12 شوال 1429

السؤال

زوجتي ترفض أن تزور خالتي(والتي هي عمة زوجتي كذلك) فهل يجوز لي أن أطلقها من أجل عدم زيارتها لخالتي؟ فنحن متزوجان من اشهر ...علما أن زوجتي أصيبت بصرع وبعد أخذ غسول خالتي وصبه على زوجتي تحسنت ولله الحمد

أجاب عنها:
د. سلوى البهكلي

الجواب

أخي الفاضل ..
جزاك الله خيرا على حرصك الملحوظ على خالتك وعلى صلة رحمها ولكني لا اعتقد أنه الحكمة أن تعالج مشكلة لتخلق مشاكل أخرى!
فلا تنسى أن زوجتك هي قريبتك أيضا وأنه بالتأكيد سيحدث من جراء طلاقها قطيعة رحم أخرى وخلاف ومشاحنات وفرقة بين الأقارب قد تكون إلى الآبد.
أخي..
إذا كان سبب تفكيرك في الطلاق هو هذا الموضوع فقط، وليس لسبب آخر (فقد تكون المسألة لديك مسألة عناد، أو قد لا تكون مقتنع أساسا بزوجتك بعد أن عاشرتها هذه الأشهر البسيطة ، او ان تكون شخصيتها لا تناسبك، أو هناك اسبابا اخرى لا تريد ذكرها فاتخذت هذا السبب ذريعة لطرح موضوع الطلاق ) فهذا ليس هو حل المشكلة فابغض الحلال عند الله الطلاق، وليس حل المشاكل في الطلاق.
إذا كنت جادا في وحريصا على صلة الرحم بينهما فعليك ان تعرف الأسباب الحقيقية التي تمنع زوجتك من زيارة عمتها ومحاولة حلها وفض أي خلاف بينهما
فإن لم يكن لدى زوجتك سبب مقنع فعلا لهذا الخلاف أو هذه القطيعة، عليك أن تناقش الموضوع معها بحزم، ويفضل أن تختار من تثق به من أقاربكما شرط أن يكون محب للطرفين ( زوجتك وعمتها) أو ذو موقف حيادي لهما ليعاونك في إقناع زوجتك وحل الخلاف بينهما.
ذكر زوجتك بان الله سبحانه وتعالى قد عظم قدر الأرحام حيث قال : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ))
ذكرها بان المؤمن الحق يجب ان ي (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه)
ذكرها بان قطع الرحم هي من كبائر الذنوب وبالعقاب الذي سيجنيه قاطع الرحم فقد لا تكون مدركة لعواقب قطيعة الرحم العاجلة أو الآجلة التي يمكن أن تجنيها. والتي من أهمها لعنة الله تعالى لقاطع الرحم: (( وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)).
وان الله سيصيبها بالصمم المعنوي وعمى البصر والبصيرة أن أصرت على موقفها مهما كانت أسبابها (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)) .
مما سيسبب من حرمانها الجنة ورد الأعمال التي تتقرب بها إلى الله لها طالما قطعت رحمها فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم )) كما قال: (لا يدخل الجنة قاطع).
وانها بقطعها لرحمها ستقطع صلتها بربها ((قال الله تبارك وتعالى: أنا الله وأنا الرحمن، خلقت الرَّحِم، وشققت لها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته))
ذكرها بفضائل صلة الرحم العاجلة التي من أهمها أنها ترفع من قيمة الواصل وتسبب في زيادة عمره, وبسط رزقه، وتوفيق الله له، حيث قال صلى الله عليه وسلم ((من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه)) .
كما أنها تشيع المحبة والترابط بين الأقارب. وتكفر الذنوب والخطايا وتدفع ميتة السوء والعياذ بالله .
أما فضائلها الآجلة فمن أهمها وأعظمها أنها هي التي تصلنا بالله تعالى والتي ستؤدي إلى دخولنا الجنة بإذن الله
عليك أن تحثها على الاستعانة بالله تعالى واحتساب الأجر على ما ستبذله لوصل رحمها ليعينها الله على صلة رحمها .
عليك أن تساعدها على أن تدرك بأن عمتها هي بمقام والدتها أو والدها وان عليها، مراعاة أحوالها, ومعرفة طبائعها, ومعاملتها بمقتضى ذلك وليس العكس، والبعد عن مطالبتها بان تعاملها بالمثل.
عليك معاونتها على تجاوز العقبات التي قد تعيقها من صلة رحمها وعليك مساعدتها أيضا على توطين نفسها وتدريبها على الصبر على جميع أقاربها خاصة كبار السن منهم، وأقارب الدرجة الأولى. ومساعدتها على التجاوز عن مواقفهم أو أخطائهم وقبول أعذارهم إذا أخطئوا واعتذروا، والصفح عنهم ونسيان عيوبهم وان لم يعتذروا
عليها أن تدرك أن معاداتها لعمتها أو احد أقاربها خاصة إذا لم يكن بسبب قهري (ديني أو أخلاقي) ما هو إلا شرٌّ وبلاء لها وعليها وعلى اقرب الناس لها, وان الرابح في معاداته لأقاربه ما هو إلا إنسان خاسر في الدنيا والآخرة.
إذا كانت تعتقد أن عمتها تحسدها عليها أن تحصن نفسها بذكر الله وتبتعد عن أي مظاهر يمكن أن تثير حسد الآخرين عليها . ويفضل أن تتجنب سوء الظن فهو من أهم الأسباب التي قد تؤدي إلى القطيعة.