23 محرم 1440

السؤال

السلام عليكم ..أنا شاب متزوج منذ تسعة أشهر والحمد لله، وبفضله تعالى زوجتي حامل الآن.. لكن مشكلتي أن زوجتي حادة جدا في التعامل معي ومع كل الناس؛ حتى إني أحياناً أنفر منها.. وحدثت مشاكل عديدة فلجأت إلى والدتها لكي أشكو إليها من سوء معاملتها.. ثم مع مرور الأيام أفشت زوجتي سراً من أسراري لأمها وحدثت مشكلة ثم قالت لي أني غير طبيعي وهددتني إذا لم أذهب معها إلى الطبيب أن تفشي السر لأبيها فهددتها بالمقابل أن هذا لو حدث لن أعرفها!
وبعدها تم حل المشكلة وانتهت لكني لم أعد أثق فيها لأنني أصبحت مكشوفا أمام أهلها وقررت أن أتعامل معها بتوازن.. أحيانا بطيبة ولين.. وأحيانا حدة؛ لكي تفهم أنني لا أسمح بالمعاملة الحادة من جهتها.. لكني أصبحت أكره المنزل الذي نعيش فيه لأنها تريد التحكم والسيطرة.. وذات يوم رفعت صوتي عليها فبكت فخفت عليها لأنها حامل فحاولت تهدئتها ولكنها رفضت وقالت لي: لا تلمسني! فغضبت ثم اتصلت بوالديها وعندما جاء والدها قال: مثل ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف. وأخذها وذهب بها. وفي صباح اليوم التالي اتصلت ولم ترد فتوقعت أن تكون نائمة وعندما تستيقظ تتصل بي، ولكن للأسف لم يحدث، كما علمت بعد ذلك أنها تخرج دون إذني وسافرت إلى مدينة بمصر ولم تستأذني فغضبت أكثر، وكذلك علمت أنها تكلم صديقاتها عني بسوء. وللعلم سبق لها أن اتهمتني بضعف الشخصية وأنها كانت تريد الزواج من رجل قوي الشخصية.. لكنها كذلك كانت أحيانا عندما ترفع صوتها تعتذر لي وكنت أسامحها..! فما رأيكم؟

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..ومرحبا بك أخي الكريم في موقع المسلم.. أصلح الله لك شأنك، ووفقك لما يحبه ويرضاه.
 

مشكلتك أخي تتمثل في شد وجذب بينك وبين زوجتك في مواقف عديدة تراوح بين المعاملة الحادة والعناد والهجر؛ إضافة لانحياز نسبي من والديها تجاهها.
 

ويبدو لي من سياق سردك أن صغر سنك وزوجتك (كما في بيانات استشارتك أنك لا تجاوز الخامسة والعشرين!) له دور كبير في ذلك؛ بسبب قلة الخبرة وحداثة الزواج!
 

والظاهر لي أنه لا توجد ليدكما مشكلة كبيرة أو مستعصية على الحل، بقدر ما هو نوع من تبادل العناد بسبب قلة الخبرة وحداثة زواجكما الذي لم يكتمل عامه الأول؛ بل يكاد يكون ما تحكيه شبه مألوف للأزواج في مثل أوصافكما!
 

كما يبدو بوضوح من تصرفات والدي الزوجة أن ابنتهما تحظى منهما بقدر من التدليل مع الخوف على مشاعرها خصوصا وهي حامل.. الأمر الذي يؤخر مبادرتهما إلى الصلح وإرجاعها إلى بيت الزوجية عندما تغادره غضبى!
 

أخي الكريم:
هوّن الأمر أولا.. ثم استعن بالله في صلاح أمرك وزوجتك وبيتك.
نعم أخي؛ فما تمر به لا يكاد يخلو منه بيت، وخصوصا الأزواج الجدد صغار السن! وحتى خروجها بغير إذنك وإفشاءها لسر من أسرارك، وسط هذه الملابسات من الغضب والحمل والشجار وتدليل الوالدين، يمكن اعتباره ضربا من الجهل بحق الزوج في هذه المرحلة المبكرة وعدم الاستيعاب والخبرة.. التي ستنمو مع الأيام والصبر الجميل؛ وذلك حين تصفو النفوس ويتم تخطي هذه المرحلة؛ فيكون منك في ساعة سكينة ووفاق توضيح لحقك عليها وأنه يرتبط برضا الرحمن جل وعلا.

 

كما يلزمك أخي الاعتبار من جهتك بما حدث من إفشاء السر، والعناية مستقبلا بما تحدثها به.. بعد أن لمست منها صعوبة إمساكها للسر.
 

أخي الفاضل
أوصيك أن يتسع صدرك لما يبدر من زوجتك من حدة عابرة وأن تلتمس لها العذر في حالها مع حملها، لا سيما وأنه الحمل الأول بمتاعبه ومخاوفه التي تؤثر كثيرا على طباع المرأة وهي تعيش تجربة جديدة ليست بالهينة!

 

فتمثّل أخي جمال حسن الخلق، والسمو الرفيع في مقابلتك حدتها بابتسامة وحلم تشعرها بهما أنك تقدر حالها وحملها، وأنك تترقب معها هذا المولود القادم بشوق ولهفة. وكن على يقين بأن هذه المعاملة من أفضل معالم قوة الشخصية (وليس العكس بمقابلة الحدة بحدة)؛ وذلك مصداقا لقول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بِالصُّرَعَة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" (رواه البخاري)، وكما كان هديه صلى الله عليه وسلم الذي كان خير الناس لأهله.
 

وكذلك أخي.. كن على يقين أن هذه المعاملة الحسنة من جهتك بالصبر والحلم.. ستجني أنت ثمارها بإذن الله في مستقبل حياتكما، وأن صداها في نفس زوجتك كبير.. ولو لم تلمس أثر ذلك في الظاهر العاجل.
 

أسأل الله أن يحلّ عليكما السكينة والطمأنينة، ويؤلف بينكما بالرحمة والمودة، وأن يمنّ عليكما بمولود مبارك يأخذ من اهتماماتكما وأوقاتكما ما يشغلكما عن الشحناء والشجار، ويزيد قوة الارتباط بينكما في حب وحنان.