حوار مع الدكتور زكريا حسين ..وآخر مستجدات الحرب الأمريكية
21 جمادى الثانية 1425

<font color="#800000">أجرى الحوار / همام عبد المعبود </font><BR><font color="#800000">انتهز موقع "المسلم" فرصة اللقاء مع الخبير الاستراتيجي اللواء أركان حرب الدكتور زكريا حسين (المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا، والرئيس الأسبق لهيئة البحوث العسكرية، وأستاذ العلوم الاستراتيجية بجامعة الإسكندرية)، ودار الحديث معه حول عدد من الملفات ذات الأهمية، مثل:" الملف العراقي"، و" الملف الأفغاني"، و" ملف الانتخابات الرئاسية الأمريكية" .. </font> فتعالوا إلى نص الحوار ....<BR><font color="#FF0000">المسلم : أهلا ومرحبا باللواء زكريا على صفحات موقع "المسلم" </font><BR>اللواء زكريا : أهلا بموقع "المسلم" <BR><BR><font color="#FF0000">المسلم : ما الذي يحدث في العراق بالضبط ؟ </font><BR>اللواء زكريا : الذي يحدث في العراق هو مخطط صهيوأمريكي يستهدف تدمير العراق ومحو تاريخه وهويته، فقد قامت قوات الاحتلال بعدد من الخطوات على طريق تنفيذ هذا المخطط، منها :- <BR>1- تسريح القضاة العراقيين .<BR>2- تسريح القوات المسلحة العراقية بأفرعها المختلفة، وقد كان العراق يمتلك جيشاً قوياً قوامه 375 ألف مقاتل . <BR>3- تسريح العلماء العراقيين وخاصة العاملين في مجال الذرة والمجال النووي، والذين قدر عددهم بأكثر من ألف عالم، وقد اتبعت في ذلك أكثر من طريقة (اغتالت بعضهم، وسجنت بعضهم، وسفرت بعضهم لأمريكا للعمل هناك، وأعادت تعيين البعض الآخر في وظائف إدارية عقيمة لا صلة لها بتخصصاتهم ليقتلوا فيهم روح البحث والتطوير) .<BR>4- كما عمل الاحتلال على مسح ذاكرة العراق التاريخية، من خلال تدمير ونهب كبريات المكتبات العراقية التي كانت مليئة بأمهات الكتب والمخطوطات النادرة .<BR>كل هذا في يأتي إطار المخطط الصهيوأمريكي لإلغاء الوجود العراقي، ولتدعيم الخرافة الإسرائيلية التي تقول:( حدود إسرائيل من النيل إلى الفرات)، هذه فوضى مستهدفة ومقصودة، ويبقى التحدي الحقيقي هو كيف يمكن استعادة التاريخ العراقي؟ وحتى لو تم تحرير العراق من الاحتلال الأمريكي (وهو أمر مستبعد) سيكون عراقاً على طراز جديد، عراقا بلا هوية، عراقا بلا تاريخ .<BR><BR><font color="#FF0000">المسلم : ما هو- في تقديرك- الخطأ الذي ارتكبه صدام؟ </font><BR>اللواء زكريا : أكبر خطأ ارتكبه الرئيس العراقي صدام حسين هو أنه لم يقاتل حتى الموت، هذا كان أرحم له من أن يتم القبض عليه حياً، كان عليه أن يقاتل حتى آخر نفس مثلما فعل ولداه قصي وعدي .<BR><BR><font color="#FF0000">المسلم : تترد أنباء عن زيادة الوجود اليهودي في العراق بعد الاحتلال .. ما صحة هذه الأنباء؟ </font><BR>اللواء زكريا : هذه لم تعد أنباء بل حقائق، وهناك أكثر من 150 ألف يهودي دخلوا العراق بعد الاحتلال بالتواطؤ مع بعض الأكراد، وما لا يعرفه كثيرون أن (الرئيس الأمريكي) جورج دبليو بوش قد أهدى لـ(رئيس الوزراء الإسرائيلي المجرم) أريل شارون أثناء زيارته لواشنطون عقب احتلال العراق للتهنئة، خريطة يرجع تاريخها لعام 1716م، مبين عليها بابل العراق المشكوك في أنها ضمن الميراث اليهودي في العراق، ومن المعروف أن حكومة المحافظين هي أكبر الحكومات الأمريكية التي تواطأت مع اليهود ومع الصهيونية العالمية، ولعل أكبر دليل على صدق هذا الكلام أن رجال الأعمال اليهود في أمريكا قدموا 140 مليون دولار في أول دفعة لدعم حملة بوش الانتخابية، ولا تستغرب فهذا المبلغ هو أول دفعة من حصة الرئيس بوش من عمولته عن جهوده الكبيرة التي بذلها لترسو عقود الإعمار في العراق على رجال الأعمال اليهود.<BR>هذا فضلاً عما تقدمه الصهيونية العالمية بما تمتلكه من وسائل إعلام لبوش في حملته الانتخابية، فلقد جعلت وسائل الإعلام الصهيونية من الشعب الأمريكي شعباً أشبه بشعوب العالم الثالث أو شعوب العالم النامي، حيث استطاعت أن تخفي عنه الكثير من الحقائق وتصور له بوش على أنه زعيم أسطوري رفع أمريكا لمصاف الدولة النموذج .<BR><BR><font color="#FF0000">المسلم : ما الذي يجعل أمريكا متمسكة ببقائها في العراق ؟ </font><BR>اللواء زكريا : في تقديري أن أمريكا لن تخرج من العراق من تلقاء نفسها، وما لم تشعر قوات الاحتلال الأمريكي بالقلق في العراق، وما لم تجد مقاومة شديدة، ورفض شعبي عراقي وعربي وإسلامي لوجودها، وما لم تمارس عليها كل الضغوط الممكنة فلن تخرج من العراق بسهولة، هذا الكلام ليس مجرد خواطر وإنما هو تحليل عسكري مبني على معرفة بأهداف ودوافع الاحتلال، التي يمكن أن نذكر منها :- <BR>1- الموقع الاستراتيجي المتميز للعراق، والذي يضمن لأمريكا الوجود في وسط المنطقة . <BR>2- الطمع في النفط العراقي: فالعراق ثاني دولة من حيث احتياطي النفط العالمي بعد المملكة العربية السعودية، فبعد السيطرة على نفط العراق ومن قبل نفط بحر قزوين أصبحت أمريكا تسيطر على مملكة النفط في العالم . <BR>3- رغبة أمريكا في حماية مصالح ربيبتها إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط . <BR>4- ما قامت به قوات الاحتلال الأمريكي من تدمير القوة العسكرية العراقية تماماً وتسريح الجيش العراقي .<BR><BR><font color="#FF0000">المسلم : ما هي في تقديرك الأهداف الحقيقية لغزو العراق ؟ </font><BR>اللواء زكريا : أعتقد أن غزو العراق له هدفان أساسيان من وجهة نظر الإدارة الأمريكية، وهما : <BR>1- إعادة صياغة الشرق الأوسط الكبير لصالح الهيمنة الإسرائيلية الأمريكية، وهو ما يمكنهما من تصفية القضية الفلسطينية لمصلحة الرواية الإسرائيلية . <BR>2- إحكام السيطرة على العالم، وتحقيق حلم أمريكا في السيطرة على العالم كله بغض النظر عن الحلفاء والأصدقاء، وفرض عدم وجود قوى تنافس أمريكا لعدة عقود كاملة، وذلك بالسيطرة على مملكة النفط الذي تحتاجه أوربا واليابان والصين، وهو ما يضمن لها ولاءهم، فشريان النفط أصبح في الزراع الأمريكية .<BR>وهو ما يجعل الرئيس الأمريكي جورج بوش يستحق منفرداً وباقتدار لقب رجل الحرب في القرن الحالي . <BR><BR><font color="#FF0000">المسلم : وماذا عن المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال؟ </font><BR>اللواء زكريا : المقاومة العراقية بدأت ضعيفة وعشوائية وغير منظمة، لكنها بمرور الأيام بدأت تقوى وتنظم، وقد استطاعت رغم هذا الكم الهائل من الجنود والمعدات الأمريكية أن تكون مصدر قلق ورعب لقوات الاحتلال، ولعل ما تذكره وكالات الأنباء كل يوم من أخبار عن مقتل أفراد من القوات الأمريكية دليل على صدق كلامنا، وفي اعتقادي أن أحد أسباب قوة المقاومة العراقية يرجع إلى وجود عدد كبير من الضباط العراقيين المدربين الأكفاء بين رجال المقاومة، فإذا كانت قوة الجيش العراقي الذي تم تسريحه تصل لحوالي 375 ألف مقاتل، فهؤلاء لا يمكن أن يكونوا كلهم خونة، بل من الضروري أن يكون بينهم مخلصين ووطنيين، فالخيانة دائماً في الجيوش تكون في القادة لا في الجنود، وفي تقديري أيضاً كرجل عسكري أن أكبر خطأ ارتكبه بوش هو تسريح الجيش العراقي .<BR><BR><font color="#FF0000">المسلم : هل ينسى الشعب الأمريكي لبوش انهيار برجي التجارة والرعب الذي عاشوه ؟ </font><BR>اللواء زكريا : طبعاً أحداث 11 سبتمبر 2001م لا يمكن أن تنمحي من ذاكرة الشعب الأمريكي إلى الأبد، فقد سقطت مع البرجين الهيبة الأمريكية، غير أن بوش حاول بغزوتيه العسكريتين على أفغانستان والعراق واحتلالهما وإسقاط حكومتيهما ثم القبض على صدام، أن ينسيه رعب 11 سبتمبر، وها هو في حملة الانتخابية التي ستجرى في شهر نوفمبر 2004 م يرفع شعاراً،يقول: (إذا كانوا قد اسقطوا لنا برجين فقد أخذنا منهم دولتين) في إشارة إلى أفغانستان والعراق. <BR><BR><font color="#FF0000">المسلم : تتردد إشاعات بأن أمريكا اعتقلت ابن لادن، وأنها ستعلن عن ذلك قبيل الانتخابات.. ما تقديرك لهذا الكلام؟ </font><BR>اللواء زكريا : هذه الرواية الأمريكية كاذبة، وهي إشاعة تدخل في باب الحرب النفسية التي تصاحب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهي أشبه ما تكون بسيناريو درامي أعدته حكومة المحافظين لإلهاء العالم عن سلسلة الأخطاء التي ارتكبها بوش في العراق، وخاصة بعد انكشاف فضيحة الاعتداء على المعتقلين العراقيين بسجن أبي غريب، فمبادئ الليبرالية التي قامت على أساسها الولايات المتحدة انهارت في أبي غريب، كما أن عدد السجون المماثلة لسجن أبي غريب، والتي أقامتها الإدارة الأمريكية في مختلف الدول 20 سجناً، ويمارس فيها كل صنوف التعذيب الجسدي والجنسي بأبشع مما مورس في أبي غريب . <BR> واللافت أن أمريكا بكل جبروتها تحارب أشخاصاً، فهي تحارب صدام وابن لادن، وإذا كانت قد نجحت في اعتقال صدام حياً فلا أعتقد أنها ستتمكن من تحقيق حلمها باعتقال عدوها الأول أسامة ابن لادن حياً .<BR>ويكفي أن تعلم أن نص المذكرة التي قدمها بوش للكونجرس ليحصل على موافقته على الحرب في أفغانستان كانت تقول: إن الحرب تهدف إلى :- <BR>1- إسقاط حكومة طالبان ( وهذا قد تحقق) . <BR>2- اعتقال أسامة ابن لادن زعيم القاعدة حياً أو ميتاً ( وهو ما لم يحدث حتى الآن) . <BR>ومن هنا يمكننا فهم دوافع إشاعة القبض على ابن لادن في إطار ارتباطها بالهدف الذي وضعه بوش للحرب في أفغانستان.<BR><BR><font color="#FF0000">المسلم : ولماذا تستبعد أن تعتقل أمريكا ابن لادن حياً ؟ </font> <BR>اللواء زكريا : الفرق بين ابن لادن وصدام كبير، فابن لادن شخصية عقائدية متوغلة في العقيدة الإسلامية، وهو يؤمن بالجهاد، ويعتنقه بمفهومه، أي: أنه يبحث عن الشهادة، وطالما كان المقاتل يبحث عن الموت فلن يطوله عدوه، هذا ما يجعل من المستحيل أن يصل إليه الأمريكان حياً، فهو يؤمن بالقتال حتى آخر نفس، ويرنو للشهادة في سبيل الله .<BR><BR><font color="#FF0000">المسلم : بمناسبة أفغانستان .. هل يمكن القول بأن بوش قد نجح في أفغانستان؟ </font><BR>اللواء زكريا : أفغانستان تعد أحد النماذج الصارخة على الفشل البوشي في إطار ما أسمته واشنطون "الحرب على الإرهاب"، ولكي نستطيع تقييم الحملة الأمريكية على أفغانستان لابد أن نسترجع الأهداف التي أعلنتها أمريكا من حملتها ، وهي إسقاط حكومة طالبان و اعتقال ابن لادن، والمتابع للأحداث يعلم أنها لم تفشل في القبض على بن لادن وحسب بل فشلت حتى في تعقبه أو تحديد مكانه، أما بخصوص إسقاط حكومة طالبان، فحتى لو كانت قد نجحت في إسقاط حكومة طالبان فلم تنجح في توفير الأمن للحكومة التي اختارتها هي وكل صباح تحمل لنا وكالات الأنباء أخبار مقتل جنود أمريكيين بأفغانستان وهجمات بالصواريخ من قوات طالبان على مراكز القوات الأمريكية، ومن ثم يمكننا القول بأن بوش قد سقط في أفغانستان، فالرئيس الأفغاني حامد قرضاي موجود في أفغانستان ولكن بحراسة أمريكية، و هو لا يسيطر سوى على العاصمة كابول.<BR>أفغانستان اليوم في حالة فوضى عارمة، وحلف شمال الأطلنطي موجود فقط في قاعدة باجرام الجوية، ولا يستطيع الحركة في كل أفغانستان، فضلاً عن أن روح طالبان بدأت تنمو من جديد في أفغانستان، والكوادر الثانية والثالثة من حركة طالبان التي يقودهم بعض زعماء القبائل بدأت تعود لتنظيم صفوفها، والمهندس قلب الدين حكمتيار الرجل القوي الذي يحاكم أمريكا نجح في تجميع قوى طالبان والقاعدة المبعثرة هنا وهناك، وترتيب صفوف المقاومة .<BR>1- القوقعة السياسية للحكومة، والتي لا تتجاوز العاصمة كابول. <BR>2- والقوقعة العسكرية لقوات التحالف التي لم تعد تتجاوز حدود قاعدة باجرام العسكرية. <BR><br>