قاعدة
لا مشاحَّة في الاصطلاح
دراسة أصولية تطبيقية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين .
أما بعد فإن المحافظة على الاصطلاح الشرعي رمز على قوة الأمة ووحدتها ودليل على الوعي والثبات .
وذلك أن العبث بالأسماء الشرعية بات في هذا العصر صورة من صور العدوان على المسلمين وتراثهم، وهذا ما يسمى بغزو المصطلحات .
ومن هنا فإن ضبط الأسماء الشرعية والمحافظة على سلامتها يعد ضرورة علمية ووسيلة ضرورية من وسائل حفظ الدين .
وذلك أن الأسماء الشرعية حدود الله التي أنزل بها أحكامه ودينه، وبها ترتبط أحكام شرعية .
وبين يديَّ دراسة أصولية تطبيقية لقاعدة: (لا مشاحَّة في الاصطلاح) ، وهي من القواعد المشتهرة على ألسنة العلماء، إلا أنه قد وقع خلل كبير في تفسيرها؛ إذ حَمَلها البعض على غير المراد منها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد وقع خلل آخر في تطبيقها؛ حيث أنزلها البعض في غير محلها، ونتج من وراء هذا وذاك جناية عظيمة على الشريعة وعلى أهل العلم المنتسبين لها .
وقد اقتضى المقام أن تكون خطة البحث في تمهيد وأربعة مطالب، بيانها كالآتي:
التمهيد في تسمية أبرز المؤلفات المطبوعة في المصطلحات عامة وفي مصطلحات أصول الفقه خاصة .
المطلب الأول: معنى قاعدة: (لا مشاحة في الاصطلاح) .
المطلب الثاني: شروط اعتبار القاعدة .
المطلب الثالث: صور الجناية على الأسماء الشرعية والمفاسد المترتبة على ذلك .
المطلب الرابع: الموقف الشرعي من الجناية على الأسماء الشرعية .
وقد ذيلت هذا البحث بخاتمة، سجلت فيها خلاصة البحث، وبثبت للمصادر والمراجع .
ومن الدراسات السابقة في هذا الموضوع:
· المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعة وأفصح اللغى، دراسة ونقد، د. بكر أبو زيد، وهو مطبوع ضمن كتاب فقه النوازل له .
· التقييد والإيضاح لقولهم: (لا مشاحّة في الاصطلاح) بقلم أبي عبد الرحمن محمد الثاني بن عمر بن موسى، وهو منشور في مجلة الحكمة (16) .
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله وسلم على سيد المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
تمهيد
في تسمية أبرز المؤلفات المطبوعة في المصطلحات عامة وفي مصطلحات أصول الفقه خاصة .
وهذه المؤلفات يمكن تصنيفها إلى أربعة أصناف:
أولا: ما كُتب في الاصطلاحات عامة .
ثانيا: ما كتبه المتقدمون في مقدمات مؤلفاتهم الأصولية .
ثالثا: ما كتبه المتقدمون استقلالا .
رابعا: ما كتبه المعاصرون استقلالا .
أولا: ما كُتب في الاصطلاحات عامة . فمن ذلك:
1. التعريفات للشريف الجرجاني (816هـ) .
2. الكليات لأبي البقاء الكفوي (1094هـ) .
3. كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي (بعد 1158هـ).
ثانيا: ما كتبه المتقدمون في مقدمات مؤلفاتهم الأصولية . فمن ذلك:
4. كتاب العدة للقاضي أبي يعلى الحنبلي (458هـ) .
5. كتاب إحكام الفصول للباجي (474هـ) .
6. كتاب التمهيد لأبي الخطاب الكلوذاني (510هـ) .
7. كتاب الواضح لأبي الوفاء ابن عقيل (513هـ) .
ثالثا: ما كتبه المتقدمون استقلالا .
8. الحدود في الأصول لأبي بكر ابن فورك (406هـ) .
9. الحدود للباجي (474هـ) .
10. الحدود الكلامية والفقهية على رأي أهل السنة الأشعرية لأبي بكر محمد بن سابق الصقلي (493هـ) .
11. حدود أصول الفقه لسعد الدين التفتازاني (792هـ) .
12. الحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (926هـ) .
رابعا: ما كتبه المعاصرون استقلالا .
13. معجم مصطلحات أصول الفقه د. قطب سانو .
14. الفتح المبين في تعريف مصطلحات الفقهاء والأصوليين د. محمد إبراهيم الحفناوي .
15. معجم أصول الفقه أ. خالد رمضان حسن .
16. المعجم الجامع للتعريفات الأصولية د. زكريا احميدان .
17. معجم اصطلاحات أصول الفقه أ. عبد المنان الراسخ .
18. موسوعة مصطلحات أصول الفقه د. رفيق العجم .
19. القاموس المبين في اصطلاحات الأصوليين د. محمود حامد عثمان .
20. مصطلحات علم أصول الفقه د. خلف المحمد .
المطلب الأول: معنى قاعدة: (لا مشاحة في الاصطلاح) .
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: المعنى الإجمالي للقاعدة وشرح ألفاظها .
المسألة الثانية: أمثلة على ورود القاعدة عند الأصوليين .
المسألة الأولى: المعنى الإجمالي للقاعدة وشرح ألفاظها .
معنى هذه القاعدة: أن الخلاف إذا كان واقعا في الأمور الاصطلاحية فإنه لا ينبني عليه حكم، ولا اعتبار به([1]).
وهذا يظهر فيما لو حصل الاتفاق على المعنى واختلفوا في التسمية أو في اللفظ، فلابد إذن من تقدير تتمة لهذه القاعدة، وهي: (بعد الاتفاق على المعنى).
والمشاحَّة: بتشديد الحاء الضنة، وقولهم: ( تشاحَّا على الأمر) أي تنازعاه؛ لا يريد كل واحد منهما أن يفوته ذلك الأمر([2]).
والاصطلاح: افتعال من الصلح، وهو اتفاق القوم على وضع الشيء .
وقيل: إخراج الشيء عن المعنى اللغوي إلى معنى آخر؛ لبيان المراد .
ويستعمل الاصطلاح غالبا في العلم الذي تُحصَّل معلوماته بالنظر والاستدلال([3]) .
ومما يجلِّي معنى هذه القاعدة سوق كلمات أهل العلم في التعبير عنها؛ حيث وردت قاعدة: (لا مشاحة في الاصطلاح) بألفاظ متقاربة، فمن ذلك:
· لا مشاحة في الألفاظ بعد معرفة المعاني([4]) .
· لا مشاحة في اللفظ([5]) .
· لا مشاحة في الأسامي([6]) .
· لا مشاحة في العبارات([7]) .
· لا مشاحة في الألقاب([8]) .
· لا مشاحة في التسمية([9]) .
· لا مشاحة في التعبير([10]) .
وقد عدَّ الشاطبي هذه القاعدة سببا من أسباب عدم الاعتداد بالخلاف، وهو السبب العاشر فقال: (والعاشر: الخلاف في مجرد التعبير عن المعنى المقصود وهو متحد، كما اختلفوا في الخبر: هل هو منقسم إلى صدق وكذب خاصة، أم ثم قسم ثالث ليس بصدق ولا كذب؟
فهذا خلاف في عبارة، والمعنى متفق عليه)([11]) .
وهذه القاعدة تماثلها قاعدة أخرى، وهي قولهم: (لا مشاحة في المثال) ([12]) .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي:
(واعلم أن القاعدة المقررة في الأصول أن المثال لا يعترض لأن المراد منه إيضاح معنى القاعدة، ولذا جاز المثال بالمفروض المقدر والمحتمل .
كما أشار له في المراقي بقوله:
والشأن لا يعترض المثال إذ قد كفى الفرض والاحتمال) ([13]) .
المسألة الثانية: أمثلة على ورود القاعدة عند الأصوليين .
وردت هذه القاعدة عند الأصوليين في مواضع كثيرة، فمن ذلك:
أولا: هل الواجب والفرض مترادفان؟
قال الغزالي: (ثم ربما خص فريق اسم الواجب بما أشعر بالعقوبة عليه ظنا، وما أشعر به قطعا خصوه باسم الفرض ثم لا مشاحة في الألفاظ بعد معرفة المعاني)([14]) .
وقال الأسنوي: (الفرض والواجب عندنا مترادفان .
وقالت الحنفية: إن ثبت التكليف بدليل قطعي مثل الكتاب والسنة المتواترة فهو الفرض كالصلوات الخمس، وإن ثبت بدليل ظني كخبر الواحد والقياس فهو الواجب, ومثلوه بالتواتر على قاعدتهم، فإن ادعوا أن التفرقة شرعية أو لغوية فليس في اللغة ولا في الشرع ما يقتضيه، وإن كانت اصطلاحية فلا مشاحة في الاصطلاح, قال في الحاصل: والنزاع لفظي) ([15]) .
ثانيا: العمل بأقوى الدليلين هل يسمى استحسانا؟
قال الباجي: (الاستحسان الذي ذهب إليه أصحاب مالك هو العدول إلى أقول الدليلين؛ كتخصيص بيع رطب العرايا من بيع الرطب بالتمر، قال: وهذا هو الدليل، فإن سموه استحسانا فلا مشاحة في التسمية) ([16]) .
ثالثا: حقيقة الكلام وأقسامه .
قال ابن قدامة: (الكلام هو الأصوات المسموعة والحروف المؤلفة، وهو ينقسم إلى مفيد وغير مفيد .
وأهل العربية يخصون الكلام بما كان مفيدا، وهو الجملة المركبة من مبتدأ وخبر، أو فعل وفاعل، أو حرف نداء واسم، وما عداه إن كان لفظة واحدة فهي كلمة وقول، وإن كثر فهو كلم وقول .
والعرف ما قلناه، مع أنه لا مشاحة في الاصطلاح) ([17]) .
رابعا: مفهوم الموافقة هل يسمى قياسا؟
قال الغزالي: (وقد اختلفوا في تسمية هذا قياسا وتبعد تسميته قياسا؛ لأنه لا يحتاج فيه إلى فكر واستنباط علة، ولأن المسكوت عنه هاهنا كأنه أولى بالحكم من المنطوق به .
ومن سماه قياسا اعترف بأنه مقطوع به، ولا مشاحة في الأسامي) ([18]) .
خامسا: إطلاق السبب على العلة .
قال الشاطبي: (على أنه قد يطلق هنا لفظ السبب على نفس العلة؛ لارتباط ما بينهما، ولا مشاحة في الاصطلاح)([19]) .
سادسا: تعليل الحكم الثبوتي بالوصف العدمي .
قال العطار في حاشيته: (ومن أمثلة التعليل الثبوتي بالعدمي ما يقال يجب قتل المرتد لعدم إسلامه وإن صح أن يقال لكفره كما يصح أن يعبر عن عدم العقل بالجنون لأن المعنى الواحد قد يعبر عنه بعبارتين منفية ومثبتة ولا مشاحة في التعبير)([20]) .
المطلب الثاني: شروط اعتبار القاعدة .
قاعدة (لا مشاحَّة في الاصطلاح) ليست على إطلاقها؛ بل هنالك شروط لابد من اعتبارها وتقييد القاعدة بها، وهي أربعة شروط:
1) وجود مناسبة معتبرة تجمع بين الاصطلاح ومعناه، وإلا كان تخصيص أحد المعنيين بعينه بذلك اللفظ بعينه ليس أولى من العكس .
2) ألا يكون في هذا الاصطلاح مخالفة للوضع اللغوي أو العرف العام([21]) .
3) ألا يكون في هذا الاصطلاح مخالفة لشيء من أحكام الشريعة .
4) ألا يترتب على هذا الاصطلاح الوقوع في مفسدة اختلاط المصطلحات .
وقد أجمل هذه الشروط الإمام ابن القيم بقوله: (والاصطلاحات لا مشاحَّة فيها إذا لم تتضمن مفسدة) ([22]).
وبهذا يتبين أن القدر الجامع لهذه الشروط الأربعة هو: ألا يفضي هذا الاصطلاح إلى مفسدة .
وهذه المفسدة قد تكون مفسدة لغوية أو مفسدة عرفية أو مفسدة شرعية أو مفسدة اصطلاحية، وهي ما يرجع إلى المنهج .
وقد بيَّن ابن دقيق العيد هذه الشروط عندما قال: (إن كان ما قاله راجعا إلى مجرد الاصطلاح فالأمر فيه قريب إلا أنه يجب في مثله التحرز عن استعمال اللفظ بالنسبة إلى المعنى عن اختلاط الاصطلاحين؛ فإنه يوقع غلطا معنويا .
وأيضا فالمصطلِح على شيء يحتاج إلى أمرين إذا أراد أن يكون اصطلاحه حسنا:
أحدهما: أن لا يخالف الوضع العام لغة أو عرفا .
الثاني: أنه إذا فرق بين متقارنين يبدي مناسبة للفظ كل واحد منهما بالنسبة إلى معناه، وإلا كان تخصيصه لأحد المعنيين بعينه بذلك اللفظ بعينه ليس أولى من العكس) ([23]) .
وإليك في المطلب الآتي أمثلة على اصطلاحات تخلفت فيها هذه الشروط أو بعضها .
المطلب الثالث: صور الجناية على الأسماء الشرعية والمفاسد المترتبة على ذلك .
وفي هذا المطلب مسألتان:
المسألة الأولى: صور الجناية على الأسماء الشرعية .
المسألة الثانية: المفاسد المترتبة على الجناية على الأسماء الشرعية .
المسألة الأولى: صور الجناية على الأسماء الشرعية .
وتحت هذه المسألة سبع صور:
الصورة الأولى:
حمل الاسم الشرعي على المعنى اللغوي؛ كما فعل المرجئة في تفسير الإيمان بالتصديق([24]) .
قالت المرجئة: إن الإيمان هو التصديق، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما خاطب الناس بلغة العرب ولم يغيرها، فيكون مراده بالإيمان التصديق، والتصديق إنما يكون بالقلب واللسان، أو بالقلب فقط .
فتوصل المرجئة بنفي الحقيقة الشرعية إلى أن الأعمال ليست من الإيمان .
قال ابن تيمية: (وبسبب الكلام في مسألة الإيمان تنازع الناس: هل في اللغة أسماء شرعية نقلها الشارع عن مسماها في اللغة أو أنها باقية في الشرع على ما كانت عليه في اللغة لكن الشارع زاد في أحكامها لا في معنى الأسماء ؟
وهكذا قالوا ـ في اسم الصلاة والزكاة والصيام والحج ـ: إنها باقية في كلام الشارع على معناها اللغوي لكن زاد في أحكامها .
ومقصودهم أن الإيمان هو مجرد التصديق، وذلك يحصل بالقلب واللسان) ([25]) .
الصورة الثانية:
تفسير الألفاظ الشرعية بمعاني جديدة منقطعة عن معانيها اللغوية، وذلك بجعل هذه الألفاظ كمولود جديد؛ كالمنزلة بين المنزلتين عند المعتزلة([26]) .
قالت المعتزلة: لفظ الإيمان نقله الشارع من معناه اللغوي إلى معنى آخر، هو عدم ارتكاب شيء من الكبائر، فمن ارتكب كبيرة من الكبائر خرج عن الإيمان ولم يبلغ الكفر .
قالوا: فالفاسق إذن مؤمن لغة لأنه مصدق، لكنه في الشرع خارج عن مسمى الإيمان، فهو في منزلة بين المنزلتين .
وقد ذكر الشيرازي أن مسألة الأسماء الشرعية أول مسألة نشأت في الاعتزال([27]) .
الصورة الثالثة:
الزيادة على معنى الأسماء الشرعية بأن يُدخل فيها ما ليس منها؛ كإدخال بعض المعاملات الربوية تحت اسم البيع .
ويقابل هذه الصورة صورة أخرى، وهي:
الصورة الرابعة:
النقص من معنى الأسماء الشرعية بأن يُخرج منها ما هو منها؛ كإخراج بعض المعاملات الربوية من مسمى الربا .
هاتان الصورتان تجتمعان في أن كلا منهما فيه تعد على حدود الله، وحدوده سبحانه هي الأسماء الشرعية، التي تحمل في طيِّها أحكاما شرعية تختص بها .
والواجب: الوقوف عند حدود الله، وإنما يحصل ذلك بحملها على كامل معناها دون زيادة ولا نقصان .
قال ابن القيم: (فحدود ما أنزله الله هو الوقوف عند حد الاسم الذي علق عليه الحل والحرمة فإنه هو المنزل على رسوله وحده بما وضع له لغة أو شرعا بحيث لا يدخل فيه غير موضوعه ولا يخرج منه شيء من موضوعه)([28]) .
وتعديها يكون بإحدى طريقتين([29]):
إحداهما: أن يدخل في مسمى اللفظ ما ليس منه؛ فيحكم له بحكم المراد من اللفظ فيساوي بين ما فرق الله بينهما. وهذه هي الصورة الثالثة .
والثانية: أن يخرج من مسمى اللفظ بعض أفراده الداخلة تحته؛ فيسلب عنه حكمه، فيفرق بين ما جمع الله بينهما. وهذه هي الصورة الرابعة .
والغالب في الصورة الثالثة، وهي الزيادة على الاسم الشرعي أنها تقع في باب المباحات؛ كيما يتسنى لأصحاب الحيل توسعة مجال المباح، كما أن الغالب في الصورة الرابعة، وهي النقص من الاسم الشرعي أنها تقع في باب المحرمات؛ كيما يتسنى لأهل الحيل التقليل من المحرمات وتضييق مجالها .
ومن الأمثلة على تعدي حدود الأسماء الشرعية من جهة الزيادة عليها([30]):
§ إدخال الحيل الربوية تحت اسم التجارة التي أباحها الله سبحانه بقوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم)([31]) وبقوله: (إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم)([32]) .
§ إدخال نكاح التحليل تحت اسم النكاح الوارد في قوله تعالى: (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره)([33]) .
ومن الأمثلة على تعدي حدود الأسماء الشرعية من جهة النقصان منها([34]):
§ إخراج بعض الأشربة المسكرة عن شمول اسم الخمر لها، فهذا تقصير به وهضم لعمومه، والحق ما قاله صاحب الشرع: (كل مسكر خمر)([35]).
§ إخراج بعض أنواع الميسر عن شمول اسمه لها تقصير أيضا به وهضم لمعناه .
§ قال ابن القيم: (فما الذي جعل النرد الخالي عن العوض من الميسر وأخرج الشطرنج عنه مع أنه من أظهر أنواع الميسر؛ كما قال غير واحد من السلف: إنه ميسر، وقال علي كرم الله وجهه: هو ميسر العجم .
ولهذا كان معرفة حدودها ما أنزل الله على رسوله أصل العلم وقاعدته وأخيته التي يرجع إليها، فلا يخرج شيئا من معاني ألفاظه عنها، ولا يدخل فيها ما ليس منها، بل يعطيها حقها ويفهم المراد منها)([36]) .
الصورة الخامسة:
إقصاء الأسماء الشرعية، وذلك بتسمية المسميات الشرعية بألفاظ أخرى غير شرعية؛ كتسمية الخمر مشروبا روحيا .
إن التلاعب بالألفاظ الشرعية بات سمة بارزة لكثير من المستجدات المعاصرة .
فمن ذلك: تسمية بعض المشروبات المسكرة أسماء تجارية، وربما كانت هذه الأسماء التجارية ذات دلالة تسويقية؛ كتسميتها بمشروب الطاقة والقوة والحيوية والنشاط .
والمتعين لمعرفة الحكم الشرعي لهذه المشروبات المستجدة أن ينظر في حقيقتها ومم تتركب دون أدنى اعتبار أو تأثير لتلك الأسماء التي أُطلقت على هذه المشروبات من قبل صانعيها أو عُرفت به من قبل مسوِّقيها .
ومن ذلك أيضا: تسمية الفوائد الربوية: استثمارا أو عوائد أو أرباحا .
والعجب أنك لو نظرت في جميع المعاملات الصادرة عن جميع البنوك القائمة في العالم الإسلامي فإنك لن تجد تحت خدماتها معاملة يطلق عليه اسم الربا صراحة! لا فرق في ذلك بين البنوك الإسلامية وغير الإسلامية .
فهل هذا يدل على أن هذه المعاملات كلها ليست من الربا، وأن الربا لا يوجد لدى هذه البنوك؟
ومن ذلك أيضا: تسمية البنوك الربوية بالبنوك التقليدية، قالوا: إن هذا من باب التلطف وتأليف نفوس أصحاب هذه البنوك والعاملين فيها والمتعاملين معها.
ومن ذلك أيضا: تسمية الزنى ومقدماته حرية شخصية .
وتسمية تعظيم آثار الشرك والزيارة البدعية للمشاهد سياحة .
ولا يخفى أنه بسبب هذا الإطلاق حصل قدر عظيم من التلبيس على عامة المسلمين في حكم هذه المنهيات الشرعية وحقيقتها، مع ما في ذلك من الإغراء والتزيين للباطل .
ويلحظ أنه قد حصل في هذه الصورة إقصاء متعمد للاسم الشرعي ومجافاة واضحة له، ثم وقع بسبب هذا الإقصاء الإتيان بلفظ آخر جديد محل الاسم الشرعي .
ولما كان هذا الإقصاء إنما يحصل في الأمور المحرّمة التي منعها الشارع ونفّر من ارتكابها؛ فإن هذا اللفظ الجديد ـ في الغالب ـ يحمل في ظاهره قدرا من الأوصاف المؤذنة بقبوله، المفضية إلى استحسانه .
الصورة السادسة:
قلب الأسماء الشرعية؛ كتسمية الربا بيعا، وتسمية الرشوة هدية .
ومن الأمثلة على ذلك أيضا:
تسمية شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غلوا أو تطرفا .
وتسمية الالتزام بالدين والمحافظة على السنن والتمسك بشرائع الإيمان وشعائره تزمتا وتنطعا وتخلفا .
وتسمية الأمين خائنا والخائن أمينا .
ومن ذلك أيضا: تلك العمليات الفدائية أو البطولية التي يقوم بها المسلمون المستضعفون في أرض فلسطين ضد أعدائهم من اليهود المحتلين، فبعضهم يسميها بالعمليات الاستشهادية، وبعضهم يطلق عليها العمليات الانتحارية، ولا شك أن لكل تسمية دلالتها الخاصة بها، لكن المشكل في هذه التسمية أو تلك أن تحصل مع الغفلة عن معناها ودلالتها؛ إذ لا يستقيم الحكم بتحريمها مع تسميتها استشهادية، كما أنه لا يستقيم القول بمشروعيتها مع تسميتها انتحارية .
ويُلحظ أنه قد حصل في هذه الصورة حصل إقصاء متعمد للاسم الشرعي ومجافاة واضحة له واستغناء عنه، ثم وقع بسبب هذا الإقصاء الإتيان بلفظ آخر، إلا أن هذا اللفظ ليس جديدا، وإنما هو اسم من الأسماء الشرعية، فجُعل هذا الاسم الشرعي لقبا على ذلك المسمى الشرعي .
وبهذا يظهر أن الجناية في هذه الصورة جناية مركبة؛ حيث أُقصي الاسم الشرعي عن المسمى الشرعي أولا ثم أُعطي هذا المسمى اسما من الأسماء الشرعية، فحصل خلط مقصود بين اثنين من الأسماء الشرعية .
الصورة السابعة:
حمل الأسماء الشرعية على اصطلاحات المتأخرين .
والمتعين أن العرف الذي تحمل عليه الألفاظ إنما هو العرف المقارن السابق دون المتأخر، ولذا قالوا: لا عبرة بالعرف الطارئ([37]) .
ويندرج تحت هذه الصورة نوعان من الأسماء والألفاظ: ألفاظ الشارع الواردة في نصوص الكتاب والسنة، واصطلاحات أهل العلم المتقدمين .
وفي كلا النوعين يتعين حمله على اصطلاحات أهله؛ فيتعين حمل ألفاظ الشارع على مراد الشارع لا على الاصطلاحات الحادثة .
كما يتعين حمل اصطلاحات أهل العلم المتقدمين على مرادهم وعرفهم، لا على مصطلحات المتأخرين .
وإليك فيما يأتي بيان هذين النوعين:
النوع الأول: ألفاظ الكتاب والسنة يتعين حملها على عادات عصره صلى الله عليه وسلم وعلى اللغة والعرف السائدين وقت نزول الخطاب، ولا يصح أن تحمل هذه الألفاظ على عادات حدثت فيما بعد، أو اصطلاحات وضعها المتأخرون من أهل الفنون([38]).
قال ابن تيمية: «ولا يجوز أن يحمل كلامه [أي الرسول صلى الله عليه وسلم] على عاداتٍ حدثت بعده في الخطاب لم تكن معروفة في خطابه وخطاب أصحابه، كما يفعله كثير من الناس وقد لا يعرفون انتفاء ذلك في زمانه»([39]).
وقال أيضًا: «فبتلك اللغة والعادة والعرف خاطبهم الله ورسوله لا بما حدث بعد ذلك»([40]).
ومن الأمثلة على ذلك:
أولا: حكم غسل يوم الجمعة([41]) .
استدل أهل الظاهر بقوله صلى الله عليه وسلم: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم) ([42]) على وجوب الاغتسال للجمعة .
وذلك أنهم حملوا لفظ (واجب) على المعنى الاصطلاحي، وهو الفرضية .
وقد أجاب الجمهور ـ وهم القائلون باستحباب الغسل يوم الجمعة ـ عن استدلال الظاهرية بوجوه عدة، منها:
أولا: أن لفظ واجب يحمل على تأكيد الاستحباب .
قال الزين بن المنير: (أصل الوجوب في اللغة السقوط، فلما كان في الخطاب على المكلف عبء ثقيل كان كل ما أكد طلبه منه يسمى واجبا؛ كأنه سقط عليه، وهو أعم من كونه فرضا أو ندبا) ([43]) .
ثانيا: أن ظاهر حديث عائشة أن ذلك كان لموضع النظافة وأنه ليس عبادة قوله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل) ([44]) قالوا: هذا نص في سقوط فرضية غسل الجمعة .
ثالثا: أن التشبيه في الكيفية لا في الحكم .
ثانيا: هل إتيان المأموم بما فاته من الصلاة مع الإمام أداء أو قضاء ([45])؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
فذهب الجمهور إلى أن ما يأتي به المأموم بعد سلام الإمام هو أداء .
وذهب آخرون إلى أن الذي يأتي به المأموم بعد سلام الإمام هو قضاء .
وسبب اختلافهم: لفظ القضاء والإتمام، وهما من الألفاظ الشرعية .
وذلك أنه ورد في بعض روايات الحديث المشهور (فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) ([46]) والإتمام يقتضي أن يكون ما أدرك هو أول صلاته .
وورد في بعض الروايات (فاقضوا) ([47]) والقضاء يوجب أن ما أدرك هو آخر صلاته .
فمن ذهب مذهب الإتمام قال: ما أدرك هو أول صلاته، ومن ذهب مذهب القضاء قال: ما أدرك هو آخر صلاته .
مع أن أكثر الروايات ورد بلفظ: (فأتموا) وأقلها بلفظ: (فاقضوا) .
قال ابن حجر: (وقد عمل بمقتضى اللفظين الجمهور؛ فإنهم قالوا: إن ما أدرك المأموم هو أول صلاته، إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أم القرآن في الرباعية، لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين) ([48]).
وقال أيضا: (لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائت غالبا، لكنه يطلق على الأداء أيضا، ويرد بمعنى الفراغ؛ كقوله تعالى: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا)([49])ويرد بمعان أخر؛ فيحمل قوله: (فاقضوا) على معنى الأداء أو الفراغ؛ فلا يغاير قوله: (فأتموا) .
فلا حجة فيه لمن تمسك برواية (فاقضوا) على أن ما أدركه المأموم هو آخر صلاته حتى استحب له الجهر في الركعتين الأخيرتين وقراءة السورة وترك القنوت، بل هو أولها وإن كان آخر صلاة إمامه؛ لأن الآخر لا يكون إلا عن شيء تقدمه .
وأوضح دليل على ذلك: أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل حال، فلو كان ما يدركه مع الإمام آخرا له لما احتاج إلى إعادة التشهد ...
واستدل ابن المنذر لذلك أيضا على أنهم أجمعوا على أن تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى) ([50]).
النوع الثاني: اصطلاحات أهل العلم المتقدمين يتعين حملها على عرفهم لا على الاصطلاحات الحادثة بعدهم .
قال ابن القيم عند بيانه أسباب وقوع الغلط في فهم كلام الشارع: (وينضاف إلى ذلك: تنزيل كلامه على الاصطلاحات التي أحدثها أرباب العلوم من الأصوليين والفقهاء... فإن لكل من هؤلاء اصطلاحات حادثة في مخاطبتهم وتصانيفهم، فيجيء من قدَّم علم تلك الاصطلاحات الحادثة وسبقت إليه معانيها فيقع بسبب ذلك في الفهم عن الشارع ما لم يُرَد بكلامه، ويقع من الخلل في نظره ومناظرته ما يقع .
وهذا من أعظم أسباب الغلط عليه، مع قلة البضاعة عن معرفة نصوصه.
فإذا اجتمعت هذه الأمور مع نوع فساد في التصور أو القصد أوهما ما شئت من خبط وغلط وإشكالات واحتمالات وضرب كلامه بعضه ببعض، وإثبات ما نفاه، ونفي ما أثبته)([51]) .
ومن الأمثلة على ذلك في مصطلحات أصول الفقه:
أولا: النسخ .
النسخ في اصطلاح المتأخرين، وذلك هو اصطلاح الأصوليين: رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخٍ عنه، أو يقال: رفع الحكم الشرعي بخطاب متراخٍ([52]).
أما النسخ في اصطلاح المتقدمين– عند السلف – فمعناه: البيان([53]).
فيشمل تخصيص العام، وتقييد المطلق، وتبيين المجمل، ورفع الحكم بجملته وهو ما يعرف – عند المتأخرين – بالنسخ.
قال ابن القيم: (قلت: مراده ومراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ: رفع الحكم بجملته تارة –وهو اصطلاح المتأخرين– ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة، إما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد وتفسيره وتبيينه، حتى إنهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخًا لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد .
فالنسخ عندهم وفي لسانهم هو: بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارج عنه ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى، وزال عنه به إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر)([54]).
ثانيا: المكروه .
المكروه في اصطلاح الأصوليين هو: ما يمدح تاركه ولا يذم فاعله .
وقد يطلق خاصة في كلام السلف على المحرم([55]).
قال ابن القيم: (وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك؛ حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة .
فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة، ثم سهل عليهم لفظ الكراهة وخفت مؤنته عليهم، فحمله بعضهم على التنزيه..... فحصل بسببه غلط عظيم على الشريعة وعلى الأئمة)([56]).
ثالثا: التأويل .
للتأويل في الاصطلاح ثلاثة معانٍ: معنيان عند السلف، ومعنى ثالث عند المتأخرين.
أما المعنيان الأولان عند السلف فعلى النحو الآتي([57]):
المعنى الأول: الحقيقة التي يؤول إليها الأمر، كقول كثير من السلف في بعض الآيات: «هذه ذهب تأويلها، وهذه لم يأت تأويلها».
والمعنى الثاني: التفسير والبيان، كقول بعض المفسرين: «القول في تأويل قول الله تعالى» .
وأما معنى التأويل عند المتأخرين – وهو المعنى الثالث – وهو المشهور عند الأصوليين، فهو: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح بدليل يدل على ذلك([58]).
رابعا: المجمل .
معنى المجمل عند السلف: «ما لا يكفي وحده في العمل»، كقوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) [التوبة: 103]، فإن المأمور به صدقة تكون مطهرة مزكية لهم، وهذا إنما يعرف ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ([59]).
وأما المجمل في اصطلاح الأصوليين فإنه يطلق على معنيين:
أولهما: (ما لا يفهم منه عند الإطلاق معنى)([60]) .
وهذا الإطلاق يوافق معنى المجمل عند السلف حسبما تقدم .
ومثاله: لفظ (الصلاة) و (الزكاة) في قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) .
وثانيهما: «ما احتمل معنيين أو أكثر من غير ترجح لواحد منهما أو منها على غيره»([61]) وهذا الإطلاق واقع في مقابلة النص والظاهر .
ومثاله: لفظ (القرء) إذ هو متردد بين الحيض والطهر([62]).
خامسا: الاستثناء .
معنى الاستثناء في اصطلاح الأصوليين والنحاة: كلام ذو صيغ محصورة يدل على أن المذكور فيه لم يرد بالقول الأول، وقيل: هو الإخراج بإلا أو إحدى أخواتها لما كان داخلاً أو منزلة الداخل([63]) .
أما الاستثناء في كلام النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وفي عرف الفقهاء فإنه أعم من ذلك؛ إذ يشمل الاشتراط بالمشيئة وغيره([64]).
المسألة الثانية: المفاسد المترتبة على الجناية على الأسماء الشرعية([65]) .
المفسدة الأولى:أن تغير الأسماء يفضى مع مرور الزمن إلى تغير الأحكام فتفسد بذلك الديانات وتبدل الشرائع، فالمشركون يسمون أصنامهم آلهة، وليس فيها شيء من صفات الإلهية وحقيقتها، ويسمون الإشراك بالله تقربا إلى الله .
المفسدة الثانية: وقوع المفسدة التي أراد الشارع وقصد إلى درئها عن الخلق .
"ومعلوم قطعا أن لعن رسول الله على ذلك إنما هو لما فيه من الفساد العظيم، الذي اللعنة من بعض عقوبته . وهذا الفساد لم يزل بتغيير الاسم والصورة مع بقاء الحقيقة، ولا بتقديم الشرط من صلب العقد إلى ما قبله؛ فإن المفسدة تابعة للحقيقة، لا للاسم، ولا لمجرد الصورة .
وكذلك المفسدة العظيمة التي اشتمل عليها الربا لا تزول بتغيير اسمه من الربا إلى المعاملة، ولا بتغيير صورته"([66]) .
المفسدة الثالثة: أن في ذلك مخادعة لله ورسوله فهو من باب الحيل، وهو من الكذب .
وذلك"أن باب الحيل المحرمة مداره على تسمية الشيء بغير اسمه، وعلى تغيير صورته مع بقاء حقيقته، فمداره على تغيير الاسم مع بقاء المسمى،
وتغيير الصورة مع بقاء الحقيقة .
فإن المحلِّل مثلا غيَّر اسم التحليل إلى اسم النكاح، واسم المحلِّل إلى الزوج، وغيَّر مسمى التحليل بأن جعل صورته صورة النكاح، والحقيقة حقيقة التحليل"([67]) .
"فتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة في المفسدة التي حرمت لأجله، مع تضمنه لمخادعة الله تعالى ورسوله، ونسبة المكر والخداع والغش والنفاق إلى شرعه ودينه، وأنه يحرم الشيء لمفسدة ويبيحه لأعظم منها .
ولهذا قال أيوب السختياني: يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان، لو أتوا الأمر على وجهه كان أهون"([68]) .
المفسدة الرابعة: أن في ذلك تلبيسا على الناس وتغريرا بهم، وفيه أيضا تزيين للباطل وتسهيل لارتكابه، كما هو حاصل في تسمية البنوك الربوية بنوكا تقليدية، وتسمية بعض المعازف مؤثرات صوتية .
المفسدة الخامسة: أن هذا من علامات الساعة المؤذنة باندراس الشريعة وانهدام الدين، وهو من دلائل نبوته، كما في حديث (يستحلون الخمر) وقد تقدم.
المفسدة السادسة: أن هذا من صنيع الأعداء، ومن مكائدهم ومكرهم بالإسلام وأهله .
فمن ذلك:محاكاة الغرب في اختيار الأسماء والألفاظ، حيث تسلل إلى ديار الإسلام ألفاظ أجنبية غربية وُضعت على أبواب الدكاكين والمتاجر، وجعلت في أعلى البنايات الشاهقة والعمائر، حتى يُخَيَّل للسائر في تلك الأرض أنه في بلاد الغرب .
بل إن هذا الوباء قد سرى عند فئام من المسلمين إلى تسمية أولادهم من الذكور والإناث بأسماء دخيلة على الإسلام وأهله، فجرى تقليد الكفرة من ظهور البيوت إلى بطونها .
وقد وصل الحال إلى إدراج نخبة من الألفاظ والمصطلحات الأجنبية والاستغناء بها عن لغة القرآن الكريم؛ كما هو حاصل في لغة الإعلام والصحافة وقاموس الاقتصاديين والساسة .
ومن المصطلحات التي أُخذت من بلاد الغرب: (إعدام المجرم) حيث جُعلت بدلا من (القتل قصاصا)، واستعمال مصطلح (المجلس التشريعي) بدلا من (أهل الحل والعقد)([69]) .
المطلب الرابع: الموقف الشرعي من الجناية على الأسماء الشرعية .
ويمكن تلخيص ذلك في قاعدتين:
القاعدة الأولى: وجوب اعتماد البيان الشرعي في تفسير الأسماء الشرعية([70]) .
وذلك أن بيان الشارع لألفاظه وتفسيره لها مقدم على أي بيان، دون تفريق بين الألفاظ الدينية كالإيمان والكفر، وغير الدينية كالصلاة والحج، وعلى ذلك اتفق السلف .
قال ابن تيمية: (والاسم إذا بين النبي صلى الله عليه وسلم حد مسماه لم يلزم أن يكون قد نقله عن اللغة أو زاد فيه، بل المقصود أنه عُرف مراده بتعريفه هو صلى الله عليه وسلم كيف ما كان الأمر، فإن هذا هو المقصود.
وهذا كاسم الخمر فإنه قد بين أن كل مسكر خمر([71])، فعرف المراد بالقرآن .
وسواء كانت العرب قبل ذلك تطلق لفظ الخمر على كل مسكر أو تخص به عصير العنب: لا يحتاج إلى ذلك؛ إذ المطلوب معرفة ما أراد الله ورسوله بهذا الاسم . وهذا قد عرف ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ([72]).
وقال أيضًا: (فالنبي صلى الله عليه وسلم قد بين المراد بهذه الألفاظ بيانًا لا يحتاج معه إلى الاستدلال على ذلك بالاشتقاق وشواهد استعمال العرب ونحو ذلك.
فلهذا يجب الرجوع في مسميات هذه الأسماء إلى بيان الله ورسوله فإنه شافٍ كافٍ)([73]).
وقد بيَّن رحمه الله وجوب الحذر من طريقة أهل البدع، وهي تفسير ألفاظ الكتاب والسنة برأيهم وبما فهموه وتأولوه من اللغة، والإعراض عن بيان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهم يعتمدون على العقل واللغة وكتب الأدب .
ومن الأمثلة على ذلك: أن المرجئة جعلوا لفظ الإيمان حقيقة في مجرد التصديق ([74]).
وعلى ذلك درج الأصوليين، حيث إن اللفظ الصادر من الشارع ـ إذا تجرَّد عن القرائن ـ يحمل أولا على المعنى الشرعي؛ لأنه عليه الصلاة و السلام بُعث لبيان الشرعيات .
فإن تعذر حُمل على الحقيقة العرفية الموجودة في عهده عليه الصلاة و السلام؛ لأن التكلم بالمعتاد عرفا أغلب من المراد عند أهل اللغة .
فإن تعذر حُمل على الحقيقة اللغوية؛ لتعينها بحسب الواقع)([75]) .
القاعدة الثانية: أن العبرة في الأحكام الشرعية بالحقائق والمعاني لا بالأسماء والمباني .
لما كانت أحكام هذه الشريعة مبنية على تحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم في الدنيا والآخرة؛ فإن الشارع لا يأمر إلا بما مصلحته خالصة أو راجحة، ولا ينهى إلا عما مفسدته خالصة أو راجحة([76]) .
ومن هنا كانت العبرة في الأحكام الشرعية بحقائقها ومعانيها المشتملة على هذه المصالح أو تلك المفاسد .
قال ابن القيم: (... فالله سبحانه إنما حرم هذه المحرمات وغيرها لما اشتملت عليه من المفاسد المضرة بالدنيا والدين، ولم يحرمها لأجل أسمائها وصورها، ومعلوم أن تلك المفاسد تابعة لحقائقها لا تزول بتبدل أسمائها وتغير صورها)([77]).
وقال رحمه الله مستدلاً لهذه القاعدة وممثلاً لها:
(ولو أوجب تبديل الأسماء والصور تبدل الأحكام والحقائق لفسدت الديانات
وبدلت الشرائع، واضمحل الإسلام.
وأي شيء نفع المشركين تسميتهم أصنامهم آلهة، وليس فيها شيء من صفات الإلهية وحقيقتها؟
وأي شيء نفعهم تسميةُ الإشراك بالله تقربًا إلى الله؟
وأي شيء نفع المعطلين لحقائق أسماء الله وصفاته تسمية ذلك تنزيهًا)([78]).
وقال أيضًا: «فتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة في المفسدة التي حرمت لأجلها، مع تضمنه لمخادعة الله تعالى ورسوله، ونسبة المكر والخداع والغش والنفاق إلى شرعه ودينه، وأنه يحرم الشيء لمفسدة ويبيحه لأعظم منها»([79]).
ومن الأمثلة على ذلك: حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (يأتي على الناس زمان يستحل فيه خمسة أشياء بخمسة أشياء: يستحلون الخمر باسم يسمونها إياه، والسحت بالهدية، والقتل بالرهبة، والزنا بالنكاح، والربا بالبيع) .
قال ابن القيم ـ وأصل الكلام لشيخه ابن تيمية ـ:
(وهذا حق:
§ فإن استحلال الربا باسم البيع ظاهر؛ كالحيل الربوية التي صورتها صورة البيع، وحقيقتها حقيقة الربا، ومعلوم أن الربا إنما حُرِّم لحقيقته ومفسدته، لا لصورته واسمه، فهب أن المرابي لم يسمه ربا وسماه بيعا فذلك لا يُخرج حقيقته وماهيته عن نفسها .
§ وأما استحلال الخمر باسم آخر؛ فكما استحل المسكر من غير عصير العنب، وقال: لا أسميه خمرا، وإنما هو نبيذ، وكما يستحلها طائفة من الـمُجّان إذا مزجت ويقولون: خرجت عن اسم الخمر؛ كما يخرج الماء بمخالطة غيره له عن اسم الماء المطلق، وكما يستحلها من يستحلها إذا اُتخذت عقيدا، ويقول: هذه عقيد لا خمر، ومعلوم أن التحريم تابع للحقيقة والمفسدة، لا للاسم والصورة؛ فإن إيقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة لا تزول بتبديل الأسماء والصور عن ذلك، وهل هذا إلا من سوء الفهم وعدم الفقه عن الله ورسوله .
§ وأما استحلال السحت باسم الهدية ـ وهو أظهر من أن يُذكر ـ كرشوة الحاكم والوالي وغيرهما؛ فإن المرتشي ملعون هو والراشي؛ لما في ذلك من المفسدة، ومعلوم قطعا أنهما لا يخرجان عن الحقيقة، وحقيقة الرشوة بمجرد اسم الهدية وقد علمنا وعلم الله وملائكته ومن له اطلاع على الحيل أنها رشوة .
§ وأما استحلال القتل باسم الإرهاب الذي تسميه ولاة الجور سياسة وهيبة وناموسا وحرمة للملك فهو أظهر من أن يذكر .
§ وأما استحلال الزنا باسم النكاح فهو الزنا بالمرأة التي لا غرض له أن يقيم معها ولا أن تكون زوجته وإنما غرضه أن يقضي منها وطره أو بأخذ جعلا على الفساد بها ويتوصل إلى ذلك باسم النكاح وإظهار صورته، وقد علم الله ورسوله والملائكة والزوج والمرأة أنه محلل لا ناكح وأنه ليس بزوج وإنما هو تيس مستعار للضراب ...)([80]) .
الخاتمة
في نهاية المطاف يطيب لي تدوين خلاصة لأبرز ما ورد في هذا البحث، وذلك في ست نقاط:
أولا: معنى قاعدة (لا مشاحة في الاصطلاح): أن الخلاف إذا كان واقعا في الأمور الاصطلاحية فإنه لا ينبني عليه حكم، ولا اعتبار به .
وربما يُعبَّر عنها بقولهم:
· لا مشاحة في اللفظ .
· لا مشاحة في الأسامي .
· لا مشاحة في العبارات .
· لا مشاحة في الألقاب .
وإنما يظهر إعمال هذه القاعدة فيما لو حصل الاتفاق على المعنى واختلفوا في التسمية أو في اللفظ، فلابد إذن من تقدير تتمة لهذه القاعدة، وهي: (بعد الاتفاق على المعنى) .
ثانيا: وردت هذه القاعدة عند الأصوليين في مواضع كثيرة، فمن ذلك:
هل الواجب والفرض مترادفان؟ ومفهوم الموافقة هل يسمى قياسا؟
ثالثا: هذه القاعدة ليست على إطلاقها؛ بل هنالك شروط لابد من اعتبارها وتقييد القاعدة بها، وهي أربعة شروط:
1) وجود مناسبة معتبرة تجمع بين الاصطلاح ومعناه .
2) ألا يكون في هذا الاصطلاح مخالفة للوضع اللغوي أو العرف العام .
3) ألا يكون في هذا الاصطلاح مخالفة لشيء من أحكام الشريعة .
4) ألا يترتب على هذا الاصطلاح الوقوع في مفسدة الخلط بين المصطلحات .
والقدر الجامع لهذه الشروط الأربعة هو: ألا يفضي هذا الاصطلاح إلى مفسدة، وهذه المفسدة قد تكون مفسدة لغوية أو مفسدة عرفية أو مفسدة شرعية أو مفسدة اصطلاحية .
رابعا: من صور الجناية على الأسماء الشرعية:
1. حمل الاسم الشرعي على المعنى اللغوي؛ كما فعلت المرجئة في تفسير الإيمان بالتصديق .
2. تفسير الألفاظ الشرعية بمعاني جديدة منقطعة عن معانيها اللغوية؛ كالمنزلة بين المنزلتين عند المعتزلة .
3. الزيادة على معناها بأن يدخل فيها ما ليس منها؛ كإدخال بعض المعاملات الربوية تحت اسم البيع .
4. النقص من معناها بأن يخرج منها ما هو منها؛ كإخراج بعض المعاملات الربوية من مسمى الربا .
5. إقصاء الأسماء الشرعية، وذلك بتسمية المسميات الشرعية بألفاظ أخرى غير شرعية؛ كتسمية الخمر مشروبا روحيا .
6. قلب الأسماء الشرعية؛ كتسمية الربا بيعا، وتسمية الرشوة هدية .
7. حمل الأسماء الشرعية على اصطلاحات المتأخرين .
ويندرج تحت هذه الصورة نوعان من الأسماء والألفاظ: ألفاظ الشارع الواردة في نصوص الكتاب والسنة، واصطلاحات أهل العلم المتقدمين .
فمن الأمثلة على ذلك في ألفاظ الشارع: أن لفظ (الوجوب) الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) لا يصح حمله على المعنى الأصولي، بل هو باق على معناه اللغوي، وهو اللزوم .
ومن الأمثلة على ذلك في مصطلحات أصول الفقه: أن المكروه في اصطلاح الأصوليين هو: ما يمدح تاركه ولا يذم فاعله، وقد يطلق خاصة في كلام السلف على المحرم .
خامسا: من المفاسد الحاصلة بالجناية على الأسماء الشرعية:
أ- أن تغير الأسماء يفضى مع مرور الزمن إلى تغير الأحكام فتفسد بذلك الديانات وتبدل الشرائع .
ب- أن في ذلك مخادعة لله ورسوله فهو من باب الحيل، وهو من الكذب . ولهذا قال أيوب السختياني: يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان، لو أتوا الأمر على وجهه كان أهون .
ج- أن في ذلك تلبيسا على الناس وتغريرا بهم، وفيه أيضا تزيين للباطل وتسهيل لارتكابه .
سادسا: يمكن تلخيص الموقف الشرعي من الجناية على الأسماء الشرعية في قاعدتين:
القاعدة الأولى: وجوب اعتماد البيان الشرعي في تفسير الأسماء الشرعية .
القاعدة الثانية: أن العبرة في الأحكام الشرعية بالحقائق والمعاني لا بالأسماء والمباني .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الموافقات: 5/218 .
([2]) انظر القاموس المحيط: 1/ 289 .
([3]) انظر الكليات: 129-130.
([4]) المستصفى: 1/23 .
([5]) الإحكام للآمدي: 4/227 .
([6]) المستصفى: 1/305 .
([7]) الموافقات: 5/218 .
([8]) المستصفى: 1/10 .
([9]) الموافقات: 5/193 .
([10]) حاشية العطار على شرح جمع الجوامع: 2/281 .
([11]) الموافقات: 5/217 .
([12]) انظر الإبهاج: 2/448 .
([13]) مذكرة أصول الفقه: 1/89 .
([14]) المستصفى: 1/23 .
([15]) نهاية السول: 1/43 .
([16]) الموافقات: 5/193 وانظر كشف الأسرار للبخاري: 4/18 .
([17]) روضة الناظر: 1/177 .
([18]) المستصفى: 1/305 وانظر كشف الأسرار للبخاري: 1/117 .
([19]) الموافقات: 1/411 .
([20]) حاشية العطار على شرح جمع الجوامع: 2/281 .
([21]) وذلك أن الاصطلاح الخاص ـ على الصحيح ـ لا يرفع الاصطلاح العام؛ فلا يجوز للمصطلحين نقل اللفظ عن معناه في اللغة بالكلية، بل يشترط فيه بقاء أصل المعنى، فلو قال الزوج لزوجته إذا قلت أنت طالق ثلاثا لم أرد به الطلاق وإنما غرضي أن تقومي وتقعدي فلا عبرة بذلك، بل يقع الطلاق . انظر المنثور: 1/180 .
([22]) مدارج السالكين: 3/ 306 .
([23]) البحر المحيط: 1/144 .
([24]) انظر مجموع الفتاوى: 7/289، 298 .
([25]) مجموع الفتاوى: 7/298 .
([26]) انظر شرح اللمع: 1/172-173 وشرح تنقيح الفصول: 43 والإبهاج: 3/715 والبحر المحيط: 2/167 .
([27]) انظر شرح اللمع: 1/172 والإبهاج: 3/715 .
([28]) إعلام الموقعين: 1/266 .
([29]) انظر زاد المهاجر إلى ربه: 10-12 .
([30]) انظر إعلام الموقعين: 1/266 وزاد المهاجر إلى ربه: 10-12 .
([31]) سورة النساء: 29 .
([32]) سورة البقرة: 282 .
([33]) سورة البقرة: 230 .
([34]) انظر إعلام الموقعين: 1/266 وزاد المهاجر إلى ربه: 10-12 .
([35]) أخرجه مسلم في صحيحه: 13/172 .
([36]) إعلام الموقعين: 1/221 .
([37]) انظر الأشباه والنظائر للسيوطي: 96 .
([38]) انظر مفتاح دار السعادة: 2/271، 272 .
([39]) مجموع الفتاوى: 7/115 .
([40]) مجموع الفتاوى: 7/106 وانظر جلاء الأفهام: 217 .
([41]) انظر المغني: 3/94 وفتح الباري: 2/361-364 .
([42]) أخرجه البخاري في صحيحه: 2/357 برقم: 879 .
([43]) فتح الباري: 2/363 .
([44]) أخرجه النسائي: 3/93 والترمذي: 2/369 برقم: 497 وحسنه، وقال: (والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: اختاروا الغسل يوم الجمعة، ورأوا أن يجزئ الوضوء من الغسل يوم الجمعة) والحديث حسنه أيضا الألباني في صحيح الجامع: 2/1063 برقم: 6180 .
([45]) انظر بداية المجتهد: 1/188 ونيل الأوطار: 3/134، 135 ومذكرة الشنقيطي: 49.
([46]) أخرجه البخاري في صحيحه: 2/118، 119 برقم: 635ـ636 .
([47]) أخرجه النسائي: 2/114 وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 3/195 برقم 1198 .
([48]) فتح الباري: 2/119 .
([49]) سورة الجمعة: 10 .
([50]) فتح الباري: 2/119 .
([51]) مفتاح دار السعادة: 35- 36 .
([52]) انظر: "الفقيه والمتفقه" (1/80)، و"روضة الناظر" (1/190)، و"قواعد الأصول" (71)، و"مختصر ابن اللحام" (136)، و"شرح الكوكب المنير" (3/526)، و"مذكرة الشنقيطي" (66).
([53]) انظر: "الاستقامة" (1/23)، و"مجموع الفتاوى" (13/29، 272، 14/101)، و"إعلام الموقعين" (1/35، 2/316).
([54]) "إعلام الموقعين" (1/35).
([55]) انظر روضة الناظر: 1/123 ومجموع الفتاوى: 32/241 وبدائع الفوائد:4/6 ونزهة الخاطر العاطر: 1/123 .
([56]) "إعلام الموقعين" (1/39).
([57]) انظر مجموع الفتاوى: 1/177، 178، 13/288 – 293، 17، 367 – 381 .
([58]) انظر روضة الناظر: 2/30، 31 ومجموع الفتاوى: 17/401 ومختصر ابن اللحام: 131 ومذكرة الشنقيطي: 176.
([59]) انظر: "الفقيه والمتفقه" (1/75)، و"أضواء البيان" (1/93).
([60]) انظر روضة الناظر: 2/43 .
([61]) انظر: "قواعد الأصول" (52)، و"مختصر ابن اللحام" (126)، و"شرح الكوكب المنير" (3/414)، و"أضواء البيان" (1/93).
([62]) انظر: "روضة الناظر" (2/43)، و"قواعد الأصول" (52)، ومختصر ابن اللحام: 126، و"مذكرة الشنقيطي" (179) .
([63]) انظر روضة الناظر: 2/174 والمسودة: 154 وشرح الأشموني: 2/141 .
([64]) انظر المسودة: 154 .
([65]) انظر في هذا المطلب: إعلام الموقعين: 3/115 وما بعدها، والمواضعة في الاصطلاح: 153 وما بعدها .
([66]) إغاثة اللهفان: 1/350 .
([67]) المصدر السابق: 1/349-350 .
([68]) إغاثة اللهفان: 1/354 .
([69]) انظر المواضعة في الاصطلاح: 182-191 .
([70]) انظر المستصفى:264 ومجموع الفتاوى: 7/289، 298 .
([71]) ورد ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام» رواه مسلم: 13/172.
([72]) مجموع الفتاوى: 19/236.
([73]) المصدر السابق: 7/287 .
([74]) انظر مجموع الفتاوى: 7/116 – 119، 288، 289.
([75]) انظر روضة الناظر: 2/14 والتمهيد في تخريج الفروع على الأصول: 228 وشرح الكوكب المنير: 3/435، 436 ومذكرة الشنقيطي: 174، 175.
([76]) انظر: "مجموع الفتاوى" (11/344، 345، 13/96)، و"مفتاح دار السعادة" (2/14، 22)، و"إعلام الموقعين" (3/3)، و"القواعد والأصول الجامعة" (5).
([77]) "إغاثة اللهفان" (1/353).
([78]) "إعلام الموقعين" (3/118).
([79]) "إغاثة اللهفان" (1/354).
([80]) إعلام الموقعين: 3/115 . وانظر الفتاوى الكبرى: 6/43 .