الشام بانتظار الأرَضة الربانية؟!
1 ربيع الثاني 1437
دـ أحمد موفق زيدان

حين رفض البشر شرف وكرامة تمزيق الصحيفة التي فرض شروطها كفار ومشركو مكة على الصحابة بمقاطعتهم في الشُعب لثلاث سنوات ألجأهم ذلك لأكل أوراق الشجر، منح الله تبارك وتعالى هذه الكرامة للأرَضة فمزقتها، وتبعها رجال من الكفار والمشركين في فك الحصار عن الصحابة الكرام، لكن بالمقابل لم تذكر لنا روايات السيرة النبوية العطرة أن صحابياً واحداً مات جوعاً طوال تلك السنوات الثلاث من الحصار، بالمقابل يتابع العالم كله مأساة حصار أربعين ألف شخص وأضعافهم في مناطق محاصرة أخرى ربما لم نتعرف على كارثتهم حتى الآن، تماماً كما سكت العالم عن كارثة مضايا والزبداني المحاصرتين طوال سبعة أشهر ..

 

مات العشرات جوعاً وزبلت أجساد وأصيب رضع بأمراض خطيرة  نتيجة الافتقار إلى حليب الأطفال الذي غدا كيلو غرام منه بـ 300 دولار إن وجد، ويتفاخر القتلة والمحاصرون من أمثال حزب الله بأنهم هم من يحاصرون هذه البلدات، بل والجانب الأحقر الذي لم تذكر لنا البشرية أن وصل أحد إلى هذا الانحدار من الحقارة والوضاعة أن يطلق مؤيدوهم ومناصروهم هاشتاغاً #متضامن_مع_حصار_مضايا، ويرفقه بصحون من المأكولات والخضروات والفواكه إمعاناً في إرضاء غريزتي الحقد والتشفي لديه..

 

طوال خمس سنوات من الثورة الشامية المباركة وهي ثورة كل الأحرار في الأرض ولذا فهي اختبار لحريتهم وانسانيتهم قبل أن تكون اختباراً للشام، طوال تلك السنوات الخمس والنظام الطائفي المجرم ومعه مليشيات طائفية حاقدة عابرة للحدود ودول تتشدق بالمقاومة والممانعة، وروسيا التي تشدقت يوماً برفضها التدخل في الشأن السوري لصالح الثورة الشامية فتدخلت ضدها، ومع هذا لا يجرؤ أحد على وصمها بالاحتلال، أو معارضتها، تماماً كما عجز البشر عن تقديم مضاد طيران واحد يوقف هذه العربدة المدمرة للشام وأهلها وتاريخها بل وتاريخ الأمة الإسلامية كلها، فقد كانت عاصمتهم لقرن من الزمن، ولكن يبدو أن شرف تمزيق الفيتو الأميركي والصهيوني المدمر على تزويد الثورة بمضادات جوية لن ينال شرفه أحد، ليقضي الله أمراً كان مفعولا..