كسر حصار غزة.. مشاركة أجنبية وصمت عربي!!
8 رمضان 1429
همام عبدالمعبود
كسر حصار غزة.. مشاركة أجنبية وصمت عربي!!
ضياء رشوان الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام:
إلى الحكام العرب: ألم تشعروا بمعاناة الأطفال وأنين الجوعى!!
القيادة المصرية مشاركة في الحصار بإغلاقها المعبر أمام الفلسطينيين
المبادرة أهم من موقف الجامعة العربية التي لوّحت بكسر الحصار وتراجعت!
الدكتور عمار علي حسن مدير مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط:
ورقة التوت سقطت عن الحكام العرب
سفينتا "الحرية وغزة" يجب أن يكونا البداية لعمل جماعي لكسر الحصار
سفينتا كسر الحصار كشفا المسئولين العرب على حقيقتهم أمام شعوبهم
جاء كسر حصار غزة على يد مجموعة من الناشطين الأجانب الذي وصلوا إلى شواطئ القطاع ليضع جميع الدول العربية والإسلامية في موقف حرج، خاصة مع استمرار الصمت العربي والإسلامي على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني، مع حجم المعاناة الإنسانية التي يكابدها أهالي القطاع وسط انقطاع كل مقومات الحياة من ماء وغذاء ودواء وكهرباء.
فهل يستمر الصمت العربي رغم الحرج الشديد الذي وضعهم فيه النشطاء الأجانب؟، أم سيكون هناك تحرك عربي، رسمي أو شعبي أو على مستوى المنظمات الحقوقية الإنسانية والنقابات المهنية للمشاركة في كسر الحصار، وإعلان التضامن مع أهالي القطاع الذين أوشك أن يحل عليهم شهر رمضان المبارك وهم في أمس الحاجة إلى مد يد العون.
لقد فعل هؤلاء النشطاء الأجانب ما عجز عنه ملايين العرب، ووصلوا بسفينتيهم إلى شواطئ غزة، رغم الوعيد الصهيوني بعدم السماح لهم بالعبور، ومحاولات إطلاق النار عليهم وتهديدهم، إلا أن كل ذلك لم يثنهم عن المضي قدمًا، للوصول إلى القطاع، وملاقاة أناس ممنوعون من كل شيء عن العالم الخارجي.
ورغم أنها خطوة رمزية، إلا أنها جاءت أهم بكثير من كم التصريحات العربية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تجرؤ على فعل شيء سوى الشجب والاستنكار والإدانة، بل هي أهم من موقف الجامعة العربية التي لوّحت بكسر الحصار، ثم عادت لتنسى وبقيت الجامعة، كما هي معظم الدول العربية، تغط في سبات عميق!!
في البداية؛ يقول المحلل السياسي ضياء رشوان الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام: أنا أحيي بشدة كل من شارك في هذه المبادرة، لأنهم فعلوا ما لم يستطع أي عربي أو مسلم القيام به منذ بدء الحصار، فقد وضعونا جميعًا في موقف لا نحسد عليه، وجعلونا نحرج من أنفسنا، ونقف ورؤوسنا في الأرض، لأننا لم نتخذ ربع هذا القرار، ولو بالسؤال عن أحوال الناس البسطاء، الذي يعانون يوميًا جراء الحصار الإسرائيلي الذي يمنع عنهم الغذاء والدواء والماء والكهرباء وكل مقومات الحياة!!
وأضاف رشوان في تصريحات خاصة لـ"المسلم": رغم رمزية المحاولة وكمية المخاطر التي كان من الممكن أن يتعرضوا لها لأن إسرائيل لا تحترم أي مواثيق أو تعرف أي تصرفات إنسانية، رغم كل ذلك إلا أن القائمين عليها أصروا على إتمامها وعرضوا أنفسهم للخطر، رغم أنهم ليسوا عربًا أو مسلمين لكنهم وضعونا في موقف محرج للغاية، ومن ثم فقد بات علينا الآن التحرك بأي شكل لنعلن للعالم أنا لسنا أمواتًا.
وتابع رشوان: رغم رمزية المحاولة إلا أنها في رأيي أهم بكثير من التصريحات العربية التي لا تنتهي، ولا تجرؤ على فعل شيء سوى الشجب والاستنكار والإدانة، بل إنها أهم من موقف الجامعة العربية التي لوّحت بكسر الحصار، ثم عادت لتنسى وبقيت الجامعة، كما هي معظم الدول العربية، تغط في سبات عميق، وقد جاء الدور على العالم العربي والإسلامي ليتحرك ويفعل شيئًا لهؤلاء المحاصرين الذين هم في أشد الاحتياج لمن يمد لهم يد العون قبل حلول شهر رمضان المبارك.
وهاجم رشوان بشدة موقف الدول العربية التي لا تنفك تشجب وتدين فقط، دونما أخذ موقف عملي واضح، ضد الممارسات الإسرائيلية، وقال: سفينتا كسر الحصار كشفا المسئولين العرب على حقيقتهم أمام شعوبهم، ولابد من صحوة شعبية أو حتى على مستوى النقابات المهنية ومنظمات حقوق الإنسان، للتكاتف ضد الصمت العربي الرسمي، وتنظيم قافلة إلى رفح ومنه إلى غزة، لا لكسر الحصار فقط وإنما أيضًا للمشاركة بما يمكن أن يكون من أجل تقليل المعاناة التي يعيشها أهالي القطاع، وسط حرمانهم المتعمد من كل مقومات الحياة عقابًا على الديمقراطية المزيفة التي يتغنى بها الحكام العرب، وهم يشاركون في حصار غزة لاختيارهم حماس ممثلا عنهم في انتخابات شرعية.
وحول الموقف المصري حيال كسر الحصار خاصة أنه يشارك فيه عن طريق إغلاقه المستمر لمعبر رفح؛ قال رشوان: للأسف هو موقف سلبي ولست مقتنعًا بوجهة النظر الرسمية التي تقول بأنها تحافظ على سيادتها خاصة أن الفلسطينيين لم يطلبوا الرحيل إلى هنا، وإنما هم فقط يريدون مزيدًا من الحرية في الحصول على مقومات حياتهم، ومصر تستطيع القيام بهذا الدور لأنها في الأساس المعنية بذلك، كون القضية الفلسطينية برمتها تعتبر شأن مصري من الدرجة الأولى، وأضاف: سمعت أن مصر ستفتح المعبر يومين قبل شهر رمضان وأتمنى أن يصدقوا هذه المرة.
وردًا على سؤال حول: هل العرب محرجون فعلا جراء حملة كسر الحصار، قال رشوان: الحرج مات عنهم منذ فترة طويلة، ووقعت ورقة التوت عن الجميع، ولم يعد لديهم ما يستطيعون تقديمه سوى القتال، من أجل كرسي الحكم فقط، ووجه رشوان سؤالاً إلى الحكام العرب قائلا: ألم تشعرون بمعاناة الأطفال وأنين الجوعى، لكن يبدو أنهم ليس هناك ما يحرجهم وهم على ما هم عليه من فرقة وخصام.
امتحان حقيقي
ويتفق المحلل السياسي الدكتور عمار علي حسن مدير مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط مع ما قاله رشوان، ويصف وصول سفينتي كسر الحصار إلى شواطئ غزة بالخطوة الجريئة، قائلا: إن هذه الخطوة ستضع العرب أمام محك وامتحان حقيقي للقيام بمسئولياتهم تجاه الفلسطينيين في غزة، والذين ظلوا لأكثر من عام يعيشون تحت الحصار، على مرأى ومسمع منهم، رغم القرارات الجماعية التي اتخذوها بكسره، لكنهم فشلوا، والآن جاءتهم الفرصة على طبق من ذهب لإثبات وجودهم.
وأضاف حسن في تصريحات خاصة لـ" المسلم": أن خطوة كسر الحصار جعلت العرب ليس أمامهم سوى التحرك السريع والعاجل لاتخاذ نفس الموقف عسى أن يحسب لهم المشاركة في هذا الأمر الجلل، وأن يرفع هذا التصرف بعض الحرج عنهم، بعد سلسلة الهزائم المعنوية التي جلبوها علينا، كما أن العرب باتوا مجبورين على فعل شيء بعد التحرك الأوروبي، ومطالبين اليوم قبل الغد بالقيام بخطوات واضحة تجاه أهالي غزة؛ تتمثل في كسر الحصار، وفتح كل المعابر البرية والبحرية وحتى الجوية مع القطاع.
واعتبر حسن أن تقاعس العرب بعد هذه الخطوة الأوروبية تجاه غزة يمثل فضيحة، ويؤكد عدم الجدية الجماعية خاصة أنهم يدركون حجم المعاناة التي يواجهها أهالي القطاع من حصار وتجويع وعقاب جماعي منذ يونيو من العام الماضي، فليس من المعقول أن تستمر الأوضاع المأساوية بالأراضي الفلسطينية، والجميع يتفرجون ولا يستطيعون اتخاذ أي قرار ايجابي.
وهاجم حسن بشدة الموقف المصري حيال الحصار، وقال للأسف القيادة المصرية مشاركة في هذا الحصار بإغلاقها لمعبر رفح أمام الفلسطينيين، وعليها أن تشعر بشيء من الحرج، بعد وصول السفينتين الأوروبيتين، لأنها ظهرت أمام العالم كله في ثوب المشارك في هذا الحصار، وعليها اتخاذ موقف مغاير، لأن التاريخ لن يرحم، وسيصف تصرفاتهم هذه بالعمالة الرخيصة.
البداية لعمل جماعي
وطالب حسن العالمين العربي والإسلامي بضرورة مد يد العون لإخوتهم في فلسطين خاصة في قطاع غزة حتى يصمدوا أمام سياسة الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن ذلك لن يتم إلا بكسر الحصار وفتح المعابر، مشددًا على أن وصول السفينتين "الحرية وغزة" إلي القطاع يجب أن يشكل البداية لعمل عربي وإسلامي جماعي لكسر الحصار وإنقاذ سكان غزة.
وأكد حسن أن الموقف الجريء للنشطاء الأوروبيين وضع العالمين العربي والإسلامي في امتحان عسير، والنجاح فيه يتمثل في كسر الحصار على غزة، وإعادة الوفاق بين جميع الفصائل الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الخلاف الفلسطيني الداخلي هو من أعطى الفرصة لإسرائيل لكي تنال منهم، منتقدًا الموقف العربي الذي اعتبر نفسه محايدًا لا مشارك، مما جعل إسرائيل تتصرف وكأنها الحاكم بأمره، ولا تخشى شيئًا وأنه قد آن الأوان أن يكون هناك موقف عربي وإسلامي قوي وواضح يردع إسرائيل ويوقف تصرفاتها الهمجية.
وأنهى حسن حديثه بأن وصول السفينتين الأوروبيتين إلى غزة كشف عن حقائق إيجابية عديدة يجب استثمارها عربياً وإسلامياً لكسر الحصار وإجبار إسرائيل علي احترام تعهداتها والتزاماتها تجاه الفلسطينيين، ولذلك فإن الأمر يجب ألا يمر مرور الكرام في شكل احتفالات ومهرجانات خطابية فقط، بل يجب تطوير هذه الخطوة الجريئة لكسر الحصار بالكامل وهذا لن يتم إلا بمواقف عربية وإسلامية جماعية، ظلت مفقودة خلال الفترة الماضية، وأن الناشطين الغربيين قد ضخوا دماءً جديدة في سماء وبحر غزة، الجميع مطالب باستثمارها لصالح كسر الحصار الجائر وغير المبرر.