الفاتيكان .. وإستراتيجية الطابور الخامس في العالم الإسلامي!
19 ربيع الأول 1429
جمال عرفة

لم يدرك أحد المغزي من وراء تعميد بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر بنفسه لصحفي مصري مسلم أسما بمقر الفاتيكان وحرصه علي نقل هذا علي الهواء مباشرة للعالم، ولم يربط أحد بين ما يقوله هذا الشخص الكاره للإسلام منذ سنوات رغم زعمه أنه مسلم، وبين نماذج أخري منهم يسمون بأسماء المسلمين ويعيشون بين ظهرانيهم !.
ما لم يقال عن قصة تعميد الكنيسة لـ "علام" أنه جري الكشف عن أنه أرتد قبل تعميده وأخفي هذا قبل تعميده، وأنه تحول إلى المسيحية سرا وكان يعمل في صحيفة إيطالية ويشارك في مؤتمرات يهاجم الاسلام ويمتدح اليهود والكنيسة الكاثوليكية إلى أن كشف الفاتيكان الأمر في بيان قبل اقل من ساعة من بدء التعميد .
وما لم يقال هو أن أمثال "أبو لهب" هذا ممن يحملون أسماء مسلمة وينتشرون خصوصا في العالم الغربي وفي دول إسلامية كثيرون، ولا يتورعون عن التصريح بمناصرتهم للدولة الصهيونية ضد "الإرهابيين" المسلمين والعرب، وهناك شكوك في أن الكثير منهم مرتدون تماماً (أعني أعلنوا أنهم غير مسلمين لبعض حلفائهم من دون أن يعلنوا ذلك على الملأ)، ولكنهم يظلون محتفظين بتعريفهم كمسلمين في خانات بطاقات الهوية لغرض خبيث هو غواية مسلمين آخرين، وعندما ينفضح أمرهم وتنكشف أوراقهم يعلنون الردة رسميا !.
فهناك "وفاء سلطان" التي تفعل نفس ما يفعله "مجدي علام" – أو كرستيانو – من هجوم علي الاسلام وتعاليمه وتزور تل أبيب، وتصم الإسلام بالتخلف والهمجية وتعتبر تعاليمه "تحرض على انتهاك حقوق الإنسان والمرأة، ومستمدة من القرون الوسطى " !.
وهناك العشرات غيرهم ممن لهم علي ما يبدو وظيفة محددة تخدم الفاتيكان والمحافظين الجدد المسيحيين المتطرفين في أمريكا، فهم دينيا يخدمون الفاتيكان بغواية مسلمين غيرهم عندما يقدمون أنفسهم علي أنهم مسلمون يهاجمون الاسلام لأنهم لم يجدوا فيه سوي كل عنف وكراهية، مقابل سماحة ومحبة الفاتيكان ما يجعلهم طابورا خامسا في العالم الإسلامي له تأثير كبير في حملة التنصير والتبشير التي تقوم بها الكنيسة .
وهم أيضا يخدمون أمريكا سياسيا لأنهم ينفذون شقا مهما من خطة "بناء شبكات مسلمة معتدلة" التي وضعتها القوات الجوية الأمريكية عبر مركز أبحاثها (راند) يتعلق بالسعي لتلميع وتعظيم ومكافأة هذه النماذج (العلمانية) من المسلمين الذين يحدد الخطة مواصفاتهم بأنهم مسلمون شكلا ولا يؤمنون بأي دور للشريعة الإسلامية أو التعالم الدينية في حياتهم .
ربما لهذا مثلا قالت صحيفة (التايمز) البريطانية إن "علام" - الذي كان يصف نفسه سابقا بأنه مسلم غير ممارس للشعائر الدينية – أبلغها "إن تعميده علنا على يد البابا ( يبعث برسالة قوية للكنيسة التي اتسمت بالحذر الشديد إزاء المسلمين المتحولين إلى المسيحية فهناك آلاف الناس في إيطاليا يتحولون إلى الاسلام ويمارسون شعائرهم علنا ولكن هناك أيضا الآلاف من المسلمين يتحولون إلى المسيحية ويجبرون على التخفي خشية القتل على أيدي المتشددين" !.
وهو نفس ما تقوله وفاء سلطان – أم جهل – التي أرجعت سلطان غياب المنابر الحرة في العالم العربي إلى خوف الناس من تهديدات رجال الدين "بفتاويهم الإرهابية" واستدلت بتهم الإلحاد والكفر التي اتهمها بها الشيخ القرضاوي بعد ظهورها على قناة الجزيرة وقالت "لولا القرضاوي لما كان الزرقاوي، وطالما تسمح حكومات العالم العربي لهؤلاء السحرة الدجالين بأن يسرحوا ويمرحوا دون رقيب أو حسيب لن يكون هناك منبر حر" !!..
الهدف إذا هو تشويه صورة الاسلام من الداخل وكذا تشويه والهجوم علي علمائه بغرض منع من يتصدون لهذا الطابور الخامس من التحرك للدفاع عن الاسلام .
خيوط شبكة الطابور الخامس
ولو ربطنا بين دور هذا الطابور الخامس في زعزعة المسلمين عن إيمانهم - خصوصا في ظل حالة البعد عن تعلم الدين الحق في عالمنا العربي والإسلامي والانشغال بهموم الدنيا – وبين هجوم بابا روما الحالي بنديكت السادس عشر علي الإسلام في خطابه الشهير الذي ألقاه بإحدى الجامعات الألمانية في سبتمبر 2006، وكذا نائبه ووزير خارجيته الأشد تطرفا منه الكاردينال جان لوى (لويس) توران علي الاسلام، سنلاحظ أنهم جميعا ( الطابور الخامس وقادة الفاتيكان) يركزون علي فكرة أن الاسلام عنيف ودموي وليس دين سماحة ومحبة وعدل!
فبابا روما وصم الاسلام بأنه "يحض علي العنف والإرهاب"، وعندما طرحت جلسات "الحوار بين الأديان" كان أبرز مطالب الكنيسة الكاثوليكية للنقاش ما هو متصل بالخط السياسي الأمريكي المتعلق بالسعي لـ "علمنة الإسلام" فضلا عن السعي للمطالبة بزيادة الوجود الكنسي المسيحي في الخليج وربط بناء مسجد في أي عاصمة أوروبية ببناء كنيسة في دولة إسلامية وخصوصا الخليج وبشكل أدق السعودية .
وقد قاد هذه الحملة بشكل واضح وصريح الكاردينال جان لوى (لويس) توران سكرتير البابا والمسئول عن الحوار مع الأديان، الذي قال - في حوار مع صحيفة زينيت الايطالية 22 فبراير 2008 – أن هدفهم هو السعي لإقناع المسلمين بفكرتي : الفصل بين الدين (الإسلام) والدولة، أي علمانية الدين، وضرورة سماح المسلمين ببناء كنائس مسيحية في بلادهم – خصوصا السعودية – مثلما يجري السماح لهم ببناء مساجد في الغرب !.
كما قال لجريدة "أفنيرى" (Avvenire) الإيطالية يوم 30 نوفمبر 2007 الماضي أنه إن كان من الصواب أن يكون للمسلمين مسجد كبير وجميل فى روما، فمن الصواب أيضا ومن الضروري أن يكون للمسيحيين كنيستهم في الرياض"، وقال لصحيفة (لا كروا) الكاثوليكية الفرنسية اليومية إنه "سيتعين على المسيحيين مناقشة القيود المفروضة على بناء الكنائس في العالم الإسلامي، وإنه لا يمكن تجاهل حقيقة أن المسلمين يستطيعون بناء مساجد في أوروبا، بينما تفرض الكثير من الدول الإسلامية قيودا على بناء الكنائس أو تحظر بناءها !.
ومما قاله توران أيضا أن الاسلام دين غير عقلاني وأنه يحض علي العنف وينبغي للمسلمين إصلاح ذلك .. أي أن الهدف باختصار هو التعامل مع الإسلام علي أنه دين يحتاج إلى تطوير وإعادة نظر في قرآنه، تماما كما حدث مع المسيحية التي تطورت منذ عصور التنوير، ويتضمن ذلك بالطبع إقناع المسلمين بتغيير رفضهم لمسألة تغيير المسلم لدينه (الردة) وتغيير نظرتهم للقران وتطويره، وفصل الدين عن الدولة كما فعلت الكنيسة !!.
ولو ربطنا هذا بما يقوله مجدي علام أو وفاء سلطان وغيرهم ممن يعتقد أنهم أطراف فاعلة في هذا الطابور الخامس داخل العالم الإسلامي سنجد نفس الكلمات ونفس المعاني !.
فوفاء سلطان قالت أن ما يحدث حاليا ليس صراع حضارات، فالحضارات تتنافس ولا تتصارع وأن من بدأ صراع الحضارات هم المسلمون واستدلت بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يؤمنوا بالله ورسوله "، والأدهى من ذلك أنها وصفت الهجمة الإعلامية ضد الرسام الدانمركي - الذي قالت إنه دخل التاريخ من أوسع أبوابه بشجاعته – بـ "المتخلفة" !.
وتزعم أن نقطة التحول في حياتها وكراهيتها للإسلام – رغم أنها تصف نفسها بأنها مسلمة – عندما قام متطرفون في سوريا بقتل الدكتور يوسف اليوسف في جامعة حلب بالرصاص وهم يهتفون الله أكبر .. "في تلك اللحظة خسرت ثقتي بإلههم وبدأت التشكيك بتعاليمنا" كما تقول !!.
وتضيف: "كانت هذه هي نقطة التحول التي جعلتني أبحث عن إله آخر " !!.
وربما تكون أكثر تصريحاتها عداء للإسلام تلك التي خاطبت فيها كاتب أمريكي قائلة : لقد قررت محاربة الإسلام، ليس الإسلام السياسي، و ليس الإسلام المتطرف،وليس الإسلام الوهابي، ولكن الإسلام ذاته " .. وأضافت: "الإسلام لم يسأ فهمه أبدا، الإسلام هو المشكلة وعلى المسلمين أن يدركوا انه ليس لهم سوى خيارين إما التغيير أو أن يسحقوا " !.
ولاحظ هنا أن كلمة "التغيير" التي تطالب بها المسلمين هي نفس الكلمة التي استخدمها قادة الفاتيكان وهي نفسها التي يرفعها في وجه المسلمين اليمين المسيحي المتطرف الأمريكي .. أي أن الهدف أن ينسلخ المسلمين عن دينهم أو يغيروه كما فعلت الكنيسة في العصور الوسطي وغيرت دينها (مع الفارق ) .
والأكثر غرابة أن وفاء وعلام دافعوا دفاعا مريرا عن الدولة الصهيونية وزاروها، فاليهود وجهوا دعوة لوفاء لزيارة "إسرائيل" بعدما قالت : "لم يقم يهودي واحد بتفجير نفسه في مطعم ألماني" وكانت هنا تعيب علي الاستشهاديين الفلسطينيين تفجير أنفسهم في المحتل الصهيوني ! .
هل تنصرت هي أيضا خفية وتعمل ضمن هذا الطابور الخامس كما فعل "كرستيانو" ولكنها تجد أن استمرار بقائها علي اسمها وهويتها الإسلامية يجني مكاسب أكبر لها ؟! أم أنها وظفت عن جهل ضمن هذا المخطط الخبيث ؟ .. لا أحد يدري ؟ .
أيضا مجدي علام - أو كرستيانو بعد ردته الرسمية عن الإسلام – معروف بمواقفه وكتاباته المناهضة لقضايا المسلمين، والمؤيدة بشدة لـ"إسرائيل" ويقيم في إيطاليا منذ 35 عاما ويحظى بشهرة كبيرة في إيطاليا منذ تأليفه كتاب "تحيا إسرائيل" الذي دافع فيه بشدة عما يعتبره حق الكيان الصهيوني في الوجود .
وهو – مثل وفاء – يهاجم الإسلام وانتقد المقاومة الفلسطينية التي اعتبرها "إرهابًا وخطرًا" على حياة "الإسرائيليين المسالمين"، ولم يقتصر دعمه لـ"إسرائيل" على كتاباته، وزيارة الكيان الغاصب مرارا ( كما فعلت وفاء ) وما يعرف بمتحف "ياد فاشيم" لتخليد ذكرى الهولوكوست (محارق النازي لليهود) والحصول علي جائزة "دان ديفيد" وقيمتها مليون دولار، وإنما أطلق على ابنه الأصغر اسم (ديفيد) وهو بالمناسبة اسم زوج وفاء أيضا، ثم نظم مظاهرة في روما للدفاع عن "إسرائيل" خلال حربها الأخيرة على لبنان في صيف 2006 !.

احذروا الطابور الخامس وافضحوا شخصياته وتنبهوا لتحالف العناصر الفاتيكانية مع المخطط الأمريكية لضرب الإسلام من الداخل عبر شخصيات تدين بأسماء إسلامية، بعدما تبين لهم أنه يستعصي عليهم !.