمان السامرائي (الأستاذ في قسم الداراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة الملك سعود سابقاً)، وأرحب به في هذا الحوار الذي يجريه موقع المسلم تحت إشراف فضيلة الشيخ ناصر العمر، نتحدث فيه عن آخر المستجدات في العراق، والدكتور نعمان كما من اسمه فهو من أهل سامراء قدم إلى المملكة العربية السعودية منذ سنوات، لعلنا نبدأ في هذا الحوار بطلب من فضيلة الشيخ أن يعرفنا تعريفاً مختصراً عن نفسه. </font> </br> </br>أنا أجد حرجاً في أن يتكلم الإنسان عن نفسه، ما أستطيع أن أقوله هو أني قدمت إلى المملكة عام 1388هجرية، ومنذ ذلك الوقت لم أغادر، هذا يعني 36 عاماً قضيتها في الرياض، وأنا الآن أحس بكل التطورات التي حدثت أمامي، كذلك أشعر إلى أين تسير الأمور وكيف تسير، ومن بلد إلى بلد ظلت أذني وعيني على العراق، وأتابع ما يحدث هناك وهذا طبعي؛ لأن أي إنسان أهله هناك يظل مرتبطاً شاء أم أبى بكل حدث يقع يؤثر فيه تأثيراً كبيراً، والآن أجد نفسي في شوق كبير أن أذهب وأرى الأمور على طبيعتها بدلاً أن أرى ذلك في الشاشات الفضائية، أو في الجرائد أو في كتاب، فـ_إن شاء الله_ قريباً سأكون هناك، فمن عام 88 إلى الآن يعني 36 عاماً، وأنا أقول: إني أتيت وليس في رأسي وفي بدني شعرة بيضاء، والآن لم تبق شعرة سوداء. </br> </br><font color="#0000FF">خلال السنوات الماضية والطويلة كنت قريباً من العراق والأخبار من خلال متابعاتك، في ظل الأحداث الأخيرة وأنت الآن مقدم على الذهاب إلى العراق _نسأل الله التوفيق والسلامة_ ما تصورك الأخير عما يجري في العراق في الآونة الحاضرة؟ </font> </br>كل إنسان يرى أن مثل هذا النظام الذي أخذ فرصته وزيادة و لم يكن مؤهلاً للبقاء مثل هذه المدة أعوام من الحكم رهيبة، حزب فيه مجموعة من الشباب، فالحزب ابتدأ عام 1950 ميلادية من شباب صغار كان يسميهم ميشيل عفلق "الأنبياء الصغار"، أكبر شخص بينهم هو الأمين العام طالب في الجامعة في المستوى الأول أو الثاني وكلهم كانوا هكذا، الغريب في الأمر أنهم كانوا مندفعين نحو الوصول إلى الحكم كالصاروخ، كل إنسان منهم تراه يريد أن يصل للحكم اليوم قبل غد، لذلك وصلوا عام 1958 إلى الحكم (لاحظ أنهم قبل أن يتموا 10 سنوات كانوا وصلوا إلى الحكم)، واستلموه، وأظن لم يكن عندهم من الأنصار سوى خمسمائة شخص تقريباً، وليس فيهم أحد قد بلغ الثلاثين، وبالتالي هذه النوعية بهذه العجلة، بهذا الاستعداد سرعان ما دخلت في صراع غير متكافئ مع الحزب فخسروا وخرجوا.<BR>الغريب أنهم عادوا مرة ثانية في عام 1964م أقوى من ذي قبل وقاموا بانقلاب مع عبد السلام عارف، والآن أخذوا الحكم شبه كامل، والجيش يقتسم معهم الحكم، ولأنهم أيضاً لا يزالون صغاراً، لم يتعلموا الدرس، فاصطدموا مع الجيش، فرماهم الجيش في الخارج وتفتتوا وأصبح الحزب متشرنق ثمانية أحزاب أو أكثر، عادوا مرة ثانية رغم كل ذلك عام 1968م واحتلوا البلد ولم يسمحوا لأحد أن يشاركهم فيه وجاؤوا وهم يصرحون ويقولون: جئنا بكل قوة ولن نخرج من الحكم، هذه المشكلة التي يعانيها حزب من شبان صغار ليس لهم خبرة، ليس لهم معرفة فكلهم لديهم حماس ولسان حالهم يقول "إننا يجب أن نصل بأي ثمن إلى الحكم"، أما كيف نحكم؟ ماذا أعددنا؟ كل ذلك كان لوناً من ألوان التخبط، لوناً من ألوان الصراع، يقتل بعضهم بعضاً يفعل بعضهم ببعض، ففعلوا بالبلد الأفاعيل. </br><font color="#0000FF">لو سمحت لنا يا شيخ التركيز على هذا الأمر المتعلقات بالواقع والمستقبل قضية أنه منذ أن استلم صدام حسين كنائب الرئيس ثم رئيس إلى أن أسقط في هذا العام، هل فعلاً كان حزب البعث يحكم أم أن هذا الحزب انتهى منذ مدة.؟ </font> </br>طبعاً في البداية كان الحزب هو الحاكم، حتى أنه يعتبر أشهر من حاول لملمة الحزب بعد أن تفرق وأصبح أحزاب، هو مشى على رجليه وتحرك وعمل ليل نهار حتى جمعه، لكن هذا ليس كافياً لولا المعونة، لا يمكن لحزب أتى في الخمسين وأتى في الأربعة والستين وأُخرج وتقسم لا يمكن أن يأتي بهذه السهولة، لكن الحزب كان يقدم نفسه كبديل عن الشيوعيين وعن الإسلاميين وعن وعن، وكان مقبولاً على الأقل في الغرب، وكان مطلوباً منه من ضمن المبررات لمجيئه في المرة الثالثة أنه سيناكف عبد الناصر، وكان يشتم عبد الناصر حتى ليلة وفاته. </br> فلو استقرأ الإنسان لو استقرأ الواقع لم يكن مؤهلاً لا كماً ولا نوعاً ولا شيء، ولا مؤهلا أن يأتي مرة وثانية وثالثة، فلو درسنا تاريخ الأحزاب في المنطقة تلك التجربة لم يمر بها أحد.<BR>لكن أنا أقصد أنه بطبيعة الرئيس الطاغية وشخصيته المؤثرة لم تسمح بوجود كوادر حزبية. </br>فهو جمّع الحزب ،ولكن على ما يبدو أنه وضع فيه رؤساء، كيف يسيطر على الحزب شخّص هو من العناصر المنافقة، من الذي ينبغي أن يُستبعد؟ من الذي يقرب؟ سار بخطة بعد مدة من الزمن، حيث أصبح الحزب حالة عجيبة، أصبح جهاز استخبارات ليس أكثر، وليس فيه أحد يقول: لا، وليس فيه أحد يمكن أن يشارك برأيه، هذه هي الحالة، ولذلك صار الحكم هو صدام، الحزب شكلاً جعله جهاز استخبارات وجهاز تنفيذي، بل فعل فيه شيئاً غريباً فحين يريد قتل شخص ما يأمر أحد أعضاء حزبه ليذهب كي يقتل رفيقه الحزبي، هذا الأمر لا تجد له مثيلاً في العالم. كما أنه استبعد العناصر الأساسية أو الخط الأول والخط الثاني للحزب حيث لم يبق منهم أحد. </br></br><font color="#0000FF">طيب هل يعني ذلك أنه يمكن القول بأنه وبزوال صدام الآن انتهى هذا الحزب في العراق؟ </font></br>حسب تصوري، ليس الأمر بهذه السهولة، يعني الحزب حين حكم هذه المدة، ومارس وألف الحياة وألف الترف، لن يتنازل بهذه السهولة عن الحكم، وممكن في اعتقادي أن الحزب مستمر إلى الآن، وقد يكون أعضاء الحزب في قرارة نفسهم يقولون "أننا قد انتهينا من صدام"؛ لأنهم لم يكونوا قادرين أن يفعلوا له شيئاً، لكن الآن، وبعد أن ذهب صدام، قالوا " دعنا نعمل كحزب بعيد عن صدام، بعد أن رُفع عنا هذا الكابوس" وبالتالي هم يتحركون ويعملون الآن من هذا المنطلق. </br></br><font color="#0000FF">لكن كان في الحزب من الاستعداد والتجربة السياسية والتنظيم والقوة التنظيمية ما يؤهله للعمل حتى في أحلك الظروف الآن؟ </font></br>التجربة أنه حكم هذه المدة، يعني الشاب الذي جلس في الحزب مدة، يأتي للحزب عادة وعمره 18 – 20 سنة وثلاثين، صار عمره الآن خمسين سنة، إي أنه صار مؤهلاً، فهذه تجربة خاضها، وأي نظام سياسي إذا أعطيته عدة سنوات يصبح مؤهلاً، مثل أي وزارة، فالوزارة إذا غيرتها خلال سنة أو سنتين فلن تعمل شيء، لكن إذا جلست خمس سنوات، أو عشر سنوات أو أكثر، سيكون هناك إنتاج، فهذا الحزب الذي جاء وهو لا يعرف شيئاً تقريباً، أصبح بعد عشرة أو عشرين سنة يعرف كل شيء، لأنه مارس كل شيء.<BR> أنا رأيت مثلاً إحصائية غريبة، من هم سفراء العراق؟ تجد أغلبهم معلم ابتدائي مثلاً، لكن هذا الذي أعطيته فرصة عدة سنوات (أن يعمل كسفير)تعلم، وغالباً المحافظ كان من هذه الطبقة، فإعطاء الفرصة الطويلة أعطتهم خبرة، ثم أصبح هو يشعر أنه حكم في البلد مدة من الزمن، وبالتالي ينبغي أن ينتهي هذا الحزب، وما سيحصل هو أن القيادات والمسؤولين يمكن أن يعرضوا للذهاب إما إلى السجن أو يجلسون في منازلهم وانتهى الأمر، وبعضهم أيضاً تقدم به السن، أما الشباب!! فإني أشك بأنهم سيتركون هذا الحزب بسهولة، إلا إذا وجدوا أن المجتمع لا يقبلهم، وهنا قد ينضمون إلى أحزاب أخرى أو ينشئون أحزاباً جديدة. </br></br><font color="#0000FF">هذا يقودنا للحديث عن القوة السياسية الأخرى في العراق، عد تفكك حزب البعث ، ما هي القوى السياسية الموجودة على الساحة والتي لها أثر؟ </font></br>في العراق يوجد أناس يعملون منذ القديم، فحزب البعث مثلاً عمل منذ الخمسينات تقريباً، وبعض الأحزاب الثانية عمل لمدة عشرين عاماً أو 25 عاماً. </br>ونحن كحزب إسلامي بدأنا العمل في العراق منذ عام 1945م، وكنا بدأنا كإسلاميين العمل في عام 1954 حيث أسسنا جمعية تسمى جمعية الأخوة، وفي عام 1960 أسسنا حزب إسلامي، إي أن الحزب عمره الآن – 42 سنة – فهناك سنوات عمل تختلف في الأحزاب، بعضها 20 سنة وبعضها الآخر 25 سنة فهناك قوى كثيرة في البلد كانت تعمل سراً، والبعض الذي لم يستطع أن يعمل في الداخل خرج للعمل في الخارج، أما الآن فيوجد أحزاب عديدة في العراق قد تصل إلى 20 –30 حزب، ولكنها في النهاية لن يتبقى منها سوى 4-5 أحزاب فقط. </br></br><font color="#0000FF">وما هي الأحزاب التي تتوقع أن ينتهي إليها الوضع هناك؟ </font></br>بعض هذه الأحزاب ليس لها أنصار، وبعضها سيضطر إلى الاندماج، وبعضها ليس لديه مؤهلات، وبعضها قد لا يجد الأنصار الكافين، وهكذا. لكن من الصعب تحديد من سيبقى منها، لدينا في شمال العراق قطعة صغيرة من العراق كان يوجد فيها في يوم من الأيام 25 حزب، وعلى سبيل المقارنة إيران بعد الثورة كان فيها تقريباً نفس هذا العدد، هذه ظاهرة لكن فيما بعد البعض لا يستطيع الحياة، ليس لديه القدرة، ليس لديه التأهيل، ليس لديه إمكانيات، فإما أن ينسحب من الساحة أو ينضم إلى تجمع أكبر حتى يستطيع العيش. </br></br><font color="#0000FF">وهل تعتقد أن الأمر سيؤول في النهاية إلى بقايا حزب البعث، أو إلى بقايا الأحزاب الإسلامية بشقيها: الشيعي والسني؟ وماذا عن القوميين والشيوعيين؟ </font></br>في الحقيقة لم يبق للقوميين ذلك الوجود الذي كان عليه من قبل، حتى الحزب الشيوعي تعرض لضربات قوية، وعندما انتهى الاتحاد السوفيتي إلى ما انتهى عليه، بات من الصعب أن تقنع الناس من جديد أن يصبحوا شيوعيين، لأن الناس شاهدوا ما آلت عليه الشيوعية في الاتحاد السوفيتي السابق، إلا أنهم في تصوري سيبقون يساريين وينقدون الرأسمالية، لأنهم أحسن من يستطيع نقد الرأسمالية. </br></br><font color="#0000FF">هل يمكن القبول بما تروج له أمريكا الآن من أن المقاومة المتصاعدة هي في جزء منها يتحملها أنصار حزب البعث؟ </font></br>أعتبر هذا من السياسة الأمريكية، لأنهم يقولون إن حزب البعث هو الذي يقاوم، وذلك حتى يبرروا تعقبهم للمقاومة، لكن من المعروف الآن أن جزءً قد يكون صغيراً من المقاومة يأتي من أنصار حزب البعث، إلا أن البعض منهم ليس لديه معرفة ولا خبرة ولا تأهيل للعمليات المسلحة، فمن الواضح أن بعض أنواع المقاومة تعتبر مقاومة فنية وعلى مستوى عالي من التدريب، وطالما أن البعثي لا يحسنها، فهو لا يعرف كيف يزرع لغماً في الأرض المسفلتة ويجعل المدرعة العسكرية تنقسم إلى جزأين، كما لا يعرف كيف يطلق صاروخ أرض جو، لكن بدون شك هذا الحزبي باعتباره إنسان متضرر، وأن الأمريكيين جاءوا وأخذوا الحكم منهم، سيكون لهم ردة فعل فيقاتلوا بما يستطيعون بالقدر الذي يستطيعونه، لكن لا أعتقد أن هذا الحزبي هو الذي يقوم بهذه العمليات القتالية الفنية. </br></br><font color="#0000FF">كيف ينظر الإنسان العراقي العادي في هذا الوقت لهذا التغير الهائل في بلده، كيف ينظر إلى المحتل، كيف ينظر إلى صور الخراب، كيف ينظر إلى بقية الدول العربية ؟ </font></br>سأصور لك شيئاً.. عندما تضع إنسان ما تحت الأرض عدة سنوات، ثم تخرجه إلى الأرض، فسيحتاج إلى فترة طويلة كي يستطيع التأقلم على الوضع الجديد، وهذا الكابوس الحاكم الذي استمر 34 سنة ميلادية، و36 سنة هجرية جعل الناس لا يستطيعون إلى الآن التأقلم مع الوضع الجديد. وبعضهم لم يستطع فهم ما يحدث حوله. إلا أنهم يبدأون الآن بالتحرك رويداً رويداً. <BR>ولو أن الأمريكيين حاولوا أن يقدموا لهؤلاء الناس ضروريات الحياة، وأولها الأمن والماء والكهرباء والبنزين والدواء، لاستطاعوا كسب الناس. </br>العراق ليس بلداً فقيراً، حيث توجد الآن الآلف الملايين هنا وهناك، إلا أن الأمريكيين لم يخططوا لما بعد الحرب، أو أنهم غير مقتنعين أن يقدموا شيئاً إلى الآن، الكهرباء في بغداد كانت تأتي موجودة، أما الآن فإنها تأتي أربع ساعات من أصل 24 ساعة، أي أن بغداد تبقى 20 ساعة بدون كهرباء، أربع ساعات ماذا تعمل؟ لذلك فقد وصل ثمن لوح الثلج في هذا الحر إلى 5000 دينار ولا يستطيع أن يشتريه أحد. </br>إضافة لذلك جاء الأمريكيين واستولوا -كقيادة- على قصور صدام، والتي تحتوي على المسابح، وفيها برك ومكائن كهرباء، ويستطيعوا العيش برفاهية بدون الإحساس بالحر أو العطش أو قلة الكهرباء.<BR>العراقي الآن يسأل: لماذا جاء الأمريكيين.؟ في البداية جاءوا كمحررين، ثم أصبحوا محتلين، وهم في الحالتين لهم أحقية بأشياء معينة، ولكن عليهم واجبات أيضاً تجاه الشعب المحتل. إلا أنهم لا يفعلون شيئاً، عاجزين عن تحقيق أي شيء في العراق، ولكن السؤال هنا هو: هل عجزت أمريكا بكل أموالها وطاقاتها أن تجلب مولدات كهربائية مثلاً لتغذية المدينة، أو هل تعجزن عن مد خطوط الهاتف التي لا تعمل الآن. وكذلك الأمر بالنسبة للماء. </br>العراقيين الآن يعيشون على بقايا ما وُزِّع لهم قبل الحرب، حيث كان الغذاء مقابل الدواء. </br>كذلك توجد نقطة هامة، وهي أن تأتي أمريكا وتحل آلاف مؤلفة من موظفي الجيش، وكذلك الأمر بالنسبة لموظفي الوزارات، ولهذا أقول إن أمريكا تصنع بيدها العداوات مع العراقيين، بشكل مقصود أو غير مقصود، وأعتقد أن أمريكا إن لم تحل مشكلة دفع الرواتب للموظفين السابقين في الجيش، وإن لم يجدوا لهم عملاً فأن الكثير منهم سيتحولون إلى المقاومة، وهم بالتالي ليدهم خبرة ودراية وتدريب في العمليات القتالية أكثر من بقية فئات الشعب الأخرى. خاصة مع وجود نحو 5 – 8 ملايين قطعة سلاح في متناول أيدي الشعب العراقي. <BR><BR><BR><font color="#0000FF">من الحديث السابق هل يعني ذلك أن العراقي يمكن أن يتغير موقفه من الأمريكيين فيما لو أمن الاحتلال له الخدمات اللازمة لحياته؟ </font><BR>أعتقد أن هذه الأمور ستكون صعبة، لكن المنطق السليم يقول أنه على الأمريكيين منذ بداية دخولهم أن يعملوا على توفير الأمور الأساسية للحياة، فلو توافرت هذه الأمور من أمن و ماء وكهرباء ووقود ودواء... لكان بالإمكان الاقتناع بهذا المحتل، على الرغم من أن ثقافة البلد على مدى أكثر خمسين عاماً كانت معادية للغرب ومعادية لأمريكا، فإذن حتى تغير هذا ينبغي أن يكون للاحتلال سياسة مرسومة جيدة وناجحة.<BR>في الأمس فقط أعلن الأمريكيين عن احتمال تغيير السياسة في العراق، وأعتقد أن هذا التغيير جاء بسبب الانتخابات الأمريكية التي أصبحت قريبة، فإن لم تفعل الإدارة الأمريكية شيئاً في العراق، فإن النقمة ستزداد، وبالتالي ستزداد المقاومة، ويزداد القتل، وبالتالي يصبح ربح بوش للانتخابات غير مضمون، إذاً هو الآن عليه أن يتحرك سريعاً، لابد من تغييرات، لكن هل يستطيع؟ وهل عنده الإمكانات لذلك؟ وهؤلاء العراقيون الذين شاهدوا الأمور تزداد سوءاُ على الرغعم من مضي 100 يوم على الاحتلال. هل إذا حصلت تغييرات سيقتنعون أم سيستمرون في المقاومة، من جهتي فأنا أشك بأن هذا المقاتل سيتوقف يوماً عن القتال.<BR>في الأمس قالوا إنهم سيضعون دستوراً. أولاً_ وضع دستور بمجموعة من مائتي شخص يحمل نقاشاً كثيراً. ثانيا_ً حتى تضع دستوراً يجب أن تحدث انتخابا، وهذا ليس سهلاً ولا بسيطاً، وهذا لا يمكن أن يحدث في يوم وليلة. <BR><BR><BR><font color="#0000FF">قضية الدستور والحكومة الدائمة قد تأخذ مساراً مختلفاً وبطيئاً، لكن يمكن تكوين جيش بسرعة، شريعة الحكم هي شريعة الاحتلال، فبالطريقة هذه سيمتصون نقمة كثير من الناس أليس كذلك؟ </font><BR>انظر.. النقمة ليست الحاجات المطلوبة، المطلوب هو الأمن، الأمن خصوصاً في العاصمة بالدرجة الأولى،فقد نشطت الآن العصابات، ثانياً الماء والكهرباء و الغذاء و الدواء والوظائف والرواتب، وهذه ليست مسألة تقال في الدعاية، هذا يحتاج إلى لمس اليد، الاحتلال الآن حل الجيش، وإن يجد حلاً لهذا الجيش، فسيجد الجيش حلاً له بنفسه. <BR>خاصة وأنهم سرحوا مثلاً مليون وأبقوا منه أربعين ألفاً، طيب والباقين ماذا ستعمل لهم؟ وهل الأربعون ألف جندي كافيين للأمن؟ <BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">هذا الكلام عن المواطن العراقي العادي، لكن ماذا عن بقية الأطراف الأخرى مثلاً الجاليات العراقية المهاجرة التي عادت إلى البلد، سواء الإسلامية أو الوطنية أو المعارضة ما دورها؟ </font><BR>بعض العراقيين عاد وبعضهم ينتظر وبعضهم متخوف، فهم إلى الآن لم يعودوا كلهم، وهؤلاء بدأ الكلام حولهم في الداخل، وهذا أيضاً مما نخشى حدوثه واتساع الكلام فيه. <BR>الناس تسأل عن هذا القادم من الخارج والذي كان متنعماً ويعيش في الخارج بنعيم ولم يذق أذى ولا اضطهاد ولا حبس، والآن أتى ليفرض نفسه، هذه أسئلة وقضايا موجودة الآن، ونحن نخاف من أن تزداد أكثر.<BR>وحتى تتصور مشكلة الحدود مع الدول المجاورة اذكر بأن الحدود بين إيران والعراق تبلغ مسافة 1700 كيلو، لو وضعنا كل الجيش الإيراني والجيش العراقي والأمريكي على هذه الحدود لما استطاعوا ضبطها، وكذلك الأمر مع الحدود التركية.<BR>فكل دولة تحاول أن تجد مبرراً لمصالحها ولسياستها، وأحياناً إذا وجدت هذه المصلحة فإنها ستتدخل مباشرة.<BR>باعتقادي فإن أخطر شيء في القضية هو أنه إذا ما اعتقد الإيرانيون أن أمريكا ستضربهم، فإنهم سيشعلوا حرباً داخلية في العراق قبل أن تضربهم أمريكا، وسيجدون هذه كفرصة بحيث سيغلون أمريكا عن ضرب إيران، وكذلك ستستطيع إيران أن تحارب أرض غير أرضها، لذلك لن تخسر الكثير؛ لأن وجود المعركة خارج بلدها أنفع لها ألف مرة من أن تكون داخل بلدها.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">طيب من غير إيران لها ولاءات وقوة داخل العراق. .؟ </font><BR>لا يزال مثلاً البعث اليساري موالي لسوريا، لكن ما مدى قوته ومدى التزامه..؟ الآن لاحظ تهديدات الأمريكان للدول المجاورة كلها من منطلق إياكم أن تتدخلوا في موضوع العراق فرسالة أمريكا واضحة، وهي منع أي دولة مجاورة من التدخل في الشأن الداخلي للعراق.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">ما السيناريو المتوقع لمسار الأحداث في المستقبل القريب ؟ </font><BR>إذا استطاع الأمريكيون إيجاد وسيلة للتعايش مع مجلس الحكم الانتقالي، وكل ما يطلبه المجلس المحلي ينفذ ولا يعرقله أحد، فقد تمشي الأمور بشكل جيد، ولكن إذا أراد المجلس شيئاً وبدأت العراقيل فهذا سيعرقل عليهم العمل وستزيد الأمور سوءاً، وسيتوصل الفرد العراقي إلى قناعة بأن هذا المجلس الحاكم لا يوصل للشعب خيراً، وبالتالي فسيصبون نقمتهم على هذا المجلس الذي هو بالأساس مكتوف اليدين، وهذا قد يزيد الأمر سوءاً. <BR><BR><font color="#0000FF">وهل ستستمر المقاومة بشتى أطيافها بغض النظر عن التغير السياسي؟ </font><BR>هناك ناس يعتقدون أن هذا محتل ويجب قتاله، وأن هذا أذاني ولا يزال يؤذيني فيجب أن نقاتله، لكن هل ستتسع الدائرة إلى أكثر من ذلك أم أنها ستتقلص .؟<BR>كما قلنا، إذا سلك الأمريكان سياسة معقولة فستخف هذه المقاومة، لكن إن استمر الأمر على ما هو عليه، فستبقى المقاومة وتزداد.<BR>كنت قرأت في إحدى الصحف أن منظمة العفو الدولية تتهم الأمريكان بأنهم جاءوا إلى نظام أزالوه بحجة أنه لا يراعي حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن الأمريكيين أنفسهم الآن لا يراعون حقوق الإنسان، وأنهم يعذبون الأسرى ولا يسمحون للجنة منظمة العفو الدولية الالتقاء بالأسرى والمسجونين، ووصفوا سجونهم مثل سجون صدام، مع العلم أن هذه الهيئة ليست عربية والناقل للخبر هو وكالة رويتر، فإذن إذا استمرت الأمور على ما هي عليها في العراق فكيف سكون الأمر.؟ لابد ستزداد المقاومة، وإذا كان عدد المجموعات التي تقاوم هي اثنان أو ثلاثة أو أربعة، فإن عدد هذه المجموعات سيزداد بل اشك. وسيوجد المبرر لذلك، بأنه ماذا كسبنا من الأمريكان؟ ماذا قدموا لنا؟ ماذا فعلوا؟ <BR>لكن لو استطاع الأمريكيون أن يسرعوا ويعدلوا في هذه الأمور فسيجد هذا الذي يقاتل ضدهم أنه فقد التعاطف في الخارج، وهذه مسألة مهمة، لأن الناس الآن يطلبون ليل ونهار بأن لا يبلغ أحد عن المقاتلين، لكن إن تحسنت الأمور فإن الناس سينسحبون من مساندة المقاومة، وسيجد هذا المقاتل أنه فقد السند ولم يبق له ظهر.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">عند الحديث عن المقاومة الكل يلاحظ أنها متركزة في مناطق معينة، كثير من الناس يتساءل المنطق الشرعي أو الديني أو السياسي للشيعة في مواجهة الاحتلال. ما أبعاد المنطق هذا؟ </font><BR>عندما دخل الأمريكيون في أول الأمر قدمت لهم معلومات عن أن الشيعة هم مع إيران، وأنهم موالون لها، أما الآن فإن الشيعة تحاول تقديم صورة بأنهم هم لا يقاتلون أمريكا وأنهم ليسوا أعدائهم أبداً. وبرأيي فإن هذا الشيء مؤقت. <BR>أنظر الآن، ما أن تأت القوات لتعتقل شخصاً منهم حتى تقوم المظاهرات عندهم. <BR>لكن الآن كأنهم يريدون أن يقولوا: نحن هادئون، ونحن نقاوم مقاومة سلمية.<BR> لكن هذه الأمور لا تستمر حين يعتقل واحد من المشايخ عندهم، أو حين يداهم بيته، أو حين يدخلون ويفتشون، لأن الأمريكان، وقد رأيت ذلك بعيني، جاؤوا عند مدخل الجامعة والطالبات يدخلن فأخذوا يفتشونهن من أعلى إلى أسفل في الجامعة أمام أعين الناس. <BR>عقل الإنسان المسلم لا يستوعب ولا يرضى بهذا، هم يدخلون البيوت ولا يعرفون ماذا يريدون بالتحديد؟! ويفتشون النساء، لكن لو يدرك الأمريكيون أن هؤلاء مسلمين ولا يرون هذا الفعل صحيحاً، لكان بالإمكان أن يأتون بمجندة لتقوم بتفتيش النساء، بينما يقوم الجنود الأمريكيين بتفتيش الرجال.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">نود التحدث أكثر عن خارطة الأحزاب أو القوى الإسلامية في البلد الآن، هل لديكم تعليق عام على هذه الخارطة؟ </font><BR>لو اتفقت الأحزاب الإسلامية بسنيها وشيعها، فإن الباقين لن يشكلوا أكثر من 5% ، لكن المسألة أن هناك أحزاباً وجماعات كثيرة، أدى إلى زيادة التنافس بينهم، لكن لا يوجد قوى الآن للأحزاب البقية.<BR><BR><font color="#0000FF">من هي القوة الإسلامية الآن في العراق؟ </font><BR>أولاً الحزب الإسلامي الذي عمره الآن اثنان وأربعون عاماً تقريباً، والذي يتألف من العلماء والمشايخ وجمعية العلماء، حيث تدعم الحزب الإسلامي بشكل جيد وبتنسيق، لأنهم هم القيادة الآن، وهم الذين يضبطون الأمن، وهم أحياناً الذين يفاوضون حتى مع الأمريكان.<BR>والمنطقة السنية لحسن الحظ لا يوجد فيها اختلاف أو تعددية كبيرة، والتي قد تؤدي إلى تنافس ومصارعة بينها. ولو بدأت ترشيحات في المنطقة السنية، فأعتقد أن الجميع سوف يحددون رأيهم في قرارات معينة، أما في مكان آخر، فإن المشاكل ستنشب وسيدب الاختلاف فوراً. <BR><BR><BR><font color="#0000FF">رابطة العلماء العراقيين الآن ما وضعها؟ </font><BR>وضعها جيد، إلا أنها تفتقر إلى المادة بشكل كبير. فمثلاً راتب الشرطي الآن الذي تعينه الدولة راتبه 50 دولار، وراتب الجندي 60، أما راتب الشيخ فدولاران، دولاران ولا يستلم هذا الراتب.<BR><BR><font color="#0000FF">في عهد صدام كان فيه استئصال لكثير من الحركة العلمية في العراق حتى ما عاد الناس يذكرون أسماء بعد الشيخ نواف، والمذري، وغيرهم؟ </font><BR>نعم هذا قرار معروف نحن لما أردنا أن نشتغل ونستمر في ظل حزب البعث صار هناك قرار معروف أن كل شخص مشهور أو معروف يجب تجنبه؛ لأنه يمكن أن يعتقل في أي ساعة، وبالتالي العناصر المعروفة جُنبت وتحركت عناصر شابة أخرى غير معروفة. <BR>فمنذ مجيء البعث إلى اليوم لم يرحم أحداً، ولأبسط الأشياء قد ينزل عقوبة الإعدام بأي شخص. فكيف يستطيع أحد أن يستمر بعمله، لذلك فكل الرموز المعروفة جنبت وقيل لهم: يجب أن لا تتحركوا، وأي حركة قد تؤدي إلى الاعتقال والموت . <BR>كان لي أحد الأصدقاء وهو طبيب، ذهب إلى الموصل وروى لي حادثة هنا، قال: كنت أمر على بعض المساجد فأرى فيها أناس كثيرون، وأمر على مسجد آخر فلا أجد فيه أكثر من أربعين إلى خمسين شخص، يقول: فسألت عن هذه الظاهرة فقالوا لي: ألا تعرف؟ قالت: لا أعرف، قالوا: كل شيخ يؤيد صدام أو حزب البعث لا يصلي أحد وراءه، ولكن كل شيخ معارض، تجد مسجده مليء بالمصلين، وهو على الأغلب ليس موظفاً في الدولة.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">فيما يتعلق بالحزب الإسلامي ما حال الآن مشاريعه الموجودة الآن في العراق؟ </font><BR>هو الآن يداً بيد مع العلماء، ويمشون بتنسيق، وبعضهم مع الأكراد وعملوا تنظيماً جيداً، و_إن شاء الله_ الأمل في الله أن يكون قوة في المنطقة السنية قد تكون هي القوة رقم واحد.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">وكيف تتوقع أن يكون موقف الاحتلال من الحزب؟ </font><BR>الدلائل الآن تشير إلى أن الاحتلال لم يستوعب الوضع حتى الآن، أو أنه لا يريد أن يعالج الوضع، أو انه محتار في ذلك؛ لأنه مثلاً من ضمن الأشياء التي تدل على ذلك، أنه لدينا وزارة دفاع في وسط البلد، ماذا فعل بها..؟<BR>لقد سمح للعوائل أن يسكنوها. ولكن هذا الأمر وفق أي منطق فعلها، المعروف أن وزارة في البلد استطعت أن تعيد تشغيلها تعيدها، وإن لم تستطع، فيجب عليك أن تغلقها إلى حين عملها من جديد، فما معنى أن تأتي بعوائل وتسكنهم فيها؟! <BR>كمثال إلى الآن ماذا نستطيع أن نقول: هل ليس لديه مشروع أو هو يريد هذه الحالة، لكن في هذه الحالة كل شيء له ثمن؛ إن قدم حلولاً جيدة ستعود عليه بالخير، وإن ترك الأمور بهذا الشكل لن يجد حتى هؤلاء الذين أتى بهم والذين كان متحالفاً معهم، إما أن يسقطوا أو ينفضوا أيديهم عنه.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">الآن في وضع العراق الحالي صدرت تقارير عن بعض من زار العراق وجلسوا مع الناس وشاهدوا كثيراً من المواقع في البلد، وكذا يقولون الآن: إن العراق يعيش لحظة تاريخية وفرصة ضخمة جداً لتنشيط العمل، سواء العمل الثقافي، العمل الدعوي، العمل الإسلامي، هل يمكن أن تفسر لنا هذا الأمر؟ </font><BR>الآن يوجد في العراق الحرية، بمعنى أن هناك مئات من الصحف تصدر الآن وتستطيع أن تطبع الكتب، المسألة نسبية حينما يريد الإنسان أن يقارن كيف كان الحال مع صدام ومن يستطيع ينشر جريدة؟ من يستطيع أن يكتب مقالاً؟ من يستطيع أن يدخل كتابا؟ً كل ذلك كان غير موجود، فلما أتى خلفه الأمريكيين تذكر الناس الفرق بين هذا وذلك، ولذلك الكل يشعر أنه الآن على الرغم من وجود حرية، ويستطيع الإنسان أن يكتب ويتكلم، إلا أنه أيضاً يشعر بفقر غريب؛ لأن هذا الحزب الذي وضع ممنوعات لكل شي، وضع ممنوعات لكل كتب شيخ الإسلام، لكل كتب السيد قطب وآل قطب، وغيرها وغيرها. وإذا أردت أن تنشر نثراً حتى من صفحتين فيجب أن ترسلها للرقيب أولاً، ويسألوك، فلما جاء من بعده شخص ليقول لهم: انشروا أي شيء، فستشعر بأنك حر الآن.<BR><BR>لكن أقصد أنه أيضاً الأمر لن يكون مفتوحاً بهذه البساطة؛ لأن هناك عوامل قضية موقف المواطن العراقي من استقبال الدعاة والمصلحين من خارج البلد، موقف الفعاليات الوطنية الداخلية، الثقافة الشرعية للمواطن العراقي.<BR>أولاً المواطن العراقي أظن أنه يستطيع التحرك إلى أي مدى، لكن أن يأتي أحد من الخارج، فهذا ما اعتقد بأنه لن يسمحوا بحدوثه. لأنهم ينظرون إلى الذين يأتون من الخارج فإن كان شاباً فهو مقاتل، وإن كان غير شاب فهو محرض لا يرحب به من الإدارة الآن.<BR>العراق الآن لا يحتاج إلى أناس يأتون من الخارج، بل تنقصه الإمكانيات والعدد _ما شاء الله_ جيد عندنا الآن عدد من طلبة العلوم الشرعية كبير جداً أصور لك مثالاً أنا كرجل من سامراء، عندما خرجت منها كان فيها أربع أو خمس مساجد تقام الجمعة في المسجد الكبير، أما الآن ففيها ما يزيد عن مائة مسجد تقام الجمعة في ثلاثين منها تقريباً، وفي الفلوجة نفس الشيء، وهي كمنطقة صغيرة فيها أكثر من مائة مسجد، وهكذا، فنحن لا ينقصنا الأفراد عندنا دعاة، عندنا أناس مدربين، لا ينقصنا هذا، ينقصنا الآن المادة، يعني الآن عندما نقول للشيخ تستطيع تذهب في مكان تخطب أو تعظ، يقول: أنا مستعد لكن ليس عندي أجرة السيارة التي توصلني.<BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">يعني هل تقول يا شيخ: إن الآن العراق فيه من الكوادر الدعوية ما يستطيع أن يملأ الفراغ في الوقت الحاضر؟ </font><BR>نعم، وإن لم يكن كاملاً إلا أن فيه قدر معقول وجيد وعناصر نظيفة ويحترمها الناس ويثقون فيها، هذا هو الجيد الآن، أقول شيئاً وأنا أعرفه تماماً، في العهد الملكي الهاشمي حين قامت الثورة في العشرين اتخذوا سياسة عجيبة، حيث وجدوا أن الثورة أشعلها مشايخ الدين مع مشايخ القبائل، فوضع الملك خطة لإخماد هاتين القوتين، فإلى أن جاء حزب البعث لم يبق فيهم شيء، وحين جاءت الحرب مع إيران اكتشف الحزب الحاكم أنه من الممكن أن يستفيد من القبائل، فباشر بإعادة الحياة والمراكز لهم، وسمح بقدر من الدعوة والكلام، لكن قبل ذلك كانت مأساة.<BR><BR><font color="#0000FF">قبل سقوط صدام بسنة أو كذا،كانت هناك حركة سماح واسعة للنشاط الشرعي؟ </font><BR>في الحقيقة صدام اتجه اتجاهاً لا نعرفه، ممكن أنها كانت سياسة منه، حيث أصبح يحث الناس - حتى الحزبيين منهم- أن يقرأوا ويتثقفوا ويتعلموا ويحفظوا القرآن، وأن يحفظوا السنة، حيث سمح تقريباً لكل المساجد أن يكون فيها تعليم للقرآن وحفظ له، وهذا نفعنا كثيراً.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">يعني من خلال كلامك، هل نقول: إنه من يملأ الفراغ الأمني والتنظيمي والمدني في العراق الآن هم الإسلاميون من خلال الدعاة والأئمة؟ </font><BR>في المنطقة السنية يملؤها الحزب والعلماء، وفي المنطقة الشيعية يملؤها رجال الدين حتى أنهم يستطيعوا أن يستغنوا حتى عن الشرطة.<BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">يعني القيادات الفعلية المدينة الآن هم الأئمة والدعاة؟ </font><BR>نعم أقول لك شيئا:ً عندما سرق الناس المواد بعد سقوط صدام، أمر المشايخ السنة والشيعة بأن يعيد كل من سرق شي إلى المساجد، وفعلاً حصل هذا في مناطق السنة وفي الشيعة.<BR><BR><font color="#0000FF">ومن ينفق الآن على الأئمة والخطباء في العراق؟ </font><BR>في الحقيقة لا أحد، وتصور أن الإمام الذي راتبه دولاران، ومن أشهر أيضاً لم يستلمها، وهذه هي مأساتنا الكبرى؛ لأن الآخرين أمورهم جيدة.<BR>سأقول لك شيئاً معروفاً في العراق، الموالون لإيران يقبضون من إيران، والتركمان يقبضون من تركيا، والأكرد يقبضون من الأمريكان، والسني العربي ليس له باكٍ يبكي عليه، ولو كان لدينا عُشر ما عند الآخرين لكانت أمورنا اختلفت تماماً.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">وكيف هو وضع الإسلاميين في كردستان الآن؟ </font><BR>جيد، يعني لو حصلت انتخابات نظيفة ونزيهة ستشاهد أنه سيحصل شيء فوز للإسلاميين. لكن المشكلة في مدى التضييق، مثلاً قرأت في الأخبار أنه تم اعتقال أمير الجماعة الإسلامية في كردستان. وهذا الشيء متعمد، لأن هذا يعتبر استعداد للانتخابات القادمة؛ حيث اتفق الحزبين بأن لكل واحد منهم 50% ، ولقد حضرت بعض الاجتماعات وسمعتهم يقولون: إذا رشحنا أحد هؤلاء القادة وأصبحنا قوة فسيضربوننا، فالأحسن أن نترك الترشيح ،<BR>فهؤلاء الحزبيون الكرديون لو تُركت الأمور وأجريت انتخابات فقد يخسروا خسارة كبيرة، حتى أن البعض يقول إن الأكراد ذهبوا للأمريكان وقالوا لهم أنكم خلصتم العرب من السنة، لذلك فعليكم أن تخلصونا من فلان وفلان.<BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">لكن أليس لهم قوى عسكرية؟ </font><BR>الآن عندهم ميليشيات، لكن القرار بأنه لن يبقى ميلشيا لأحد، نحن وغيرنا نتبنى ما معنى حزب سياسي بميليشيا لا يوجد في العالم حزب سياسي بميليشيا، نحن نضغط في هذا الجانب لن يبقى حزب شيعي عنده ميليشيا، ولن يبقى حزب كردي عنده ميليشيا.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">لكن السياسة الأمريكية تجاه كردستان تختلف عن باقي العراق؟ </font><BR>لا هم أيضاً لا يريدون أن تبقى قوة عسكرية لدى الأكراد؛ لأنهم جربوا، ومن ضمن ما عندنا من معلومات أنهم شجعوا الأكراد على حمل السلاح، إلا أن الأكراد ذهبوا بها إلى إيران وباعوها عليهم، فجن جنود الأمريكيان؛ وقالوا لهم: لقد أعطيناكم سلاح، فكيف تبيعونه على إيران.؟<BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">الشيخ الدكتور نعمان لو تكلمنا عن العملية التعليمية في العراق الآن ما واقعها؟ </font><BR>الآن الطلبة يمتحنون وطائرات الهليكوبتر فوق رؤوسهم، والعسكر واقفون يفتشوهم وهم داخلين وخارجين، هذا نموذج، وأيضاً عندهم اعتراض معروف أنهم سيعيدون النظر في كتب التاريخ في الثقافة الإسلامية، وهناك معلومات كتبت في الجرائد أنهم جاؤوا بمطبوعات، والغريب أنها أعطيت لشركة بناء مدارس هي التي وضعت المقرر، وهذا يذكرنا بشيء حين جاء الأمريكان ودخلوا أفغانستان جاؤوا بكتب أيضا،ً لكن الناس رفضوها، فنحن الآن نخشى من هذا لأننا لن نختلف معهم في الكيمياء والفيزياء، هذا علم واحد ولا في الرياضيات، ولن يعترضوا على أشياء نعرفها، ولكن قد تصبح نقطة تصادم أنه يأتوا بكتب لا نريدها ولا نعترف بها. <BR>وبالمثل عندنا الكتب التي وضعها البعث في التاريخ والتربية وكانت سيئة، فنحن نخشى أن نختلف حول هذه النقاط، فإذا عقل الأمريكيون الأمر فهذا جيد، كذلك نأمل أن عقليتهم تتحسن، ولا يأتوا لنا بواحد بمثل نوح.<BR><BR><font color="#0000FF">طيب السؤال السابق يا شيخ عن قضية المناهج في العراق الآن، فكيف هو الوضع؟ </font><BR>الآن توجد امتحانات طلبة العراق في المرحلة الثانوية والجامعات، طبعاً في المناهج القديمة، إنما مع بداية العام الجديد سيقول الأمريكيون: هذا الكتاب لا يدرس، وإلى هنا لا نختلف معهم، ولكن عندما يُفرض علينا كتاب، فمن هنا تبدأ المشكلة، وقد يقول الأمريكيون: نحن أحضرنا كتباً معنا ويجب أن تدرس، وأعتقد أن ردة الفعل عند السنة والشيعة ستكون عدم القبول بذلك، احتمال قبوله ضئيل، حتى العلمانيون الذين جاؤوا معهم قد لا يقبلون هذا الأمر.<BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">فيما يتعلق بالنشاط الإعلامي،هل الحزب الإسلامي مثلاً له الآن نشاط إعلامي؟ </font><BR>لديه إذاعة صغيرة في الموصل، وعنده جرائد ولكن هذا الإعلام يحتاج إلى نقود، لذلك هم الآن يصدرون صحيفة الموصل، وصحيفة بغداد، فالحزب الإسلامي عمل عملية جيدة، حيث ذهب إلى أحد مقار حزب البعث وأقام فيها.<BR>المعروف أن حزب البعث كان يملأ المناطق مقرات، فكل من سبق <BR>إلى إحدى هذه المقرات نزّل لافتة حزب البعث، ووضع لافتة مكانها وجلس في المقر بلا أجرة وبلا مال، البعض كان أكثر مهارة مثل الحزب الشيوعي الذي ليس له أنصار، حيث ذهب إلى جريدة الثورة التي كانت تصدرها الدولة، واستولى على المطابع الحكومية حيث يوجد فيها الأوراق والمطابع، وجلس فيها، ومنذ اليوم الأول أصدر أفضل جريدة؛ لأنه لم يتكلف أي نقود، والأجهزة كلها موجودة؛ الورق موجود والحبر موجود، وأغلب الأحزاب فعلت هكذا.<BR>والآن توجد صحيفة اسمها الاحتلال تصدر بالعربية.<BR>كما أصدرت قوات الاحتلال في البداية إذاعة إلا أنها لم تستمر طويلاً، ثم أصدرت صحيفة غير صحيفة الزمان، حتى أنها تعد صحيفة رسمية، يبلغون فيها الأوامر والقرارت الحكومية.<BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">حالياً تطرح فكرة لتقسيم العراق، هل يوجد شيء من هذا القبيل؟ </font><BR>كتب المستشرق الأمريكي (مستشار وزارة الخارجية الأمريكية) كتاباً قال فيه: أفضل شيء أن ترجع المنطقة إلى ما كانت عليه في العهد العثماني ولايات ودول صغيرة. <BR>ولو تستطيع إسرائيل لقسمت المنطقة إلى ولايات عديدة كي تصبح هو القوة العظمى والوحيدة في المنطقة، ولكن هل كل ما تريده إسرائيل ممكن حدوثه؟ وهل كل ما تريده أمريكا يمكن حدوثه؟ إذا كان الناس لا يريدون التقسيم فلا أحد يستطيع أن يجبرهم على ذلك، وأنا أعتقد لو أن الأمريكان جاؤوا بعد الحرب العالمية الأولى لقسموا البلد كما يشاؤون مائة بالمائة، ولو أنهم جاؤوا بعد الحرب العالمية الثانية لقسموا المنطقة بنسبة 80%، أما الآن فإنهم متأخرون جداً ولا يستطيعون تقسيم المنطقة كما يشاؤون، لذلك نلاحظ شيئا،ً الأمريكان عندما يصرحون بشيء ما يقومون في اليوم التالي بالتراجع عنه، لا يجدون أحداً يقبل بما يقررون؛ مثل الشاب الصغير الذي عمره 22 عاماً، وهو الزعيم الشيعي مقتضى الصدر، قال: سأكوِّن جيشاً عراقياً اسمه جيش المهدي، وزعم بعد ذلك أن مليون شخص انضم إلى هذا الجيش، فالآن الأمر في العراق على هذه الشاكلة، فلو جاء في الحرب العالمية الأولى فلا أحد يعارضه، وإذا جاء في الحرب العالمية الثانية سيواجه معارضة خفيفة، أما الآن أن يأتي استعمار في عام 2003 على نمط الاستعمار القديم فهذا أمر صعب، العراقيون لا يريدون التقسيم فالبلد صغير ليس بلداً كبيراً كالسودان مثلاً أو الجزيرة العربية، والشعب سيقاوم هذه الفكرة، إضافة إلى ذلك فالأمريكيون مستعمرون وقواتهم قوات احتلال لذلك فأي شيء يأتي منهم حتى ولو كان فيه مصلحة للبلد سيرفضه الشعب.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">هناك مقولة بأنه "فلسطين إسرائيل، الأردن فلسطين، العراق الأردن" أي: أن العراق ستصبح مملكة هاشمية؟ </font><BR>هذا الأمر ممكن أن يحدث كمشروع، لكن إذا عرضته على العراقيين كم منهم سيقبل ذلك ممكن 5% فقط، في هذا الوقت لا تستطيع أن تفرض هذه المشاريع في العراق، لو أنه حصل قبل ذلك كان من الممكن حدوثه، حتى نور السعيد كان قد عقد اتفاقاً مع الأردن الاتحاد الهاشمي بالإضافة للكويت كبلد غني، وجرت اتفاقات وتفاوض مع الأمريكان ومع الكويتيين، فالآن أنت قادم متأخراً جدا،ً وبالتالي كل مشاريعك غير موفقة، وصعب عليك أن تقنع بها أحدا،ً وصعب عليك أن تسوقها حتى عالمياً، حتى أنت تقول شيئاً وفرنسا ضدك وألمانيا كذلك.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">الأمير المرشح لكي يصبح ملكاً على العراق هو شخصية غير سياسية وضعيفة ولا يستطيع أن يقوم بهذا الدور. </font><BR>حتى لو كان قوياً فإن ذلك صعب الحدوث، في البداية كان الشيعة بمجرد أن تقول لهم شخص هاشمي ومن آل البيت، يقولون: على العين والرأس، الآن لو تقول لهم: المهدي خرج من قبره، يقولون: لانريده، لا يوجد قبول، وبالتالي حدوثه صعب الرجوع إلى الوراء عمل صعب. في العراق وقبل خمسين عاماً أو أكثر كان هناك اتفاق هاشمي مع الأردن ولم ينجح هذا المشروع الآن، وبعد ستين عاماً لن تستطيع أن تقوم بهذا المشروع، لا أظن ذلك.<BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">ما هي نسبة السنة والشيعة في العراق؟ </font><BR>يوجد في العراق إحصاء رسمي يحدث كل عشر سنوات، فكان آخر إحصاء قد جرى عام 1997م يذهب إلى كل المحافظات العراقية ويحصي عدد الشيعة والسنة فيها، ويستخلص نسب مئوية ثم يجمع هذه الأعداد والنسب من جميع المحافظات ويضعها في إحصاء واحد مع ملاحظة أن السنة تشمل عرب السنة والأكراد والتركمان، فجاءت النتائج عام 97م أن نسبة السنة 65.9%، و34.1% شيعة، وإن كان يوجد فيها خطأ فإن نسبته لا تزيد عن 4 أو 5% فقط.<BR>لكن الإحصاءات التي تظهر في العراق تشير إلى أن السنة من العرب فقط. وهذه عملية ذكية لإنقاص نسبة السنة، فعندما يخرج 5 مليون كردي، وحوالي 1.5 مليون تركماني ستغلب هنا نسبة الشيعة، بالإضافة لذلك فإن عيب الشيعة أنهم يبالغون فمثلاً شخص يُدعى محمد يزدي قال: إن عدد الشيعة الذين حضروا المأتم في كربلاء، والذي بثته الفضائيات، وقالت: إن عددهم بلغ مليونين،قال: بلغ 7 ملايين، فلذلك هم كتبوا قبل أيام أن نسبتهم في العراق 90% حتى إن حازم صاغية (ليس مسلماً) قال موجهاً كلامه للشيعة: هناك أمر لا أفهمه أحياناً تقولون: إن نسبتكم 80% ،وأحياناً تخفضونها إلى 55%، فهل يوجد عليكم ضغط من الأمريكان؟ فهم هكذا.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">لكن الشيعة الآن من ناحية تنظيمية سياسية أو من ناحية دينية، هل هم على قلب واحد خاصة بعد أحداث مقتل الخوئي؟ </font><BR>سأروي لك واقعة، ذهبت جماعة مقتضى الصدر إلى قاضي البصرة السني، وقاموا بعزله وعيّنوا بدلاً منه شخصاً من بيت الأسدي وهو شيعي، بعد ذلك تجمع 180 إماماً وخطيباً سنياً، وقرروا إخراج الأسدي من منصبه بالقوة، وخرج معهم مجموعة من الشيعة لمساندتهم وأخرجوا الأسدي من مكانه.<BR>الآن لا توجد قضية صغيرة ولا كبيرة إلا ويختلف عليها الشيعة في العراق لو قيل لهم: نريد قائمقام لاختلفوا عليه، أو لو قيل لهم: نريد محافظاً لاختلفوا عليه، إنهم لن يتفقوا على شيء أبدا؛ً لأنهم جميعاً رؤوس متساوية كل زعيم منهم يشعر بأن الآخر ليس أفضل منه وليس أهم منه ولا أنصاره أكثر، فمثلاً مقتضى الصدر الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره، قال: أنا المجتهد الأكبر.<BR>أبرز الجماعات الآن هي جماعة الحكيم وجماعة الصدر. وفي سوريا كانت هناك ثمان مجموعات شيعية قبل هذا الوقت، فهم الآن كل واحد أمير المؤمنين هو منبره ولا أحد يتنازل لأحد شعرة.<BR>إضافة إلى ذلك يوجد خلاف من نوع آخر الآن بين العرب والإيرانيين، الآن مقتضى ومن معه يقولون نحن عرب ومرجعيتنا النجف، ويقول للإيرانيين أنتم إيرانيون ومرجعيتكم قم.<BR>وهذه الحركة القائمة ليست جديدة، حيث كانت نتيجة الحرب العراقية الإيرانية ولجوء بعض العرب لهناك، والذين لاقوا معاملة سيئة من الإيرانيين بأنه عرباً وليسو إيرانيين، وأعطوا التسهيلات للشيعة الإيرانيين ومنعوها عن الشيعة العرب<BR>والآن يوجد عرب شيعة وعلى رأسهم جماعة لبنان، ورئيسها فضل الله، والذي يأمل أن تصبح مرجعية العرب الشيعة للعرب، كي يصبح هو على رأس مرجعية العرب.<BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">وهل هذا الشعور قوي عندهم في العراق؟ </font><BR>هذا الشيء موجود منذ 25 سنة تقريباً، وكانت تصل إلى حد القتل أن يكون هذا عربي شعي وهذا إيراني شيعي.<BR><BR>والأمريكيين كانوا يعتقدون أن كل الشيعة العراقيين موالون لإيران، ويمكن أن يكون الشيعة العراقيين هم الذين أعطوهم هذا التصور.<BR><BR><font color="#0000FF">تحدثنا قبل قليل عن قضية آخذ الأخبار عن العراق، فما أفضل مصدر لمعرفة أخبار العراق؟ </font><BR>نتابع الفضائيات ونتابع الصحف ولا يوجد طريقة آخر.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">ماذا عن نساء العراق، سواء من الناحية الاجتماعية أو الدينية ؟ </font><BR>عندما خرجت من العراق كنت إذا مشيت في الشارع أستطيع أن أحصي عدد المحجبات لقلتهن، الآن الذي يدخل العراق يقول: نستطيع بالكاد أن نعد الحاسرات عن رؤوسهن، وهذا حصل بدون جهد، بل بقناعات لم يفرضها أحد.<BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">لكن راجت أخبار نرجو ألا تكون صحيحة أن هناك عمليات من المحتل الأمريكي من مداهمات وحالات اغتصاب، هل هذا حقيقي؟ </font><BR>لا أظن ذلك، ومشكلة المحتل أنه لا يفهم الوضع في العراق، فمثلاً الآن وأمام أنظار الجميع يقوم الأمريكيون بتفتيش الطالبات عند الباب الجامعي. ويمكن أمام أخوها أو قريبها، وكذلك يدخل إلى البيت فيفتش النساء، وكان بالإمكان أن تطلب من المجندات أن يقمن بهذا لدور. <BR><BR><font color="#0000FF">ماذا يقدم الإسلاميون للمرأة في العراق خلال هذه الأوضاع ؟ </font><BR>أعتقد أنهم سبقوا الشيعة في هذا، عندهم تنظيمات جمعية القوة والجامعات، وأكثر النساء الآن عادت تتغطى وتلبس ملابس طويلة من الكعب إلى الرأس،وهناك جهود طيبة في هذا الامر، مع ملاحظة أن لا أحد أجبر النساء على العودة للحجاب، بالعكس فقد جاء وقت من الأوقات يرسلون لنا بالقول أن النساء يردن ملابس كي يتحجبن، فنقول لهم ليس لدينا ما نقدمه لهن.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">ما دور الإسلاميون الآن في الأنشطة والقضايا العامة في البلد ؟ </font><BR>يوجد تنظيمات قديمة، ولها مقرات وجمعيات ونشاطات، ويعطون الناس بعض المواد وبعض الأغراض.<BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">لماذا تتركز المقاومة في المدن السنية وليست الشيعية؟ </font><BR>الذي يقاوم يريد أن يكون له ظهر أمين أي لا يقوم أحد بالإخبار عنه، وإذا احتاج إلى طعام حصل عليه، وإذا احتاج لأي شيء يحصل عليه، ولكن إذا ذهب هذا المقاوم إلى المناطق الشيعية، فمن الممكن جداً أن يخبروا عنه، لذلك فهو يختار المناطق الآمنة ويقاوم فيها، ولو تحرك الشيعي في المنطقة الشيعية أيضاً سيعطونه نفس الغطاء ولن يخبر عنه أحد، لكن إذا قاتل سني في منطقة شيعية فسيقوم الشيعة بالإبلاغ عنه للأمريكان. <BR><BR><BR><font color="#0000FF">ولماذا لا يقاوم الشيعة في المناطق الشيعية؟ </font><BR>يحاول الشيعة الآن أن يصوروا أن المقاومة مشتعلة في المناطق السنية فقط، ويقولون: دعوا الأمريكيين يعتقدون أن المقاومة تأتي من المناطق السنية فقط.<BR>ولكن هذا قد لا يستمر، فعندما يقوم شخص أو أكثر في المناطق الشيعية بقتال الأمريكان، فإن هذا البقية لا يستطيعون إلا القتال معه. <BR>والآن شيوخهم يطلبون منهم أن يهدءوا ولا يواجهوا الأمريكيين، ولن يستمر الأمر طويلاً، لأن الشيعة كمثال، إذا شرب أحد من كأس، فإنهم لا يشربون منه قبل أن يقوموا بتطهيره، يقولون (علّي الكأس) أي طهره، لأنهم يعتبرون أن أي شخص سني أو يهودي أو نصراني هو نجس، فيكف يمكن لهم أن يسكتوا طويلاً على الاحتلال الأجنبي لبلدانهم. <BR>وهم عقلية عجيبة قلت لك: إذا أنت شربت في كأس فيجب أن يغسل هذا الكأس ويجب أن يغسل مرة وثانية وثالثة ورابعة وهكذا، هذا اليهودي أصلاً الله _تعالى_ يقول: "وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ" (المائدة: من الآية5) يقولون هذا هو الخبز وإلا لا يؤكل منهم شيء؛ لأنهم نجسين لا يؤكل منهم، فهم لا يقبلونه، إضافة إلى ذلك تابعوا الأخبار يومياً، أمريكا تهدد إيران هذا أيضاً يثير غضبهم ويقولون: لا يوجد أحد غير إيران، مرة يقولوا لنا نضربها بسبب الأسلحة النووية، ومرة يقولوا لنا نضربها بسبب كذا.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">كيف توزع الإغاثة حالياً على العراقيين؟ </font><BR>الإغاثة تصل إلى العراق، لكن أحياناً اللصوص يأخذونها، كذلك يوجد أمر قاتل، حيث أمر الأمريكيون أن تذهب الإغاثة إلى الهلال الأحمر العراقي، مع العلم أن الهلال الأحمر هو مؤسسة بعثية، والأناس الذين يعملون فيها سيئين، وكانت في الأساس مؤسسة محلولة، واضطروا أن يعيدوا عملها من أجل أن يسلموا الإغاثة لهم، والمشكلة في الأمر، أنه يتعين على العراقيين أن يتعاملوا مع طاقم بعثي سيء من أجل الحصول على حصة من الإغاثة.<BR><BR><font color="#0000FF">لكن بشكل عام أليس دخول الإغاثة على شكل أموال أفضل من دخلوها بأشكال أخرى.؟ </font><BR>صحيح، فالمال تستطيع أن تتصرف به كما تشاء، قد يشتري به إنسان طعام، ويشتري به آخر ثوب يحتاجه، أما الإغاثة التي تصل فإنها تتألف من القليل من الماء، وكيس أرز وبعض الأطعمة التي لا تكفي. والناس تطالب الناس بالحصول على المال بدل الأغذية.<BR>لكن مسألة دخول التحويلات المالية قد تكون صعبة في هذه الظروف، فهي أيضاً مشكلة؟<BR>ولكن من استطاع أن يدخل في زمن صدام، لن يصعب عليه الآن، <BR>وفي هذا الوقت يراقب الأمريكيون الخارج ولا يراقبون الداخل، حيث يراقبون النقود التي يخرجها الناس إلى خارج العراق.<BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">ألا تستخدم أعمال الإغاثة القادمة من الدول الأجنبية لمحاولات تنصير الشعب العراقي؟ </font><BR>الإغاثة الأجنبية تأتي من جهات متعددة؛ إغاثة تأتي من أوروبا عن طريق أسبانيا وتأتي من الكنائس، انظر الآن إلى ما يحدث من تنصير، هم يشترطون أن يأتي المسلمون إلى الكنيسة كي يحضروا قدّاس، وبعدها يمكنهم الحصول على الإغاثة. <BR>وهذا أمر معروف في العراق الآن، إن لم تحضر قداس، فلن تحصل على شيء. <BR>وقبلها كانت كل عائلة نصرانية موجودة في العراق تأخذ بالشهر 200 دولار شرط أن لا تهاجر ولا تشتغل في أعمال حقيرة ال200 دولار.<BR>نحن كنا نستطيع بالكاد أن نعطي الشخص الواحد 25، أما هم فيعطونهم 200 دولار.<BR>ولكن انظر إلى مهارتهمن حيث وضعوا شرط عدم الهجرة وعدم العمل بالأعمال الحقيرة مقابل هذه الأموال. <BR><BR><font color="#0000FF">لكن الغريب أن من يذهبون إلى هناك يقولون إن المنظمات الكبرى، مثل منظمة الصليب الأحمر لم تقدم شيئاً؟ </font><BR>هذا بسبب أن أعمال الإغاثة محصورة في الكنائس، وهذا الأمر وصلني شخصياً من الداخل، حيث توجد الإغاثة في الكنيسة، وعلى المسلم أن يذهب إلى الكنيسة ويحضر قداس نصراني من أجل الحصول على الإغاثة. <BR>وهناك أمر آخر، إذ اشترطت القوات الأمريكية أن لا تقوم أي جهة بحماية سيارات الإغاثة، ولا يقومون هم أيضاً بذلك، وهذا جعلها عرضة للصوص الذين أحياناً يستولون على سيارة إغاثة تقدر قيمتها بالملايين. حيث يقومون ببيعها فيما بعد بالسوق.<BR><BR><BR><font color="#0000FF">وما هو حال الوضع الأمني الآن في العراق؟ </font><BR>الآن الجميع يمكنهم أن يقولوا أي شيء، ولا أحديمنع أحد عن شيء، حتى المخدرات باتت تباع في الأسواق بسبب الغياب الأمني هناك. لا يوجد شرطة ولا دولة ولا أجهزة أمن، وكل من عنده شيء قادر على إخراجه الآن.<BR>لذلك يقولون: إذا غابت الدولة تحدث في اليوم جرائم لا تحدث في قرن.<BR>وعلى الرغم من أن صدام كان سيئاً، إلا أن كان الأمن موجود في زمنه، وكانت توجد رواتب ثابتة، أما الآن فإن الأمور باتت سيئة لدرجة صعوبة السيطرة عليها بسهولة من جديد. <br>