أنت هنا

تركستان والتبت.. وعدسة الإعلام والإكرام
29 ربيع الأول 1429

لتتطامن الأجهزة الدعائية الصينية الخاصة أولمبياد بكين القادمة فلن يصيب الدورة الأوليمبية شيء من رذاذ أزمة الإيجور المسلمة في الصين جراء الأحداث المؤسفة التي جرت هناك بعد مقتل رجل أعمال مسلم واتهام فتاة بالسعي وراء تفجير طائرة قبل انطلاق الدورة الأوليمبية العالمية في الصين.
في مقابل اضطرابات إقليم التبت التي استغلتها الدول الغربية للضغط على بكين للمطالبة بمنح التبتيين حق الانفصال عن الصين ولابتزاز بكين بشأن ملفات عدة خارجية على أعتاب الدورة الأوليمبية التي تسعى الحكومة الصينية من خلالها إلى تجميل وجه البلاد المتهمة دوماً بانتهاك حقوق الإنسان لاسيما حقوق المعارضة، واضطهاد الأقليات الراغبة بالانفصال؛ فإن حقوق الإيجور المسلم لم تلق اهتماماً من "المجتمع الدولي" برغم سلمية تظاهرات المسلمين ووقوع مطالبهم جميعها تحت طائلة الحريات العامة والشخصية التي ينادي بها الغرب نفاقاً.
صحيح لم تكن ثمة أحداث بالغة الأهمية مؤخراً في تركستان الشرقية التي تحتلها الصين ويقطنها شعب الإيجور المسلم، لكننا نلمح بالتأكيد كيف تحولت مظاهرة نسوية إيجورية لم تبلغ نحو ألف متظاهرة للمطالبة بحق ارتداء الحجاب إلى قضية "إرهابية" و"شرور ثلاثة" مثلما يصف الإعلام الصيني، حدا بالنظام الصيني إلى تصوير المشهد في تركستان على أنه "تمرد" ينطلق " من سوق شعبي"!! أما النسوة؛ فلا يُعلم تحديداً ما الذي تنويه سلطات بكين من أجل ضمان عدم تكرار تظاهراتهن، غير أنه من اللافت ورود اسم فتاة إيجورية (19 عاماً) في قضية التخطيط لتفجير طائرة صينية في مارس الماضي للتشويش على الأولمبياد وقدرة الصين على إقامته، بما قد يفسر على أنه توكيد صيني على الحزم مع النساء كما الرجال المطالبين بحقوقهم في تركستان الشرقية، علما بأن الفتاة متهمة بترك زجاجة بها سائل في مرحاض طائرة لم تكشف السلطات عن أنها كانت عبوة ناسفة أم لا!!
وصحيح أنه لا يمكن مقارنة ما يحدث في تلك اللحظة في التبت مع ما يحدث في تركستان، ومنطقية الاهتمام بما يحدث في التبت بأكثر مما يلاقيه الإيجوريون من اهتمام بشأن قضيتهم العادلة، نظراً لعدد الضحايا التبتيين، إلا أن من المهم أن نلاحظ المخاوف التي باتت تعتري مسلمي تركستان الذين يقدر عددهم بنحو 20 مليوناً ـ على الأقل ـ إزاء ما يحدث من تجاهل عالمي لقضيتهم من جهة، وما يعتريهم من خشية أن تكون مسألة التسويق لوجود أعمال إرهابية في دولتهم المحتلة توطئة لعمليات قمع يجري الإعداد لها وسط صمت دولي؛ فعلاوة على تهافت الرواية الصينية حول مسألة تفجير الطائرة التي شكك به كثير من المراقبين المنصفين، يجد الإيجوريين أنفسهم بلا غطاء سياسي وإعلامي بعدما وضعت الأمم المتحدة اسم حركة تحرير تركستان الشرقية في العام 2002 ضمن قوائمها للمنظمات الإرهابية، ما يمهد لأي قمع قد يحدث مستقبلاً لمسلمي تركستان تحت لافتة مكافحة الإرهاب التي عبدت لها الولايات المتحدة الطريق بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.
عدسة الإعلام العالمي إذن على إقليم التبت البوذي ومسألة استقلال الإقليم والدلاي لاما زعيم التبتيين الذي يعد في عرف الغرب رجل سلام حاصل على جائزة نوبل للسلام، أما تركستان فلا تتجه إليهم تلك العدسة أبداً.. وإن توجهت، فعلى أنهم إرهابيون!