الأبعاد الحقيقية لزيارة الرئيس الإيراني للعراق
4 ربيع الأول 1429

في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الإيراني يوم 7/11/2007 عن امتلاك إيران لثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم وهو الأمر الذي جعل خبراء الطاقة النووية يقولون إن إيران بمقدورها صناعة قنبلة ذرية خلال سنة ،وبعدها وبالتحديد في يوم 8/1/2008 ،حمّل الرئيس الأميركي جورج بوش إيران،مسؤولية الحادث «الاستفزازي» بين الزوارق الإيرانية والسفن الأميركية في مضيق هرمز ، الذي كاد يتحول إلى اشتباك، معتبرا أن «الوضع خطير» ،وأنه لم يكن على إيران أن تقوم بهذا التحرك، وذلك في وقت دخلت فيه خطة العمل النووية بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، مرحلتها الأخيرة.
وقال بوش في البيت الأبيض، أن الحادث الأخير بين القوات الأميركية والإيرانية «عمل استفزازي. هذا وضع خطير، وببساطة كان عليهم عدم القيام به». وأضاف «لا اعلم بماذا كانوا يفكرون، لكني أقول لكم رأيي في الحادث وهو انه عمل استفزازي.. وكان عليهم عدم القيام بما قاموا به».
وفي الوقت الذي تعمل جميع الأطراف في المنطقة على لملمة الأزمة المتفاقمة بين أمريكا وإيران وسط أجواء من الاتهامات المتبادلة حيث تتهم أمريكا إيران بالوقوف وراء إعداد وتمويل وتدريب المليشيات الطائفية في العراق وخصوصا جيش المهدي التابع لرجل الدين العراقي مقتدى الصدر ، بينما تنفي إيران هذه الاتهامات ،وفي الوقت الذي تجوب فيه المخابرات الإيرانية المناطق العراقية وخصوصا مناطق الجنوب في ضوء كل هذه الظروف وتحت وطأة الاحتلال الأمريكي (الشيطان الأكبر) للعراق يطل الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ضيفاً على الشيطان الأكبر في العراق وهو في زيارته التاريخية القادمة التي من المقرر أن تكون في الثاني من شهر آذار ، حاول أن لا يدنس صورته كمناضل ضد الغرب وبالذات ضد أمريكا ، حيث رفض أن تكون إقامته في المنطقة الخضراء المحصنة التي تقع تحت حمايات أمنية شديدة بل انه فضل أن تكون إقامته في دار الرئيس جلال الطالباني وهي الأخرى تحت حماية الأمريكان وقوات البيشمركة ونحن نريد أن نعرف هل الرئيس احمدي نجاد يحاول أن يضع رأسه في الرمل من الحقيقة المريرة الواقعة في العراق ،وهي أن العراق بلد محتل وان الاحتلال الأمريكي والرئيس بوش هو من يدير الأمور في الحقيقة في العراق .

الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ قال في تصريحات صحفية نشرت في بغداد الجمعة، إن" زيارة الرئيس الإيراني للعراق ستتم الأحد القادم على رأس وفد كبير يضم وزراء الخارجية والمالية والكهرباء وعدد من كبار المسؤولين".
واستبعد الدباغ أن يتم خلال الزيارة بحث موضوع ترسيم الحدود بين البلدين وقضية الحقول النفطية، وقال أن" الزيارة لن تبحث هذا الأمر لأنه سبق أن تم بحثه خلال لجنة مشتركة لتثبيت العلامات على الحدود البرية بين البلدين".
وتابع " أما موضوع الحدود النهرية فقد تم بحثه خلال لجنة أخرى وتم الاتفاق على عودة وضع الحدود إلى وضعها الأصلي قبل أن يتغير مجرى النهر".
وعن الحقول المشتركة, قال "هناك دعوة للاستثمار المشترك لهذه الحقول".
كان وفد إيراني وصل إلى بغداد، الأربعاء، الماضي للتحضير لزيارة الرئيس الإيراني يضم ممثلين عن عدة وزارات إيرانية منها الخارجية والطاقة والنفط والنقل ".
وكان الجانبان الإيراني والأمريكي قد عقدا سلسلة من المفاوضات بينها في العام الماضي ومازال الوعود بينهما مستمرة لاستمرار المباحثات ،حيث تريد أمريكا صراحة من وراء هذه المباحثات أن تطالب إيران برفع يدها عن العراق .

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري استضاف السفيرين الأميركي ايان كروكر والإيراني حسن كاظمي قمي لترؤس مفاوضات بلديهما حول العراق عقب الاجتماع الأول الذي عقد في بغداد أيضاً في الثامن والعشرين من أيار (مايو) الماضي.
وقبيل الاجتماع شددت مصادر الدبلوماسية أميركية أن المفاوضات ستقتصر على العراق ولن تتناول قضايا عالقة بين الجانبين من بينها برنامج إيران النووي واعتقال طهران لعدد من الأميركيين أو اعتقال الجيش الأميركي لعدد من الإيرانيين في العراق. وكشف الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك أجندة اللقاء قائلاً "القضية التي سيتناولها اللقاء ستركز على العراق واستقراره." وأضاف أن "هذا الاجتماع متعلق بالعراق" موضحا أن مسالة الإيرانيين الأميركيين "تعالج على حدة"..
مشيرا إلى أن "السويسريين يتابعون قضيتهم" باعتبار انه ليس من علاقات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران فان سويسرا هي التي تمثل مصالح واشنطن في طهران. ومن جانبه أعلن البيت الأبيض أن المباحثات ستركز على سبل تحقيق الأمن في العراق وإبلاغ الإيرانيين بالمخاوف الأميركية حيال أنشطة جيش القدس الإيراني وعمليات تصدير المتفجرات والأسلحة إلى داخل العراق.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو في لقاء مع الصحافيين إن "المحادثات تهدف لإعادة التذكير بالالتزامات التي قطعتها إيران على نفسها في ما يتعلق بتحقيق الاستقرار في العراق". وأضاف أن "هناك دورا لقوات جيش القدس الإيرانية في العراق فضلا عن عمليات تصدير المتفجرات والأسلحة الأخرى إلى العراق وهي بالتأكيد أمور لا تساعد في تحقيق الاستقرار والأمن هناك".
وأشار سنو إلى أن "الغرض من هذه المحادثات هو التعبير عن تلك المخاوف واستكشاف السبل الكفيلة بالمضي قدما في تحقيق الأمن للعراقيين لاسيما وان الإيرانيين قد أعلنوا رغبتهم في الإسهام بذلك". وقال: إن "المسؤوليين الأميركيين يأملون في تسليم رسالة مباشرة إلى الإيرانيين تفيد بأنه إذا كان يريد الإيرانيون حقا زيادة الأمن والاستقرار والرخاء في العراق فان عليهم تغيير سلوكياتهم". وأضاف أن إيران لم تقم بعد الجولة الأولى للمحادثات في مايو الماضي بتغيير سلوكياتها حيال العراق على نحو ايجابي ما يضيف المزيد من "عدم الاستقرار في العراق لكون الإيرانيين يقدمون أنواعاً مختلفة من الدعم لشبكات تشكل تهديدا مباشرا للقوات الأميركية كما يقدمون المساعدة لبعض الميليشيات الطائفية وفرق الموت التي أشاعت مجددا التوترات الطائفية في العراق".

إذاً نحن أمام مشكلات كبيرة وعالقة بين الطرفين الأمريكي والإيراني سواء على مستوى البلدين أم على مستوى احتلال أمريكا للعراق والتدخل الإيراني لتصفية الحسابات معها على ارض العراق ، وقد دفع الوضع المتردي بالعراق كلا من واشنطن وطهران التي انقطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما بعيد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 إلى البحث عن أرضية مشتركة بينهما لإيجاد مخرج للأزمة العراقية.
وعشية المفاوضات اجتمع المالكي مع الوفد الإيراني المفاوض معرباً عن أمله في أن تسهم المحادثات بين طهران وواشنطن في دعم الحكومة والشعب العراقيين، وقال "نأمل بأن تؤدي المحادثات بين إيران وأميركا إلى إحلال الأمن والاستقرار في العراق"
الوفد الإيراني أكد انه سيبذل قصارى جهده لإنجاح هذه المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية حول العراق بما فيه الخير للعراق وللمنطقة.
وقبل أيام اتهم الجيش الأميركي إيران بالتورط مباشرة في العنف الذي يعصف بالعراق قائلاً إن قادة إيران على دراية بحرب "الوكالة" التي تنفذها "قوة القدس" التابعة للحرس الثوري الإيراني عبر المليشيات الشيعية.

وهنا نريد أن نعرف أن العراق من أقصاه إلى أقصاه تحت سيطرة منْ ؟أليس البلاد من زاخو في أقصى الشمال وإلى الفاو في أقصى الجنوب تحت حماية القوات الأمريكية المحتلة ، سواء كان هذا ضمن واقع الحال المعروف للقاصي والداني أم ضمن القانون الدولي الذي يحتم على الدولة المحتلة حماية الدولة الواقعة تحت سيطرتها .وأنا لا أظن أن الرئيس الإيراني لا يعرف هذه الحقائق لكن يبدو أن الأمر فيه دلالات أخرى ؟
إن زيارة الرئيس أحمدي نجاد فيها الكثير من الدلائل والمؤشرات ،فهي من جانب محاولة لترتيب العلاقات مع الشيطان الأكبر ،عبر وساطة رجالات أمريكا في العراق من الساسة الذي رضوا بالوقوف مع المحلل في عملية سياسية طائفية لم تقدم شيئاً للعراقيين منذ 2003 والى اليوم ؛والذين عرفوا بوقوفهم وانتماءاتهم الطائفية والمذهبية مع إيران ،والأمر الآخر انه ربما يكون تهديد – بلا معنى ـ لأمريكا على أننا حاضرون في المشهد العراقي ولا يمكنهم تجاهل وجودنا في ما يجري على ارض العراق .

والحقيقة أن إيران هي شريكة للولايات المتحدة في ارتكاب جرائم بحق الشعب العراق حيث أن الجميع يعرف من هو المسؤول عن الميليشيات في العراق وعن تمويلها وعن تدريب قادتها وأين ،وان كانت إيران صادقة في دعواها وإنها تريد استقرار الأمن في العراق فان ذلك يمكن أن يكون بمواقف حقيقية فاعلة على الأرض وليس من خلال زيارة الغرض منها ترتيب البيت الإيراني مع الأمريكان على حساب القضية العراقية وان هذه الزيارة ستسجل ضمن التاريخ الأسود والمخزي للرئيس الإيراني احمدي نجاد الذي يدعي وقوفه ضد الامبريالية والاحتلال الأمريكي للعراق .