أنت هنا

21 جمادى الثانية 1429
المسلم - هيئة نت

أصدر فضيلة العلامة الشيخ الدكتور عبد‎ ‎الملك السعدي، أبرز علماء العراق ‏وعضو هيئة علماء المسلمين والأستاذ بجامعة مؤتة الأردنية، فتوى حرم ‏فيها بشكل قاطع عقد أي اتفاقية مع المحتل إلا بعد خروجه الكامل من ‏العراق .‏
وجاءت الفتوى ردًا على سؤال توجه به عدد من العراقيين حول توجه ‏الحكومة العراقية لعقد اتفاقية أمنية طويلة الأمد مع المحتل الأمريكي.‏
فأوضح الشيخ أن أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عقد معاهدة مع اليهود ‏في المدينة المنوَرة، وعقد أخرى مع المشركين في صُلح‎ ‎الحُديبيَّة، ولكن ‏كلتا الاتفاقيتين كانتا من منطلقِ سيادةٍ وقوةٍ، لا ضعف وذلة .‏‎
وبين الشيخ السعدي أن المُعاهدتين‎ ‎لم تكونا مُشتملتين على الاستعانة -أمنيَّاً- ‏بالكفرة، بل كانت ما بين مُعاهدةِ مُسالَمةٍ‎ ‎وهُدنةٍ، ولم تتضمن مُعاهدة أمنٍ ‏واستعانة بهم على أمثالهم الكافرين فضلاً عن‎ ‎الاستعانة بهم على المُسلمين‎.
وأضاف الشيخ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رفض الاستعانة بالمُشرك ‏على مثله، وقال: (أنا لا أستعينُ بمُشرك) أي في أمور مُسلَّحة‎ ‎وقتالية، بل ‏غاية الأمر أنَّه استعان بهم في وسائل الحرب وعُدَّته حيث استعار درع‏‎ ‎صفوان بن أُمَيَّة‎.
ووصف الشيخ حال ساسة العراق الذين يحكمونه الآن بأنهم ‏‎ ‎يفقدون السيادة ‏عليه، وطالب المنتسبين منهم لأحزاب "إسلامية"، فيما يبدو، باحترام كلمة ‏إسلامي أو التخلي عنها وحذفها وإبدالها بسياسي‏‎ ‎فقط.‏
وقال الشيخ: لقد اتضح للجميع لعبة احتلال العراق أو محاربته تحت ذريعة ‏أسلحة التدمير‎ ‎الشامل، والتي أطاح من خلالها بالنظام السابق الذي لم ‏يرتكب عُشر مِعشار ما ارتكبه المحتل بشعب العراق، وما قام به هؤلاء ‏الساسة وميليشياتهم من تنكيل لهذا الشعب المسكين، ‏‎ ‎وما حصل بسب ذلك ‏من مظالم وقهر وجوع وبطالة وتهجير.‏
وتابع الشيخ: وبدلا من تصحيح هؤلاء الساسة لمسارهم إذا بهم يتجهون نحو ‏تكريس‎ ‎الاحتلال وإدامته تحت مهزلة تُضاف إلى مهزلة الاستفتاء على ‏الدستور المُصمَّم من‎ ‎قِبَلِه، وانتخابات عَرَفَ زيفها الكبير والصغير والداني ‏والقاصي.‏‎
وتسائل الشيخ السعدي عن هذا الأمن الذي‏‎ ‎يرتجى تحقيقه على يد المحتل ‏الأمريكي الذي لم يحظ بالأمن على جنوده وآلياته، فكيف يظن به أنه قادر ‏على تحقيق الأمن مُستقبلاً للعراق مع جيرانه .‏
وشدد الشيخ على أن حكم‎ ‎هذه الاتِّفاقيَّة يُفتَرض بالسياسيِّين والحكومة القائمة ‏الآن أن يحكموا بضررها وتحريمها، قبل أن يحكم بهذا أهل العلم الشرعي؛‎
‎ ‎لأنهم على يقين تامٍّ في قرارة أنفسهم أنَّها مُحرَّمة شرعا ومُضِرَّة بالعراق‎ ‎وجيرانه، ولكنَّهم مغلوبون على أمرهم، تُفرض عليهم سياستهم من‎ ‎قبل ‏المحتل‎.
وأضاف الشيخ: ليس من المقبول شرعاً أو عقلاً أو عُرفاً أن نتعاهد‎ ‎مع ‏مُحتلٍّ أهلكَ الحرث والنسل لأجل أن يستمِرَّ في احتلاله وما يقوم به من قتل‎ ‎ومُداهمات واعتداء على شعب العراق وسلب ثرواته‎.‎
وإتمامًا للفائدة قال الشيخ: يَحْرُمُ على الحكومة القائمة الاتِّفاق مع الاحتلال‎ ‎اقتصاديَّاً بصناعة أو زراعة أو تجارة أو إنتاج، إلا بعد انسحاب جميع قوَّاته ‏من العراق، فعند ذلك تتعامل معه كصديق .‏
وأكد الشيخ على أن الاتفاق مع المحتل عسكريَّاً أو‏‎ ‎أمنيَّاً فإنه مُحرَّمٌ بكل ‏الأحوال ولو بعد انتهاء الاحتلال؛ لأنه نوع ولاية له،‎ ‎والله تعالى يقول: ‏‏(ومن يتولَّهم منكم فإنَّه منهم). ولم يسبق بالتاريخ الاسلامي‎ ‎الاستعانة أمنيَّا ‏بغير المسلمين‎.
وذكر الشيخ المسئولين بالله عز وجل وبما حل بمن حكموا العراق قبلهم، ‏فالجميع راحل، وتبقى لعنة الأجيال ودعواتهم تطاردهم إلى يوم الدين، حين ‏يقفون‎ ‎أمام خالقهم ليحاسبهم على تفريطهم بشعبهم وموارهم وعراقهم‎.