أثر الغرر في عقود المشتقات المالية
15 ربيع الثاني 1439
د. إبراهيم عبد الحليم عبادة - د. عبد الله محمد ربابعة

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الإسلام في شريعته العادلة جعل العدل مقصداً أساسياً - بل مناط  الأحكام على العدل - وما يقتضيه العدل أن تكون معاملات الناس فيما بينهم سليمة خالية من أي شبهه تؤدي بالعقد والمعاملة إلى الفساد أو البطلان ومن ثم إلى المنازعة والمخاصمة بين الناس نتيجة ظلم يقع على أحد الأطراف. وإن آثار العقد وما يترتب عليه هو من ترتيب الشارع الحكيم وذلك لإقامة العدل والتوازن بين الناس.

 

وإن المبادئ التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي قد جاءت بها كل الشرائع السماوية، فهي ليست للمسلمين خاصة، بل الاقتصاد الإسلامي في حقيقة الأمر اقتصاد عالمي للبشرية جمعاء، وقد قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ: 28].
 

وقد أدى التطور المالي العالمي إلى ظهور معاملات اقتصادية وتجارية كثيرة، ومن هذه المعاملات التي جدت في هذا العصر: المشتقات المالية المعاصرة التي لم تكن معروفة من قبل، والمشتقات: عبارة عن عقود مالية تتعلق بفقرات خارج الميزانية، وتتحدد قيمتها بقيمة واحد أو أكثر من الموجودات، أو الأدوات، أو المؤشرات الأساسية المرتبطة بها، ومنها الخيارات والمستقبليات وغيرها، ولما كانت هذه العقود يكتنفها الغرر رأيت الكتابة في هذا الموضوع تحت عنوان" أثر الغرر على عقود المشتقات المالية (تقدير فقهي اقتصادي إسلامي).
 

ويهدف هذا البحث إلى التعرف على مفهوم الغرر وأحكامه، وأثره في عقود المشتقات المالية؛ إذ يعرف الغرر: بأنه ما تردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما والأخوف هو الغالب، ويؤثر الغرر في كثير من المعاملات المستجدة لاشتمالها عليه، ومنها: عقود الخيارات، والمستقبليات، وقد حرمت الشريعة الإسلامية الغراء الغرر تحقيقاً لمصلحة الأمة وبما يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية من خلال حفظ التوازن الاقتصادي وفقا لمبدأ الغنم والغرم .
 

وقد جاء هذا البحث في مقدمة ومبحثين وخاتمة، حيث تناول المبحث الأول مفهوم الغرر وأنواعه وضوابطه، وناقش المبحث الثاني آثار الغرر في عقود المشتقات المالية.
 

المبحث الأول: مفهوم الغرر وأنواعه وضوابطه

المطلب الأول: مفهوم الغرر وحكمه

أولا: تعريف الغرر لغةً واصطلاحاً

الغرر في اللغة له عدة معانٍ، منها: "الخطر"(1) . وقد قيل: (أصل الغرر: النقصان، من قول العرب: غارت الناقة؛ إذا نقص لبنها)(2)، وقد قيل: (بيع الغرر المنهي عنه ما كان له ظاهر يغرٌّ المشتري وباطن مجهول، يقال: إياك وبيع الغرر، وهو: أن يكون على غير عهدة ولا ثقة، قال الأزهري: ويدخل في بيع الغرر البيوع المجهولة التي يحيط بكنهها المتبايعان حتى تكون معلومة)(3)، أما الغرر في الاصطلاح الفقهي: فهو ما كان مستور العاقبة(4)، وعقد الغرر: ما خفيت عاقبته أو تردد بين الحصول والفوات، وعند التدقيق في تعريفات الفقهاء للغرر، نجد أنهم وإن تفاوتوا في تحديد مفهوم الغرر، إلا أنهم اتفقوا على أنه ما لا يضمن أو ما كان مستور العاقبة، وقد عرفه ابن القيم بأنه (تردد بين الوجود والعدم)(5)، أو هو ما لا يقدر على تسليمه سواء أكان موجوداً أم لا، كبيع البعير الشارد(6).
 

ثانياً: الحكم الشرعي في الغرر
لقد ورد النهي عن بيع الغرر في كثير من المواضع(7)، إلا أنه يمكن أن يؤخذ حكم الغرر من عدة أدلة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فمن الكتاب الكريم قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، وغير ذلك من الأدلة التي تفيد النهي عن أكل أموال الناس بغير حق ظلماً وعدواناً، ومعنى الآية "عَن تَ رَاضٍ منكُمْ " أي عن رضًى إلا أنها جاءت من المفاعلة، والتجارة تكون بين اثنين، ومعنى ذلك لا تكونوا من ذوي الطمع الذين يأكلون مال الناس بغير مقابل لها من عين أو منفعة ولكن كلوها بالتجارة التي قوام الحل فيها التراضي(8). ووجه الاستدلال من الآية: أن الغرر أدى إلى عدم رضا أحد المتعاقدين بما يترتب عليه من آثار جزئياً أو كلياً، فكان المال الذي أخذه الطرف الأول أكلاً بالباطل لانتفاء الرضا ومن ثم حصول النزاع.

 

ومن السنة ما جاء في الحديث عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر(9)، وغبرها من الأحاديث والأدلة على منع الغرر.
 

وبناءً على ذلك؛ فإن الإسلام لا يأتي بما فيه ظلم أو تجاوز أو تعدٍ، أو ينهى عما فيه عدل بأي حال من الأحوال؛ قال الله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]. والإسلام عدلٌ كله؛ إذ لا فرق بين جزئِّيه وكليِّه؛ فمدار الأحكام في الإسلام على العدل، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].
 

ثالثاً: أما عن علة التحريم: ففي ما يفضي إليه من المخاصمة والمنازعة وانتفائه لمقصد العدل بين الناس؛ لما يؤديه من الظلم والعداوة والبغضاء، فهي مفضية للنزاع؛ لعدم حصول كل واحد من أطراف العقد على حقه المترتب له شرعاً كلياً أو جزئياً، وأيضاً لما يؤديه من أكل مال الناس بالباطل كما مر آنفاً، يقول الإمام ابن تيمية: "والغرر هو المجهول العاقبة، فإن بيعه من الميسر، وذلك أن العبد إذا أبق، والبعير إذا شرد، فإن صاحبه إذا باعه إنما يبيعه مخاطرةً فيشتريه المشتري بدون ثمنه بكثير، فإن حصل له، قال البائع: قمرتني وأخذت مالي بثمن قليل، وإن لم يحصل، قال المشتري: قمرتني وأخذت الثمن بلا عوض، فيفضي إلى مفسدة الميسر التي هي إيقاع العداوة والبغضاء، مع ما فيه من أكل المال بالباطل الذي هو نوع من الظلم"(10).
 

المطلب الثاني: أنواع الغرر

هناك تقسيمات عديدة للغرر(11)، منها أن الغرر بالنسبة للعقود يقع في موقعين من جهة صيغة العقد، وغرر من جهة محل العقد، ولما كان من أركان العقد أن يكون محله معلوماً من جهة الثمن والمبيع، فإنه لا بد لصحة العقد أن يكون المحل موجوداً معلوماً معيناً(12).
 

ومن أهم ما يدخل في بيوع الغرر ما يلي:
1 - المجهول قدره وصفته في الثمن والمبيع:
ومن الأمثلة على المجهول: الاستثناء في البيع إذا لم يكن معلوماً، أما إذا كان معلوماً، فإن البيع صحيح كمن استثنى من مجموع البيوت بيتاً(13)، وغير ذلك، ومنه بيع الإناث واستثناء ما في بطونها، ومثله أن يقول رجل لآخر ثمن شاتي ثلاثة دنانير فهي لك بدينارين، ولي ما في بطنها فهذا غرر لا يجوز(14). وكذلك المحاقلة والمزابنة والثنيا إلا أن تعلم فقد جاء عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة والثنيا إلا أن تعلم(15).

 

2 - عدم القدرة على التسليم (المعجوز عن تسليمه).
يقول الإمام مالك: "ومن الغرر والمخاطرة، أن يعمد الرجل قد ضلت دابته، أو أبق غلامه، وثمن الشيء من ذلك خمسون ديناراً فيقول رجل: أنا آخذه منك بعشرين ديناراً فإن وجده المبتاع، ذهب من البائع ثلاثون ديناراً، وإن لم يجده ذهب البائع من المبتاع بعشرين ديناراً"(16)، وهذه الصورة تراضى فيها الطرفان، ولكن لا يكتفى فيها بشرط الرضا؛ لوجود الجهالة والغرر وهذا مبطل لشرط العقد.

 

يتبين فيما سبق أن عدم القدرة على التسليم، أي تسليم البدلين حالة من حالات بيوع الغرر، ولكي يكون العقد صحيحاً خالياً من الغرر لا بد من القدرة على التسليم.
 

3 - أن يكون المحل معدوماً:
لقد وردت أمثلة كثيرة تفيد النهي عن كل ما يؤدي إلى النزاع بسبب عدم وجوده عند التعاقد، أو ما يؤول إلى العدم بسبب التلف أو غير ذلك ومن ذلك ما ورد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع ثمر التمر حتى تزهو، فقلنا لأنس ما زهوها؟ قال تحمرّ وتصفرّ، أرأيت إن منع الله الثمر بم تستحل مال أخيك(17).

 

المطلب الثالث: ضوابط الغرر المؤثر في إفساد العقد:

تبين أن العقد بين المتعاقدين لا بد أن يكون مبنياً على الرضا، وإلا أفضى إلى نزاع ومخاصمة؛ "فالعقود إذن شرعت سبباً لمسبباتها أو شرعت لتكون مفضيةً إلى نتائجها... وبذا فهي تعتبر أسباباً جعلية لا عقلية"(18)، وبناءً على ذلك فإن ضابط الغرر المؤثر كما يبين القرافي في فروقه ما كان كثيراً وهو ممتنع إجماعاً كبيع الطير في الهواء(19). ولا بد لكي يكون الغرر مؤثراً أيضاً أن يكون في عقود المعاوضات المالية إذا كان في المعقود عليه أصالة، ولم تعد للعقد حاجة.
 

المبحث الثاني: عقود المشتقات المالية وعلاقتها بالغرر

يشهد العالم اليوم تقلبات حادة سواء في مستويات الأسعار أو ارتفاع معادل المخاطر الاقتصادية، ومنشؤها في الغالب عدم التفريق بين المخاطر الايجابية المتوقعة التي هي سبب للربح الحلال ؛ إذ الخارج بالضمان وبين المخاطر التي تعتمد الحظ والمراهنة وهي قائمة بلا شك على الغرر الممنوع شرعاً، ومن أهم تعاملات الأسواق المالية اليوم المشتقات المالية، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الغرر يمثل العنصر الغالب في المشتقات المالية، وأن بمنع الغرر فإنه من الممكن أن يمنع وقوع 80 % من الأزمة(20)، وإذا أضفنا إلى هذا تحريم الربا بكل أشكاله ومسوغاته ودرجاته، والميسر والنجش وغيرها من المعاملات التي تتعارض ومقاصد الشريعة ومصالح الأمة الإسلامية؛ فإننا ندرك قدرة الشريعة الإسلامية على تقديم أفضل الحلول من خلال المنهج العلمي الموضوعي لكل ما يحيط بالعالم اليوم من أزمات من خلال مبادئ وضوابط الاقتصاد الإسلامي التي تحقق السعادة والرفاهية للبشرية في الدنيا والآخرة.
 

لقد أدى التطور المادي العالمي إلى ظهور معاملات اقتصادية وتجارية مستجدة، ومن هذه المعاملات الاقتصادية التي ظهرت في هذا العصر المشتقات المالية المعاصرة التي لم تكن معروفة من قبل، والمشتقات: عبارة عن عقود مالية تتعلق بفقرات خارج الميزانية، وتتحد قيمتها بقيم واحد أو أكثر من الموجودات أو الأدوات أو المؤشرات الأساسية المرتبطة بها(21).
أو هي: عبارة عن عقود فرعية تبنى أو تشتق من عقود أساسية لأدوات استثمارية (أوراق مالية، عملات أجنبية، سلع000 الخ) لينشأ عن تلك العقود الفرعية أدوات استثمارية مشتقة وهو ما يطلق عليه: بالهندسة المالية(22).

 

وتتعدد المشتقات المالية وتشتمل على عقود الخيارات options والعقود المستقبلية future contracts والعقود الآجلة contracts forward وعقود المبادلة swaps ، وقد يكون موضوع هذه العقود منتجات وسلع حقيقية أو مؤشرات معينة مثل سعر الصرف أو سعر الفائدة أو أوراق مالية من أسهم وسندات أو عملات أجنبية.
 

وتعتمد المشتقات المالية على التوقعات المستقبلية ومدى تحقق فرص حصولها الناشئة من حالة عدم التأكد uncertainty المحيطة بأسعارها، ما يجعل الاستثمار فيها من أكثر الاستثمارات مخاطرة.
 

وقد صارت هذه الوسيلة سبيلاً لجني الأرباح من قبل الأفراد والمؤسسات المالية والمصرفية على حد سواء، من خلال الاتجار والتداول بالعقود المالية بفعل التقلبات السعرية للأدوات المالية الأصلية المشمولة بعقودها، كما أنها وسيلة لإدارة المخاطر من ناحية كونها تتيح للمستثمر فيها فرص تحديد مخاطر السوق ذات الصلة بالعقود المالية وإدارة كل مخاطرة على حده ومن ثم إتاحة الفرصة لتخفيض درجة المخاطر عموماً وذلك من خلال التحوط heding للحماية من آثار التقلبات السعرية والتي تنشأ عادة إما عن تقلب أسعار الصرف أو تقلب أسعار الفائدة أو تقلب أسعار أصول المحافظ الاستثمارية سواء كانت هذه الأصول سلعاً أم أوراقاً مالية(23).
 

ويمكن تصنيف المشاركين في أسواق المشتقات إلى فئتين.
الفئة الأولى: وهم المستخدمون النهائيون ends users الذين يدخلون هذه الأسواق لتحقيق أهداف معينة تتصل بالتحّوط وتكوين المراكز المالية والمضاربة.

 

وتشتمل هذه الفئة على مجموعة واسعة من المؤسسات مثل:
المصارف وبيوت الأوراق المالية وشركات التأمين وصناديق الاستثمار وغيرها.

 

الفئة الثانية: هي فئة الوسطاء intermediaries أو المتعاملين dealers الذين يلبون احتياجات المستخدمين النهائيين للمشتقات باستخدام هذه الأدوات الجديدة في الأسواق وذلك في مقابل جني إيرادات في شكل رسوم الصفقات وهوامش عروض البيع والشراء بالإضافة إلى الاستفادة من مراكزهم المالية الخاصة(24).
 

ويمكن حصر أكثر أنواع المشتقات تداولاً في الأسواق المالية في ثلاثة هي:
- عقود الخيارات - options .
- العقود المستقبلية future contracts.
- عقود المبادلات أو المقايضاتswaps (25).

 

وسوف نتكلم عن عقود الخيار والعقود المستقبلية، لارتباطها الوثيق بموضوع الغرر، ولا بد ابتداء من التفريق بين الخيارات الشرعية والخيارات المالية المستخدمة في الأسواق المالية.
 

أولاً: الخيارات الشرعية في الفقه الإسلامي
يعد هدف تحقيق العدل بين طرفي العقد(26)، وتأمين حرية التعاقد وتحقيق الرضا، من أهم مقاصد وغايات الخيارات الشرعية في الفقه الإسلامي، ويستدل على ذلك من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رجلاً ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال إذا بايعت فقل لا خلابة"(27)، وذلك بخلاف الخيارات المالية؛ إذ لا يتجاوز مقصدها تحميل خطر تذبذب الأسعار للطرف الآخر.

 

ويمكن تعريف الخيار الشرعي بأنه: "حق العاقد في فسخ العقد أو إمضائه لظهور مسوغ شرعي أو بمقتضى اتفاق عقدي"(28) أو هو إعطاء أحد العاقدين أو كليهما الحق في خيار إمضاء العقد أو تنفيذه أو فسخه(29) وينظر إلى الخيارات الشرعية من خلال أحد أمرين: الأول طبيعة الخيار؛ أي هل هو بحكم الشارع وهذا النوع لا يحتاج إلى اشتراطه في العقد، ويدخل فيه معظم الخيارات الشرعية أو إرادي أي ينشأ عن إرادة المتعاقدين ومثله خيار الشرط. ووفق هذا المحور في تقسيم الخيارات الشرعية، فإنّ الخير الحكمي الذي نشأ بحكم الشرع يستغرق معظم الخيارات باستثناء الخيارات الإرادية الثلاثة (خيار الشرط، خيار النقد، خيار التعيين). والأمر الآخر: فهو الغاية التشريعية من الخيارات فإما أن يكون غايته التروي دفعاً للغرر أو طلبا للمغانم، وتجنبا للمغارم(30).
 

وقد حدد الأحناف والشافعية أجل الخيار بثلاثة أيام(31). وقد نقل الإمام النووي الإجماع على عدم جواز إطلاق الخيار دون توقيت وتحديده بمدة على أنه غرر إذ قال: "إذا تبايعا بشرط الخيار غير مؤقت مذهبنا بطلان البيع؛ لأن فيه غرراً"(32)، ومن أهم الخيارات الشرعية بحكم الشرع خيار المجلس(33)، وخيار العيب(34)، ومن الخيارات التي تتم بإرادة العاقدين خيار الشرط: وهو إلحاق الممنوح للمتعاقدين أو أحدهما بحكم الاتفاق عند العقد في إمضاء العقد أو إلغائه خلال مدة معينة، سواءً بفسخ العقد صراحة أو بما يعتبر فسخا اعتبر العقد كأنه لم يكن، وإن أمضى العقد، أو لم يستعمل حقه في فسخه حتى مضت المدة، ذهب حق الخيار وصار العقد لازماً لكليهما(35)، وهو أشهر الخيارات ويسمى أيضاً خيار التروي، وبيع الخيار، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى الأخذ بخيار الشرط واعتباره مشروعا لا ينافي العقد(36)، إلا ابن حزم(37)، فهو يرى أنّه لا دليل عليه وأنّه شرط ليس في كتاب الله فهو باطل. واستدلوا بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رجلا ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال إذا بايعت فقل لا خلابة"(38)، وقد انعقد الإجماع على صحة خيار الشرط كما نقله الإمام النووي.
 

وقد استدلوا بالإجماع الذي نقله الإمام النووي حيث يقول "شرط الخيار وهو جائز بالإجماع واختلفوا في ضابطه فمذهبنا أنه يجوز ثلاثة أيام فما دونها ولا يجوز أكثر"(39)، وبناءً على ما سبق فإنّ خيار الشرط أقرب أشكال الخيارات الشرعية لعقود الخيارات في الأسواق المالية.
 

ثانياً: عقود الخيارات في الأسواق المالية (options)
وهي عقود مستحدثة(40) يتم التعامل فيها في سوق الأوراق المالية، وقد ظهرت كأداة من أدوات السوق المالي اعتبارا من 1973، وكوسيلة تحوطية يستخدمها المستثمرون للحماية من مخاطر تغير أسعار الأوراق المالية، والمضاربون لتعظيم أرباحهم(41)، وترجع الخلفية التاريخية للخيارات في أول سوق منظمة ظهرت لعقود الخيارات عام 1973 م في مدينة شيكاغو(42)، ولم ينتشر التعامل بها خارج الولايات المتحدة إلا في عقد الثمانينات(43)، حيث أصبحت متداولة في أكثر من أربعين سوقاً على مستوى العالم تقريااً، وقد ازداد التعامل بالخيارات في الولايات المتحدة حتى فاقت المليون عقد يومياً بمئات المليارات من الدولارات(44).

 

وعن مفهوم عقود الخيارات، فإن الخيار هو: "هو عقد بين طرفين يعطي لمشتريه الحق لا الالتزام أن يشتري أو يبيع كمية معينه من الأسهم أو من سلعة معينة بسعر تنفيذ معين، خلال فترة سريان العقد، ويدفع مشتري الخيار لقاء تلقيه هذا الحق مبلغاً معيناً يسمى ثمن الخيار، وهو مبلغ بسيط من سعر السهم أو من سعر السلعة"(45)، أو هو: عبارة عن عقد عول حامله الحق ببيع أو شراء أوراق مالية أو سلع معينه(46). أو هي تلك العقود التي تعطي لحاملها الحق في أن يبيع أو يشتري كمية معينة من الأوراق المالية أو غيرها من السلع الأخرى بسعر محدد سلفاً في تاريخ معين وله الحق كذلك في أن ينفذ أو لا ينفذ عملية البيع أو الشراء(47).
 

وهناك تعريف آخر للخيارات على أنها: "عقد بين طرفين يتعهد بموجبه الطرف الأول (البائع) أن يعطي للطرف الثاني (المشتري) الحق وليس الإلزام، لشراء أو لبيع أوراق مالية معينة، بسعر معين ولأجل معين، يدفع المشتري ثمناً مقابل تمتعه بذلك الحق، ويقبضه البائع مقابل تعهده والتزامه"(48). وتوجد في البورصة جهة ثالثة تضمن وفاء الطرفين بتعهداتهم، وهي غرفة المقاصة، حيث تتم هذه العمليات دون الحاجة إلى وجود علاقة مباشرة بين العاقدين.
 

وعقود الخيارات يدخل فيها أشكال عديدة، مثل خيارات المؤشرات والعملات وغيرها وأشهرها(49):
خيار الطلب أو الشراء (Call Option)
وهو اتفاق يعطي حامله الحق وليس الإلزام في شراء عدد معين من الأسهم أو أية أوراق مالية أخرى بسعر محدد، ويسمى السعر المتفق عليه بين الطرفين بالسعر الضارب (strike price) خلال فترة معينة، عادةً تكون ثلاثة شهور(50)(، والمشتري مخير والبائع ملزم لقبضه الثمن أو العمولة (premium)، فالمشتري حصل على الأمان ضد انخفاض قيمة الصفقة، والبائع حصل على العمولة، إضافة لقيمة الصفقة وقت العقد إذا ما أتم المشتري الشراء(51)). ففي هذه الفترة إذا ارتفع سعر السهم فمن مصلحة صاحب الخيار تنفيذ الحق، أما إذا انخفض فليس من مصلحة صاحب الخيار تنفيذ حق الخيار بالشراء، وفي هذا غرر كبير يؤثر في صحة العقد.

 

مثال: إذا كان لدى (س) ألف سهم، واتفق معه (ص) على أن يشتري منه هذه الأسهم، ولكن بواسطة شراء خيار الشراء مقابل عمولة مقدارها (200) فلساً عن كل سهم، وكان السعر الضارب للسهم (1,55) ديناراً في 20 / 7 ، وآخر يوم للخيار هو 20 / 10 . فيكون لدى (ص)، وهو المشتري، فرصة ثلاثة شهور لينظر في أفضل وقت لإتمام الصفقة بحسب تغيير السعر السوقي لقيمة السهم، في هذا المثال يكون سعر التعادل للسهم هو (1,75) دينار فإذا ارتفع سعر السهم إلى (2) دينار، فمن مصلحة ص أن يقوم بتنفيذ الشراء وفي هذه الحالة يكون قد ربح (2,00 * 1000) - (175 * 1000) = 250 ديناراً.
أما إذا انخفض سعر السهم إلى (1,45) دينار فليس من مصلحة أحمد تنفيذ حق الشراء؛ لأنه إذا نفذ سيقوم بخسارة (1,75 * 1000) – (1,45 * 1000) = 300دينار(52).

 

الثاني: خيار العرض أو البيع: (Put Option)
وهو اتفاق أو عقد يعطي لحامله الحق في بيع عدد معين من الأسهم بسعر معين خلال فترة زمنية معينة، ففي هذه الحالة المخير هو صاحب حق الخيار، أما المشتري أو القابض لثمن الخيار: فإنه مجبر على الشراء عندما يقرر مشتري الحق البيع بالسعر المتفق عليه بينهما في الفترة نفسها(53).

 

ويستنتج من ذلك أن مشتري حق خيار البيع هو صاحب الأوراق المالية ويرغب ببيعها ويخشى هبوط أسعارها، فيقوم بشراء حق خيار البيع إذا كان السعر يحقق له ربحاً، وهو بالخيار وليس عليه إجبار، أما قابض ثمن الخيار، وهو الذي سيقوم بشراء الأسهم إذا قرر الطرف الأول ذلك، فهو مجبر على الشراء خلال الفترة المتفق عليها بقبضه ثمن الخيار(54).
 

وهناك ثلاثة أساليب يتم تنفيذ عقود الخيارات بها وهي:
الأول: الخيار الأمريكي: هو الذي يعطي لحامله الحق في شراء أو بيع عدد من الأوراق المالية خلال فترة محددة بسعر محدد مسبقاً، وتتميز هذه الطريقة بالمرونة الكبيرة لحامل الخيار كونه غير محصور بتاريخ محدد.

 

الثاني: الخيار الأوروبي: ويختلف عن الخيار الأمريكي في أن حامل حق الخيار لا يستطيع تنفيذ الخيار إلا في تاريخ محدد.
 

الثالث: أسلوب برمودا: ومن خلال هذا الأسلوب يتم وضع عدة مراحل محددة يمكن فيها تنفيذ الخيار، ويجمع هذا الأسلوب بين الأسلوبين السابقين(55).
 

وما يحدث في هذه الخيارات أن الربح الذي يحصل عليه البائع هو خسارة للمشتري هذا في حالة خيار الشراء ، وفي حالة خيار البيع فإن ما يحصل عليه المشتري من ربح هو خسارة للبائع، والذي يحدث في كثير من الأحيان أن المشتري يكتفي بحصوله على الربح من البائع دون الحصول على الأسهم وبيعها، وبالنسبة للبائع فإنه لا يحتاج إلى تملك الأسهم والأوراق المالية عند بيعه للخيار؛ فإذا كان البائع مالكاً سمي الخيار خياراً مغطىً، وإلا فإنه يسمى خياراً مكشوفاً.
 

ومما سبق يمكن حصر أهم الفروق والاختلافات بين الخيارات في الفقه الإسلامي والخيارات المالية بما يلي:
 

أهم الفروق

الخيار الشرعي

الخيار المالي

مشروعية الخيار

جائز

لم تجزه المجامع الفقهية(56)

الغاية من الخيار

تحقيق العدل بين الطرفين وتقصيه عن طريق حرية التعاقد وتحقيق كمال الرضا ؛ دفعاً للجهالة والخداع والغرر

تحميل خطر تذبذب الأسعار للطرف الآخر، التأمين ضد مخاطر السوق، أو بيع المخاطر وشراؤها

ارتباطه بعقد البيع من

جزء من عقد البيع، وأحكامه الشرعية مرتبطة بعقد البيع

عقد مستقل له مقوماته فالبيع يقع على حق الخيار

ثمن الخيار

لا يقابل بثمن

يقابل بثمن وبدونه لا تتم المعاملة

جوهر الخيار

ليس منفعة أو حق يمكن الاعتياض عنه

حق يمكن الاعتياض عنه

بيع الخيار وتداوله

لا يمكن بيعه وتداوله

يمكن بيعه وتداوله

 

 

الحكم الشرعي في الخيارات المالية:

ذهب عدد كبير من العلماء المعاصرين إلى القول بمنع هذه العقود(57)، وقد استدلوا بعدة أدلة منها تعارض الخيارات المالية مع قصد الشارع في تحقيق العدل، ومن هذه الأدلة الغرر الفاحش الذي يحيل العقد إلى عقد مقامرة(58)، فهذه العقود تترافق مع غرر كبير يتمثل في الجهالة والترقب، وانتظار تقلبات الأسواق وما تأتي به من ارتفاع أو انخفاض في أسعار السلع أو الأوراق المالية، وما ينجم عن كل ذلك من خسائر للبعض ومكاسب لآخرين كما أن أغلب هذه العقود صورية لا يتم فيها تمليك ولا تملك(59) واعتبار الشروط المرافقة لعقود الخيارات من الشروط الفاسدة*(60)، و انطواء البيوع الآجلة الشرطية على بيع الإنسان ما ليس عنده والغرر الفاحش في عقود الخيارات، وقد قرر مجمع الفقه الإسلامي تحريم عقود الخيارات كونها عقداً على محل ليس هو منفعة ولا حق مالي يجوز الاعتياض عنه، وبما أنها غير جائزة ابتداءً، فإنّه لا يجوز تداولها(61).
 

وقد أجازت الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، والدكتور محمد علي القري(62) عقود الخيارات، متذرعين بأن الشرط الذي اتفق عليه العاقدان في البورصة شرط صحيح، وأن المال الذي يأخذه البائع من المشتري هو حق له فلا يرد إلى دافعه(63)، وقد استدل المجيزون بعدة أدلة ومنها: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [سورة المائدة: 1] وقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً"(64) وتحقيق إباحة الخيارات لمصلحة أكبر من المفسدة(65). وهذه أدلة عامة لا تنهض للاحتجاج بها لإباحة الخيارات المالية، ولا شك أن هذه العقود تنطوي على الكثير من المخالفات الشرعية وأهمها الغرر الفاحش، وبيع الإنسان ما لا يملك الوارد فيه النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما يؤدي من الغرر، حيث ورد عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَأْتِينِى الرَّجُلُ فَيَسْأَلُنِى الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِى أَبِيعُهُ مِنْهُ ثُمَّ أَبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ. قَالَ: "لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ"(66). يقول ابن القيم: "فبائع ما ليس عنده من جنس بائع الغرر الذي قد يحصل وقد لا يحصل، وهو جنس القمار والميسر، والمخاطرة مخاطرتان: مخاطرة التاجر وهو أن يشتري السلعة بقصد الاسترباح، ويتوكل على الله تعالى في ذلك، والخطر الثاني: الميسر الذي يتضمن أكل المال بالباطل، فهذا الذي حرمه الله ورسوله"(67)، وهذا يتطلب البحث في محاولة إزالة هذه المخالفات الشرعية بتطوير هذه العقود لكي تتفق مع الشريعة الإسلامية (68).
 

ثانياً: العقود المستقبلية
وهي من العقود التي يتم التعامل بها في أسواق الأوراق المالية، وتتضمن هذه العقود بيع سلعة، أو ورقة مالية، أو مؤشراً، أو عملات مع تأخير القبض إلى تاريخ لاحق(69) أو هي عقود تعطي لحاملها الحق في شراء أو بيع كمية من أصل معين (قد يكون سلعة أو ورقة مالية) بسعر محدد مسبقاً، على أن يتم التسليم في تاريخ لاحق في المستقبل، إذ يلتزم الطرفان بإيداع نسبة من قيمة العقد لدى السمسار الذي يتعامل معه، وذلك إما في صورة نقدية أو في صورة أوراق مالية، وسبب ذلك حماية كل طرف من المشكلات التي قد تترتب على عدم مقدرة الطرف الآخر بالوفاء بالتزاماته تجاهه(70).

 

ويدخل هذا البيع ضمن بيوع الغرر المنهي عنه على صورته المعمول بها؛ فهو يقابل بيع المعدوم، وهو غير جائز إلا في حالات معينة كما في بيع ما ظهر من القثاء والبطيا مع الذي لم يظهر منه، ولهذا جاء خلاف الفقهاء في هذه المسألة؛ انطلاقاً من أن هذا بيع معدوم منهي عنه؛ حيث نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحها، وقد أجاز المالكية(71) وأحمد هذا البيع مطلقاً على الوجه المعتاد، وهو أن ظهور بعضها ظهور لباقيها، ومن هنا فإنه إذا بدا صلاح بعض الشجر كان صلاحاً لباقيها باتفاق الفقهاء(72). ويمكن بيع الأشياء المستقبلية المعدومة؛ إذا كانت محققة الوجود بحسب العادة؛ فهو بيع مقبول شرعاً، مثل بيع الثمر بعد بدو صلاحه، والسلم، والاستصناع(73).
 

وصورة ما يحصل في أسواق الأوراق المالية: هو التقاء رغبتي البائع على بيع سلعة لا يحتاجها مع مشترٍ يرغب في تلك السلعة، على أن يكون تسليم البدلين في الموعد الذي يضربانه بينهما، فلا يقاس على السلم؛ لأن السلم استثناء، وليس تأخيراً للبدلين، بل تأخير للسلعة إلى أجل معلوم، والثمن يدفع في مجلس العقد، ويمكن أن تكون العملية مقاسةً على السلم في مسائل رفع الغرر، بأن يسلم الثمن أو جزءاً منه مقابل تسليم السلع في وقت لاحق، حسب الموعد الذي يضرباه لهذا الغرض وأن تحدد السلعة كيلاً ووزناً وعداً وغير ذلك من الشروط، وبهذا يمكن التخلص من الغرر الذي يحدث من بيع الإنسان مالا يملك والذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 

وما يقال في السلع يقال في الأوراق المالية والعملات، فإن ما يحدث في البورصات هو بيع وشراء دون تملك، وهذا ما يعلي شأن بعض التجار مادياً على حساب آخرين.
 

فبدلاً من عقد المستقبليات على العملات مثلاً مع البنك الضامن لمخاطر الصرف بعقد مستقل عن السلع المقصودة بعملية التبادل، فإنه يمكن ترتيب عملية مرابحة يتحمل بموجبها البنك الضامن مخاطر سعر الصرف من خلال شراء السلعة المطلوبة بعملة ثم بيعها للمستفيد بالعملة الأخرى. وإذا أجزنا المرابحة التمويلية فإنه يمكن استخدامها كذلك للتحوط؛ إذ في المرابحة التمويل جزء من التبادل الحقيقي لا ينفصل عنه وبهذا النوع من الصيغ بضوابطها الشرعية يتم حصول المقصود الحقيقي المولد للثروة وللسبب نفسه يمكن استخدامها للتحوط؛ لأن التشريع المالي الإسلامي القائم على العدل المطلق واحد في كلا الأمرين ومقصود الشارع في كل التعاملات هو أن تكون التعاملات مرتبطة بالنشاط الحقيقي المنتج وإذا كانت على غير ذلك فإنه يخالف مقصود الشارع منها يقول الإمام الشاطبي: "قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقا لقصده في التشريع"(74).
 

ولا بد لكي تكون التعاملات مرتبطة بالنشاط الحقيقي المنتج وأن تكون على مستوى العقد؛ إذ العقد في اصطلاح الفقهاء هو: ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع يثبت أثره في محله . وليس مجرد النية، فلا بد من تحقق شروط آثار العقد من القبض والضمان لتكون المعاملة مقبولة شرعاً، ومن ثم محققة لأهدافها الاقتصادية.
 

وكذلك بالنسبة للتعاقد على المؤشر، وهو رقم يشير إلى ارتفاع أو انخفاض قيم مجموعة من الشركات دون قبض أو تسليم لشيء، إلا أن الحاصل هنا هو أنه يتم تسوية نقدية تمثل الفرق بين السعر في العقد والسعر السائد في تاريخ انتهائه(75). وهذا من الغرر المنهي عنه لأنه لا يدري أيحصل التبادل الحقيقي أم لا؟ ثم إنه لا يتم فيه قبض ولا تسليم.
 

ولا بد في العقد من الرضا، والرضا يكون بحصول كل طرف من أطرافه بما تعاقد عليه، فعلى أي شيء تعاقد؟، وما الذي سيحصل عليه؟ وقد منع مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة التعامل بالمؤشر؛ والمؤشر "رقم حسابي يحسب بطريقة إحصائية خاصة يقصد منه معرفة حجم التغير في سوق معينة، وتجري عليه المبايعات في بعض الأسواق العالمية،ولا يجوز بيع وشراء المؤشر"(76)؛ لأنه مقامرة بحتة وهو بيع شيء خيالي لا يمكن وجوده، وعليه فإنّ عقود المستقبليات تتضمن عدة مخالفات شرعية منها بيع المضارب ما لا يملك، وبيع الأشياء قبل قبضها، وبيع الدين بالدين، وممارسات غير شرعية (غير أخلاقية) للتأثير على الأسعار.
 

ولقد تبين أنّ الهدف من عمليات التحوط، هو الحماية من خطر تقلبات الأسعار، وذلك بواسطة عقود الخيارات، وبواسطة عقود الآجال والمستقبليات، وهذا ممتنع شرعاً لمنافاته لمنطق التشريع الإسلامي ومقاصد الشريعة الإسلامية الغراء.
وقد اتخذ مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة قراراً عاماً في المستقبليات؛ حيث أجاز في التعامل بالسلع طريقتين، ومنع طريقتين(77):
1 - الطريقتان الجائزتان:
أ.أن يتضمن العقد حق تسليم المبيع وتسلم الثمن في الحال، مع وجود السلع أو إيصالات ممثلة لها في ملك البائع وقبضه.
ب.أن يتضمن العقد حق تسليم المبيع وتسلم الثمن في الحال، مع إمكانهما بضمان هيئة السوق، وهذا العقد جائز شرعاً بشروط البيع المعروفة.

 

2 - الطريقتان الممنوعتان:
أ) أن يكون العقد على تسليم سلعة موصوفة في الذمة في موعد آجل ودفع الثمن عند التسليم، وأن يتضمن شرطاً يقتضي فعلاً بالتسليم والتسلم.
ب) أن يكون العقد على تسليم سلعة موصوفة في الذمة في موعد آجل ودفع الثمن عند التسليم، دون أن يتضمن العقد شرطاً ينتهي بالتسليم والتسلم الفعليين، بل يمكن تصفيته بعقد معاكس، وما يقال على السلع يقال على بيع العملات.
وتبين أنه لما كان الغرر واضحاً في تلك العقود منعت فضلاً عما يشوبها من أمور أخرى منهي عنها، وبزوال الغرر أجيز التصرف كما في الطريقتين الجائزتين.

 

وعليه فإنه عند انتفاء مصلحة المتعاقدين في المشتقات سواء عقود الخيارات أو المستقبليات أو المضاربة على المؤشر من تسلم السلع محل التعامل، فإنها تؤول إلى التسوية على فروق الأسعار، إذ ليس المقصود هو الانتفاع بالمبيع أو استغلاله وإنما بيع المخاطر فقط أو تحميلها إلى طرف آخر.
 

وهذا النوع من التعامل يتضمن الربا بنوعيه لأنها من قبيل مبادلة نقد بنقد مع التفاضل والتأخير، ومن هنا فإن تحريم المشتقات من جهتين: الأولى الغرر الفاحش، والثانية كونها تؤدي إلى الربا. وهذا يؤكد ويبين فضل الشريعة الإسلامية الغراء وكمالها حيث حرمت كلا الأمرين، وحين ربطت الأحكام بالمقاصد والنيات وليس مجرد إجراءات شكلية؛ لأن العبرة بالعقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني ولأن الوسائل تسقط بسقوط المقاصد(78).
 

الخاتمة وفيها أهم النتائج والتوصيات

أولا: النتائج

-    اتفق الفقهاء على أن الغرر ما لا يضمن أو ما كان مستور العاقبة، وقد عرفه ابن القيم بأنه (تردد بين الوجود والعدم)، أو هو ما لا يقدر على تسليمه سواء أكان موجوداً أم لا.
 

-    ينسحب أثر الغرر على كثير من المعاملات والعقود التبادلية المالية بين الناس ويؤثر على سلامة هذه العقود، وهو واضح وكبير في شتى مناحي الحياة الاقتصادية، وعلى وجه الخصوص الأسواق المالية.
 

-    يؤثر الغرر تأثيراً مباشراً وأساسياً في عقود المشتقات المالية سواء في الخيارات المالية أو العقود المستقبلية،، وقد توصلت الدراسة إلى أن من أهم أسباب الأزمة المالية المعاصرة الغرر الذي تشتمل عليه عقود المشتقات المالية.
 

-    عقود الخيارات المالية لا تندرج تحت أي مسمى من مسميات العقود المسماة، بل تخالف العقود المسماة في الفقه الإسلامي كافة، وهي مغايرة تماماً للخيارات الفقهية.
 

-    تتضمن عقود المستقبليات عدة مخالفات شرعية منها بيع المضارب ما لا يملك، وبيع الأشياء قبل قبضها، وبيع الدين بالدين، وممارسات غير شرعية (غير أخلاقية) للتأثير على الأسعار.
 

-    لا يجوز بيع المؤشر وشراؤه ؛ لأنه مقامرة بحتة وهو بيع شيء خيالي لا يمكن وجوده.
 

-    كما تبين أنّ الهدف من عمليات التحوط، هو الحماية من خطر تقلبات الأسعار، وذلك بواسطة عقود الخيارات، وبواسطة العقود المستقبلية وهي من أدوات الاستثمار المستحدثة في الأسواق المالية التي يستخدمها المستثمرون وسيلة للتحوط، والاحتماء من مخاطر تذبذب أسعار الأوراق المالية والعملات الأجنبية، وطريقة لزيادة الأرباح بأقل التكاليف من خلال المضاربة على فروق الأسعار وهذا ممنوع شرعاً لمنافاته لمنطق التشريع الإسلامي ومقاصد الشريعة الإسلامية الغراء.
 

-    أن الغرر الفاحش يحيل العقد إلى عقد مقامرة فهذه العقود تترافق مع غرر كبير يتمثل في الجهالة والترقب، وانتظار تقلبات الأسواق وما تأتي به من ارتفاع أو انخفاض في أسعار السلع أو الأوراق المالية ، وما ينجم عن كل ذلك من خسائر للبعض ومكاسب لآخرين، كما أن أغلب هذه العقود صورية لا يتم فيها تمليك ولا تملك واعتبار الشروط المرافقة لعقود الخيارات من الشروط الفاسدة، وانطواء البيوع الآجلة الشرطية على بيع الإنسان ما ليس عنده وللغرر الفاحش في عقود الخيارات.
 

ثانياً: التوصيات

-    توصي الدراسة بضرورة انضباط سوق الأوراق المالية بالمشروعية وبما يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية ومصالح الأمة الإسلامية.
 

-    كما توصي الدراسة بعدم التوسع في المشتقات المالية والبحث عن بدائل مقبولة شارعاً مثل خيار الشرط وبيع العربون وغيرها، وتوصي الدراسة بضرورة انضباط سوق الأوراق المالية بضوابط المشروعية.
 

-    وتوصي الدراسة أيضاً بمواصلة البحث والاستقراء لأصول الاقتصاد الإسلامي ومبادئه وضوابطه للكشف عما يكتنف معاملات الأسواق المالية من شبهات ومحاولة إيجاد البدائل الشرعية المناسبة لها.
 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

___________________________________

(1)    لسان العرب، جمال الدين، محمد بن مكرم ابن منظور المصري، دار صادر، بيروت، المجلد الخامس، مادة غرر، ص 13-14.
(2)    معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء، د. نزيه حماد، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ط3، 1995، ص259.
(3)    لسان العرب، مرجع سابق، مادة غرر، ص14.
(4)    المبسوط، السرخسي، شمس الدين أبو بكر محمد بن أبي سهل، تحقيق: خليل محيي الدين الميس، دار الفكر، بيروت، لبنان، ط1، 1421هـ - 2000م، ج13، ص125.
(5)    زاد المعاد، ج5، ص7.
(6)    إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، محمد بن أبي بكر أيوب، تحقيق: طه عبد الرؤوف، الدار الجيل، بيروت، 1973، ج2، ص7.
(7)    صحيح البخاري، ج8، ص82، باب بيع الغرر وحبل الحبلة، حديث رقم 61.
(8)    الكشاف الاقتصادي لآيات القرآن الكريم، محيي الدين عطية، المعهد العالمي للفكر الإسلام، 1991م، ص158، 159.
(9)    الموطأ، ص578، الحديث رقم 78.
(10)    الفتاوى الكبرى، ابن تيمية، دار الكتب العلمية، بيروت، المجلد الرابع، كتاب البيوع، ص16-17.
(11)    انظر: تهذيب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية، محمد علي بن حسين المكي المالكي من كتاب الفروق، مرجع سابق، ص432، 433.
(12)    الغرر في العقود وآثاره التطبيقات المعاصرة، الصديق محمد الضرير، البنك الإسلامي للتنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، سلسلة محاضرات العلماء البارزين رقم (4)، ص12.
(13)    نيل الأوطار، ص168-169.
(14)    الموطأ، كتاب إسعاف المبطأ، مرجع سابق، ص479.
(15)    نيل الأوطار، الحديث رقم 2178، 168.
(16)    الموطأ، ص578-579.
(17)    البخاري، كتاب البيوع، باب بيع المخاضرة، ج3، حديث رقم 449، ص168.
(18)    بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، الدريني، مرجع سابق، ص412.
(19)    الفروق، ج3، ص433.
(20)    التحوط في التمويل الإسلامي، سامي السويلم المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، جدة 2007، وانظر: تعقيب الدكتور سامي السويلم على بحثي الجلسة الأولى حول المشتقات وأثرها في الأزمة المالية العالمية، ضمن فعاليات ندوة مجموعة البركة المصرفية الثلاثين، جدة (5-6 رمضان 14630هـ).
(21)    انظر: الصناعة المصرفية العربية وعالم التمويل الحديث، الأستاذ حمود بن سنجور وآخرين، اتحاد المصارف العربية، 1995، ص85.
(22)    انظر: أدوات الاستثمار، محمد مطر، مؤسسة الوراق، عمان، الأردن، ص262.
(23)    انظر: التحوط، سامي سويلم، 15-16.
(24)    انظر: الصناعة المصرفية العربية وعالم التمويل الحديث، الأستاذ حمود بن سنجور وآخرين، اتحاد المصارف العربية، 1995، ص87.
(25)    انظر حول ذلك: أسواق الأوراق المالية وآثارها الإنمائية في الاقتصاد الإسلامي، أحمد محيي الدين أحمد، سلسلة صالح كامل للرسائل الجامعية في الاقتصاد الإسلامي، الكتاب الثاني، ط2، 1995م، ص439 – 440.
(26)    الفتاوى، ابن تيمية، طبعة الملك سعود، ط1، 1382هـ، ج20، ص82.
(27)    صحيح مسلم، باب من يخدع في البيع، ج3، ص1165.
(28)    الخيار وأثره في العقود، أبو غدة، عبد الستار، ص43.
(29)    الفقه الإسلام وأدلته، وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، د ت، 4/702.
(30)    الخيار وأثره في العقود، أبوغدة، عبد الستار ص49.
(31)    المبسوط، السرخسي، شمس الدين أبو بكر محمد بن أبي سهل، تحقيق: خليل محيي الدين الميس، دار الفكر، بيروت، لبنان، ط1، 1421هـ - 2000م، ج13، ص101.
(32)    المجموع، ج9، ص225.
(33)    وهو الحق الممنوح للمتبايعين في إمضاء العقد أو فسخه قبل أن يتفرقا، والدليل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" صحيح البخاري، باب: بيع الخلط من التمر ج2/ص732. صحيح مسلم، باب: الصدق في البيع والبيان، ج3، ص1164، وقد قال الشافعي وأحمد بالتفرق بالأقوال والأبدان، يقول الإمام الشافعي: "وكل متبايعين تبايعا وتراضيا ولم يتفرقا عن مقامهما أو مجلسهما الذي تبايعا فيه فلكل واحد منهما فسخ البيع" الأم، ج3، ص4. وانظر: الكافي في فقه ابن حنبل، ج2، ص43. بخلاف أبي حنيفة ومالك؛ فقد قالا: إن التفرق في الحديث محمول على أنه التفرق في الأقوال لا في الأبدان. الكاساني، بدائع الصنائع، ج5، ص228.
(34)    وهو الخيار الذي يثبت للمشتري بسبب نقص قيمة المبيع عادة وعند بعض الفقهاء هو نقيصة يقتضي العرف سلامة المبيع عنها، 34 انظر: الفروع وتصحيح الفروع، محمد بن مفلح المقدسي، تحقيق: أبو الزهراء حازم القاضي، دار الكتب العلمية – بيروت – 1418هـ، ج4، ص76. وللمشتري الحق بموجبه في إمضاء البيع أو عدمه بسبب وجود عيب في السلعة لم يخبره به البائع أو لم يعلم به البائع، لكنه تبين أنه موجود في السلعة قبل البيع، وضابط العيب الذي يثبت به الخيار هو ما تنقص بسببه قيمة المبيع عادة أو تنقص به عينه، ومرجع ذلك هو العرف (عرف التجار) فما عدوه عيباً ثبت الخيار به ومن هنا فإنه يجب على البائع بيان ما علمه من عيب في سلعته قل أو كثر، ولا يجوز له إجمال العيب وإلا كان مدلّساً. انظر: الروض المربع شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي تحقيق: سعيد محمد اللحام، دار الفكر، بيروت، ج1، ص220، وهو محل اتفاق بين الفقهاء، وفي ذلك يقول ابن قدامة: "لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافاً" المغني، مسألة قال وإذا اشترى أمة، ج4، ص108، ودليله قول الله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29]. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً وفيه عيب إلا بيَّنه له" سنن ابن ماجه، ابن ماجه أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، كتب حواشيه: محمود خليل مكتبة أبي المعاطي، ج3، ص355 رقم الحديث: 2246، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الخراج بالضمان.
(35)    الخيار وأثره في العقود، ص196، مرجع سابق.
(36)    مواهب الجليل، فصل في البيع بشرط الخيار، ج4 ص409، الدر المختار، باب خيار الشرط، 4/ص583. المجموع، كتاب البيوع، ج9/ص139، المغني، مسألة قال: والخيار يجوز أكثر من ثلاثة أيام، ج4/ص23.
(37)    المحلى بالآثار، تحقيق: عبد الغفار البنداري، دار الكتب العلمية – بيروت، المسألة: 1420، ج7، ص255، ومسألة: 1421، ص260.
(38)    الحديث سبق تخريجه.
(39)    المجموع، ج9، ص225.
(40)    انظر: أساسيات الاستثمار في الأوراق المالية، منير هندي، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية 1999م، ص630-631، وانظر: نحو سوق مالية إسلامية، القرى، مجلة دراسات اقتصادية، البنك الإسلامي للتنمية، العدد الأول 1993م، ج1، ص21.
(41)    عمل شركات الاستثمار الإسلامية في السوق العالمية، أحمد محيي الدين أحمد، ط1، 1986، ص11.
(42)    لقد تعامل الناس بالخيارات منذ قرون عديدة، وذلك من خلال مكاتب التجار والأسواق غير المنظمة، وقد بدأت في السلع في سنة 1630م، ثم توسع التعامل بها فشملت العقارات ومعاملات الأوراق المالية في الأسواق خارج البورصة، انظر: نحو سوق مالية إسلامية، كمال حطاب، ص5.
(43)    لقد بدأت بورصة شيكاغو بخيارات لأسهم بخمس وعشرين شركة، ثم ما  لبثت أن ازدادت إلى أكثر من خمسائة شركة، وقد اشتملت على أسواق الأسهم والأوراق المالية والعملات والمعادن الثمينة وبقية السلع الرئيسة، انظر: نحو سوق مالية إسلامية، كمال حطاب، ص 6.
(44)    انظر: أساسيات الاستثمار في الأوراق المالية، منير هندي، المكتب العربي الحديث – الإسكندرية 1999م، ص630-631، وانظر: نحو سوق مالية إسلامية، محمد علي القري، مجلة دراسات اقتصادية، البنك الإسلامي للتنمية، العدد الأول 1993م، ج1، ص21.
(45)    سلسلة الاستثمار الحديثة في خيارات الأسهم وخيارات مؤشرات الأسهم، قاسم حمامي، مطابع الفرزدق التجارية الرياض، ص9.
(46)    فقه البيوع المنهي عنها، أحمد ريان، البنك الإسلامي للتنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، سلسلة محاضرات العلماء البارزين، ط2، ص1998، ص25.
(47)    الاستثمار والتمويل بين النظرية والتطبيق، حسني خربوش وآخرون، دار زهران، عمان، 1999، ص214.
(48)    الأسهم – الخيارات – المستقبليات، القري، مجمع الفقه الإسلامي، الدورة 7، 1/211.
(49)    هنالك خيارات أخرى كثيرة ومنها: خيار الزيادة والذي يحق لصاحب الخيار الاستزادة من البيع أو الشراء عند حلول الأجل المتفق عليه. وهذا الخيار يمكن أن يكون للمشتري أو للبائع، وتكون الزيادة بحسب الاتفاق، كما يعتبر البيع أو الشراء باتاً في الكمية الأصلية، وخيارياً لصاحب الخيار في الاستزادة أما خيار الانتقاء فيعني الانتقاء بين الشراء بالسعر الأعلى أو البيع بالسعر الأدنى، والقصد من التعامل بهذا النوع من الخيار هو المضاربة على تقلبات أسعار الأوراق المالية، وصاحب الخيار عند حلول الأجل يختار وضع المشتري إذا كان هناك ربح، أو وضع البائع إذا كان يحقق له ربحاً. انظر: أسواق الأوراق المالية وآثارها الإنمائية في الاقتصاد الإسلامي، أحمد محيي الدين أحمد، سلسلة صالح كامل للرسائل الجامعية في الاقتصاد الإسلامي، الكتاب الثاني، ط2، 1995م، ص439-440.
(50)    نحو سوق مالية إسلامية، محمد علي القري، ص20.
(51)    نحو سوق إسلامية مالية، محمد علي القري، ص6.
(52)    التشريعات المالية والمصرية في الأردن، إسماعيل الطراد وجمعة عباد، دار وائل، عمان، 1999، ص164.
(53)    عقود الخيارات، كمال حطاب، ص4، وانظر: نحو سوق مالية إسلامية، القري، محمد علي، ص20.
(54)    نحو سوق مالية إسلامية، محمد علي القري، مرجع سابق، ص22.
(55)    انظر للتوسع في موضوع الخيارات المالية: أساسيات الاستثمار في الأوراق المالية، منير هندي، ص630-631، وانظر: نحو سوق مالية إسلامية، القري، ج1، ص21. وانظر: عقود الخيارات من منظور إسلامي، مال توفيق حطاب، بحث مقدم إلى مؤتمر المناخ المالي والاستثماري في جامعة اليرموك، 2002، وانظر: فقه البيوع المنهي عنها، ص16، وانظر: التشريعات المالية والمصرفية في الأردن، إسماعيل الطراد وجمعة عباد، ص164-165.
(56)    مجمع الفقه الإسلامي، في دورته السابعة في مدينة جدة عام 1992، القرار رقم (65/6/7). www.Fatawa.Al..islam.com.
(57)    انظر للتفصيل والتوسع: أسواق الأوراق المالية، أحمد محيي الدين، ص443-448. انظر: الأسواق المالية في ميزان الفقه الإسلامي، وعلي القرة داغي، ص157-159. وانظر الخيارات، محمد المختار السلامي، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة السابعة، العدد السابع، 1992، ج1، ص229-237. وانظر: عقود الخيارات، وهبة الزحيلي، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، ج1، ص256-257 وانظر: الخيارات، الصديق الأمين الضرير، مجلة مجمع الفقه الإسلام، ج1، ص262-264. وانظر: الخيارات في الأسواق المالية في ضوء مقررات الشريعة الإسلامية، عبد الستار أبو غدة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، ج1، ص337-338. وانظر: العقود المستقبلية ورأي الشريعة الإسلامية، أحمد الإسلامبولي، ص276-277.
(58)    بيع الكالئ بالكالئ في الفقه الإسلامي، نزيه حماد، مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، جامعة الملك عبد العزيز – جدة، ط1، 1986م، ص19.
(59)    مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة السابعة، العدد السابع، ج1، ص11-12.
(60)    أسواق الأوراق المالية، أحمد محيي الدين، ص445.
* الشرط الفاسد هو "كل شرط يؤدي وجوده إلى غرر وجهالة، ويوجب منفعة عظيمة يتضرر منها الطرف الآخر" انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ابن رشد، مكتبة الكليات الأزهرية – القاهرة 1970م، ج2، 183.
(61)    لقد قرر مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة في مدينة جدة عام 1992 عدم جواز عقود الخيارات، حيث جاء في القرار رقم (65/6/7) "بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الخيارات وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله، تقرر: أن المقصود بعقود الخيارات الالتزام ببيع شيء محدد موصوف أو شرائه بسعر محدد خلال فترة زمنية معينة أو في وقت معين إما مباشرة أو من خلال هيئة ضامنة لحقوق الطرفين وحكمه الشرعي أن عقود الخيارات – كما تجري اليوم في الأسواق المالية – هي عقود مستحدثة لا تنطوي تحت أي عقد من العقود الشرعية المسماة وبما أن المعقود عليه ليس مالاً ولا منفعة ولا حقاً مالياً يجوز الاعتياض عنه فإنه غير جائز شرعاً وبما أن هذه العقود لا تجوز ابتداء فلا يجوز تداوله" مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة السابعة، العدد السابع، ج1، ص715.
(62)    نحو سوق مالية إسلامية، محمد علي القري، ص21-22.
(63)    رأي التشريع في البورصة، الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، أحمد يوسف سليمان، الطبعة الأولى، 1982م، ج5، ص425.
(64)    رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. انظر: سنن الترمذي، ج3، ص634، حديث رقم 1352.
(65)    نحو سوق مالية إسلامية، كمال حطاب ص13.
(66)    سنن النسائي، أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي باب بيع ما ليس عند البائع، ج14، ص281، حديث رقم (4630)، موقع وزارة الأوقاف المصرية، http://www.islamic-council.com.
(67)    زاد المعاد، ابن القسم، ج4، ص265-266.
(68)    نحو سوق مالية إسلامية، كمال حطاب، ص13.
(69)    انظر: بورصة الأوراق المالية والضرائب، عبد الرزاق عفيفي، دار الصميعي – الرياض، ط1، 2001م، ص187-188، ص173، وما بعدها. فقه البيوع المنهي عنها، ص26.
(70)    بورصة الأوراق المالية، محمد حناوي، مرجع سابق، ص263.
(71)    حيث قالوا: "أن بدو الصلاح في البعض كاف لأن الغالب التقارب" الذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، تحقيق: محمد حجي، دار الغرب، بيروت: 1994، ج5، ص190.
وانظر: حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني، علي بن أحمد الصعيدي العدوي، ج6 ص44، و ص222.
(72)    مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ج29، ص489، وانظر: الروض المربع، ج1، ص231.
(73)    الغرر في العقود، الصديق الضرير، ص50.
(74)    الموافقات في أصول الفقه، إبراهيم بن موسى المالكي الشاطبي، دار المعرفة، بيروت، تحقيق: عبد الله دراز، ج2، ص331.
(75)    بحث في الأسواق المالية للدكتور محمد القري عيد مقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي في دورته السادسة.
(76)    مجمع الفقه الإسلامي، الدورة السابعة، جدة 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9-14 أيار (مايو) 1992م قرار رقم: 63 (1/7).
(77)    مجمع الفقه الإسلامي، الدورة السابعة، جدة، 1992، القرار رقم (65/6/7).
(78)    التعسف في استعمال الحق، د. فتحي الدريني، دار البشير، 1998، ص295.