د.نسيم ياسين لـ المسلم: هكذا كان عمّي الشيخ الشهيد أحمد ياسين !!
22 صفر 1425

<font color="#800000">فلسطين – محمد ياسين: </font> </br> </br><font color="#0000FF"> في أحد بيوت مخيم الشاطئ للاجئين، التقى مراسلنا بالدكتور نسيم شحدة ياسين، ابن شقيق الشيخ الشهيد أحمد ياسين (الزعيم المؤسس لحركة المقاومة الإسلامية حماس)، فكان الحوار التالي، محاولة للتعرف على حياة الشيخ ياسين من أقرب المقربين إليه، و أكثر الذين رافقوه في بداية حياته الدعوية في سبيل رب البرية. </font> </br> </br> <font color="#FF0000"> في البداية..حدثنا عن نشأة الشيخ الشهيد أحمد ياسين (زعيم ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس) </font><BR>نشأ الشيخ الشهيد في أسرة بسيطة وطيبة، ونتيجة التهجير أصبحت الأسرة فقيرة لا تملك شيئا، رغم أنها كانت تمتلك الكثير من الأراضي في فلسطين المحتلة عام 1948م، حيث كانت تعد أسرة الشيخ من أغنياء البلد، و استقر الحال بأسرة الشيخ في بيت أقامته وكالة الغوث للاجئين مكون من غرفتين فقط، واضطر الشيخ للعمل وهو صغير لمساعدة إخوته على تجاوز هذه المحنة، وبعدها طلب الشيخ من والدي أن يلتحق في مدارس غزة، فدرس الابتدائية والإعدادية والثانوية في غزة، وكان متفوقاً، حيث حصل في نتيجة الثانوية العامة على ترتيب الخامس على قطاع غزة وشمال سيناء عام 1959م.<BR>يضيف د. ياسين: كان الشيخ يميل إلى التدين بطبعه، فالتحق في صفوف الحركة الإسلامية منذ طفولته أي في عام 1951م، وكان عمره آنذاك (خمسة عشر عاماً) حينها بدأ يخرج في رحلات بحرية وبرية مع الشباب المسلم، وفي إحدى الرحلات البحرية كان يتدرب على شاطئ بحر غزة السباحة والجنباز، فسقط على عموده الفقري ما أدى إلى إصابته بشلل أطرافه الأربعة، كان ذلك عام 1952م، ولم يثنيه ذلك عن العمل الدعوى، فاستمر في نشاطه بعد مرور هذه المحنة إلى أن تخرج من الثانوية، وتوظف في إحدى مدارس غزة ليدرس اللغة الغربية والتربية الدينية، ولينتشر في الدعوة بعدها.<BR>يكمل د. نسيم ياسين: يروى في مسألة الوظيفة أن الشيخ تقدم للوظيفة عام 1959م وقد كان متفوقا ولكن اللجنة الفلسطينية التي تشرف على الوظائف كان ميولها (يسارية) فرفضت اللجنة توظيف الشيخ كمدرس، وبررت ذلك بأنه أعرج فلما ارتفع التقدير إلى الحاكم المدني المصري ليوقع على الأسماء ويعتمدها لاحظ اسم (أحمد ياسين) وأمامه كلمة (مرفوض؛ لأنه أعرج) فاستغرب هذه العبارة الحاكم وأشار بتوظيفه فوراً، وقال: "أعرج يعني ما يشتغلش؟! يعني يموت؟!!!! ".<BR>وكان للحاكم المصري كما سمعنا ولداً أعرج، والله أعلم.<BR>وبعد وظيفة الشيخ كمدرس في إحدى مدارس غزة بدأ الشيخ يفكر في الزواج وكما تعرفون رجل بهذه الظروف من الصعوبة أن يجد الزوجة خاصة أنه لم يعرف بعد ويذيع صيته فكان يبحث عن زوجة ملتزمة تساعده في حياته وتكون رفيقة دربه تعينه على نوائب الدهر، وبعد مدة من البحث والتحري ساعده فيها والدي وجدتي أرسل له بعض أبناء عمه أن لديهم فتاة يريدون تزويجها له فذهب هو وأهله إلى بيتهم وكانوا يقطنون في دير البلح فأعجبته وتم الاتفاق والزواج بعد ذلك، وهي ابنة عمومته فأنجب الشيخ منها ولداً أسماه عائد(أي: عائد إلى الله) فمات في طفولته فرزق بطفلة سماها (عائدة) فعاشت ثم رزق بطفل آخر سماه (عائد) فمات أيضاً، وبعدها رزق بثلاثة أولاد، هم: (محمد- عبد الحميد- عبد الغني) وبثمانية بنات.<BR><BR><font color="#FF0000"> كيف تصف معاملة الشيخ ياسين لوالدته و بره بها؟ </font><BR> الشيخ حقيقة من الناس القلائل في قضية البر بوالدته، لدرجة أني اذكر أن جدتي _رحمها الله_ من كثر ما كانت تحب الشيخ أحمد، كانت ترفض المبيت في بيتنا أو في بيت أحد أبنائها، وكنا نحثها على المبيت عندنا، فكانت ترفض، وتقول: " أنا لا أستطيع أن أفارق الشيخ، ولا أريد أن أبعد عنه "، فمنذ بداية حياته وهو يلقب بالشيخ.<BR> وكانت تقول جدتي: " أحب أن أكون إلى جانب الشيخ أحمد "، لدرجة أنها كانت تبقي عندنا لصلاة العصر فيرفع آذان العصر فتقول: " أريد الصلاة في بيت الشيخ أحمد "، فكان والدي يقول لها: " صلي العصر عندنا "، فترد بالقول: " لا....أريد أن أصلي في بيتنا عند الشيخ أحمد "، فيمازحها والدي بالقول: " هو المسجد الأقصى عند الشيخ أحمد "، فالجدة كانت تحبه كثيراً.<BR> وكان الشيخ يعطي والدته راتبه براً بها، حيث كان يعمل في مدرسة، وأحياناً كانت زوجته تغضب من ذلك، وتقول له: " لماذا تعطي والدتك ولا تعطيني المال "، فكان يقول لزوجته: " هي أمي، وهي تنفق علينا"، وبالفعل هي التي كانت تنفق على البيت، وهذا كان يظهر مدى بر الشيخ وحبه لوالدته.<BR>و أذكر أنني كنت أراها تجلس بجانبه في الصباح، وتعد له طعام الإفطار، وإن كان عنده بعض الشباب تقول لهم: " أطعموا الشيخ و ديروا بالكم عليه "، وأنا كنت أراها وهي ترتجف و هي تخاطب الشباب، فكانوا يقولوا لها: " لا تخافي "، وكانوا يقشرون للشيخ البيض، وكانت والدته حنونة عليه، وهو يحبها كثيراً.<BR>و حتى عندما ترك المنطقة التي كنا فيها في غزة في الشاطئ الشمالي انتقلت معه إلى جوره الشمس، و رغم أن والدي طلب منها البقاء معنا، إلا أنها أصرت على مصاحبة الشيخ، وبقيت عنده حتى توفت عام 1983م.<BR><BR><font color="#FF0000"> هل لك أن تطلعنا على معاناة أسرة الشيخ عندما كانت تزوره في سجون العدو الصهيوني؟ </font><BR> الشيخ رجل صابر ومثابر وعنده إيمان عظيم بقدر الله وقضائه، ولذلك دائماً كان هو الذي يهون على أسرته وعلينا، فكنا نحزن على فراقه وعلى وضعه الصحي، فكيف سيكون حاله في السجن؟!<BR> فكنا كلما يذهب أحدنا لزيارته يبدو على وجوهنا الأرق والقلق على الشيخ وعلى مستقبله، أما الشيخ فكان يقابل زائره بالابتسامة التي لا تفارق وجهه ويواسينا، ويقول لنا: " توكلوا على الله، وربنا _سبحانه وتعالى_ لن يتخلى عنا، وأملنا في الله أن يفك هذا القيد وهذا الأسر ".<BR> فكان دائماً يشجع أولاده على الصبر والمثابرة، فكان الشيخ مربٍ بمعنى الكلمة، فعندما تذهب لزيارته زوجته وبناته كان يواسيهم ويوصيهم على البيت والأبناء بشكل مباشر، ويحث زوجته على تربية أبناءه تربية صحيحة وفق مناهج الإسلام.<BR>و أذكر في إحدى جلسات محاكمة الشيخ، حيث حضرت الجلسة مع عدد من أقاربنا، حيث كان القضاء يوجه اتهاماته للشيخ بتكوين " خلية إرهابية للقضاء على دولة إسرائيل "، وحيازة أسلحة غير مشروعة، وطلب القاضي قبل أن ينطق بالحكم إذا أراد أحد منا أن يتحدث، فطلب الشيخ أن يتكلم.<BR> وأذكر الكلمة تماماً، حيث بدأ الشيخ بالحمد والثناء على الله_سبحانه وتعالى_ كعادته، وخطب خطبة طيبة في ذلك الوقت وجه فيها الكلام إلى اليهود.<BR> وقال:" أنتم الآن تحتلون أرضنا وتغتصبونها وتظلموننا في فلسطين، ورغم أننا كنا قد رأيناكم قبل 48 حيث كنتم في كنف الدولة الإسلامية على مر التاريخ، فلم يظلمكم الإسلام، بل على العكس كان ينصفكم.<BR> وذكر قصة جرير القاضي لما ادعى يهودي على علي بن أبي طالب، وكان أمير المؤمنين في ذلك الوقت، بأنه أخذ درعه، فلما بدأ القاضي جرير قال: اجلس يا أبا الحسن، وقال لليهودي: اجلس باسمه، فقال أبو الحسن علي بن أبي طالب للقاضي جرير: " ما أنصفت، فعندما تناديه باسمه يجب أن تناديني باسمي ".<BR> ثم بعد ذلك حكم بالدرع لليهودي؛ لأنه لم يكن لدى علي بن أبي طالب شهود إلا ابنه الحسن والبينة لم تقم به، فكان القاضي منصفاً، وهكذا كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ من قبل في تعامله مع اليهود، وقد ذكر الشيخ هذا الكلام ثم أكد على اليهود أن الظلم لن يدوم، وإنكم في قراراتكم تظلمون الآن، لذا فإنكم لن تدوموا ولن تدوم دولتكم، فكانت هذه فحوى كلمته حيث كان له موقف وصفق له الجميع في القاعة.<BR><BR><font color="#FF0000"> كيف مارس الشيخ ياسين حياته عقب الإفراج عنه من السجن الصهيوني في عملية التبادل عام 1985؟ </font><BR>قبل أن يطلق اليهود سراح الشيخ حذروه من العودة للعمل، ولكن الشيخ لم يهتم كثيراً بتحذيراتهم، بل على العكس كان لديه إصرار عجيب على مواقفه خاصة أنه يستمدها من كتاب الله _عز وجل_ ومن سنة رسوله _صلى الله عليه وسلم_ ومنهج السلف الصالح _رضوان الله عليهم_، ولذلك كان دائماً يسير على طريق الحق، ويعلم أنه على طريق الحق.<BR> فلما خرج كان لديه استعداد للعمل لدرجة أنه يريد أن يسابق الزمن في العمل، فبدأ في الاتصال والتكوين وتكوين البناء بشكل أفضل، فكأنه كان يعد ويخطط داخل سجنه ماذا يريد أن يكون البناء، وما أن خرج من السجن حتى شرع يعمل حسب التخطيط الذي أعده داخل السجن.<BR>وكان الشيخ نشيطاً جداً وأنشط مما كان عليه في السابق حتى أن الشيخ قبل أن تبدأ تتكون حركة المقاومة الإسلامية حماس كنت في جلسة معه أتحدث عن السجن، فقال لي: " إن السجن مرحلة فيها فائدة كبيرة"، فسألته متعجباً " وما هي الفائدة؟ !! ".<BR> فرد علي قائلاً: " أولاً الإنسان يختلي بنفسه، وثانياً يقرأ كتاب لله، وثالثاً يتثقف ثقافة إسلامية، والرابعة يستفيد فوائد كبيرة في التفكير والتخطيط، وقضية مهمة من القضايا المهمة التي يستفيد منها الإنسان داخل سجنه أنه يرفع حاجز الخوف بينه وبين الجيش الإسرائيلي، فأنا أتمنى لو أن كل واحد من شبابنا يدخل السجن مدة قليلة مثل 6 شهور، ثم يخرج وقد أزيل هذا الخوف من الجيش الإسرائيلي.<BR> و بالفعل كانت نظرة الشيخ نظرة ثاقبة، فالإنسان منا يكون لديه حاجز خوف من الجيش الإسرائيلي لكن بعد السجن يرفع هذا الحاجز.<BR>وأثناء هذه المدة الوجيزة التي امتدت من عام 1958م وحتى انطلاق الانتفاضة المباركة في عام 1987م كان في خلال السنتين قد ساهم في بناء الحركة الإسلامية بشكل كبير جداً وفاعل، لدرجة أنها أصبحت ذات أثر قوي في الساحة، وأول ما بدأت الانتفاضة الأولى، وأول ما تحرك الشارع الفلسطيني كانت حركة المقاومة الإسلامية حماس هي من حركت الشارع أو حركة الإخوان المسلمين التي كانت في ذلك الوقت.<BR> وانبثقت حركة حماس منها فيما بعد، حيث أسسها الشيخ وإخوانه، و كانت ذات تأثير قوى لدرجة أن اليهود لم يتأخروا في إعادة اعتقال الشيخ، لكن استمر منهج الشيخ واستمرت الحركة وتطورت واستمر الجهاد.<BR><BR><font color="#FF0000"> هل لك أن تذكر لنا بعض الكلمات التي أعتاد الشيخ الشهيد ترديدها؟ </font><BR>الشيخ كان دائماً يردد كلمته "ومن يتوكل على الله فهو حسبه " "توكلنا على الله "، وهي كانت آخر كلماته قبل استشهاده، فقد كان يتمثل في هذه الآية، وكان بالفعل يتمنى الشهادة بشكل جدي،<BR> و أذكر أنه قبل شهر كان عندي في البيت، فكنا نتحاور، فكان يسألني عن الجنة و عن الحور العين وصفاتهم، فقلت له في نهاية الأمر: " يبدو أنك ناوٍ ( أي: ترغب وتعقد العزم) " فرد علي قائلاً:" أنا ناوٍ من زمان يا ولدي " فهذه الجملة أذكرها تماماً، إلى جانب ما أوردتها قناة الجزيرة، وهي قوله: " أملي أن يرضى الله عني" حيث كان يرددها كثيراً.<BR><BR><font color="#FF0000"> حبذا لو تلقي الضوء على الجانب الاجتماعي في حياة شيخ الأمة </font><BR>لم أرَ في حياتي أن أحداً غضب من الشيخ، بل على العكس كانت علاقة الشيخ طيبة مع الجميع، فلم يكن الشيخ يتأخر عن مساعدة المحتاجين، وكل من يطرق بابه حتى وإن كان بعضهم وضعهم المالي جيد، ولا أذكر أن الشيخ تأخر عن المشاركة في المناسبات المختلفة الخاصة بالعائلة، سواء في الأفراح أو حالة الوفاة.<BR> وكنت أقول له: " لا داعي لمشاركتك نظراً لأوضاعك وظروفك، فكان يرفض، ويقول: " لابد من المشاركة، فأنا لا أتخلى عن أقاربي وعن الناس "، وأذكر أنه في ليلة استشهاده خرج من المسجد وهو مهدد بالاغتيال لتأدية واجب العزاء لآلـ" عبد العال"، حيث كان عندهم شهيد... فهذا التواصل حبب الناس في الشيخ.<BR>و أذكر أن الشيخ لم يكن يذهب إلى بيت من بيوت أقاربه إلا و كان يحمل معه هدية مناسبة، تدل على كرمه وسخائه، وأذكر أنه في أول عيد خرج فيه من السجن لم يترك امرأة في العائلة إلا وذهب وأعطاها هي وأفراد أسرتها عيدية عن أربعة إلى خمس أعياد سابقة فكلهم تساءلوا: ما هذا؟ فرد عليهم الشيخ مازحاً: هذا تعويض عن الأعياد السابقة !!<BR><BR><font color="#FF0000"> هل تغير سلوك الشيخ بعد المحاولة الأولى لاغتياله؟ </font><BR>لا لم يتغير، و رغم أنني قلت له: إن التهديدات بالاغتيال أصبحت جدية، ودخلت نطاق التنفيذ، و إنه يجب أن يأخذ الاحتياطيات اللازمة، فكان يرد علي " توكل على الله وما بيصير إلا المكتوب "، فقد كان متوقع أن يتعرض للاغتيال، ولكن هذا لم يمنعه من ممارسة حياته الطبيعية. <BR> فكان يشارك في اللقاءات والاجتماعات، وكان يخرج، ولكن مع أخذ بعض الاحتياطيات، فكان يغير السيارات التي يخرج بها، وكذلك يحتاط عند الدخول والخروج.<BR><BR><font color="#FF0000"> برأيك...لماذا أقدم الصهاينة على اغتيال الشيخ؟ </font><BR>أولاً. طبيعة اليهود، وثانياً. طبيعة شارون نفسه، فهو رجل دموي وشرس، و ارتكب مذابح كثيرة ضد أطفال ونساء في فلسطين ولبنان وغيرها، وليس بعيداً عنه أن يقدم على مثل هذا العمل الجبان.<BR> و لعل حساباته أنه يريد أن يطبق خطته بالانسحاب من جانب واحد، لكنه لا يريد أن ينسحب من غزة، وفيها شخصية كالشيخ أحمد ياسين يلتف حولها الناس، فشارون يريد أن يضعف حركة حماس ويمزق وحدتها ويسعى لفض الناس عنها، كي يهيئ الأسباب لحكم شخصيات أخرى لهذه البلد، كي يكونوا أداة طيعة في يده،<BR> ومن ثم يهددهم ويخوفهم، ويبقى اغتيال الشيخ ياسين العصا التي يلوح بها للجميع، فهو بعد اغتيال الشيخ أخذ يلوح باغتيال الرئيس ياسر عرفات كي يخيفه _كما يزعم_ ولكن شارون أخطأ في حساباته؛ لأن دم الشيخ سيبقى لعنة تطارده إلى يوم القيامة، ولأن دم الشيخ وحد المقاومة، ووحد الشعب الفلسطيني، وجعل حماس محوراً للشعب الفلسطيني وللأمة قاطبة.<BR><BR><font color="#FF0000"> هل لك أن تتحفنا ببعض المواقف والذكريات الخاصة بالشيخ أحمد ياسين؟ </font><BR>أذكر أن الشيخ كان يجوب البلاد طولاً وعرضاً للدعوة إلى الله _سبحانه وتعالى_ حيث إنه أسس مسجد الشمالي، الذي أطلق عليه اسم الشيخ بعد استشهاده، و قد بدأ الشيخ دعوته في هذا المسجد، وبعد مدة من الزمان أصبح المسجد بؤرة يتجمع فيها الشباب المسلم،<BR> وأصبح عنواناً للحركة، وفي ذلك الوقت تآمرت عليه بعض العيون، للسلطة المصرية في ذلك الوقت، فنقلوا الشيخ من مسجد الشمالي إلى مسجد العباس كعقاب، لكن كان هذا قلة بصيرة منهم،<BR> حيث كان الشيخ قد أسس نواة في مسجد الشمالي، وأخذ يؤسس في مسجد العباس نواة جديدة، وهكذا كانوا ينقلوه من مسجد لآخر، وهو يقوم بتأسيس نواة في كل مسجد، حتى انتشرت الدعوة _بفضل الله سبحانه وتعالى_ ثم بفضل جهود هذا الشيخ.<BR>وأذكر أن الشيخ ذات مرة كان في زيارة لبلدة أم الفحم داخل فلسطين المحتلة عام 1948م، حيث ألقى كلمة في مهرجان أقيم في البلدة، وكان ذلك ليلة الخميس، فنام الليلة في بلدة أم الفحم.<BR> و في صباح الجمعة أراد أن يعود، فحان وقت صلاة الجمعة، وهو في بلدة الرملة، فأخذ يبحث عن مسجد قريب يصلى فيه، حتى سمع صوت قرآن في أحد الشوارع، فتوجه نحوه، فإذا به مسجد صغير.<BR> فدخل الشيخ وسائقه، فاستقبله من في المسجد، وقال رجل كان موجوداً في المسجد للشيخ:... الشيخ أحمد ياسين أهلاً وسهلاً بك... أتى بك الله، فليس لدينا خطيب، وربنا سخرك لنا، فأنت اليوم خطيبنا.<BR> فسألهم الشيخ " ما هذا؟ "، فأخبروه أنه نادٍ رياضي، وتم تحويله إلى مسجد، وهذه أول صلاة فيه، وليس لدينا أي خطيب ودعونا الله أن يرزقنا بخطيب فكنت أنت الخطيب، وبعد انتهاء الصلاة طلبوا من الشيخ أن يعود كل جمعة للخطبة فيهم.<BR> فقال الشيخ لهم: " لا أستطيع أن آتيكم كل جمعة، ولكن سأرسل لكم خطيباً كل جمعة _بإذن الله_ "، وبالفعل كان يرسل كل جمعة خطيباً إلى ذلك المسجد، وكنت أول من أرسلهم للخطبة، وذلك في المدة 1982-1983م، و قد ذهبت إلى هناك وخطبت أكثر من مرة.<BR>و قد أسس الشيخ مدارس الأرقم الابتدائية والإعدادية، وفي آخر أيامه كان يقول لي: " ابحث لنا عن قطعة أرض كبيرة، كي نقيم عليها مدرسة ثانوية "، فقد كان يفكر ويخطط كي يكون البناء مكتملاً، فلدينا رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والإعدادية ثم الثانوية والجامعة، فكان يحلم بهذا، والله نسأل أن يوفقنا لتحقيق هذه الغاية الطيبة.<BR><BR><font color="#FF0000"> كيف تقيّم ردة الفعل العربية الرسمية على اغتيال الشيخ أحمد ياسين؟ </font><BR>بصراحة ردة الفعل العربية الرسمية مخيبة للآمال، فكان من المفروض على حكام العرب على الأقل حتى يجاروا حالة الغضب لدى شعوبهم أن يصدروا بياناً رغم أن البيان لن يغير من الأمر شيئاً، إلا أنهم مع أن البيان لن يغير من الأمر شيئاً منعوا من كتابته، وفشلوا في عقد القمة العربية.<BR> وأنا أقول:إن هؤلاء الناس يئست الناس منهم، فهم يتحركون كأداة طيعة للأمريكان والصهاينة في كل مكان، ولا أمل فيهم إلا بتغييرهم، فهم ليسوا على قدر المسؤولية، وغداً عندما ترد حركة حماس على اغتيال الشيخ، ستجدهم أسرع الناس في الإدانة، ويستعجلون في شرم الشيخ وغيرها، كي يقرروا فعل شيء؛ لأن اليهود والأمريكان يريدون ذلك.<BR><br>