نشأة التفسير الفلسفي وتطوره ونماذجه
14 محرم 1431
هشام منور

مع توسع الفتوحات الإسلامية للبلاد والشعوب والأمم والحضارات الأخرى، ودخول العديد من أبناء تلك الشعوب والحضارات في دين الله أفواجاً، اعتمدت الحضارة الإسلامية مبدأ تمثل إنجازات الحضارات والشعوب والبلدان المفتتحة أولاً، ثم استيعابها ضمن النسيج الحضاري العلمي والمعرفي الإسلامي، والإضافة عليها تالياً بعد أن تهيئ لأبناء الحضارة الإسلامية من المعارف والعلوم والخبرة والدربة ما يؤهلهم لذلك. ولذا، لم تتنكر الحضارة الإسلامية لإنجازات الأمم والشعوب والحضارات السالفة، بقدر ما اعترفت بمكانتها وأهمية نتاجاتها العلمية، ووظفتها في بناء صرحها الحضاري الخاص والمميز فيما بعد.

 

في ظل الظروف والملابسات المتقدمة، ترجمت كتب الفلسفة والمنطق وغيرها من الفنون والعلوم، من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، ويرجع الفضل الأكبر في هذا العمل إلى العباسيين، إذ أنهم نظموا الترجمة الإسلامية وشجعوها. فبدأ المنصور هذه حركة الترجمة، وتعهدها أبناؤه وأحفاده من بعده، وبلغ بها المأمون ـ خاصة ـ القمّة، وأضحت (بغداد) صرحاً علمياً يحج إليها الطلاب من كل مكان.

 

ولكي يحقق العباسيون غايتهم، استخدموا طائفة من الفرس والهنود والصابئة والنصارى، الذين كانوا على اتصال وثيق بالدراسات القديمة، فنقلوا إلى اللغة العربية كتب الفلاسفة اليونان، وعلوم الهند والفرس وفلسفاتهم. وقرأ بعض المسلمين هذه الكتب الفلسفية، فلم يرقهم ما فيها من نظريات وأبحاث، «لأنهم وجدوها تتعارض مع الدين ولا تتفق معه بحال من الأحوال، فكرسوا حياتهم للردّ عليها ومناظرتها، وتحذير الناس منها، وكان على رأس هؤلاء: الإمام الغزالي(1)، والفخر الرازي(2)، الذي تعرض في تفسيره لنظريات الفلاسفة التي تبدو في نظره متعارضة مع الدين، ومع القرآن على الأخص، فردها وأبطلها بمقدار ما أسعفته الحجة، وانقاد له الدليل»(3).

 

وقرأ بعض المسلمين هذه الكتب فأعجبوا بها إعجاباً كبيراً، رغم ما فيها من نظريات قد تبدو متعارضة مع نصوص الشرع القويم، وتعاليمه التي لا يلحقها الشك، ولا تحوم حولها الشبهة. ويمكن تفسير ذلك وتعليله بأنهم وجدوا أن في مقدورهم أن يوفقوا أو يوائموا بين (الحكمة) و(العقيدة)، أو بين (الفلسفة) و(الدين)، وأن يبينوا للناس أجمعين أن (الوحي) لا يناقض (العقل) في شيء، وأن (العقيدة) الصحيحة إذا استنارت بضوء (الحكمة)، تمكنت من النفوس، وثبتت أمام الخصوم.

 

وقد قادهم اعتقادهم المتقدم ذاك إلى الخوض في الفلسفة وفروعها ومجالاتها، فبذلوا كل ما يستطيعون من جهد وعلم ومعرفة ليصلوا الفلسفة بالدين، ويؤاخوا بينهما. وقد نجح بعض من فلاسفة المسلمين في تحقيق ذلك في بعض الجوانب والميادين، وبنسبة تكاد أن تكون معقولة، ولكنه نجاح إن أرضى بعض المسلمين فقد أغضب الكثير منهم، ذلك «لأنهم لم يصلوا في توفيقهم إلا إلى حلول وسطى، صوروا فيها التعاليم الدينية تصويراً يبعد كثيراً عن الصور الثابتة المأثورة، ومثل هذه الحلول لا تصلح للتوفيق بين جانبين متقابلين وطرفين متنافرين، ولذلك لم يجد الغزالي، ومن لفّ لفه، صعوبة في الرد على هؤلاء الفلاسفة الموفقين، وإبطال محاولاتهم»(4)، التي ظنوا أنهم أرضوا بها الجانبين على حد سواء.

 

- طرق الفلاسفة في التوفيق بين الدين والفلسفة:

لقد كان للفلاسفة الموفقين بين الدين والفلسفة طريقتان يسيرون عليها في توفيقهم:
الطريقة الأولى: فهي طريقة التأويل للنصوص والحقائق الشرعية، بما يتفق مع الآراء الفلسفية، ومعنى هذا إخضاع تلك النصوص والحقائق إلى هذه الآراء حتى تسايرها وتتماشى معها.

 

أما الطريقة الثانية: فهي شرح النصوص والحقائق الشرعية بالآراء والنظريات الفلسفية، ومؤدى هذا أن تطغى (الفلسفة) على (الدين) وتتحكم في نصوصه، وهذه الطريقة أخطر من الأولى وأكثر منها شراً على (الدين)(5).

 

- الأثر الفلسفي في تفسير القرآن:

إن علماء المسلمين لم يكونوا جميعاً على مسافة واحدة وموقف موحد وواحد بالنسبة للآراء الفلسفية، بل وجد منهم من وقف منها موقف الرفض وعدم القبول، كما وجد منهم من وقف موقف الدفاع عنها والقبول لها:

أما الفريق المعاند للفلسفة والمعادي لها، فإنه لما فسّر القرآن الكريم، اصطدم بهذه النظريات الفلسفية وواجه آراءها التي كانت ذائعة في زمانه، فرأى أن من واجبه، كمفسر، أن يعرض لهذه النظريات ويمزجها بالتفسير، إما على طريق الدفاع عنها وبيان أنها لا تتعارض مع نصوص القرآن الكريم، وذلك بالنسبة للنظريات الصحيحة عنده والمسلمة لديه، وإما على طريق الرد عليها، وبيان أنها لا يمكن أن تساير نصوص القرآن، وذلك بالنسبة للنظريات التي لا يسلّم بها.

 

وهو في الحالة الأولى يشرح القرآن الكريم بما يوافق هذه النظريات التي لا يراها متعارضة مع (الدين). وفي الحالة الثانية، لا يمشي على ضوء النظريات الفلسفية في تفسيره، بل يفسر النصوص على ضوء (الدين) و(العقل) وحدهما، دون أن يكون للرأي الفلسفي دخل في شرح النص القرآني وبيان معناه، وممن فعل هذه في تفسيره الإمام الفخر الرازي.

 

وأما الفريق المسالم للفلسفة، المصدق بكل ما فيها من نظريات وآراء، فإنه لما فسر القرآن الكريم، سلك طريقاً خطيراً. إذ أنه وضع الآراء الفلسفية أمام عينيه، ثم نظر من خلالها إلى القرآن الكريم، فشرح نصوصه وفق ما تمليه عليه نزعته الفلسفية المجردة من كل شيء إلا من التعصب الفلسفي.

 

ووجدنا أنفسنا أمام شروح لبعض آيات القرآن الكريم، هي في الحقيقة شروح لبعض النظريات الفلسفية، قصد بها تدعيم الفلسفة وخدمتها على حساب القرآن الكريم، الذي هو أصل (الدين) ومنبع تعاليمه.

 

نماذج من التفسير الفلسفي

تقدم معنا أن للتفسير الفلسفي مسلكان رئيسيان، أحدهما واجه الفلسفة والفلاسفة، وحاول تفنيد نظرياتها ومبادئها، والتوفيق، ما أمكن، بينها وبين الشريعة. والآخر تبنى مقولات الفلسفة ونافح عنها، وحاول تأويل الآيات القرآنية بما يتناسب مع هذه الآراء والمبادئ الفلسفية.

 

ونستطيع التمثيل للاتجاه الأول بتفسير (مفاتح الغيب) للفخر الرازي، والتفاسير التي نسجت على منواله، شرحاً واختصاراً واستفادة (تفسير البيضاوي وغيره).

 

وفيما يلي عرض نماذج للمسلك الثاني في التفسير الفلسفي للقرآن الكريم، وهو المسلك الذي فسّر القرآن بالفلسفة، وحاول تأويل النصوص بما يوافقها ويؤيد نظرياتها وآراء فلاسفتها.

 

أولاً: تفسير الفارابي:

يعدّ كتاب الفارابي (فصوص الحكم) نموذجاً بارزاً لهذا النوع من كتب التفسير، بالمعنى الذي تقدم بيانه. فقد فسّر الفارابي، المتوفى سنة 339 للهجرة، بعض الآيات القرآنية، والحقائق الشرعية تفسيراً فلسفياً محضاً.
فمن ذلك: أنه يفسر الأولية والآخرية الواردة في قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} (سورة الحديد: 3). تفسيراً أفلطونياً مبنياً على القول بقدم العالم، فيقول: إنه «الأول من جهة أنه منه ويصدر عنه كل موجود لغيره، وهو أول من جهة أنه بالوجود لغاية قربه منه، أول من جهة أن كل زماني ينسب إليه بكون، فقد وجد زمان لم يوجد معه ذلك الشيء، ووجد إذ وجد معه لا فيه».

 

ويفسّر معنى (الآخرية) بقوله: «هو الآخر؛ لأن الأشياء إذا لوحظت ونسبت إليه أسبابها ومباديها وقف عنده المنسوب، فهو آخر لأنه الغاية الحقيقية في كل طلب، فالغاية مثل السعادة في قولك: لم شربت الماء؟، فتقول: لتغيير المزاج، فيقال: ولم أردت أن يتغير المزاج؟ فتقول: للصحة، فيقال: لم طلبت الصحة؟ فتقول: للسعادة والخير، ثم لا يورد عليه سؤال يجب أن يجاب عنه، لأن السعادة والخير تطلب لذاته لا لغيره... فهو المعشوق الأول، فلذلك هو آخر كل غاية، أول في الفكرة آخر في الحصول، هو آخر من جهة أن كل زمان يتأخر عنه، ولا يوجد زمان متأخر عن الحق»(6).

 

ويشرح (الظاهر) و(الباطن) في قوله تعالى: {وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} (سورة الحديد: 3). فيقول: «لا وجود أكمل من وجوده، فلا خفاء به من نقص الوجود، فهو في ذاته ظاهر، ولشدة ظهوره باطن، وبه يظهر كل ظاهر، كالشمس تظهر كل خفي وتستبطن لا عن خفاء»(7).

 

كما يشرح هذه الجملة مرة أخرى، فيقول: «هو باطن؛ لأنه شديد الظهور، غلب ظهوره على الإدراك فخفي، وهو ظاهر من حيث أن الآثار تنسب إلى صفاته، وتجب عن ذاته فتصدق بها»(8).

 

ويفسر (الوحي) بقوله: «والوحي لوح من مراد الملك للروح الإنسانية بلا واسطة، وذلك هو الكلام الحقيقي، فإن الكلام إنما يراد به تصوير ما يتضمنه باطن المخاطب في باطن المخاطب ليصير مثله. فإذا عجز المخاطب عن مسّ باطن المخاطب بباطنه، مسّ الخاتم الشمع فيجعله مثل نفسه، اتخذ فيما بين الباطنين سفيراً من الظاهرين، فتكلم بالصوت أو كتب أو أشار. وإذا كان المخاطب لا حجاب بينه وبين الروح اطلع عليه اطلاع الشمس على الماء الصافي فانتقش منه، لكن المنتقش في الروح من شأنه أن يسبح إلى الحس الباطن إذا كان قوياً، فينطبع في القوة المذكورة فيشاهد، فيكون الموحى إليه يتصل بالملك باطنه، ويتلقى وحيه الكلي بباطنه»(9).

 

كما يشرح (الملائكة) بأنها: «صورة علمية، جواهرها علوم إبداعية قائمة بذواتها، تلحظ الأمر الأعلى فينطبع في هويتها ما تلحظ، وهي مطلقة، لكن الروح القدسية تخاطبها في اليقظة، والروح البشرية تعاشرها في النوم»(10).

 

ثانياً: من تفسيرات إخوان الصفا

من الشروح والتأويلات الفلسفية للقرآن أيضاً ما نجده في (رسائل إخوان الصفا)، الذين لا يزال العلماء يجهلون الكثير عن تاريخ نشأتهم وتكوينهم، وإن رجح بعضهم صلتهم بالباطنية الإسماعيلية.

 

فمن ذلك أنهم يشرحون (الجنة) و(النار) بما يفهم منه أن (الجنة) هي عالم الأفلاك، وأن (النار) هي عالم ما تحت فلك القمر، وهو عالم الدنيا، ففي حديثهم عن تجرد النفس واشتياقها إلى عالم الأفلاك، يقررون أنه لا يمكن الصعود إلى ما هناك بهذا الجسد الثقيل الكثيف، إذ «إن النفس إذا فارقت هذه الجنة، ولم يعقها شيء من سوء أفعالها، أو فساد آرائها، وتراكم جهالاتها أو رداءة أخلاقها، فهي هناك في عالم الفلك في أقل من طرفة عين بلا زمان، لأن كونها حيث همتها أو محبوبها، كما تكون نفس العاشق حيث معشوقه. فإذا كان عشقها هو الكون مع هذا الجسد، ومعشوقها هو الملذات المحسوسة المموهة الجرمانية، وشهواتها هذه الزينات الجسمانية، فهي لا تبرح من ههنا ولا تشتاق الصعود إلى عالم الأفلاك، ولا تفتح لها أبواب السماء ولا تدخل الجنة مع زمرة الملائكة، بل تبقى تحت فلك القمر، سائحة في قعر هذه الأجسام المستحيلة المتضادة، تارة من الكون إلى الفساد، وتارة من الفساد إلى الكون: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} (سورة النساء: 56). {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً} (سورة النبأ: 33)، ما دامت السموات والأرض، لا يذوقون فيها برد عالم الأرواح الذي هو الروح والريحان، ولا يجدون لذة شراب الجنان المذكور في القرآن: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} (سورة الأعراف: 50) الظالمين لأنفسهم، ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الجنة في السماء، والنار في الأرض»(11).

 

ومن ذلك أنهم يفسرون (الملائكة) بأنها كواكب الأفلاك، «إن كواكب الفلك هم ملائكة الله وملوك سماواته...خلقهم الله تعالى لعمارة عالمه وتدبير خلائقه، وسياسة بريته، وهم خلفاء الله في أفلاكه، كما أن ملوك الأرض هم خلفاء الله في أرضه»(12).

 

كذلك يرى إخوان الصفا «أن نفس المؤمن بعد مفارقة جسدها تصعد إلى ملكوت السماء وتدخل في زمرة الملائكة، وتحيا بروح القدس، وتسبح في فضاء الأفلاك، في فسحة السموات، فرحة، مسرورة، منعمة، متلذذة، مكرمة، مغتبطة»، ويقولون: إن ذلك هو معنى قول الله عز وجل: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (سورة فاطر: 10)(13).

 

ويشرح إخوان الصفا (الشياطين) شرحاً فلسفياً بحتاً لا يتفق مع ما جاء به الدين، فيرون أن: «الله أشار إلى النفوس ووساوسها بقوله: {شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} (سورة الأنعام: 112). فشياطين الجن هي النفوس المفارقة الشريرة التي قد استجنت عن إدراك الحواس، وشياطين الإنس هي النفوس المتجسدة المستأنسة بالأجساد»(14). و«أمثال النفوس التي ذكرناهاـ يعنون النفوس الخبيثة ـ هي شياطين بالقوة، فإذا فارقت أجسادها كانت شياطين بالعقل»(15).

 

كما يفهمون أن تسمية الله الشهداء في قوله: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} (سورة النساء: 69). بهذا الاسم إنما هو لشهادتهم تلك الأمور الروحانية المفارقة للهيولى، ويعنون بها جنة الدنيا ونعيمها(16).

 

ثم إن إخوان الصفا يعتقدون أن القرآن ما هو إلا رموز للحقائق البعيدة عن أذهان العامة، ويقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خواص أمته بما جاء به واعتقد بالتصريح في السر والعلن، غير مرموز ولا مكتوم، ثم يشير إليها، ويرمز عنها عند العوام بالألفاظ المشتركة، والمعاني المحتملة للتأويل بما يعلقها الجمهور، وتقبلها نفوسهم(17). وغير خاف أن هذا هو عين مذهب الباطنية القائل بأن ظواهر القرآن غير مرادة.

 

والجدير ذكره في هذا المقام أن فيلسوفاً من هؤلاء الفلاسفة لم يؤلف تفسيراً كاملاً للقرآن الكريم، وكل ما وجدناه لهم في ذلك لا يعدو بعض أفهام قرآنية مفرقة في كتبهم التي ألفوها في الفلسفة. وأكثر من وجد له أثر في التفسير من هؤلاء الفلاسفة، هو الرئيس أبو علي بن سينا، إذ قد عثر له على تفسير قوله تعالى في الآية 35 من سورة النور: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ...الآية(18)، وعلى تفسير سورة الإخلاص، والمعوذتين(19) وبعض آيات أخرى، ولهذا يمكن اعتبار ابن سينا الشخصية الأولى التي كان لها أكبر أثر في التفسير الفلسفي.

 

ثالثاً: من تفسيرات ابن سينا

هو الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، كان أبوه من أهل بلخ، ثم انتقل إلى بخارى، وفي قرية من قراها ولد له أبو علي بن سينا سنة 370هـ. ثم انتقل مع أهله إلى بخارى، اشتغل بالعلوم، وحصّل كثيراً من الفنون، حفظ القرآن وله من العمر عشر سنين، وأتقن الأدب، وحفظ  أشياء من أصول الدين والحساب والجبر، ثم تعلم المنطق على أبي عبد الله الناتلي، وفاقه، ثم اشتغل بالعلوم الطبيعية والإلهية، ثم رغب في علم الطب فقرأ الكتب المؤلفة فيه، حتى أصبح بارعاً فيه، ثم لم تأت عليه سن الثامنة عشرة إلا وقد فرغ من تحصيل العلوم التي درسها، أما تصانيفه فكثيرة تقارب المائة مصنف، ومن أهمها: كتاب الشفاء في الحكمة، والنجاة، والإشارات، والقانون، وغير ذلك من كتبه القيمة، التي انتفع بها الناس كثيراً.

 

وقد جمع أبو علي ابن سينا إلى شهرته العليمة شهرة أخرى سياسية، إذ إنه كان يتقلد مع والده الأعمال للسلطان، ولما اضطربت أمور الدولة أخرج أبو علي من بخارى، وطوف ببلاد كثيرة حتى وصل إلى همدان، وهناك تقلد الوزارة لشمس الدولة، ثم ثار الجند عليه، وأغاروا على داره ونهبوها وقبضوا عليه، وسألوا شمس الدولة قتله فامتنع، ثم أطلق فتوارى، ثم أعاده شمس الدولة وزيراً بعد ذلك، ولما مات شمس الدولة توجه إلى أصبهان، ثم أدركه مرض شديد مات على أثره، وكانت وفاته بهمذان سنة 428هـ ودفن بها(20).

 

مسلك ابن سينا في التفسير:

كان ابن سينا حريصاً كل الحرص على أن يوفق بين الدين والفلسفة، حتى يرضي ناحيتيه الدينية والفلسفية، وكان طبيعياً ـ والقرآن هو الدعامة الأولى من دعائم الإسلام ـ أن يوفق ابن سينا بين نصوص القرآن والنظريات الفلسفية التي تبدو معارضة لها.

 

نظر ابن سينا إلى القرآن وإلى الفلسفة، فحكم النظريات الفلسفية في النصوص القرآنية، فشرحها شرحاً فلسفياً بحتاً، وكانت طريقته التي يسلكها في شرحه غالباً هي شرح النصوص الشرعية بالآراء الفلسفية، وذلك لأنه كان يعتقد أن القرآن ما هو إلا رموز رمز بها النبي صلى الله عليه وسلم لحقائق تدق على أفهام العامة، وأخفى عنهم ما يعجز عن إدراكه عامة الناس إلا الخواص منهم، فحسب زعمه «إن المشترط على النبي أن يكون كلامه رمزاً، وألفاظه إيماء، وكما يذكر أفلاطون في كتاب النواميس: إن من لم يقف على معاني رموز الرسل لم ينل الملكوت الإلهي، وكذلك أجلة فلاسفة يونان وأنبياؤهم كانوا يستعملون في كتبهم الرمز والإشارات، التي حشوا فيها أسرارهم، كفيثاغورث وسقراط وأفلاطون...وما كان يمكن للنبي أن يوقف على العلم أعرابياً جافياً، ولاسيما البشر كلهم، إذ كان مبعوثاً إليهم كلهم»(21).

 

وعلى هذا الأساس نظر ابن سينا إلى نصوص القرآن كرموز لا يعرف حقيقتها إلا الخواص أمثاله، ففسرها تفسيراً حكم فيه ما لديه من نظريات فلسفية، فكان في عمله هذا بعيداً عن حقيقة الدين، وروح القرآن الكريم.

 

تفسير ابن سينا لمعنى (العرش):

ومما قاله ابن سينا في بعض نصوص القرآن الكريم، أنه عرض لشرح قوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} (سورة الحاقة: 17). ففسر العرش بأنه الفلك التاسع الذي هو فلك الأفلاك، وفسر الملائكة الثمانية التي تحمل العرش بأنها الأفلاك الثمانية التي تحت الفلك التاسع، «وأما ما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل من قوله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}، فنقول إن الكلام المستفيض في استواء الله تعالى على العرش من أوضاعه: أن العرش نهاية الموجودات المبدعة الجسمانية، وتدعي المشبهة من المتشرعين أن الله تعالى على العرش لا على سبيل حلول، هذا، وأما في كلام الفلسفي فإنهم جعلوا نهاية الموجودات الجسمانية الفلك التاسع الذي هو فلك الأفلاك، ويذكرون أن الله تعالى هناك، وعليه لا على حلول، كما بين أرسطو في آخر كتاب سماع الكيان، والحكماء المتشرعون اجتمعوا على أن المعني بالعرش هو هذا الجرم. هذا... وقد قالوا: إن الفلك يتحرك بالنفس، لأن الحركات إما ذاتية وإما غير ذاتية، والذاتية إما طبيعية، وإما نفسية، ثم بينوا أن نفسها هو الناطق الكامل الفعال، ثم بينوا أن الأفلاك لا تفنى ولا تتغير أبد الدهر، وقد ذاع في الشرعيات أن الملائكة أحياء قطعاً، لا يموتون كالإنسان الذي يموت، فإذا قيل: إن الأفلاك أحياء ناطقة لا تموت، والحي الناطق الغير الميت يسمى ملكاً، فالأفلاك تسمى ملائكة، فإذا تقدم هذه المقدمات وضح أن العرش محمول على ثمانية، ووضع تفسير المفسرين أنها ثمانية أفلاك.

 

والحمل يقال على وجهين: حمل بشري، وهو أولى باسم الحمل كالحجر المحمول على ظهر الإنسان، وحمل طبيعي كقولنا: الماء محمول على الأرض، والنار على الهواء والمعنى هنا الحمل الطبيعي لا الأول. قوله يومئذ، والساعة، والقيامة، فالمراد بها ما ذكره الشارع: أن من مات قامت قيامته، ولما كان تحقيق النفس الإنسانية عند المفارقة آكد، جعل الوعد والوعيد وأشباههما إلى ذلك الوقت»(22).

 

تفسير ابن سينا لكل من (الجنة) و(النار):

كذلك نجد أن ابن سينا يفسر (الجنة) و(النار) والصراط تفسيراً فلسفياً بعيداً عن المأثور الثابت الصحيح، فيقسم العوالم إلى ثلاثة أقسام: عالم الحسّ، وعالم خيالي وهمي، وعالم عقلي، والعالم العقلي عنده هو الجنة، والعالم الخيالي هو النار، والعالم الحسي هو عالم القبور، أما الصراط، فيقول في شرحه: «اعلم أن العقل يحتاج في تصور أكثر الكليات إلى استقراء الجزئيات، فلا محالة أنها تحتاج إلى الحس الظاهر، فتعلم أنه يأخذ من الحس الظاهر إلى الخيال إلى الوهم، وهذا هو من الجحيم طريق وصراط دقيق صعب حتى يبلغ ذاته العقل، فهو إذن يرى كيف الحد صراطاً وطريقاً في عالم الجحيم، فإن جاوزه بلغ عالم العقل، فإن وقف فيه وتخيل الوهم عقلاً، وما يشير إليه حقاً، فقد وقف على الجحيم، وسكن في جهنم، وهلك وخسر خسراناً مبيناً».

 

كما يفسر أبواب الجنة الثمانية، وأبواب النار السبعة تفسيراً فلسفياً صرفاً: «وأما ما بلغ النبي محمداً عن ربه عز وجل أن للنار سبعة أبواب، وللجنة ثمانية أبواب، فإذ قد علم أن الأشياء المدركة إما مدركة للجزئيات كالحواس الظاهرة، وهي خمسة، وإدراكها الصور مع المواد، أو مدركة متصورة بغير مواد كخزانة الحواس المسماة بالخيال، وقوة حاكمة عليها حكماً غير واجب، وهو الوهم، وقوة حاكمة واجباً، وهو العقل، فذلك ثمانية. فإذا اجتمعت الثمانية جملة أدت إلى السعادة السرمدية، والدخول في الجنة، وإن حصل سبعة منها لا تتسم إلا بالثامن أدت إلى الشقاوة السرمدية. والمستعمل في اللغات أن الشيء المؤدي إلى الشيء يسمى باباً، فالسبعة المؤدية إلى النار سميت أبواباً لها، والثمانية المؤدية إلى الجنة سميت أبواباً لها»(23).

 

تفسير ابن سينا للآية (30) من سورة المدثر:

ويفسر ابن سينا قوله تعالى في الآية (30) من سورة المدثر: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} تفسيراً فلسفياً، فيقرر أن النفس الحيوانية هي الباقية الدائمة في جهنم، وهي منقسمة إلى قسمين: إدراكية، وعلمية، والعملية: شوقية، وغضبية، والعلمية: هي تصورات الخيال المحسوسات بالحواس الظاهرة، وتلك المحسوسات ستة عشر، والقوة الوهمية الحاكمة على تلك الصور حكماً غير راجب واحدة ـ ذاتيان، وستة عشر، وواحد تسعة عشر... ثم يقول: «وأما قوله: {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً}. فمن العادة في الشريعة تسمية القوى اللطيفة الغير محسوسة ملائكة»(24).

 

تفسير ابن سينا للآية (35) من سورة النور:

ويفسر ابن سينا قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (سورة النور: 35). فيقول: «النور اسم مشترك لمعنيين: ذاتي ومستعار، والذاتي هو كمال المشف من حيث هو مشف، كما ذكرها أرسطاطاليس، والمستعار على وجهين: إما الخبر، وإما السبب الموصل إلى الخبر، والمعنى ههنا هو القسم المستعار بكلي في قسميه...أعني أن الله تعالى خير بذاته وهو سبب لكل خير، كذلك الحكم في الذاتي وغير الذاتي.

 

وقوله تعالى: {السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} عبارة عن الكل. وقوله: (مشكاة) فهو عبارة عن العقل الهيولاني والنفس الناطقة، لأن المشكاة متقاربة الجدران جيدة التهيؤ للاستضاءة، لأن كل ما يقارب الجدران كان الانعكاس فيه أشد، والضوء أكثر، وكما أن العقل بالفعل مشبه النور، كذلك قابله مشبه بقابله وهو المشف، وأفضل المشفات الهواء، وأفضل الأهوية هو المشكاة، فالرموز بالمشكاة هو العقل الهيولاني الذي نسبته إلى العقل المستفاد بالفعل، لأن النور كما هو كمال للمشف كما حد به الفلاسفة ومخرج له من القوة إلى الفعل. ونسبة العقل المستفاد إلى العقل الهيولاني كنسبة المصباح إلى المشكاة، وقوله: {فِي زُجَاجَةٍ}.. لما كان بين العقل الهيولاني والمستفاد مرتبة أخرى وموضع آخر نسبته كنسبة الذي بين المشف والمصباح، فهو الذي لا يصل في العيان المصباح إلى المشف إلا بتوسط وهو المسرجة، ويخرج من المسارج الزجاجة لأنها من المشفات القوابل للضوء. ثم قال بعد ذلك: {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} ليجعلها الزجاج الصافي المشف، لا الزجاج الذي لا يستشف، فليس شيء من المتلونات يستشف، {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} يعني به القوة الفكرية التي هي موضوعه ومادة للأفعال العقلية، كما أن الدهن موضوع ومادة للسراج»(25).

 

تفسير ابن سينا لآيات من سورة الفلق:

ويقول في تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (سورة الفلق: 4) إشارة إلى القوة النباتية، فإن النباتية: موكلة بتدبير البدن ونشؤه ونموه، والبدن عقد حصلت من عقد بين العناصر الأربعة المختلفة المتنازعة إلى الانفكاك، لكنها من شدة انفعال بعضها عن بعض صارت بدناً حيوانياً، والنفاثات فيها هي القوى النباتية، فإن النفث سبب لأن يصير جوهر الشيء زائداً في المقدار من جميع جهاته..أي الطول والعرض والمعمق.  وهذه القوى هي التي تؤثر على في زيادة الجسم المغتذي والنامي من جميع الجهات المذكورة...»(26). ويفسر قوله تعالى في الآية (5) من سورة الفلق أيضاً: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}. فيقول: «عنى به النزاع الحاصل بين البدن وقواه كلها، وبين النفس»(27).

 

تفسير ابن سينا للآية (4) من سورة الناس:

وفي سورة الناس يفسر قوله تعالى في الآية (4): {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ}... فيقول: «هذه القوة التي توقع الوسوسة هي القوة المتخيلة بحسب صيرورتها مستعملة للنفس الحيوانية، ثم إن حركتها تكون بالعكس، فإن النفس وجهها إلى المبادئ المفارقة، فالقوة المتخيلة إذا جذبتها إلى الاشتغال بالمادة وعلائقها فتلك القوة تخنس؛ أي تتحرك بالعكس وتجذب النفس الإنسانية إلى العكس، فلهذا سمي خناساً»(28).

 

ويفسر قوله تعالى في الآية (6) من سورة الناس أيضاً: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}، فيقول: «الجنّ هو الاستتار، والإنس هو الاستئناس، فالأمور المستترة هي الحواس الباطنة، والمستأنسة هي الحواس الظاهرة»(29).

 

هذا بعض مما قاله ابن سينا في شرحه لبعض نصوص القرآن الكريم، وهو، كما هو واضح، عين ما يذهب إليه الباطنية في تأويلاتهم للآيات القرآنية، ولا أحسب أن مسلماً مهما كان محباً للفلسفة والفلاسفة يقرّ ابن سينا وأمثاله على دعوى أن الحقائق القرآنية رموز وإشارات لحقائق أخرى، دقت عن أفهام العامة، وخفيت على عقولهم القاصرة، فرمز إليها النبي بآيات القرآن الكريم.

 

_____________________

(1)    أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الطوسي الغزالي، الملقب بـ حجة الإسلام: أصولي، فقيه، متصوف، متكلم. ولد بطوس سنة450هـ، تعلم في نيسابور وأقام في بلاط نظام الملك السلجوقي، ودرس في نظامية بغداد، جُمعت مؤلفاته بعد وفاته وترجمت إلى اللاتينية. من أشهر كتبه: المستصفى من علم الأصول، إحياء علوم الدين، المنخول من تعليقات علم الأصول. توفي سنة 505هـ. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي، 19/322ـ 346.
(2)    أبو عبد الله فخر الدين محمد بن عمر بن الحسن المعروف بالفخر الرازي: فقيه وأصولي ومفسر ونظار ومتكلم، ولد عام 544هـ بالري، وعرف بـ «ابن خطيب» الري، استقر بمدينة هراة في خراسان، من أهم مؤلفاته: «مفاتيح الغيب» أو التفسير الكبير، «أساس التقديس» في علم الكلام، « شرح قسم الإلهيات من إشارات ابن سينا»، «المحصول من علم الأصول»، توفي في «هراة» سنة606هـ. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي، 21/500ـ 501.
(3)    التفسير والمفسرون، الذهبي، 2/399.
(4)    التفسير والمفسرون، الذهبي، 2/400.
(5)    التفسير والمفسرون، الذهبي، 2/400.
(6)    فصوص الحكم، الفارابي، ص174ـ 175. ضمن المجموع من مؤلفات أبي نصر الفارابي.
(7)    فصوص الحكم، ص170.
(8)    فصوص الحكم، ص172ـ 173.
(9)    فصوص الحكم، ص163.
(10)    المرجع السابق، ص146.
(11)    رسائل إخوان الصفا، المطبعة العربية، القاهرة، د.ط، 1928م، 1/91-92.
(12)    المصدر السابق، 1/98.
(13)    المصدر السابق، 4/110-111.
(14)    رسائل إخوان الصفا، 4/172.
(15)    المصدر السابق، 4/174.
(16)    المصدر السابق، 4/186.
(17)    رسائل إخوان الصفا، 4/185. راجع هذا الكلام في التفسير والمفسرون، الذهبي، 2/403 ـ 405.
(18)    يوجد هذا التفسير في كتاب جامع البدائع.
(19)    يوجد تفسير هذه السور الثلاث في رسائل ابن سينا.
(20)    انظر وفيات الأعيان، ابن خلكان، ص271ـ 275 . وشذرات الذهب، ابن العماد، 3/237.
(21)    رسائل ابن سينا، مطبعة هندية، سنة 1908، .ص124-125. وانظر: التفسير والمفسرون، الذهبي، 2/407 ـ 408.
(22)    رسائل ابن سينا، ص128-129.
(23)    رسائل ابن سينا، ص132. التفسير والمفسرون، الذهبي، 2/407 وما بعدها.
(24)    رسائل ابن سينا، ص131 ـ 132.
(25)    رسائل ابن سينا، ص125-128.
(26)    جامع البدائع، ص27-28، مطبعة السعادة، سنة 1917.
(27)    المرجع السابق، ص28.
(28)    جامع البدائع، ص31.
(29)    جامع البدائع، ص31-32.