ايمانيات

د. عامر الهوشان
السعادة غاية كل إنسان في هذه الحياة , والطمأنينة هي العامل الأهم في تحصيل تلك السعادة , والركن الأبرز من أركان الحياة الهانئة الرغيدة , وبينما تفضل الله تعالى على عباده المؤمنين بإخباهم بمصدر تلك الطمأنينة ومعينها الأوحد , ما زال الإنسان – غير المؤمن منذ فجر التاريخ وحتى الآن
يحيى البوليني
والتقوى ثمرة اتباع صراط الله المستقيم والسير على المنهج الإسلامي دون انحراف عقدي أو فكري أو عقلي , كما قال ربنا سبحانه " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " , فكل انحراف عقائدي أو بدعي أو فكري مهما كان في عين العبد صغيرا سينال من حرارة التقوى في قلبه , فلا يظن كل من أُشرب بالبدع والأهواء وملا بها قلبه وشغل بها سمعه وبصره ولسانه أن قلبه سيسلم من هذه الآفات والشرور , ولهذا نجد أصحاب الأهواء والبدع أكثر الناس جرأة على انتهاك محارم الله لافتقادهم للتقوى أو لضعف تأثيرها في قلوبهم , والعكس بالعكس فكلما ضبط المسلم نفسه على مقياس الشريعة واتبع صراط الله المستقيم كلما كانت خشيته لله أعظم وتقواه لله أعمق أثرا .
د. خالد رُوشه
والحقيقة أنها صفات كريمة للغاية , دعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها في دعائه و فكان يقول : " رب أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدى لي وانصرني على من بغى علي رب اجعلني لك شكارا لك ذكارا لك رهابا لك مطواعا لك مخبتا إليك أواها منيبا تقبل توبتي وأجب دعوتي واهد قلبي وثبت حجتي وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي " رواه الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما.
د. خالد رُوشه
فالعدة الصالحة تعد لصاحب النية الصادقة وإن لم يكن له فيها يد , فالرزق يساق إليه , والفضل ينعم بين يديه , قال الله سبحانه " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " , وأما الماكرون خبيثو النية سيئوالقلوب فلا بشرى لهم , ولا عقبى لهم إلا عقبى السوء , ولا خير ينتظرهم في حياتهم ولا بعد الممات .. بل حياة ضنك في الدارين , مهما رتعوا في النعم وانغمسوا في الزخارف , فذل المعصية يكسر رقابهم , والمكر السىء يحيق بهم .
أميمة الجابر
أحيانا يعجز اللسان عن البوح بآلامه و ويعجز القلم عن كتابة آهاته وشكواه , و يعجز القلب عن ضبط دقاته مهما كانت صحة جسده , ذلك عندما يشتد الهم وتضيق الصدور .. وفي لحظات الهموم والأحزان تدعونا الحكمة أن نتفكر في عدة نقاط :
د. خالد رُوشه
وأهل الإيمان ينافح عنهم الحجر والشجر والجبال والدواب ولكن كل بطريقته , وبطبيعة خلقته , ولو اطلع أهل الإيمان على مسارات القدر عبر الأزمان لبان لهم كيف أن جند الله عز وجل في كل مناح الكون تدافع عنهم وتقف بجانبهم .
هشام خالد
المسلم قلبه قائده , لذا فتقلب القلب لهو كارثة عظمى , وانهيار كبير , وخيانة في منتصف الطريق , لذلك كان يدعو الرسول صلى الله عليه وسلم " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك " , فمن للجيش إذا تغيرت عقيدة قائده في الميدان , ومن للروح والجسد إذا تقلبت موازين قائدها بينما تمضى الحياة !
يحيى البوليني
ليس مستغربا ولا مستنكرا أن تضطرب بعض القلوب المؤمنة عند نزول المحن , فالقلوب تتفاوت على محك اختبار المحنة وعند أول وقوعها , وثبات القلوب عند المحن منحة ربانية يهبها الله لبعض عباده كنتيجة ليقين
د. خالد رُوشه
قال النبي صلى الله عليه وسلم :" " من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه و جمع له شمله و أتته الدنيا و هي راغمة ، و من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه و فرق عليه شمله و لم يأته من الدنيا إلا ما قدر له " أخرجه الترمذي وابن ماجه .
هشام خالد
يهدون الزهور لمن طعنهم بالأشواك , ويقدمون الندى لمن منعهم قطرة الماء , ويحملون الابتسامة لمن حمل إليهم الدمع والصرخات , ويصرون على ذلك مادام فيهم رمق الحياة . سلاحهم هو الإيمان الراسخ بموعود الله سبحانه , وسبيلهم الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن , وعدتهم أكف ضارعة للسماء في جوف الليل الآخر . إنه الصراع الأبدي بين الشيطان والمؤمن , والمطاردة المقدسة , بين الخير والشر , بين الخبيث والطيب , بن العبودية والانحراف , التي من أجلها نشأت الدنيا , وأشرقت الشمس , وتفتحت الزهور , وفاضت الدموع .
د. عامر الهوشان
كما أن ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ أوضح معنى التقوى الحقيقية بقوله : ﻟﻴﺲ ﺗﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺼﻴﺎﻡ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﻻ‌ ﺑﻘﻴﺎﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻴﻂ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻟﻜﻦ ﺗﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﺣﺮﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﺩﺍﺀ ﻣﺎ ﺍﻓﺘﺮﺽ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻤﻦ ﺭﺯﻕ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺧﻴﺮﺍ ﻓﻬﻮ ﺧﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺧﻴﺮ .
هشام خالد
غرباء إذن هم المجهولون فليست الدنيا هي موطنهم , ولا يأبهون إن كان لهم نصيب منها ام لم يكن , لا يطمعون في مال أو جاه , لا يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله , غناهم في قلوبهم , يكتفون بالرضا , والقليل من الزاد , إلا إن زادهم الحقيقي هو ذكر الله , وموطنهم الأصلي هو السماء !
عمرو سامي
وانظر إلى حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أن تورمت قدماه من شكر الله على ما أنعم عليه به، فقيل له -صلى الله عليه وسلم- أتفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال صلى الله عليه وسلم: "أفلا أكون عبدا شكورا"البخاري
د. خالد رُوشه
يقول الإمام ابن القيم: " أصل كل خير للعبد – بل لكل حي ناطق – كمال حياته ونوره، فالحياة والنور مادة كل خير.. فبالحياة تكون قوته وسمعه وبصره وحياؤه وعفته.. كذلك إذا قوي نوره وإشراقه انكشفت له صور المعلومات وحقائقها على ما هي عليه فاستبان حسن الحسن بنوره وآثره بحياته وكذلك قبح القبيح " (إغاثة اللهفان 1/24).
د. خالد رُوشه
عندها تفيض جميع معاني التجرد والافتقار، وتتلون الأجواء بلون الدمعة التي تغرورق فتكسو حدقة العين ، فلا يبدو في الآفاق أمل إلا في الله ، ولا يبدو في الأحداق منجى إلا إلى الله ، ولا يبدو في الطرقات رجاء إلا من الله .
يحيى البوليني
إن العالم كله يمضى نحو هلاكه ليدمر نفسه بنفسه بهذه الأخلاقيات التي يمارسها والتي لم تحوله فقط إلى غابة , فالغابة لها قوانينها المرعية والتي لا يخالفها ساكنوها , والوحوش والكواسر تمتلك من المشاعر والنظم ما يفوق هؤلاء , فتحول العالم إلى أتون حرب فاجرة مستعرة ومستمرة لا يُبقي فيها قوي على ضعيف , بل يمتص كل ما يملك ثم يقتله بلا وازع ولا ضمير .
د. خالد رُوشه
وكيف إذا لا يصبر المؤمن في لحظات البلاء وعنده ساعات السجود , ودقائق يمرغ وجهه لله ذلا وانكسارا , وهو يعلم أن ربه الرحيم يراه , فيسبغ عليه رحمته , ويرخي عليه ستره الجميل , فيرفع درجته , ويثبت أقدامه , وتمر عليه لحظات الألم فاقده معناها الدنيوي الصعب , مرتدية معناها الأخروي العذب , كيف لا وهو بين يدي ربه الرحيم .
د. خالد رُوشه
فليس بين الله وبين خلقه قرب إلا بالتقوى , فمن كان لله أتقى كان من الله أقرب , وكان عند الله أكرم , فالعمل على ما في القلب , وعلى ما في القلب يكون الجزاء يوم القيامة , كما قال الله تعالى
د. خالد رُوشه
وأهم اللذائذ النفسية هي لذة معرفة الحق حقا , ومعرفة الباطل باطلا , بل هي نعمة ومنة لطالما علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن ندعوا الله أن يمن علينا بها وأن يرزقنا بصيرتها . بيد أنه ليس كل من عرف الحق ذاقه , وليس كل من بصر الصواب استشعر لذته , فقد يعرف أحدنا الصواب لكن يقف نفوسنا عنده فلا تسعى نحوه ولا تقترب منه ولا تجاهد في سبيل نيله والفوز بمعانيه ومقاصده .
د. خالد رُوشه
إنها استراحة إيمانية يومية , يكررها الصالحون في الغداة والعشي , بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر , وربما زادوا على ذلك , ولاشك أنهم سيزيدون في جوف الليل الآخر وعند السحر , حيث ينام الخلائق , إلا الذين يحملون هم اللقاء القريب , ويرتجون الجنة ويهربون من النار ..
د. عامر الهوشان
{ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا } أَيْ فِرَقًا وَأَصْنَافًا فِي الْخِدْمَةِ كما قال ابن كثير في تفسيره ، يشيعونه على ما يريد ويطيعونه , فلا يملك أحد منهم مخالفته , وقد صرف كل صنف فيما يريد من أمور دولته , وقد أغرى بينهم العداوة والبغضاء كي لا تتفق كلمتهم ولا يتفرغون للتفكير فيما يقلقه ويهز عرشه
د. خالد رُوشه
إن الحقيقة العظمى التي يجب أن تدور حولها حياتنا هي حقيقة أن لا حول ولا قوة إلا بالله، فحولنا واهن وقوتنا راحلة، وأجسادنا فانية، وميراثنا منتقل، والأمر كله في النهاية لله سبحانه، فالفناء ينتظرنا، والموت هو المثوى المنتظر لكل متوهم للقوة أو الجبروت، والجميع زائل إلى يوم يقول فيه الجبار: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}
د. خالد رُوشه
إن نبل غايته أنساه البغضاء وأنساه الثأر حتى إنه لما رأى موعود ربه أحب لو أن الذين آذوه قد رأوا الحق وفهموا الصواب وتبينوا صدق المسيرة . إنها طرائق علاجية قد بثت في كتاب الله العظيم وهي غيض من فيض , ونقطة في بحر شفاء من القرآن الكريم للنفوس والقلوب .
د. خالد رُوشه
والذنوب الصغيرة بالفعل تكفر بالطاعات وباجتناب الكبائر مع التقوى , قال سبحانه : قال الله تعالى : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" رمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة والصلاة إلى الصلاة مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " ..ومثاله من الأحاديث
هشام خالد
إن القلوب هي التي توصف بالحياة أو الموت , وبناء عليها توصف الجوارح , وفي الحديث : "إن الله لا نظر إلى اجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم " , فهي الفيصل وهي المعيار النهائي " ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب "