14 جمادى الأول 1440

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أنا شاب من المغرب عمري 34 سنة وأدرس في كلية الحقوق السنة الأخيرة، بعد التخرج سأبحث عن وظيفة أو شغل ﻷكون مستقبلي لأني أريد الزواج وأحس أنني قد كبرت وعلي أن أتزوج في أسرع وقت ممكن. ولكن ريثما أشتغل وأجد بنت الحلال التي تناسبني سأجد نفسي قد وصلت إلى سن معين وأنا غير متزوج وخاصة أنني أفضل الزواج من فتاة صغيرة مقارنة بسني، أي أفضلها ما بين 20 و25. أرجو النصيحة لأنني أكاد أنفجر، فأنا أريد أن أعف نفسي عن الحرام، خاصة وأني لم أرتكب الفاحشة يوماً ما.

أجاب عنها:
د. علي الدقيشي

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحباً بك – أخي الفاضل – في موقعكم (المسلم)..
وبخصوص سؤالك فإننا نجيبك من خلال ما يأتي:
أولا: أشكر لك حرصك على التواصل معنا للاسترشاد في أمورك

 

ثانيا: أبشر بعون الله وتوفيقه حيث إنك ترغب في الزواج، والرغبة في ذلك أمر فطري حميد، وسنة كونية، يقول تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات:49].
 

وهو سنة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، أرشد الله عباده إلى الاهتمام بها والتبكير إليها لما يترتب عليه من بركات وخيرات وصلاح للأفراد والمجتمعات، ولما يترتب على إهمالها والتأخر في القيام بها من أضرار وفساد للأفراد والمجتمعات. يقول صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم البَاءَة فليتزوج؛ فإنه أغَضّ للبصر وأحصَن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجَاء" رواه البخاري.
 

ثالثا: اعلم أن أول ما يجب أن نبدأ به هو الاجتهاد في تقوية ذاتنا بتقوية إيماننا وزيادته بالاجتهاد الصادق في طاعة الله تعالى بفعل الواجبات ولاسيما الصلاة والإكثار من الأعمال الصالحة كقراءة القرآن يومياً،وذكر الله كثيراً والمحافظة على أذكار الصباح والمساء وسماع دروس العلم النافع وحضور مجالسها، لأننا جميعاً في حاجة إلى محاسبة أنفسنا على الاستقامة بطاعة الله والتمسك بشرعه والتذكر باستمرار الوقوف بين يدي الله تعالى يوم القيامة للحساب والجزاء. هل آمنا بالله تعالى؟ واستقمنا في حياتنا على الالتزام بجميع تعاليم الدنيا في جوانب حياتنا؟
 

رابعا: عليك بالسعي الحثيث في البحث عن الزوجة المناسبة، حيث إنك تأخرت كثيرا عن جلب الراحة والسكينة والطمأنينة واستقرار النفس والوجدان بتأخير الزواج، الذي حثنا ديننا عليه مبكرا حتى ينعم الإنسان بما سبق ذكره _ ويسعد في حياته، ويتفرغ لعبادة الله تعالى وعمارة الأرض بقلب مطمئن ونفس راضية يقول الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – "يا معشر الشباب من استطاع الزواج فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج".
 

فالزواج المبكر للشباب هو مطلب الدين حتى نسعد، ولكننا نحن – هدى الله الجميع – الذين عثرنا أمر الزواج على أنفسنا وشبابنا بفرض أشياء ووضع عراقيل تجعل الزواج صعبا، لذلك عليك بالاجتهاد في السعي للزواج، وكذلك عليك بنصيحة من تعرف بل إشاعة حث الشباب على التعجيل بالزواج وأن هذا هو الصواب، كما أرشدنا الرب الكريم على لسان رسوله الكريم كما سبق، فالله خالقنا هو الأعلم بما يصلحنا فهنيئا لمن خضع لربه واستقام على أمره يقول تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} بلى الله يعلم الأصلح لخلقه، ومن واسع رحمة تعالى بنا الله حثنا على الزواج المبكر، ويعدنا بمساعدته وعونه لنا عليه يقول الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة حق على الله عونهم" وذكر منهم والناكح للعفاف".
 

خامسا: فالتجأ إلى الله تعالى بكثرة الدعاء أن يجمعك بالزوجة الصالحة المناسبة لك يقول الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة..." وهي ذات الدين والخلق الحسن وهذا الذي حثنا ديننا على الزواج ممن اتصف بهذا يقول الرسول الكريم: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".
 

سادسا: استعن أيضا – بالأخيار من الأصحاب والمعارف في البحث معك عنها ودلالتك عليها يقول الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -: "الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
 

سابعا: والزم الثبات على طريق العفاف والصبر على المعارف فهذا صفة عباد الله المتقين فبالتعفف عن الحرام يرزق الإنسان ما يعفه عن الحرام من عون الله والرزق بالزوجة الصالحة يقول الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – ومن يستعفف يعفه الله تعالى، "ولنا في الكريم نبي الله يوسف – عليه السلام – الأسوة الحسنة في التعفف عن الحرام،حيث كان عاقبة عفافه أن رضي الله عنه ورزقه ومكنه ورفع قدره يقول تعالى: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} واستعن بما سبق ذكره من كثرة التعبد...
 

ثامنا: يقول الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ومن نتائج الزواج الشرعي أنه يثمر بين الزوجين الشعور بالسكن والمودة والرحمة.
واعلم - أخي الفاضل - أنه مما يساعد على تحقق هذا في الزواج مراعاة وجود التقارب بينهما في الطباع والأخلاق والتكافؤ وتجنب الزواج ممن يخشى أنه لن يحقق ما سبق من المقاصد، وبالنسبة لسن الزوجة أنصحك أن تراعي السن الأنسب لك ولها في مستقبل أيامكما عند تقدم السن فلا تقصد الصغيرة، ولا الكبيرة وخير الأمور الوسط، مع مراعاة ذات الدين والخلق الحسن، فهذا أرجى لاستقرار الزواج وتحقيق المودة والألفة.

 

تاسعا: وعليك بالسعي والترتيب للزواج من الآن بحيث لا يمضي عام أو اثنان-إن شاء الله- إلا وأنت قد تزوجت وسعدت واستقرت حياتك، فلا مانع من أن تعمل مع الدراسة، وتنسق بين العمل والدراسة وجد وأبشر بعون الله وتوفيقه يقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} أسأل الله تعالى أن ييسر أمورك وزواجك ويجمعك بالزوجة الصالحة التي تقر عينك بها.
والله الموفق.