حوار مع نائب رئيس الحركة الإسلامية بفلسطين 48
5 ذو الحجه 1424

لأنه أريد لها أن تموت؛ لأنها وقفت مدافعة عن حيض المسجد الأقصى في وقت تخلى فيه الجميع، فاعتقل رئيسها وإخوانه وضيق عليها، إلا أنها بقيت راسخة كجبل الجرمق تتحدى بقوة سطوة الجلاد، كان هذا اللقاء مع (نائب رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة من عام 48) الشيخ كمال الخطيب.<BR><BR><font color="#FF0000"> برأيك ما هي أهم أحداث عام 2003م التي تركت آثاراً أو سيكون لها آثار مستقبلية على المستوى المحلي والعربي والدولي؟ </font><BR>كل عاقل يدرك أن احتلال العراق وسقوط بغداد الرشيد العاصمة العربية الإسلامية بيد مرتزقة الجيش الأمريكي، كان هو الحدث الأبرز الذي لوّن بالسواد صفحة العام 2003م، ولقد كان اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين بعد ثمانية أشهر من سقوط بغداد بتلك الطريقة المهينة تمريغاً للكرامة العربية ليس لذات الرئيس صدام حسين الذي لا يختلف عاقلان بأن له أخطاء جسيمة وقاتلة، وتجاوزات بحق شعبه وجيرانه، ولكن لأن أمريكا أرادت أن تجعل من اعتقاله بتلك الطريقة رسالة لكل من يرفض أن يحني لها قامته ويشرع في وجهها أبواب دولته، واضح جداً أن ما جرى للعراق إما أنه سيكون الشرارة التي ستقود إلى اهتزاز كل أنظمة المنطقة، وحدوث تغيرات جذرية أو أنه سيكون بداية لمرحلة تفكك وشرذمة تمتد لعشرات العقود، وأنا أجزم أن الاحتمال الأقوى هو الاحتمال الأول، ولعل بداياته ستكون عما قريب - بإذن الله -.<BR><BR><font color="#FF0000"> كيف ترى مستقبل العراق ومنطقة الشرق الأوسط في ظل الاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق؟ </font> </br>لا شك أن الاحتلال الأمريكي البريطاني "الأنجلو أمريكي" للعراق قد فرض واقعاً معنوياً واجتماعياً وسياسياً صعباً على العراق خصوصاً وعلى المنطقة عموماً، ولكن هذا لا يعني أن هذا الاحتلال لن تكون له انعكاسات سلبية لا بل قاتلة على أمريكا وبريطانيا، وعليه فإن لهذا الاحتلال الذي تشتم منه رائحة الحرب الدينية الصليبية ستعود إلى ردة فعل مساوية له في القوة ومضادة له في الاتجاه عمادها وجوهرها حركة وصحوة دينية تسعى للتحدي والانتقام والمواجهة، وإن تورط أمريكا في العراق سيزيد من تعالي أصوات المتمردين عليها حتى من غير العرب والمسلمين.<BR><BR><font color="#FF0000"> بماذا تفسر استجابة بعض الأنظمة العربية وزعمائها للإملاءات الأمريكية؟ </font><BR>إنني أشبه سرعة فهم واستيعاب بعض الأنظمة العربية للدرس العراقي ممثلاً بما حصل في ليبيا والسودان، والرسائل الجديدة التي راحت تخرج من سوريا، بقصة النملة مع نبي الله سليمان التي راحت تقول: "يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ" (النمل: من الآية18). إن عدداً من الأنظمة العربية راحت تمثل دور العراب لإقناع غيرها بدخول حظيرة الترويض الأمريكية لسان حالها تقول: (لا يحطمّنكم بوش وجنوده)، ولعل حالة التعري التي أصابت هذه الأنظمة السابقة واللاحقة فيها خير كثير، حتى لكأنني أقول بأن الله – سبحانه - أراد فضح كل هؤلاء حتى لا يظل لأحدهم ورقة توت يستر بها عورته، وحتى إذا أراد الله - سبحانه - أن يهيئ للأمة نصراً وفرجاً فلا يكون لأحد من هؤلاء فيه نصيب؛ لأن النصر والفتح والتمكين له رجاله الذين هم أهل له، وليصدق على كل أولئك المثل العربي القائل: "ما لهم بالطيب نصيب".<BR><BR><font color="#FF0000"> وهل كان للاحتلال الأمريكي للعراق أثر في تشديد الخناق على الحركات الإسلامية في العالم والحركة الإسلامية في الداخل؟ </font><BR>لا شك أن أمريكا واحتلالها للعراق جاء ضمن قائمة الأهداف التي وضعتها لنفسها ضمن حملة الحرب على الإرهاب "الإسلام" التي أعلنتها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وإن كانت للعراق خصوصية قبل ذلك ضمن المخططات الأمريكية.<BR>وإذا كانت المخططات الأمريكية كلها من نتاج وبنات أفكار اللوبي اليهودي في أمريكا وإسرائيل، حيث كان للموساد الإسرائيلي دور كبير في تشخيص الحالة العراقية والمبالغة فيها، فلا يعقل أن تكون إسرائيل تحرض أمريكا على حرب العراق والتضييق على السعودية، وهي في نفس الوقت التي تحرض الأنظمة والحكومات العربية لضرب الحركات الإسلامية فيها لا، بل وتقدم خبراتها لبعض هذه الدول بينما تبقى الحركة الإسلامية في رغد من العيش وحرية في العمل، ولذلك فقد كان لاعتقال قادة الحركة الإسلامية يوم 13/5/2003م علاقة مباشرة بالواقع العام الذي طرأ على المنطقة بعد احتلال العراق ظانيّن أنها فرصتهم الذهبية في تقليم الأظافر لكل من يقول: لا للصلف الصهيوني.<BR><BR><font color="#FF0000"> ما موقف الحركة الإسلامية من وثيقة جنيف، خاصة بما يتعلق في مدينة القدس والمسجد الأقصى وحق العودة ؟ </font><BR>كان موقف الحركة الإسلامية رافضاً وبحزم لوثيقة جنيف التي جاءت لتكون كرباجاً آخر يضاف إلى الكرابيج الكثيرة التي ما تزال تلهب ظهر شعبنا المنكوب، ويبدو أن بعض السياسيين الفلسطينيين يريدون أن يسجلوا لأنفسهم مواقف عبر اختزال الزمن واختزال الأرض والتاريخ والجغرافيا، وكأن الواحد منهم لن يرضى بأن تنتهي القضية الفلسطينية ولو بحل أخرق في زمن غير زمانه، إن القائمين على وثيقة جنيف من الفلسطينيين، وللهفتهم اندفعوا إلى أبعد من المنطق بكثير وإلى أبعد من الممكن، إلى المستحيل، وكيف لا يكون مستحيلاً أن يكون سلام بغير نصف الشعب الفلسطيني وعودتهم إلى أرضهم، وكيف لا يكون مستحيلاً أن يكون سلام لما يقر الطرف الفلسطيني بأن حائط البراق هو حائط المبكى، ولا يحق لأحد التدخل فيه، وادعاء السيادة عليه إلا للإسرائيليين بينما يحق للإسرائيليين التدخل والاعتراض على أي أعمال ترميم وبناء وحتى صيانة كل ما هو داخل أسوار الحرم الشريف، وعليه فان وثيقة جنيف مكتوب عليها الفشل قبل أن توقع عليها تلك الأقلام لأولئك الذين يمرون بوقت استرخاء في كل شيء، وسبب هذا الاسترخاء كثرة استرخائهم في فنادق تل أبيب وإيلات والبحر الميت!!!.<BR><BR><font color="#FF0000"> برزت قضية بناء جدار الفصل خلال الأشهر الأخيرة بشكل واضح، فما موقف الحركة الإسلامية من هذا الجدار؟ </font><BR>يبدو أن عقلية الانعزال والقوقعة داخل الذات والخوف من الآخر ما تزال تلازم الشعب اليهودي، فتجمعاتهم داخل أحياء خاصة في المدن الأوروبية سابقاً ولاحقاً، ووجودهم فيما يسمى حارات اليهود في القاهرة ودمشق ومراكش وغيرها كانت ضمن أسباب رغبتهم في بناء الجدار الفاصل في الأراضي الفلسطينية.<BR>ولكن ميزة هذا التصرف تعود إلى ظروف القوة والهيمنة التي تتمتع بها إسرائيل الأمر الذي ساعدها على وضع خارطة هذا الجدار وفق أولوياتها ومصالحها، ولو كان ذلك على حساب خنق وسلخ وحصار شعب بأكمله هو الشعب الفلسطيني. <BR>إن على الإسرائيليين أن يدركوا بأن هذا الجدار وإن بلغ عنان السماء وليس فقط ثمانية أمتار لن يحول بين أبناء الشعب الفلسطيني وبين قناعتهم بأن أرضهم محتلة ويسعون لاسترجاعها، وما أكثر تلك الجدران الحسية والمعنوية التي بنتها أنظمة ودول، ولكنها انهارت أمام إرادات الشعوب ورغبتها بنيل الحقوق، ولن يكون جدارهم الظالم خارجاً عن القاعدة.<BR><BR><font color="#FF0000"> كيف تقيم وضع الحركة الإسلامية ومؤسساتها، وبالذات مؤسسة الأقصى بعد مرور ثمانية أشهر على اعتقال الشيخ رائد صلاح وإخوانه؟ </font><BR>الحركة الإسلامية - والحمد لله - حركة لها مؤسسات وجمعيات وفعاليات اجتماعية وثقافية وصحية ورياضية وإغاثية تمتد من شمال البلاد إلى جنوبها، وهي - والحمد لله - تمارس دورها وتقوم بواجبها في خدمة أهلنا بنفس الزخم الذي كانت عليه، لا لشيء إلا لأن هذه المؤسسات والجمعيات تستمد قوتها من أبناء شعبنا في الداخل الذين لم يـبخلوا يوماً في تقديم الدعم لهذه المؤسسات نظراً للثقة التي نشأت بين الحركة الإسلامية ومؤسساتها وبين أهلنا.<BR>كانت أمنية (وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي) تساحي هنغبي أن هذه المؤسسات والجمعيات سيتم تجفيفها خلال مدة قصيرة ولن تستطيع القيام بدورها وهو ولجهله يظن أننا نقوم بإدارة أعمالنا عبر مساعدات ودعم خارجي، وها هي - والحمد لله - مؤسساتنا تنمو وتزدهر وتتسع وتزداد وعمل مؤسسة الأقصى هذه الدرة الثمينة التي تقوم على حماية وصيانة المقدسات والأوقاف الإسلامية، وخاصة المسجد الأقصى المبارك ما تزال في كل يوم تبدع في نشاطاتها، ولعل الأبرز مسيرة البيارق المتمثلة بتسيير الحافلات يومياً من أقصى النقب جنوبا إلى قرى الجليل شمالاً لتقل المسلمين رجالا ونساء للمسجد الأقصى ، بمعدل ثلاثين حافلة يومياً ويومي الجمعة والسبت والأحد يصل عدد الحافلات إلى مائة حافلة، الأمر الذي ساهم في إبقاء المسجد الأقصى ينبض بالحياة في ظل الحصار ومنع أهلنا من الضفة والقطاع من الوصول إليه، ويساهم كذلك في ازدهار الحياة الاقتصادية لأهلنا في القدس، الأمر الذي حال دون هجرة أهلنا من القدس القديمة وتركها للمستوطنين يغتصبون أو يبتزون بأثمان مغرية البيوت التي يهجرها أهلها بسبب الضائقة الاقتصادية. <BR>صحيح أننا منعنا منذ سنتين من أعمال الترميم والصيانة داخل الحرم الشريف، لكننا سعينا لإعمار الأقصى بالرواد والمرابطين ضمن مشاريع دروس الثلاثاء، وإفطارات يوم الخميس، وشد الرحال لصلاة الفجر في الأقصى صباح الجمعة من كافة المناطق - والحمد لله -.<BR><BR><font color="#FF0000"> أولم يترك اعتقال الشيخ رائد صلاح فراغاً معيناً على مستوى الحركة الإسلامية، وعلى مستوى القيادة للجماهير العربية في البلاد؟ </font><BR>الشيخ رائد صلاح - حفظه الله – (رئيس الحركة الإسلامية) شغل ولا شك، وأدى بلا ريب دوراً مميزاً ورائداً ضمن مسؤوليته في الحركة الإسلامية ومسؤوليته في قيادة الأقلية العربية الفلسطينية، ولذلك فلم يكن اعتقاله عفوياً ولا محض صدفة، إنما كان بسبب الأداء المميز الذي يقوم به. <BR>ولعل غياب الشيخ رائد ترك ثغرات واضحة لا يملؤها الا هو، ولكن على العموم فإن الحركة الإسلامية حركة لها مؤسساتها الإدارية، التي تكمل المسيرة وتؤدي الدور على أحسن وجه - والحمد لله -. <BR>إن غياب القيادات والرموز والعناوين هو أمر متوقع في ظل ظروفنا المميزة في الداخل وأبناء شعبنا عموماً الأمر الذي يجعل السرعة في الإمساك بعجلة القيادة لمن بعدهم يحول دون حصول فراغ - والحمد لله -، وهذا ما حصل في الحركة الإسلامية في أعقاب اعتقال الشيخ رائد صلاح وإخوانه رهائن الأقصى المبارك.<BR><BR><font color="#FF0000"> إذن هل فشلت المؤسسة الإسرائيلية في مخططها الرامي إلى إضعاف الحركة الإسلامية ونشاطاتها، خاصة الإغاثية من خلال حملة الاعتقالات والتضييق على الحركة الإسلامية؟ </font><BR>المؤسسة الإسرائيلية لن تكون أحسن حظاً من مثيلاتها من الإمبراطوريات والأنظمة التي سعت لإيقاع الأذى بكل من يخالفها الرأي، فكانت تعتمد دائماً أسلوب القتل والسجن والحصار والنفي وبث الإشاعات، إنها وإن كانت تنجح بعض النجاحات النسبية والمؤقتة إلا أنها كانت تفشل فشلاً ذريعاً في الوصول إلى مبتغاها؛ لأن الأذى والسجن والنفي والقتل لن يقضي على الدعوات خاصة إذا كانت دينية.<BR>وما حصل مع الحركة الإسلامية واعتقال قادتها أدى إلى اكتساب الحركة مصداقية إضافة إلى ما كان لها من مكانة في نفوس أبناء شعبنا، ولقد رأينا هذا واضحاً عبر زيادة كافلي الأيتام من 11000 قبل 13/5 ليرتفع العدد إلى 133000 يتيم حتى شهر 12/2003م، هؤلاء الأيتام من أبناء شعبنا في الضفة والقطاع تكفلهم لجنة الإغاثة الإنسانية التابعة للحركة الإسلامية، وبرز هذا كذلك عبر مهرجان (الأقصى في خطر) في الثامن من شهر 9/2003م، والذي حضره ما يزيد على سبعين ألفاً من أهلنا في الداخل ليكون ذلك الحشد استفتاء للثقة بالحركة الإسلامية، وردا على محاولة حصارها.<BR><BR><font color="#FF0000"> ألا ترى أن هناك تصعيداً إسرائيلياً بخصوص المقدسات الإسلامية في البلاد، وخاصة فيما يتعلق بالمسجد الأقصى المبارك؟ </font><BR>لم يتوقف مخطط المؤسسة الإسرائيلية الساعي لطمس المعالم الإسلامية لهذه الأرض يوماً من الأيام، فقبل أسبوعين أقدمت السلطات الإسرائيلية على هدم مسجد قرية الفارعة غير المعترف بها في النقب في الجنوب الفلسطيني، وهذه الأيام أعلنت بلدية بئر السبع عن مناقصة لترميم مسجد بئر السبع المهجور منذ العام 1948م، والذي بني أيام الخلافة العثمانية، ولكن ليس بهدف استعماله للصلاة ولكن ليكون متحفا، حيث قامت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية باستصدار أمر من المحكمة لمنع تنفيذ هذا المخطط.<BR> ولكن يظل المسجد الأقصى المبارك على رأس مخطات الكيد والمكر الإسرائيلية، حيث إن المسجد الأقصى يمثل الصراع وذروة سنامه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إن استمرار دخول المستوطنين والمتدينين اليهود بحراسة الشرطة وحرس الحدود والمخابرات بالمئات كل يوم إلى المسجد الأقصى لهو عود الثقاب الذي سيشعل برميل البارود. <BR>ومن اللافت أن السماح لليهود بدخول المسجد الأقصى جاء مباشرة بعد احتلال العراق، واستغلال حالة الذهول والوهن التي أصابت الأمة كلها، وفعلا فلم تكن هناك أي ردة فعل لما حصل، واليوم يتم الإعلان عن حفر نفق جديد من الجهة الغربية الجنوبية للمسجد الأقصى ، حيث يكون باستطاعة اليهود الوصول إلى أقرب نقطة تحت المسجد الأقصى ، الأمر الذي يعني أن الخطر أصبح داهماً فعلاً. <BR>لقد كشفت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية عن هذا النفق، وقامت بإرسال المذكرات إلى كل ذوي الشأن فلسطينياً وعربياً وإعلامياً تماماً مثلما حصل يوم تم الكشف عن النفق عام 1996م، حيث أدى ذلك يومها إلى الانتفاضة التي عرفت باسم "انتفاضة النفق" التي أدت إلى استشهاد اكثر من سبعين فلسطينياً. <BR>وعليه فإنه إذا لم يتم التحرك شعبياً ورسمياً، عربياً وإسلامياً فإن من شأن هذه الممارسات أن تقود - لا سمح الله - إلى المحظور ألا وهو هدم المسجد الأقصى، وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، وعليه فلقد كانت صرخة الحركة الإسلامية منذ عام 1996م (الأقصى في خطر) صرخة حقيقية وليس بمجرد خبر للإثارة.<BR><BR><font color="#FF0000"> ما مدى ارتباط اعتقال الشيخ رائد صلاح وإخوانه وتشديد التضييق على المسجد الأقصى المبارك؟ </font><BR>الشيخ رائد - حفظه الله - ومن خلال سجنه، فإنه يدفع ضريبة انتمائه للمسجد الأقصى والدفاع عنه، ولقد قالها الكاتب الإسرائيلي الشهير داني رابينوفتش في صحيفة هآرتس عند افتتاح المصلى المرواني والأقصى القديم، والذي قامت على ترميمه مؤسسة الأقصى والحركة الإسلامية قال ذلك الصحفي: "إن ما قام به الشيخ رائد صلاح والحركة الإسلامية في المسجد الأقصى خلال سنة واحدة لم تقم به كل الدول العربية مجتمعة طوال الثلاثين سنة الأخيرة". <BR>نعم اعتقال الشيخ رائد صلاح لا علاقة له بقضايا أمنية، وليس الاتصال بجهات معادية ولا غير ذلك، وإنما كانت هذه الاتهامات المزعومة بهدف خلق أجواء تبرر هذا الاعتقال الظالم، ليس هذا فحسب، بل إن اعتقال الشيخ رائد يوم 13/5/2003م قد تزامن معه مباشرة الإعلان بالسماح لليهود بالدخول إلى الأقصى، ولكن يعلم الجميع أنه بغياب الشيخ رائد فلن تغيب الحركة الإسلامية التي ستكمل المشوار، ولن يغيب أهل الداخل الفلسطيني الذين لن ينسوا فضل الله عليهم بأن جعلهم خط الدفاع الأول للمسجد الأقصى يسدون مسدّ الأّمة كلها بالقيام بهذا الواجب المشرف.<BR><BR><font color="#FF0000"> أكثر الشيخ رائد صلاح قبل اعتقاله من الاهتمام بقضيتين أساسيتين مشروع المجتمع العصامي، وتواصل الداخل الفلسطيني مع العالمين العربي والإسلامي، أين تقف اليوم هاتان القضيتان؟ </font><BR>كان وما زال نهج الحركة الإسلامية يتمثل بتقوية أواصر المجتمع الفلسطيني الداخلي، وتلاحم أفراده والالتقاء على القواسم المشتركة التي تجمع بين أبنائه رغم وجود اختلافات فكرية وسياسية، ورغم وجود مسلمين ومسيحيين من أبنائه، وذلك عبر مشروع المجتمع العصامي المتمثل ببناء المؤسسات الفلسطينية الاقتصادية والعلمية والصحية والرياضية وغيرها، حتى لا نظل مجتمع متسولين وأيتام نقف على أعتاب وأبواب اللئام من الساسة الإسرائيليين، هذا من جانب، من الجانب الآخر ومقابل البناء الداخلي فقد سعت الحركة الإسلامية للتلاحم الخارجي والتواصل مع الأمة العربية والإسلامية إيماناً منها بأن هذين البعدين يمثلان العمق الاستراتيجي الذي نطمئن بالانتساب إليه، اللحمة الداخلية والتواصل الخارجي كانا ولا يزالان نصب أعيننا في الحركة الإسلامية، وهذا ما برز جلياً - والحمد لله - في ثمار هذا الموقف من وجود اللجنة الشعبية للدفاع عن الشيخ رائد ورهائن الأقصى مكونة من كافة الفئات والأحزاب والطوائف في الداخل الفلسطيني.<BR><BR><font color="#FF0000"> بعد كل هذا التضييق على الحركة الإسلامية ونشاطاتها، أليس هناك مكان لإعادة النظر في موقف الحركة الإسلامية من الانتخابات البرلمانية؟ </font><BR>أبداً فإن التضييق على الحركة الإسلامية ونشاطاتها لم يجعلنا نفكر للحظة بإعادة النظر في موقفنا من انتخابات الكنيست الإسرائيلية، حيث إننا اقتنعنا عبر التجربة والموازنة أن لا جدوى من المشاركة في الانتخابات، وقلنا يومها: إن الكنيست هي ثلاجة الأحزاب العربية، وهذا ما نلمسه اليوم من ضعف وفتور قاتل تعيشه الاحزاب العربية وأعضاء الكنيست العرب في ظل ازدياد الميل نحو اليمن في الشارع الإسرائيلي، مما يجعل وجودهم أكثر من هامشي، العكس هو الصحيح، فإن مقاطعة 48% من الناخبين العرب لانتخابات الكنيست التي كانت يوم 28/1/2003م أكدت على صدق رؤية الحركة الإسلامية - والحمد لله -.<BR><BR><font color="#FF0000"> في الأسبوع القادم هناك مداولة في المحكمة المركزية لإعادة النظر بإبقاء الإخوة المعتقلين رهائن الأقصى إلى حين انتهاء الإجراءات، ما توقعاتكم؟ وفي حال إبقاء الإخوة قيد الاعتقال، ما الخطوات الاحتجاجية التي تنوي الحركة الإسلامية القيام بها؟ </font><BR>لقد مرّ اليوم على تقديم لوائح الاتهام ضد الإخوة رهائن الأقصى أكثر من سبعة أشهر لم يتقدم فيها هذا الملف قيد أنملة، حيث لم يتمكن طاقم الدفاع عن الإخوة الرهائن إلاّ من استجواب شاهد واحد من بين 90 شاهداً تستند النيابة إلى شهاداتهم وتوصياتهم.<BR>وعليه فمطلع الأسبوع القادم سيتم إعادة النظر في أسباب اعتقال الإخوة الرهائن ليكون هذا تمهيداً لدراسة أخرى ستكون عند إتمام التسعة أشهر التي يسمح القانون باستمرار اعتقال أي سجين بدون إصدار حكم، الأمر الذي سيصبح فيه موقف النيابة موقفاً محرجاً للغاية.<BR>استعداداً لهذين الشهرين القريـبين فإن الحركة الإسلامية ستتابع برامجها وفعالياتها الاحتجاجية، ولن يهدأ لنا بال حتى يكون الإخوة رهائن الأقصى بيننا، وإننا على يقين بأنه سيفرج عنهم قريباً - بإذن الله -. <BR><BR><font color="#FF0000"> ما مدى تواصل الحركة الإسلامية مع أسر رهائن الأقصى؟ وهل لك أن تطمئننا عليهم، خاصة ونحن قريبون من حلول عيد الأضحى المبارك؟ </font><BR>إنّ أهالي رهائن الأقصى يتمتعون - والحمد لله - بمعنويات عالية جدا، لا بل إنهم يمدون غيرهم بالعزم والثقة - بإذن الله -، ومع ذلك فإن تواصل أخواتنا في إدارة العمل النسائي الإسلامي في الداخل مع نسائهم وأطفالهم خاصة هو اتصال وثيق، حيث سيتم - بإذن الله - خلال أيام العيد إقامة يوم ترفيهي لعائلات الإخوة المعتقلين وأطفالهم؛ لأن هذا أقل الواجب يؤدى تجاههم.<BR><BR><font color="#FF0000"> رغم الصعوبات والظروف الحالكة التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية أليس هناك بارقة ضوء وأمل؟ </font><BR>هي ليست بارقة أمل نراها في ظل الظروف الحالكة والصعوبات التي نمر بها، ولكنها أحزمة نور وإشعاعات خير كثيرة نراها تطل علينا من كل جانب، إنّ على أهلنا أينما كانوا أن يكونوا عل يقين بأن أشدّ الساعات حلكة وظلمة هي تلك التي تسبق الفجر بقليل، كل عاقل يدرك أنّ هذه المرحلة التي يظن عدونا أنها رحلة تشييع الأمة العربية والإسلامية إلى مثواها الأخير لن تكون - بإذن الله - إلاّ مرحلة انكشاف الغمة وانجلاء الظلمة "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً" (الشرح:5، 6)، فما علينا إلا العمل والصبر والمصابرة، والثقة بأنّ مآل أمرنا إلى خير - إن شاء الله -.<BR><BR><font color="#FF0000"> ما موقف الحركة الإسلامية من نية الرئيس شيراك وحكومته حظر ارتداء الحجاب في المدارس الفرنسية والأماكن العامة؟ وهل من فعاليات تنوي الحركة الإسلامية تبنيها في هذا السياق؟ </font><BR>موقف الحركة الإسلامية من قضية الحجاب في فرنسا هو موقف كل مسلم غيور يحب دينه ويسعى لإرضاء ربه، فلقد رأينا منذ اللحظة الأولى تناقضا في شعارات فرنسا وثورتها التي تعطي الحرية للناس في كثير من الأشياء، فما بالها تصبح دولة دكتاتورية إذا تعلق الأمر بالإسلام والحجاب. <BR>وعليه فلقد قامت الحركة الإسلامية، وعبر إدارة العمل النسائي الإسلامي بإرسال رسائل تأييد لمؤسسات إسلامية في فرنسا، ونحن نستعد لإقامة مظاهرة نسائية أمام السفارة الفرنسية في تل أبيب يوم الاثنين 19/1/2004م تجاوباً مع نداء اليوم العالمي للتضامن مع الحجاب الذي أعلن عنه يوم 17/1/2004م، ولكن ولأن يومي السبت والأحد هما يوما عطلة في السفارة الفرنسية فإننا سنقوم بهذه المظاهرة يوم الاثنين 19/1/2004م. <BR><BR><font color="#FF0000"> هل من كلمة توجهها إلى العالم العربي والإسلامي عبر هذا المنبر؟ </font><BR>إننا نقول لأهلنا في العالمين العربي والإسلامي على المستويين الشعبي والرسمي: إنه لا عذر لكم عند الله بأن يُمسّ الأقصى بأذى وأنتم تتفرجون، إنّ الله لن يغفر لكم، وإنّ التاريخ لن يغفر لكم، وإن الأجيال لن تغفر لكم أن تتعاملوا مع قضية القدس والأقصى خصوصاً، ومع قضية الشعب الفلسطيني عموماً كمن يشارك في لعبة كرة القدم ولا يشجع أي الفريقين، وإنما يصفق لمن يسجل الأهداف أياً كان، إنه لن يقبل منكم أن تكونوا مجرد متضامنين مع الفلسطينيين لأن تضامن الإنسان مع نفسه لا يقبل، ثم إننا من هنا ومن وسط الحصار، ومن بطن الحوت نقول للحكام وأصحاب الشأن: ارفعوا أيديكم عن شرفاء الأمة، ارفعوا أيديكم عن الأخيار في شعوبكم، وكونوا مع شعوبكم في خندق واحد، ولا تكونوا في خندق الأعداء ضد شعوبكم. <BR><BR><font color="#FF0000"> وماذا تقول للشعب الإسرائيلي في البلاد؟ </font><BR>إننا نقول للشعب الإسرائيلي الذي أسلم زمام أمره لمغرورين في غمرة ما وقع في أيديهم وبحوزتهم من أسلحة الدمار والفتك، ظانين بأنهم بذلك سيخضعون شعوب المنطقة لسلطتهم وحكمهم، إننا نقول لهم: إنهم جدّ مخطئين؛ لأن القوي لن يظلّ قوياً إلى الأبد تماماً مثلما أن الضعيف لن يظل ضعيفاً إلى الأبد، لقد سبق وقلناها: إن على الإسرائيليين أن لا يحرقوا كل الأوراق التي بأيديهم بل إن عليهم أن يحافظوا على بعض ما يمكن أن يشفع لهم يوماً من الأيام حينما تصبح الغلبة لغيرهم، ويكون التمكين لسواهم "وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ" (آل عمران: من الآية140)، وكل المؤشرات تشير إلى أنّ المستقبل إنما هو للإسلام، وأن المرحلة القريبة القادمة هي مرحلة التمكين لهذا الدين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. <br>