الشيخ حمزة منصور لـ( المسلم ): الضعف في الأنظمة لا في الشعوب
6 ربيع الثاني 1426

<font color="#000080"> حوار أجراه: لطفي عبد اللطيف </font> </br> </br> يعد الشيخ حمزة منصور (الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي في الأردن، ورئيس اللجنة التنفيذية لحماية الوطن ومجابهة التطبيع، ونائب رئيس الرابطة الدولية للبرلمانيين المدافعين عن القضية الفلسطينية، وواحداً من أبرز الرموز السياسية والدعوية على الساحة الأردنية، فهو داعية وخطيب مفوه له جمهوره الذي يحتشد لسماع خطبه ومحاضراته، وهو سياسي بارز، وعضو سابق في مجلس النواب الأردني، ويقود الآن أكبر حزب إسلامي معارض، وشخصية لها دورها على الساحة الدولية). </br> </br> في هذا الحوار الذي أجراه موقع (المسلم) مع الشيخ حمزة منصور يتعرض لقضايا الإصلاح من الخارج والتغيير في المنطقة، والدور المطلوب من الشعوب والحكومات لمواجهة الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين، ثم يتناول حقيقة الحوار بين الإسلاميين والآخرين، وهل هو حوار تكتيكي أم استراتيجي ثم يعرج على تفاهمات حماس وحوارها مع السلطة الفلسطينية... وفيما يلي نص الحوار: </br> </br> <font color="#FF0000"> هل وصلت الأمة الآن إلى مرحلة الغثائية من الضعف والمهانة وتكالب الأعداء؟! وهل قبلت العيش – طويلاً – أو وطنت نفسها العيش في هذه المرحلة؟! </font><BR>لا يختلف أحد بأن الأمة تعيش في ظل مرحلة صعبة، حيث التشتت والتشرذم والفرقة والتخلف والقبول بالمهانة، ولكن هذا على المستوى الرسمي، أما على المستوى الشعبي فإن قلب الأمة ينبض بالقوة، والشعور الجارف بالتخلص من آفات التخلف وعوامل الأعذار، فشتان بين "الرسمي" و"الشعبي"، وفي المقابل نجد قوى الشر تتقوى والعدوان يسود، ومن هنا لا بد من التلاقي على القواسم المشتركة لمواجهة هذا العدوان؛ لأن كل شيء الآن صار مستهدف العقيدة والدين والثروات والأرض والعرض والقيم والأخلاق.<BR>ولا يمكن القول: إن الأمة قبلت أو وطنت نفسها بالعيش في ظل هذا الوضع، بل هي تحاول الخروج من عنق الزجاجة، ولكن القيود المفروضة تعطل هذه المحاولات وإن كان هذا "التعطيل" وقتياً ولن يطول.<BR><BR><font color="#FF0000"> ولكن الصراع أشد قوة على مقومات الأمة، وعناصر المواجهة قد تضعف؟! </font><BR>الصراع من الخارج على الأمة مفتوح على كل الجبهات سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية ودينية، فمشروعات الإصلاح تفرض من الخارج، والتدخل العسكري عاد في العراق وأفغانستان بأبشع صوره، واستهداف الدين والعقائد وركائز المجتمع، وهذا الصراع المفتوح يستهدف الجميع الحكام والمحكومين، المؤسسات العامة والخاصة وفئات وشرائح المجتمع كله.<BR><BR><font color="#FF0000"> ولماذا الضعف بلغ مداه؟! </font><BR>الضعف ليس ضعف الشعوب، ولا ركائز المجتمع، الضعف ضعف الأنظمة والحكومات التي تمتلك زمام الأمور، وليس في الإنسان العربي المسلم الصامد المواجه، ولذلك عندما تحدث مواجهة مع الأعداء يبرز دور وقوة المواطن العربي المسلم، وحينما يحدث الغزو – كما في العراق – تبرز قوة المقاومة وعندما يبلغ الإرهاب مداه – كما في فلسطين – تظهر قوة المقاومة الإسلامية.<BR>فعند المواجهة يظهر المخزون الهائل من التضحية والفداء، المقاومة العراقية بدأت بعد سقوط النظام بأسبوع واحد، وهذا يدل على قوة الشعب العراقي وضعف النظام.<BR>ومشكلتنا في الأمة العربية الخرافة التي صنعها المستعمرون، وتمترس خلفها بعض المسؤولين، أننا أمة ضعيفة متخلفة لا بد أن يقودها غيرها، لا تقود نفسها.<BR><BR><font color="#FF0000"> وكيف يمكن الخروج؟! </font><BR>لا بد من شعار للجميع "الوحدة والتوحيد" علينا أن نتوحد شعوباً وحكومات، وأن يكون التضامن سبيلنا للخروج، لا الشعارات والقرارات التي لا تنفذ، ولكن اليأس في دين الله مرفوض، واليأس في قلوب المسلمين غير وارد، وهزيمة الأمة جزئية ولن تطول، فنحن خير أمة أخرجت للناس ولكن بالشروط القرآنية "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" (آل عمران: من الآية110).<BR><BR><font color="#FF0000"> البعض يعول كثيراً على مبادرات الإصلاح من الخارج ولكن الأغلبية ترفض هذه المبادرات وتراها تدخلات في صلب السيادة؟! </font><BR>مبادرات الإصلاح من الخارج مجرد شعارات خادعة والهدف إعادة ترتيب المنطقة وفقاً للمنظور العقدي والمصلحي للولايات المتحدة ودولة الكيان الصهيوني، وتأتي هذه المبادرات منسجمة مع دور الولايات المتحدة المهيمن في المنطقة، وتطلعات الدولة الصهيونية للعب الدور الأكبر. <BR><BR>وللأسف البعض تصور أن المنطقة العربية أو الحالة العربية مستعصية على الحل، أو غير قابلة للتغيير من الداخل، ولكن هذا غير صحيح، فإذا كانت المنطقة مأزومة سياسياً فهذا بسبب غياب الحريات والطغيان والاستبداد، واستمرار القبضة الحديدية في حكم الشعوب، وهذا المناخ أوجد تشوهات في الواقع العربي، ولكن التفرد بالسلطة غير مقبول لا شرعاً ولا مصلحة، وديننا يرفض جميع أنواع الظلم والفساد والاستبداد والقهر، وأيضاً يرفض الانقلابات والفوضى.<BR>ومن هنا لا بد من إصلاحات حقيقية من الداخل توافق طبيعة وتطلعات وقدرات المجتمعات العربية، وتكون مستمرة واستراتيجية لا مجرد "ديكورات" و"مسكنات" وغير حقيقية.<BR><BR><font color="#FF0000"> هل تعتقد أن مشروع الشرق الأوسط الكبير في ظل الاستجابة لضغوط الخارج الهائلة قابل للتحقيق وهل سيكون على حساب التجمعات العربية والإسلامية الرسمية؟! </font><BR>ما يسمى بـ"الشرق الأوسط الكبير" هو محاولة لتقطيع الخيوط التي تصل الأمة بعضها ببعض، فهو يعلن وبوضوح وفاة جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وانتهاء الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق والروابط بين الدول العربية، وفك العرى التي تربط بين الدول والشعوب، والمزيد من التجزئة، والتفتيت المذهبي والقومي والعرقي، ولكن الهدف الأكبر من "الشرق الأوسط الكبير" إدخال عنصر غريب في جسد الأمة، وهو إسرائيل، بل جعلها العنصر القوي والفاعل والمحرك.<BR><BR><font color="#FF0000"> هناك من يرى أن الصحوة الإسلامية أو بمعنى آخر المد الإسلامي بدأ مسيرة التراجع، وأدخلت بعض عناصر الصحوة في نفق الإرهاب المظلم وسياسة تجفيف المنابع في الداخل تسير بخطى سريعة والحصار من الخارج على كل ما هو إسلامي فهل حقاً المد الإسلامي في تراجع؟! </font><BR>أولاً: الحرب ليست على الصحوة الإسلامية ولا على المد الإسلامي فقط، بل هي على دين الإسلام، وعقيدة التوحيد، وهذا الأمر صار معلناً وفي خطاب يقرأه الجميع، الشعوب والحكومات. والحصار يشمل الدول والجمعيات والمؤسسات الإسلامية، بل وأفراد من الأمة، ولذلك لا يمكن القول إن الحرب فقط على الصحوة الإسلامية.<BR><BR>ثانياً: تجفيف المنابع سياسة اتبعت في بعض البلدان الإسلامية المختلفة، ووصلت إلى الاستئصال لكل ما هو إسلامي فهناك من منع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية وهناك من وضع القيود على بناء المساجد، وهناك من رفض الاعتراف بالتيار الإسلامي وسمح للشيوعيين والماركسيين والهلاميين أن يكون لهم الأحزاب والجمعيات، والحرب مستمرة.<BR><BR>ثالثاً: الإرهاب مرفوض شرعاً، وهو أداة في يد أعداء الإسلامي، ولكن أي إرهاب ومن الذي يقوم به ومن الذي يقف خلفه!!<BR><BR>رابعاً: الصحوة الإسلامية – ولله الحمد – تزداد قوة وتكسب أرضاً جديدة كل يوم، والمد الإسلامي حتى في بلاد الأقليات لا يمكن لأحد أن يتجاهله، والذين يقولون إن الصحوة الإسلامية في حالة جزر، عليهم أن ينظروا لأي انتخابات حرة في أي بلد إسلامي حتى ولو كانت نقابات أو اتحادات طلابية أو مجالس بلدية ليعرفوا بالضبط المؤشرات والدلالات.<BR><BR>أما شعار الحرب على الإرهاب لتخويف الأمة فهو ستار خادع المراد منه مصادرة الصحوة الإسلامية وتحجيمها وتجريمها..<BR>والدين الإسلامي هو الدين الوحيد في العالم الذي يتقدم ويكسب أرضاً جديدة حتى وأهله ضعاف، فهو دين يسير بقوة الدفع الذاتية، ثم بالجهود المخلصة، ولا أتوقع أي ضعف للمد الإسلامي، بل سيزداد.<BR><BR><font color="#FF0000"> بعض الفئات من الداخل أكثر حرباً على الإسلام من العدو الخارجي خاصة من يتسمون بالتيار الليبرالي أو أصحاب التوجهات العلمانية، فهل هؤلاء بمثابة "وكلاء الخارج" يروجون لأفكاره ورؤاه أكثر من المستعمر نفسه؟! </font><BR>للأسف بعض المستغربين أو العلمانيين ولاؤهم لأعداء الله وأعداء الأمة، أكثر من ولائهم لشعوبهم وقيمهم وعقيدتهم، فهؤلاء إما أنهم منبهرون بحضارة زائفة، أم أنهم ربطوا أنفسهم بمشروع الغرب ومصالحهم بمصالحه، ويقبضون ثمن ذلك، ولذلك هم "الطابور الخامس" الذي يعمل لحساب الغير، وهؤلاء صوتهم نشاز ولا يتعدى مصالحهم الضيقة ولا تأثير لهم، وانظر كم يحصلون من أصوات في أي انتخابات يدخلوها صراحة تحت لافتاتهم علمانية كانت أو ليبرالية..<BR>وللأسف هؤلاء يشكلون الخطر الحقيقي على الأمة؛ لأنهم يوجهون سهامهم إلى الإسلام والمسلمين من الداخل، وهم الذين حُملوا على ظهور الدبابات لحكم العراق وأفغانستان وتحت أسنة رماح المحتل الغاصب.<BR><BR><font color="#FF0000"> هناك من يتخوف من صعود الإسلاميين إلى السلطة في ظل إجراء انتخابات حرة، ويرى أن الإسلاميين لا يؤمنون بتداول السلطة، ولا يعترفون بالآخر، ولذلك يحرضون الغرب عليهم وعلى إجراء أي انتخابات حرة؟! </font><BR>للأسف هؤلاء إما يحتكرون السلطة ولا يريدون القبول بإصلاحات، ويحاولون تخويف الغرب من الإسلاميين، وهذا أمر عجيب من أناس يستقون بالخارج على أبناء الأمة، أما الصنف الآخر فهم الذين لا يملكون أي أرضية شعبية ويخافون من خيارات صناديق الاقتراع لأنهم موقنون بالهزيمة، ولذلك يحرضون على الإسلاميين.<BR>والإسلاميون أول من أضيروا من الظلم والقهر ومن النظم المستبدة، وكانوا ضيوفاً في السجون والمعتقلات وشكلت لهم المحاكم العسكرية والخاصة، ولذلك هم أول من يرفضون هذه الاتهامات، فهم يقبلون بالتعددية وصناديق الاقتراع.<BR>والقول بأنهم يحتكرون الإخلاص غير صحيح، فالتيار الإسلامي في أي بلد هو الذي يعترف بالآخر ويحترمه ولكن للأسف الآخر هو الذي لا يعترف بالتيار الصحوي الجارف وهذه كارثة كبرى!<BR><BR><font color="#FF0000"> وهل يقبل الإسلاميون بخيار صناديق الاقتراع؟! </font><BR>قطعاً هذا أمر محسوم وأعلن الإسلاميون ذلك، ولكن على الجميع أن يقبل هذا الخيار.<BR><BR><font color="#FF0000"> ولكن هناك من يقول: إن الأقلية المنظمة هي التي تسيطر على الأصوات والسواد الأعظم من الشعب غائب إلى أي مدى هذه المقولة صحيحة؟! </font><BR>للأسف هذا نوع من فنون التضليل، فمرة يقولون بأن التيار الإسلامي لا يقبل بالانتخابات، وإذا أجريت الانتخابات الحرة وجاءت بالإسلاميين يقولون بـ"الأقلية المنظمة" والسؤال من الذي يمنع الآخرين أن يكونوا أقلية أو أكثرية منظمة، علينا أن نقول بوضوح الذي يقبل بخيار الانتخابات يقبل بنتائج الصناديق، أعتقد أن الشارع العربي والإسلامي على درجة من الوعي والنضج والإدراك تجعله يختار من يريد ومن يمثله.<BR><BR><font color="#FF0000"> ولماذا الانحياز للإسلاميين هل هو التعاطف مع المقهورين والمضطهدين؟! </font><BR>الانحياز للخيار الإسلامي أو الصوت الإسلامي أو الحل الإسلامي، على اختلاف التسميات هو الانحياز لدين الأمة وعقيدتها ومشروع النهضة الإسلامية ورفض التغريب والعلمنة، وهذا إفراز طبيعي للمجتمعات المسلمة، ماذا تريدون من الشعوب المسلمة اختيار ماركسيين وشيوعيين أم اختيار شخصيات أمريكانية الصنع!<BR><BR><font color="#FF0000"> في الأردن مثلاً هل تنسق جبهة العمل الإسلامي مع الأحزاب ذات التوجهات الأخرى؟! </font><BR>هذا أمر واقع على الأرض وهناك لجنة تنسيق عليا للأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية ولجنة حق العودة ولجنة مقاومة التطبيع ولجان التعبئة الشعبية وهي تضم جميع ألوان الطيف لأن الخطر الاستعماري يتطلب مواجهة الجميع، وهناك تجربة المؤتمر القومي الإسلامي ومؤتمر الأحزاب العربية الذي يترأسه الأمين العام السابق لجبهة العمل الإسلامي في الأردن.<BR><BR><font color="#FF0000"> بصفتكم من الشخصيات المقربة جداً من حركة المقاومة الإسلامية "حماس" كيف ترون الشوط الكبير لحوارها مع السلطة وإعلان التهدئة وإعلان المشاركة في الانتخابات التشريعية التي كانت ترفضها وقبول الانخراط في منظمة التحرير الفلسطينية هل هذه تراجعات على حساب الانتفاضة؟! </font><BR>الحوار بين حماس والسلطة الفلسطينية ليس جديداً، بل هناك حوارات قائمة بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وهناك خطوط عريضة تحكم الجميع، للحفاظ على الوحدة الوطنية والدفاع عن الثوابت، وهذه الحوارات لم ولن تكون على حساب الجهاد والمقاومة، وإذا كانت حماس وجدت في "وفاة أوسلو" وما بعدها فرصة لوجود تفاهمات ومشاركة في صناعة القرار السياسي الفلسطيني فهذا لا يعني سقوط خيار المقاومة، فالمؤامرة على فلسطين لن تنطلي لا على حماس ولا على أي قوة فلسطينية معارضة أو في السلطة.<BR><BR>ومن ثم فإن هناك حوارات جادة ومفتوحة حتى لا يحول الصراع في فلسطين إلى حوار فلسطيني – فلسطيني، ونحن نثق في المقاومة وفي قيادتها السياسية، ولكن علينا أن نكون جميعاً مع الشعب الفلسطيني في خندق المقاومة ولا نترك الشعب الفلسطيني وحده بزعم أن القضية فلسطينية، لأن المشروع الصهيوني لن يتوقف عند حدود ولا عند زمن محدد؛ لأنه مشروع توسعي استيطاني.<BR><br>