الرئيس الأسبق لهيئة الطاقة الذرية بمصر:التقارب النووي السلمي بين مصر.. الفرق بين النووي السلمي والعسكري "شعرة"
5 ذو الحجه 1428

<font color="#0000FF"> أجرى الحوار: همام عبدالمعبود</font><BR>أطلق نائب رئيس وزراء إسرائيل افيجيدو ليبرمان منذ أيام تصريحا يعبر عن قلق "إسرائيل" حذر فيه من خطورة سعى المملكة العربية السعودية ومصر إلى إقامة برامج نووية واعتبر إقامة هذه البرامج كإرثه على "إسرائيل" يمكن أن تؤدى إلى ما أسماه بـ" يوم القيامة".<BR>جاء هذا التصريح في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس المصري محمد حسنى مبارك عن اعتزام بلاده إقامة محطات نووية بتكلفة 11.5 مليار جنيه لتزويد مصر بالطاقة.<BR>موقع "المسلم" التقى الدكتور حامد رشدي القاضي (أستاذ البيولوجيا الإشعاعية، ورئيس هيئة الطاقة الذرية المصرية في الفترة من عام 1986 حتى عام 1990م)، وتحدثت معه حول التجربة النووية المصرية واستخدام الطاقة النووية في كثير من البلدان العربية.<BR>فأكد لنا على أهمية التعاون والتكامل بين الدول العربية في مجال استخدام الطاقة النووية السلمي مؤكدا أن التقارب الذي شهدناه مؤخرا بين المملكة العربية السعودية ومصر والتقارب المطلوب بين جميع الدول العربية من شأنه أن يقوى وضع العالم العربي دوليا ويجعل كلمته مسموعة...<BR><font color="#0000FF"> مزيد من التفاصيل في نص الحوار: </font><BR><BR><font color="#ff0000">* بداية.. سمعنا مؤخرا وبكثافة عن سعى بعض الدول العربية لامتلاك التكنولوجيا النووية ألا ترى أننا تأخرنا كثيرا؟</font><BR>** الاستخدام السلمي للطاقة النووية دخل مصر عام 1957 ومنذ هذا الوقت وحتى يومنا هذا والأنشطة النووية قائمة في مصر وفى دول عربية عديدة مثل العراق وليبيا والجزائر وسوريا والمملكة العربية السعودية والكويت, فالاستخدامات السلمية ليست وليدة اليوم أو إننا نفكر في إدخالها الآن.<BR><BR>فالعالم العربي فكر في الاستخدام السلمي للطاقة النووية منذ فترة طويلة وهناك العديد من الأنشطة تزداد وتنقص حسب ظروف كل دولة على حدة واحتياجاتها, فمصر على سبيل المثال بدأت فيها مفاعلات البحوث النووية عام 1962 وكان روسي الصنع بقوة 2 ميجا وات استخدم في تدريب وإعداد الكوادر وبعض الاستخدامات السلمية الأخرى مثل إنتاج النظائر المشعة للعلاج في المستشفيات كما استخدم في تطوير الصناعة.<BR><BR>وبعد إنشاء "إسرائيل" لمفاعل ديمونة ( 9ميجاوات) حاولت مصر إنشاء مفاعل نووي أكبر قدرة منه، واستمرت في مسعاها لفترات طويلة دون أن يكلل عملها بالنجاح. <BR><BR><font color="#ff0000">* لماذا ؟</font><BR>** لعدة اعتبارات أولها أن العالم بدأ يصيغ اتفاقية الضمانات النووية وحظر انتشار الأسلحة النووية, وكان يتطلب حصول أي دولة على تقنية نووية الانضمام إلى المعاهدة التي لم تصدق عليها "إسرائيل", وجمدت مصر التصديق عليها لفترة امتدت إلي ما يقرب من 10 سنوات.<BR><BR>وبدأت مصر تفكر جديا في إقامة مفاعل نووي لإنتاج الطاقة عام 1976 فكان لزاما أن تصدق مصر على المعاهدة فصدقت إلا أن هذا المفاعل بعد أن استوفى المواصفات الفنية والطرح على المستوى العالمي وقع حادث تشر نوبل فتجمدت جميع أنشطة المفاعلات النووية في العالم لحين تطوير معايير الأمان.<BR> <BR>وبدأ التفكير مرة أخرى عندما تحولت الجدوى الاقتصادية لإنتاج الطاقة و أصبحت الحاجة ملحة إلى الطاقة النووية في ظل ملامح نضوب البترول فأصبح هناك حافز كبير لإنتاج الطاقة النووية.<BR><BR><font color="#ff0000">* لماذا عاد الحديث مجدداً عن بناء محطات نووية ؟</font><BR>** بدأ العالم يفكر في طاقة مكملة للبترول خاصة بعد ظهور معالم نضوب البترول ورغم ذلك لن تحل الطاقة النووية محل البترول فهي ليست إلا عامل مكمل.<BR><BR>وكانت فلسفة مصر أن نكون قادرين على التصنيع النووي المحلي أي تصنيع قطبان الوقود الذي يشغل المفاعل النووي وعندما يتوفر هذا الوقود يمكن تصنيع السلاح النووي ولدينا في مصر كثير من الأماكن التي يمكننا أن نستخرج منها مادة الوقود النووي.<BR><BR>والتصنيع المحلى الغرض منه تنمية قدرتنا على إقامة المفاعلات ودعم التكنولوجيا النووية بخامات وخبرات محلية حتى نتمكن من دعم قطاع العلاج مثل السرطان الذي يعالج بمواد مشعة وكذلك استخدامه في مجالات الزراعة والصناعة.<BR><BR>وبالتالي علينا أن نحقق قدرتنا في عدم الاعتماد على الغير الذي قد لا يكون غدا متاحا لنا <BR><BR><font color="#ff0000">* هل يمكننا أن نقول أن مفاعلات إنتاج الكهرباء تأخرت لدينا ؟</font><BR>**بدا التفكير في محطة نووية لإنتاج الكهرباء عام 1964 وتم اختيار منطقة برج العرب بمحافظة الإسكندرية ثم عدل المكان لمنطقة سيدي كرير وطلبت محافظة الإسكندرية بشدة تغيير هذا المكان على اعتبار أن كرير امتداد طبيعي للإسكندرية وتم الاتفاق في النهاية على منطقة الضبعة إلا أن المشروع توقف بسبب كارثة تشرنوبيل.<BR><BR><font color="#ff0000">* اعتمدت قمة الرياض الأخيرة تعزيز قدرات الدول العربية في الاستفادة من الاستخدامات السلمية للطاقة النووية, إلى أي مدى ترى هذا التعاون وما الفائدة التي تعودنا علينا منه ؟</font><BR>** دعوات العمل المشترك بين الدول العربية أطلقت منذ فترة وبسببها تم عمل الهيئة العربية للطاقة الذرية عام 1992 وكان هدفها تجمع العرب حول مشروعات نووية مشتركة وكان من المكن لهذا التعاون لو فعل أن ينتج لنا العديد من المشروعات الضخمة دون الاصطدام بمعوقات مالية أو تقنية أو خبرات إلا انه للأسف الشديد لم تفعل لعدم اتفاق العرب فيما بينهم.<BR><BR><font color="#ff0000">* بدأنا في الفترة الأخيرة نسمع عن مفاعل نووي سلمي في المملكة العربية السعودية كيف ترى الوضع في المملكة ؟</font><BR>** المملكة العربية السعودية أقامت المنظومة التي تعنى بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية بمدينة الملك عبد العزيز " للعلوم والتقنية" أقامت جزء في هذه المدينة للطاقة النووية وتستخدمها في مجال الطب وهناك أفراد في المملكة على مستوى عال من الخبرة والتعليم في هذا المجال على سبيل المثال كنت أرئس منذ شهر لجنة لمناقشة رسالة دكتوراه في جامعة الملك سعود في المجال النووي.<BR><BR>ولعلني أقول أن ملامح نضوب البترول دفع المملكة إلى التفكير في طاقة مكملة فضلا عن استخدام هذه الطاقة في عمليات تحلية مياه البحر التي تعتمد عليها المملكة العربية السعودية بشكل كبير.<BR><BR><font color="#ff0000">* إذا كان سعى بعض الدول العربية للحصول على الطاقة النووية للاستخدام السلمي فقط فلماذا يتخوف البعض من امتلاك العرب لهذه المحطات ؟</font><BR>** الفرق بين الاستخدام السلمي والعسكري للطاقة النووية " شعرة " وهى الحصول على الوقود النووي الذي يستخدم في صناعة القنبلة النووية وتبدأ العملية بإخراج المواد النووية من باطن الأرض ثم تنقيتها لتكون جاهزة لتوضع في قضبان لتشغيل المفاعل ثم يمكن بعد ذلك الحصول على الوقود للتصنيع العسكري.<BR><BR><font color="#ff0000">* هذا الكلام يقودنا بالطبع إلى الحديث عن ضغوط مورست للحيلولة دون امتلاك العرب للمحطات النووية ؟</font><BR>** كانوا يستخدمون كارثة تشرنوبل ذريعة لعدم منحنا التكنولوجيا النووية بدعوى الحاجة إلى معدلات آمان اكبر حتى لا تتكرر كارثة تشرنوبل ورغم ذلك سبق هذه الكارثة وضع العراقيل أمامنا فكنا عندما نطلب مواصفات محددة لا يعطوننا إلا المواصفات التي يريدونها هم.<BR><BR>فكنا كلما طرحنا مناقصة بالمواصفات التي نريدها لمفاعل ما نجد العروض التي تأتى بمواصفات أخرى تقر من جانب حكومات هذه الدول وذلك بهدف الالتفاف حول المواصفات التي طلبناها لأنهم لا يرغبون في منحنا مواصفات متطورة قد تؤدى إلى بناء القدرة المحلية للتصنيع النووي.<BR><BR><font color="#ff0000">* د. حامد.. كنت مسئولا عن إحضار مفاعل نووي من الأرجنتين نهاية الثمانينات فلماذا سمح لمصر بالحصول عليه رغم ما ذكرته من عراقيل ؟</font><BR>**عندما انتهت الحرب العالمية الثانية تم التصديق في اتفاقية استسلام ألمانيا على حظر أي أنشطة نووية تقوم بها ألمانيا في أراضيها فلجأ علماء ألمانيا إلي الأرجنتين والبرازيل أقاموا هناك صناعة نووية فكان المفاعل الذي حصلنا عليه بخبرة ألمانية وكان بقوة 22 ميجاوات ووضع في منطقة أنشاص وكان يستهدف الدخول في تقنيات تصنيع قضبان الوقود النووي.<BR><BR><font color="#ff0000">* إذا كان الفرق بين النووي السلمي والعسكري شعرة كما وصفتم أذن التخوف "الإسرائيلي" من امتلاك العرب التكنولوجيا النووية له مبرره ؟</font><BR>** إذا طبقنا هذا المبدأ فليس هناك داع لبناء مصانع لأنها قد تصنع دبابة, لاشك أن تنمية القدرات في التصنيع السلمي يكسب الدولة مهارات تصنيعية عالية يمكن الاستفادة منها في أنشطة غير سلمية، لكن طالما أن أنشطتي شفافة وداخل اتفاقية التفتيش الدولي وأعلن عن أنشطتي وأخضع للتفتيش فلا يحق لأحد أن يتخوف مني, إنما قطعا تقوية القدرات المحلية في التطبيقات السلمية ممكن أن تسهم في دفع أنشطة غير سلمية إذا اقتضت الحاجة إلى ذلك وإذا كانت الدولة تجد الدول المحيطة ليست ملتزمة بالاستخدام السلمي.<BR><BR>وبالتالي دفع مصر بضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية والذي لم يلق موافقة "المجتمع الدولي" تثير "التشكك في النوايا الإسرائيلية" في المنطقة خاصة بعد أن استمرأت عملية الانفراد بالأنشطة النووية غير السلمية في المنطقة.<BR><BR><font color="#ff0000">* أعربت "إسرائيل" مؤخرا على لسان نائب رئيس وزرائها افيجدو ليبرمان عن فزعها من إعلان مصر والمملكة العربية السعودية نيتهما إقامة برامج نووية سلمية واعتبرتها كارثة على "إسرائيل" كيف تقرأ هذا الانزعاج ؟</font><BR>** عدم الاطمئنان "الإسرائيلي" للأنشطة النووية المصرية مبنى على عدة عوامل أولها امتلاك مصر القدرات التقنية مما قد يدفعها على نحو آخر إضافة ألي سعى "إسرائيل" إلى محاولة تثبيط أنشطة الدول المحيطة حتى لو كانت سلمية بادعاء أنها لا تتحلى بالشفافية.<BR><BR>أما فيما يتعلق بالتخوف من امتلاك المملكة العربية السعودية فيرجع إلى تخوف "إسرائيل" من أي تقارب وتكامل عربي لأن هذا التكامل يسقط العقبات التي تحول دون إنتاج مشروع كبير, فعندما يتم تنفيذ برنامج في دولة عربية ما تتمتع بخبرات عريضة في الجانب النووي مع دول تتمتع بموارد مالية ضخمة يخشى هنا من هذا الالتقاء.<BR><BR>ولعل لذلك خلفية تاريخية ففي وقت من الأوقات اتهمت باكستان بالاعتماد على المملكة العربية السعودية في تمويل البرنامج النووي وهذا لا يعنى أن السعودية خالية من الكوادر.<BR><BR>ولذلك أقول مجددا إذا تكاتفت الدول العربية لوضع برامج تعاونية جادة لبناء القدرة النووية السلمية في المنطقة العربية سيشكل عنصر عام في ترجيح كفة الرؤية العربية على الساحة الدولية وستكون كلمة العرب مسموعة، فالعالم كله الآن يحترم الدولة التي تمتلك القوة التقنية والعلمية.<BR><BR><font color="#ff0000">* في ظل التخوف "الإسرائيلي" من المشروعات النووية التي أعلنت عنها مصر والسعودية يرى البعض أن هناك رضا أمريكي على هذه الخطوة فما رأيك ؟</font><BR>** ليست مصر أو غيرها من الدول الأعضاء في الهيئة الدولية للطاقة الذرية أن تحصل على موافقة دولة أخرى للقيام بأنشطة نووية سلمية بل إن الشركات وبيوت الخبرة الأمريكية هي المستفيدة من مثل هذه المشروعات التي يربحون من ورائها مئات الملايين, ونحن نتصل بالوكالة لإخطارها بمشروعاتنا من أجل الشفافية وهى لها الحق في التأكد.<BR><BR><font color="#ff0000">* لكن ألا تتفق معي بأن هناك مباركة أمريكية لهذه المشروعات النووية.. وفى رأيك كيف تفسر هذا الرضا الأمريكي؟</font><BR>** الولايات المتحدة تسعي إلى دفع مصر إلى استئناف البرنامج النووي لتبرير حملتها الدعائية ضد امتلاك إيران مشروعها النووي، وإقناع العالم بأن طهران ستجر المنطقة إلى سباق نووي.<BR><BR><font color="#ff0000">* إلى أي مدى ترى أن مصر مؤهلة لبناء هذه المحطات النووية ؟</font><BR>** في البداية أحذر من تنفيذ المشروع علي عجالة، وإجبار الجهات الحكومية علي البدء في المشروع دون مشورة العلماء. فآفة مصر أن القرارات السياسية تصدر دون أهل الخبرة, فضلا عن ذلك فإن كوادرنا النووية كما سبق وصرحت يعلوها الصدأ منذ 20 عاما والشباب محروم من اكتساب الخبرة النووية, كما أن الإنشاء بطريقة تسليم المفتاح يحرم المصريين من اكتساب المهارات النووية.<BR><BR><font color="#ff0000">* مصر والسعودية مقبلتان على مشروعات نووية وقطعا سيكون هناك ضوابط للحيلولة دون التحول عن المنحى السلمي برأيك كيف تكون مثل هذه الضوابط ؟</font><BR>** أول هذه الضوابط أن يأخذوا عينات من المادة الخام التي أخذت من الأرض وعينات أخرى من الوقود المحترق بعد تشغيل المفاعل إضافة إلى ذلك قد يكون ضمن الاتفاق مع الشركة التي ستنفذ المشروع ألا يقترب من الوقود وأن تعيده إلى مكان المنبع وذلك حتى لا يستخدم هذا الوقود المحترق في أنشطة غير سلمية.<BR><BR>فضلا عن ذلك سيكون هناك تفتيش دوري ومفاجئ إضافة إلى وجود سجلات لكل مادة نووية حساسة فتحريكها 5 سنتيمتر سيعقبها على الفور مشكلة وتحركات هذه المواد تكون بواسطة الوكالة.<BR><BR><font color="#ff0000">* محمد سيد صابر الذي تمت محاكمته بتهمة التجسس لصالح "إسرائيل" عمل قبل ذلك مهندسا بهيئة الطاقة الذرية.. كيف تقرأ هذه القصة ؟</font><BR>** في رأيي أن جوهر المشكلة هي البطالة والبيروقراطية فهذا الشاب كان حلم عمره أن يتحول من الكادر الإداري إلى كادر أساتذة الجامعة داخل الهيئة إذ تم رفض طلبه بتسجيل الماجستير داخل هيئة الطاقة الذرية لأن اللائحة الداخلية تمنع ذلك, فكان حلم عمره أن يحصل على الماجستير والدكتوراه خاصة وأنه كان متفوقا ويرى زملاءه الذين هم أقل منه كفاءة يحصلون على دخل مادي أكبر لأنهم على كادر أساتذة الجامعة.<BR><BR>فضلاً عن ذلك فإن الباحث في هيئة الطاقة الذرية يتقاضى راتبًا عاديا، ويعامل علي أنه مجرد موظف، وهناك عدد من الباحثين يتقاضى راتبا شهريا لا يزيد على 200 جنيه، وآخرون يعملون في الهيئة دون أي التزام مادي من جانبها أو بنظام «أجر نظير عمل»، أي يحاسب علي يوم أو يومين من الأسبوع، وهذا أدي إلي اتجاه الكثير منهم للشركات الخاصة بحثا عن حياة كريمة.<BR><BR>فعلى الفور فكر صابر في السفر للخارج بحثا عن فرصة لاستكمال أبحاثه. وحينما وجد فرصته في التسجيل في "إسرائيل" لم يتردد. وكانت هذه هي البداية لنهاية مخزية بالتجسس لصالح العدو.<BR><br>