16 ربيع الثاني 1429

السؤال

هل كثرة الرحلات مع الحلقة تؤثر سلباً على مستوى تحصيل الطالب؟
وهل من مشكلة لو منعت ابني وسمحت برحلة واحدة أسبوعيا أو كل أسبوعين؟
وهل تؤثر هذه الطلعات في تكوين شخصيات الطلاب فيصبحون غير متحملين للمسؤولية ولا يدرون عن أهلهم شيئًا ولا احتياجاتهم؟

أجاب عنها:
فهد السيف

الجواب

تسألين عن كثرة الرحلات مع الحلقة، وأنها قد تؤثر سلبًا على مستوى ابنك الدراسي، وتسألين عن منع ابنك منها، وعن تأثيرها السلبي نحو شخصية الطالب في بيته وعدم تحمله المسؤولية.
وأقول: لا شك أن الوسط مطلوب في كل شيء، وأن الزيادة في الطلعات قد تؤثر على دراسته كما ذكرت، وقد تؤثر على ضعف علاقته الاجتماعية بأسرته، وعلى تحمله مسؤوليات الأسرة، كما أن الأسرة يحتاجونه في قضاء حوائجهم وقد لا يجدونه، وأزيدك: أن كثرة الارتباط والبقاء في دائرة مغلقة مع الحلقة يضعف من تعامل الابن مع بقية فئات المجتمع، وقد يجد فيها مما يخالف ما اعتاد عليه، ولا يستطيع أن يتعامل بصورة حسنة مع المخالفات التي يراها ولم يعتد عليها، فقد يقف أمامها موقف المجابهة، أو الانصدام بالواقع، وأحيانا: يفتن بها ويتشربها، إذا لم يكن محصنا تحصينا إيمانيا مناسبا.
وفي ظني أن هذا الأخير لم يعد موجودا في الحلقات بصورة واضحة مع الانفتاح الإعلامي والتقني اليوم.
وقد لا أستطيع الحكم على وضع حلقة معينة في مكان محدد دون معرفة الاعتبارات من الطرف الثاني، فقد تكون هناك مبررات مقنعة.
فكثرة الطلعات والتنزه قد لا يكون مقياسا دقيقا على تفوق الطالب أو إخفاقه، فإذا جاءت النتيجة وفق ما نريد فهذا هو المطلوب.
كما أن التضحية -أحيانا-بالمستوى الدراسي المتفوق في سبيل الحفاظ على أبنائنا وعلى أخلاقهم قد يكون مطلوبا.
لكننا في الوقت نفسه نطالب الحلقة بمزيد من العناية بمستويات الطلاب الدراسية، وتخصيص أوقات للمذاكرة سواء ضمن برنامج الحلقة أو في المنزل.
وأبشرك –أيتها الأخت- أن مستويات طلاب الحلقات –غالبا- ما تكون مرضية، بل وتكون متفوقة –بحمد الله-.
أما التأثر السلبي بكثرة الطلعات، فقد يكون موجودا –كما ذكرته سلفا- وقد يكون العكس، فيكون هناك تأثر إيجابي –وهو الغالب-، وإذا كانت نظرتك تركزت على الجوانب السلبية، فما رأيك أن نقرأ شيئا من الجوانب الإيجابية:
يكفيه أنه أشغل وقته مع مجموعة طيبة همها كتاب الله -تعالى-، وهذا الانشغال بحد ذاته نعمة نحمد الله عليها، ونشكر القائمين على هذه الحلقات حين حفظوا لنا أبناءنا، وأوجدوا لهم ملاذا آمنا، والنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.
ويجب أن نعرف أن سن المراهقة بداية تكوين العلاقات الاجتماعية، وما لم تكن هذه العلاقات منضبطة مع صحبة صالحة، فإنها ستكون مع غيرهم، وكثيرون هم الذين يشتكون من كثرة خروج أبنائهم مع شباب غير صالحين، ويتمنون الوضع الذي يعيش فيه ابنك.
وينبغي ألا ننسى العامل النفسي للابن، حين يعلم أن فلانا وعلانا من أصدقائه قد خرجوا هنا وهناك، ويقرأ علامات السرور في أعينهم ، وهو في منزله لا يجاوزه ولا يبرح مكانه، ، فمن الجيد أن نلبي هذه الرغبة ونسعى لإشباعها.
ولا تنسَيْ –أيتها الأخت المباركة- أن ما يتلقاه ابنك من علاقات منضبطة، وخروج منظم، يساعد على تكوين شخصية ابنك في طبيعة علاقتها بالآخرين واحترامهم، وكيفية احترام الوقت، وفيها من المسؤوليات التي يتحملونها وتنمي شخصياتهم ما قد لا تتوقعين، ولك أن تستفيدي من ابنك في هذا الجانب يوما ما لترَيْ كيف يستطيع أن يجهز معدات نزهة خلوية، وربما طبخ لكم واختار مكانا مناسبا، حتى لو ضاق بكم ذرعا أحيانا فتحملوه، لأنه إنما اعتاد على شباب مثله.
باختصار: إن ابنك يتعلم من دروس الحياة وممارساتها الواقعية في مثل هذه العلاقات ما لا يتعلمه في المدرسة.

وأتمنى في مثل حالة ابنكم إذا رأيتم التأثير السلبي على مستواه الدراسي وعلاقته بأسرته، أن يكن هناك تنبيه لمشرفي الحلقة بعدم الإغراق في تلك الطلعات، ورغبتكم في أن يتحسن المستوى الدراسي للابن، ووضع وقت للمذاكرة في البيت أو في الحلقة ضمن برنامجها، وأيضا حق الأهل في أبنائهم (وإن لأهلك عليك حقا).

وأحذر أخيرا: من أن تكون علاقة ابنكم بمجموعة من طلاب الحلقة خارج إطار الحلقة نفسها، فقد تكون هذه المجموعة متآلفة، ومشرفو الحلقة ليسوا على علم تام إلا طلعة واحدة، والباقي قد يكون لمجرد المرح والعلاقة بين هذه المجموعة، ولكنهم يخرجون باسم الحلقة، ليروجوا لأنفسهم أمامكم، فلا تُحَمّل ا لحلقة مسؤولية هذه الطلعات.
أصلح الله لنا ولكم الذرية
وبالله التوفيق
وصلى الله وسلم على نبينا محمد