حماية المدنيين في الفقه الإسلامي
15 ربيع الأول 1433
عماد بن صالح الغامدي

حماية المدنيين في الفقه الإسلامي (1-3)

الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أمَّا بعد:

 فهذا الموضوع يتعلق بقواعد التعامل مع المدنيين، أثناء قيام حرب بين دولتين، أو طائفتين، وكذلك كيفية التعامل معهم بعد الاحتلال الحربي للبلد، في الشريعة الإسلامية، وقانون الحرب الدولي، المتمثل في عدد من الاتفاقيات الدولية، التي من أبرزها اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب، والموقعة في 12 أغسطس 1949م، والتي وقعت عليها المملكة العربية السعودية - حسب ما أبدته لي وزارة الخارجية السعودية - وهذا الموضوع في جملته عبارة عن رسالة تبين مدى عمق الشريعة الإسلامية، وتناولها لكثير من القضايا المعاصرة، وشموليتها لكثير من مستجدات العصر، فهي بحق صالحة لكل زمان ومكان.

أهمـيتـه وأسباب اختياره:
أهمية هذا الموضوع تتضح في العناصر التالية:
1. ما نسمعه ونشاهده من الدول الغربية من المناداة بحقوق الإنسان، ورعايته، واحترامه، مما هو مقرر في الشريعة الإسلامية، فأردت بيان ذلك مقارنا، بما جاء في الإسلام- قبل أربعةَ عشرَ قرناً-وما جاؤوا به من أنظمة متأخرة؛ تأكيداً أن الإسلام دين الرحمة، والكرامة، وأنه صالح لكل زمان ومكان.
2. الحاجة الملحَّة في هذا العصر لمن يدافع عن الإسلام، وهذا من أعظم أنواع الجهاد، فديننا واضح بين، يأمر بالعدل والإحسان، وإعطاء كل ذي حق حقه، لا دين إرهاب، وتطرف كما يزعم الناقمون عليه.
3. أنَّ البحث في مثل هذه الموضوعات، والمقارنة بينها وبين ما جاء بشأنها في الفقه الإسلامي، يساعد على نشر دين الإسلام، والدعوة إلى الله، عندما يرى المطلع على الحقيقة بأدلتها.
4. لم أجد - فيما أعلم - من بحث هذا الموضوع على النحو الذي أوردته هنا.

تمــهيـــد
وفيه مبحثان:

المبحث الأول: (التعريف بمفردات العنوان والمصطلحات ذات العلاقة)

المطلب الأول: (تعريف الحماية لغةً واصطلاحاً)

الحماية لغةً:
 يقال: حَمَى الشيء يَحمِيه حِمايةً بالكسر: أي مَنَعَهُ، وحمى المريض ما يضره: منَعَه إياه، واحتمى هو من ذلك وتحمَّى:امتنع، والحَمِيُّ: المريض الممنوع من الطعام والشراب(1)، ويقال: حَمَيتُ القوم حمايةً أي: نصرتهم(2)، ويقال: حَميتُ المكان: مَنَعتُه أن يُقرب، واحتمى الرجل من كذا: أي اتقاه(3).
ويقال هذا شيء حَمِيٌّ أي: محظور لا يقرب. وحَمَيتُه حمايةً: إذا دفعت عنه، ومنعت منه من يقرَبَهُ، والحمِِِيمُ: القريبُ المشفقُ وسمي بذلك؛ لأنَّه يحتدُ حمايةً لذويه فهو يدافع عنهم كما قال تعالى: {وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً}(4) (المعارج:10).

وفي الجملة نجد أنَّ الحماية تأتي على معانٍ هي: (المنعُ) و(النصرةُ) وهي داخلة تحت معنى المنع؛ لأن النصرة منع الغير من الإضرار بالمنصور.
 وكذلك تأتي بمعنى (الاتقاء) وهو أيضاً قريب من(المنع) حيث إنَّ من احتمى من شيء اتقاه واتقاؤه امتناعه منه. وأيضا تأتي على معنى (الدفاع) وهو أيضاً يدخل تحت المنع، إذ إنَّ المدافع عن الشيء يمنع عنه ما يضره.
والخلاصة: أنَّ الحماية للشيء هي بمعنى (المنع) من أنّ يقربه كذا... ويختلف نوعها بحسب ما تضاف إليه.

الحماية اصطلاحاً:
من خلال البحث لم يتبين لي فرق بين معنى الحماية لغةً واصطلاحاً، فالمعنى اللغوي هو نفسه المعنى الاصطلاحي، وأصل معنى الحماية لا يختلفُ في نفسه، وإنما يختلف نوعُ الحمايةِ بحسبِ ما يضاف إليه.
فمعنى حِماية المريض على سبيل المثال: المَنعُ مما يضره من طعام أو شراب أو غيره، ومعنى حِماية المدني مثلاً: المَنعُ مما يضره من الاعتداء عليه، والدفاع عنه وغيره.
وهذا المعنى مستعمل في الفقه الإسلامي، وفي القانون الدولي على حد سواء.
مثال ذلك في الفقه الإسلامي، قولهم: "إذا عقد الهدنة(5) فعليه حمايتهم من المسلمين وأهل الذمة "(6).
ومثال ذلك أيضاً قولهم: " وجبت الدية على العاقلة؛ لأنهم أهل نصرته، فلما كانوا متناصرين في القتال والحماية أمروا بالتناصر والتعاون على تحمل الدية ليتساووا في حملها كما تساووا في حماية بعضهم بعضاً عند القتال"(7). ومثال ذلك في القانون الدولي: نحو ما نحن بصدده، فيقول القانونيون: حماية ضحايا الحرب، وحماية أسرى الحرب، وحماية المدنيين(8).

المطلب الثاني: تعريف المدنيين لغةً واصطلاحاً:

(أ) تعريف المدنيين لغةً:
المدنيون جمع مَدَنِي، وأصلها:مَدَنَ، ومعناها: أقام، ومَدَنَ بالمكان: أقام به وبابه دخل، ومنه المدينة، وهي فعيلة وتجمع على مدائن بالهمز، ومُدْن، ومُدُن.
والمدينة: اسم لمدينة نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة، غلبت عليها تفخيماً لها شرفها الله، وصانها. وإذا نسَبت إلى المدينة: فالرجل والثوب مَدَنِيّ، والطير ونحوه مَدِيني، ويقال:مَدَن الرجل إذا أتى المدينة.(9)
وخلاصة الأمر أن المَدَنِي:هو من أقام بالمدينة- أيَّ مدينةٍ-وقد يخصص المراد منه فيطلق على من سكن مدينة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا في اصطلاح فقهاء الإسلام.

تعريف المدنيين اصطلاحاً:
أولاً: تعريف المدنيين في الشريعة الإسلامية:
لم يرد عن فقهاء الإسلام هذا الاصطلاح، وإنما يعبرون بتعبيرات متقاربة مثل تعبيرهم "بغير المقاتلة"(10)، أو "من ليس من أهل القتال"(11)، أو"من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة"(12)، أو قولهم: "من لا يحل قتله من الكفرة"(13)،أو يذكرون من لم يكن من أهل القتال مباشرة(14).
وبعد هذا نجد أن الفقهاء لم يصطلحوا على لفظ معين، ولكن اختلفوا على من يطلق عليه وصف"من لا يحل قتله من الكفرة"، "أو غير المقاتلة"....إلخ.

وقسَّم الشيخ حسن أبو غدة-حفظه الله- الفقهاء إلى قسمين في تحديد هذا المعنى(15):
الأول: جعل كلَّ من لا يقاتل يدخل ضمن من لا يحل قتله من الكفار، وهذا قول جمهور أهل العلم، ويمثلون لهم بأمثلة كالمرأة، والصبي، والأعمى، والراهب(16)...
الثاني: حصروا من لا يحل قتله من الكفار في النساء والصبيان والرسل، وهو قول الشافعية المشهور عنهم(17)، وورد عن الشافعي-رحمه الله -أنه أدخل الرهبان اتباعاً لقول أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- لا قياساً فقد حصر من لا يجوز قتله(18).
وهو قول ابن المنذر(19) (20)، وابن حزم(21) (22).
ويستدلون بعموم الأدلة التي تأمر بقتل المشركين كافة فمنها:
 قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}(التوبة: من الآية5) حيث جعل –سبحانه وتعالى-القتل لكل مشرك إلا أن يسلم(23)، ولا يُستثنى من هذا إلا بدليل، ولم يرد دليل على استثناء أحد سوى النساء والصبيان ويبقى ما عداهم على الأصل.
وقوله صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله..."الحديث(24).
حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه يقاتل جميع الناس بلا استثناء حتى يقولوا لا إله إلا الله(25)... ولا يخرج غير المسلم مِنْ هذا العموم إلا من استثناه الشارع ولم يرد باستثناء أحد سوى النساء والصبيان، ويبقى ما عداهم على الأصل.
ويقول ابن المنذر(26) في ذلك: "ولا أعلم حجةً قاطعةً يجب بها الامتناع من قتل الرهبان والشيوخ والمرضى من ظاهر الكتاب"(27).
وضعف ابن حزم الأدلة التي استدل بها الجمهور(28).
أما الجمهور فقد استدلوا بأدلة خصصت هذا العموم، ويستدلون أيضاً بالقياس على النساء والصبيان في عدم جواز القتل لوجود علة النهي في غيرهم(29).
وسيأتي-إن شاء الله-مزيد بيان لهذه المسألة في بابها، وإنما المراد بيان مفهوم المدنيين ومن يدخل ضمن هذا المصطلح عند الفقهاء.
الراجح في هذه المسألة -والله تعالى أعلم- هو ما ذهب إليه الجمهور؛ حيث إن القتال لمن قاتل لا بمجرد الكفر "و مقصوده هو أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، فمن امتنع من هذا قوتل باتفاق المسلمين"(30) (31).

ثانياً: تعريفهم في القانون الدولي:

التعريف الأول: "الذين لا يحملون السلاح في وجه العدو ولا يساهمون في الأعمال الحربية"(32).
وأما علاقة هذا التعريف بالمعنى اللغوي، فنلحظ أنَّهما يشتركان في معنى واحد وهو (الإقامة بالمدينة، أو سكنى المدينة، أو إتيان المدينة) ولكن هذا القيد لم يرد في تعريف القانونيين، لأنه قيد أغلبي ومتعارف عليه، حيث إن حياة الناس اليوم مَدَنِية. فالمدني عندهم من يسكن المدن(33) ولم يساهم في الأعمال الحربية، وهذا وصف أغلبي، وإلا فقد يكون هناك من يساهم في الأعمال الحربية ولم يسكن المدينة فهو مع هذا عندهم من المدنيين(34)، أما في اللغة فإنه من سكن المدينة نسبةً لها.
 التعريف الثاني:
عرفت اتفاقية جنيف بشأن الأشخاص المدنيين وقت الحرب، والمؤرخة 12/آب/أغسطس1949م، المدنيين في المادة الرابعة بأنهم:
"الأشخاص الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما، وبأي شكل كان، في حالة قيام حرب أو احتلال، تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياه، أو دولة احتلال ليسوا من رعاياها"(35).

ثم أضافت في نفس المادة المستثنين من نطاق الحماية في هذا، وهم:
1. أهالي الدولة التي لا تكون مرتبطة بهذه الاتفاقية حيث لا تحميهم الاتفاقية.
2. أهالي الدولة المحايدة الذين يجدون أنفسهم في أراضي دولة محاربة، وكذا رعايا الدولة التي تتعاون مع دولة محاربة، لا يعتبرون أيضاً أشخاصاً تشملهم حمايةُ الاتفاقية طالما كانت الدولة التي يحملون جنسيتها لها تمثيل سياسي عادي لدى الدول الموجودين في أيديها.
3. الأشخاص الذين تحميهم اتفاقيات جنيف الثلاثة المؤرخة في 12/أغسطس عام1949م وهم على التوالي:
‌أ) الاتفاقية الخاصة بتحسين أحوال الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان.
‌ب) الاتفاقية الخاصة بتحسين أحوال الجرحى والمرضى والغرقى من أفراد القوات المسلحة في البحار.
‌ج) الاتفاقية الخاصة بحماية أسرى الحرب(36)
وهؤلاء الأشخاص لا يخرجون من مفهوم الحماية مطلقاً، وإنما هناك اتفاقيات خاصة بهم تحميهم لاختلاف أحوالهم عن المدنيين، إذ إنَّهم مِنَ المساهمين والمشاركين في القتال.

وخلاصة الأمر: أن التعريف الأول للمدنيين هو الراجح، الذي ينبغي الأخذ به؛ لأنَّه تعريف جامع مانع لمفهوم المدني في القانون الدولي؛ إذ أنَّ المدني من لم يساهم في الأعمال الحربية بأي شكل كانت هذه المساهمة، سواءً كان ممن سكن المدن أو لا؛ فإنه يعتبر من المدنيين، فخرج بذلك أفراد الجيش، وقُواده، والمشاركون معهم.
 وأما تعريف الاتفاقية للمدنين فإنه مقتصر على رعايا الدولة المُنظمَّة أو الموقعة على اتفاقية جنيف، والاستثناء الأول الوارد في المادة الرابعة يؤكِّد هذا، فهو غير جامع لمصطلح المدنيين في القانون الدولي.

وتوضيح ذلك ما يلي:
نصت المادة الرابعة على استثناء ثلاث فئات، أما الفئتان الأولى والثانية فلا يمكن سلب الحماية -المقررة للمدنيين في هذه الاتفاقية- منهم؛ لأنَّهم مدنيون، وطبيعة قواعد قانون الحرب عالمية ملزمة لكل الدول، وليس فقط للأطراف الموقعين على لوائح لاهاي، أو اتفاقية جنيف الرابعة التي جاءت بهذه القواعد. إذن تصبح هذه القواعد حامية لكل الأشخاص المدنيين الموجودين في الأراضي المحتلة(37).
فلكلِّ شخص ممن ينطبق عليه مصطلح "مدني" في القانون الدولي كامل الأحقية بأن يتمتع بأحكام قانون الحرب، أو قانون الاحتلال الحربي.

المبحث الثاني: الأصول الشرعية والقانونية في حماية المدنيين الحربيين، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: (الأصول الشرعية في حماية المدنيين الحربيين)
وضعت الشريعة الإسلامية أحكاماً يجب على المسلمين أثناء القتال إتباعها واحترامها، ومن هذه الأحكام ما يتعلق بالحربي غير المقاتل، وكيفية معاملته، فمنها على سبيل المثال، ما يلي:
1. قررت الشريعة الإسلامية الحرية الدينية للإنسان-ومن ذلك الحربي- فلا يجوز إكراه أحد على الإسلام، والجهاد إنما هو لإعلاء كلمة الله، وإزالة حكم الطواغيت، وإخضاع غير المسلمين لأحكام الإسلام؛ ولذلك فإنَّ المسلمين عند بدء القتال يدعون الكفار إلى ثلاث إما الإسلام أو الجزية أو القتال، فإذا قبلوا الجزية فلا يكرهون على القتال(38).
2. تحريم قتل النساء، والصبيان، والخنثى، والمجنون(39)، والرسل(40)، مع كونهم كفارا حربيين؛ لأنهم غير مقاتلين.
3. الأحكام المتعلقة بأموال الحربيين عامة، وغير المقاتلين منهم خاصة، بالنسبة إلى ما يجوز إتلافه وما لا يجوز، المستخدم منها في القتال، وغير المستخدم(41).

هذه بعض الأحكام التي تخص الحربي غير المقاتل -المدنيين- من جانب الحماية له، وذكرتها مجملة هنا؛ لبيان زيف من يدعي أنه لا يوجد أصل لحماية غير المقاتلة من الكفار في الإسلام أو من يقول إن دين الإسلام-دين الرحمة والكرامة-دين قائم على أساس الإرهاب والترويع والقتل،بل إن الشريعة الإسلامية وضعت قواعد وأسس يجب أن تتبع في الحرب ولا تجوز مخالفتها.
وتأمل كلام عالم جليل عرف كيف يعالج هذا الافتراء –وأنقله بنصه لأهميته-حيث قال شيخ الإسلام ابن تيمية(42)–رحمه الله:"وإذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد،ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله،وأن تكون كلمة الله هي العليا، فمن امتنع عن هذا قوتل باتفاق المسلمين. وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء، والصبيان، والراهب، والأعمى، والزَّمِن(43)، ونحوهم فلا يقتل عند جمهور العلماء، إلا أن يقاتل بقوله أو فعله، وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر؛ إلا النساء والصبيان؛لكونهم مالاً للمسلمين.
والأول هو الصواب؛ لأن القتال هو لمن يقاتلنا، إذا أردنا إظهار دين الله،كما قال تعالى: { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة:190) إلى أن قال:(وذلك أن الله-تعالى-أباح قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق، كما قال تعالى:{ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} (البقرة: من الآية191) أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر منه،فمن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله لم تكن مضرة كفره إلا على نفسه؛ ولهذا قال الفقهاء: (إن الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة يعاقب بما لا يعاقب به الساكت)"أ.هـ.(44)
وخلاصة الأمر: أننا نجد لحماية غير المقاتلة -المدنيين- الذين يكونون في دار الحرب، نجد أن لحمايتهم أصلاً في الشريعة الإسلامية، بل إنها سبقت كل القوانين الوضعية القائمة الآن.

المبحث الثاني:(الأصول القانونية لحماية المدنيين الحربيين)
لم يكن قديماً ما يعرف بقانون الحرب الدولي، ولكن بعد ما كانت تُخلِّفه الحروب من الهلاك والدمار للناس، اتجهت كثير من الدول إلى وضع اتقاقيات بينها للحد من هذه الآثار، تتعلق بحماية غير المقاتلين، وإغاثة ومساعدة المحاربين، وكانت أهم هذه الاتفاقيات هي اتفاقية (وستفاليا westpbalie) التي وضعت حداً لحرب الثلاثين عاماً سنة1648م(45).
ثم تطور الوضع في القرن الثامن عشر الميلادي حيث قامت الثورة الفرنسية فحولت مبادئ قانون الحرب إلى عرف دولي يجب إتباعه، فوضعت (مراسيم) معينة في معاملة أسرى الحرب سنة 1792م(46).
وفي القرن التاسع عشر ارتفع عدد المطالبين بتدوين قواعد قانون الحرب الدولي، فتم ذلك في مؤتمر باريس البحري سنة 1856م، ثم باتفاقية جنيف الأولى سنة 1864م ثم أهم الاتفاقيات في هذا الموضوع وهي اتفاقيات لاهاي سنة 1899م وَ1907م(47).
ورغم هذه الجهود في الحد من آثار الحرب، والتخفيف من ويلاتها، إلا أن الحرب العالمية الأولى خلفت الدمار الهائل من سنة 1914م إلى سنة 1918م، والحرب العالمية الثانية والتي قامت من سنة 1939م إلى سنة 1945م أظهرت هاتان الحربان عدم تبلور القانون الدولي بشكل واضح، أو عدم جدية ونفع مثل هذه القوانين،ولعل الثاني هو الأقرب للواقع.
ولكن بعد ذلك وضعت اتفاقيات دولية على نطاق واسع، حيث إن عدد الدول المُنَظِّمة لها يقارب (190) دولة وهذه أغلب دول العالم إن لم تكن كلها وهذه هي اتفاقية جنيف الأربع التي تم توقيع مجموعة منها عام 1949م وتم تعديلها عام 1977م(48).
والخلاصة: أنّ المرجع لحماية المدنيين في القانون الدولي ما يلي:
1. اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، والموقعة في أغسطس سنة 1949م، بالإضافة إلى الملحقين الإضافيين لاتفاقيات جنيف المتعلقين بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة، والموقعين في سنة 1977م(49).

2. الاتفاقية الدولية بالحقوق السياسية والمدنية، والصادرة في ديسمبر سنة 1966م(50)؛ لأنَّ الحقوق التي جاءت بها الاتفاقية شاملة لزمن السلم والحرب.

3. الاتفاقية الدولية الخاصة بمنع جريمة إبادة الجنس البشري والعقاب عليها،والصادرة في ديسمبر سنة 1948م(51)؛ لأنَّ أعظم ما يتعرض له المدنيون هو عمليات القتل الجماعي التي تقوم بها دولة الاحتلال.

4. الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، الصادرة في نوفمبر سنة 1950م(52) التي جاءت بأحكام عالمية لحقوق الإنسان،
 واعتبرها بعض شُرَّاح القانون الدولي أنها مكملة لأحكام اتفاقيات جنيف(53).

5. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر في ديسمبر سنة 1948م(54)، والذي قرر الحقوق للإنسان سواءً في زمن الحرب، أو السلم.

أخيراً نتعرض لمسألة مهمة وهي: إلزامية قانون الحرب لكل الدول، بغض النظر عن انظمام الدولة إلى الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، بالرغم من أن أغلب الدول إن لم يكن كلها قد انظموا إلى الاتفاقية التي نحن بصدد التعرض لها، وهي اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب، ولكن لو فرض عدم انضمام دولة إلى هذه الاتفاقية هل يعفيها قانوناً من الالتزام بما جاء في نصوصها من أحكام؟
الجواب: لا؛ لأنَّ قواعد قانون الحرب عالمية ملزمة لكلِّ الدول وليس فقط الأطراف في لوائح لاهاي أو اتفاقية جنيف الرابعة(55)، ويجب على كل الدول احترامها والعمل بها.

الفصل الأول
(الحماية الدينية للمدنيين الحربيين)
 وفيه مبحثان:
المبحث الأول: (الحماية الدينية للمدني الحربي في الإسلام)، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: (الحماية الدينية للمدني الحربي)
خلق الله الإنسان مستعداً للعلم بالأشياء، كما قال تعالى: { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}(البقرة: من الآية31) وجعل له السمع والبصر والفؤاد، بها يستطيع معرفة الحقائق، وإدراك الأمور، ومعرفة الخير والشر، والضار والنافع، ومن ثمّ فطره الله على الحق وهو: التوحيد الخالص له - سبحانه وتعالى – وبين ذلك بإرسال الرسل وإنزال الكتب التي فيها أوامره ونواهيه ووعده ووعيده..إلخ، ورتب على ذلك الثواب والعقاب في طاعته - سبحانه – وطاعة رسله، فمن أطاع كانت له الجنة، ومن عصى كانت له النار – والعياذ بالله – وختم رسله بخير الرسل وأفضل الخلق أجمعين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وجعل من لوازم الإيمان به الإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم، وأن شريعته ناسخة لكل الشرائع قبله، فلن يقبل من أحد غير الإسلام قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران:85) وبهذا بين له الطريقين طريق الهدى وطريق الضلالة، وقال تعالى:{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } (البلد:10).
وجعل له كامل المشيئة والإرادة في الاختيار، قال: { وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ }(الكهف: من الآية29) وقال:{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ }(التكوير:28).
 ولو شاء الله لسلب هذه الإرادة وجعل الناس كلهم أمة واحدة، ولكن جعل- سبحانه وتعالى – الدخول في الدين مبني على اقتناع وإيمان به، ووضع الأدلة والبراهين الكونية والشرعية على ذلك، وفي هذا يقول جلّ وعلى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (يونس:99)
بل إن الله جل وعلى أمر بالدعوة والمناقشة والمجادلة للمخالفين بالتي هي أحسن حيث قال سبحانه وتعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }(النحل: من الآية125) وأمر الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام وأخاه هارون عندما أرسلهما إلى فرعون بالقول اللين، علّه يؤمن فقال جلَّ مِن قائل عليماً: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (طـه:43، 44)   فإذا كان هذا مع أشد الناس عناداً وعصياناً وظلماً،فكيف يكون الحال مع غيره؟.
ومنع الله الإكراه على الدين،وإنما جعل القتال والحرب على من وقف في وجه نشر هذا الدين، وإعلاء كلمة الله " فمنع الإكراه والإغراء ليتحرر الفكر، ومنع التقليد، بل دعا الناس إلى النظر الحر في الكون وما يشتمل عليه مِن أسرار؛ ليستنبطوا بالنظر عظمة الخالق المبدع، ولا تكاد تفتح المصحف حتى ترى نور القرآن بين يديك يحث على السير في الأرض، والنظر في الكون "(56).
والمسلم الصادق ما كان إسلامُهُ منبعثاً من إيمان واقتناعٍ صحيحٍ.لا خوفاً مِن أحدٍ غيرِ اللهِ، ولا طمعاً في شيء سوى ثواب الله، ولا تقليداً لأحدٍ سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم المبلغ عن رب العالمين.
 
ولهذا منع الإكراه على الدين حيث قال سبحانه وتعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (يونس:99)   وقال أيضاً:{ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (البقرة: من الآية256)
فالأصل في هذا هو حرية الاختيار للإنسان وعند الله في ذلك الحساب والجزاء، ومادام الإسلام واضح جلي في دلائله وبراهينه، فلا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه(57)؛ لأنَّ الإكرَاه إنما يقع على ما تنفر عنه القلوب، فمن ظنَّ مِن المفسرين أن هذه الآية(58) تنافي آية الجهاد فجزم أنها (منسوخة)(59) ، فقوله ضعيف لفظاً ومعنى،كما هو واضح بين لمن تدبر الآية الكريمة(60)، يوضح ذلك السبب الذي نزلت لأجله الآية(61)، حيث إنَّها نزلت في الأنصار " كانت المرأة تكون مِقلاتاً(62) فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله عز وجل: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ } (البقرة: من الآية256)"(63).
"وأجمع المسلمون على أن الجهاد ماضٍ مع البر والفاجر وأنَّ من الفروض المستمرة الجهاد القولي الفعلي."(64)
وبعضهم قال: إنها (مخصوصة)(65)، واستدلوا بقول عمر بن الخطاب لعجوز نصرانية: أسلمي أيتها العجوز تسلمي إن الله بعث محمداً بالحق، قالت: أنا عجوز كبيرة والموت إليّ قريب! فقال عمر: اللهم اشهد وتلا {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}(66) (البقرة: من الآية256).حيث إنَّ عمر بن الخطاب لم يكرهها على الإسلام، وهذا خاص بأهل الكتاب والذين يكرهون هم أهل الأوثان فلا يقبل منهم إلا الإسلام، فهم الذين نزل فيهم { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}(67) (التوبة:73).
وقالوا: عموم النصوص تدل على قتال الكفار إلى أن يكون الدين كله لله، وهو المراد من إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يعدم الشرك من الأرض كما قال تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} (البقرة:193)
وفي الآية الأخرى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (الأنفال:39)
ومقتضى ذلك ألا يقر كافر على كفره، ولكن جاء النص بإقرار أهل الكتاب إذا أعطوا الجزية(68) عن يدٍ وهم صاغرون(69).
والصحيح ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية(70)-رحمه الله-في هذه الآية حيث قال: " جمهور السلف على أنها ليست منسوخة ولا مخصوصة، وإنما النص عام، فلا نكره أحد على الدين، والقتال لمن حاربنا، فإن أسلم عصم ماله ودمه، وإذا لم يكن من أهل القتال لا نقتله، ولا يقدر أحد أن ينقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكره أحداً على الإسلام، لا ممتنعاً ولا مقدوراً عليه، ولا فائدة في إسلام مثل هذا. لكن من أسلم قبل منه ظاهر الإسلام"(71).
وأما إن قيل إن هناك أناس لا تؤخذ منهم الجزية فلا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف، فهذا إكراه على الدين؟!
الجواب: أخذ الجزية من غير أهل الكتاب اختلف فيه العلماء وتفصيل هذه المسألة ما يلي:
تحرير محل النزاع:
الجزية تؤخذ من أهل الكتاب العجم والمجوس باتفاق، ولا تؤخذ من قريش ولا من المرتدين باتفاق، أما المرتدون فإنهم ليسوا على دين يقرون عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم "من بدل دينه فاضربوا عنقه"(72)، وأما قريش فقيل: لمكانتهم من النبي صلى الله عليه وسلم(73)، واختلفوا فيما عداهم على أقوال:
القول الأول: تؤخذ الجزية من أهل الكتاب ومن له شبهة كتاب، ومن ليس له ولا شبهة فلا يقرون بالجزيـة، سواء فيهم العربي والأعجمي. وهو قول الشافعية(74)، والحنابلة(75).ولكن الحنابلة اقتصروا على من له شبهة كتاب بالمجوس فقط، وأما الشافعية فأدخلوا أهل الكتب مثل صحف إبراهيم وشيث وزبر داود في وجه عندهم والأصح اعتبار ذلك(76).
القول الثاني: أنها تؤخذ من جميع الكفار ما عدا العرب، وهو قول الحنفية(77) ورواية عن الإمام أحمد(78).
القول الثالث:أنها تؤخذ من كل كافر ذكر بالغ حر قادر على أداء الجزية يجوز إقراره على دينه وهو قول المالكية المشهور عنهم(79).
الأدلة:
واستدل أصحاب القول الأول بقوله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة:29)   فخصَّ أهل الجزية من أهل الكتاب دون غيرهم؛ لأنَّ الأصل العام {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}(البقرة: من الآية193) ومقتضى ذلك أن لا يقر كافر على كفره، وتجب فيه المقاتلة أو الإسلام فخرج أهل الكتاب بهذه الآية وخرج المجوس بسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر(80)، وأما من عداهم فيبقى على هذا العموم(81).
وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى ومن دان بدينهم، وأما أهل صحف إبراهيم وشيث وزبور داود فلا تقبل منهم الجزية عند الحنابلة كما سبق بيانه؛ لأن الله تعالى يقول:{أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا}(الأنعام: من الآية156) فهم من غير الطائفتين؛ ولأنَّ هذه الصحف لم تكن فيها شرائع وإنما هي مواعظ وأمثال(82).
ونوقش هذا الاستدلال: بأنَّه لا يقال: إنَّ القرآن يدل على اختصاصها بأهل الكتاب فإن الله سبحانه وتعالى أمر بقتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتال المشركين حتى يعطوا الجزية(83)، فيؤخذ من أهل الكتاب بالقرآن ومن عموم الكفار بالسنة، وقد أخذها الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المجوس(84) وهم عباد نار لا فرق بينهم وبين عبدة الأوثان، ولا يصح أنهم من أهل الكتاب، ولا كان لهم كتاب(85)، فيكون هذا القيد إخباراً بالواقع لا مفهوماً له(86).
وأما استدلال الحنابلة بقوله تعالى: {إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا}(الأنعام: من الآية156).فالجواب عنه:" أن المراد مما اطلع عليه القائلون وهم قريش؛ لأنهم لم يشتهر عندهم من جميع الطوائف من له كتاب إلا اليهود والنصارى، وليس في ذلك نفي بقية الكتب المنزلة كالزبور وصحف إبراهيم وغير ذلك"(87).
واستدل أصحاب القول الثاني: بأنَّ الجزية لا تؤخذ من العربي بما يلي:
قالوا: لأنَّ المعجزة في حقه أظهر حيث إن القرآن نزل بلغتهم فكان كفرهم والحالة هذه أغلظ من كفر العجم(88)، وقبول الجزية لا لرغبة فيما يؤخذ منهم أو طمع في ذلك بل للدعوة إلى الإسلام؛ ليخالطوا المسلمين فيتأملوا في محاسن الإسلام وشرائعه فيحملهم ذلك على الإسلام، وهذا لا يحصل بعقد الذمة مع مشركي العرب؛ لأنهم أهل تقليد وعادة لا يعرفون سوى العادة وتقليد الآباء بل يعبدون ما سوى ذلك سخريةً وجنوناً، فلا يشتغلون بالتأمل والنظر في محاسن الشريعة؛ ليقفوا عليها فيدعوهم إلى الإسلام، فتعين السيف داعياً لهم إلى الإسلام؛ ولهذا لم يقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منهم الجزية(89).
ويناقش هذا الاستدلال بما يلي:
من المقرر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأخذ الجزية من عباد الأوثان من العرب مع كثرة قتاله لهم ولم يكن ذلك؛ لا لأنهم ليسوا من أهلها وإنما ذلك لأن آية الجزية إنما نزلت عام (تبوك) في السنة التاسعة من الهجرة بعد أن أسلمت جزيرة العرب، ولم يبق بها أحدٌ من عباد الأوثان، فلما نزلت آية الجزية أخذها النبي صلى الله عليه وسلم ممن بقي على كفره من النصارى والمجوس ولهذا لم يأخذها عليه الصلاة والسلام من يهود المدينة حين قدم إليها، ولا مِن يهود خيبر؛ لأنَّه صالحهم(90) قبل نزول آية الجزية(91)، وما ذكرتم من الحكمة في وضع الجزية للعجم لا وجه لقصره عليهم بل الحكمة في العرب أظهر.
 
واستدل أصحاب القول الثالث بما يلي:
أولاً من السنة:
 (أ) ورد عن بريدة(92)- رضي الله عنه – أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَمَّرَ أميراً على جيشٍ أو سريةٍ، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: " اغزوا بسم الله في سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغُلُّوا(93) ولا تغدِروا(94) ولا تمثلوا(95) ولا تقتلوا وليداً، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال – أو خلال – فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثم أدعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم..."(96) الحديث.
فهذا الحديث بين أنَّ الجزية تؤخذ من كل كافر، ولم يستثن كافراً من كافر فقد أمر صلى الله عليه وسلم الأمير أن يدعوا الكفار إلى الإسلام ثم إلى الهجرة في الأمصار، وإلاّ إلى أداء الجزية وإن لم يهاجروا كأعراب المسلمين.
والأعراب عامتهم كانوا مشركين فدل على أنه دعا إلى أداء الجزية من حاصره من المشركين وأهل الكتاب والحصون التي باليمن كثيرة بعد نزول آية الجزية، وأهل اليمن كان فيهم مشركون وأهل كتاب(97)، وأيضاً فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عدوَّك "وهو عام.
(ب) ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه بعث أبا عبيدة بن الجراح( 98) إلى البحرين ليأتي بجزيتها، وأمَّر عليهم العلاء بن الحضرمي(99) (100)،وثبت أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر(101)،وأجمع أهل العلم على أخذ الجزية من المجوس(102). وهم عُبَّاد نار لا فرق بينهم وبين عَبَدَة الأوثان، ولا يصح أنهم من أهل الكتاب،ولا كان لهم كتاب،ولو كانوا أهل كتاب عند الصحابة -رضي الله عنهم-لم يتوقف عمر رضي الله عنه في أمرهم، فهذا يدل على أنهم ليسوا أهل كتاب، وقد ذكر الله أهل الكتاب في مواضع كثيرة في القرآن، وذكر الأنبياء وما أُنزل إليهم ومع هذا فلم يذكر للمجوس –مع أنها أمة عظيمة – كتاباً ولا نبياً، فإذا أخذت من عباّد النار فأيُّ فرق بينهم وبين عبّاد الأوثان؟ بل أهل الأوثان أقرب حالاً من عباد النار، وكان فيهم من تمسك بدين إبراهيم-عليه الصلاة والسلام- ما لم يكن في عباد النار، بل هم أعداء إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام(103).
وكما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذ الجزية من عباد الأوثان؛ لأن آية الجزية نزلت عام (تبوك) في السنة التاسعة من الهجرة بعد أن أسلمت جزيرة العرب فأخذها حينئذ من النصارى والمجوس ممن بقي على كفره(104)، من تأمل السيرة،وأيام الإسلام، علم أن الأمر كذلك(105).

ثانياً: (عمل الصحابة) حيث تواتر عن المسلمين من الصحابة ومن بعدهم أنهم يدعون من يقاتلهم إلى ثلاث إما الإسلام أو أداء الجزية أو السيف من غير فرق بين كتابي وغيره(106).
ونوقشت هذهِ الأدلة بما يلي
أولاً: نوقش الاستدلال بحديث بريدة من وجهين:
 الوجه الأول: قال (المضيقون)(107) في أخذ الجزية إنَّ عمومه مخصوص بأدلتنا(108).
ونوقش: بأن اللفظ يأبى اختصاص ذلك بأهل الكتاب حيث إنّ العدو يشمل أهل الكتاب وغيرهم، وأيضاً فسرايا الرسول صلى الله عليه وسلم وجيوشه أكثر ما كانت تقاتل عبدة الأوثان من العرب. وحمل لفظ (عدوَّك) على أهل الكتاب في غاية البعد، وأيضاً فإن الآية أفادت أخذ الجزية من أهل الكتاب ولم تتعرض لأخذها من غيرهم ولا لعدم أخذها، والحديث بين أخذها من غيرهم(109).
الوجه الثاني:
قالوا: أنَّ حديث بريدة وارد قبل فتح مكة بدليل الأمر بالتحول والهجرة والآيات بعد الهجرة، فحديث بريدة إما منسوخ أو مؤول(110).
ونوقش: إنَّ حديث بريدة - على الصحيح - ورد بعد فتح مكة؛ لأنَّ الجزية لم تفرض إلا في السنة التاسعة للهجرة(111)، ولم يأخذها النبي صلى الله عليه وسلم من العرب لأنَّهم قد دخلوا في الإسلام وأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن أهل الكتاب والمجوس، وأما إنَّه (مؤول) فيناقش بما سبق.
ثانياً:
ناقشوا أخذها من المجوس بأنَّه كان لهم كتاب، وهذا لا يصح كما سبق بيانه(112).

الترجيح:
الراجح – والله أعلم – في هذه المسألة هو القول الثالث القائل بأخذ الجزية من عموم الكفار، وذلك لما يلي:
1 - قوة الأدلة التي اعتمد عليها.
2 - ولما ورد على أدلة المخالفين من المناقشة.
3- ولأنَّ هذا القول يتفق مع قواعد الإسلام الأساسية وسماحته؛ حيث إنَّ أخذ الجزية من الكفار ومعاشرتهم بعد ذلك للمسلمين سبب في دخولهم للإسلام، والمراد من الجهاد إعلاءُ كلمةِ الله، ولا وجه لتخصيص كفار عن غيرهم، صحيح أن الكفر درجات، وكفر دون كفر، لكنْ من الممكن دخول غير الكتابي والمجوسي في الإسلام، وهذا واقع بحمد الله، ومن الممكن إِحجَام الكتابي والمجوسي عن الإسلام وهذا واقع نسأل الله العافية فما المانع من أخذ الجزية من الجميع؟ وبهذا تسهل دعوتهم إلى الإسلام، وليس المقصود إلزام الناس بالإسلام، بل المقصود إلزامهم بأحكامه "حتى يكون الإسلام هو العالي، وكلمة الله هي العليا، هذا هو الصحيح، وأنَّ قتال الكفار لا لإلزامهم بالإسلام ولكن لإلزامهم بالخضوع لأَحكام الإسلام، وذلك بأخذ الجزية منهم عن يدٍ وهم صاغرون"(113).

ثمرة الخلاف في المسألة:
يتبين لنا من خلال ترجيح القول الثالث وهو أخذ الجزية من عموم الكفار تقرير يمبدأ الحرية الدينية لغير المسلمين، ولا أعرف ديناً أو مذهباً قرر هذه الحرية، وعمل بها –والتاريخ شاهد على ذلك – غير الإسلام، نسمع دعوات هنا وهناك ممن يقرر حرية كذا وكذا، ولكن الواقع ينقض ذلك، {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(الصف: من الآية8).

 وأهل العلم نصوا على أنَّ مَن أُكره على الإسلام ممن لا يجوز إكراهه كالذميِّ والمستأمن فأسلم لم يثبت له حكم الإسلام، حتى يوجد منه ما يدل على إسلامه طوعاً مثل أن يثبت على الإسلام بعد زوال الإكراه عنه، وإن رجع إلى دين الكفر بعد زوال الإكراه لم يجز قتله ولا إكراهه على الإسلام.
 مع أن المسلم إذا رجع عن دينه قُتل. ويعتمدون في هذا قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (البقرة: من الآية256)، وأجمعَ أهل العلم على أنَّ الذمي والمُستأمن إذا أقاما ما عُوهدا عليه، لا يجوز نقض عهدهما ولا إكراههما على ما لم يلتزماه(114).

المطلب الثاني: (الكفر بعد الإسلام جريمة تعاقب عليها الشريعة)

تعريف المرتد:
المرتد لغةً: من الارتداد، وهو الرجوع(115).
واصطلاحاً: "الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر"(116).
حُكمُـه:
لم يختلف أهل العلم في حكم المرتد عن الإسلام – بحمد الله – ونصوا على قتله إذا لم يتب، وقد حكى الإجماع في ذلك غير واحد من أهل العلم(117).
الحكمة من قتله وعدم إقراره على الكفر مطلقاً:
 لِمَا يترتب على الارتداد من المفاسد العظيمة التي تلحق بجماعة المسلمين مثل ما حصل في عهد أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – فيترتب عليه زعزعة جماعة المسلمين، والانضمام إلى أعداء الدين، ومُحاربةُ المسلمين وهو وإن كان حداً من حدود الله وحقاً له - سبحانه وتعالى – إلا أنَّ لقتله فوائد تعود على الإسلام والمسلمين فلوحظ في قتل المرتد الجانب الاجتماعي السياسي(118).

المبحث الثاني: (الحماية الدينية للمدني الحربي في القانون الدولي)
قررت اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب هذا المبدأ وذلك في المادة السابعة والعشرين، ونصها: " للأشخاص المحميين في جميع الأحوال حق الاحترام لأشخاصهم وشرفهم وحقوقهم العائلية وعقائدهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم"(119).
وهذا المبدأ القانوني يعتبر من الحريات الأساسية الإنسانية التي سعت الجهود الدولية من أجل تقريرها.
وقد جاء مطلقاً فلكل إنسان حريته في أن يعتقد ما يشاء، كذلك له الحرية في تغيير عقيدته من دين لآخر، ويشمل الحرية في ممارسة عقائدهم الدينية، إلا أنَّه في كل الدول قيود تتعلق بالآداب العامة والنظام العام في الدولة يجب على الشخص احترامها ومراعاتها عند ممارسة الأشخاص لعقائدهم الدينية(120)، كما سيأتي بيانه – إن شاء الله -.
 وجاء في المادة الثامنة والخمسين من نفس الاتفاقية تفريعاً على هذ المبدأ فنصت على مايلي:
"تسمح دولة الاحتلال لرجال الدين بإسداء معاونتهم الروحية إلى أفراد طوائفهم الدينية وتقبل دولة الاحتلال رسالات الكتب والأدوات اللازمة للاحتياجات الدينية وتسهل توزيعها في الأراضي المحتلة"(121).
فهذه المادة تنص على السماح لرجال الدين(122) بتقديم معاونتهم الروحية للأفراد الذين يمارسون شعائرهم الدينية، وتسمح لهم بتوزيع الكتب التي تساعدهم على ممارسة أعمالهم الدينية المختلفة.
وقد سبق اتفاقية جنيف في تقرير هذا الحق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث نصت المادة الثامنة عشرة على هذا الحق:
" 1- لكل فرد الحق في حرية الفكر والضمير والديانة، ويشمل هذا الحق حريته في الانتماء إلى أحد الأديان أو العقائد باختياره وفي أن يعبر، منفرداً أو مع آخرين، بشكل علني أو غير علني، عن ديانته أو عقيدته سواء كان ذلك عن طريق العبادة أو التقييد أو الممارسة أو التعليم.
2- لا يجوز إخضاع أحد لإكراه من شأنه أن يعطل حريته في الانتماء إلى أحد الأديان أو العقائد التي يختارها.
3- تخضع حرية الفرد في التعبير عن ديانته أو معتقداته فقط للقيود المنصوص عليها في القانون والتي تستوجب السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق أو حقوق الآخرين وحرياته الأساسية"(123)
و أيضاً من الاتفاقيات التي نصت على احترام هذا المبدأ مع مراعاة السلامة العامة والنظام العام والصحة العامة... الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية حيث ورد في المادة التاسعة ما نصه:
"1- لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته وكذلك حرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر، ومراعاتهما سواء كان ذلك بصورة فردية أو جماعية، في السر أم في العلن.
2- لا يجوز أن ترد على حرية التدين قيود أخرى غير القيود المتعلقة بالأمن العام أو حماية النظام أو الصحة أو الأخلاق العامة أو لحماية وحقوق الآخرين"(124).
مقارنة:
 لا وجه للمقارنة بين دين له أساس وقواعد نابعة من رب حكيم عليم بمصالح العباد، وبين قواعد هي جهد بشر يعتريه النقص والخلل كما قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(125) (المائدة: من الآية50)، ولكنَّ المقصد من ذلك تبيين سبق الإسلام لغيره من القوانين إن كانت موافقة له، وإبراز الخطأ فيها إن كانت مخالفة.
فأمَّا حُرية التَّدين فإنَّه - كما سبق في المبحث السابق – تُقر الشريعة هذا المبدأ وسبقت هذه القوانين بمئات السنين، على نقيض ما كان عليه الغرب في ذلك الزمن، حيث إن السائد عندهم الإكراه على الدين، والتعصب الديني حتى قامت الثورة الفرنسية، وأعلنت حرية التدين(126).
وليس المقصود من تقرير هذا الأمر في الإسلام إقرار المخالفين على دينهم وعدم تخطئتهم، بل كل دين سوى الإسلام باطل ولن يقبل الله بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم غير الإسلام(127)، وإنما المراد تركهم على ما هم عليه وعدم إجبارهم على الدخول في الإسلام.والجهاد لم يهدف إلى إكراه أحد على الإسلام وإنما كان منصباً لإزالة حكم الطواغيت، وإخراجُ النَّاسِ من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومِن ظلم الحكام إلى عدل الإسلام(128).
وما أدلَّ على ذلك من أن الهدف من الجهاد هو إعلاء كلمة الله ولهذا يدعوا المسلمون الكفار إلى ثلاث: إمَّا الإسلام أو الجزية أو القتال فإن أسلموا فقد عصموا دمائهم وأموالهم، وإن أدوا الجزية فنقرهم على دينهم ويكونون تحت حماية المسلمين لا يجوز التعرض لهم بسوء، فإنْ أبوا فالقتال.
أما ما نراهُ ونسمعه اليوم من الحرب لأجل حرية كاذبة أو ديموقراطية زائفة، ماهي إلا شعارات خلفها أطماع ونوايا فاسدة، يضعون النظم والقوانين ويطبقونها فيما يشتهون وعلى مَن يشاؤون، ولأجل أن ينتفعوا. واللهُ المُستَعان.
وأمَّا مَا ورد في القانون الدولي مما هو مخالف للإسلام هو النص على حرية الفرد في تغيير دينه وتنقله من دين إلى آخر. فإنَّ الإسلام قرر القتل على من بدَّل دينه، وهذا -كما سبق بيانه- هو عين الصواب؛ لأنَّ الذي يرتد عن دين الإسلام أحدث انقساماً في صفوف المسلمين وأخلَّ بالنظام العام الذي يقرره القانون الدولي، وهذا من تناقضه، ويدل على ذلك ما حصل في عهد أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – من قتال المرتدين ولو ترك الأمر لحصلت الفوضى،واختلَّ الأمن وضاعت دولة الإسلام والمسلمين.

وخلاصة القول: أنَّ تقرير القانون الدولي لحرية التنقل بين الأديان ثم تقييد ذلك بعدم مخالفة ذلك للنظام العام أو الأمن العام، ما هو إلا إثبات للشيء وسلبه في آن واحد وهذا هو التناقض؛ لأنَّ النظام العام أو الأمن العام يتعلق بمصلحة الجماعة، ومصلحة الجماعة تقتضي عدم جواز التنقل بين الأديان؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد العظيمة، وبهذا يظهر التوازن فيما قررته الشريعة الإسلامية السمحاء.
والله تعالى أعلم.

التطبيق العملي لمبدأ الحرية الدينية في الوقت الحاضر:
بمجرد نظرة سريعة وعابرة إلى الأعمال التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكة أثناء حربها على ما تدعيه بـ(الإرهاب) سواء كان ذلك في أفغانستان أو العراق، نجد أنَّه لا مكان ولا احترام لمبدأ الحرية الدينية، والقوانيين الدولية التي تنص على هذا المبدأ ماهي إلا حبر على ورق. ولو أردنا أن نسوق الأدلَّة والأمثلة على الأمر لطال بنا المقام، ولكن نبدأ بالجريمة الشنيعة التي ارتكبها الأمريكيون بشأن تدنيس القرآن الكريم، وما يتعرض له المسلمون في كافة السجون الأمريكية..
حيث نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) وثائق عن تدنيس القرآن الكريم من قبل الجنود الأمريكيين في معتقل (جوانتنامو) بكوبا(129)، وأكدَّ هذا الأمر بعض المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم، حيث قام بعض الجنود الأمريكان والمحققين بوضع القرآن الكريم في المرحاض أو البول عليه - تعالى كلامُ ربنا؛ لعلمهم أنَّ هذه الإهانة لها بالغ الأثر في نفوس المعتقلين أكثر من تعذيبهم جسدياً(130).
كما اعتبرت منظمة (العفو الدولية) أنَّ "الكرامة الإنسانية سقطت ضحية لحرب الولايات المتحدة على ما يسمى بالإرهاب، ونظام التحقيق الذي تنتهجه مع المعتقلين؛ وذلك لأن الإدارة لم ترفض القانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب، وإنما تبنت –أيضا- استخفافاً اختيارياً بالقانون الإنساني"(131). ثمَّ بعد هذا تقوم (الحكومة الأمريكية) بانكار ماحدث وتقول: "إنَّها غير جديرة بالتصديق"(132).
ومثلما حصل في (غوانتانامو) حصل في العراق، حيث عمدت قوات الاحتلال الأمريكية إلى أسلوب آخر لقهر المسلمين وإذلالهم، وهو تدنيس المساجد،وتمزيق المصاحف الشريفة، ففي بداية الاحتلال انتهكت القوات الأمريكية القوانين بمداهمتها المساجد، وقد بررت ذلك بحجة تحصن المقاتلين فيها, وقد شهدت مساجد العراق عدداً كبيراً من الانتهاكات مثلما يحصل في بغداد.
ومثالٌ على ذلك: عندما داهمت في الواحدة والنصف بعد منتصف الليل (جامع الرحمن) في إحدى مناطق العاصمة مع مجموعة من الكلاب البوليسية التي دخلت إلى الجامع بصورة استفزازية ومرعبة عن طريق حشد العشرات من الجنود والكلاب والآليات والطائرات وكأنَّها في معركة؛ لأسبابٍ كثيرة حسب ما يدعون! هذه مجرد قصة كغيرها من قصص تدنيس المساجد وحرمات بيوت الله ليس في بغداد فحسب بل في جميع محافظات العراق(133).
حيث قامت قوات الاحتلال الأمريكية بجرائم عدَّة تجاه المساجد العراقية، فقصفت مسجد (الحسن) بالحي العسكري في مدينة الفلوجة مساء الإثنين30-6-2003م؛ الأمر الذي أسفر عن مقتل (ثمانية عراقيين). وفي 1-1-2004م قامت قوات الاحتلال بمداهمة مسجد (ابن تيمية) السُّني بالعاصمة بغداد، واعتقلت أكثر من (عشرين مصلياً)، ثمَّ داهمت مسجد (سعد بن أبي وقاص) بمدينة الفلوجة في 25-2-2004م، وقامت بقصف منزل خطيبه، ثم عاودت مداهمة مسجد (ابن تيمية) في 25-9-2004، أعقبتها بحملة مداهمات استهدفت (سبعة مساجد بمدينة الرمادي) في 12-10-2004م، واختتمت قوات الاحتلال العام بمداهمة مساجد بالموصل وبغداد، خلال شهري نوفمبر وديسمبر عام 2004م(134).
 والحال لا يقف عند المداهمة فقط بل يتعدى الأمر إلى تحريق المصاحف وسب وإهانةٍ المسلمين , ناهيك عن الاعتقالات والاغتيالات ليس فقط لأئمة المساجد بل للمصلين بشكل عام , حتى أصبحَ ارتياد المساجد في العراق مجازفة كبيرة؛ نظراً لما يتعرض له المصلّون من اعتقالات وإهانات متواصلة من قبل القوات الأمريكية(135).
فأينَ احترامُ الأديان وصونُ الحريات مما نشاهده يومياً من إهانةٍ وتدنيسسٍ للمقدسات الإسلامية على يدِ قوات الاحتلال الأمريكي، وخاصة في (العراق) و(أفغانستان) و(جوانتنامو)؟! ولماذا لا تحترم (الولايات المتحدة الأمريكية) مشاعر أكثر من مليار مسلم في العالم إذا كانت حريصة - فعلاً - على حماية الحريات الدينية.. كما تدعي!؟

الفصل الثاني (حماية المدنيين الحربيين من القتل)

المبحث الأول: (بيان من أُجمع على تحريم قتله من المدنيين الحربيين في الإسلام)
مما سبق بيانه انقسم الفقهاء في تحديد معنى المدنيين إلى قسمين: قسم وضع قاعدة عامة يدخل تحتها من كان متصفاً بها وهي (كلُّ من لا يقاتل).
وقسم آخر خصص وضيق إطار هذه القاعدة فقصرها على بعض الأصناف كالنساء والصبيان.
 وفي الجملة فإنهم اتفقوا على أصناف معينة لا يجوز قتلها (إذا لم تقاتل)
وهي كما يلي:
(1) النساء، والصبيان وقد حكى غير واحد من أهل العلم على عدم جواز قتلهم ما لم يقاتلوا(136).
(2) الرسل، وفي الغالب أن الفقهاء لا يذكرون الرسل ضمن من لا يحل قتله من الكفار؛ لكونهم يدخلون إلى دار الإسلام، ولا يكون هذا في حال القتال بل قبل ذلك وبحث هذا في باب المستأمن، ولكن على فرض دخوله دار الإسلام بغير عقد أمان(137) فإنَّه لا يُقتل، ولا خلاف بين أهل العلم في ذلك(138).
(3) الخنثى، والمجنون. وبعض أهل العلم لا يذكرونهما؛ لكونهما داخلين في معنى النساء والصبيان، حيث إنَّ الخنثى ربما يكون امرأة، والمجنون زائل العقل غبر مكلف في حكم الصبي(139).
وأما الأدلة على تحريم قتل هذه الأصناف، وهي كما يلي:
أولاً: من (الكتاب) قول الله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة:190)
 أي: قاتلوا في سبيل الله ولا تعتدوا في ذلك؛ ويدخل في ذلك ارتكاب المناهي كما قال الحسن البصري(140)- رحمه الله -من المُثلة، والغلول، وقتل النساء،

والصبيان، والشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال فيهم(141).
كما قال ذلك ابن عباس(142)- رضي الله عنهما – وعمر بن عبد العزيز(143)-رحمه الله- وقد ورد عن بعض أهل العلم من السلف القول بنسخها بآية: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (التوبة: من الآية36) وآية {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}(التوبة: من الآية5) فأمر بالقتال لجميع الكفار(144). والصحيح ما قاله ابن عباس وعمر بن عبد العزيز من أنها مُحْكمة غير منسوخة ويكون معناها: قاتلوا الذين هم في حالة مقاتلتكم، ولا تعتدوا في قتل النساء والصبيان وشبههم(145)، فالأمر هنا بقتال من قاتل(146).
 وقد استدل بهذا الدليل بعض الفقهاء(147).
ثانياً: (من السنة)
(1) عن ابن عمر(148) – رضي الله عنهما – أنَّه قال: " وُجِدَت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان " وفي رواية: "فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان"(149).
(2) وأيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة المتقدم: "ولا تقتلوا وليداً" والوليد: مَن لم يبلغْ سنَّ التكليف(150)، والأحاديثُ في هذا كثيرة(151).
وهذا الدليل هو أهم ما استدل به الفقهاء على تحريم قتل النساء والصبيان(152). وجعلوا في معنى المرأة الخنثى، وفي معنى الصبي المجنون، حيث إنَّ الخنثى ربما يكون امرأة، والمجنون كالصبي في عدم التكليف(153).
(3) عن نعيم(154)رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لرسولي مسيلمة حين قرأ كتاب مسيلمة: "ما تقولان أنتما؟" قالا: نقول كما قال، قال: "أما والله لولا أنَّ الرسلَ لا تُقْتَلُ لضربتُ أعنَاقَكُمَا"(155).
وجه الدلالة:
دلَّ الحديث دلالة ظاهرة على عدم جواز قتل الرسل، في الإسلام وقبله، ولوكان جائزاً لقَتَل النبي – صلى الله عليه وسلم – رسولي مسيلمة الكذاب في ادعاء النبوة وبذلك مضت السُّنة(156).
ثالثاً: الإجماع:
لا يُعرف مُخالف في هذه المسألة، وقد حكى الإجماع فيها بعض أهل العلم، قال ابن عبد البر(157) - رحمه الله: " وأجمعَ العلماء على القول بذلك ولا يجوز عندهم قتل نساء الحربيين ولا أطفالهم؛ لأنهم ليسوا ممن يقاتل في الأغلب والله عز وجل يقول:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}"(158) (البقرة: من الآية190).
وقال ابن الهمام(159) – رحمه الله تعالى – "وما الظن إلا أنَّ حرمة قتل النساء والصبيان إجماع"(160).
وقال النووي(161) – رحمه الله – في شرح حديث ابن عمر المتقدم: " أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث وتحريم قتلِ النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا "(162).
وقال ابن جزي(163) – رحمه الله -: " ولا يُقتل النساء ولا الصبيان اتفاقاً "(164).
رابعاً: مِنَ المعنى:
ذكر الفقهاء عدة تعليلات على تحريم قتل نساء وصبيان الحربيين، منها ما يلي:
‌أ) أنَّهم ليسوا من أهل القتال فلا يُقتلون(165)؛ لأنَّ الأصل عدم إتلاف النفوس، وأُبيح ذلك فيما يقتضي دفع المفسدة، ومن لم يكن من أهل القتال ولا يقاتل عادةً لا يحدث ضرراً كالمقاتلين، فرجع فيهم إلى الأصل وهو المنع. وأيضاً لما في هذه النفوس – النساء والصبيان – من الميل، وعدم التشبث الشديد بما يكونون عليه كثيراً أو غالباً، فرفع عنهم القتل لعدم وجود مفسدة المقاتلة في الحال الحاضر، ورجاء هدايتهم عند بقائهم(166). وأُبيح قتل بعض النفوس لما فيها من الفساد والشر حتى تتحقق المصلحة للخلق(167)، " والشارع ليس من غرضه إفساد العالم وإنما غرضه إصلاحه وذلك يحصل بإهلاك المقاتلة "(168)؛ ولأنَّ الآدمي خلق معصوم الدم يمكنه تحمل أعباء التكاليف وإباحة القتل عارض بحرابه لدفع شره ومن لا يتحقق منهم معنى الحراب يبقون على أصل العصمة(169)؛ وما هذا إلا لضعفهم وقصورهم عن فعل الكفر(170).
‌ب) أنَّ في نفوسهما من الميل – أي إلى ما يدعون إليه من الإيمان – وعدم التشبث الشديد بما يكونون عليه كثيراً أو غالباً. فرفع عنهم القتل(171).
‌ج) أنَّهما مالٌ للمسلمين ينتفع بهم (رقيقاً وخدماً) فلا يقتلون؛ لأنَّ في هذا إتلاف لمال المسلمين(172).
‌د) أنَّ القتل ليس جزاء الكفر؛ لأن الدنيا دار تكليف وليست دار جزاء وإنما أوجب في مقارفة بعض الجنايات في الدنيا لتنتظم مصالح العباد؛ لأنَّ السفهاء لا ينتهون بمجرد الوعيد؛ ولهذا لا يقتل النساء ولا الصبيان فالقتل ليس جزاء الكفر(173)، بل عند الله الجزاء(174).
وعللوا لتحريم قتل الرسل بما يلي:
أنَّ الحاجة تدعو إلى ذلك، فإنَّنا لو قتلنا رسلهم، لقتلوا رسلنا، فيكون بذلك فوات لمصلحة المراسلة(175).

الخلاصة:
هذه التعليلات منها ما هو متنوع، أي لا خلاف تضادٍ بينها، وإنما هو خلاف تنوع، ومنها ما هو في أصله متضاد مع غيره.
فالتعليل الأول: من كون العلة من المنع أنهم ليسوا من المقاتلة ولا يترتب ضرر في تركهم، وأن القتل يكون لدفع مفسدة ولا مفسدة في تركهم..
والتعليل الثاني: من كون العلة قربهم من الإسلام وسرعة تأثرهم..
والتعليل الرابع: من أن القتل ليس جزاء الكفر، بل هو لدفع المفسدة ولا مفسدة ورائهم، والدنيا دار تكليف لا دار جزاء؛ لذلك لا يقتلون.
هذه التعليلات الثلاث متنوعة ولا تضاد بينها، وتصلح كلها للتعليل. وأما التعليل الثالث وهو: كون العلة من المنع أنَّهم مالٌ للمسلمين، فهو تعليل ربما يعارض ما سبق؛ لأنَّنا نجد من قال به لا يقيسون على النساء والصبيان غيرهم بل يقصرونه على ما ورد(176).

يُقال في هذا: الجهاد لم يشرع من أجل المال، وإنما لتكون كلمة الله هي العليا، وأن يخضع الناس لحكم الإسلام ويلتزموا به ومع قرب هؤلاء – النساء والصبيان – للإسلام، ولضعفهم، ولعجزهم، لم يأمر بقتلهم، فلا يمكن القول بأن المقصود من الجهاد القتل، والله - سبحانه وتعالى - أرسل رسله مبلغين عنه لا محاسبين للناس، فالقتل هو من باب دفع مفسدة الكفر عن الناس وليس جزاءً للكفر.
والله تعالى أعلم.

_________________
(1) ينظر مادة (حمى) في لسان العرب.: ابن منظور: 14/198. ط.دار صادر، بيروت، الأولى. والقاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص 1276. ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، السادسة: 1419هـ.
(2) ينظر كتاب الأفعال: ابن القطاع: 1/260. ط. عالم الكتب، بيروت، الأولى: 1403هـ
(3) ينظر مادة (حَمَى) أساس البلاغة: الزمخشري: ص 96. ط. دار المعرفة، لبنان، ت. عبد الرحيم محمود.
(4) ينظر مادة(حَمَّ) في مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني: ص 255. الكريم ط. دار القلم، دمشق، الثانية: 1418هـ، ت، صفوان عدنان داودي
(5) الهدنة: أن يعقد لأهل الحرب الإمام أو نائبه عقداً على ترك القتال مدة، بعوض وبغير عوض. ينظر المغني: ابن قدامة: 13/154، 157. ط. دار عالم الكتب، الرابعة: 1419هـ، ت. د. عبد الله التركي – د. عبد الفتاح الحلو.
(6) المغني: ابن قدامة: 13/ 159.
(7) أحكام القرآن: الجصاص: 3/195. ط. دار إحياء التراث، بيروت، 1405هـ، ت. محمد الصادق قمحاوي
(8) ينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/115، 167، 172، 177. (بدون معلومات نشر)، وهي موسوعة في الاتفاقيات والقرارات الدولية.
(9) ينظر مادة(مَدَنَ) في لسان العرب:ابن منظور:13/402،403. والقاموس المحيط:الفيروز آبادي:ص 1233. وأنيس الفقهاء: القونوي:1/128. ط. دار الوفاء، جدة، الأولى: 1406هـ، ت. د. أحمد الكبيسي. ومختار الصحاح: الرازي:1/258. ط. مكتبة لبنان ناشرون، لبنان، 1415هـ، ت. محمود خاطر.
(10) الأم: الإمام الشافعي: 4/240. ط. دار المعرفة، بيروت، الثانية: 1393هـ.
(11) شرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/18. ط. مؤسسة الرسالة، الأولى: 1421هـ، ت. عبد اله التركي.
(12) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية:جمع عبد الرحمن وابنه محمد القاسم: 28/354. ط. مجمع الملك فهد.
(13) بدائع الصنائع: الكاساني: 7/163. ط. دار المعرفة، بيروت، الأولى: 1420هـ.
(14) ينظر فتح القدير: ابن الهمام: 5/453. ط. دار الفكر، بيروت، الثانية.والبحر الرائق: ابن نجيم: 5/84. ط. دار المعرفة، بيروت، الثانية.وحاشية ابن عابدين: 6/213. ط. دار الكتب العلمية، 1424هـ والذخيرة: القرافي: 3/227. ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى: 1422هـ.ومغني المحتاج: الشربيني: 6/65. ط. دار إحياء التراث العربي، 1422هـ.والمغني: ابن قدامة: 13/177، 178. والمحلَّى: ابن حزم: 7/215،214. ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، الأولى: 1418هـ، ت. أحمد شاكر
(15) ينظر قضايا فقهية في العلاقات الدولية: ص: 183-185. ط. مكتبة العبيكان، الرياض، الأولى: 1419هـ.
(16) ينظر المصادر السابقة.
(17) المهذب: الشيرازي: 2/234. ط. دار الفكر، بيروت وروضة الطالبين: النووي: ص1803. ط. دار ابن حزم، الأولى: 1423هـ. ومغني المحتاج:الخطيب الشربيني: 6/65.
(18) الأم: 4/240.
(19) الإقناع:2/464. ط. مطابع الفرزدق، الرياض، الأولى: 1408هـ.
(20) ابن المنذر:الإمام الحافظ العلامة،شيخ الإسلام أبو بكر،محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الفقيه،ولد في حدود موت أحمد بن حنبل،ويعد من فقهاء الشافعية، كان غاية في معرفة الاختلاف والدليل، مجتهداً لا يقلد أحداً، ومن كتبه "الأوسط في السنن" و"الإشراف في اختلاف العلماء" و"الإجماع". توفي عام ثمان عشرة وثلاثمائة من الهجرة على الصحيح.ينظر سير أعلام النبلاء: الذهبي: 14/490. ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، الحادية عشرة. وتذكرة الحفاظ: الذهبي: 3/782. ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت. وطبقات الحفاظ:السيوطي: 328. ط. مكتبة وهبه، مصر، ت. علي محمد عمر.
(21) المحلَّى:7/215.
(22) ابن حزم:هو الإمام العلامة الحافظ الفقيه المجتهد أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الفارسي الأصل اليزيدي الأموي مولاهم القرطبي الظاهري، ولد في رمضان عام 384هـ،كان أولاً شافعياً ثم تحول ظاهرياً، كان صاحب فنون، وورع، وزهد، وإليه المنتهى في الذكاء والحفظ، أجمع أهل الأندلس قاطبةً لعلوم الإسلام، مع توسعه في علم اللسان والبلاغة والشعر والسير والأخبار، له "المجلى" في الفقه على مذهبه واجتهاده وشرحه"المحلَّى" و"الملل والنحل" و"الإيصال في الفقه الحديث" وغير ذلك.توفي في جماد الأولى سنة سبع وخمسين وأربعمائة. ينظر كتاب الصلة: ابن بشكوال: ص415.ط. دار الكتب المصرية، مصر، 1966م. وطبقات الحفاظ: السيوطي: ص436. وتذكرة الحفاظ: الذهبي: 2/1146.
(23) ينظر الإقناع: ابن المنذر 2/464. المحلَّى: ابن حزم: 7/215. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/65. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/342.ط. دار ابن حزم، بيروت، الأولى: 1424هـ.
(24) رواه البخاري في صحيحه، واللفظ له: 1/13. ح (25) ط. دار إحياء الكتب العربية، مصورة من طبعة بولاق.ومسلم في صحيحه: 1/51. ح (32). ط. رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، 1400هـ، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(25) ينظر الأم: الإمام الشافعي: 4/238. بداية المجتهد: ابن رشد: 1/342.
(26) سبقت ترجمته.
(27) الإقناع: ابن المنذر: 2/464.
(28) المحلَّى: ابن حزم: 7/216،215.
(29) بدائع الصنائع:الكاساني: 7/163. وبداية المجتهد: ابن رشد:1/342. والمغني: ابن قدامة: 13/177.
(30) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/354.
(31) وهذا تقسيم مِن الشيخ أبو غدة جيد؛ لأنَّ فيه نظرٌ إلى المعنى-العلة- الذي استند إليه كل قول.
(32) القانون الدولي العام: علي صادق أبو هيف:ص 816
(33) ولهذا يعبرون في اتفاقية جنيف بـ (السكان المدنيين). ينظر المادة (50) و(51) من الملحق الأول الإضافي إلى اتفاقية جنيف 1949م المتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة. ينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/196، 197.
(34) ينظر المصدر السابق المادة (50) الفقرة الأولى والثانية: ص 196، 197.
(35) موسوعة القانون الدولي:عيسى رباح:6/116. وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/238. ط. القاهرة، 1970م.
(36) المرجعان نفسهما.
(37) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي:محيي الدين العشماوي: ص318. ط. عالم الكتب، القاهرة.
(38) كما سيأتي تفصيل ذلك.
(39) ينظر السير: الشيباني:1/249. ط. الدار المتحدة بيروت، الأولى: 1975م.والمبسوط: السرخسي:10/29.ط. دار المعرفة،بيروت.وبدائع الصنائع: الكاساني:7/163.وفتح القدير: ابن الهمام: 5/452. وتبيين الحقائق: الزيلعي:3/245.ط. دار الكتاب الإسلامي،القاهرة، 1413هـ.وحاشية ابن عابدين: 6/213. والمدونة:الإمام مالك:3/6.ط.دار صادر، بيروت.وشرح الزرقاني على الموطأ:3/11،10.ط.المكتبة التجارية الكبرى،1379هـ.والاستذكار:ابن عبد البر:5/24.ط.دار الكتب العلمية بيروت. وبداية المجتهد: ابن رشد:1/341. ومواهب الجليل:ابن الحطاب:4/543.ط. دار عالم الكتب،.وإعانة الطالبين: الدمياطي: 4/201.ط.دار الفكر،بيروت.والإقناع:الشربيني:2/559.ط.دار الفكر،بيروت.والمهذب: الشيرازي:2/233.وحواشي الشرواني:9/247.ومغني المحتاج: الشربيني:6/65.وروضة الطالبين: النووي: ص1802.والمغني:ابن قدامة:175-176.والإقناع:الحجاوي:2/73.وشرح منتهى الإرادات:البهوتي:3/18. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية:28/354. والإقناع: ابن المنذر: 2/463.والمحلَّى:ابن حزم:7/214.
(40) ينظر الإقناع: ابن المنذر: 2/461. والمبدع: ابن مفلح: 3/393.ط.المكتب الإسلامي، بيروت، 1400هـ.
(41) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني:7/162. وحاشية ابن عابدين:6/209. وبداية المجتهد: ابن رشد:1 /343. الذخيرة: القرافي: 3/239. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/71. والمغني: ابن قدامة:13/146. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/17.
(42) الشيخ الإمام العلامة الحافظ، الناقد، الفقيه، المجتهد، المفسر، المحدث، البارع، شيخ الإسلام، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني الدمشقي الحنبلي، ولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة، كان من بحور العلم، ومن الأذكياء المعدودين، مجتهد مطلق،له مصنفات كثيرة جداً في العقيدة والفقه وسائر العلوم، قاتل التتار في عصره، وقد امتحن وأوذي مرات، وحبس بقلعة مصر والقاهرة والإسكندرية، وبقلعة دمشق مرتين، وبها توفي في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. ينظر تذكرة الحفاظ: الذهبي: 4/1498،1496.وشذرات الذهب: ابن العماد: 7/150،142. ط. دار ابن كثير، دمشق، ت. الأرناؤوط. وطبقات الحفاظ: السيوطي: ص (0512)
(43) الزَّمِن: المصاب بعاهة لا يستطيع معها القتال،مأخوذ من أَزْمَنَ: أي أتى عليه الزمان. ينظر مادة (زَمن) في القاموس المحيط: الفيروز أبادي ص1203. وينظر المغني: ابن قدامة: 13/180.
(44) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 28/355،354.
(45) ينظر قانون الحرب والحياد: محمد سامي جنينه: ص235. ط القاهرة 1944م. ومبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي:ص261.ط. دار الجليل، دمشق، 1984م. وأسرى الحرب: عبد الواحد محمد:ص36. ط. عالم الكتب، القاهرة: 1975.
(46) ينظر المرجع السابق مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب:ص261.
(47) ينظر المصدر السابق. والقانون الدولي العام:علي صادق أبو هيف:ص791.ط. منشأة المعارف، الإسكندرية، الثانية عشرة.
(48) ينظر القانون الدولي العام: أبو هيف:ص791.ومبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص263.
(49) ينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/115،171.
(50) ينظر موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/17.
(51) ينظر المرجع نفسه: 1/382.
(52) ينظر المرجع نفسه: 1/ 52.
(53) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 323. ومبادئ القانون الدولي العام: إحسان الهندي: ص 59.
(54) ينظر المرجع السابق: 1/9.
(55) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: محي الدين عشماوي:ص 318.
(56) العلاقات الدولية في الإسلام: محمد أبو زهرة:ص 29. ط. دار الفكر العربي.
(57) ينظر تفسير القرآن العظيم: ابن كثير:1/256.
(58) آية {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (البقرة: من الآية256).
(59) ينظر الجامع لأحكام القرآن: محمد القرطبي: 3/268، ط. دار الكتاب العربي، بيروت، الأولى: 1418هـ،ت.عبد الرزاق المهدي. وأحكام القرآن: الجصاص: 2/167.
(60) ينظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: عبدالرحمن بن سعدي:ص92. ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، الثالثة: 1417هـ.
(61) ينظر فتح القدير: محمد الشوكاني:1/348. ط. المكتبة العصرية، بيروت، الأولى: 1415هـ،
(62) المِقلات،بالتاء الطويلة: ناقة تضع واحداً ثم لا تحمل، وامرأة لا يعيش لها ولد. ينظر مادة (قَلَتَ) في القاموس المحيط: الفيروزآبادي: ص 158.قال أبو داود:" المقلاتُ التي لا يعيش لها ولد"، سنن أبي داود: 3/53. ط. دار الفكر، ت. محمد محيي الدين عبد الحميد.
(63) رواه أبو داود من طريق شعبة عن أبي بشير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس والحديث بهذا الإسناد رجاله رجال الشيخين، سنن أبي داوود: 3/58. ح(2682). ط. دار الفكر، ت. محمد محيي الدين عبد الحميد وأخرجه النسائي في الكبرى من طريق شعبة أيضاً ينظر السنن الكبرى:6/204، ح (11048).ط. الكتب العلمية، بيروت، الأولى: 1411هـ.وأخرجه ابن حبان في صحيحه: 1/352.
(64) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: ابن سعدي: ص 92.
(65) أحكام القرآن: الجصاص:2/167. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي:3/268.
(66) رواه البخاري معلقاً وجزم به في كتاب الوضوء، في ترجمة الباب الثالث والأربعين ينظر صحيح البخاري: 1/82. ط. دار بن كثير، بيروت، الثالثة 1407هـ، ت. مصطفى البغا.ورواه موصولاً عبد الرزاق في مصنفه بسند صحيح متصل عن سفيان بن عيينه عن زيد بن أسلم عن أبيه به. مصنف عبد الرزاق: 1/ 78.ح (254). قال الحافط ابن حجر – رحمه الله -: " ولم يسمعه ابن عيينه من زيد بن أسلم فقد رواه البيهقي من طريق سعدان بن مضر عنه قال: "حدثونا عن زيد بن أسلم " فذكره مطولاً.ورواه الإسماعيلي من وجه آخر بإثبات الواسطة فقال: " عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه به " وأولاد زيد هم عبد الله وعبد الرحمن وأسامة وأوثقهم وأكبرهم عبد الله، وأظنه هو الذي سمع ابن عيينه منه ذلك ولهذا جزم به البخاري " أ. هـ. فتح الباري: 1/396،395. ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى، تعليق. عبد العزيز بن باز – وتحقيق.محمد فؤاد عبد الباقي. وينظر سنن البيهقي الكبرى: 1/32. ث (128). ط. مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1414هـ، ت. محمد عبد القادر عطا.
(67) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 3/268.
(68) الجزية من الجزاء وهي:" مال يؤخذ من الكفار على وجه الصغار كلّ عام بدلاً عن قتلهم، وإقامتهم بدارنا " شرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/ 92.
(69) ينظر أحكام أهل الذمة: ابن القيم:1/95
(70) سبقت ترجمته.
(71) رسالة القتال ضمن مجموعة رسائل لابن تيمية:ص 123- 125.
(72) رواه البخاري: 3/1098. ح(2854). ط. دار بن كثير، بيروت، الثالثة 1407هـ، ت. مصطفى البغا.
(73) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني:7/179. وحاشية ابن عابدين:6/321،320. والذخيرة: القرافي: 3/278. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/359. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/594. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 99. والحاوي الكبير: الماوردي:14/284.ط. دار الكتب العلمية، بيروت: 1414هـ، ت. علي معوض- عادل أحمد. والمغني: ابن قدامة: 13/203. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي:3/93،92.
(74) ينظر مغني المحتاج: الشربيني: 6/99. وروضة الطالبين: النووي: ص 1829. الحاوي الكبير: الماوردي: 14 /284. وتكملة المجموع شرح المهذب للشيرازي: المطيعي:21/201،191،190. ط. دار عالم الكتب، الرياض: 1423هـ.
(75) ينظر المغني: ابن قدامة:13/208. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي:3/93،92. والإقناع: الحجاوي: 2/128،127.
(76) ينظر روضة الطالبين: النووي: ص 1829.
(77) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني:7 /179. والمبسوط: السرخسي:10/7. وحاشية ابن عابدين:6/321. وفتح القدير: ابن الهمام:6/49.
(78) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/208.
(79) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 1/346. ومواهب الجليل: ابن حطاب: 4/593.والذخيرة: القرافي: 3/278. والاستذكار ابن عبد البر: 3/242.
(80) رواه البخاري: 3/1151.ح(2987) ط. دار بن كثير، بيروت، الثالثة 1407هـ، ت. مصطفى البغا.
(81) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/209.
(82) ينظر المغني:ابن قدامة:13/204،203.
(83) كما في حديث بريدة الذي سيأتي - إن شاء الله -.
(84) كما تقدم قريباً.
(85) ينظر أحكام أهل الذمة: ابن القيم:1/ 89. ط. رمادي للنشر، الدمام، الأولى: 1418هـ، ت.يوسف البكري–شاكر العاروري.وزاد المعاد: ابن القيم: 3/154. ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، الثامنة والعشرون: 1415هـ، ت. شعيب الأرناؤوط – عبد القادر الأرناؤوط.  ويَستدل من قال أن المجوس كان لهم كتاب ثم رفع بحديثٍ ورد عن علي-رضي الله عنه- في ذلك حيث قال: " أنا أعلم الناس بالمجوس، كان لهم علم يعلمونه، وكتاب يدرسونه، وإن ملكهم سَكِرَ فوقع على إبنته أو أخته فاطلع عليه بعض أهل مملكته، فلما صحا جاؤوا يقيمون عليه الحد، فامتنع منهم، ودعا أهـل مملكته وقال: تعلمون ديناً خيراً من دين آدم؟ وقد أنكح بنيه بناته، فأنا على دين آدم!! قال: فتابعه قوم وقاتلوا الذين يخالفونه حتى قتلهم فأصبحوا وقد أُسريَ بكتابهم، ورفع العلم الذي في صدورهم، فهم أهل كتاب،وقد أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر – وأراه قال: وعمر – منهم الجزية ".فهذا الحديث رواه الإمام الشافعي في الأم: 4/ 173، وفي مسنده:1/170. والبيهقي في السنن الكبرى: 9/188. كلاهما من طريق ابن عيينه عن أبي سعد سعيد بن المرزبان عن نصر بن عاصم قال: قال فروة بن نوفل وذكر عن علي القصة. يقول ابن خزيمة - رحمه الله -: "وَهِمَ فيه ابن عيينه فقال: نصر بن عاصم، وإنما هو عيسى بن عاصم قال: وكنت أظن أن الخطأ من الإمام الشافعي إلى أن وجدت غيره تابعه عليه ", وقال الإمام الشافعي: " وحديث علي هذا متصل وبه نأخذ" إلا أن فيه أبو سعد سعيد بن المرزبان، وقد ضعفه البخاري وغيره، وقال يحيى القطان: " لا أستحل الرواية عنه" وأيضاً في السند انقطاع؛ لأن الإمام الشافعي ظن أن الرواية متقنة وأنها عن نصر بن عاصم وقد سمع من علي وليس كذلك وإنما هي عن عيسى بن عاصم وهو لم يلق علياً ولم يسمع منه وضعف الحديث ابن القيم. ينظر زاد المعاد: ابن القيم: 3/154. وتلخيص الحبير: ابن حجر: 3/175. ط. المدينة المنورة، 1384هـ، ت. عبد الله هاشم اليماني المدني. ونصب الراية:الزيلعي:3/449.ط. دار الحديث،مصر، 1357هـ، ت. محمد يوسف البنوري. ثم إن صحت الرواية فإن المراد: أنَّ أسلافهم كانوا أهل كتاب لإخباره بأن ذلك نزع من صدورهم فإذاً ليسوا أهل كتاب. ينظر أحكام القرآن: الجصاص: 4/285.
(86) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: ابن سعدي: ص 194.
(87) فتح الباري: ابن حجر: 6/ 319.
(88) ينظر حاشية ابن عابدين:6/321. وفتح القدير: ابن الهمام: 6/ 49.
(89) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7 / 179.
(90) مصالحة النبي صلى الله عليه وسلم لليهود كانت في السنة الأولى للهجرة. ينظر في ذلك البداية والنهاية: ابن كثير: 3/ 238-240.ط. دار المعرفة، بيروت، الخامسة: 1420هـ، ت. عبد الرحمن اللادقي – محمد غازي بيضون.
(91) ينظر أحكام أهل الذمة: ابن القيم: 1/ 90. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 19/21،20.
(92) الصحابي الجليل بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث بن الأعرج بن سعد بن رزاح بن عدي بن سهم بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أمضي الأسلمي، أسلم حين مر به النبي صلى الله عليه وسلم مهاجراً بالغميم، وقيل: أسلم بعد منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من بدر، سكن البصرة لما فتحت وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة عشر غزوة، مات سنة ثلاثٍ وستين في خلافة يزيد بن معاوية. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة:ابن حجر:برقم(671).ط.بيت الأفكار الدولية،ت.حسان عبد المنان.وأسد الغابة: ابن الأثير: برقم (398). ط. بيت الأفكار الدولية والإستيعاب: ابن عبد البر: برقم (219).ط.بيت الأفكار الدولية.
(93) تَغُلُّوا: بضم العين المعجمة وتشديد اللام، أي لا تخونوا في الغنيمة.ينظر عون المعبود: العظيم أبادي:7/196. ط. دار الكتب العلمية، بيروت
(94) تغدِروا: "بكسر الدال المهملة، أي لا تنقضوا عهدكم".المرجع نفسه.
(95) تُمَثِلوا: من مَثَّل يمثل به إذا قطع أطرافهُ، ويقال: مُثِّلَ بالقتيل إذا قطع أنفه وأذنه أو مذاكيره أو شيئاً من أطرافه. ينظر المرجع السابق. وسبل السلام: محمد الصنعاني: 7/254.ط. دار ابن الجوزي،ت. محمد صبحي الحلاق.
(96) رواه مسلم: 3/1357. ط. دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(97) ينظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 19/23،22.
(98) أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال القرشي الفهري، صحابي جليل، أمين هذه الأمة، أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، أحد العشرة السابقين إلى الإسلام، شهد بدراً وما بعدها وهو الذي انتزع الحلقتين من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت ثنيته، بعثه أبو بكر على جيش الشام، وأمره عمر بن الخطاب على خالد بن الوليد، مات في طاعون عمواس بالشام سنة ثمان عشرة، وكان عمره ثمانياً وخمسين سنةً وقيل إحدى وأربعين سنة. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: برقم: (4594). وأسد الغابة: ابن الأثير: (2707).
(99) العلاء بن الحضرمي من الصحابة الكرام اسمه عبد الله بن عماد بن أكبر بن ربيعة بن مالك بن عويف الحضرمي، كان له عدة أخوة منهم عمرو بن الحضرمي، وهو أول قتيل من المشركين في بدر، وماله أول مالٍ خُمس، وبسببه كانت وقعة بدر، واستعمله النبي -صلى الله عليه وسلم- على البحرين وأقره أبو بكر ثم عمر. مات سنة أربع عشرة وقيل سنة إحدى وعشرين للهجرة.ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: (6367). وأسد الغابة في معرفة الصحابة: ابن الأثير: (3745).
(100) رواه البخاري: 3/152. ح(2988) ط. دار ابن كثير، بيروت، الثالثة 1407هـ، ت. مصطفى البغا.
(101) تقدم تخريجه.
(102) الإجماع: ابن المنذر: ص 26.
(103) ينظر زاد المعاد: ابن القيم: 3/154.
(104) ينظر أحكام أهل الذمة: ابن القيم:1/90،89. مجموع فتاوى شيخ الإسلام:19/23.
(105) ينظر الموضع السابق من زاد المعاد.
(106) ينظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: ابن سعدي: ص 294.
(107) وهم أصحاب القول الأول والثاني، ينظر ص 31.
(108) ينظر الحاوي الكبير: الماوردي:14/285.
(109) ينظر أحكام أهل الذمة: ابن القيم: 1/89. وسبل السلام: الصنعاني: 7/256.
(110) بما سبق ذكره من حمل لفظ (عدوَّك) على أهل الكتاب.ينظر سبل السلام: الصنعاني:7/256.
(111) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير:4/132. ط. دار طيبة، الرياض، الأولى: 1418هـ، ت. سامي السلامة.
(112) كما في مطلب الحماية الدينية للمدني الحربي، في مسألة أخذ الجزية من غير أهل الكتاب، في الحاشية.
(113) ينظر الشرح الممتع: ابن عثيمين:8/58. ط. دار ابن الجوزي، عنيزة، الأولى: 1425هـ.
(114) ينظر المغني: ابن قدامة: 12/291، 292.
(115) تنظر مادة (رَدَدَ) في لسان العرب:ابن منظور:3/174. ومادة (رَدَّه) في القاموس المحيط:الفيروز آبادي:ص 282.
(116) المغني: ابن قدامة: 12/264. وينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/217.
(117) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 2/823.وبدائع الصنائع:الكاساني:7/218.والمغني:ابن قدامة: 12/264. ومطالب أولي النهى: مصطفى الرحيباني: 6/275. ط. المكتب الإسلامي، دمشق، 1961م.
(118) ينظر المدخل للفقه الإسلامي: محمد سلام مدكور:ص 760،759. ط. دار النهضة العربية، 1960م. وأيضاً قد يكون قتله؛ لأنَّ كفرَ هذا الشخص لا ينم عن إنسان عاقل حيث إنّ كفره أقبح من كفر غيره بعد أن اطلع على محاسن الإسلام ولا يمكن لأي عاقل أن يفضل على الإسلام غيره وما هذا إلا شؤم طبعه وسوء اختياره فيقع اليأس عن فلاحه ولهذا شرع قتله إذا لم يتب وفي هذا تخليص للمسلمين من شره وكذلك للكافر الأصلي حتى لا يحجمه عن الإسلام وهذا الحكم القاسي هو لحماية هذا المبدأ وهو (حرية التدين)؛ لأن الإسلام لا يكره أحداً على الدخول فيه إلا إذا حصل له الإقناع التام والرضا الكامل بأنَّه حق فيعلن إسلامه، ويدخل تحت لوائه، فإن ارتد بعد ذلك فلا يخلو من حالين إما أنه دخل في الإسلام رياءً ونفاقاً فهو ممن يتلاعبون بالعقائد والمقدسات، ويستحق القتل بعد إعلانه الكفر والارتداد، وإما لوسوسة الشياطين من الإنس والجن فيُبَين له الأمر ويستتاب ثلاثاً فإن تاب وإلا قتل؛ لأنَّه عَبث بالمقدسات والعقائد، وخرج على نظام الدولة التي تحميه. ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/179. وحقوق الإنسان في الإسلام: محمد الزحيلي: ص 181،180.
(119) اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب عام 1949. موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/123.
(120) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 383.
(121) موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح:6/131.
(122) رجال الدين: هذا المصطلح حادث لا يوجد في معاجم المسلمين ما يسمى بـ (رجال الدين) وإنما تسربت بواسطة المذاهب المادية، وخاصة: العلمانية ولا يوجد في الإسلام رجل دين لا يفهم في أمور المعاش لانقطاعه في أمور الدين، وإنما كل مسلم رجل دين ودنيا، واستخدمت هذا اللفظ هنا بناء على ما ورد في القانون الدولي. ينظر معجم المناهي اللفظية: بكر أبو زيد: ص 280.
(123) الاتفاقية الدولية في شأن الحقوق المدنية والسياسية عام 1966م المادة (18). ينظر موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 26،27.
(124) الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية عام 1950م. ينظر موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/58،57.
(125) ينظر تفسير الطبري:6/274. ط. دار الكتب العلمية، الأولى: 1407هـ.وأحكام القرآن: الجصاص:4/99.
(126) ينظر حقوق الإنسان في الإسلام: محمد الزحيلي: ص 181.ط. دار الكلم ا لطيب، دمشق، الثالثة: 1424هـ.
(127) وذلك لقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران:85).
(128) ينظر المرجع نفسه: ص 182.
(129) ينظر هذا الخبر في صحيفة الجزيرة، يوم الجمعة 19/4/1426هـ، العدد(11929)، الصادرة عن موسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر، الرياض. وصحيفة الوطن، يوم الجمعة 19/4/1426هـ، العدد(1701)، الصادرة عن مؤسسة عسير للصحافة والنشر.
(130) نقلاً من موقع (الإسلام اليوم) على شبكة الانترنت، والمشرف عليه الشيخ سلمان العودة، تحت مقال بعنوان (تدنيس القرآن على يد الأمريكان.. الجريمة وأبعادها)، لسامح جاد / القاهرة، في 8/4/1426هـ.
(131) المصدر السابق.
(132) العدد السابق ذكره في صحيفة الجزيرة.
(133) نقلاً من موقع (الإسلام اليوم) على شبكة الانترنت، والمشرف عليه الشيخ سلمان العودة، تحت مقالٍ بعنوان: (انتهاكات بلا حدود...من غوانتانامو إلى بغداد)، لضحى الحداد / بغداد، في 8/4/1426هـ
(134) نقلاً من تقرير أعدَّه: أحمد عبد السلام بموقع (إسلام أون لاين) على شبكة الانترنت. بعد مرور عامين على احتلال العراق.
(135) ينظر المقال السابق من موقع (الإسلام اليوم).
(136) ينظر السير: الشيباني: ص 249. والمبسوط: السرخسي:10/29. وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/163.وفتح القدير: ابن الهمام: 5/452. وتبيين الحقائق: الزيلعي: 3/245.وحاشية ابن عابدين: 6/213. والمدونة: الإمام مالك بن أنس:3/6. والاستذكار: ابن عبد البر:5/24. وشرح الزرقاني على الموطأ:3/11،10. وبداية المجتهد: ابن رشد:1/341. والثمر الداني: صالح الآبي الأزهري: ص 414. ط. المكتبة الثقافية، بيروت. ومواهب الجليل: ابن الحطاب:4/543. وإعانة الطالبين: الدمياطي: 4/201. والإقناع: الشربيني:2/559. والمهذب: الشيرازي: 2/233. وروضة الطالبين: النووي:ص 1802 وحواشي الشرواني:9/247. ط. دار الفكر، بيروت.ومغني المحتاج: الشربيني:6/65. والمغني: ابن قدامة:175-176. والإقناع: الحجاوي: 2/73. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/18. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية:28/354.والإقناع: ابن المنذر: 2/463.والمحلَّى: ابن حزم:7/214.
(137) عقد الأمان هو "رفع استباحة دم الحربي ورقه وماله حين قتاله مع العزم عليه مع استقراره تحت حكم الاسلام مُدةً ما" ينظر الفواكه الدواني: أحمد بن غنيم النفراوي:1/399.ط. دار الفكر، بيروت، 1415هـ.
(138) ينظر المبسوط: السرخسي: 10/92. وروضة الطالبين: النووي: ص 1803. والمغني: ابن قدامة: 13/79. وزاد المعاد: ابن القيم: 2/193،140.والمبدع: ابن مفلح: 3/393.
(139) ينظر حاشية ابن عابدين: 6/213. وتبيين الحقائق: الزيلعي: 3/ 245. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/543. ومطالب أولي النهى: الرحيباني:2/517. والمهذب: الشيرازي: 2/ 233. وإعانة الطالبين: الدمياطي: 4/ 201. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/18. والإقناع: الحجاوي: 2/73. ط. دار عالم الكتب، الرياض، الثانية: 1419هـ، ت.عبد الله التركي.
(140) هو التابعي الجليل الحسن بن أبي الحسن يسار الإمام شيخ الإسلام أبو سعيد البصري، يقال: مولى جميل بن قطبة وقيل جابر بن عبد الله وقيل: أبو اليسر، وأمه خيرة مولاة أم سلمة، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، نشأ بالمدينة وحفظ القرآن في خلافة عثمان – رضي الله عنه كان ذكياً، شجاعاً، سيد أهل زمانه علماً وعملاً، شيخ أهل البصرة ومُحدِّثها إلا أنه مدلس فلا بد من تصريحه بالرواية، فقيه النفس، كبير ذا شأن، عديم النظير، مليح التذكير بليغ الموعظة، مات سنة عشر ومائة وله ثمان وثمانون سنة، رحمه الله تعالى. ينظر سير أعلام النبلاء: الذهبي: 4/563.وتذكرة الحفاظ: الذهبي: 1/72. وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 1/541. ط. دار المعرفة، بيروت، الأولى: 1417هـ ت. خليل مأمون شيحا. وطبقات الحفاظ: السيوطي: ص 28.
(141) ينظر تفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 1/524.
(142) هو الصحابي الجليل عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمه أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية، ولد وبنو هاشم بالشعب قبل الهجرة بثلاث وقيل: بخمس، والأول أصح دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل، فكان يلقب بحبر العرب، وحبر الأمة، وترجمان القرآن، وغزا مع عبد الله بن أبي السرح إفريقية، توفي بالطائف سنة تسع وستين وقيل: سبعين. رضي الله عنه. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر برقم: (5423) وتهذيب التهذيب: ابن حجر:3/170. وأسد الغابة: ابن الأثير: (3037).
(143) هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي أبو حفص المدني ثم الدمشقي، أمير المؤمنين، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، الخليفة الزاهد الراشد أشجُّ بني أمية، ولد بالمدينة زَمَن يزيد، ونشأ في مصر حين ولاية أبيه عليها. كان إماماً، فقيهاً، مجتهداً، عارفاً بالسنن، كبير الشأن، ثبتاً، حجةً، حافظاً، قانتاً لله، أواهاً منيباً. بعدله وزهده يضرب المثل قيل: إن عمر بن الخطاب قال: " إن من ولدي رجلاً بوجهه شتَر – وهو أثر حافر دابة – يملأ الأرض عدلاً " توفي بدير سمعان وقبره هناك، في رجب سنة إحدى ومائة وله أربعون سنة سوى ستة أشهر،رحمه الله تعالى. ينظر تذكرة الحفاظ: الذهبي:1/118. وسير أعلام النبلاء:الذهبي:5/114.وتهذيب التهذيب:ابن حجر:4/286.
(144) ينظر أحكام القرآن: الجصاص: 1/320. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/345.
(145) المرجعان السابقان.
(146) ينظر أحكام القرآن:أبو بكر بن العربي:1/144. ط. دار الفكر، بيروت، ت. محمد عبد القادر عطا. وزاد المسير:عبد الرحمن بن الجوزي:1/197. ط. المكتب الإسلامي، بيروت، الثالثة: 1404هـ.
(147) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/177. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1 / 342. والمبدع: ابن مفلح: 3/322. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 2/517. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/18.
(148) هو الصحابي الكريم عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، ولد سنة ثلاث من المبعث النبوي، أسلم مع أبيه وهاجر، وعُرض على النبي صلى الله عليه وسلم ببدر فاستصغره، ثم بأحد فكذلك، ثم بالخندق فأجازه وهو يومئذٍ ابن خمس عشرة سنة، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل" فكان بعد لا ينام من الليل إلا القليل، وكان شديد التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بكى، قال فيه ابن مسعود: "إن أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا لعبد الله بن عمر"، وقال ابن المسيّب:" مات يوم مات وما في الأرض أحب إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منه"، وأفتى الناس ستين سنة، وشهد فتح مصر، وما مات حتى أعتق ألف نفس أو أزيد، مات سنة اثنتين أو ثلاثٍ وسبعين وله سبعاً وثمانين سنة. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: برقم (5495). وأسد الغابة: ابن الأثير: برقم (3082). وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 3/201.
(149) رواه البخاري: 3/1098. ح(2851) ط. دار بن كثير، بيروت، الثالثة 1407هـ، ت. مصطفى البغا. ومسلم: 3/1364. ح(1744). ط. دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(150) سبل السلام: الصنعاني: 7/254. عون المعبود: العظيم آبادي: 7/196. ط. دار الكتب العلمية، بيروت.
(151) ينظر مسند الإمام أحمد: 2/115،100،76،23،22،21. ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، الثانية: 1414هـ.وسنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في دعاء المشركين، وباب في قتل النساء:3/53، 3/37. ط. دار الفكر، ت. محمد محيي الدين عبد الحميد. وسنن ابن ماجه، كتاب الجهاد، باب الغارة والبيات، وباب قتل النساء والصبيان:3/379 – 381.ط. دار المعرفة، بيروت، الأولى: 1416هـ، ت. خليل مأمون شيحا. وسنن الدارمي، كتاب السير، باب النهي عن قتل النساء والصبيان: 2/671. وموطأ الإمام مالك، كتاب الجهاد، باب النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو: 1/575-578. ط. دار الغرب الإسلامي، الثانية: 1417هـ ت.بشار عواد معروف.ومصنف ابن أبي شيبة،كتاب الجهاد،باب من ينهى عن قتله في دار الحرب: 12/381- 388. ط. مكتبة الرشد، الرياض، الأولى: 1409هـ، ت. كمال الحوت.
(152) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني:7/163. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/342. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/65 والمغني: ابن قدامة: 13/178،177،175.
(153) تبيين الحقائق: الزيلعي: 3/245. والمهذب: الشيرازي: 2/233. وإعانة الطالبين: الدمياطي:4/201. ومغني المحتاج: الشربيني:6/65. والإقناع: الشربيني: 2/559. والمبدع: ابن مفلح:3/322. وشرح منتهى الإرادات:البهوتي: 3/18.ومطالب أولي النهى:الرحيباني:2/517. والمحلَّى: ابن حزم:7/296.
(154) الصحابي الكريم نعيم بن مسعود بن عامر بن أُنيف بن ثعلبة الأشجعي يكنى أبا سلمة، أسلم ليالي الخندق، وهو الذي أوقع الخلف بين الحيين قريظة وغطفان في وقعة الخندق فخالف بعضهم بعضاً ورحلوا عن المدينة، قُتل رضي الله عنه في أول خلافة علي رضي الله عنه في وقعة الجمل. وقيل: مات في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: برقم (9126). وأسد الغابة: ابن الأثير: برقم (5281). والاستيعاب: ابن عبد البر: برقم (2665).
(155) رواه الإمام أحمد في المسند: 3/487. ح (16032) ط. مؤسسة قرطبة، القاهرة. وأبو داود في السنن: 3/ 83. ط. دار الفكر، ت. محمد محيي الدين عبد الحميد. والحاكم في المستدرك:3/ 54. ح (4377). ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى: 1411هـ،ت. مصطفى عبد القادر وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.والبيهقي في السنن الكبرى:9/211.ح(18556)كلهم عن نعيم بن مسعود رضي الله عنه.
(156) ينظر المبسوط السرخسي: 10/92. وروضة الطالبين: النووي: ص 1803. والمغني: ابن قدامة: 13/79. وزاد المعاد: ابن القيم: 2/193،140.والمبدع: ابن مفلح: 3/393 والسيل الجرار: محمد الشوكاني: 4/560،561. ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى: 1405هـ، ت. محمد إبراهيم زايد.
(157) هو الإمام شيخ الإسلام، حافظ المغرب، المحدِّث، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي، ولد سنة ثمان وستين وثلاثمائة، ساد أهل الزمان في الحفظ والإتقان، ولم يكن من أهل المغرب في الحديث مثله، وكان مع هذا فقيهاً بصيراً بالمعاني، وله علم في الأنساب والأخبار، كان إماماً، ديناً، ثقةً، علامة، متبحراً، صاحب سنة وإتباع، كان أولاً أثرياً ظاهرياً فيما قيل، ثم تحول مالكياً مع ميلٍ بين إلى فقه الإمام الشافعي في مسائل، ولا ينكر ذلك فقد بلغ مرتبة الاجتهاد، له تصانيف كثيرة منها: " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " و" الاستذكار لمذهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار " و" جامع بيان العلم وفضله " و" الاستيعاب في معرفة أسماء الصحابة " و" الفرائض " و" الكافي في مذهب الإمام مالك " وغير ذلك من الكتب النافعة. توفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة وعمره خمساً وتسعين سنة وخمسة أيام رحمه الله. ينظر الصلة: ابن بشكوال: 2/ 677. وسير أعلام النبلاء: الذهبي: 18/153. وتذكرة الحفاظ: الذهبي: 2/1128.ووفيات الأعيان وأنباء الزمان:أحمد بن خلكان: 7/66.ط. دار صادر بيروت. والبداية والنهاية: ابن كثير: 12/ 568.
(158) الاستذكار: ابن عبد البر: 5/24.ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى: 2000م، ت. سالم محمد عطا – محمد علي معوض.
(159) محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود، الإسكندري مولداً السيواسي منتسباً، الشهير بابن همام الدين لقبُ والده العلامة، ولد عام تسعين بعد السبعمائة، كان إماماً من أئمة الحنفية، عارفاً بأصول الديانات والتفسير والفرائض والفقه والحساب واللغة والموسيقى والمنطق، وكان قاضي سِيواس البلد الشهير ببلاد الروم، ثم ولي قضاء الحنفية بالإسكندرية، له مؤلفات عدة منها: " فتح القدير في شرح الهداية " و" التحرير " في أصول الفقه، و"المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة " و" زاد الفقير مختصر فروع الحنفية "، رحمه الله تعالى. ينظر شذرات الذهب: ابن العماد: 7 /289. والجواهر المضيئة في طبقات الحنفية:ابن أبي الوفاء القرشي: 2/ 86 في الحاشية. ط. حيدر آباد:1332هـ.والفوائد البهية في تراجم الحنفية:محمد اللكنوي:ص180.ط.مصر، 1324هـ.
(160) فتح القدير: 5/ 452.
(161) هو الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري الحزامي، الحوراني، الشافعي، ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة، كان حافظاً للحديث وفنونه ورجاله، فقيهاً، له تصانيف كثيرة منها: " شرح صحيح مسلم " و" رياض الصالحين " و" الأذكار " و" الأربعين " و" الإرشاد " و" التقريب " و" كتاب المبهمات " و" روضة الطالبين " و" المجموع شرح المهذب "، توفي سنة ستٍ وسبعين وستمائة. ينظر تذكرة الحفاظ: الذهبي: ص 1470. وطبقات الحفاظ: السيوطي: ص 510. والبداية والنهاية: ابن كثير: 13 / 322.
(162) (المنهاج) شرح صحيح مسلم: 12/275. ط. دار المعرفة، ت. خليل مأمون شيحا.
(163) محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن جزي الكلبي المالكي، يكنى أبا القاسم، من أهل غرناطة وذوي الأصالة والنباهة فيها،كان فقيهاً، حافظاً، قائماً على التدريس في مختلف الفنون، صحيح الباطن، خطيباً بالمسجد الأعظم، ألف كتباً كثيرةً في فنون شتى منها " كتاب وسيلة المسلم في تهذيب صحيح مسلم" و"القوانين الفقهية" و" كتاب تقريب الوصول إلى علم الأصول" و" كتاب النور المبين في قواعد عقائد الدين" وغيرذلك، توفي في عام أحد وأربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى. ينظر الديباج المذهب ج1/ص295. ط. دار الكتب العلمية، بيروت.
(164) القوانين الفقهية: ص 98.(بدون معلومات نشر) وينظر نحو هذا في فتح الباري: ابن حجر: 6/ 182. والمغني:ابن قدامة:13/175.
(165) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 163. والمبسوط: السرخسي:10/ 29.وفتح القدير:ابن الهمام:5/453. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/ 343.والتمهيد: ابن عبد البر: 11/138. ط. وزارة عُموم الأوقاف، المغرِب، 1387 هـ، ت. مصطفى العلوي – محمد البكري. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/354.
(166) ينظر إحكام الأحكام: ابن دقيق: 4/ 526،525.مذيلاً بـ(العدة) حاشية الصنعاني عليه. ط. المطبعة السلفية، ت. علي الهندي.
(167) ينظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/ 355.
(168) نصب الراية: الزيلعي: 3/387.
(169) ينظر تبيين الحقائق: فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي: 3/ 245. ط. دار الكتاب الإسلامي، القاهرة: 1413هـ.
(170) ينظر فتح الباري: ابن حجر: 6/182.
(171) ينظر المرجع السابق إحكام الأحكام: 4/ 526.
(172) ينظر الإقناع: الشربيني: 2/559. وحواشي الشرواني: 9/247. وفتح الباري: ابن حجر: 6/183،182. والكافي: ابن قدامة: 4/ 267. والمبدع: ابن مفلح: 3/322. وكشاف القناع: البهوتي: 3 / 50،49. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/ 354. ونصب الراية: الزيلعي: 3/ 387.
(173) تبيين الحقائق: الزيلعي: 3/ 245.
(174) ذكر بعض هذه التعليلات الدكتور حسن أبو غدة في كتابه: قضايا فقهية في العلاقات الدولية:225،224.
(175) ينظر المغني: ابن قدامة: 12/79. والمبدع: ابن مفلح: 3/393. والسيل الجرار: الشوكاني: 4/560،561.
(176) ينظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/660.

 

***

 

حماية المدنيين في الفقه الإسلامي (2-3)

المبحث الثاني: (بيان من اختُلف في تحريم قتله من المدنيين الحربيين في الإسلام)
انقسم الفقهاء فيمن يحرم قتله من المدنيين إلى قسمين:
الأول: جعل الأصل هو عدم جواز قتل من لا يقاتل؛ لأنَّ العلة عندهم هي المقاتلة، وذكروا أمثلة تحققت فيها العلة، التي استنبطت من مجموع الأدلة الواردة على بعضها. ومثلوا: بالنساء، والصبيان، والرسل، والشيخ الفاني، والزَّمْنَى، والرهبان، والسُوقة. وهو قول جمهور أهل العلم من الحنفية(1)، والمالكية(2)، والحنابلة(3)، وهو قولٌ مرجوح عند الشافعية(4)، وورد عن الشافعي القول بترك قتل الرهبان(5).
 والمراد بهذه الأصناف ما يلي:
أ‌- الصبيان: جمع صبي، وهو من لم يبلغ، أو كان دون سن التكليف، والبلوغ يحصل بإحدى علامات ثلاث: الإحتلام، أو إنبات الشَعر الخشن حول القبل، أو بلوغ خمس عشرة سنة.وتزيد الأنثى بعلامتين هما: الحيض، والحمل(6).
ب‌- الرسل: جمع رسول، مِن أرسلت فلاناً في رسالة فهو مُرسَل ورسول(7). والمراد هنا: مَن بعثه الكفار إلى المسلمين لإبلاغ خبرٍ(8).

ت‌- الشيخ الفاني: الشيخ هو من ظهر فيه السِّن، وهو الشيب، أو من خمسين أو إحدى وخمسين إلى آخر عمره(9). والفاني هو: الهِمُّ، أي: الضعيف(10). والمراد من ذلك: الهَرِمُ الذي لا يقدر على القتال، ولا يخشى منه نكاية، غير الصيَّاح عند التقاء الصفين، ولا الإحبال: الذي يجيء منه الولد(11).

ث‌- الزَّمْنَى: جمع زَمِنَ، والزَّمِنُ – بكسر الميم – المصاب بعاهةٍ لا يستطيع معها القتال مأخوذٌ مِن أَزْمَنَ،أي: أتى عليه الزمان(12). وذكر الفقهاء بعض الأمثلة على من كان مصاباً بعاهةٍ دائمة، فقالوا: الأعمى، والمقعد، ومقطوع اليمنى، أو مِن خِلافٍ، أو يابس الشِق. والأشلّ، والأعرج، والذي لا رأي لهم ولا تدبير ولا نكاية، والمعتوه والمجنون. والمريض مرضاً لا يرجى بُرؤه لا يستطيع معه القتال(13).
ج‌- الرُّهبان: جمع راهب، وأصله من الرهبة، وهي: الخوف، وهم قومٌ منقطعون منحبسون في الصوامع، ولا يخالطون الناس، ويتركون القتال تديناً، ويسمى أحدهم (حبيساً)(14) ، حيث إنهم يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا، وترك ملاذّها، والزهد فيها، والعزلة عن أهلها، وتعمد مشاقها، حتى إنّ منهم من يخصي نفسه، ويضع السلسلة في عنقه..(15)
ح‌- السُّوقة: بالضم للسين وسكون الواو، للواحد والجمع، والمذكّر والمؤنث، هم: الرعيَّّة وعامة الناس(16)؛ لأنّ الملِك يسوقهم فيُساقون إليه ويصرِّفهم على مراده. وأما أهل السوق فالواحد منهم سُوقي(17). واستعمل بعض الفقهاء لفظ " السوقة " على عامة الناس الذين اختُلف في جواز قتلهم أثناء الحرب(18)، وذكر بعضهم أنواعاً هي داخلة تحت هذه الكلمة، فقالوا: "التجار"(19)، وَ"الأجراء"(20)، وَ"أهل الصناعات"(21) وَ"المحترف المشغول بحرفته"(22).
 واستعملوا لفظ "العسفاء"، وقالوا هم: " الفلاحون"(23) وَ "الأجراء"(24) وَ "المستخدمون"(25)وَ "العبيد"(26)وَ"الشيخ الفاني"(27).واستعملو لفظ " الوصفاء"، وقالوا: هم "المماليك"(28) وَ "الخدم"(29). وجميع هذه الأسماء داخلة في عموم الرَّعية، ولفظ "السُّوقة" يَعُمها جميعاً.

القسم الثاني: جعلوا الأصلَ هو قتل كل كافر حربي، إلا ما ورد النص بإستثنائه وهم الرسل، والنساء والصبيان، ومن في معناهما، وهم: الخنثى، والمجنون، الذين سبق ذكرهم في المبحث الأول.
وهو القول الصحيح عند الشافعي(30) و الشافعية(31)، وابن المنذر(32)، وابن حزم(33)،
ولكنَّهم أجازوا استبقاءهم(34).
واستدلوا بما يلي:
(1) قول الله - تبارك وتعالى-: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (التوبة:5).

وجه الدلالة:
فالآية قضت بقتل كل مشرك، سواءً كان راهباً، أو شيخاً، أو مريضاً، أو غيرهم إلا أن يُسْلِم(35). ولم يرد دليلٌ على استثناء أحد سوى الرسل، والنساء، والصبيان، فيبقى ما عداهم على الأصل ما دام أنهم أحرارٌ مكلفون فيجوز قتلهم(36). قال ابن المنذر –رحمه الله -: "ولا أعلم حجة قاطعةً يجب بها الامتناع من قتل الرهبان، والشيوخ، والمرضى من ظاهر الكتاب"(37).
(2) قول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: (أُمرت أن
(3)  الناس حتى يشهدوا: أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله)(38).

وجه الدلالة:
حيث أخبر – صلى الله عليه وسلم – أنه يُقاتل جميع الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله... ولا يخرج من لم يسلم من هذا العموم(39)، إلا من استثناه الشارع، ولم يرد دليل على استثناء أحدٍ سوى الرسل، والنساء، والصبيان، فيبقى ما عداهم على الأصل.

(4) قول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: (اقتلوا شيوخ الُمشرِكِين واستبقوا شَرخَهُم)(40)(41).

وجه الدلالة:
حيث إنَّه – صلى الله عليه وسلم – أمر صراحةً بقتل شيوخ المشركين ولم يستثنهم(42).

(5) واستدل ابن حزم- رحمه الله – بأنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم –عندما أمر بقتل بني قريظة، ولم يستثنِ أحداً سوى من لم يُنبِت(43)، فلم يستبق منهم تاجراً،ولا فلاحاً، ولا شيخاً كبيراً، ولا غيرهم ولم يُنقل عن أحدٍ من الصحابة غير ذلك "وهذا إجماعٌ صحيحٌ منهم – رضي الله عنهم – مُتيقّن؛ لأنهم في عَرَضٍ(44) من أعراض المدينة، لم يخفى[هكذا] ذلك على أحدٍ من أهلها "(45)
(6) استدلوا من المعقول بما يلي:
أ‌) أن سبب قتل الكافر هو كفره؛ ولهذا فإنّه يقتل كل كافرٍ حربي، قاتل أم لم يقاتل، ولا يخرج من هذا الأصل، إلا ما ورد من الشرع استثناؤه، فخرج الرسل، والنساء، والصبيان، ويبقي ما عداهم عليه(46).
ب‌) ولأنَّ هؤلاء كفار لا نفع في حياتهم سواء كانوا مرضى أو غيرهم، فيقتلون كالشاب من الكفار(47).
ونوقشت أدلتهم بما يلي:
أولاً: اعترض على الاستلال بالعموم في قوله تعالى: { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ } (التوبة: من الآية5) وفي قوله صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس.."(48) الحديث، بأمرين:
أ‌) أنَّه مخصوص بما ورد لدينا من أدلة تحرم قَتل الأصناف التي ذكرناها(49).
ب‌) أنَّه قد خرج من عمومهما النساء والصبيان، وهذه الأصناف التي ذكرنا في معناهما فنقيسها عليهما(50).
ثانياً: نوقش الاستدلال بقوله صلى الله عليه وسلم " اقتلوا المشركين واستبقوا شرخهم " من وجهين:
أ‌) أن الحديث ضعيف
ب‌) أنه لو صح يراد به الشيوخ أهل الجَلَد والقوة على القتال، وأهل المعونة عليه، برأي أو تدبير، جمعاً بين الأحاديث(51) (كما سيأتي بيانه-إن شاء الله- في أدلة الجمهور).

ثالثاً: أنَّ ما ذكره ابن حزم –رحمه الله – من الإجماع، فإنَّه في غير محله، حيث إن سعد بن معاذ(52) حكم فيهم أن تُقتل مقاتلتهم(53)، وكانوا جميعاً سوى عمرو بن سعيد قد نقضوا العهد وعاونوا المشركين في الحرب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستحقوا القتل. وكان من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه إذا صالح قوماً فنقض بعضهم عهده، وأقره الباقون ورضوا به غزاهم جميعاً، وجعلهم كلهم ناقضين للعهد(54).
وإجماع الصحابة على وصية أبي بكر – رضي الله عنه – أولى وقد اعتبره ابن حزم نفسه(55).
ثم إنَّ هذا العموم مخصوص بما ورد عند الجمهور من الأدلة التي تخصصه

رابعاً: نوقشت أدلتهم العقلية بالآتي:
الأول منها وهو: " أن العلة في قتل الكافر هي كفره..." هذا غير صحيح، بل إن العلة هي المقاتلة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة المقتولة: "ما كانت هذه تقاتل فيمن يُقاتل"(56) فهذا يدل على أنه إنما نهى عن قتل المرأة إذ لم تقاتل، ومن لا يُقاتِل عادةً لا يُقتَل(57).
والدنيا ليست دار جزاء بل دار تكليف، وأُبيح قَتلُ بعضِ الناس؛ لتنتظم مصالح العباد؛ لأن السفهاء لا ينتهون بمجرد الوعيد(58)، والحساب والجزاء عند رب العالمين.

والثاني وهو قولهم: " إنَّه لا نفع لحياتهم...." يقال: إنَّ في استبقائهم نفع، فيحملون إلى دار الإسلام إن كان بالمسلمين قوة، رجاء هدايتهم أولاً(59)، ومن ثَمَّ فإنَّ هناك نفع آخر، فيكن الانتفاع بهم إما بالرق أو بالفداء فيمن أجاز أن يفادى بهم مثلاً(60).

وأما أدلة الجمهور فهي كما يلي:
أولاً:(من الكتاب)
 استدلوا بقول الله تبارك وتعالى:{ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة:190)حيث إنَّ الله أَمر بالقتال في سبيله الذين يقومون بقتال المسلمين، ولا تعتدوا، أي: لا ترتكبوا المناهي أثناء القتال من المُثلة، والغلول وقتل النساء، والصبيان، والشيوخ الذين لا رأي لهم، ولا قتال فيهم، والرهبان، وأصحاب الصوامع وشبههم ممن لا يقاتل كالزَّمنَى، والأجراء، والفلاحون وغيرهم.وهذا ما قال به ابن عباس- رضي الله عنهما، والحسن البصري ، وعمر بن عبد العزيز – رحمهما الله، ويُؤَيِّده حديث بريدة – رحمه الله - السابق ذكره(61).
والاعتداء في هذه الآية يشمل أنواع الاعتداء كلها. مِن قَتْلِ مَن لا يُقاتل، والتمثيل بالقتلى، والغلول، وقتل الحيوانات، وقطع الأشجار لغير مصلحة ونحو ذلك(62).

ثانياً: (من السنة)
استدلوا من السنة بِأحاديثَ تدل في مجملها على حُرمَةِ قتل من لا يُقاتِل:
‌أ)  استدلوا بحديث ِ ابن عباس - رضي لله عنهما – قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه قال:" اخرجوا باسم الله، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلّوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان، ولا أصحاب الصوامع"(63).
وجه الاستدلال:أن الحديث دل على تحريم قتل الصبيان، وأصحاب الصوامع، وهم ليسوا أهل قتال؛ فإذن لا يجوز قتل من لا يقاتل(64).

‌ب) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً، ولا صغيراً، و لا امرأةً، ولا تغلُّوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا، وأحسنوا إنَّ الله يحب المحسنين "(65)
وجه الاستدلال: هذا الحديث دل صراحةً على تحريم قتل الشيخ الفاني، والنساء، والصبيان. ويدل بمعناه على حرمة قتل من لا يقاتل؛ لأنه في معنى المرأة والصبي والشيخ الفاني(66).

‌ج) ما رواه رباح بن ربيع(67) قال: " كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فرأى الناس مجتمعين في شيء فبعث رجلاً فقال: انظر علامَ اجتمع هؤلاء، فرجع فقال: على امرأةٍ قتيلٍ، فقال: ما كانت هذه تقاتل، قال: وعلى المقدمة خالد بن الوليد فبعث رجلاً فقال: قل لخالد: لا تقتلنَّ ذُرِّيَةً ولا عسيفاً" وفي رواية: " لا تقتلن امرأة ولا عسيفاً "(68).
وجه الدلالة: الحديث دل صراحة على تحريم قتل الذراري، والعسفاء وهم الفلاحون، والأجراء، والمستخدمون، والعبيد وغيرهم من عامة الناس وهذا الحديث احتج به الجمهور(69).

ثالثاً:(الإجماع)
 أجمع الصحابة – رضي الله عنهم - على وصية أبي بكر ليزيد بن أبي سفيان(70) عندما بعثه إلى الشام ولا يعرف من الصحابة مخالف له(71).

رابعاً: (من الآثار)
استدلوا من الآثار بما يلي:
 أ) وصية أبي بكر رضي الله عنه، وهي: أنَّ أبا بكر الصديق بعث جيوشاً إلى الشام، فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان، وكان أمير رُبع من تلك الأرباع، فزعموا أنَّ يزيد قال لأبي بكر: إما أن تركب، وإما أن أنزِلَ. فقال أبو بكر: ما أنت بنازل، وما أنا براكب إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله. ثم قال له: "إنك ستجد قوماً زعموا أنَّهم حبَّسوا أنفسهم لله، فذرهم وما زعموا أنهم حبَّسوا أنفسَهم له(72). وستجد قوماً فَحَصُوا من أواسط رؤوسهم من الشعر(73)، فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف. وإني أوصيك بعشرٍ: لا تقتلنَّ امرأةً، ولا صبياً، ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعنَّ شجراً مثمراً، ولا تُخربنَّ عامراً، ولا تعقرنَّ(74) شاةً، ولا بعيراً، إلا لمأكلةٍ. ولا تحرقنَّ نحَلاً(75)، ولا تُغَرِّقََنَّهُ(76)، ولا تغلل ولا تجبن"(77).
ووجه الدلالة: من هذه الوصية واضح حيث ورد عن أبي بكر رضي الله عنه النهي عن قتل الرهبان والنساء والصبيان، والكبير الهرم....إلخ الوصية. وأبو بكر - رضي الله عنه – أول الخلفاء الراشدين الذين أَمرَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع سنتهم والعظ عليها بالنواجذ.
وهذه الوصية استدل بها الجمهور على تحريم قتل هؤلاء وأنَّها مخصصة لعموم قول الله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}(التوبة: من الآية5)(78).

وفي الباب آثار أخرى عن بعض الصحابة فمنها:
(ب) قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " اتقوا الله في الفلاحين فلا تقتلوهم إلا أن ينصبوا لكم الحرب " وورد عنه أيضاً –رضي الله عنه – قوله:" لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا وليداً، واتقوا الله في الفلاحين "(79).

(ج) قول جابر بن عبد الله(80) رضي الله عنهما:" كانوا لا يقتلون تجار المشركين، وقالوا: إنما نقتل من قاتل وهؤلاء لا يقاتلون"(81) وغير ذلك مما ورد عن الصحابة والتابعين(82).

خامساً: استدلوا من المعقول بما يلي:
‌أ) أنّّّّّ النهي الوارد في قتل النساء والصبيان سببه عدم القتال؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"ما كانت هذه لتقاتل"(83) وغيرهم ممن شبههم كالشيوخ والسوقة والزَّمنى يُلحق بهم، ممن لا يقدر على القتال أو ليس من أهل القتال(84)، ومن لا يقاتلنا تديناً كالرهبان أشبه مَنْ لا يقدر على القتال فلا يُقتلون(85). فالمرأة لا تُقتل؛ لعدم قدرتها على القتال؛ ولهذا لو قاتَلت لقُتِلت فنقيس عليها من لا يقدر على القتال كالشيخ والزَّمِن(86).
‌ب) إنَّ الأصل في الآدمي العصمة؛ ليتمكن من الامتثال والقيام بالتكاليف، وأُبيح قتل بعض النفوس لدفع شرها ولا يحصل إلا بِحرابها، ومن لا يتحقق منه الحراب يبقى على أصل العصمة(87). فالمقصود صلاح الخلق، ومن لا يقاتل، ولا يتأهل عادةً للقتال لا يترتب عليه ضرر كالمقاتل، فرُجِع إلى الأصل وهو المنع(88).
‌ج) أنَّ في استبقاء هؤلاء نفع للمسلمين، إما بإسلامهم، وإما بأخذهم أرقاء، أو مفاداتهم عند من أجاز المفادات بهم(89).

ونوقشت أدلتهم بما يلي:
أولاً: (الاستدلال بالآية)
الاحتجاج بالآية هنا غير مُسَلَّم به؛ وذلك لأنَّ الآية نسخت بقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}(التوبة: من الآية5)(90) فيجب قتل كل مشرك، ما عدا من استثناهم الشارع وهم الرسل والنساء والصبيان(91).
الجواب: أنَّ الآية ليست منسوخة على الصحيح من أقوال المفسرين(92). حيث إنَّه لا تعارض بين الآيتين ولا يصار إلى النسخ إلا عند تعذر الجمع بينهما وهنا أمكن الجمع، فلا نسخ، ويكون المعنى: أننا نقاتل من قاتلنا من الكفار ونكف عن من لا يقاتلنا(93)، ويدل لهذا قوله تعالى: {يُقَاتِلُونَكُمْ}(البقرة: من الآية190) فإنَّ اسم الفاعل لا يكون إلا من اثنين غالباً، كالمشاتمة والمخاصمة، والقتال لا يكون في النساء ولا في الصبيان ومن شبههم كالرهبان، والشيوخ، والزُّمنى، والأجراء، فلا يقتلون(94).

ثانياً: (الاستدلال بالأحاديث)
‌أ) ناقشوا حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – بأمرين:
الأول: أنَّ الحديث ضعيف(95)، فلا يصح به الاستدلال.
الثاني: أنَّه معارض لعموم الكتاب والأحاديث القاضية بقتل كل مشرك حتى يسلم(96).

والجواب عنهما: أنَّ الحديث وإن كان ضعيفاً فإنَّه يتقوى بمجموع طرقه، وبالأحاديث الأخرى الدالة على ذات المعنى(97).
ثم إنَّ العلة في خروج المرأة والصبي من عموم الآيات والأحاديث موجودة في غيرهم وهي: (عدم المقاتلة) فنقيس عليهما(98)، وهذا ما نص عليه الشافعي -رحمه الله- في كتابه الأم حيث قال: " وإنما تركنا قَتْل النساء والولدان بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم ليسوا ممن يقاتل فإن قاتل النساء أو من لم يبلغ الحلم لم يتوق ضربهم بالسلاح....."(99) فنص على أنَّ العلة هي عدم المقاتلة فيقاس عليهما غيرهم ممن لا يُقاتل.
وباجتماع هذه الأمور مِن الأحاديث والأقيسة الصحيحة يقال بتخصيص عموم الكتاب والأحاديث الدالة على قتل جميع المشركين.
‌ب) وناقشوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " ولا تقتلوا شيخاً فانياً..." بما يلي:
(1) أنَّ الحديث ضعيف؛ لأن فيه راوٍ مجهول، وهذا ما قاله ابن حزم(100).
 الجواب: أنَّ هذا غير صحيح فإنَّ من قال عنه ابن حزم- رحمه الله- ذلك قد وثَّقه علماء الجرح والتعديل(101).
وهذا الحديث احتج به بعض كبار المحدثين ولم يرد عنهم ذكر علةٍ فيه(102).

(2) وعارضوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:" اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شَرخهم"(103) حيث إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الشيوخ وهم لا يقاتلون(104).

والإجابة عنه بوجهين:
الأول: أن الحديث ضعيف. وقد ضعَّفه ابن حزم، ورفض الاحتجاج به(105).
الثاني: على فرض صحة الحديث فيحمل المطلق على المقيد فيكون حديث " اقتلوا شيوخ المشركين..."(106) مقيد بالفاني منهم عملاً بحديث ".. ولا تقتلوا شيخاً فانياً.."(107) فيكون المراد في الحديث الأول شيوخ المشركين أهلُ الجلد والقوة، والقدرة على القتال، والإعانة عليه برأي أو تدبير(108).
 ج) ونوقش حديث رباح بن ربيع، وفيه: "...قل لخالد: لا تقتلنَّ ذريَّةً ولا عسيفاً" بما يلي:
ذكر ابن حزم - رحمه الله - لهذا الحديث سندين، أحدهما: فيه راوٍ مجهول(109). والآخر: مرسل(110). فالحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به.
والجواب: ما ذكره عن الراوي المجهول غير صحيح بل قد وثَّقه غير واحد من أهل العلم بالجرح والتعديل(111). والحديث في أقل أحواله أنه حسن. وقد يرتقي بمجموع طرقه إلى الصحيح لغيره.

ثالثاً:(الإجماع)
 وأما إجماع الصحابة فلم أجد من اعترض عليه فيما اطلعت عليه. وقد ناقض ابن حزم- رحمه الله - نَفسَهُ عندما احتج به في: مسألة (عدم جواز عقر الشاة والبعير إلا لمأكلة...) حيث استدل بوصية أبي بكر ليزيد عندما بعثه إلى الشام ثم قال: " ولا يعرف في ذلك من الصحابة مخالف"(112).

رابعاً:نوقشت آثار الصحابة بما يلي:
أمَّا وصية أبي بكر- رضي الله عنه – وردت عليها عدة اعتراضات، وهي كما يلي:
الإعتراض الأول: ذكر ابن حزم –رحمه الله- أنها ضعيفة للانقطاع في سندها(113).
والجواب عنه من وجوه:
الوجه الأول: أنَّ هذا غير صحيح؛ لأن وصية أبي بكر رويت من طرق متعددة وبمجموعها تتقوى، ويصح الاحتجاج بها، فضلاً على أنَّ مِنْ طرق الوصية ما هو صحيح متصل.
الوجه الثاني: أنَّ هذه الوصية محل اجماع من الصحابة باعتراف ابن حزم(114)– رحمه الله.
الوجه الثالث: إذا لم يصح الخبر بطل الاحتجاج به، وابن حزم – رحمه الله – احتج به(115)،كما بُيِّن قريباً.
 
الإعتراض الثاني: ذكر ابن حزم –رحمه الله- أيضاً أنَّه لا يصح الاحتجاج بقول أبي بكر – رضي الله عنه- مع مخالفة غيره له.
والجواب:
 لا يوجد –فيما أعلم- مخالف لأبي بكر في ذلك وهذا باعتراف ابن حزم –رحمه الله- نفسه(116).

الاعتراض الثالث: وهو ما أورده ابن حزم رحمه الله - بأنَّ قول عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- خالف قول أبي بكر –رضي الله عنه- وذلك عندما "كتب إلى أمراء الأجناد أن لا تقتلوا امرأة ولا صبياً، وأن تقتلوا من جرت عليه المواسي"(117). فأمر بقتل كل مشرك جرت عليه المواسي –أي نبت- ولم يستثنِ شيخاً ولا راهباً ولا عسيفاً، ولا أحداً إلا النساء والصبيان، ولا يصح عن أحد من الصحابة خلافه(118)، كيف وهو خبر واحد؟!(119)

والجواب عنه من وجهين:
الأول: أنَّه لا تعارض بينهما، فيمكن حمل المطلق في قول عمر –رضي الله عنه- على المقيد في وصية أبي بكر –رضي الله عنه- فيكون المعنى قتل كل بالغ غير النساء والشيوخ والرهبان....
الثاني: استدلَّ ابن حزم بوصية أبي بكر - رضي الله عنه - في مسألة: عقر الشاة والبعير... وقال: " ولا يعرف ذلك من الصحابة مخالف(120)"، فلا تعارض بين قولهما بناء على ما قاله، وهو مع هذا تناقض منه!

وأما قول جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- فقد اعترض عليه ابن حزم بما يلي:
الأثر إخبار عن حالهم وجملة ما كانوا يعملون، ولم يقل: إنَّ تركهم قتلهم كان في دار الحرب.
ثمَّ إنَّه لو صحَّ أنَّ المراد به أثناء الحرب فليس فيه نهي عن قتلهم، وإنما هو بيان جواز ترك ذلك(121).

والجواب:
إنَّ ظاهر الخبر يدل على أنَّ القتل والقتال إنما هو أثناء الحرب، وأما كون ترك القتل لبيان الجواز ترده الأدلة المصرحة بتحريم قتل الرهبان والشيوخ... ويرده القياس الصحيح على النساء والصبيان(122).

خامساً: (مناقشة الأدلة العقلية)
لم ترد مناقشة صريحة على ما استدل به الجمهور عقلاً، ولكن يؤخذ هذا مِنْ مفهوم كلام المخالفين، وهو: أنَّ ما ذكره الجمهور مخالف لعموم الكتاب والسنة القاضية بقتل جميع المشركين، إلا ما استثناه الشارع وهم الرسل، والنساء، والصبيان(123).
والجواب:
إنَّ هذا العموم خصصته الأدلة الواردة في النهي عن قتل الرهبان، والشيوخ، والزَّمْنى، والسُوقة، شأنها شأن الأدلة الواردة في النهي عن قتل النساء والصبيان. وعلى فرض عدم صحة دليل أحدهم فإنهم يُقاسون على النساء والصبيان في عدم المقاتلة وهذا هو المفهوم من الكتاب، والسنة، وأخبار الصحابة(124).
فنعمل بالقياس الصحيح ونخصصه بالأدلة(125). وأيضاً قول الصحابي إذا لم يخالفه غيرُه فإنه حجة ويُخَص به العموم(126).

 (سبب الخلاف)
الخلاف في هذه المسألة يرجع إلى أحد أمرين:
الأول: معارضة بعض الآثار لعموم الكتاب والسنة. فمن أخذ بها خصص العموم ومن ردها تمسّك بظاهر عموم الكتاب والسنة، وهذا يمكن أن يكون رأي ابن حزم –رحمه الله- حيث إنَّه ظاهري، ينكر القول بالقياس(127).

الثاني: الاختلاف في العلة الموجبة لقتل الكفار، فمن قال: إنها الكفر أمر بقتل كل كافر إلا ما استثناه الشرع. ومن قال: إنها القدرة على القتال استثنى من لم يقدر عليه ومن لم ينصب نفسه إليه، كالفلاح والعسيف(128). وهذه العلة هي الأقرب للصواب ودلَّ عليها حديث النبي - صلى الله عليه وسلم-: "ما كانت هذه تقاتل فيمن يقاتل"(129).

الراجـح:

 بعد هذا العرض لأدلة الجمهور والمخالفين لهم، وما ورد من المناقشة، أجد – والله أعلم- أنَّ قول الجمهور هو الأقرب للصواب، حيث إنَّه جمع بين الأدلة فأخذ بالعام وهو قوله – عز وجل – {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (التوبة: من الآية5) فقالوا بقتل كلِّ مشرك، وقصروا ذلك على المقاتلين عملاً بقوله –تعالى-: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة:190) والأدلة الأخرى التي تنهى عن قتل النساء والصبيان وغيرهم ممن لا يقاتل.
 ثم إنَّ علة قتل الكافر عند الجمهور، وهي "المقاتلة" أقوى من العلة عند المخالفين، وهي: "مجرد الكفر"؛ لأنَّ علة الجمهور دلَّ عليها حديث النبي– صلى الله عليه وسلم –: (ما كانت هذه تقاتل فيمن يقاتل)(130) فاستثنى النساء لعدم القتال، مع أنَّ وصف الكفر موجود فيهن، وكذلك الحال في الصبيان، والشيوخ، والزَّمنى، والرهبان، والسوقة، ممن تنطبق عليهم علة الكفر.
 ثم إذا تذكرنا المقصود الأعظم من الجهاد، وهو إعلاء كلمة الله،حيث إنَّ المقصود من قتل النفوس هو: "صلاح الخلق"، ويحصل هذا بقتل من يقاتل، ويمنع من إظهار الإسلام، لا من اعتزل القتال، أو كانَ غير قادرٍ عليه(131).
وقول الجمهور قال به جمع من المحققين(132)، وهو الذي يعضده الدليل، والمعنى، وأما غيره فإنه متمسك بالظاهر، تاركاً القياس الصحيح، والأحاديث الثابتة.
وبعد هذا يكون الصحيح هو عدم جواز قتل (مَنْ لا يُقاتل ومَنْ لا يتأهل عادةً للقتال).
وأخيراً مما لا خلاف فيه أنَّه يجوز استبقاء هؤلاء، وعند ذلك يجوز للإمام أنْ يمنع قَتْل معتزلي الحرب (المدنيين) بناءً على ما يراه من المصلحة، من باب السياسة الشرعية.

المبحث الثالث: (موزانة بين الإسلام والقانون الدولي في تحريم قتل المدنيين)

قبل ظهور ما يسمى بـ(قانون الحرب) أو (قانون الاحتلال الحربي) – فيما يعرف بتاريخ القوانين - كان من الحقوق المتعارف عليها هو: (حق المقاتل في حرية التصرف) ولذلك يقوم بقتل المدنيين الذين يسكنون في الأماكن المحصنة التي يتم الاستيلاء عليها، والتي كانت تخضع لرحمة المهاجم، وظل الحال هكذا حتى نشأ في القرن الثامن عشر قاعدة عُرفية أقرتها الدول المتحضرة في ذلك الوقت (نهت عن قتل أو مهاجمة أشخاص العدو من المدنيين)(133).
ثم بعد ذلك نشأت قواعد دولية في هذا الشأن، وعند النظر نجد أنَّ هناك نصوصاً عدَّة تؤكد حُرْمة قتلِ المدنيين أثناء الحرب. فبناءً على المراد بالمدنيين في القانون الدولي وهم:"الذين لا يحملون السلاح في وجه العدو ولا يُساهمون في الأعمال الحربية"(134)، فإنَّه يَحرُم في حقهم ما يلي:

1) نصت المادة الثانية والثلاثون من اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين على ما يلي: " يتفق الأطراف الساعون – المتعاقدون على الأخص – على أنَّه من المحظور على أيِّ منهم أن يتخذ إجراءات من شأنها تسبب التعذيب البدني، أو إبادة الأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطته ولا يقتصر على مجرد القتل، أو التعذيب، والعقوبات البدنية، وبتر الأعضاء، والتجارب الطبية أو العلمية التي تقتضيها ضرورات العلم الطبي، ولكنَّه يشمل أيضاً: أيَّ إجراءات وحشية أخرى سواءً مِن ممثلي هذه الدول المدنيين أو العسكريين"(135).

هذه المادة قررت احترام حق الحياة لغير المقاتلين، وبينت ذلك في عدة أمور هي:
1) حضر القتل لكل من لا يقاتل (المدنيين).
2) المنعُ مِن الإهمال –بأي شكل كان- المؤدي إلى الموت.
3) عَدَم جواز استخدام وسائل التعذيب والعنف مطلقاً في جميع أشكاله.
4) منع العقوبات التي تعتبر نوعاً من أنواع التعذيب.
5) عدم جواز بتر الأعضاء أو غير ذلك للقيام بالتجارب الخاصة بعلم الحياة.
وقررت كذلك المادة السابعة والأربعون بعد المائة من الاتفاقية ذاتها المنع من ارتكاب مخالفات ضد المدنيين من القتلِ، أو التعذيبِ، أو معاملةٍ بعيدة عن الإنسانية(136).

وسبق هذه الاتفاقية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في ديسمبر 1948م فقرر في المادة الثالثة ما يلي:
"لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه"(137)، وهذا الإعلان يقرر حقوق الإنسان سواءً في زمن السِّلم أو الحرب.
وكذلك نصت الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، الصادرة في نوفمبر عام 1950م في المادة الثانية، الفقرة الأولى على ما يلي: "يحمي القانون حق كلِّ إنسان في الحياة"(138).
وبعد هذا نجد أنَّ القانون الدولي قد وافق قول الجمهور من أهل العلم في منع قتل من لا يقاتل (المدنيين) ولكنْ يبقى الفضل والسبق للشريعة الربانية، وفقهائها؛ وذلك أنَّها عالجت الموضوع قبل الاتفاقيات المعاصرة بأكثر من أربعة عشر قرناً، وهكذا فعل المسلمون فأسهموا في المحافظة على أرواح أعدائهم من المدنيين الذين لا يشاركون في القتال، ويعتزلونه؛ لأنَّ حرب المسلمين غايتها ونبراسها ومنهجها هو إعلاء كلمة الله، ودخول النَّاس في دين الله؛ ولهذا يُقتل من وقف في وجه ذلك، ويُترك من اعتزل القتال، والله – تعالى - أعلم.

التطبيق العملي لمبدأ تحريم قتل المدنيين الحربيين في الوقت الحاضر:
من الأعمال الشنيعة التي لا يمكن لأحدٍ إنكارها قيام القوات الأنجلو أمريكي (بريطانيا وأمريكا) بقتل المدنيين (غير المقاتلين) العراقين، أثناء حربهم على العراق دون وجود أسباب تسوغ القيام بذلك العمل - التي ستأتي إن شاء الله في المبحث التالي.
فلقد نشرت صحيفة (فيليج فويس) الأمريكية: أنَّ العدد الحقيقي للقتلى العراقيين المدنيين منذ بداية الغزو الأنجلو- أمريكي في 20-3-2003م، اقترب من (أربعين ألفاً). واستندت الصحيفة الأسبوعية في تقديرها على دراسة ميدانية قام بها مئات الأفراد من كوادر (حزب الحرية العراقي) الجديد، استمرت لخمسة أسابيع قابلوا خلالها الحانوتية والمسئولين في المستشفيات العراقية، والمواطنين العراقيين العاديين، وتوصلوا في النهاية إلى تقرير جاء فيه أن الرقم الإجمالي للقتلى من المدنيين العراقيين منذ بداية الغزو وصل لحوالي (37 ألفًا و137 قتيلاً)(139).
وذكرت صحيفة (كريستيان ساينس مونتور الأمريكية)، أنَّ الدلائل تتزايد على أن عدد المدنيين الذين لقوا حتفهم من جراء الغزو الأنجلو أمريكي للعراق قد يتراوح بين (5 و10 آلاف)، وأنَّ نسبة القتلى من العسكريين الأمريكان إلى القتلى من المدنيين العراقيين تصل لحوالي 1 إلى 66، واستندت الصحيفة في تقرير نشر على موقعها على الإنترنت الخميس 22-5-2003 إلى إحصاءات مستقلة قامت بها عدة هيئات أهلية ودولية، وتوقعت أيضًا ارتفاع عدد القتلى من المدنيين العراقيين عن هذه الحصيلة التقديرية(140).‏‏
وقد كشفت دراسة أجرتها (مجموعة بحثية أمريكية): أنَّ ما يصل إلى (15 ألف عراقي) لقوا حتفهم أثناء العمليات العسكرية الكبرى في الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق، في شهر مارس 2003م، من بينهم نحو (4300عراقي مدني).واستندت تقديرات الدراسة - التي قامت بها مؤسسة (بروجكت أون دفنس ألترناتيفز) الأمريكية، ونشرت الثلاثاء 28-10-2003م - إلى مراجعة البيانات الخاصة بسير العمليات العسكرية أثناء الحرب، والتقارير الصحفية القادمة من ميدان المعركة، ومسح للمستشفيات العراقية(141).
وكذلك فقد استنكرت (منظمة العفو الدولية) قيام القوات الأمريكية والبريطانية - التي تخوض حربًا ضد العراق - بقتل عشرات المدنيين العراقيين، مؤكدة على ضرورة محاكمة أي جندي أمريكي أو بريطاني يشتبه في تورطه في مثل تلك الجرائم. وكذلك فقد أدانت القوات الأمريكية والبريطانية لاستخدامها (القنابل العنقودية) والمحرمة دولياً، حيث إنَّها تنفجر أربعين مرة بطريقة عشوائية تهدد بذلك السكان المدنيين(142).
وبهذا يتبين لنا مدى خرق القوات الأمريكية والبريطانية لكلِّ القواعد والأعراف الدولية - فضلاً عن وجود أخلاق إنسانية، أثناء حربها على العراق. فأقل الإحصاءات – وهي دراسة أمريكية – تقول إنَّ عدد القتلى المدنيين هو: (4300 قتيل)، وهذا مع التقدم الهائل في مجال تهديد أهداف القصف، ولنفرض أنَّ هؤلاء القتلى أصيبوا نتيجة قربهم من أهداف عسكرية - مع استحالة هذا الأمر عقلاً في الوقت الحالي، فماذا نقول عندما يستهدف القصف المستشفيات والمجمعات الطبية؟! وهذا بناء على ما أكدته (منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة) مِن أنَّ القصف الأمريكي استهدف المنشآت الصحية(143).
{فإنَّا لله وإنّاَ إليه راجعون ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم}
 المبحث الرابع: (الحالات التي يجوز فيها قتل المدنين الحربيين في الإسلام)
والحالات كالتالي:
أولاً: (حالة المشاركة في القتال)
إذا شارك المدنيون الحربيون في القتال حقيقة أو معنى، فإنه يجوز قتلهم، وهذا مذهب عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين والمذاهب الأربعة وابن حزم وابن المنذر، ولا يعرف في ذلك مخالف(144).
وورد عن المالكية بترك قتل النساء والصبيان بعد حال المقاتلة وأخذهم بعد ذلك أسرى(145)، وقال بعضهم: لا يقصد قتل النساء والصبيان إلا إذا باشروا القتال وقصدوا إليه(146).
 والأدلة على هذه الحالة كالآتي:
أولاً: (من الكتاب)
قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة:190)، وقال تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} (البقرة: من الآية191) حيث إنَّ العموم في الآيتين قضى بقتال كل من قاتل، فيدخل في هذا النساء والصبيان وغيرهم إذا قاتلوا(147)، وفي أي مكان وجدوا(148).
ثانياً: (من السنة)
‌أ) حديث ابن عباس رضي الله عنهما: " أنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- رأى امرأة مقتولة فقال:ألم أَنْهَ عن قتل النساء، من صاحبها؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله أردفتُها فأرادت أن تصرعني فتقتلني فقتلها، فأمر بها أن تُوارى ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم "(149).
وجه الدلالة:
أنَّ المرأة منهي عن قتلها، ولكن إذا باشرت بالقتال أو قصدته فقد أصبحت مقاتلة فتقتل(150).
‌ب) حديث رباح بن الربيع رضي الله عنه قال: " كنَّا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم – في غزوة فرأى الناس مجتمعين في شيء فبعث رجلاً فقال: انظر علام اجتمع هؤلاء؟ فرجع فقال: على امرأة ٍ قتيلٍ فقال: ما كانت هذه تقاتل...الحديث(151).
وجه الدلالة: دلَّ الحديث بمفهومه انَّ المرأة إذا قاتلت قُتلت حيث إنها أصبحت من أهل القتال وكل من كان كذلك قتل(152).

ج) حديث أبي موسى الأشعري(153)- رضي الله عنه – قال: لمَّا فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من حنين بعث أبا عامر(154) (155) على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمَّة(156) فقتل دريد وهزم الله أصحابه.."الحديث(157)، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم قتله(158).

وجه الدلالة:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أقََّرَ أبا عامر على قَتلِ دُريد بن الصمَّة وكان شيخاً مجرباً في الحرب، يتيمن برأيه، فقتل لمُعاونته المشركين بالرأي، وكل من قاتل أو عاون على القتل حقيقة أو معنى قُتل(159).

ثالثاً: (الإجماع)
نقل ذلك غير واحد من أهل العلم على أنَّ من قاتل من النساء، أو الصبيان، أو المشايخ أو الرهبان أو غيرهم.... قُتل ولا يُعلم في ذلك خلاف(160).
رابعاً: (من المعقول)
‌أ) من نهينا عن قتله لم يقتلوا عادةً؛ لأنهم لا يقاتلون، فإذا زال عنهم هذا الوصف وأصبحوا من المقاتلين جاز لنا قتلهم(161).
‌ب) قد يكون بعض من نُهينا عن قتله لا يقدر على القتال، ولكن ربما كان أثره على القتال أعظم ممن يقاتل، خصوصاً من يُفاد من رأيه، أو تحريضُهُ كالنساء فقد كنَّ يخرجن ناشراتٍ شعورهنَّ مثيراتٍ للقتال معيِّراتٍ للفُرَّار، فلذلك أُبيح قتل من هذه حاله(162).

ثانياً:(حالة تبييت العدو)
تعريف البيات:
البيات هو: فعل الشيء ليلاً(163)، والمراد من تبييت العدو: كبسهم والإغارة عليهم ليلاً وهم غافلون حيث لا يُعرف الرجل من المرأة والصبي(164).
حكمها:
اتفق عوام الفقهاء على جواز تبييت العدو، والإغارة عليهم ليلاً، حتى لو أدى ذلك إلى قتل النساء والصبيان.. وذلك إذا لم يتعمدوا ولم يقصدوا قتلهم(165)، ولم يكن في بلد أو حصن الكفار مسلم(166).
 قال الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله-:" لا بأس بالبيات، وهل غزو الروم إلا البيات؟! قال: "ولا نعلم أحداًً كره بيات العدو"(167). وقال أيضاً: "وأما أن يتعمد قتلهم فلا"(168).
واستدلوا بما يلي:
الدليل الأول: حديث الصعب بن جثامة(169)، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الذراري من المشركين يُبَيَّتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم، فقال: "هم منهم". وفي رواية سئل عن أهل الدار يُبَيَّتون من المشركين" وفي رواية "هم من آبائهم"(170).
وجه الدلالة: دلَّ الحديث على جواز قتل النساء والصبيان (المدنيين) وذلك في حالة التبييت، والإغارة عليهم ليلاً، ولكن بشرط عدم قصدهم وتعمد قتلهم(171)، وهذا معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "هم منهم"، أي:" إذا لم يمكن الوصول إلى الآباء إلا بوطء الذرية فإذا أُصِيبوا لاختلاطهم بهم جاز ذلك "(172).

الدليل الثاني: حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنَّّ النبي صلى الله عليه وسلم أغارَ على بني المصطلق وهم غارّون آمنون، وإبِلُهم تسقى على الماء فقتل المقاتلة وسَبََى الذرية(173).

وجه الدلالة:
دلَّ الحديث على وقوع الإغارة من النبي - صلى الله عليه وسلم - والإغارة يكون معها قتل للنساء والصبيان، فدل ذلك على جواز ذلك في هذه الحالة مع عدم تعمد قتلهم(174).
 ثم إنَّ الآثار في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم – بالغارة على العدو بلغتْ حدَّ التواتر(175)

الدليل الثالث:
استدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المجانيق على أهل الطائف(176).
ووجه الدلالة:
حيث إنَّه - صلى الله عليه وسلم - رمى بالمنجنيق على أهل الطائف مع وجود غير المقاتلة معهم، فدل ذلك على الجواز إذا لم يكن القصد غير المقاتلة (المدنيين) حتى لو أدى إلى إتلافهم(177).

الدليل الرابع: استدلوا عقلاً بما يلي:
إنَّ القصد من الإغارة وغيرها كالرمي بالمنجنيق هو إضعافهم وكبتهم وكسر شوكتهم حتى يجيبوا داعي الله. وهذا من الضرورات التي يقتضيها القتال؛ حيث إنَّ حصون الكفار لا تخلوا من وجود النساء والأطفال، فلو تركنا رميهم لأجل النساء والأطفال بطل الجهاد وتعطل(178). وهذا "محفوظ مشهور من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته، لم يزل المسلمون والسلف الصالح من أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – في حصون الأعاجم قبلنا على ذلك، لم يبلغنا عن أحد منهم أنَّه كف عن حصنٍ برميٍ ولا غيره من القوة؛ لمكان النساء والصبيان، ولمكان من لا يحل قتله لمن ظهر منهم"(179).
وقد يقول قائل: ما ذنب، أو بأي حق يُقتل هؤلاء (النساء والصبيان...)؟! والجواب عن هذا: أنَّه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، فقد يكون الشيء محرماً لذاته ثم يباح مع غيره للحاجة ولا ينفرد هو بالحكم، ولهذا يقول الفقهاء:" التابع تابع" أو "يغتفر في الشيء ضمناً ما لا يُغتفر فيه قصداً " أو "يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها "(180) وهذه المسألة تندرج تحت هذه القاعدة(181) ، فيكون النهي خاصاً على من قصد وتعمد ذلك وفي هذا يقول ابن عبد البر –رحمه الله - بعد ما رجَّح أنَّ حديث الصعب بن جُثامة – رضي الله عنه – مخصوص بالغارة على الكفار، وترك قصد قتل النساء، والصبيان، ونحوهم ممن لا يحل قتلهم: " ومِن جهة النظر لا يجب أنْ يتوجه النَّهي إلا إلى القاصد؛ لأنَّ الفاعل لا يَستَحِقُ اسم الفعل حقيقة دون مجاز إلا بالقصد والنية والإرادة، ألا ترى أنَّه لو وجب عليه فعل شيء ففعله، وهو لا يريده، ولا ينويه، ولا يقصده، هل كان ذلك يجزي عنه من فعله أو يسمى فاعلاً له؟ وهذا أصل جسيم في الفقه فافهمه " أ.هـ.(182)
مطلب: هناك تعارض ظاهري بين نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان. وبين ما صح عنه أيضاً من جواز الإغارة على العدو حتى لو أدى ذلك إلى قتل النساء والصبيان وغيرهم ممن لا يحل قتلهم..
يُقال: أجاب عن هذا بعض أهل العلم بما يلي:
أولاً: أنَّ حديث الصَّعب بن جثامة –رضي الله عنه- ناسخ لأحاديث النهي عن قتل النساء والصبيان؛ لكونه متأخر فيجوز قتلهم، وهذا القول غريب وضعيف.
ثانياً: أنَّ حديث الصَّعب بن جثامة –رضي الله عنه- منسوخ بأحاديث النهي عن قتل النساء والصبيان (المدنيين)(183).
ثالثاً: أنَّ أحاديث النهي عن قتل النساء والصبيان عامَّة، خُصَّ هذا النهي في حال الإغارة على العدو، فإنه يجوز ذلك تبعاً لا قصدا، وهذا لحديث الصَّعب بن جثامة –رضي الله عنه- فيكون حديث الصَّعب مُخَصصاً للعموم لا ناسخاً،و لا منسوخاً(184).

الحالة الثالثة: حال تترس الكفار بمن لا يحل قتله (المدنيين)

تعريف التترس:
التترس: (التُرس) بالضم من السلاح المُتوقى بها، والتترس بالترس: التوقي، والتستر به. فالتترس هو: التوقي، والتستر بالشيء(185).
وعند الفقهاء: مستعمل بهذا المعنى، حيث إنَّهم يذكرون التترس بمن لا يحل قتله، والمراد من ذلك: التوقي والتستر بهم، حتى لا يُقتلوا، كما لو تترسوا بالمسلمين(186). وصرَّح المالكية بمعنى التترس فقالوا: "وإن اتقوا بالذرية"(187).

حكمها (عند الضرورة):
اتفق الفقهاء على جواز قتل من لا يحل قتله من الكفار كالنساء، والصبيان، والشيوخ، وغيرهم.. (المدنيين) في حال تترس الكفار بهم، ويُقصد المقاتِلة، وذلك عند الضرورة، كما في حال التحام الحرب، أو تترسوا في قلعة ولم يمكن فتحها إلا بذلك، أو في حال خوفٍ على المسلمين إذا تُرِك قتالهم، وكانوا متترسين بهم(188).
الأدلة على هذه الحالة:
 أولاً: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نصب المجانيق على أهل الطائف(189).

وجه الدلالة:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نصب المجانيق على أهل الطائف ولا يخلوا الحال من وجود نساء وأطفال في الطائف، فدل ذلك على جواز الرمي عند التترس بهم(190).

ثانياً: حكى ابن الهمام الإجماع في مسألة جواز قتل من لا يحل قتله من الكفار (المدنيين) وذلك إذا تحصَّنوا في مدينة أو حصن(191).

ثالثاً: أنَّا إذا تركناهم والحال هذه أدَّى ذلك إلى تعطيل الجهاد، والإضرار بالمسلمين لأنَّهم متى علموا ذلك تترسوا بهم عند خوفهم، فينقطع الجهاد(192).

حكمها (في غير الضرورة وعند وجود الحاجة):
والحاجة هنا مثل: تترسُهم بالذراري، ولم تكن الحرب ملتحمة(193).
اخُتلف فيها على قولين:
القول الأول: ظاهر مذهب الحنفية، وهو القول الراجح عند الشافعية، وقول الحنابلة، أنَّه يجوز قتلهم ورميهم بالمنجنيق في حال تترس الكفار بمَن لا يحل قتله (المدنيين)، ولو لم تكن هناك ضرورة، كأنْ لم تكن الحرب ملتحمة(194).
واستدلوا بالآتي:
أ- (من السنة) أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتحيَّن بالرَّمي على الكفار حال التحام الحرب(195)، وذلك عندما نصب المجانيق على أهل الطائف.

ب- (من المعقول) أنَّ في قصر ذلك على حال الضرورة يؤدي إلى أن يتخذوا ذلك ذريعة إلى تعطيل الجهاد،أو حيلة منهم لاستبقاء القلاع لهم، مكراً منهم وخديعة، متى ما علموا أنَّ ذلك من شرعنا، تترسوا بهم (المدنيين) عند خوفهم. وفي ذلك فساد عظيم(196).
القول الثاني: لا يجوز رمي الكفار، ولا إصابتهم إذا تترسوا بمَن لا يحل قتله (المدنيين)، وهو مذهب المالكية(197)
واستدلَّ من قصر ذلك على (حال الضرورة) بالآتي:
أنَّه صح عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن قتل النساء والصبيان، ولا يباح المحرم إلا في حال الضرورة ولا ضرورة هنا(198).
ويجاب عن ذلك بما يلي:
الحاجة العامَّة أو المصلحة العامَّة تنـزل منزلة الضرورة(199). والحال هنا تتعلق بمصلحة عامَّة للمسلمين تقتضيها الحرب. فلو علم العدو بما في شرعنا لأخذ بالحيلة، وتُترس بمن لا يحل قتله (المدنيين)(200).
الترجيح:
فعلُ النبي - صلى الله عليه وسلم - نص في هذه المسألة حيث نصب المنجنيق على أهل الطائف ولم تكن ضرورة. فدل ذلك على جواز الرمي ونحوه على الكفار حال تترسهم من تقييد بحال لو أدى ذلك إلى إتلاف (المدنيين) ولكنْ مِنْ غير قصدٍ لهم، كما سبق ذلك في حال الإغارة عليهم. ومِن ثَمَّ فإنَّ عمل النبي صلى الله عليه وسلم في الرَّمي لم يرد أنََّه كان مقصوراً على حال الضرورة، ولكنَّ الحاجة العامَّة المتعلقة بالمسلمين تكون في منزلة الضرورة إنْ لم تكن أعظم، وحال الحرب تقتضي ذلك، ومِن هُنا فإنَّ قول المجيزين هو الأقرب للصواب والله تعالى أعلم.

الحالة الرابعة: (كونُ أحدِ مَنْ لا يحل قتلُه مِن الكفار مَلِكا ًوإنْ لم يُقاتِل)
هذه الحالة نصَّ عليها الحنفية فقالوا: " نهينا...وعن قتل امرأة وغير مكلف وشيخ فانٍ وأعمى ومقعد...إلا أن يكون أحدهم مَلكاً أو مقاتلاً أو ذا رأي"(201) وقالوا: إذا كان في قتله مصلحة وإن لم تكن مصلحة فلا يُقتَل إلا أن يقاتِل(202).
واستدلوا بأمرين:
الأول: أنَّ في قتل الملِك كَسرٌ لشوكتِهم، وإزالة ضررهم عن المسلمين.
الثاني: إذا كان يجوز قتل صبيان المشركين لمصلحة المسلمين كما في حال الإغارة والتترس فيقتل من لا يحل قتله (المدنيين)، إذا كان أحدهم ملكاً لثبوت المصلحة في ذلك(203).
وهذا القول من الحنفية له حظٌ من النظر خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بمصلحة المسلمين وقد يدخل ضمن الحالة الأولى وهي المشاركة معنىً لا فعلاً في القتال. والله تعالى أعلم.

المبحث الخامس:(الحالات التي يجوز فيها قتل المدنين الحربيين في القانون الدولي)
عند النظر والموازنة بين الحالات التي يجوز فيها قتل المدنيين الحربيين في الإسلام، وبين القانون الدولي، نجد أنَّهم متفقون فيها جملةً، والتفصيل فيها كالآتي:

أولاً: (حال المشاركة القتال):
من خلال الوصف الذي أضفاه القانون الدولي على (المدني)نجد أنَّ من يقوم بالمشاركة في القتال قد سلب هذا الوصف منه، وإذا وقع في قبضة العدو فإنَّه يعطى وصف (أسير حرب)؛ ولذا يخضع لأحكام قانونية دولية خاصة به وهي:
(اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بمعاملة أسرى الحرب والموقعة في أغسطس 1949م) وبالتالي فإنَّهم لا يعتبرون أشخاصاً مدنيين تحميهم اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب والموقعة في أغسطس سنة 1949م. وذلك طبقاً لنص الرابعة من الاتفاقية الثالثة الخاصة (بأسرى الحرب)، فالمقصود بأسرى الحرب في الاتفاقية يتناول عدة أصناف ومهم كالآتي:
1) أفراد القوات المسلحة التابعون لأحد أطراف النزاع، ويلحق بهم المتطوعون الذين يعتبرون جزءاً منها.
2) المتطوعون للقتال الذين لا يدخلون وفق قانون دولتهم ضمن أفراد القوات المسلحة، وهؤلاء يعاملون كأسرى حرب بالشروط التالية:
أ) أن يكون تحت قيادة قانون مسؤول عن مرؤوسيه.
ب)أن تكون لهم علامة خاصة بهم تميزهم عن غيرهم.
ج) أن يحملوا السلاح بشكل ظاهر.
 د) أن يلتزموا في قتالهم بقوانين وعادات الحرب.
3) أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون ولاءهم لحكومةٍ أو سلطةٍ لا تعترف بها الدولة الحاجزة.
4)  الأشخاص (المدنيون) الذين يرافقون القوات المسلحة دون أن يكونوا في الواقع جزءاً منها. مثل المرافقين لملاّحي طائرة حربية، ومتعهدي التموين، والمختصين بترفيه القوات المسلحة...
5)  أفراد طاقم البواخر..
 6) سكان الأراضي غير المحتلة (المدنيون) الذين يحملون السلاح باختيارهم عند اقتراب العدو(204).

والخلاصة:
يعنينا مما سبق الفقرة الثانية، والرابعة، والسادسة، من المادة الرابعة، حيث إنَّ الاتفاقية جعلت مَنْ هم في الأصل (مدنيين) أسرى حرب حال قبض العدو عليهم، شأنهم شأن المقاتلين النظاميين (أفراد القوات المسلحة) إذا شاركوا في القتال. وهؤلاء هم (المتطوعون الذين هم جزء من القوات المسلحة أي النظاميون) وَ (المرافقون للقوات المسلحة) وَ (المدنيون الذين يحملون السلاح باختيارهم) فإنَّهم يُؤخذون حكم (أسرى حرب)(205). وأما في الإسلام فإنهم يعاملون معاملة المقاتلين كما سبق بيانه.

ونصت المادة الواحدة والخمسون في الفقرة الثالثة من الملحق (البروتوكول) الإضافي الأول إلى اتفاقية جنيف الموقعة عام 1977م على ما يلي:
"يتمتع الأشخاص المدنيون بالحماية التي يوفرها هذا القسم ما لم يقوموا بدور مباشر في الأعمال العدائية "(206).
فهذه المادة قرت بشكل واضح ومباشر تغير وصف المدنيين في حال قيامهم بأعمال عدائية تكون دليلاً على المشاركة في القتال.
وكذلك يعتبر القانون الدولي رئيس الدولة، والمستشارين، وكل من شارك في الحرب معنىً، ولو برأيه، اعتبرهم محاربين، ويعاملون معاملة أسرى الحرب.(207)

ثانياً: (حال الإغارة على العدو)
أجاز القانون الدولي الإغارة على العدو وضرب تحصينات المدينة، ولو تعدى الأمر إلى ضرب المدينة نفسها؛ لما يترتب على تهديم الأبنية والمساكن وإصابة السكان من الضغط على القوات المدافعة وحملها على التسليم(208). ولكنَّ القانون قرر اتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد إصابة السكان المدنيين(209).

ثالثاً: (حال التترس بالمدنيين)
نص القانون الدولي على عدم جواز اتخاذ السكان المدنيين أو الأشخاص المدنيين وسيلة لحماية نقاط أو مناطق معينة ضد العمليات العسكرية، وكذلك اتخاذهم وسيلة لدرء الهجمات عن الأهداف العسكرية أو تغطيتها(210).
ونصَّ كذلك على أنَّ الأماكن المدنية من مساكن، ومدارس، وأماكن عبادة إذا ثار الشك حول استخدامها لأعمال عسكرية، فإنَّه من المفترض أنْ لا تستخدم كذلك(211).
وبعد هذا نص القانون الدولي على أنَّه في حالة خرق هذه المحظورات من قبل أطراف النزاع تجاه المدنيين، لا يعفيهم ذلك من التزاماتهم القانونية تجاه المدنيين، وهي أخذ الاحتياطات اللازمة حيالهم بأن تكون مواقع الهجمات العسكرية، واختيار أساليب، ووسائل هجومية تُجنب الخسائر في أرواح المدنيين، وتوجيه إنذار لهم بأن الهجمات قد تمس السكان المدنيين مالم تحل الظروف دون ذلك(212).
وبعد هذا العرض يظهر لي، أنَّ القانون يجيز الهجمات ضد المواقع العسكرية، وإذا تمَّ تترس العدو بالمدنيين في هذه المواقع فإنه تجوز مهاجمتها؛ لأنها تعتبر حال ضرورة(213). ولكنْ بأخذ الحذر والحيطة حيال المدنيين، وتجنب أقل الخسائر فيهم. وألاَّ يكون المدنيون مقصودين بالهجوم؛ ولذلك نصت الفقرة الخامسة من السابعة والخمسين من الملحق الإضافي، بعدما عرضت الاحتياطات اللازمة ضد المدنيين، على أنَّه " لا يجوز تفسير أي من أحكام هذه المادة بأنَّه يجيز شن أي هجوم ضد السكان المدنيين أو الأشخاص المدنيين.."(214).
والخلاصة: فإنَّ القانون الدولي نص على جواز الهجمات العسكرية ويظهر ذلك من خلال مجموع نصوص المواد (51) و (52) و (57) و (58) من الملحق الإضافي الأول، ولا تتعرض الدولة المحاربة للسكان المدنيين إلا عند الضرورة القصوى، وفي حدود معينة(215)، وأخذِ الاحتياطات اللازمة المنصوص عليها في المادة (57) و (58) من الملحق، وأنْ لا يكون المدنيون هم المعنيين بالهجوم(216).

فائدة:
يظهر لنا مدى عظمة الشريعة الإسلامية حيث اعتبرت النية في مسألة تترس الكفار بغير المقاتلين (المدنيين) فأجازوا قتلهم تبعاً لا قصداً، أي: أن لا يكونوا هم المعنيين بالقتل، ولكن لو حصل قتلهم، تبعاً لغيرهم جاز ذلك، وهذا يرجع إلى نية المقاتل وقصده؛ لأنَّه ممكن ومقدور عليه في حقه، وما هذا إلا دليل على رحمة الإسلام بالعالمين، وسبقه لكل القوانين.

________________
(1) ينظر فتح القدير: ابن الهمام: 5/453. والبحر الرائق: ابن نجيم: 5/84. و حاشية ابن عابدين: 6/213. والسير: الشيباني: 1/249. والمبسوط: السرخسي: 10/29. وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/163.
(2) ينظر المدونة الكبرى: الإمام مالك: 3/6. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/342. والذخيرة: القرافي: 3/227، 228. والثمر الداني: الآبي الأزهري: ص 414. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/543.
(3) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/177، 178. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/18. والمبدع: ابن مفلح: 3/322.
(4) ينظر المهذب: الشيرازي: 2/234.و(المنهاج) شرح صحيح مسلم: النووي: 12/276. وروضة الطالبين: النووي: ص 1803. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/65.
(5) ينظر الأم: 4/240. وهو القول المرجوح عنه.
(6) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/175-177.
(7) ينظر مادة (رَسَل) في لسان العرب: ابن منظور: 11/284.
(8) ينظر نحو هذا في حواشي الشرواني: 9/241. وعون المعبود: العظيم آبادي: 7/314.
(9) ينظر مادة (شَيَخ) في القاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص 254. ولسان العرب: ابن منظور: 3/310.
(10) ينظر مختار الصحاح: الرازي: ص 291.
(11) ينظر حاشية ابن عابدين: 6/213. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/543. وعون المعبود: العظيم آبادي: 7/237.ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الثانية: 1415هـ.
(12) ينظر مادة (زَمَن) في القاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص 1203. وينظر المبسوط: السرخسي: 10/137. والمغني: ابن قدامة: 13/180.
(13) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/163. والمبسوط: السرخسي: 10/137. وفتح القدير: ابن الهمام:5/453. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/342 ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/543. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/65. والمغني: ابن قدامة: 13/180.والإقناع: الحجاوي: 2/73.
(14) ينظر النهاية في غريب الأثر: الجزري: 2/281. والأم: الإمام الشافعي: 4/240. و البحر الرائق: الدمياطي: 5/84. والمغني: ابن قدامة: 13/178.
(15) النهاية في غريب الأثر: الجزري: 2/281.
(16) ينظر القاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص 896.
(17) فتح الباري: ابن حجر: 9/448.
(18) الوسيط: لأبي حامد الغزالي:7/21.ط.دار السلام، القاهرة، الأولى: 1417هـ. وحواشي الشرواني: 9/241. وروضة الطالبين: النووي: ص 1803. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/65.
(19) المحلَّى: ابن حزم: 7/215،216.
(20) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/345. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/543. وروضة الطالبين: النووي: ص 1803.و المحلَّى: ابن حزم: 7/215.
(21) الذخيرة: القرافي: 3/229. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/544. والأم: الإمام الشافعي: 4/240.
(22) روضة الطالبين: النووي: ص 1803. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/65.
(23) أحكام القرآن: ابن العربي: 1/150. و الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/347. والذخيرة: القرافي: 3/229.
(24) أحكام القرآن: ابن العربي: 1/150. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/347. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/342.
(25) الأحكام السلطانية: علي بن محمد الماوردي: ص 90. ط. دار الكتاب العربي، بيروت، الثانية: 1415هـ، ت. خالد العلمي.
(26) النهاية في غريب الأثر: الجزري: 3/236.
(27) المرجع نفسه.
(28) الأحكام السلطانية: الماوردي: ص90. و النهاية في غريب الأثر: الجزري: 5/190.
(29) ينظر مادة (وَصَف)في لسان العرب: 3/470. ومختار الصحاح: الرازي: ص203.
(30) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 1/342
(31) ينظر المهذب: الشيرازي: 2/234.و(المنهاج) شرح صحيح مسلم: النووي: 12/276. وروضة الطالبين: النووي: ص 1803. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/65.
(32) ينظر الإقناع: ابن المنذر: 2/464. وسبقت ترجمته ص 15.
(33) ينظر المحلَّى: ابن حزم: 7/215. وسبقت ترجمته ص 15.
(34) نص على ذلك ابن حزم في المحلَّى: 7/215. وأمَّا الشافعية فيؤخذ هذا من مفهوم قولهم حيث إنهم نصوا على: (جواز قتلهم دون الوجوب) فيستفاد من ذلك القول بجواز استبقاءهم. ينظر روضة الطالبين: النووي: ص1803. وفتح الوهاب:أبو يحيى محمد زكريا الأنصاري: 2/300. ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى: 1421هـ.ومغني المحتاج: الشربيني: 6/65.
(35) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد:1/342.والمهذب: الشيرازي: 2/233،234. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/65. وفتح الوهاب: الأنصاري: 2/300. والمغني: ابن قدامة: 13/177. والإقناع: ابن المنذر: 2/464. والمحلَّى: ابن حزم: 7/215.
(36) ينظر فتح القدير: ابن الهمام: 5/453. وبدية المجتهد: ابن رشد: 1/342. والمهذب: الشيرازي: 2/233، 234. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/65.
(37) الإقناع: 2/464.
(38) سبق تخريجه.
(39) ينظر الأم: الإمام الشافعي: 4/238. وبدية المجتهد: ابن رشد 1/342.
(40) الشَّرْخُ: يطلق على أول الشباب. ينظر مادة(شَرخ) في القاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص 254. والمراد هنا: الصبيان، ومن لم يبلغ مبلغ الرجال. والمراد بالشيوخ هنا: الرجال المسان أهل الجلد والقوة على القتال لا الهرمى. ينظر عون المعبود: العظيم آ بادي: 7/237.
(41) (2) رواه أبو داود واللفظ له: 3/122. ح(2670). والترمذي في الجامع الصحيح:4/123.ح(1583). ط. دار الكتب العلمية، بيروت، ت. أحمد شاكر – كمال الحوت. والحديث ضعيفٌ لأنّ فيه الحجاج بن أرطأة، وهو ضعيف. وأيضاً لانقطاعه ما بين الحسن وسمرة، حيث إنَّ الحسن مدلّس وقد عنعن. وقد ضعفّ الحديث ابن حزم في المحلَّى: 7/216. وينظر نصب الراية: الزيلعي: 3/386.
(42) ينظر فتح القدير: ابن الهمام: 5/453. بدية المجتهد: ابن رشد: 1/342. والمغني: ابن قدامة: 13/177.
(43) والحادثة هذه رواها أبو داود، ينظر عون المعبود: 12/52. ح (4393). والترمذي: 4/132.ح(1584). قال الترمذي: "حديثٌ حسن صحيح".وابن ماجه: 3/217.. وصححه الحاكم وقال: على شرط الصحيح. وصححه الحافظ ابن حجر.ينظر المستدرك: الحاكم: 3/37.وتلخيص الحبير:ابن حجر: 3/42.
(44) العَرَضُ: الناحية من الجبل وغيره. ينظر مادة(عَرَضَ) في القاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص 645.
(45) المحلَّى: ابن حزم: 7/217.
(46) هذا التعليل مأخوذ من كلام الإمام الشافعي - رحمه الله - في الأم، حيث إنَّه ذكر أنَّه ترك قتل الرهبان وأهل الصوامع اتباعاً لقول أبي بكر – رضي الله عنه – في وصيته ليزيد، ولا يقيس عليهم غيرهم، لا لأنَّه في معنى مَن لا يُقاتل، ولو صح هذا الأمر لترك قتل المرضى وهو لا يقول به. ينظر الأم: 4/240.وقد ذكر العلة ابن الهمام في فتح القدير: 5/453. وفخر الدين الزيلعي في تبيين الحقائق: 3/245. وابن تيمية في مجموع الفتاوى: 28/354. وذكر ابن رشد ذلك في كونه سبب الخلاف في الجملة، فالعلة عند الجمهور إطاقة القتال، وعند الإمام الشافعي وغيره هي الكفر. ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 1/343. ولهذا كما سبق بيانه يجعلون العلة في النهي عن قتل النساء والصبيان هي: كونهم مالاً للمسلمين فقط، وما عداهم لا نفع فيه فيقتل. ينظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/354.
(47) ينظر المغني: لابن قدامة: 13/ 177. المبدع: لابن مفلح: 3/322.
(48) سبق تخريجه.
(49) ينظر المغني: لابن قدامة: 13/177.
(50) ينظر المرجع نفسه.
(51) ينظر المغني: لابن قدامة: 13/178. وفتح القدير: لابن الهمام: 5/452.والسيل الجرار:الشوكاني: 4/532.
(52) الصحابي الجليل سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جُشم بن الحارث بن الخزرج بن النّبِيت بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي، أبو عمرو، سيد الأوس. شهد بدراً ورمي بسهم يوم الخندق، فعاش بعد ذلك شهراً حتى حكم في بني قريضة وأجيبت دعوته في ذلك، واهتز عرش الرحمن لموته، توفي سنة خمس للهجرة. ينظر الكاشف: الذهبي: ص 430. والإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: برقم (3206). وتهذيب التهذيب: لابن حجر: 3/417.
(53) وأصل هذه القصة في البخاري: 3/1107. ح (2787). ط. دار ابن كثير، بيروت، ت مصطفى البغا. ومسلم: 3/1388. ح (1768) ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(54) ينظر زاد المعاد: لابن القيم: 3/136،134.
(55) وقد نقله القرطبي ينظر الجامع لأحكام القرآن: 2/346. وابن حزم في المحلَّى: 7/214.
(56) رواه أبو داود:3/122،121. ح (2666). وابن ماجة، واللفظ له: 3/380. ح(2842) والحديث صحيح. ينظر نصب الراية: الزيلعي: 3/387. والتلخيص الحبير: ابن حجر: 4/102.
(57) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/ 180. وعون المعبود: العظيم آبادي: 7/ 236.
(58) ينظر تبيين الحقائق: الزيلعي: 3/ 245.
(59) ينظر حاشية ابن عابدين:6/215.وإحكام الأحكام: ابن دقيق العيد: 4/236. مذيلاً بحاشية الصنعاني.
(60) ينظر حاشية ابن عابدين: 6/215. ونيل الأوطار: الشوكاني: 8/ 73.
(61) ينظر الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/ 345-347. وتفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 1/524. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/342.والمغني: ابن قدامة: 13/177. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/18. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/354. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 2/517.
(62) ينظر تفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 1/524.وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان:ابن سعدي: ص71.
(63) رواه الإمام أحمد في مسنده واللفظ له:1/ 300،301. ح (2723). والبيهقي في السنن الكبرى:9 /90. ح (17933). وهذا السند ضعيف؛ لأنَّ فيه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة. ينظر تلخيص الحبير: ابن حجر:4/103. وقد وثَّقه الإمام أحمد وضعَّفه الجمهور. ينظر مجمع الزوائد: الهيثمي: 5/317. وروى البيهقي نحوه عن علي وهو يقوى بشواهده كما قال البيهقي؛ لأن الحديث فيه ضعف وإرسال: السنن الكبرى:9/90. وروى البيهقي أيضاً حديثاً آخر بسنده عن خالد بن زيد: فيه النهي عن قتل أصحاب الصوامع.وفي السند انقطاع. ينظر السنن الكبرى: 9/91. قلت: لكنه يعتضد به.
(64) ينظر أحكام القرآن: الجصاص:1/321. وتفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 1/524. وبداية المجتهد: ابن رشد:1/342.
(65) رواه أبو داود واللفظ له: 3/86. ح (2614)، ورواه البيهقي في السنن الكبرى: 9/90. وابن أبي شيبة في المصنف: 6/483. واحتج به من كبار المحدثين الأوزاعي والثوري ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 1/ 342. وفي سنده خالد بن الفَِرْز – بكسر الفاء وفتحها- اخُتِلفَ فيه الصحيح أنَّه "مقبول" من الرابعة وثَّقه ابن حبان وقال أبو حاتم: شيخ. ينظر تهذيب التهذيب: ابن حجر: 2/ 72.وكذلك التقريب: ص 289. ط. دار العاصمة، الرياض 1417 هـ، ت. أبو الأشبال الباكستاني، وأخرج الطحاوي في= =شرح معاني الآثار: (3/224). ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى: 1399هـ، ت. محمد زهري النجار.عن ابن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية يقول:" لا تقتلوا شيخاً كبيراً "وفيه علي بن عابس وهو: "ضعيف" ينظر التقريب: ابن حجر: ص 699. ولعلَّ الحديث يتقوى بالشاهد الذي ذكرته عن بريدة فيكون حسنَ الاسناد.
(66) ينظر تبيين الحقائق: الزيلعي: 3/ 245. و فتح القدير: ابن الهمام: 5/ 452. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/ 342. والمغني: ابن قدامة: 13/ 177. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/354.
(67) رباح بن ربيع بن صيفي التميمي، أخو حنظلة الكاتب التميمي، وهو من أهل المدينة ونزل البصرة. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: ص 392، برقم (2663). و أسد الغابة: ابن الأثير: (1610). وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 3/ 233.
(68) (3). رواه أحمد في المسند 3/381. ح(2842) والنسائي في الكبرى:9/186. ح(8625). والبيهقي في السنن الكبرى:9/82. ح(17883) وابن حبان في صحيحه:1/110. ح(4789). والحاكم في مستدركه:2/133. ط. دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى: 1411هـ،ت. مصطفى عبد القادر. وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، والحديث مداره على المرقع بن صيفي وهو "صدوق" كما في التقريب لابن حجر: ص 611. فالحديث حسن الإسناد. ينظر تلخيص الحبير: ابن حجر: 4/102. وخلاصة البدر المنير: ابن الملقِّن:2/342، 343. ط. مكتبة الرشد، الرياض، الأولى: 1410 هـ،ت. حمدي عبد المجيد السلفي.
(69) ينظر المبسوط: السرخسي: 10/109. وفتح القدير: ابن الهمام: 5/453. والمدونة الكبرى:الإمام مالك: 3/7. والمغني: ابن قدامة: 13/ 179. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/354.
(70) الصحابي الجليل يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي أمير الشام وأخو الخليفة معاوية بن أبي سفيان يكنى أبا خالد. كان من فضلاء الصحابة من مسلمة الفتح، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات بني فارس وكانوا أخواله. أمره أبو بكر على أحد أمراء الأجناد بالشام، وأمره عمر على فلسطين ثم على دمشق لمَّا مات معاذ بن جبل وكان استخلفه فأقره عمر. توفي رضي الله عنه في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وقيل: بل تأخر موته إلى سنة تسع عشرة بعد أن افتتح قيسارية. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: ص1399، برقم (9602). وأسد الغابة: ابن الأثير: برقم (5557). وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 11/332.
(71) هذا الإجماع احتج به القرطبي على تحريم قتل الشيخ الفاني. ينظر الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/346.
(72) وهم الرهبان، ينظر شرح الزرقاني:3/17.
(73) أي: حلقوا أوساط رؤوسهم وجعلوها مثل أفاحيص القطا.تنظر مادة (فحص) في لسان العرب: 7/63. ومختار الصحاح:ص 206.وهم الشمامسة، أي: رؤساء النصارى جمع شماس.ينظر المرجع السابق.
(74) العقر هو الضرب والقطع، يقال: عقر النخلة قطع رأسها، وعقر البعير والفرس بالسيف أي ضرب به قوائمه. ينظر القاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص443. ومختار الصحاح: الرازي: ص187.
(75) بالحاء المهملة حيوان العسل. ينظر شرح الزرقاني:3/17.
(76) رجاء أن يطير فيلحق بأرض المسلمين فينتفعون به. ينظر المرجع السابق.
(77) رواها الإمام مالك في الموطأ: 1/577. برقم (1292). وابن أبي شيبة في المصنف: 6/483. ح(33121). وعبد الرزاق في المصنف: 5/99. ط. المكتب الإسلامي، بيروت، الثانية: 1403هـ، ت. حبيب الرحمن الأعظمي. برقم (9375). والبيهقي في السنن الكبرى: 9/89.(17927). كلهم من طريق يحيى بن سعيد القطان وهو بهذا معضل؛ لأن يحيى لم يدرك أبا بكر ورويت من طرق أخرى فرواها البيهقي من طريق صالح بن كيسان وهو ثقة فقيه لكنه لم يدرك أبا بكر. ينظر السنن الكبرى:9/90. ورواها ابن أبي شيبة في المصنف من طريق يحيى بن أبي مطاع عن أبي بكر، ويحيى ليست له رواية عن أبي بكر كما في (التقريب) لابن حجر: ص1067. ورواها البيهقي أيضاً في السنن الكبرى: 9/85. من طريق سعيد بن المسيب عن أبي بكر، وسعيد لم يسمع من أبي بكر كما في تهذيب التهذيب:2/339. ورواها أيضاً البيهقي في السنن الكبرى: 9/86، 90. من طريق أبي عمران الجوني عبد الملك بن حبيب الأزدي مشهور بكنيته، وقد وثقه ابن معين، ولم يرو عن أبي بكر –رضي الله تعالى عنه - توفي سنة (128)هـ.ينظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم:5/346.وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 3/468. والكاشف: الذهبي: 1/664. ورواها ابن أبي شيبة من طريق قيس بن أبي حازم البجلي قال بعث أبو بكر جيشاً إلى الشام. ينظر المصنف:4/226، 6/ 541. وهذه الطريق صحيحة، فقيس بن أبي حازم يقال: له رؤية أخرج له الستة. ينظر تقريب التقريب: ابن حجر: ص 803.وقال عبدالله بن الإمام أحمد أنَّ سمع أباه يقول: "هذا الحديث منكر ما أظن من هذا شيء هذا من كلام أهل الشام"، أنكره أبي على يونس من حديث الزهري كأنَّه عنده عن يونس عن غير الزهري" سنن البيهقي الكبرى: 5/85. قلت: فإنكار الإمام أحمد لهذه الطريق وليس لكل طرقها، وطرق الوصية وإن كانت ضعيفة إلا أنَّه بمجموعها يمكن الاحتجاج بها، فضلاً عن طريق قيس بن أبي حازم الصحيحة، وهي مشهورة متدوالة بين العلماء، قال الإمام الشافعي رحمه الله:" وكل من حبس نفسه بالترهب تركنا قتْلَهُ اتباعاً لأبي بكر- رضي الله تعالى عنه". الأم: 4/240. وقال في موضع آخر: "وكل شيء في وصية أبي بكر سوى هذا فبه نأخذ". الأم: 4/ 285. ويقصد تحريق شجر وثمر الكفار أثناء الحرب؛ لأنه تأول ذلك كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى. واحتج بها كذلك في عدم جواز إتلاف ما لَهُ روح من أموال العدو وقال بعد ذلك: " فلو لم يكن فيه إلا اتباع أبي بكر كانت في اتباعه حجة ". الأم: 4/244.وكذلك فإنَّ بعض روايتها مرسلة والمرسل حجة عند أبي حنيفة و الإمام مالك ورواية عن أحمد، و الإمام الشافعي نص على أنَّ مرسلات سعيد بن المسيِّب حسان. ينظر الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير: أحمد شاكر: 1/155 – 158. وأيضا فقد نقل القرطبي الإجماع على هذه الوصية ينظر الجامع لأحكام القرآن: 2/346. وكذلك ابن حزم في المحلَّى: 7/214.
(78) ينظر الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/348. وفتح القدير: ابن الهمام: 5/453. والمدونة الكبرى: الإمام مالك: 3/7. والمغني: ابن قدامة: 13/177، 178. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/ 18.ومطالب أولى النهى: الرحيباني:2/517. والمحلَّى: ابن حزم: 7/215.
(79) اللفظ الأول أخرجه البيهقي في السنن الكبرى: 9/ 91. ح(17938) وسعيد بن منصور في السنن:2/280. ح(2625). ط. الدار السلفية، الهند، الأولى: 1403هـ، ت. حبيب الرحمن الأعظمي. واللفظ الثاني أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف:6/483. ح(33120) جميعهم من طريق واحد عن يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف كبر فتغير كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب:ص 1075.
(80) الصحابي الجليل جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي يكنى أبا عبد الله. روى عنه جماعة من الصحابة وله ولأبيه صحبة، كان ممن شهد العقبة، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، قال جابر: لم أشهد بدراً ولا أحداً؛ منعني أبي فلما قُتل لم أختلف. وعن قتادة قال: كان آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم موتاً بالمدينة. مات سنة ثمان وسبعين. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: ص 116. برقم (1054). و الاستيعاب: ابن عبد البر: برقم (290). وأسد الغابة: ابن الأثير:برقم (647).
(81) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى:9/91. ح(17939. وابن أبي شيبة في المصنف: 6/484.ح(33130). وأبو يعلى في مسنده:3/427.ح(1917) والأثر لم يضعفه ابن حزم عندما تعرض له وإنما أوَّله، ينظر المحلَّى:7/216.
(82) ينظر مصنف ابن أبي شيبة:6/482-484.
(83) سبق تخريجه.
(84) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني:7/163. والمبسوط: السرخسي:10/29. وحاشية ابن عابدين: 6/213. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي:2/345. والمغني: ابن قدامة: 13/178.
(85) ينظر المغني: 13/ 178.
(86) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/163. والمغني: ابن قدامة: 13/178. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 2/518.
(87) ينظر تبيين الحقائق: الزيلعي: 3/245.وإحكام الأحكام: ابن دقيق العيد: 4/ 236. مذيلاً بحاشية الصنعاني.
(88) ينظر إحكام الأحكام: ابن دقيق: 4/ 236. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/ 355.
(89) ينظر حاشية ابن عابدين: 6/ 215. ونيل الأوطار: الشوكاني: 8/ 73.
(90) ينظر تفسير الطبري: 2/ 189.وأحكام القرآن: ابن العربي: 1/144. وبداية المجتهد:ابن رشد: 1/ 342. والأم: الإمام الشافعي: 4/238.
(91) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد:1/342. والأم: الإمام الشافعي: 4/ 238.. والمغني: ابن قدامة: 13/177. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 215.
(92) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي:1/144. وأحكام القرآن: الجصاص: 1/320،321. وتفسير القرآن العظيم: ابن كثير:1/523.
(93) تنظر المراجع السابقة. وروضة الناظر: ابن قدامة:3/1029. ط. مكتبة الرشد، الرياض، الخامسة: 1417هـ، ت. عبد الكريم النملة.
(94) ينظر الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/345.
(95) ضعفه ابن حزم في المحلَّى:7/216.
(96) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 1/342. والأم: الإمام الشافعي: 4/240.و المغني: ابن قدامة: 13/177.
(97) ذكره البيهقي في السنن الكبرى: 9/90.
(98) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/178. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 2/518.
(99) الأم: 4/239.
(100) حيث ذكر أن خالد بن الفَرز مجهول. ينظر المحلَّى: 7/216.
(101) وقد وثّقه ابن حبان وقال أبو حاتم: شيخ. ينظر تهذيب التهذيب: ابن حجر: 2/72. تنبيه: ذكر الشيخ حسن أبو غدة –حفظه الله- أنَّ الحافظ ابن حجر –رحمه الله- ردَّ على ابن حزم عندما قال عن خالد بن الفرز: مجهول ردَّ عليه بقوله: " وهو من إطلاقاته المردودة " وهذا غير صحيح بالنسبة لخالد بن الفرز، وإنما هذا في حديث المرقع بن صيفي. ينظر قضايا فقهية في العلاقات الدولية: ص240. وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 5/ 382.
(102) كالثوري والأوزاعي، ينظر بداية المجتهد: 1/342.
(103) سبق تخريجه . وهو ضعيف.
(104) ينظر فتح القدير: ابن الهمام: 5/ 453. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/342. والمغني: ابن قدامة: 13/177.
(105) المحلَّى: ابن حزم: 7/ 216.
(106) تقدم تخريجه قريباً.
(107) تقدم تخريجه قريباً.
(108) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/ 178. والسيل الجرار: الشوكاني: 4/ 532.ونيل الأوطار: الشوكاني: 8/73. وعون المعبود: العظيم آبادي: 7 / 237.
(109) وهو المرقع بن صيفي.
(110) المحلَّى 7/215، 216.
(111) وقد وثَّقه ابن حبان والحافظ ابن حجر في التقريب: ص930، وتعقب الحافظ قول ابن حزم فقال: "وهو من اطلاقاته المردودة " تهذيب التهذيب: 5/ 382.
(112) المحلَّى: ابن حزم: 7/ 214.
(113) ينظر المرجع السابق: 7/ 216.
(114) ينظر المرجع السابق: 7/214.والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/346.
(115) المحلَّى: ابن حزم: 7/ 214.
(116) ينظر المحلَّى: ابن حزم: 7/ 214.
(117) رواه ابن أبي شيبة: 6/ 483.ح(33119) ورجاله ثقات.
(118) المرجع نفسه: 7/214.
(119) المرجع نفسه: 7/216.
(120) المرجع السابق: 7/214.
(121) ينظر المرجع السابق: 7/216
(122) ينظر قضايا فقهية في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص262.
(123) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 1/ 342. والأم: الإمام الشافعي: 4/ 240. وفتح الوهاب: الأنصاري: 2/300. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 215. والإقناع: ابن المنذر: 2/: 464.
(124) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 1/ 342،343.و المغني: ابن قدامة: 13/ 177-179.
(125) وهذا ما يقوله الإمام الشافعي إلا أنَّه لم يُسلم بعلَّة الجمهور هنا. ينظر شرح مختصر الروضة: الطوفي: 2/571.
(126) ينظر شرح مختصر الروضة: الطوفي: 3/185.
(127) ينظر المحلَّى: ابن حزم: 7/215-217. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/342.
(128) بداية المجتهد: ابن رشد: 1/343.
(129) سبق تخريجه.
(130) سبق تخريجه.
(131) ينظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/354،355.
(132) منهم شيخ الإسلام ابن تيمية، ينظر المرجع السابق، وتلميذه العلّامة ابن القيم، ينظر أحكام أهل الذمة، والشيخ ابن سعدي، ينظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: ص71. والشيخ ابن عثيمين: ينظر الشرح الممتع: 7/24.
(133) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص338، نقلاً عن مصدر أجنبي هو: oppenheim , op. cit., p 346.
(134) القانون الدولي العام: علي صادق أبو هيف: ص 816.
(135) ورد نص هذه المادة هكذا في موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 250 وورد بلفظ مقارب في (موسوعة القانون الدولي لعيسى رباح: 6/ 124): " تحضر الأطراف السامية المتعاقدة صراحةً جميع التدابير التي من شأنها أن تسبب معاناة بدنية أو إبادة للأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطتها...إلخ " ويرجع هذا الاختلاف في ترجمة الاتفاقية. والذي يظهر لي أنَّ النص الأول: يلزم جميع الدول والمتعاقدون على الأخص احترام الإنسان. والثاني: يُلزم المتعاقدون فقط بما ورد فيه. وما ورد في هذه المادة مقرر أيضاً في المادة الثانية عشرة من اتفاقية جنيف بشأن تحسين حال الجرحى و المرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان والمؤرخة في الثاني عشر من أغسطس سنة 1949م، وكذلك المادة الثانية عشرة من اتفاقية جنيف بشأن تحسين حال الجرحى والمرضى والغرقى بالقوات المسلحة في البحار، والمؤرخة في الثاني عشر من أغسطس سنة 1949م.ينظر موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/108، 138.
(136) ينظر المرجع السابق:1/295. وموسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 157.
(137) موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 11.
(138) المرجع نفسه: 1/54.
(139) نقلاً من وحدة الاستماع والمتابعة بموقع (إسلام أون لاين) على شبكة الانترنت، في 29/10/2003م. تحت خبر بعنوان: (دراسة أمريكية: 15 ألف عراقي قتيل بحرب العراق).
(140) ينظر المصدر السابق.
(141) ينظر المصدر السابق.
(142) ينظر المصدر السابق، في 5/4/2003م، تحت خبر بعنوان: (العفو تطالب بمحاكمة قتلة المدنيين).
(143) المصدر السابق.
(144) ينظر الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/ 346. وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 163. والمبسوط: السرخسي: 10/ 29. وحاشية ابن عابدين: 6/ 214. وتبيين الحقائق: الزيلعي: 3/ 245. وفتح القدير: ابن الهمام: 5 / 453. وبداية لمجتهد: ابن رشد: 1/ 341، 342. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/ 543. والمهذب: الشيرازي: 2 / 233. وروضة الطالبين: النووي: ص1802. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 65. والمغني: ابن قدامة: 13/ 18، 19. والمبدع: ابن مفلح: 3/ 322. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 2/ 518. والمحلَّى: ابن حزم: 7 /214.
(145) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 1/ 149. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/ 543.
(146) ينظر الذخيرة: القرافي: 3 /228. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/ 543. وفتح الباري: ابن حجر: 6/ 182.
(147) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 1/ 148. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 214. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/ 346.
(148) ينظر زاد المسير: ابن الجوزي: 1/ 198.
(149) (3) رواه الإمام أحمد في المسند: 1/ 256. ح (2314) , وأبو داود في المراسيل واللفظ له: ص (248). ح(333). ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، 1408هـ، ت. شعيب الأرناؤوط. ينظر سنن البيهقي الكبرى: 9/ 82. وفتح الباري: ابن حجر: 6/ 182. وعبد الرزاق في المصنف: 5/201. ح(9383). وابن أبي شيبة في المصنف: 6/483. ح (33125) و الحديث مرسل كما عند أبي داود عن عكرمة وأيضاً مرسل عند عبد الرزاق، وابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، إلا أنه جاء موصولاً عند أحمد في المسند، والطبراني في المعجم الكبير: 11/388. ح (12082). وفي سنده الحجاج بن أرطأة، وهو ضعيف مدلِّس وقد عنعن هنا، والحديث صحيح المعنى تشهد له الآية: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم...الآية } والأدلة الأخرى التي ذكرها أهل العلم في هذه المسألة.
(150) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/180. وفتح الباري: ابن حجر: 6/182.
(151) سبق تخريجه.
(152) ينظر فتح القدير: ابن الهمام: 5/452، 453. و المغني: ابن قدامة: 13/180. وفتح الباري: 8/51.
(153) الصحابي الكريم: عبد الله بن قيس بن سليم الأشعري اشتهر بكنيته (أبو موسى) أسلم وهاجر إلى الحبشة، وقدم إلى المدينة بعد فتح خيبر، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على بعض اليمن، واستعمله عمر على البصرة، واستعمله عثمان على الكوفة، ثم كان أحد الحكمين بصفين ثم اعتزل الفريقين، كان حسن الصوت بالقرآن وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد أوتيت مزماراً من مزامير آ ل داود"، وكان هو الذي فقّه أهل البصرة، وأقرأهم. مات سنة اثنتين وقيل أربع وأربعين رضي الله عنه. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: برقم (5572). وأسد الغابة: ابن الأثير: برقم (3138). والاستيعاب: ابن عبد البر: (1658).
(154) الصحابي الجليل عبيد الله بن سليم بن حضار الأشعري عم أبي موسى الأشعري، وقيل: ابن عمه والأول أشهر، وقيل إنَّه هاجر إلى الحبشة، وقيل: إنَّه الذي قتل دريد بن الصمَّة، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: " اللهم اغفر لعبيدٍ بن أبي عامر..." رواه البخاري، باب غزوة أوطاس. ح (4323). ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: برقم (10510) وأسد الغابة: ابن الأثير: برقم (6043).
(155) أورد الشيخ حسن أبو غدة – حفظه الله – حديث أبي موسى، وذكر فيه أنَّ الذي قتل دريد هو أبو عامر ووضح اسمه بين قوسين فقال (ربيعة بن رفيع السلمي) وهذا ليس اسمه بل اسمه (عبيد بن سليم) هكذا ورد في الصحيحين وورد عند البيهقي في السنن الكبرى: (9/92) أنَّ الذي قتله هو ربيعة بن رفيع السلمي، وهو غير أبي عامر الأشعري، ويقال: لربيعة ابن الدغنة نسبة لأمه. ينظر فتح الباري: 8/52. وقضايا فقهية في العلاقات الدولية: ص 194.
(156) دريد بن الصمة بكسر الصاد وتشديد الميم ابن بكر بن علقمة، ويقال: ابن الحارث بكر بن علقمة الجُشعي بضم الجيم من بني جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن. قتله يوم حنين أبو عامر عبيد بن سليم، وقيل: ربيعة السُّلمي، وقد كان دريد كبيرأً وكان من الشعراء، والفرسان المشهورين في الجاهلية كان مع هوازن حين سار النبي صلى الله عليه وسلم لحربهم، حيث كان شيخاً كبيراً ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب، قيل أنه مات وعمره: عشرين، وقيل: خمسين، وقيل: سبعين بعد المائة. ينظر فتح الباري: ابن حجر: 8/52. وسنن البيهقي الكبرى: 9/ 92. والسيرة النبوية: ابن هشام: 2/ 370. وتاريخ الطبري: 2/166
(157) رواه البخاري: 3/68،67.ح (4068). ومسلم:4/ 1943. ح (2498). ورواه مفصلاً البيهقي في السنن الكبرى: 9/92.
(158) ينظر السنن الكبرى: البيهقي: 9/92.
(159) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/164. وتبيين الحقائق: الزيلعي: 3/245. و فتح القدير: ابن الهمام: 5/454. والمغني: ابن قدامة: 13/180. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/19. والسيرة النبوية: ابن هشام: 2/370.
(160) ينظر (المنهاج) شرح صحيح مسلم: النووي: 12/275، 276. و المغني: ابن قدامة: 13/179. والقوانين الفقهية: ابن جزي: ص 98. نقل الشيخ أبو غدة - حفظه الله – عن ابن جزي – رحمه الله - حكاية الإجماع في هذه المسألة، وعند النظر فيما قاله ابن جزي –رحمه الله– لم يظهر لي ذلك، حيث إنَّ ابن جزي قال في(القوانين الفقهية: 98): " ولا يُقتل النساء ولا الصبيان اتفاقاً إلا إن قاتلوا " فالاتفاق على عدم قتلهم ولم يذكر الاتفاق على قتلهم حال المقاتلة. ينظر قضايا فقهية في العلاقات الدولية: ص197. وعبارة ابن بطال- رحمه الله- أدَقُّ حيث قال: "واتفق الجمهور على أنَّ النساء والصبيان إذا قاتلوا قتلوا، وهو قول الإمام مالك، والليث.."إلخ شرح صحيح البخاري: ص 160. تحقيق وفاء الزامل وهي رسالة علمية مقدمة إلى قسم الدراسات الإسلامية، بكلية التربية للبنات في الرياض، عام 1422هـ.
(161) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/180.
(162) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 1/148. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/346.
(163) ينظر مادة (البَيْتُ) في القاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص148.
(164) ينظر (المنهاج) شرح صحيح مسلم: النووي: 12/ 276. ومغني المحتاج: الشربيني:6/66. والمغني: ابن قدامة: 13/ 140. والمبدع: ابن مفلح:3/319.
(165) ينظر بدائع الصنائع:الكاساني: 7/ 162. وفتح القدير: ابن الهمام: 5/ 452. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/ 343. والكافي: ابن عبد البر: 1/ 208. والتمهيد: ابن عبد البر: 16/ 145. والأم: الإمام الشافعي: 4/ 239. و(المنهاج) شرح صحيح مسلم: النووي: 12/ 276. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 66. والمغني: ابن قدمة: 13/ 141. وكشاف القناع: البهوتي: 3/ 48. والمبدع: ابن مفلح: 3/ 319. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 215. والإقناع: ابن المنذر: 2/ 464.
(166) ينظر التمهيد: ابن عبد البر: 16/144.
(167) المغني: ابن قدمة: 13/ 140.
(168) المرجع السابق. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/ 16.
(169) الصحابي الجليل الصَّعب بن جُثَّامة بن قَيس بن ربيعة بن عبد الله بن يَعمُر الليثي، حليف قريش وكان ينزل وَدَّان. يقول ابن منده: كان الصعب ممن شهد فتح فارس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين:"لولا الصعب بن جثامة لَفُضِحَت الخيل" وقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين عوف بن مالك، قيل أنه توفي في خلافةِ أبي بكر الصديق رضي الله عنه والأصح أنها كانت بعد ذلك. ينظر الإصابة في تميز الصحابة: ابن حجر: ص 608، برقم (4235). والاستيعاب: ابن عبد البر: (1246). وأسد الغابة: ابن الأثير: (2503).
(170) رواه البخاري: 2/82، 83. ومسلم: 3/ 1356. ح(1730).
(171) ينظر الأم: الإمام الشافعي: 4/239. ومغني المحتاج: 6/66. والمغني: ابن قدامة: 13/ 140.
(172) فتح الباري: ابن حجر: 6/181.
(173) رواه البخاري: 2/82، 83. مسلم: 3/1356، ح(1730).
(174) ينظر المبسوط: السرخسي: 10/31. والأم: الإمام الشافعي: 4/239. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/66.
(175) ينظر شرح معاني الآثار: الطحاوي: 3/223.
(176) رواه أبو داود في المراسيل مرسلاً ورجاله ثقات: ص 248. ح (335). و رواه الترمذي معضلاً عن ثور بن يزيد: 5/ 88. ورواه البيهقي موصولاً عن أبي عبيدة رضي الله عنه في السنن الكبرى: 9/84، ح (17899). ورواه ابن سعد في الطبقات مرسلاً ورجاله ثقات: (2/159). ووصله العقيلي في الضعفاء عن علي رضي الله عنه: 2/243. وسنده ضعيف كما قال الحافظ بن حجر في بلوغ المرام:ص388. قلت: الحديث يتقوى بمجموع طرقه، ومشهور في السيرة احتج به بعض أهل العلم. ينظر الأم: الإمام الشافعي: 7/349. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/343. وزاد المعاد: ابن القيم: 3/ 496.
(177) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/162. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/343. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/544. والمهذب: الشيرازي: 2/ 234. وحاشية البجيرمي:4/254. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/16،17. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 2/516.
(178) ينظر فتح القدير: ابن الهمام: 5/447. المهذب: الشيرازي: 2/ 234. وروضة الطالبين: النووي: ص 1803. وكشاف القناع: البهوتي: 3/48.
(179) الأم: الإمام الشافعي:7/350. وورد نحو هذا الكلام عن القاضي أبي يوسف، ينظر الرد على سير الأوزاعي: 1/66.
(180) ينظر الأشباه والنظائر: السيوطي: 1/117، 120.
(181) ينظر الشرح الممتع: ابن عثيمين: 7/ 23.
(182) التمهيد: 16/145.
(183) وهذا القول محكي عن الزهري، وأنكره عليه الإمام الشافعي. ينظر فتح الباري: ابن حجر: 6/182. ونصب الراية: الزيلعي: 3/387. وتلخيص الحبير: ابن حجر: 4/104. وأما القول بأن حديث الصعب ناسخ لحديث النهي عن قتل النساء والصبيان فقد حكاه الحازمي وهو قول غريب كما سبق ذكره وليس هو قول الزهري، خلافاً لما ذكره الشيخ حسن أبو غدة –حفظه الله- ينظر قضايا فقهية في العلاقات الدولية: ص305. فالذي نقله أبو داود عن الزهري ما يلي: قال بعدما ساق حديث الصَّعب: " قال الزهري: ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والولدان " سنن أبي داود: 3/124. ح(2672). فكأنَّه يرى نسخ حديث الصَّعب لتأخره عن قصة ابن أبي الحقيق في نهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان. والله تعالى أعلم. ينظر شرح الزرقاني:1/16. وفتح الباري: ابن حجر: 6/182. وسنن البيهقي الكبرى: 9/79.
(184) ينظر التمهيد: ابن عبد البر: 16/145. والأم: الإمام الشافعي: 4/239. وسنن البيهقي الكبرى: 9/79. وشرح معاني الآثار: الطحاوي: 3/223. ونصب الراية: الزيلعي: 3/387.
(185) ينظر مادة (تَتَرس) في لسان العرب: ابن منظور: 6/32. والقاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص 534.
(186) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/163. المبسوط: السرخسي: 10/65. المهذب: الشيرازي: 2/234. والوسيط: الغزالي: 7/22. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/67. والمغني: ابن قدامة: 13/141. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/19. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 2/518.
(187) مواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/545. والتاج والإكليل: العبدري: 3/315. والشرح الكبير: الدردير: 2/178.
(188) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص66. والمبسوط: السرخسي: 10/ 65. وفتح القدير: ابن الهمام: 5/ 447، 449. والذخيرة: القرافي: 3/238. وحاشية الدسوقي: 2/177. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/545. التاج والإكليل: العبدري: 3/315. والأم: الإمام الشافعي: 4/287. والمهذب: الشيرازي: 2/234. والوسيط: الغزالي: 7/22 ومغني المحتاج: الشربيني: 6/67. والمغني: ابن قدامة:13/141. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/19. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 2/518.
(189) سبق تخريجه.
(190) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص66. وروضة الطالبين: النووي: ص 1803. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/67. و المغني: ابن قدامة: 13/141. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/19.
(191) ينظر فتح القدير: 5/ 449.
(192) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/163. والذخيرة: القرافي: 3/239. والمغني: ابن قدامة: 13/ 141. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/19. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 2/ 518.
(193) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/141. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/19. والمبدع: ابن مفلح: 3/323. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 2/518.
(194) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 66، 67.وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/162، 163. وفتح القدير: ابن الهمام: 5/449. والمهذب: الشيرازي: 2/234. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/67. والمغني: ابن قدامة: 13/141. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/19. والمبدع: ابن مفلح: 3/323. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 2/518.
(195) ينظر مغني المحتاج: الشربيني: 6/ 67. والمغني: ابن قدامة: 13/141.
(196) ينظر روضة الطالبين: النووي: ص1803. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 67. والمغني: ابن قدامة: 13/ 141.
(197) ينظر المدونة الكبرى: الإمام مالك: 3/25. والذخيرة: القرافي: 3/238. والشرح الكبير: الدردير: 2/178.والقوانين الفقهية: ابن جزي: ص98. وحاشية الدسوقي:2/178. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/545. والتاج الإكليل: العبدري: 3/351.
(198) ينظر شرح صحيح البخاري: ابن بطال:5/168. والمهذب: الشيرازي: 2/234.
(199) ينظر الأشباه والنظائر: السيوطي: 1/ 88.
(200) ينظر روضة الطالبين: النووي: ص1803. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 67. والمغني: ابن قدامة: 13/ 141.
(201) فتح القدير: ابن الهمام: 5/454. وتبيين الحقائق: الزيلعي: 3/ 145. وحاشية ابن عابدين: 6/ 214.
(202) ينظر تبيين الحقائق: الزيلعي: 3/ 245.
(203) المرجع نفسه.
(204) ينظر موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 159، 160.
(205) ينظر مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص342.
(206) موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/197.
(207) ينظر مبادئ القانون الدولي العام: حافظ غانم: ص740.
(208) ينظر القانون الدولي العام: أبو هيف: ص 812، 824. وقانون الحرب والحياد: محمود جنينه: ص 267 - 269. وآثار الحرب: الزحيلي: ص506.
(209) ينظر المادة(57)من الملحق الإضافي الأول لاتفاقية جنيف الموقع عليها سنة 1977. وينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/201.
(210) ينظر المادة (51) الفقرة من الملحق الإضافي الأول لاتفاقية جنيف والموقع عليها سنة 1977م. وينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 201.
(211) ينظر المادة (57) الفقرة من الملحق السابق. وينظر المرجع السابق
(212) ينظر المادة (51)الفقرة والمادة (57) من الملحق السابق، وينظر المرجع السابق: 6/ 198، 201.
(213) ينظر مبادئ القانون الدولي العام ي السلم والحرب: إحسان هندي: ص261.
(214) المرجع نفسه.
(215) ينظر المرجع نفسه. و قانون الحرب والحياد: جنينه: ص 235.
(216) ينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 196-202.

 

***

 

 

حماية المدنيين في الفقه الإسلامي (3-3)

الفصل الثالث: (حماية أموال المدنيين الحربيين)

وفيه تمهيد ومبحثان:
تمهيـد: (التعريف بأموال المدنيين الحربيين وبيان أنواعها)
(المراد بالأموال):
الأموالُ لغةً: جمع مال، وهو في الأصل ما يُملك مِنَ الذَّهَبِ والفضَّة، ثم أُطلق على كلِّ مايقتنى ويُملَك من جميع الأشياء، وأكثر ما كان يُطلق عند العرب على الإبل؛ لأنها كانت أكثرُ أموالِهم، وسميَّ المال مالاً؛ لميل النفوس إليه(1).
والمراد بالمال في الفقه: ما يميل إليه طبع الإنسان مِنَ الأعيان والمنافع المباحة بلا حاجةٍ مطلقاً(2).
(فالأعيان المباحة): جمع عين، وهي كل جِسم أبيح نفعه واقتناؤه مطلقاً فخرج المحرم من الخنزير، والخمر، والميتة ونحو ذلك. و(المنافع المباحة) هي فائدة مأخوذة من الأعيان. (بلا حاجة) احترازاً من كلب الصيد ونحوه مما هو للحاجة. (مطلقاً) أي إباحة الأعيان والمنافع في كل حال، فلا تختص إباحتها بحال دون أخرى(3).فما كان مباحاً من الأعيان، والمنافع يسمى (مالاً) وما كان محرماً كالخمر، والخنزير، والميتة فإنه يخرج من وصف (المال) وهذا بالنسبة للمسلم. فالمال بالنسبة له (مُتَقَوَّم) وهو: (المباح) شرعاً، و(غير مُتَقَوَّم) وهو: (المحرم) شرعاً(4).
المراد بأموال المدنيين الحربيين في هذا الفصل:
أولاً: (حماية مال المدني الحربي في الإسلام)
كما سبق بيانه، لا يعتبر الإسلام المحرم مالاً، وليس له قيمة يُتَقوم بها، فبالتالي يخرج من نطاق حماية الإسلام مال المدني الحربي المحرم(5)، ومال المدني الحربي المباح هو محل النظر والدراسة في هذا الفصل.
ثانياً: (حماية مال المدني الحربي في القانون)
سننظر –إن شاء الله- في جميع ما يملكه المدني الحربي من الأشياء، بغض النظر عن حرمته، أو إباحته؛ لأنَّ الحلَّ والحرمة هنا بالنسبة للشريعة الإسلامية، ولا يَرد هذا في القانون الدولي(6).
والمراد بحماية أموالهم:
(منعُها من الإتلاف والاستيلاء).
والإتلاف لغةً هو: مصدر للفعل أَتْلَفَ و تَلِفَ، وهو: الهلاكُ، والعطبُ، والفناء في كلِّ شيء(7).
وفي اصطلاح الفقهاء، بنحو ما في اللغة، قال الكاساني(8): "استهلاك الشيء إخراجه من أن يكون منتفعاً به منفعةً موضوعة له مطلوبة منه عادةً"(9).
والاستيلاء لغة يطلق على الأخذ،وهو: حوز الشيء وتحصيله، تارةً بالقهر كقوله تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} (البقرة: من الآية255).
وتارةً بالتناول كقوله تعالى: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ}(10) (يوسف: من الآية79)
والمراد بالاستيلاء هنا: أخذُ مالِ العدو غنيمةً، والغنيمة عند الفقهاء: " ما أخذ من مال حربيٍ قهراً بقتال، وما ألحق به"(11)
فخرج بـ(الحربي) ما يؤخذ من أموال أهل الذمة، من جزية، وخراج ونحوه، وخرج بـ(قهراً بقتال) الفيء، وهو: ما رحلوا عنه وتركوه فزعاً، وخرج كذلك ما يؤخذ من العشر، إذا اتجروا إلينا ونحوه.
وقوله بـ(وما أُلحق به) أي: بالمأخوذ بقتال كفدية الأسرى، وكهدية الحربي لأمير جيشٍ أو غيره بدار الحرب(12).
أنواع أموالهم:
هناك تقسيمان لهذه الأموال وهما على النحو التالي:
 الأول: تنقسم أموالهم من حيث الإباحة والتحريم إلى: محرمة، وسبق أنها تخرج من نطاق الحماية شرعاً، وإلى مباحة وهي محل الدراسة.
الثاني: تنقسم من حيث استخدامها في الحرب إلى قسمين:
 الأول: (أموال مستخدمة في القتال)(13).
وهذه خارجة عن نطاق البحث إذ هي متعلقة بأموال الحربيين المقاتلين (غير المدنيين)، وهذه الأموال لا خلاف في مشروعية إتلافها، والاستيلاء عليها لأنَّ لها علاقة مباشرة بالحرب(14)، وسواء كانت عامَّة أو خاصَّة(15)، والأمر كذلك في القانون الدولي(16).
الثاني: (أموال غير مستخدمة في القتال)
وتنقسم بحسب ملكية الأفراد إلى قسمين: عامَّة، وخاصة(17).
فالعامَّة: المَملْوكَة للدولة، ويتصرف فيها ولي الأمر وفق المصلحة، أو الأموال التي تتولى إدارتها(18)، وبالتالي يكون نفْعُهُ للمدنيين الحربيين وغيرهم من المقاتلين(19)، وذلك مثل المنشآت النفطية (الموارد الطبيعية)، والمطارات، والطرقات (المرافق العامة)، وأموال الوقف، وأموال الجمعيات..
والخاصَّة: ما يكونُ مُلْكها مقصوراً على أفراد معينين، كالدور، والدَّواب من الإبل والخيل.. ومثلها حديثاً المراكب من السيارات، التي هي لأفراد بعينهم، ويشمل هذا ما كان مملوكاً لشخص واحد، أو مملوكاً لعدة أشخاص كالشركات والقطاعات المملوكة لأشخاصٍ مدنيين، وليستْ مملوكة للدولة، ولا تتولى إدارته(20). وبهذا تكون الأموال غير المستخدمة في القتال (العامَّة والخاصَّة) هي مناط البحث في حكم إتلافها، والاستيلاء عليها. والله المستعان.

المبحث الأول: حمايةُ أموال المدنيين الحربيين العامَّة غير المستخدمة في القتال في الإسلام.
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: حِمايةُ أَموال المدنيين الحربيين العامَّة غير المستخدمة في القتال
المال العام هو: (ما كانت ملكيته للناس جميعاً أو لمجموعة منهم، ويكون حق الانتفاع لهم، دون أن يختصَّ به أحد معين، أو يستغلَّه لنفسه)(21).
 وهذه الأموال تعتبر مالاً لجميع (الحربيين) سواءً كان مقاتلاً أو غير مقاتل إذ أنَّها في الأصل ملك للدولة، وما كان كذلك فإنه يكون ملكاً عاماً للجميع، والفقهاء لم يفرقوا في أدلتهم بين الأموال العامة والخاصة، وهذه التفرقة لم ترد إلا عند المالكية وبعض الحنابلة، كما سيأتي بيانه - إن شاء الله.

ويمكن تقسيم أموال الحربيين من حيث الاستفادة منها في الحرب إلى قسمين(22):
الأول: (ما كانت موضوعة للحرب)، أي: أنَّها مُعَدَّة ومهيأة للقتال. ولكنَّها لم تستخدم فيه، وذلك كالسيوف، والدروع، والمجانيق، والموانئ، والمطارات الحربية، والطائرات، والسفن وغيرها مما هو مُعَدٌّ للقتال ولكنَّه لم يستخدم فيه.

الثاني: (ما كانت موضوعة لغير الحرب)، أي: أنَّها مدنيَّة معيشية، وهي غير مستخدمة في الحرب، وذلك مثل المزارع، والدُّور، والأبنية، والأنعام من البقر
والغنم والإبل..(23) ومثلها حديثاً: خزاناة المياه، وآبار النفط، ومصافي تكريره، والطائرات، والسفن المدنيَّة..(24)

(حكم هذه الأموال)
الأول: (ما كانت موضوعة للحرب)
(أ‌)  حكم إتلافها: إذا كانت الحاجة داعية إلى إتلافها، واقتضت ظروف الحرب ذلك، فإنَّه لا خلاف في جواز ذلك(25). وقالوا: إذا كانَ يُتَوصل إلى هزيمتهم بقتل بهائمهم جاز ذلك(26).
(ب‌)  حكم الاستيلاء عليها: لا خلاف بين الفقهاء في جواز الاستيلاء عليها. والفقه الإسلامي لا يفرق بين ما كان موضوعاً للحرب وبين غيره، في حال الظفر بالعدو(27)، ولا بين العقار والمنقول، فالكلُّ غنيمة للمسلمين(28)، حيث إنَّ الغنيمة _ كما سبق ذلك – أموال الكفار التي أخذت قهراً..، ولفظ المال يشمل المنقولات و العقارات.

الثاني: (ما كانت موضوعة لغير الحرب)
 حكم إتلافها: اختَلفَ العلماء في جواز إتلافها حالَ الحربِ، وذلك إذا لم يُرْجَ حصولها للمسلمين، مع اتفاقهم على جواز تركها عند المصلحة أو إذا رأى الإمام ذلك(29).
واتفاقهم على عدم جواز إتلافها في حالةِ الظفر وإذعان العدو أو استسلامهم(30)؛ لأنه إتلاف محضٌ للمال، وهو غَنيمةٌ للمسلمين، ولا يجوز هلاك شيء من المال بلا انتفاع أصلاً كقتل الدَّابة بلا سبب موجب، وهذا من العبث(31).

والخلاف في غير هذه الأحوال على أقوال:
القول الأول:
لا يجوز إتلاف هذه الأموال مطلقاً سواءً كانت شجراً أو ثمراً، أو زرعاً (جماداً) أو كانت حيواناً. وهو قول أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- والأوزاعي(32)، واللَّيث بن سعد(33)، وأبي ثور(34).
 وهو رواية عن الإمام أحمد(35).
القول الثاني:
أنَّه لا يجوز إتلاف هذه الأموال إذا كانت شجراً أو زرعاً أو ثمرا (جماداً)، ولا يجوز ذلك في الحيوان. وهو قول عند المالكية(36)، وقول الشافعية(37)، ورواية عن الإمام أحمد وهي الأظهر(38)، وقول ابن المنذر(39)، وابن حزم الأندلسي(40).
القول الثالث:
يجوز إتلاف الشجر، والثمر، والزرع ونحوه (الجماد)، وكذلك الحيوان.
وهو قول الحنفية(41)، وهو القول الصحيح عن المالكية، وقال بعضهم: إنَّ الإتلاف مندوب(42).
الأدلـة
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
الدليل الأول: (من الكتاب)
قول الله تبارك وتعالى:{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} (البقرة:205)
وجه الدلالة:
أنَّ العموم في الآية يشمل جميع أنواع الفساد في الأرض ومن ذلك التخريب، والتحريق (الإتلاف) للحيوان(43)، والشجر، والزرع.
ونوقش هذا الدليل بما يلي:
أنَّ المقصود بالإهلاك في الآية ما كان إتلافاً لسبب الظلم وهو الكفر والمعاصي فيكون بذلك هلاك النسل والحرث حيث يمسك الله القطر من السماء، وكذلك النفاق يؤدي إلى الفرقة والاختلاف ووقوع القتل(44).
أو يكون المقصود الإهلاك المحض المجرد عن الفائدة، لا لمصلحةٍ وإنما هو ظلم وعدوان(45)، وهذا خارج محل النزاع إذ أنَّ الإهلاك المحض لا يجوز، وهو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " إنَّ الله حرَّم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات، وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال "(46).
 ومحل النزاع هو: (أموال الكفار الحربيين المدنيين العامَّة غير المستخدمة في القتال)

الدليل الثاني: (من السنة)
قوله صلى الله عليه وسلم: " من قتل صغيراً أو كبيراً، أو أحرق نخلاً، أو قطع شجرة مثمرة، أو ذبح شاةً لإهابها لم يرجع كفافاً(47) "(48).
وجه الدلالة:
ورد النهي فيه صراحةً عن إهلاك وتخريب الأموال والحيوان، وهذا عام يشمل أموال المسلمين وغيرهم(49).
ونوقش بأمرين:
الأول: أنَّ الحديث ضعيف.
الثاني: على فرض صحته فإنَّه يُحمل على غير حال الحرب، التي يكون في إتلاف هذه الأموال مصلحة للمسلمين(50). وبذلك يكون الاستدلال به - كالآية السابقة - خارج محل النزاع.

الدليل الثالث: (من الآثار)
(1) استدلوا بوصية أبو بكر –رضي الله عنه- ليزيد بن أبي سفيان –رضي الله عنه- عندما بعث جيوشاً إلى الشام. وفيها: " ولا تقطعنَّ شجراً مثمراً، ولا تخربنَّ عامراً، ولا تعقرنَّ شاةً، ولا بعيراً إلا لمأكلةٍ. ولا تحرقنَّ نحلاً، وتغرقنَّه(51)، ولا تغلل ولا تجبن.."
وفي رواية: " ولا تغرقنَّ نخلاً –بالخاء المعجمة – ولا تحرِّقنها، ولا تعقروا بهيمة، ولا شجرة تُثمر"(52)
وفي رواية: " لا تُخربوا عمراناً، و لا تقطعوا شجرةً إلا لنفع، ولا تعقرنَّ بهيمة إلا لنفع، ولا تحرقنَّ نخلاً، ولا تغرقنَّه.."(53).
وجه الدلالة: دلَّت وصية أبي بكر –رضي الله عنه- صراحة على النهي عن التخريب، والتحريق، وجميع أوجه الإهلاك للمال من (حيوان) أو (جماد) لغير نفع، وكان هذا حال الحرب(54)، فدلَّ على عدم جواز إتلاف أموال المدنيين الحربيين العامة غير المستخدمة في القتال.

ونوقش الاستدلال بالوصية بما يلي:
أ‌) ضعف هذه الوصية للإرسال في سندها.
الجواب: أنَّه بمجموع طرقها يصح بها الاحتجاج، والمرسل مقبول عند بعض أهل العلم خصوصاً إذا كان الإرسال من كبار التابعين، وسبق بيان ذلك.
 ب) أنَّ أبا بكر –رضي الله عنه- أمر بترك إتلاف أموالهم، وهو أمر مباح؛ لأنه لا حاجة لذلك وهذا من باب المصلحة و السياسة التي يراها في الحرب، وهذا جائز(55)؛ لدلالة قوله تعالى: { أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} (الحشر: من الآية5)، ولم يقطع - صلى الله عليه وسلم - أيضاً نخل خيبر مع قطعه لنخل بني النضير وكل ذلك حسن(56).
 ج) أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّ المسلمين سيظهرون على كنوز كسرى وقيصر، "ولتُقسَّمنَّ كُنُوزهُما فِي سَبيلِ اللهِ"(57)، فنهاهم عن إهلاك ما يكون غنيمة للمسلمين من قطع شجر، وإحراقِ النخل، وتخريبِ ما يبقى لهم(58).
 د) أنَّ الحجة في قول الله تبارك وتعالى وقول رسوله -صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا لا يصح الاحتجاج بقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع مخالفته لما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم(59).
(2) رُوي عن ابن مسعود(60)- رضي الله عنه – " أنَّه قدم عليه ابن أخيه في غزوةٍ غزاها، فقال: لعلَّك حرَّقت حرثاً؟ قال: نعم، قال لعلَّك غرَّقت نحلاً؟ قال: نعم، قال لعلَّك قتلت امرأةً؟ قال: نعم، قال: لتكن غزوتك كفافاً "(61).
وجه الدلالة:
عدم جواز تحريق الحرث، وتغريق النحل (إتلاف أموال الحربيين غير المستخدمة في القتال)؛ لما في ذلك من الإثم، وهذا مقتضى نهي ابن مسعود – رضي الله عنه(62).
نوقش:
أنَّه لا حجة في أحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم(63)، وما ورد من النهي فإنَّه يُحمل على الإتلاف المحض الذي لا مصلحة وراءه(64).

الدليل الرابع: (من المعقول)
أنَّ هذا المال لا ضرر فيه على المسلمين، ولا نفع سوى غيظ الكفار، والإضرار بهم فلا يجوز قطعه، أو تخريبه؛ لأنه إتلاف محض، وهو محظور غير جائز(65).
نوقش:
أنَّ دعوى الإتلاف المحض مردودة؛ لتحقق المصلحة في إتلاف مالهم؛ لما في ذلك من الإغاظة التي يترتب عليها هزيمتهم نفسياً، والإتلاف فروع بدليل آية اللينة ثمَّ تختم الآية بذكر العلة وهي: {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}(66) (الحشر: من الآية5)، وهناك أدلة أخرى في عدم جواز إتلاف الحيوان أرجأتها إلى أدلة القول الثاني.
خلاصة هذه الأدلة:
من خلال ما سبق أجد أنَّ هذا القول يمنع من إتلاف مال العدو العام غير المستخدم في القتال؛ لعدم وجود مصلحة ونفع للمسلمين من هذا الإتلاف مطلقاً ويقال في هذا: أنَّ الأمر يرجع إلى ظروف كل حرب وما تقتضيه المصلحة، فإن وجدت جاز الإتلاف، وإن لم توجد جاز تركه، وهذا وفقاً لما قرره ابن حزم من أنَّ أبا بكر أمر بترك الإتلاف اختياراً حيث إنَّه مباح(67). ومرجع هذا إلى ما تقتضيه سياسة الإمام الشرعية.

أدلة القول الثاني
أولاً: (من الكتاب)
أ) قوله جلَّ وعلا: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (الحشر:5)
وجه الدلالة:
يبينه سبب نزول الآية فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: " حرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة(68)، فنزلت:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ...}"الآية(69).
وفي بعض الروايات عند المفسرين أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما حرق النخل وقطعها شق ذلك على اليهود، فقالوا: "يا محمد ألست تريد الصلاح، أفمن الصلاح عقر الشجر وقطع النخل؟ وهل وجدت فيما أنزل عليك إباحة الفساد في الأرض؟" فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد المؤمنون في أنفسهم حتى اختلفوا، فقال بعضهم: لا تقطعوا مما أفاء الله علينا. وقال بعضهم: اقطعوا لنغيظهم بذلك. فنزلت الآية بتصديق من نهى عن القطع وتحليل من قطع من الإثم، وأخبر أنَّ قطعه وتركه بإذن الله – سبحانه وتعالى(70).  
وفي هذه الآية مع ما ورد من سبب نزولها من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل على جواز إتلاف وإهلاك أموال الحربيين العامة غير المستخدمة في القتال من تحريق، وقطع، وتخريب لأشجارهم وثمرهم وغير ذلك، مما يَعُمُّ نفعه لكل الكفار الحربيين من (مدنيين) ومقاتلين.
وفي هذا إغاظة لهم، وكبت لشرهم، وقطع لِقُوَّتِهِم، وكيدٌ لهم، وإتلاف بعض المال لصلاح باقيه مصلحة جائزة شرعاً، مقصودةٌ عقلاً(71).
المراد باللِيْنَة
أُختُلِف في المراد بها، والصحيح أنَّها: (النخلُ كلُّه إلا العجوة والبرني)؛ لأنَّ أهل اللغة يصححون ذلك فاللينة وزنها لونة واعتلت على أصلها فآلت إلى (لِيْنَة) فهو: لون فإذا دخلت الهاء كُسِر أولها(72).
واعترض على الاستدلال بالآية: أنَّ أبا بكر - رضي الله عنه - لا يُعارض فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لأنَّه عَلِم نسخ ذلك الفعل منه صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا يجوز أن يُخالفه مع علمه بفعله وقد نهى عن ذلك وعمل به أئمة المسلمين(73). أو أنَّ هذا خاص ببني النضير فلا يُقاس عليهم غيرهم(74).

والجواب من وجهين:
الوجه الأول: قال الإمام الشافعي – رحمه الله -: " فإن قال قائل: قد ترك في بني النضير. قيل: ثم قطع بالطائف، وهي بعد هذا كلِّه، وآخر غزاةٍ لقي فيها قتالاً " أ. هـ(75)
فبطل بذلك دعوى التخصيص لبني النضير وبطل النسخ كذلك.
الوجه الثاني: ما سبق في الجمع بين فعله صلى الله عليه وسلم ووصية أبي بكر، من أنَّه ربما ترك ذلك سياسة منه؛ لأنَّه رأى أنَّ المصلحة تقتضي ذلك، والترك جائز. أو أنَّه علم أنَّها تصير للمسلمين فتركها فائدة لهم.
ب) أنَّ من العون عليهم والقوة قطع أشجارهم، وتحريق نخيلهم، وفي هذا يقول الباري جلَّ شأنه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (الأنفال: من الآية60)(76)
ج) أنَّ من المشروع في حق الكفار إغاظتهم(77)، والنيل منهم(78)، والله سبحانه يقول في ذلك: {وَلا يطئُوْنَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ} (التوبة: من الآية120)، وفي إتلاف أموالهم في غير حال الحرب تحقيق لهذه الآية(79).

ثانياً: (من السنة)
أ) ما سبق في سبب نزول آية اللينة، فعن ابن عمر – رضي الله عنهما– قال: "حرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة. فنزلت {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ...}"الآية
وهذا الحديث دلَّ على جواز إتلاف مال الحربيين العام غير المستخدم في القتال كيداً لهم، وإغاظةً، وكبتاً لشرهم، وقطعاً لقواهم(80)، ووهناً لهم.
ب) عن جرير بن عبد الله البجلي(81) – رضي الله عنه – قال: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تريحني من ذي الخلصة(82) - وكان بيتا في خثعم يسمى الكعبة اليمانية – قال: فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أَحمَس، وكانوا أصحاب خيل، وقال: كنت لا أثبت على الخيل، فضرب على صدري، وقال: اللهم ثبته واجعله هادياً مهدياً. فانطلق إليها فكسرها وحرَّقها. ثم بعث على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره، فقال رسول جرير: والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجوف أو أجرب. قال: فبارك في أَحمَس ورجالها خمس مرات"(83).

وجه الدلالة:
في هذا الحديث الدلالة على المبالغة في نكاية العدو، وذلك بإتلاف أموالهم العامة حتى ولو لم تكن تستخدم حال الحرب؛ لما فيه من قهرهم وإغاظتهم.

ج) عن عروة بن الزبير(84) – رحمه الله: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عند حِصن الطائف فحاصرهم بضع عشرة ليلة وقاتلته ثقيف بالنبل والحجارة، وهم في حصن الطائف، وكثرت القتلى في المسلمين وفي ثقيف، وقطع المسلمون شيئاً من كروم ثقيف ليغيظوهم بذلك. قال عروة: وأقرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين حين حاصروا ثقيف أن يقطع كلَّ رجلٍ خمس نخلات، أو حبلات من كرومهم"(85).

وجه الدلالة:
دلّ الحديث على مشروعية إهلاك أموال الحربيين ولو لم تستخدم في القتال؛ لما في ذلك من الخزي والنكاية فيهم وهذا ما حصل في حصار النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطائف، فعندما أَرسلت ثقيف على المسلمين سكك الحديد محماة بالنار وخرج المسلمون من تحتها، ورمت المسلمين بالنبلِ فقتلوا منهم رجالاً، أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع أعنابهم، فوقع الناس فيها يقطعون، أغاظ ذلك الكفار من ثقيف فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يدَعها لهم والرحم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: "إنِّي أدعُها للهِ والرحم"(86).
وقيل أنَّ بني الأسود طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذها لنفسه ولا يقلعها، فكف عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم(87).

ثالثاً: (القياس)
استدلوا بالقياس على عدم الحرمة لأنفسهم، فإذا أُثبت هذا فإنَّه لا حرمة لأموالهم؛ لأنَّ حرمة الأموال لحرمة أربابها، وما كان وسيلة إلى قتلهم، فهو جائز وليس ذلك بأولى من قتل نفوسهم(88).

رابعاً: (المعقول)
أنَّ هذا الإتلاف مما تقتضيه المصلحة، وهي عدم التَّقوي على القتال، وإضعاف شوكتهم، وذلك بغتلافها ومنع انتفاعهم بها، وهذه مصلحة جائزة وغرض صحيح جائز شرعاً ومقصودٌ عقلاً، حتى يجيبوا داعي الله(89).
وأما أبرزُ أدلة (الشافعية والحنابلة) في منع إتلاف الحيوان من أموال العدو لغير ضرورة فهي كما يلي:
أولاً: الأحاديث التي تنهى عن قتل الحيوان إلا لمأكلة، فمنها:
أ) قوله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قتل عصفوراً فما فوقها بغير حقها سأله الله عز وجل عن قتله. قيل يا رسول الله ما حقُها؟ قال: أن يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها فيرمي بها "(90).
وجه الدلالة:
دلَّ الحديث على أنَّ كل ذي روح من الحيوانات لا يقتل لغير منفعة الأكل؛ لأنَّ له روح يألم بالعذاب ولا ذنب له، يختلف الأمر عن إتلاف ما لا روح له(91).
نوقش:
بأنَّه يحمل على الإتلاف المحض للحيوان الذي ليس فيه منفعة و لا فائدة، وفي إتلاف حيوانهم منفعة الإغاظة، والنكاية، وكسر الشوكة(92).
يُجاب عن ذلك:
 أنَّ الغاية لا تبرر الوسيلة ولا تكون إلا بما هو مقرر شرعاً، فالنكاية بالعدو وإغاظتهم تكون في حدود ما قرره الله ورسوله؛ ولذلك لا يُغاظون بما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم تدعُ ضرورة أو حاجة لهذا الإتلاف(93).

 ب) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما – قال: " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النحلة والنملة والصُّرَد(94) والهدهد "(95)، وورد كذلك النهي عن قتل النحل في وصية أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – وفيها: "ولا تحرقن نخلاً، ولا تغرقنَّه ". وكذلك بوصية ابن مسعود السابقة، وفيها: "لعلَّك غرقت نحلاً؟ قال نعم...ثم قال له: لتكن غزوتك كفافاً " أي: خالية من الآثام.

وجه الدلالة:
أنَّ النحلة وغيرها من الحيوانات لا يجوز قتلها لأجل إغاظة المشركين بدليل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من عدم جواز قتلها، وغيرها يكون مثلها في الحكم(96).
نوقش:
 أنَّ هذا يعمل على الإتلاف المحض المجافي للمصلحة، والمصلحة هنا إغاظة العدو والنكاية به، فيجوز ذلك والله سبحانه يقول: {وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ}(97) (التوبة: من الآية120)
والجواب:
 يُرَدُّ عليهم بنحو ما سبق حيث إنَّ إغاظة المشركين تكون في نطاق المشروع والثابت من الشريعة، ولا يُغاظون بما هو ممنوع. ولو أنَّ المسلمين سبوا نسائهم وولدانهم وأدركهم الكفار ولم يشكوا في استنفاذهم إياهم من المسلمين لم يجز قتلهم مع أنَّه أغيظ لهم وأنكى من قتل دوابهم فليس كل ما قطع المنفعة بالنسبة لهم وبلغ غيظهم حِلٌ لنا فما حل لنا منه فعلناه، وما حُرِّم علينا تركناه، وما شككنا فيه أنَّه يحل أو يحرم تركناه(98).

ثانياً:
احتجوا من الآثار بقول أبي بكر – رضي الله عنه – ليزيد بن أبي سفيان - رضي الله عنه -: " ولا تعقرنَّ شاة ولا بعيراً إلا لمأكلة.."
حيث أنَّ أبا بكر – رضي الله عنه – نهى عن إتلاف الحيوان من أموال العدو في غير حال القتال، و لا يعرف له في ذلك في ذلك مخالف من الكتاب، ولم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قتل حيواناً، ولا مخالف من الصحابة في ذلك، فإتباع أبي بكر في ذلك هو الحجة(99)، وأيضاً فإنَّ قول الصحابي حجة إذا ظهر له مخالف ويقدم على القياس، ويخص به العام(100).
نوقش:
أنَّ هذه الوصية ضعيف و لا يصح الاحتجاج بها.
الجواب:
أنَّ هذه الوصية بمجموع رواياتها يصح الاحتجاج بها، وعلى فرض ضعفها فقد أيدها الإجماع المنقول عليها(101). ومن ثمَّ فإنَّ الحنفية والمالكية استدلوا بها على عدم جواز قتل النساء والصبيان والرهبان والشيوخ..(102)
 
ثالثاً: واستدلوا بالفرق بين الحيوان وبين الشجر ونحوه (الجماد):
حيث إنَّ الحيوان له حرمتان: الأولى: لمالكه، والثانية: لله تعالى، فإذا أُسقطت حرمة المالك؛ لكفره بقيت حرمة الخالق - عز وجل - في بقائه؛ ولذلك يمنع من إجاعته، وعطشه، وتعذيبه، بخلاف الأشجار، وإغاظة العدو ليست مسوغاً لإتلاف الحيوان(103).
ونوقش من وجهين:
الأول: أنَّ الروح الزائدة في الحيوان لا تزهق إلا لمنفعة ومصلحة وهي إغاظة العدو والنكاية فيهم؛ فلذلك جاز إتلافها(104).
والجواب:
يجاب على ذلك بنحو ما سبق أنَّ الإغاظة لا بد أن تكون في حدود الشرع، ومن ثَمَّ فإنَّ الحيوان يقتل لأحد معنيين: أحدهما: ما كان فيه ضرر لضرره. وما كان فيه منفعة الأكل، وحَرُمَ أن تعذب التي لا تضر لغير منفعة الأكل، فإذا ذبحنا غنم المشركين في غير الوضع الذي نصل فيه إلى أكل لحومها، فهو قتل بغير منفعة، وهم يتقوون بلحومها وجلودها. وإن قال قائل: أنَّ في ذبحها قطع لقوتهم وقطع للمنفعة لهم فيها للحياة. قيل: قد تنقطع المنفعة عنهم بذبح أبنائهم، ونسائهم وشيوخهم، والرهبان. وذلك أنكى، وأكثر إغاظة لهم. وهو لا يجوز، ومن هنا فليس كلُّ ما قطع المنفعة عنهم وأغاظهم أصبح جائزاً لنا(105).
ولذلك فإنًَّ من إغاظتهم الغدر بهم، وخيانتهم، ونتخذ أي سبيل يوصل إلى النكاية بهم، ومع هذا فإنَّه لا يجوز فالوسيلة لها حكم الغاية، والغاية لا تبرر الوسيلة.
الخلاصة:
من خلال أدلة من أباح (الحنفية والمالكية) إتلاف مال الحربيين الأعداء العام غير المستخدم في القتال. أجده قد تمسك بأمر وهو (إغاظة العدو) واعتبرها مسوغاً لإتلاف أموالهم، خصوصاً لما في الإغاظة من الأثر النفسي في العدو.
ومن منع (الشافعية والحنابلة) مِنْ ذلك تمسك بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إتلاف الحيوانات لغير أكلها، وأنَّ الحيوان يفارق الأموال الأخرى كالشجر وغيره (الجماد) من أموال العدو، فيجب أن يحترم؛ لأنَّ له روح. ونَصَّ على أنَّ الإغاظة لا تكون إلا وفق ما قرره الشرع المطهر، والإغاظة لا ترتقي إلى أن تكون مسوغاً لإتلافها، فمن الأمور التي تكون أكثر إغاظة لهم قتل نسائهم، وصبيانهم، والغدر بهم، وخيانتهم، وهي مع ذلك لا تجوز، وكذلك إتلاف حيواناتهم.
ومبدئياً فإنَّ هذا القول تمسك بالدليل وهو الأقرب عندي للصواب، وعند وجود الحاجة إلى إتلافها يرجع الأمر إلى الحاكم من باب السياسة الشرعية.
(تنبـيه)
نص الشافعية والحنابلة على جواز إتلاف الحيوان عند الحاجة والضرورة.
وذكروا بعض الأحوال:
1) في حالة المقاتلة عليها، واحتجنا لدفعهم والظفر بهم.
2) في حال الخوف من الاستفادة منها في القتال مستقبلاً وذلك كالخيل.
والدليل على هذين الحالين:
أنَّ الحيوان هنا كالآلة للقتال، وقتل بهائمهم يتوصل به إلى هزيمتهم، فجاز لنا إتلافها. وإذا جاز لنا قتل النساء والصبيان عند التترس وفي حال البيات، فالحيوان أولى. وورد ذلك في سير الصحابة – رضي الله تعالى عنهم – من غير نكير.
 3) في حال غنيمة المسلمين للحيوان وخافوا أن رجع إلى الكفار ضرر عليهم، فيجوز إتلافها دفعاً لهذه المفسدة، ومغايظةً لهم(106).
ونصَّ ابن حزم - رحمه الله – في المحلَّى على جواز عقر الخنازير(107).
وهذه الحالات هي سبقت الإشارة إليه من أنَّ أموال الحربيين تنقسم إلى:
مستخدمة في القتال فيجوز إتلافها، وغير مستخدمة في القتال وتنقسم إلى قسمين:
الأول: ما كانت موضوعة للحرب، ويمكن الاستفادة منها في القتال، فيجوز إتلافها، وذلك كالخيل وهو ما نصَّ عليه الشافعية.
والثاني: ما كانت موضوعة لغير الحرب، وذلك كالزرع، والشجر، والإبل، والبقر، والغنم، وينقسم إلى قسمين: عام، وخاص وهذا هو محل الخلاف. والله أعلم.

أدلة القول الثالث على جواز إتلاف أموال الحربيين من مدنيين ومقاتلين العامة غير المستخدمة في الحرب: سواءً كانت حيواناً أو جماداً.
الدليل الأول: قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (الحشر: الآية 5).
وجه الدلالة:
حيث إنَّ المقصود من الآية إغاظة العدو، وحرق نخلهم، ومتاعهم، وكذلك إتلاف حيواناتهم حتى لا يتقووا بها على المسلمين(108).
ونوقش:
أنَّ إتلاف الشجر ونحوه (الجماد) ثبت في القرآن والسنة، وأما الحيوان فقد ورد فيه نهي من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يذبح إلا لمأكلة(109).
الدليل الثاني: قوله جلَّ وعلى: {وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ }(التوبة: من الآية120)، حيث إنَّ إغاظة الكفار مشروعة، وتحصل بإتلاف أموالهم من زرع، وشجر، ونخل وغير ذلك (جماد) كما سبق ذكره، وكذلك بإتلاف حيواناتهم، وهذا من أبرز ما استدلوا به.
نوقش:
سبق ذكره وهو أنَّ الإغاظة لا تكون إلا وفق حدود الشرع(110).
الدليل الثالث: أنَّ إتلاف أموالهم من شجر، ونخل، وزرع، وحيوان، ومتاع، هو من العون عليهم والقوة، والله – عز وجل –يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ }(111) (الأنفال: من الآية60).
نوقش:
قال الشافعي – رحمه الله – بعدما نقل هذا الدليل: " أما كلّ ما لا روح فيه فلا بأس أن يحرقه المسلمون، ويخربوه بكل وجه؛ لأنَّه لا يكون معذباً، إنما المعذب ما يألم بالعذاب من ذوات الأرواح، وقد قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أموال بني النضير وحرَّقها، وقطع من أعناب الطائف وهي آخر غزاة غزاها النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي فيها حرباً، وأما ذوات الأرواح فإنْ زعم أنَّها قياس على ما لا روح فيه فليقل للمسلمين أن يحرقوها، كما لهم أن يحرقوا النخل، والبيوت، فإن زعم أنَّ المسلمين ذبحوا ما يذبح منها فإنه إنَّما أُحل ذبحها للمنفعة: أن تكون مأكولة "(112) أ.هـ رحمه الله.

الدليل الرابع: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حرَّق نخل بني النضير وقطع.. وقد فعل ذلك صلى الله عليه وسلم إغاظة للعدو، ونكاية بهم، فإذا كان هذا هو القصد من الإتلاف فجاز كذلك إتلاف الحيوان من أموالهم(113).
نوقش: الاستدلال بالقياس بين النخل والشجر والزرع (الجماد) وبين ماله روح من الحيوان قياس مع الفارق، حيث إنَّ الحيوان له معاملة تختلف عن غيره، وله حق للمالك وقد سقط هنا، وحق لله تعالى باقي، وقد سبق كلام الشافعي – رحمه الله – في ذلك حيث قال: "فإن زعم أنَّه قياس على ما لا روح فيه فليقل للمسلمين أن يحرقوها كما لهم أن يحرقوا النخل، والبيوت.."(114).
الدليل الخامس: استدلوا بالقياس في جواز إتلاف الحيوان من أموال الحربيين، وقد وردت لهم عدة أقيسة في هذه المسألة، وهي على النحو التالي:
القياس الأول: قياس الحيوان من أموالهم على أنفسهم بجامع عدم الحرمة لها من الشرع حيث أهدر الله دمائهم(115).
يُجاب عن ذلك من وجهين:
الوجه الاول: المنع، حيث إنَّ القياس يعارض نصاً، ولا يصح القياس مع مخالفته لنص صريح(116)، وهو عدم جواز إتلاف الحيوان إلا لمنفعة لأكل، ومنفعة إتلافها لإغاظة العدو غير معتبرة؛لأنَّه لا يغاظ الأعداء إلا بما شرعه الله ورسوله(117).
الوجه الثاني: التسليم على فرض جواز القياس، فإنَّه مع الفارق، حيث إنَّ الحيوان هنا لا ذنب له وهو يألم بالعذاب(118)، ولا يستحقه هنا إلا الكافر الحربي المعاند، بل قد وصف الله تعالى الكفار بـ{إنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}(119) (الفرقان: من الآية44)، وأيضاً فإننا نُهينا عن قتل بعضهم كالنساء، والصبيان، والشيوخ، والرهبان وغيرهم ممن لا يقاتل، فكذلك نُهينا عن إتلاف الحيوان من أموالهم إلا في حال القتال(120).

القياس الثاني:
نقله الشافعي - رحمه الله - رداً على مَنْ قال به، وقد سبقت الإشارة إليه، وهو: قياس الحيوان من أموال الحربيين على النخل، والزرع، والشجر (الجماد) بجامع إغاظة العدو، والنكاية به، وكسر شوكتهم(121).
ورُدَّ عليهم: بأنَّ القياس مع الفارق، إذ لو جاز ذلك " فليقل للمسلمين أن يحرقوها كما لهم أنْ يحرقوا النخلَ والبيوتَ، فإنْ زعم أنَّ المسلمين ذبحوا ما يذبح منها فإنَّه إنما أُحل ذبحها للمنفعة أن تكون مأكولة"، وهذه هي أبرز الاستدلالات التي وردت في المسألة.
الراجح:
من خلال النظر في الأدلة يظهر لي ترجيح القول الثاني بجواز إتلاف الأموال العامة للحربيين من مدنيين ومقاتلين وإن لم تستخدم في القتال، ولم تكن موضوعة للحرب سوى الحيوان من أموالهم. وذلك لما يلي:
1) وُورد النص الصريح في جواز الإتلاف، وهو فعله - صلى الله عليه وسلم، ثم نزل القرآن بتأييده: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (الحشر:5)، وبالتالي يتبين ضَعْفَ قول الأوزاعي، والليث، وأبي ثور في عدم جواز الإتلاف.
وهذا الإتلاف مباح، يفعله الإمام أو قائد الجيش متى ما رأى المصلحة تقتضيه أثناء الحرب، وإن ترك فلا بأس بذلك، ويكون القصد من الإتلاف ذا فائدة كإغاظة العدو، وكَسْر شوكتهم، والنكاية بهم. بخلاف الإتلاف المحض المجرد عن الفائدة، ويكون الإتلاف مقدرٌ بقدرٍ، فلا يُزاد على ما تقتضيه الحال.
ومما يؤكد هذا أنَّ أكثر ما ورد في إتلافه صلى الله عليه وسلم للنخل: ست نخلات. وقيل: أحرقوا نحلة، واقطعوا نخلة. وقيل: قطعوا أربع نخلات(122)؛ لأنَّ الإتلاف الزائد عن الحاجة إهلاك للمال بغير فائدة، وفي حال النصر يصير للمسلمين.
2)  أنَّ العمل على التأثير في نفوس الأعداء ينعكس على نتيجة الحرب؛ لِمَا يسبب من إحباط معنوياتهم، وروحهم القتالية، ومن هذه الأمور إتلاف أموالهم العامة التي تعتبر ملكاً للدولة، إذ أنَّ – ولو لم تكن موضوعة للقتال - من طبيعتها خدمة العمليات الحربية، بشكل أو بآخر، وإتلافها يضعف وينهك العدو. وهذا الأمر كذلك مقرر في قانون الحرب الدولي العام كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى(123).
3)  أنَّ القول بالمنع من إتلاف الحيوان هو من باب تخصيص العام، حيث إنَّ العموم جواز إتلاف أموالهم العامة، أيَّ أموالٍ كانت من بيوتٍ، وزروعٍ، ونخيلٍ..، خُصَّ منها الحيوان؛ لدلالة السنة على المنع من قتله إلا لمنفعة الأكل؛ لأنَّه لا ذنب له، وهو يألم بالعذاب، ولا يجوز إتلافه إلا في حال الحاجة، أو عند الضرورة، وقد سبق بيان ذلك.
وأما قولُ (الحنفية والمالكية) بأنَّ في ذلك مصلحة، حيث لا يُقتَصر الإنتفاع من الحيوان على الأكل، فيمكن تحقيق الانتفاع منه بإتلافه إغاظةً للعدو، وهو أمر مطلوب شرعاً، والحاجة داعية إلى ذلك.
فإنَّني أجد أنَّ هذا القول حصر جواز إتلاف الحيوان في أمر واحد وهو (إغاظة وإضعاف العدو) وهي مصلحة معتبرة في نظره، وهي تشبه إتلافها حال المقاتلة، إذ لا فرق.
وأما قول (الشافعية والحنابلة) فإنَّه نظر إلى الدليل، وجعل المصلحة في إتباع ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم، ولا يغاظ العدو إلا بما شرع الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك منع من الإتلاف إذ أنَّ الغيظ قد يحصل بأمر آخر غير إتلاف الحيوان.
الخلاصة:
يظهر لي والله أعلم – أنَّ قول (الشافعية والحنابلة) هو الأقرب للصواب؛لأنَّه يدعمه الدليل من السنة. وكذلك قول أبي بكر – رضي الله عنه. فإتلاف الحيوان لمجرد الغيظ للأعداء لا يصح اعتباره في مقابلة هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ خصوصاً أنَّه لم يرد عنه - صلى الله عليه وسلم أنَّه أتلف حيواناً، وإنما ورد عنه إتلاف غيره من النخل، والزرع، والشجر، وليس هذا جمود على النص ولكنْ للفارق بين ما له روح وما ليس له روح، وبالتالي تكون هذه المصلحة ملغاة.
أما إذا دعت ضرورة أو حاجة حال القتال، أوبعده لإتلاف الحيوان ويتوصل بذلك على هزيمتهم، أو دفع ضرر علينا فلا شك في جواز ذلك، خصوصاً إذا كان الحيوان مما يستعان به على القتال(124)، وهذا أمر يقدره الإمام من باب السياسة الشرعية.
والله – تعـالى – أعـلم

المطلب الثاني: (حماية أموال المدنيين الخاصة غير المستخدمة في القتال)
تعرض فقهاء المالكية وبعض فقهاء الحنابلة إلى هذه المسألة، وقرروا حمايةَ مالِ مَنْ لا يقاتل كالنساء، والصبيان، والشيوخ، والرهبان، والأُجرَاء وغيرهم ممن اعتزل القتال، وهذا في حال التحقق مِن أنَّ المال لهم(125).
ولكنَّهم اختلفوا في مقدار ما يترك لهم على أقوال عندهم:
القول الأول: أنَّ كلَّ من لا يقاتل لا يؤخذ من مالهِ شيء ولو كثر.
ودليل ذلك عندهم القياس: كما أنَّه لا يعترض إلى نفسه، فكذلك لا يتعرض لا يتعرض ماله إلى ماله(126)، وهو ظاهر مذهبهم.
القول الثاني: إنْ كانَ المال يسيراً تُرِك، وإن كان قليلاً لا يترك(127). وهو قول قريب من القول الثالث.
القول الثالث: إن كان المالُ كثيراً أُخذَ منهم، ويُترك لهم قَدْر ما يعيشون به من أموالهم (كالبقرة، والغنيمات، والبغلة، والنخيلات، وما يقوم به معاشهم)؛ تجنباً لموتهم. والمعنى: أنَّه يترك لهم الكفاية فقط.
 ودليل هذا القول: أنَّ الأصل أخذ المال والنفس فيؤخذ ما زاد عن الحاجة وهذا القول هو الأكثر عند المالكية، وقول الحنابلة(128).
وفي حال عدم وجود مالٍ لهم، يؤخذ من أموال الكفار ويعطى لهم، فإن لم يكن للكفار مال وجب على المسلمين مواساتهم(129).
وأما المذاهب الأخرى فالأصل عندهم عدم قتلهم، ولكن ما حكم أموالهم؟ وهل يخالفون المالكية في ذلك؟
الذي يظهر لي هو عدم المخالفة، حيث يمكن أن يُخَرَّج هذا القول على قولهم بعدم جواز قتلهم؛ لأنَّ المقصد من الإتلاف لأموالهم سواءً كانت عامة أو خاصة هو إضعاف العدو، وقطع لقوتهم، ودفع الضرر عن المسلمين، وإغاظة لهم، وفي حال ترك شيء لغير المقاتلين (المدنيين) يعيشون به لا يُعارض هذه المقاصد، حيث لا ضرر بها على المسلمين، ولا تحقق قوة لهم، بل إنَّ في تركها إبقاء لحياتهم؛ لأنَّ أخذ جميع أموالهم يؤدي إلى موتهم وهلاكهم وهو ممنوع، فإذا ثبت لهم حرمةٌ في أنفسهم، فتثبت لهم حرمة في أموالهم(130).
والأقرب للصواب من أقوال المالكية هو القول الثالث القائل بترك شيء يعيشون به قدر كفايتهم ويؤخذ الباقي، وهذا الذي تقتضيه حال الحرب، فإنَّ في إبقاء الأموال الكثيرة في حوزتهم لأنَّها ملك لغير المقاتلين، قد يضر بالمسلمين، ويمكن للعدو أن يتقوى بها، ويستفيد منها تحت غطاء المدنيين.
ويجوز للإمام الأخذ بالقول الأول ويترك لهم جميع أموالهم، متى ما رأى المصلحة تقتضي ذلك من باب السياسة الشرعية(131)؛ لأنَّ المسألة اجتهادية ولا يوجد نص صريح فيها ولا يمكن أن نوجب للإمام العمل بهذا القول مطلقاً، وإنما يختلف الأمر من حال إلى حال، والله – تعالى - أعلم.

المبحث الثاني: (حماية أموال المدنيين الحربيين غير المستخدمة في القتال في القانون الدولي)
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: (حماية أموال المدنيين الحربيين العامة غير المستخدمة في القتال)
تنقسم الأموال العامة غير المستخدمة في القتال إلى قسمين:
الأول: (الأموال المنقولة) وهي على نوعين:
أ‌)  (الأموال الموضوعة للحرب)
قرر القانون الدولي جواز الاستيلاء ومصادرة كل ما يصلح من الأموال المنقولة للاستخدام في العمليات العسكرية بطريق مباشر أو غير مباشر، وذلك مثل النبيذ والخمر وغيره مما يعطى للجيش المحارب، سواءً كان ذلك من أسلحة، أو ذخائر أو مستودعات دون التزام الآخذ بإعادتها، أو التعويض عنها.
وهذا وفقاً لما قررته المادة الثالثة والخمسون من لائحة الحرب البرية (لاهاي) حيث نصت على ما يلي: "إنَّ الجيش الذي يحتل إقليماً لا يمكنه إلا أن يحجز الأموال العينية، و السندات، والقيم المستحقة الأداء التي تقود إلى الدولة حصراً، وكذلك مستودعات الأسلحة، ووسائط النقل، والمخازن، ومستودعات التموين، وبشكل عام كل ملك من أملاك الدولة يكون من طبيعته خدمة العمليات الحربية.."(132)

ب‌) الأموال الموضوعة لغير الحرب:
من خلال المادة السابقة (الثالثة والخمسين) يتضح ما يلي:
أولاً: عدم جواز الاستيلاء أو مس الأموال العينية التي لا تستخدم في الأعمال الحربية(133).
ثانياً: أجاز القانون الاستيلاء على النقود والسندات والقيم المستحقة الأداء لتلك الدولة(134).

الثاني: (الأموال العقارية)
قررت لائحة الحرب البرية (لاهاي) في المادة الخامسة والخمسين ما يلي:
"لا تعتبر دولة الاحتلال إلا كمديرة، ومنتفعة بالنسبة للأبنية العامة، والعقارات، والغابات، والمستثمرات الزراعية التي تقود ملكيتها للدولة المعادية.."(135) فلا يجوز الاستيلاء على أرض بلد محتل، وإنما تجوز إدارتها والانتفاع بها دون تملكها(136).
وهذا خلاف ما كان مقرراً قديماً في القانون الدولي من انتقال ملكية عقارات الدولة إلى الفاتحين، وكون الفتح طريق من طرق التملك، واكتساب الاختصاصات الدولية، ثمَّ أُلغي هذا الأمر حديثاً، وأصبح من المقرر عند أغلب شُرَّاح القانون الدولي عدم إدخال الفتح - "وهو استيلاء دولة عنوة على إقليم تابع لدولة أخرى" - ضمن الطرق المشروعة لاكتساب ملكية الأقاليم، ويعتبرونه من قبيل السرقة بين الدول. وهذا في حال كون الفتح ليس الغرض منه استرداد إقليم سبق اغتصابه من الدولة المستردة فلا ينطبق عليه الحكم(137).
و لا يزال بعض شراح القانون الدولي القانون الدولي يذهب إلى اعتبار الفتح بصفة عامَّة من وسائل اكتساب الملكية الإقليمية، فينتقل إلى الدولة الفاتحة(138).
وهذا القول يتوافق مع الشريعة الإسلامية،حيث يعتبر الفتح طريقاً لتملك المسلمين للأقاليم، وتصبح تحت مُلكهم وسيطرتهم.
ومِن ثمَّ فليس المقصد من الجهاد في الإسلام الاستيلاء على الأموال، وإنَّما المقصود الأعظم منه هو إعلاء كلمة الله تعالى، والذب عن الملة، والغنائم تابعة، أي: أنَّ الغنائم نتيجة تترب على الحرب، ويتملكها المسلمون بالأحراز، فهي أمر واقع كمجرد طريق لإضعاف العدو، ومعاقبته، وتعويض ما أنفق على القتال؛ لأنَّهم لم يكونوا يتقاضوا أجراً، ويأخذون معدات القتال كالخيل والزاد من عندهم، فإعطاؤهم من الغنائم يعتبر تعويضاً لهم. ومن أعرض عنها فقد جرَّد قصده للغرض الأعظم(139).
والله - سبحانه وتعالى - يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} (النساء:94)
فلا نحكم بكفر من نطق بالشهادة طمعاً وطلباً لعرض الدنيا وهي هنا المغانم بل نتحرى حاله، والله سبحانه وتعالى عنده مغانم كثيرة مِن رزقه و فواضل نعمه فهي خير لكم، وقيل المراد: الجنَّة(140).
وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -:"الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل لذِّكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه فَمَنْ في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"(141).
فالمقصد هو الإسلام والطاعة لله - عز وجل – وفي استيلاء المسلمين على أرضهم نشر لدين الله، ورفع لراية التوحيد؛ ولهذا يقول - صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أنْ لا إله إلا الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا منِّي دمائهم وأموالهم إلا بحقها ".
 
المطلب الثاني: (حماية أموال المدنيين الحربيين الخاصة غير المستخدمة في القتال)
القاعدة الأصلية في القانون الدولي هي: (عدم جواز الاستيلاء على الأموال المملوكة للأفراد، أو مصادرتها، أو نهبها، سواءً كانت منقولة أو عقارية)(142).
واستثني من هذه القاعدة جواز الاستيلاء على بعض أموال الأفراد الخاصة في حال الضرورة لسد حاجة الجيش، مع دفع ثمنها، أو الالتزام بالتعويض عنها(143).
وهذه القاعدة - كما سبق - قالت بها المالكية وبعض الحنابلة، وهو قول ضعيف، والقول الآخر وقال به الأكثر: أنَّ أموالهم تؤخذ ويترك لهم ما يعيشون به. وبالتالي لا تعارض بينها وبين ما تقرر في الفقه الإسلامي، ويجوز للإمام ترك الأموال الخاصة بالأفراد متى ما رأى المصلحة في ذلك من باب السياسة الشرعية؛ لأنَّ الحرب في الاصطلاح الحديث تتحملها الحكومات، ولا تقع على عاتق الشعوب خلافاً لما كان مألوفاً من أنَّ الحرب كفاح بين شعبي الدولتين، ثمَّ أُلغي هذا الأمر؛ ولهذا فلا مانع من الأخذ بالتفرقة بين أموال العدو العامة والأموال الخاصة بالأفراد(144)، أمَّا العقار فيدخل تحت ملك المسلمين كما سبق بيانه.
والله تعالى أعلم.

التطبيق العملي في الوقت الحاضر لمبدأ حماية أموال المدنيين الحربيين:
لم تراعِ القوات الأنجلو أمريكية هذا المبدأ في حربها على العراق مطلقاً، سواءً كان هذا في الأموال العامة أو الخاصة. أمَّا بالنسبة للأموال العامة فقد قامت بتدمير البنية التحتية سواءً كان هذا فيما يتعلق بمحطات توليد الكهرباء، أو محطات توليد الوقود، أو المياه، وقامت كذلك بتدمير المتاحف الأثرية و تركها للصوص.. بل إنَّ بعض الأمريكان شاركوهم في السلب والنهب(145).
 ولم تكتف بذلك فواصلت التعامل باستخفاف مع حضارة العراقيين. فاتخذت مدينة (بابل الأثرية) قاعدة عسكرية لها. وقد أفاد تقرير لمتحف بريطاني نشرته صحيفة (جارديان) البريطانية السبت 15-1-2005م أنَّ: "المركبات العسكرية الأمريكية والبولندية سحقت أرصفة أثرية يزيد عمرها عن 2600 عام في مدينة بابل التي تعد مهداً للحضارة ومقراً حدائق بابل المعلقة، إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة". وأنشأ القادة العسكريون الأمريكيون قاعدة في مدينة بابل في إبريل 2003م بعد غزو العراق، وسلموها لقوة تقودها (بولندا) بعد ذلك بخمسة أشهر(146).
وعقب الاحتلال أعلنت أمريكا أنها ستقوم بإعادة إعمار البلاد وتحسين أوضاعها؛ لتكون نموذجا لدول المنطقة. وبعد مرور عامين من الاحتلال كان الواقع شيئا آخر. فالدَّمار الذي أحدثته آلة الحرب الأمريكية لم يتم إصلاحه، وخاصة البنية التحتية؛ فالكهرباء متوفرة يومياً ولكن لساعتين فقط، والوقود ارتفعت أسعاره عشرة أضعاف ما قبل الحرب. أمَّا البطالة فقد وصلت إلى معدلات مرتفعة بلغت (60%)، يأتي هذا في الوقت الذي كشف فيه التقرير السنوي (لمنظمة الشفافية العالمية) الذي صدر في فبراير 2005م عن أنَّ: معظم الأموال المتوقع إنفاقها في عمليات بناء العراق لم تنفق بعد(147).
وأمَّا أموال العراقيين المدنيين الخاصة فقد طالها من الاعتداء ما طالها، فقد اتهمت لجنة حقوق الإنسان في العراق السبت 14-6- 2003 قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني بـ(اغتصاب العشرات من نساء وأطفال العراق) و(قتل مئات العراقيين) بعد اعتقالهم، كما أكدت اللجنة أنَّ (القوات الأمريكية والبريطانية هدمت منازل مواطنين عراقيين، بحجة البحث عن مقاومين، مشيرةً إلى أنَّها سجلت أكثر من ثلاثمائة حالة هدم لمنازل تعود لمدنيين عراقيين(148).

الفصل الرابع: (حماية المدنيين الحربيين قضائياً)، وفيه تمهيد ومبحثان:
تمهيد: (قيام الإسلام على أساس العدل بين الناس في كل الأحوال)
المراد بالعدل: العدل لغةً: لفظ يقتضي المساواة، أي: ضد الجَوْر وهو الميل، وهو، ما قام في النفوس أنَّه مستقيم. وهو أيضاً: الحكم بالحق، ومن أسماء الله – سبحانه وتعالى – العدْل، وهو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم. ولا يقتضي العدل المساواة من كل وجه، وإنما المراد: المساواة في المكافأة، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وعلى هذا النحو قول الله- تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} (النحل: من الآية 90) والإحسان أن يقابل الخير بأكثر منه، والشر بأقل منه(149).
والعدل اصطلاحاً: " الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط "(150)والعدالة في الشريعة: "عبارة عن الاستقامة على طريق الحق بالاجتناب مما هو محظور دينياً"(151).والعدل في القضاء بين الناس:"هو فصل الحكومة على ما في كتاب الله - سبحانه وتعالى – وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – لا حكم بالرأي المجرَّد"(152) وهذا هو المراد في قوله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (النساء: من الآية 58) فإنَّ العدل هو إتباع حكم الله المِنَزَّل(153).
لا يتسع المقام لبسط الكلام في بيان العدل في الإسلام، فالكلام فيه يطول، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة، ولكن ما يهمنا الآن هو العدل في القضاء بين الناس جميعاً. قال الباري – جلَّ وعلى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} (النساء:58)، هذه الآية - كما يقول أهل العلم- من أمهات الأحكام تضمنت جميع الدين والشرع؛ حيث إنَّ العموم في الآية عمومان: عموم لجميع الناس، قليلهم وكثيرهم، قريبهم وبعيدهم، الفاجر والولي، والعدو؛ لأنَّ اللفظ عام في الآية. وعموم لجميع الأمانات ومن هذه الأمانات ومن هذه الأمانات: (العدل بين الناس في الحكم) سواءً كان ذلك في الديار، أو الأعراض، أو الأموال قليلاً كان ذلك أم كثيراَ..(154)
وبهذا يكون العدل مع الكفار من سمات هذا الدين العظيم، بل من أساسياته وأركانه، فإنَّ الجهاد شرع لإقامة الحق بين الناس وفق ما أنزل الله، ولإخراجهم من الظلم العظيم الذي هو: الشرك، كما يقول الله – سبحانه وتعالى: { لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}(155) (لقمان: من الآية13)، ويحصل هذا بإعلاء كلمة الله – سبحانه وتعالى(156).
 ولم يفرق الفقهاء بين المسلم والكافر(157) في المعاملة القضائية، فالكل له حق الرجوع إلى القاضي ليفصل ويحكم بينهم وهذا أمر واجب؛ لأنَّ على القاضي أن يدفع الظلم بإنصاف المظلوم ورد الظالم عن ظلمه، وهذا بالإجماع(158).
ويكون الحكم بكتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (المائدة: من الآية42)، والقسط: حكم الله الذي أنزله على نبيه وهو العدل(159).
ولقوله تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}(صّ: من الآية26).
 ولقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} (المائدة: من الآية49).
ولقوله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (النساء: من الآية58)، فالعدل قِوَام الدِّين والدنيا(160).
قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: "فأعلم الله نبيه – صلى الله عليه وسلم – أنَّ فرضاً عليه وعلى مَن قبله والناس، إذا حكموا أن يحكموا بالعدل، والعدل: إتباع حكمه المنزَّل"(161).
ووجوب العدل بين الكفار لا يقتصر على مَن لا يقاتل (المدنيين) بل يشمل كذلك المقاتلين؛ ولهذا قال أهل العلم في قوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة:8)، قالوا: المراد بـ{تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} إعطائهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة، وليس المراد العدل، فإنَّ العدل واجب فيمن قاتل، وفيمن لم يقاتل(162).
وبرُّ المؤمن لأهل الحرب سواءً كانت بينه وبينهم قرابة نسب، أو لم تكن قرابة ولا نسب غير مُحرَّمٍ ولا منهي عنه، إذا لم يكن في ذلك ضرر على الإسلام والمسلمين، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، أي: "المنصفين الذين ينصفون الناس ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم، فيبرون من برهم، ويحسنون إلى من أحسن إليهم"(163).
وقال – صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن – عز وجل – وكلتا يديه يمين، الذين يعدِلُون في حكمهم وأهليهم ما وَلُوا"(164).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حكمتم فاعدلوا، وإذا قلتم فأحسنوا، فإنَّ الله - عز وجل – محسنٌ يحب المحسنين"(165).
وقال – صلى الله عليه وسلم: "سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل..."(166) الحديث.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رجمه الله -: "الجزاءُ في الدنيا متفق عليه أهل الأرض؛ فإنَّ الناس لم يتنازعوا في أنَّ عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة؛ ولهذا يروى: الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة"(167).
ولهذا نصر الله أمة الإسلام على غيرها من الأمم لما كانت متمسكة به، آخذة بأحكامه، مهتديةً بأخلاقه. قال رِبعيُّ بن عامر(168) - رضي الله عنه – لقائد الفرس في معركة القادسية لمَّا سأله ما جاء بكم؟ فقال: "الله ابتعثنا لنخرج مَن شاء مِن عبادة العباد إلى عبادة الله، ومِن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومِن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه؛ لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومَن أبى قاتلناه أبداً حتى نقضي إلى موعود الله. قالوا: وما موعود الله؟ قال: الجنَّة لمن مات على قتال مَنْ أبى، والظَّفر لمَنْ بقي"(169).
وبهذا يتبين لنا مكانة ومنزلة العدل بين الناس، الذي جاءت به الشريعة الإسلامية العادلة.
وقبل استعراض الكلام في المبادئ التي ينبغي مراعاتها في محاكمة غير المقاتلين (المدنيين)، نُعَرِّف الجريمة والعقوبة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي.
أولاً: الجريمة في الشريعة الإسلامية هي: " محظورات شرعية زجر الله – تعالى – عنها بحدٍ أو تعزير"(170).
والمحظورات إما أن تكون فعل أمرٍ منهي عنه، أو ترك فعل واجبٌ فعله، ولا بد أن تكون المحظورات منصوص عليها في الشريعة الإسلامية، فلا جريمة بدون نص.

ثانياً: الجريمة في القانون الوضعي هي: (عملٌ يُحَرِّمه القانون ويعاقب على فعله، أو عمل يقضي به القانون ويعاقب على تركه)(171).
وبالتالي يظهر لنا أنَّ الجريمة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي لا يصدق عليها مسمى جريمة إلا إذا تقررت عليها عقوبة(172).
تنبيه: المبادئ التالية في معاملة المدنيين الحربيين قضائياً يُعمل بها بعد احتلال البلد.
 
المبحث الأول: (المبادئ القانونية التي تناولها قانون الحرب الدولي بشأن حماية المدنيين)، وفيه مطالب:
المطلب الأول: (مبدأ عدم سريان قوانين لعقوبات بأثر رجعي)(173)
لمَّا كان من حق الدولة المحتلة أن تفرض قانوناً أو ما يسمى بـ (دستور البلاد) وتنص فيه على الجرائم والعقوبات المحددة لها، قُيِّد سريان هذه العقوبات بعدم جواز إقامتها على أفعال حدثت قبل صدور القانون، وهذا مبدأ من المبادئ الأساسية و الجوهرية، وتقرره جميع التشريعات الجنائية(174).
وقد نصت اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب والموقعة عام 1949م على هذا المبدأ في المادة الخامسة والستين فقالت: "لا تصبح قوانين العقوبات التي تفرضها دولة الاحتلال نافذة إلا بعد نشرها وإحاطة جميع السكان علماً بها بلغتهم الأصلية، ولا يكون لها أثر رجعي"(175).
وكذلك نصت المادة السابعة والستون على ما يلي: "لا تطبق المحاكم إلا القوانين التي كانت ساريةً قبل وقوع المخالفة.."(176).
وبالتالي فلا يجوز للدولة المحتلة أن تعاقب شخصاً أو تحاكمه على فعل لا يعد جريمة وقت حدوثه، وقرر القانون الدولي هذا المبدأ ليقطع الطريق أمام استبداد سلطات الاحتلال التي تحاول الانتقام من أشخاص تحت غطاء القانون، وتوقع عليهم عقوبات القوانين لم تكن نافذة المفعول وقت ارتكاب الفعل(177).
وهذا المبدأ من المبادئ المقررة عالمياً، وتضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الموقع سنة 1948م في مادته الحادية عشرة، الفقرة الثانية، حيث نصَّ على ما يلي: " لا يُدان أي شخصٍ من جرَّاء أداء عملٍ أو الامتناع عن أداء عملٍ إلا إذا كان ذلك يعتبر جريمة وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب. كذلك لا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة"(178).
وكذلك قررت الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية، والموقعة عام 1966م هذا المبدأ في المادة الخامسة عشر(179).

المطلب الثاني: (مبدأ التناسب بين العقوبة والجريمة)
هذا المبدأ قررته اتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، وذلك في المادة السابعة والستين، حيث نصَّت على ما يلي: "لا تطبق المحاكم إلا القوانين التي كانت سارية قبل وقوع المخالفة، والتي تكون مطابقة للمبادئ القانونية العامة، وعلى الأخص المبدأ الذي يقضي بأن تكون العقوبة متناسبة مع الذنب.."(180)
وكذلك قررته في المادة الثامنة والستين، حيث ذكرت أنَّ مدَّة الاعتقال أو الحبس لا بد أن تكون ملائمة للذنب المقترف(181).
والداعي إلى تقرير القانون الدولي لهذا المبدأ هو ما حدث في الحرب العالمية الثانية من توقيع عقوبات قاسية على السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، ووصلت في بعض الأحيان إلى القتل، وذلك نظير أفعالٍ أو مخالفات بسيطة مثل: الاستماع إلى إذاعة الأعداء، أو الإضراب عن العمل..(182)
وبالتالي عدم تقرير التناسب بين العقوبة والجريمة من الظلم الذي يجب على دولة الاحتلال أن تُزيلَه، وتراعي أثناء إيقاع العقوبة تناسبها مع الذنب أو الجُرم الذي اقترفه.

المطلب الثالث: (مبدأ شخصية العقوبة)
نصَّت اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين في المادة الثالثة والثلاثين، الفقرة الأولى على ما يلي: "لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً بالعقوبات الجماعية.."(183).
وقررت لائحة الحرب البرية (لاهاي) هذا المبدأ كذلك في المادة الخمسين، فقالت: " لا توقع عقوبات عامَّة مالية أو غيرها على السكان بسبب حوادث فردية لا يمكن اعتبارهم مسؤولين عنها بالتضامن"(184).
ويقرر هذا المبدأ عدم جواز إيقاع العقاب على شخص لم يقترف الذنب، ولم يساهم فيه، بأيِّ شكل من الأشكال.
والقانون الدولي يقرر هذا المبدأ؛ لما تقوم به سلطات الاحتلال من توقيع عقوبات جماعية لأشخاص مدنيين أبرياء، على سبيل الانتقام من أعمال قام بها أشخاص آخرون، كأعمال الفدائيين، فتقوم سلطات الاحتلال بالاعتقال الجماعي، والقيام بعمليات التعذيب لهم، وكذلك إعدامهم، وهم لا شأن لهم في ذلك(185).

المطلب الرابع: (تقييد عقوبة الإعدام)
لمَّا كانت هذه العقوبة أقصى العقوبات على النفس، وتمس حق الإنسان في الحياة، قرر القانون الدولي تقييد استخدام هذه الوسيلة لعقاب، ولا توقع هذه العقوبة إلا وفق هذه القيود وتتلخص فيما يلي:

القيد الأول: لا تقرر هذه العقوبة إلا على مرتكبي الجرائم التالية(186):
‌أ)  الجاسوسية:
وقد عرفت لائحة الحرب البرية (لاهاي) المراد بالتجسس، وذلك في التاسع والعشرين، وهو:" الشخص الذي يجمع، أو يسعى لجمع المعلومات سراً، أو تحت حجج شريفة، في منطقة عمليات أحد المتحاربين، بُغية إيصالها إلى الطرف الخصم"(187)
فعند ثبوت تجسس أحد المدنيين، ونقله للمعلومات فإنَّه يجوز إيقاع عقوبة الإعدام عليه، بعد محاكمته(188).
‌ب) كجرائم التخريب الخطيرة ضد المنشآت العسكرية التابعة لدولة الاحتلال.
‌ج)  الأفعال التي يترتب عليها وفاة شخص أو أكثر (جرائم القتل العمد).

القيد الثاني: أن تكون عقوبة هذه الحالات بمقتضى التشريع الذي كان سارياً في الأراضي المحتلة قبل بدء الاحتلال(189).
وهذا القيد تحفظت عليه الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة (بريطانيا) وكندا، ونيوزيلندا، وهولندا، واحتفظت لنفسها بحق توقيع الإعدام(190).

القيد الثالث: لا يجوز إصدار حكم بإعدام شخص محمي إلا بعد توجيه نظر المحكمة بصفة خاصة إلى أنَّ المتهم ليس من رعايا دولة الاحتلال، وغير ملزم بواجب الولاء نحوها(191).
هذا الأمر له نظر فيه إلى الظروف المحيطة بالجريمة، من كون الشخص من رعايا هذه الدولة، أو لا؛ لأنَّ الشخص الذي احتل بلده يكون مشحوناً بشعور من الكراهية تجاه المحتلين، فينبغي من القضاة مراعاة هذا الجانب، وعدم الحكم عليه بالإعدام مباشرة(192).

القيد الرابع: لا يجوز بأيِّ حال إصدار حكم بإعدام شخص محمي تقل سِنُُّهُ عن ثمانية عشر عاماً وقت اقترافه للمخالفة(193).
هذه هي أبرز القيود على عقوبة الإعدام في القانون الدولي، حسب ما ورد في المادة الثامنة والستين من اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين وقت الحرب.

المطلب الخامس: (عدم جواز القبض على الأشخاص المدنيين أو محاكمتهم بسبب أفعال أو أقوال سابقة على الاحتلال)
قررت هذا المبدأ اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين، وذلك في المادة السبعين، حيث نصت على ما يلي:
" لا يجوز القبض على الأشخاص المحميين، أو التحقيق معهم، أو الحكم عليهم بواسطة دولة الاحتلال من أجل ذنوب اقترفوها، أو آراء عبروا عنها قبل الاحتلال، أو في خلال فترة انقطاع مؤقت له، فيما عدا الإخلال بقوانين تقاليد الحرب"(194).
والسبب في تقرير هذا المبدأ ما حصل خلال الحرب العالمية الثانية من تصرفات انتقامية ضد الأشخاص الموجودين في الأراضي المحتلة، حيث يتم القبض عليهم، وحبسهم في السجون، ومحاكمتهم نظير أفعال صدرت منهم قبل نشوب العمليات الحربية وانتهائها، ولم تفرق بين الأشخاص الذين كانوا يفعلون ذلك تأدية لواجبهم الرسمي، باعتبارهم مسؤولين في الدولة، وبين الأشخاص الذين كانت تصرفاتهم بوحي من آرائهم الشخصية، فالكل كان محلاً للاعتقال والمحاكمة(195).
ولكن هناك استثناء ورد على هذه القاعدة وهو: إذا كانت هذه الأفعال تعدُّ انتهاكاً لقوانين و أعراف الحرب. وذلك مثل استخدام الأسلحة الممنوعة، والتصرفات الوحشية ضد الأسرى، وتعذيب المعتقلين..أي صورة من صور الانتهاكات لقوانين وأعراف الحرب؛ لأنَّ هؤلاء لا يستحقون هذه الحماية. وهم يعرفون دولياً بـ (مجرمي الحرب)(196).

المطلب السادس: ضرورة توفر ضمانات المحاكمة القانونية
لضمان تحقيق العدالة القضائية أثناء سير المحاكمة التي تجري على المدنيين، نصت اتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين أثناء الحرب في المادة الحادية والسبعين على ما يلي: "لا يجوز للمحاكم المختصة التابعة لدولة الاحتلال إصدار أي حكم، إلا إذا سبقته محاكمة قانونية.."(197) ونصت المادة السابعة والأربعين بعد المائة على المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية، ومنها: " تعمد حرمان شخص من الحقوق لخاصة بالمحاكمة الصحيحة القانونية المنصوص عليها في هذه الاتفاقية"(198).
وهذا المبدأ أقره القانون الدولي، وجميع التشريعات في كل الدول المحضرة، وذلك من أجل ضمان توافر الإدارة السليمة لمرفق القضاء(199).
حيث ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة العاشرة، والحادية عشرة على الضمانات التي يجب أن تراعى عند محاكمة أي إنسان، وهي:
1) حق كل إنسان متهم بجريمة في محاكمة عادلة، مستقلة، نزيهة، وعلنية.
2) كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً.
3) يجب تأمين الضمانات الكافية للدفاع عن كل متهم عند محاكمته(200).
وكذلك ورد ذكر هذه الضمانات القانونية في الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية في المادة التاسعة(201).

والخلاصة:
إقرار القانون الدولي للمحاكمة العادلة لأيِّ إنسان، ويُقر القانون الدولي هذه الضمانات للمدني أثناء الاحتلال الحربي، وقد فصل هذه الضمانات في المادة الحادية والسبعين والثانية والسبعين من اتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب(202).

المطلب السابع: (حق المعاملة الحسنة للمتهمين أو المحكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية)
 
هذا المبدأ من المبادئ الأساسية والرئيسية التي نص عليها القانون الدولي عموماً، وقانون الحرب خصوصاً، حيث نصت المادة السابعة والعشرين على هذا الحق، كمبدأ أساسي في الاتفاقية، والنص كما يلي: "للأشخاص المحميين في جميع الأحوال حق الاحترام لأشخاصهم، وشرفهم، وحقوقهم العائلية، وعقائدهم الدينية، وعاداتهم، وتقاليدهم، ويجب معاملتهم في جميع الأوقات معاملة إنسانية، وحمايتهم بشكل خاص ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السِّباب والتعريض العلني، وتُحمى النساء بصفةٍ خاصة من الاعتداء على شرفهن وعلى الأخص هتك العرض، والاغتصاب، أو أيِّ نوع من الاعتداء المشين، مع عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بحالتهن الصحية والسن والجنس، ويعامل جميع الأشخاص المحميين، بنفس الاعتبار بواسطة طرف النزاع الذي يكونون تحت سلطته دون أي تمييز ضار يرجع سببه على الأخص إلى العنصر أو الدين أو المعتقد السياسي"(203).
فهذه المادة نصت على هذا الحق، مع شيء من التفصيل فيه، وهذا المبدأ واضح لا غموض فيه.
وكذلك فصلت المادة السادسة والسبعين من الاتفاقية السابقة في هذا الحق(204).
وحقُّ المعاملة الحسنة للإنسان أقرَّهُ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، سواءً كان متهماً، أو محكوماً عليه بعقوبة مقيده للحرية، وذلك في المادة الخامسة، حيث نصت على ما يلي:
"لا يُعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطَّة بالكرامة"(205).
 وبهذا فلا يجوز للدولة المحتلة أن تعامل المتهمين والمحكومين معاملة سيئة، لا تراعي كرامتهم البشرية.

المبحث الثاني: (بيان سبق الشريعة الإسلامية للمبادئ القانونية التي نص عليها قانون الحرب الدولي) وفيه مطالب:

المطلب الأول: (عدم سريان العقوبات بأثر رجعي)

هذه القاعدة من القواعد الأساسية المتقررة في الشريعة الإسلامية، وسبقت التشريعات الوضعية بحوالي ثلاثة عشر قرناً، فالله - سبحانه وتعالى - يقول في مُحكَم كِتَابِهِ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}(الاسراء: من الآية15) فأبطل الله العقاب على جميع الناس، ولا يؤاخذهم بشيء إلا بعد إرسال الرسول إليهم؛ ليبلغهم أمره ونهيه – سبحانه وتعالى، وهذا من كمال عدله، وتمام نعمته، فالله - جلَّ وعلا – لا يعذب أحداً حتى يسبق إليه مِن الله خبرٌ أو يأتيه من الله بينة.
وفي معنى هذه الآية قوله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} (الأنعام:131)، فالله لا يعاقب أحداً حتى يبعث إليهم رسلاً تنبئهم على حجج الله عليهم وتنذرهم عذاب الله يوم المعاد، ولم يكن ليأخذهم غفلة فيقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير(206).
وأيضاً يقول الله عز وجل:{رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}(النساء: من الآية165)، فلا حجة لأحد أن يَرُدَّ عقابَ الله ويقول: لولا أَرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك من قبل أن نَذِِلَّ ونَخْزَى(207).
فهذه الآيات تورد معنى واحد وهو: (لا عقوبة إلا بعد وُرود النص وبلوغ الحجة)
ولا تتعدى العقوبة إلى أفعال وقعت قبل ورود النص، وفي هذا يقول الأصوليون: "لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود الشرع"(208)، ويقول الفقهاء أيضاً: " الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم"(209).
والمعنى من هاتين القاعدتين أنَّ الشخص لا يعاقب على فعل لم يكن وقت حدوثه محَرَّماً، أو يُعَد جريمةً، (فلا جريمة ولا عقوبة بلا نص)(210) ، ولم يرد في الفقه الإسلامي بحثٌ لمبدأ الرجعية في العقوبات، ولكن عند تتبع نصوص الأحكام الجنائية الشرعية نجد أنَّ هذا المبدأ معمول به، ولا يَتسعُ المقام لذكر جميع هذه النصوص، وإنَّما نمثل ببعضها:
‌أ)  الزنا: حرِّم في أولَّ الإسلام وكانت عقوبته مخففه، وهي: الحبس في البيوت والإيذاء؛ لقوله تعالى:{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً}(211) (النساء:15).
 ثم نُسخ بعقوبة أشد(212)، وهي: الجلد والرجم؛ لقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}(النور: من الآية2)، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني فقد جعل الله عليهن سبيلاً الثيب بالثيب والبكر بالبكر، الثيب جلد مائة ثم رجم بالحجارة، والبكر جلد مائة ثم نفي سنة "(213).
ولو كان التشديد في العقوبة له أثرٌ رجعي لطبقت على الجرائم التي وقعت قبل تشديدها، وبالتالي لم يكن لهذه العقوبة أثرٌ رَجعِي(214).
‌ب)  السرقة: جعل الله – عز وجل – القطع ليد السارق؛ حيث يقول تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (المائدة:38)، ولم يَرِد أنَّ هذه العقوبة طبقت على سرقة وقعت قبل نزول الحكم، وبالتالي لم يكن للعقوبة أثرٌ رجعي(215).
‌ج)  نِكاحُ زوجة الأب: من الأحكام التي جاءت بها الشريعة الإسلامية تحريم نكاح زوجة الأب، حيث يقول الحَكيمُ العَليمُ: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً} (النساء:22).
ولهذا الحكم جانبان: الأول: جانب مدني، والثاني: جنائي. فأما المدني فكان له أثر رجعي وهو التفريق بين الأزواج الذين سبق لهم أن تزوجوا زوجات أبائهم وليس معنى (إلا ما قد سلف) إقرارهم على ما في أيديهم(216).
وأما الجنائي فليس له أثر رجعي، فلم يعاقب أحدٌ ممن نكح زوجة أبيه قبل نزول الآية وهو معنى قوله تعالى { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ }(217)
ولكن هناك استثناءان على مبدأ عدم سريان العقوبة بأثر رجعي، هما:
الأول: قد يكون أثرٌ رجعي في الجرائم الخطيرة التي تمس الأمن العام والنظام العام. وذلك مثل: قذف زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ومثل الحرابة.
والثاني: وجوب الرَّجعِية إذا كانت العقوبة أصلح للجاني(218).
وذلك مثلا: كَكون العقوبة السابقة أشدُّ بعد صدور الحكم فإنَّه يعاقب باللاحقة، أو كانت العقوبة السابقة أخف فإنَّه يعاقب بها.
وبهذا يتبين لنا سبق الشريعة الإسلامية لجميع القوانين الوضعية، التي تنص على هذا المبدأ، وعند النظر إلى تاريخ حدوثه نجده تقريباً في سنة 1789م عند قيام الثورة الفرنسية، ثم انتقلت القاعدة إلى القوانين الوضعية الأخرى(219).
وكما سبق من أنَّ سبب ذكر قانون الحرب الدولي لهذه القاعدة؛ ما كان يحدث من ظلم تحت غطاء القانون، فيعاقب المحتل أشخاصاً على فعل لم يكن وقد حدوثه محرماً، فضلاً عن كونها جريمة لها عقوبة سابقة ثم تغيرت العقوبة(220).
وذلك مثل ما حصل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث حاكمت الدول المنتصرة زعماء الدول المغلوبة وقوادها وحكامها، حُكم عليهم بعقوبات مختلفة ما بين قتل و حبس وأعمال شاقة..بسبب أفعال لم تكن تعتبر جرائم لا في قانون البلد المنتصر، ولا المنهزم و لا في القانون الدولي، وهذا عمل بمرجعية القوانين لم يسبق له نظير(221).
وأما استثناء رجعية الأحكام الجنائية إذا كانت الجرائم خطيرة تتعلق بالأمن العام أو المصلحة العامة، فقد نص عليه القانون الدولي واعتبره، فحَاكم مجرمي الحرب نظير ما ارتكبوه من جرائم، دون تطبيق مبدأ (عدم سريان قوانين العقوبات بأثر رجعي)؛ لأنَّهم لا يستحقون أي حماية من أي قانون وطني أو دولي(222).
وأما اِسْتثناء رجعية الأحكام الجنائية فيما هو أصلح للمتهم فهو أمر معترفٌ به في كلِّ القوانين الوضعية تقريباً(223).

المطلب الثاني: (مبدأ التناسب بين العقوبة والجريمة)
العقوبات في الإسلام إما مقدرة أو محددة (المنصوص عليها) شرعاً. وإما غير محددة ويترك للإمام السلطة في تقديره، وهو ما يعرف بـ(التعزير).
وهذا التقسيم في حدِّ ذاته دلالة على العمل بمبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة؛إذ أنَّ العقوبات المنصوص عليها وضعها الله – سبحانه وتعالى – على أفعال لها ضرر على الإنسان نفسه، وعلى مجتمعه المسلم من حوله. وتحديد الله- عز وجل – لها يختلف عن أي تحديد وتقدير من البشر، فهو العليم بأحوال عباده وما يصلحهم، حكيم في أوامره وأحكامه، والمسلم يجب عليه أن يُسَلِّم ويُذعن لِمَا أمر به ربه – سبحانه وتعالى، ويؤمنْ بأنَّ حكم الله أحسَنُ من أيِّ حكم كان {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(224) (المائدة: من الآية50)، فلنأخذ مثلاً عقوبة القتل قصاصاً على مَن قتل نفساً بغير حقٍ ظلماً وعدواناً؛ لقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}(225) (البقرة: من الآية 178) ثم يقول الله في الآية التالية معللاً هذا الحكم: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:179)، أي: أنَّ تشريع القصاص فيه حياة لكم؛ حيث تحقن بذلك الدماء، فإنَّ من عرف أنه مقتول إذا قتل، لا يكاد يصدر منه القتل، وإذا رأى الناس القاتل مقتولاً انزجروا، وانكفوا عن القتل وفي ذلك حياة لنا، ونكَّر سبحانه (الحياة)؛ لإفادة التعظيم والتكثير، وهذه الحكمة لا يُدرِكُها إلا أصحاب العقول السليمة(226).
وأيضاً من الأمثلة على التناسب بين العقوبة والجريمة في تشريع العليم الحكيم، ما ورد في حد الزنا من الجلد والتغريب للبكر، والرَّجم للمُحْصَّن(227)، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم "..البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرَّجم"(228)، والجلد والرجم في الزنا بالإجماع(229)، وأما الجلد مع الرجم فمنسوخ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزاً ولم يجلِدُه(230).
ومن هنا فقد خص الله هذا الفعل بأشنع العقوبات وأغلظها وهو القتل بالرجم للمحصن؛ لما يترتب على فعله من المفاسد العظيمة، فهو "منافي لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب، وحماية الفروج، وصيانة الحرمات، وتوقي ما يوقع في أعظم العداوة والبغضاء بين الناس، مِن إفساد كل منهم امرأة صاحبه، وبنته، وأخته، وأمه"(231).
ثم إنَّ الله منع أن تأخذ المؤمنين رأفة في الزاني، فلا بد من إقامة الحد عليه، والله أرحم منكم، وأعلم بما يصلح العباد والبلاد، ومع هذا أمر إقامة الحد على الوجه المطلوب(232).
والمقصود مما سبق بيان مدى تناسب العقوبة المقدرة للجريمة في الشريعة الإسلامية.
 والمؤمن الصادق يجب عليه التسليم والانقياد لشرع الله، ولو لم يعلم العلة أو المصلحة، قال الله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (النور:51)، فالله - عز وجل - جعل ذلك من صفات المؤمنين، ودلَّ على أن من دعي إلى ذلك فعليه الإجابة بالقول والفعل، والله لم يشرع الأحكام عبثاً،بل كل أحكامه هي عين الحكمة، {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(233) (المائدة: من الآية50)
الخلاصة:
أنَّ مبدأ التناسب بين العقوبة والجريمة مقرر في الشريعة الإسلامية قبل أن يعرفه أهل القانون بأكثر من ثلاثة عشر قرناً، فالعقوبات جميعاً هي: "تأديب استصلاح وزجر، تختلف باختلاف الذنب"(234)، فالعقوبات المقدرة قد راعت مصلحة المجتمع الإسلامي كَكُل في حفظ الضروريات الخمس له، فقررت عقوبة القتل لمن اعتدى على النفس؛ حفظاً للأنفس، وقررت عقوبة الرَّجم للزاني المحصن والجَّلد لغير المحصن؛ حفظاً للأعراض، وقرت عقوبة الجَّلد لمن شرب الخمر؛ حفظاً للعقول، وقررت عقوبة السَّرقة؛ حفظاً للأموال، وقررت عقوبة القتل لمن ارتد عن الإسلام؛ حفظاً للدين.
وأما العقوبات غير المقدرة يختلف التأديب والزجر فيها بحسب عظم الذنب، وكذلك بحسب الفاعل، فقد ذكر الفقهاء أنَّه لا يجوز للقاضي أن يعزر بغير المناسب للجرم(235).
بل إنَّ الشريعة الإسلامية فرَّقت بين عقوبة البغاة والمحاربين بسبب اختلاف في القصد، فأهل البغي يقصدون الإصلاح ويخرجون على الإمام بتأويل سائغ، وقطاع الطريق يقصدون الإفساد، فشُددت العقوبة في حقهم(236).

المطلب الثالث: (مبدأ شخصية العقوبة)
راعت الشريعة الإسلامية هذا المبدأ فلا يعاقب المرء على شيء إلا إذا كان من عمله، ولا يسأل عن الجريمة إلا فاعلها، ولا يؤخذ أحدٌ بجريرة غيره مهما كانت درجة القرابة أو الصداقة، وقد قرر القرآن الكريم هذا المبدأ في آيات كثيرة، فمنها: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(237) (الأنعام: من الآية164)، حيث إنَّ الله عز وجل قرر مسؤولية الفرد عن عمله دون غيره وذكر هذا المعنى في نظائر ذلك من الآيات كقوله تعالى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} (الأنعام: من الآية164) وقوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (البقرة:134)، فكل كسبٍ من ثواب وعقاب يتحمله صاحبه، ولكن قد تقع بعض المسؤوليات التي تعتبر جماعية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، وحماية النفس والأهل من العذاب، وهذه لا تعارض هذا المبدأ؛ لأنَّها تعتبر من مسؤولياته تجاه جماعة المسلمين، فكما يجب عليه أن يصلح نفسه، فكذلك يجب عليه أن يصلح غيره(238)، وهذا لا يعارض شخصية العقوبة.
وأيضاً قرر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسؤولية الشخصية للعقوبة فقال: "لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه"(239).
فإن قيل لِمَ كانت دية الخطأ على العاقلة – وهو أمر متواتر – مع أنَّ المقرر أن لا يؤاخذ أحد بذنب غيره؟
قِيل: أنَّ الآية نفت (أنْ يؤخذ الإنسان بذنب غيره)، وأمَّا تحمل الدية من العاقلة ليس فيه مؤاخذة لهم بذنب الجاني، ولكن دخلت العاقلة؛ معاونةً ومواساةً له، كما أوجب الله في أموال الأغنياء حقاً للفقراء من غير إلزامهم بذنب اقترفوه، ومثل ذلك: صلة الأرحام، وبر الوالدين، وهي أمور شُرعت للمواساة و المؤآخاة بين المسلمين(240).

المطلب الرابع: (تقـييد عـقوبة القـتل)

هذا التقييد نص عليه (كما سبق) القانون الدولي خشية استخدام السلطة المحتلة لهذه العقوبة بطريقة سيئة؛ لأنَّ من حقها أن تفرض أحكاماً جنائية على السكان وقد تصل العقوبة إلى حدِّ القتل، وهذا كما وقع في الحرب العالمية الثانية من قتل أشخاص بسبب استماعهم لإذاعة أعدائهم، أو أنَّهم أضربوا عن العمل(241).
أما هذه العقوبة في الشريعة الإسلامية فهي في الأصل مقيدة بضوابط وأحكام لا بد للحاكم مراعاتها، ولا يجوز له أن يهملها. وعقوبة القتل في الإسلام إما أن تكون مقررة أو مقدرة بالنص الشرعي أو تكون غير مقدرة فيجوز للحاكم فيها القتل تعزيراً إذا دعت الضرورة والمصلحة لذلك(242).
فأمَّا عقوبة القتل المقدرة فقد وضعها الله – عز وجل – لجرائم خطيرة، وعلاجها يكون بذلك، وهي قليلة محصورة، ففي جرائم الحدود: الزنا، الحرابة، والردة، والبغي. وفي جريمة القصاص جُعِل القتل عقوبة لجريمة القتل العمد. وكما سبق في باب التعزير لم تُفرض عقوبة القتل إلا إذا دعت الضرورة والمصلحة لذلك، ولا يوجد في الشريعة الإسلامية تقرير للقتل بسبب تافه، أو غيرُ مناسب له، وهذه ميزة انفردت من حين نزولها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وأيُّ مقارنة بينها وبين القوانين الأخرى التي تدعي الرحمة وهي تقر القتل لأتفه الأسباب كالاستماع إلى إذاعة العدو!
ثم لننظر مدى إسراف القوانين الوضعية في هذه العقوبة، حيث كانت إلى أواخر القرن الثامن عشر تقرها بشكل كبير، فالقانون الإنجليزي – مثلاً - يعاقب بالقتل على مائتي جريمة، والقانون الفرنسي يعاقب بالقتل على مائة وخمس عشرة جريمة.
وقد قامت عدة محاولات بعد القرن الثامن عشر لإلغاء عقوبة القتل، ولكنها باءت بالفشل، فكل الدول الكبرى تقر بهذه العقوبة، ويعتبرونها وسيلةً صالحةً لمقاومة الإجرام واستئصال المجرمين(243).
وهذا يدلُّ على سبق الشريعة الإسلامية لتقرير هذه العقوبة، وكذلك لها السبق في تقيدها بجرائم وشروط معينة لها خطر يختلف عن غيرها.

المطلب الخامس: (عدم جواز معاقبة المدنيين أو محاكمتهم بسبب أفعال أو أقوال سابقة على الاحتلال)
أساس هذا المبدأ يرجع إلى مبدأ آخر (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) حيث إنَّ الشَّخص المدني يفعل أشياء قبل الاحتلال لا تعدُّ جريمة، ثم بعد الاحتلال تعتبر جريمة وفقاً للقانون الوطني الجديد(244).
والشريعة الإسلامية لا تعاقب شخصاً قبل ورود النص الشرعي، وعلمه به، وهذه قاعدة أساسية متفق عليها، كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (الاسراء: من الآية15)؛ ولذلك لا يتم معاقبة المدنيين الذين أصبحوا تحت حكم المسلمين على جرائم سبقت ذلك؛ لعدم التزامهم آنذاك بحكم الإسلام، فلا نص شرعي يحكمهم في ذلك الوقت، ولكن بعد دخولهم تحت حكم المسلمين يجب عليهم الالتزام بأحكامهم في الجملة خصوصاً فيما يتعلق بحقوق العباد(245). ويرجع هذا المبدأ كذلك إلى مبدأ آخر هو (عدم سريان العقوبة بأثر رجعي) فلا يعاقب المدنيون على أفعالٍ أو أقوالٍ لم تكنْ جريمة وقت حدوثها حتى عند المحتلين، ثم تعتبر بعد ذلك جريمة ويعاقب على فعلٍ وقع قبل الاحتلال.
وبعد هذا فقد نص القانون الدولي على جواز معاقبة الأشخاص المدنيين على أفعال سابقة للاحتلال إذا كانت تخل بقوانين الحرب الدولية، وذلك – كما مثَّلوا – استخدام بعض الأسلحة والذخائر التي تبيد البشرية..، وأطلقوا عليهم مصطلح (مجرمي الحرب)(246).
هذا الاستثناء - فيما يظهر لي – فيه خلط واضح؛ إذ أنَّ الذين يساهمون في الأعمال الحربية، ويحملون السلاح في وجه العدو يعتبرون (محاربين) لا مدنيين، وبالتالي يخرجون مِن نطاق حماية المدنيين، ويكون الاستثناء في غير محله.

المطلب السادس: (ضرورة توفر ضمانات المحاكمة العادلة)
ذكرت في مقدمة هذا الفصل أن العدل في الإسلام يكون بين جميع الناس، كما قال تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}(النساء: من الآية58) والله سبحانه وتعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرَّماً كما في الحديث القدسي: "يا عبادي إنِّي حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم مُحرَّماً فلا تظالموا.."(247).
فالإسلام دين العدل والرحمة، ولا ينكر هذا إلا جاهلٌ، أو معاند مستكبر، ولو أردنا أن نستعرض ضمانات عدل الإسلام في القضاء لطال بنا المقام(248)، ثم إننا نجد سبق الإسلام لكل القوانين الوضعية التي ظهرت حديثاً تطالب بالعدل، والنزاهة في القضاء، وتتهم أحكام الشريعة الإسلامية بأنَّها غير واقعية، وغير عملية، ولا تتجاوب مع واقع الحال اليوم، ومن العبث أن يتمسك بها في عصر تغيرت فيه الأحوال!(249)
ويكفينا رداً على هذا وأمثاله قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(المائدة: من الآية50)، فلا أفضلَ ولا أحسن من شريعة رب العالمين(250)، نزلت شابةً، كاملةً، منتضمة غير متعارضة، لم تكن مجموعة قواعد وأعراف متفرقة ثم تكونت، ولا ناقصة ثم اكتملت، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً}(251) (المائدة: من الآية3).
ومن أمثلة سبقِ الإسلام لغيره من القوانين في باب القضاء ما يلي:
أولاً: (حق المحاكمة العادلة)
هذا الأمر سبقت الإشارة إليه وهو العدل بين الناس في كل الأحوال، وضرب المسلمون أروع الأمثلة في الدلالة على العدل في القضاء(252)، ونص الفقهاء على آداب وأخلاق يجب على القاضي مراعاتها؛ لتحقيق العدل بين المُتَحَاكِمَيْن(253).

ثانياً: (المساواة بين الخصمين)
يجب على القاضي أن يساوي بين المُتقاضيين، وإن اختلفا في الدين، أو في الغنى والفقر، أو المكانة الاجتماعية، فيجب عليه أن يسوي بينهما في جميع مراحل الدعوة،في الدخول والخروج عليه، والسلام، والكلام، والنظر، والجلوس، ولا يقبل هدية من أحدِهما أو دعوة خاصة..إلخ من أوجه المساواة(254).
ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه –: "إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقضِ للأول حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي"(255).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "من أُبْتُلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لفظه، وإشارته، ومَقْعَدِه"(256).

ثالثاً: (الأصل في المتهم البراءة)
هذه القاعدة أساس في القضاء يجب على القاضي أن يعمل بها، وهي في الأصل قاعدة فقهية مشهورة عن الفقهاء، هي: "الأصل براءة الذمة"(257)، فمن حق المتهم أن يتمسك بها، فالأصل البراءة من المطالبة؛ حتى لا يستبد ظالم بأموال الناس، ولا دمائهم، وإنَّما لا بد أن يستند في دعواه إلى إثبات شرعي؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم: "لو يُعطى الناسُ بدعواهم لادَّعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه"(258).
فهذا الحديث دل على أنَّ الأصل عدم شغل الذمة، فلا يكفي في شغلها – مثلاً – شاهد واحد ما لم يعتضد بآخر، أو يمين المدَّعِي، فدل على أنَّ العبرة بقول المدَّعى عليه لموافقته الأصل(259).

رابعاً: (حق المتحاكمين في الإثبات والدفاع)
هذا الحق ذكرته من باب: (ذكر الخاص بعد العام) وهو داخل في معنى المساواة بين الخصمين، فعلى القاضي أن يعطي كل خصم حقه في الكلام والدفاع عن نفسه، ولا يحكم لأحدهما حتى يسمع من الآخر كما سبق ذلك قريباً. وكذلك لا يحكم القاضي حتى يسمع بينة المدَّعِي، فإن لم يكن له بيِّنة، فاليمين على المدَّعى عليه؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحاكم إليه الرجل الحضرمي قال له: "ألك بيِّنة؟ قال: لا، قال: فلك يمينه"(260) الحديث.
وأيضاً من صور سبق الإسلام لغيره من القوانين الوضعية في باب القضاء ما سبق بيانه من مبادئ في هذا الفصل وهي (عدم سريان القوانين الوضعية بأثر رجعي) و(التناسب بين العقوبة والجريمة) و(شخصية العقوبة).

المطلب السابع: (المعاملة الحسنة للمتهمين والمحكوم عليهم)
هذه القاعدة من الصَّعبِ الإحاطة بجميع جوانبها، والكلام فيها يطول، ولكنَّ المقصود الإشارة إلى سَبْقِ الإسلام لها، وعملِه بها.
فبالنسبة إلى المتهم فقد أقرَّ الإسلام المعاملة الحسنة للمتهم، حتى مع القول بجواز ضربه(261)، فلا يُسلَب منه حق إنسانيته، فيحرم من الطعام والشراب، أويهان، أويُضرب ضرباً مبرِّحاً، أويُقذف..إلخ؛ لأنَّ المتهم ليس بمأمون عند تعذيبه أن يقر على نفسه كذباً، فالإسلام لا يعتبر أصلاً الإقرار، والاعتراف الناجم عن الإكراه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه"(262)، ولم يرد دليل صحيح يبيح تعذيب المتهم، أو يسلبه حقوقه المقررة شرعاً(263).
وكذلك فإنَّ المحكوم عليه يستحق حسن المعاملة أثناء العقوبة، يدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لمّأ تلفظ أحد الصحابة بسوء في حق المحدودة: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وَجدْت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله؟"(264).
فدل الحديث على أنَّه لا يزاد على العقوبة المقررة، وأنَّ العقوبة لا تسوغ سب الجاني، وأهانته، وإذلاله؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحَسِنُوا القتلة.."(265) الحديث.
يقول النووي - رحمه الله - في قوله - صلى الله عليه وسلم "فأحسنوا القتلة": "عامٌ في كل قتيل من الذبائح والقتل قصاصاً، وفي حدٍ ونحو ذلك، وهذا الحديث من الأحاديث الجامعة في الإسلام" أ. هـ(266).

والخلاصة:
أنَّ الإحسان مقررٌ في الشريعة الإسلامية في كلِّ شيء حتى مع البهائم، فهو بحق دين الرحمة والكرامة يعجز كل البشر أن يأتوا بمثله.
والله – تعالى - أعلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

________________
(1) ينظر مادة (مَوَل) في النهاية في غريب الأثر: الجزري: 3/ 372، 373. والقاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص1059. ولسان العرب: ابن منظور: 11/635.
(2) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 1/497. والمهذب: الشيرازي: 2/280. وكفاية الأخيار: الحسيني الدمشقي: ص484. وكشاف القناع: البهوتي: 3/152. وحاشية الروض المربع: ابن قاسم: 4/326. والمنثور: محمد الزركشي: 13/186. والحنفية يقصدونه على الأعيان دون المنافع فيقولون:" مايميل إليه طبع الإنسان ويمكن ادخاره إلى وقت الحاجة منقولاً كان أو غير منقول " ينظر المبسوط: السرخسي: 27/31. وحاشية ابن عابدين: 7/10. ومجلة الأحكام العدلية: علي حيدر: ص31.
(3) ينظر شرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/121. وحاشية الروض المربع: ابن قاسم: 4/326.
(4) ينظر التعريفات: الجرجاني: ص52. وأنيس الفقهاء: القونوي: ص201. والمبسوط: السرخسي: 13/23. والبحر الرائق: ابن نجيم: 5/279، 8/123.
(5) ينظر مسألة ضمان المسلم للمال غير المتقوَّم (المحرم) في البحر الرائق: ابن نجيم: 8/140. وتبيين الحقائق: الزيلعي: 5/233. والمبسوط: السرخسي: 11/68. والمحرر في الفقه: عبد السلام ابن تيمية: ص363. وكشاف القناع: البهوتي: 4/133. ودليل الطالب: مرعي الحنبلي: ص153. وينظر إتلاف المسلم الخمرَ والخنزيرَ على الحربي في روضة الطالبين: النووي: ص1809.
(6) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: علي العشماوي: ص 272.
(7) ينظر لسان العرب: ابن منظور: 9/18.والقاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص 794. ومختار الصحاح: الرازي: ص33.
(8) أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني بالسين المهملة، وورد بالشين المعجمة، ملكُ العلماء، علاء الدين الحنفي، مصنف البدائع الكتاب الجليل، تفقه صاحب البدائع على محمد بن أحمد بن أبي أحمد السمرقندي، وقرأ عليه معظم تصانيفه، وزوجه شيخُه ابنتَه الفقيهة العالمة فاطمة، فقال الفقهاء فى عصره: "شرح تحفته وزوجه ابنته" وأرسل رسولاً من ملك الروم إلى نور الدين محمود الزنكي بسبب مسألة: هل المصيب واحد أو لا؟ ومن مصنفاته "بدائع الصنائع" وَ "السلطان المبين في أصولِ الدين" توفي في حلب سنة سبع وثمانين وخمسمائة - رحمه الله. ينظر الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية: ابن أبي الوفاء القرشي: 2/244. وتاج التراجم: ابن قطلوبُغا: ص 327. وطبقات الحنفية: ابن الحنَّائي: ص 234.
(9) بدائع الصنائع: 7/242.
(10) ينظر مادة (تَلِفَ) في مفردات القرآن: الأصفهاني: ص 67. ولسان العرب: ابن منظور: 3/471، 472.
(11) ينظر شرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/50. وحاشية الروض المربع: ابن قاسم: 4/274، 275. وورد نحوه عند بعض فقهاء المذاهب الأربعة. ينظر وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/190.وحاشية ابن عابدين: 6/224.ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/568. والشافعية لا يقصرون الغنيمة على ما أخذ قهراً، بل يضيفون ما استولى عليه المسلمون بعد الهزيمة وتركوه. ينظر روضة الطالبين: النووي: ص1155.ومغني المحتاج: الشربيني: 4/269.
(12) ينظر شرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/50. وحاشية الروض المربع: ابن قاسم: 4/274، 275.
(13) ينظر تقسيم الشيخ حسن أبو غدة –حفظه الله- لأموال الحربيين المستخدمة وغير المستخدمة في القتال، وتفصيله فيها في كتابه قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: ص 22، 23.
(14) ينظر روضة الطالبين: النووي: ص1809.ومغني المحتاج: الشربيني: 6/72. والمغني: ابن قدامة: 13/ 144.
(15) والخاصة مثل سَلَبِ القتيل وهو في اللغة: (الاختلاس). تنظر مادة (سَلَبَ) في القاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص97. ولسان العرب: ابن منظور: 1/471. والسلب بمعنى المسلوب هو: (أخذُ ما عَلى القتيل من ثياب، وسلاح مِن درعٍ، ومغفر، وسيف، ورمح، وقوس، والنشاب (النبل) ونحو ذلك، وكذلك يَشمل ما عليه من حلي). ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/186. وحاشية ابن عابدين: 6/262. والثمر الداني: الآبي: ص 419. وروضة الطالبين: النووي: ص1158. ومغني المحتاج: الشربيني: 4/270. وغاية البيان شرح زبد ابن رسلان: محمد الرملي:ص370.ط. دار المعرفة، بيروت.وكفاية الأخيار: الحسيني:ص 504. ط. دار الخير، دمشق، الأولى: 1994م،ت. علي عبد الحميد بلطجي. والمغني: ابن قدامة: 13/72. والإقناع الحجاوي: 2/89.
(16) تنظر المادة (53) من لائحة الحرب البرية (لاهاي) الموقعة عام 1899م. وينظر حقوق المدنين تحت الإحتلال الحربي: العشماوي: ص271- 274. حيث أقر القانون جواز الاستيلاء على الأموال المستخدمة في أراضٍ حربية، كالذخائر والأسلحة، ووسائل النقل من سيارات وطائرات وسفن..
(17) وهذا التقسيم يشمل ما هو مقرر في الفقه الإسلامي، والقانون الدولي العام، كما سيأتي – إن شاء الله.
(18) حيث يكون مخصصاً لمجموع أفراد الأمة، أو لجماعة معينة، ويكزن الانتفاع منها حسب الحاجة، والإدارة تتولاها الدولة، أو من قبل مجموعة أفراد تحت إشراف الدولة. ينظر حرمة المال العام: حسين شحاته: ص 20.
(19) ينظر المرجع السابق، وحقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 271.
(20) ينظر المرجع السابق حرمة المال العام.والمرجع السابق حقوق المدنيين: ص 413-415.
(21) ينظر حرمة المال العام: شحاته:ص 19.
(22) ينظر قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 22، 23.
(23) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/ 143.
(24) ونحو هذا التقسيم ما ورد في المغني لابن قدامة: 13 / 143، 144. حيث قسم جواز عقر الدَّواب إلى حالين: (حال الحرب) فيجوز ذلك بغير خلاف. و (غير حال الحرب) فلا يجوز ذلك على الراجح عنده. لأنَّ هذه الدَّواب لا يُقال: إنَّ طبيعتها حربيَّة، أو غير حربيَّة فهي تستخدم لهذا ولهذا، ومثلها حديثاً الطائرات، والسيارات، والسفن..
(25) ينظر المبسوط: السرخسي: 10/31. وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/162. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/343. ومواهب الجليل: ابن الحطاب:4/551. والذخيرة: القرافي: 3/238. وروضة الطالبين: النووي: ص1809. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/72. والمغني: ابن قدامة: 13/144، 146. وكشاف القناع: البهوتي: 3/ 48. والمبدع: ابن مفلح: 3/ 319. وحكى ابن تيمية الاتفاق بين العلماء في جواز الإتلاف عند الحاجة ينظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/ 406.
(26) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/ 144. وصرَّح به بعضهم بعدم جواز بيعهم ما فيه تقوية لهم على الحرب كالحديد والخيل.. ينظر حاشية ابن عابدين: 6/ 218.
(27) وأما مال الفيء وهو ما يحصل للمسلمين من غير إيجاف خيل، ولا سير ركاب، فإنْ كان (عقاراً) فيكون ملكاً للمسلمين جميعاً، وينتقل الملك إلى بيت المال، والفقهاء يعبرون بـ(أنَّها تصير وقفاً)، والمعنى: أنها لا تكون غنيمةً تُخمَّس. ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/187. وحاشية ابن عابدين: 6/223. والذخيرة: القرافي: 3/243. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/568، 569. وروضة الطالبين: النووي: ص1154. ومغني المحتاج: الشربيني: 4/268. والإقناع: الحجاوي: 2/108. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/69. وإن كان (منقولاً) فالجمهور قضوا بوقْفه على المسلمين ويفعل الإمام ما فيه الأصلح، وخالف الشافعية في ذلك فنصوا على تَخمِيسِه كالغنيمة دون وقْفه على المسلمين. ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/187. والبحر الرائق: ابن نجيم:5/89. والقوانين الفقهية: ابن جزي: ص 99.وروضة الطالبين: النووي: ص 1150. ومغني المحتاج: الشافعية: 4/259.والإقناع: الحجاوي: 2/113. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/75.
(28) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 2/400. وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 190. والبحر الرائق: ابن نجيم: 5/ 89. وتبيين الحقائق: 3/ 248. وفتح القدير: ابن الهمام: 5/ 469. والكافي: ابن عبد البر: ص 214، 216. والقوانين الفقهية: ابن جزي: ص 99، والذخيرة: القرافي: 3/ 343، 344. وروضة الطالبين: النووي: ص 1150، 1155. ومغني المحتاج: 4/ 269. وغاية البيان شرح زبد بن رسلان: الرملي: ص 307. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/50. والإقناع: الحجاوي: 2/ 95.
(29) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 87. والمبسوط: السرخسي: 10/ 31. وحاشية ابن عابدين: 6/ 210. وأحكام القرآن: الإمام الشافعي: 2/ 44. والأم: الإمام الشافعي: 4/ 258= = والمهذب: الشيرازي: 2/ 234. وأحكام القرآن: الجصاص: 5/ 317. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/551. والتاج والإكليل: العبدري: 3/ 355. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.
(30) ينظر روضة الطالبين: النووي: ص1809. و مغني المحتاج: الشربيني: 6/72. وحواشي الشرواني: / 246.
(31) ينظر حاشية ابن عابدين:6 / 120. 7/ 10،11. والقوانين الفقهية: ابن جزي: ص 100. روضة الطالبين: النووي: ص 1809. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/72. والمغني: ابن قدامة: 13/ 169. حيث نصَّ على عدم جواز إتلاف شيء مما غنمه المسلمون إذا لم تكن مصلحة.
(32) هو العالم المجتهد، شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، عبد الرحمن بن عمرو بن يَحْمُد الدِّمشقي، أبو عمر، الحافظ المحَدِّث الفقيه، ولد ببعلبك سنة ثمانٍ وثمانين، وتربى يتيماً فقيراً في حجر أمه، تعجز الملوك أن تؤدب أولادها أدبه في نفسه، وكان أفضل أهل زمانه، من فقهاء أهل الشام، وقرَّائهم، وزهادهم، له مذهب مشهور عمل به فقهاء أهل الشام وفقهاء الأندلس ثم فَنِيَ، مات سنة إحدى وقيل سبع وخمسين ومائة، رحمه الله تعالى. ينظر صفوة الصفوة: ابن الجوزي: 4/ 255- 259. وسير أعلام النبلاء: الذهبي: 7/ 107- 134. وتذكرة الحفاظ: الذهبي: 1 / 178 – 183. وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 3 / 380 – 232
(33) هو الإمام الحافظ، المحدث، شيخ الإسلام، عالم الديار المصرية ومفتيها، الليث بن سعد بن عبد الرحمن، أبو الحارث الفهمي، مولى خالد بن ثابت، ولد في مصر سنة أربعٍ وتسعين وهو الأصح، كان فقيهاً، يحسن القرآن والنحو، ويحفظ الحديث والشعر، ذكياً، مات في شعبان سنة خمس وسبعين ومائة، رحمه اله تعالى. ينظر سير أعلام النبلاء: الذهبي: 8/ 136-163. وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 4/ 581- 585. وطبقات الحفاظ: السيوطي: ص 95. طبقات الفقهاء: الشيرازي: ص 75.  
(34) الإمام الحافظ، المجتهد، الحجة، إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان أبو ثور الفقيه البغدادي، ويكنى بأبي عبد الله، وأبو ثور لقب، ولد في حدود سنة سبعين ومائة، كان فقيه أهل بغداد ومفتيهم في عصره وأحد الأعلام المحدِّثين= =المتقنين بها، من أئمة الدنيا علماً وفقهاً، وورعاً، وفضلاً، صنَّف الكتب، وفرع على السنن وذبَّ عنها، أخذ الفقه عن الشافعي وغيره، مات سنة أربعين بعد المائتين. ينظر سير أعلام النبلاء: الذهبي: 12 / 72، 73. وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 1/ 140. و الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء: ابن عبد البر: ص 107. و طبقات الشافعية: ابن شهبه: 2/ 55، 56.
(35) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 209.وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/343. والمنهاج شرح صحيح مسلم: النووي: 12/ 277، 278. وفتح الباري: ابن حجر: 6 / 191. والمغني: ابن قدامة: 13/ 144، 146. والمبدع: بن مفلح: 3/ 319.
(36) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 1/343. والذخيرة: القرافي: 3/ 239.
(37) ينظر الأم: الإمام الشافعي: 4/ 257. وروضة الطالبين: النووي: ص 1809. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 71.
(38) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/ 146. والكافي: ابن قدامة: 4/ 269. والمبدع: ابن مفلح: 3/ 319 – 321. وتنظر هذه الأقوال في سنن الترمذي: 4/ 104.
(39) الإقناع: 2/ 466، 467.
(40) المحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.
(41) ينظر: الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 83. والسير: الشيباني: ص 110. والمبسوط: السرخسي: 10/ 32. و بدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 165. وفتح القدير: ابن الهمام: 5 / 476.
(42) ينظر أحكام القرآن: الجصاص: 3/ 429. أحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 210. الشرح الكبير: الدردير: 2/ 180، 181. و الذخيرة: القرافي: 3/ 239، 340. والتاج والإكليل: العبدري: 3/ 356. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/ 551.
(43) ينظر المبسوط: السرخسي: 10/ 31. والمغني: ابن قدامة: 13/ 143. كشاف القاع: البهوتي: 3/ 48. والمبدع: ابن مفلح: 3/319.
(44) يوضح هذا ما ورد في سبب نزول الآية حيث قيل: أنَّها نزلت في قوم تكلموا في السرية التي أُصيب بها الرسول صلى الله عليه وسلم بالرجيع، حيث قالوا: "يا ويح هؤلاء المقتولين الذين هلكوا هكذا، لا هم قعدوا في بيوتهم ولا هم أدَّوا رسالة صاحبهم " فأنزل الله الآية. أخرجه الطبري في تفسيره: 2/312. عن السُّدِّي مرسلاً. وينظر تفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 1/ 564. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 3 / 21، 22. وفتح القدير: الشوكاني: 1 / 264، 265.
(45) ويوضح هذا أيضاً ما ورد في سبب نزول الآية حيث قيل: إنَّها نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة، أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأظهر له الإسلام، فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه، وقال: إنَّما جئت أُريد الإسلام، والله يعلم إنِّي صادق، وذلك قوله: {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} (البقرة: من الآية204)، ثمَّ خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم فمرَّ بزرع لقومٍ من المسلمين وحمر،فأحرق الزرع وعقر الحمر فأنزل الله الآية. أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره: (2/ 313) عن ابن عباس رضي الله عنهما. وهذا إهلاك وفساد بغير مصلحة بقصد التخريب. وينظر المراجع السابقة.
(46) رواه البخاري: 2/ 59. ومسلم: 3/ 1341. ح (593). والإضاعة المنهي عنها هي ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعاً سواءً كانت دينية أو دنيوية؛ لأنَّ في هذا قيام لمصالح العباد وإضاعته يُفَّوت ذلك. ينظر فتح الباري: ابن حجر: 10 / 500. ولهذا بوَّب البخاري رحمه الله لهذا الحديث بقوله " باب ما ينهى عن إضاعة المال وقول الله تعالى:{وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ}". وأمَّا إهلاك مال الحربي المدني (العام) فهو مأذون فيه شرعا كما سيأتي - إن شاء الله- وبهذا يخرج عن محل النزاع.
(47) الكفاف: هو الذي لا يكون يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة إليه، وهو نصب على الحال، وقيل: المراد الكف عن الشر. وقيل: بمعنى النيل منه.والمراد: خاليأ من الإثم. ينظر النهاية في غريب الأثر: الجزري: 4/ 191. ولسان العرب: ابن منظور: 9/ 306.
(48) رواه الإمام أحمد في مسنده: 5/ 276.وسنده ضعيف؛ لأنَّ فيه راوٍ لم يُسمَّ، ومن رجاله ابن لهيعة وفيه ضعف. ينظر مجمع الزوائد: الهيثمي: 5/ 317. وقد أورد الشيخ الفاضل أبو غدة –حفظة الله- هذا الحديث بلفظ " منْ قتل عصفوراً صغيراً أو كبيراً..." ولم أجده بهذا اللفظ في المسند، ولا عند من نقله كالهيثمي. ينظر قضايا فقهية في العلاقات الدولية: ص31. والمرجعان السابقان.
(49) أشار إلى الحديث ابن قدامة في المغني: 13/ 143.
(50) ينظر قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 30.
(51) وردت في بعض نسخ الموطأ (تفرقنَّه) بالفاء المعجمة، ولا معنى لها كما ذكر الدكتور بشار عواد معروف في تحقيقه للموطأ: 1/ 577. ولهذا فإنها لا تدرج ضمن الألفاظ المنقولة، ينظر قضايا فقهية معاصرة: أبو غدة: ص33.
(52) سنن البيهقي الكبرى: 9/ 85. ح (17904).
(53) المرجع نفسه: 9/ 90. ح (17929)
(54) ينظر استدلال هذا القول بالوصية في المبسوط: السرخسي: 1/ 31. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/ 343. والمغني: ابن قدامة: 13:/ 143، 144. وينظر فيمن أورده وأجاب عنه في فتح القدير: ابن الهمام: 5/477. والمدونة: مالك بن أنس: 3/ 8. والاستذكار: ابن عبد البر: 5/ 31. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.
(55) ينظر الأم: الشافعي: 7/ 356. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 213. وسنن البيهقي: 9/ 85. وأشار ابن القيم إلى جواز قطع الشجر إذا كان ذلك يضعفهم، ويغيظهم وأنكى فيهم، متى ما رأى الإمام ذلك. ينظر زاد المعاد: 3/ 503.
(56) ستأتي إن شاء الله هذه الأدلة فيما بعد.
(57) رواه البخاري: 3/1102. ح(2864). ط. دار ابن كثير، بيروت، 1407هـ، ت مصطفى البغا. ورواه مسلم:4/2237. ح(2918). ط، دار إحياء التراث، بيروت، ت محمد فؤاد عبد الباقي.
(58) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 87. وفتح القدير: 5/ 477. والمبسوط: السرخسي: 10 / 31. والمدونة الكبرى: الإمام مالك: 3/ 8. والإستذكار: ابن عبد البر: 5/ 31.
(59) ينظر المحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.

(60) هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن هذيل الهذلي أبو عبد الرحمن حليف بني زهرة، أسلم قديماً وهاجر الهجرتين، وشهد بدراً و المشاهد بعدها، ولازم النبي صلى الله عليه وسلم وكان صاحب نعليه، وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكثير، قال له النبي صلى الله عليه وسلم أول الإسلام: " إنَّك لغلام معلِّم "، وهو أول من جهر بالقرآن بمكة، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: " من سرَّه أن يقرأ القرآن غضاً كما أُنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد " وكان أقرب الناس هدياً، ودلّاً، وسمتاً برسول الله صلى الله عليه وسلم. توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: سنة ثلاث – رضي الله عنه -. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: برقم (5652). وأسد الغابة: ابن الأثير: برقم (3182). والاستيعاب: ابن عبد البر: برقم (1677).
(61) كفافاً: هو الخلو: أي خالية من الآثام.وقد سبق ذلك. و أخرجه سعيد بن منصور في السنن: 2/ 282. ح (2630)، ورجاله ثقات. ينظر معرفة الثقات: العجلي: 2/ 97. وتذكرة الحفاظ: الذهبي: 1/ 269. والكامل في الضعفاء: ابن عدي: 3/ 208
(62) أورد هذا الدليل ابن قدامة في الاحتجاج على عدم جواز تغريق نحل الكفار الحربيين.
(63) ينظر المحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.
(64) ينظر قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 39.
(65) ينظر المغني: ابن قدامة: 13 / 146.
(66) ينظر قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 39، 40.
(67) المحلَّى: 7/ 213.
(68) البويرة كما يقول الحافظ ابن حجر - رحمه الله -:" بالموحدة مُصَغَّر بورة وهي الحفرة، وهي هنا مكان معروف بين المدينة وبين تيماء، وهي من جهة قبلة مسجد قباء إلى جهة الغرب، ويقال لها أيضاً (البويلة) باللام بدل الراء. فتح الباري: 7/ 423.
(69) رواه البخاري: 2/ 173. ومسلم: 3/ 1365. ح (1746)
(70) ينظر تفسير الطبري: 28/ 423. وأحكام القرآن: الجصاص: 5/ 317. وزاد المسير: ابن الجوزي: 8/ 207. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 18 / 9. وتفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 8/ 61، 62.
(71) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 210. وأحكام القرآن: الجصاص: 5 / 317. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 18 / 11. والرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 84. والسير: الشيباني: ص 110. والمبسوط: السرخسي: 10 / 31، 32. وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 162. والمدونة الكبرى: الإمام مالك: 3/ 8. والتاج والإكليل: العبدري: 3/ 355. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/ 551. والأم: الشافعي: 7/ 355. والمهذب: الشيرازي: 2 / 234. والمنهاج شرح صحيح مسلم: النووي: 12 / 277. وفتح الوهاب: الأنصاري: 2 / 301. والمغني: ابن قدامة: 13 / 147. وكشاف القناع: البهوتي: 3/49. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28 / 406.
(72) ينظر تفسير الطبري: 28 / 33. وأحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 210. وتفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 8/61. وزاد المسير: ابن الجوزي: 8 / 208. والإقناع: ابن المنذر: 2 / 466.
(73) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: والأم: الشافعي: 7/ 356. وهذا الإعتراض من الأوزاعي - رحمه الله.
(74) ينظر الموضع السابق في بداية المجتهد.
(75) الأم: 7/ 356.
(76) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: 84. والأم: الشافعي: 7/ 355. والذخيرة: القرافي: 3/ 238.
(77) الغيظ: أشدُّ من الغضب، وهو:الحرارة التي يجدها الإنسان من فوران دَمِّ قلبه. ينظر مادة (غيظ) في مفردات ألفاظ القرآن الكريم: الأصفهاني: ص 619. ولسان العرب: ابن منظور: 7/ 450.
(78) والنيل أصله من نلت الشيء أنال، أي: أَصَبتُ، وهو من قولهم: أمرٌ مَنيل منه، وليس هو من التناول حيث إنَّ التناول أصله من النَّول. والمراد: الإصابة من الكفار بما يؤذيهم من أسرٍ وقتلٍ وهزيمة وغير ذلك مما يؤدي إلى الظفر والغلبة عليهم. ينظر مفردات ألفاظ القرآن الكريم: الأصفهاني: ص 829. ولسان العرب: ابن منظور: 11/ 685. والجامع لأحكام القرآن الكريم: القرطبي: 8/ 263، 264. وزاد المسير: ابن الجوزي: 3/ 515. وتفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 4 / 234.
(79) ينظر المبسوط: السرخسي: 10 / 32. وتبيين الحقائق: الزيلعي: 3/ 244. والتاج والإكليل: العبدري: 3 / 355. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/ 551. وفتح الوهاب: الأنصاري: 2/ 301. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.
(80) ينظر أحكام القرآن: الشافعي: 2 / 45. وأحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 210. والمبسوط: السرخسي: 10 /31. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1 / 343. والأم: الشافعي: 4/ 258. وحواشي الشرواني: 9 / 246. والمبدع: ابن مفلح: 3 / 321. والمحلَّى: ابن حزم: 7 / 213. والإقناع: ابن المنذر: 2/ 466.
(81) هو الصحابي الجليل جرير بن عبد الله بن جابر بن عويف البجلي القسري، وقسر من قحطان، يكنى بأبي عبد الله اليماني، من أعيان الصحابة، أسلم بعد نزول سورة المائدة، وقيل سنة عشر في رمضان، قال جرير: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي. وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: " يطلع عليكم من هذا الباب رجل من خير ذي يمن، على وجهه مسحة ملك، فقد كان بديع الحسن، كامل العقل والجمال، مات سنة أربع وخمسين. ينظر تهذيب التهذيب: ابن حجر: 1/ 426- 427. وسير أعلام النبلاء: الذهبي: 2/ 530- 536.
(82) ذي الخلصة: الخلصة: نبات له حبٌ أحمر كخرز العقيق. وذو الخلصة: اسم للبيت الذي كان فيه الصنم، وقيل: اسم لبيت الخلصة، واسم الصنم: ذو ا لخلصة. (فتح الباري: ابن حجر: 8 / 89) وهو صنم لدوس وخثعم وبجيلة. ينظر الفائق:محمود الزمخشري: 1/ 141.ط. دار المعرفة، بيروت، الثانية.
(83) رواها البخاري 2/ 173. ومسلم: 4/ 1926. ح(2476).
(84) هو الإمام الفقيه المحدِّث عروة بن الزبير بن العوَّم الأسدي، أبو عبد الله المدني، ولد سنة ثلاث وقيل أربع وعشرين، كان من بحور العلم، ومِن أعلم الناس بحديث خالته عائشة – رضي الله عنها، وكان صالحاً، صوّاَماً، قوّاَماً، لَم يدخل في شيء من الفتن، وأُبتُليَ بقطع رجله وموت ابنه فصبر، توفي على الصحيح سنة أربع وتسعين، رحمه الله تعالى. ينظر تذكرة الحفاظ: الذهبي: 1/ 62. وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 4/ 113- 115. وطبقات الحفاظ: السيوطي: ص 23.
(85) رواه البيهقي في السنن الكبرى: 9 / 84. ح (17896) وذكر قطع أعناب ثقيف ابن هشام في السيرة النبوية: 2/ 410. نقلاً عن ابن إسحاق. والحديث مرسل عن عروة. ورواه أيضاً البيهقي عن موسى بن عقبة المدني مولى آل الزبير. وقال الإمام أحمد بن حنبل: " عليكم بمغازي موسى بن عقبة فإنَّه ثقة ". تذكرة الحفاظ: الذهبي: 1 / 148. وينظر تلخيص الحبير: ابن حجر:4/ 112. والواقعة مشهورة في كتب السيرة ولم أجد من اعترض على الإستدلال بها. والله أعلم.
(86) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 85. والأم: الشافعي: 7/ 355. والسيرة النبوية: ابن هشام: 2/ 410. وزاد المعاد: ابن القيم: 3 / 496، 497.
(87) الموضوعان السابقان في الرد على سير الأوزاعي، والأم.
(88) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7 / 163. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28 / 406. والمبدع: ابن مفلح: 3: 321.
(89) ينظر فتح القدير: ابن الهمام: 5/ 477. وأحكام القرآن: ابن العربي: 4 / 210. وروضة الطالبين: النووي: ص 1809. والمبدع: ابن مفلح: 3 / 319. وكشاف القناع: البهوتي: 3 / 48.
(90) رواه الشافعي في مسنده واللفظ له: ص 315. والإمام أحمد في المسند: 2 / 166. ح (6551) والنسائي في السنن الكبرى: 3 /73.. ح (4534). والدارمي في سننه: 1/ 514. ح (1912). والبيهقي في السنن الكبرى: 9 / 86. ح (17 907) والحاكم في المستدرك وصححه: 4/ 261. ح (7574) كلُّهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. ورواه أحمد في مسنده: 4 / 389. ح (19488). وابن حبان في صحيحه: 13 / 214. ح (5894). والطبراني في المعجم الكبير: 7/ 317. ح (7245). كلُّهم عن عمرو بن الشريد عن أبيه مرفوعاً. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف: 4 / 450. عن قتادة. والحديث صححه الحاكم وأعله ابن القطان بصهيب مولى ابن عامر الراوي عن عبد الله حيث قال: لا يعرف حاله. والحديث مروي من طرق قد صحح الأئمة بعضها. ينظر تلخيص الحبير: ابن حجر: 4 / 154. والسيل الجرار: الشوكاني: 4/ 380.
(91) ينظر الأم: الشافعي: 4/ 244، 259، 7/ 355. والمهذَّب: الشيرازي: 2/ 241. والمغني: ابن قدامة: 13 / 144. والمحلَّى: ابن حزم: 7 / 213.
(92) ينظر قضايا فقهية معاصرة: أبو غدة: ص 86.
(93) ينظر الأم: الشافعي: 4 / 259. والمهذب: الشيرازي: 2 / 241. والمغني: ابن قدامة: 13 / 144. والمبدع: ابن مفلح: 2/ 320.
(94) نوع من الطيور ضخم الرأس يكون في الشجر، نصفه أبيض و نصفه أسود. ينظر لسان العرب: ابن منظور: 3 / 250.
(95) رواه الإمام أحمد في مسنده / 1 / 347. ح (3242). وأبو داود في السنن: 4 / 367. ح (5267) ط. دار الفكر، ت. محمد محي الدين عبد الحميد.وابن ماجه في السنن 3/ 578. ح (3224).والحديث رجاله رجال الصحيح. قال البيهقي: " هو أقوى ما ورد في الباب ". وصححه النووي. ينظر عون المعبود: العظيم آبادي: 14/ 119. وتلخيص الحبير: ابن حجر: 2 / 275.
(96) ينظر الأم: الشافعي: 4/ 245، 287. 7/ 355. والمغني: ابن قدامة: 13 / 143. والمبدع: ابن مفلح: 3 / 319.
(97) ينظر الأم: الشافعي: 4 / 259. والمحلَّى: ابن حزم: 7 / 213. وقضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 90.
(98) ينظر الأم: الشافعي: 4 / 259. 7/ 356. والمغني: ابن قدامة: 13/ 143. والمحلَّى: ابن حزم:7 / 213.
(99) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 1 / 344. الأم: الشافعي: 4 / 244. والمغني: ابن قدامة: 13 / 143، 144. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 214.
(100) ينظر شرح مختصر الروضة: الطوفي: 3 / 185.
(101) ينظر الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/ 346. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 214.
(102) ينظر فتح القدير: ابن الهمام: 5/ 453. والمبسوط: السرخسي: 10 / 137. والمدونة الكبرى: الإمام مالك: 3 /7.
(103) ينظر الأم: الشافعي: 4/ 259. 7/ 355. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 72. والمغني: ابن قدامة: 13 / 143، 144. وكشاف القناع: البهوتي: 3/ 48.
(104) ينظر قضايا فقهية في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 91.
(105) ينظر الأم: الشافعي: 7 / 355، 356. والمحلَّى: ابن حزم: 7 / 213، 214.
(106) ينظر منهاج الطالبين: النووي: ص 137. والسراج الوهاج: الغمراوي: ص 544. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 72. والمغني: ابن قدامة: 13/ 144، 146. والمبدع: ابن مفلح: 3 / 319. وكشاف القناع: البهوتي: 3 / 48.
(107) المحلَّى: 7/ 213.
(108) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 83، 84. وأحكام القرآن: الجصاص: 5 / 317.
(109) ينظر الأم: الشافعي: 4 / 244.
(110) ينظر الأم: الشافعي: 4 / 45.، 287. 7/ 355.
(111) الرَّدُ على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص84. والأم: الشافعي: 7/ 355.
(112) الأم: 7 / 355.
(113) يفهم هذا الدليل من عرض الأوزاعي للأدلة على جواز إغاظة العدو بعد ما ذكر قول أبي حنيفة في جواز إتلاف الحيوان من أموال الحربيين الأعداء. ينظر الرد على سير الأوزاعي: ص 83، 85، 86. وأحكام القرآن: الجصاص: 5/ 317.
(114) الموضع السابق في الأم. وينظر مغني المحتاج: الشربيني: 6/ 72.
(115) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 163.
(116) ينظر أصول السرخسي: 2/ 130، 150. وأصول الشاشي: ص 314.
(117) ينظر الأم: الشافعي: 4/ 245. 7/ 356.
(118) المرجع نفسه: 4/ 245.
(119) حيث إنَّ الأنعام مطيعة لله، والكافر غير مطيع ينظر الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 7/ 274.
(120) المرجع نفسه: 4/ 259.
(121) الأم: 7 /355.
(122) ينظر زاد المسير: ابن الجوزي: 8/ 208.
(123) ينظر المادة (53) من لائحة الحرب البرية (لاهاي) الموقعة عام 1899م في كتاب مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 419.
(124) ينظر روضة الطالبين: النووي: ص 1809. ومغني المحتاج: الشربيني: 6 /72. والمغني: ابن قدامة: 13/ 142، 143، 146. والمبدع: ابن مفلح: 3/ 320.
(125) ينظر الذخيرة: القرافي: 3/ 288.
(126) ينظر المرجع السابق. وحاشية العدوي: 2/ 10.وضعَّف هذا القول الدسوقي في حاشيته: 2/ 177.
(127) ينظر حاشية العدوي: 2/ 10.
(128) ينظر المدونة الكبرى: الإمام مالك: 3/ 6. وبداية المجتهد: بن رشد: 1/ 342. والذخيرة: القرافي:3/ 288. والاستذكار: ابن عبد البر: 5/29. وحاشية الدسوقي: 2/ 177. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/ 544. والتاج والإكليل: العبدري: 3/ 351. وحاشية العدوي: 2/ 10.والفواكه الداني: النفراوي: 399. والفروع: ابن مفلح: 6/ 242. وكشاف القناع: البهوتي: 3/ 120. والإنصاف: المرداوي: 4/ 222.
(129) ينظر حاشية العدوي: 2 / 10. وحاشية الدسوقي: 2 / 177.
(130) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 162، 163. وروضة الطالين: النووي: ص 1802، 1809. والمغني: ابن قدامة: 13 / 144 146، 175- 179.
(131) ينظر قضايا فقهية معاصرة: أبو غدة: ص 94.
(132) مبادئ القانون الدولي في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 491. وينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 271، 272.
(133) ينظر الموضع السابق في مبادئ القانون الدولي لإحسان هندي. والمرجع السابق حقوق المدنيين: ص 274.
(134) ينظر القانون الدولي العام: أبو هيف: ص 830.
(135) المرجع السابق: إحسان هندي: ص 419.
(136) ينظر المرجع السابق لأبي هيف. والمرجع السابق حقوق المدنيين: ص 271. والمرجع السابق لإحسان هندي: ص 382، 383.
(137) ينظر القانون الدولي العام: أبو هيف: ص 354، 355. ومبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 382، 383.
(138) ينظر المرجع السابق لأبي هيف.
(139) ينظر مغني المحتاج: الشربيني: 6/ 81. وحواشي الشرواني: 9/ 259. وفتح الوهاب: الأنصاري: 2 / 304. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28 / 354.
(140) ينظر تفسير الطبري: 5/ 221. وأحكام القرآن: الجصاص: 3/ 226. وزاد المسير: ابن الجوزي: 2/ 172.
(141) رواه البخاري: 3/ 1034. ح (2655) ط. دار ابن كثير، بيروت، الثالثة 1407هـ، ت. مصطفى البغا. ورواه مسلم: 3/ 1512. ح (1904). ط. دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(142) ينظر المادة (46) وَ (47) من لائحة الحرب البرية في مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 418. وينظر القانون الدولي العام: أبو هيف: ص 830. وحقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 418، 419.
(143) المادة (52) من لائحة الحرب البرية. ينظر المرجع السابق: إحسان هندي: ص 419. والمادة (55) من اتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب. ينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 130. وينظر المرجع السابق: أبو هيف: ص 830، 831.
(144) ينظر آثار الحرب: الزحيلي: ص 607.
(145) نقلاً من تقرير أعدَّه: أحمد عبد السلام بموقع (إسلام أون لاين) على شبكة الانترنت. بعد مرور عامين على احتلال العراق.
(146) المصدر السابق.
(147) المصدر السابق.
(148) نقلاً من قسم الأخبار بموقع (إسلام أون لاين) على شبكة الانترنت، في 14/6/2003م، تحت خبر بعنوان: (العراق..الاحتلال يغتصب النساء والأطفال).
(149) ينظر مادة (عدل) في مفردات ألفاظ القرآن الكريم: الأصفهاني: ص 551، 552. ومختار الصحاح: الرازي: ص 176. ولسان العرب: ابن منظور: 11/ 430.
(150) التعريفات: الجرجاني: ص 150.
(151) المرجع نفسه.
(152) فتح القدير: الشوكاني: 1 / 606.
(153) ينظر المرجع نفسه. وأحكام القرآن: الشافعي: 2/ 121.
(154) ينظر المرجع نفسه. وأحكام القرآن: ابن العربي: 1/ 572. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 5/ 245. وزاد المسير: ابن الجوزي: 2/ 113. وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: ابن سعدي: ص 148.
(155) ينظر تفسير الطبري: 7 / 255. وزاد المسير: ابن الجوزي: 3/ 77. حيث فسر النبي صلى الله عليه وسلم آية:{ وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } بهذه الآية.
(156) ينظر الوسيط: الغزالي: 7/ 36. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/ 354.
(157) سواءً أكانَ ذمياً أم مستأمناً.
(158) نقل الإجماع القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: 6/ 176.ونقله أيضاً العظيم آبادي في عون المعبود:9/367. وينظر المبسوط: السرخسي: 5/ 38، 39. والذخيرة: القرافي: 3/ 285. والتنبيه: الشيرازي: ص 239. وروضة الطالبين: النووي: ص 1226. والمغني: ابن قدامة: 13/ 250. وكشاف القناع:البهوتي:3/140.
(159) ينظر أحكام القرآن: الشافعي: 2/ 73. وأحكام القرآن: ابن العربي: 2/ 127.
(160) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 152.
(161) أحكام القرآن: 2/ 121. والأم: 7/ 93.
(162) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 228.
(163) تفسير الطبري: 28/ 66. وينظر زاد المسير: ابن الجوزي: 8/ 237. وتفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 7/375، 8/ 90،91.
(164) رواه مسلم: 3/ 1458. ط. دار إحياء التراث. بيروت. ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(165) رواه الطبراني في المعجم الأوسط: 6/ 40. والهيثمي في مجمع الزوائد واللفظ له: 5/ 197. وقال: رجاله ثقات. وإسناد الحديث حسن؛ لأنَّ فيه محمد بن بلال البصري، وهو صدوق يُغَرِّب، كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب: ص 830. وقال ابن عدي في الكامل في الضعفاء: 6/ 133. " وأرجو لا بأس به.."
(166) رواه البخاري واللفظ له: 6/ 2496. ح (6421). ط. دار ابن كثير. بيروت. الثالثة 1407هـ. ومسلم: 2/ 715. ح (1031). ط. دار إحياء التراث. بيروت. ت محمد فؤاد عبد الباقي.
(167) مجموع الفتاوى: 28/ 62، 63.
(168) هو الصحابي الكريم رِبعِيُّ بن عامر بن خالد بن عمرو، كان من أشراف العرب، وسيفاً في الفتوح، أمدَّ به عمر بن الخطاب المثنى بن حارثة، وكان رسول سعد بن أبي وقاص إلى رستم قائد الفرس في وقعت القادسية، وله ذكر في وقعت نهاوند، وكان ممن بنى الفسطاط لأمير تلك الغزوة النعمان بن مقرن، ولاه الأحنف طخارستان بعد فتح خراسان – رضي الله عنه. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: برقم: (2679). والبداية والنهاية: ابن كثير: 7/ 43.
(169) المرجع السابق البداية والنهاية: 7/ 43.
(170) الأحكام السلطانية: الماوردي: ص 361.
(171) ينظر التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي: عبد القادر عودة: 1/ 67. ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، الرابعة عشرة: 1422هـ
(172) المرجع نفسه.
(173) تنظر هذه المبادئ في حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 441، 442.
(174) ينظر المرجع نفسه.
(175) موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 132. وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 261.
(176) المرجع السابق: 6/ 133. والمرجع السابق: 1 / 262.
(177) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 446.
(178) موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 12.
(179) المرجع نفسه: 1/ 26.
(180) موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 133. وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1: 262.
(181) ينظر المرجعان السابقان.
(182) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 451. نقلاً عن مرجع أجنبي هو: jean pictet. Op. cit. p: 341.
(183) موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/251. وورد النص في موسوعة القانون الدولي:(6/ 124): "..لم يقترفها هو شخصياً، تحظر العقوبات الجماعية.."
(184) مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 419.
(185) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 455.
(186) نصَّت المادة الثامنة والستون من اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين على الجرائم. ينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 133. وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 262.
(187) مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 417.
(188) نص المادة الثلاثون من لائحة الحرب البرية (لاهاي). ينظر المرجع نفسه.
(189) تنظر المادة الثامنة والستين من اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين في موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 113 وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 662.
(190) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 458.
(191) الموضعان السابقان في موسوعة القانون الدولي وموسوعة حقوق الإنسان.
(192) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 459، 460.
(193) الموضوعان السابقان في موسوعة القانون الدولي و موسوعة حقوق الإنسان.
(194) الموضع السابق موسوعة القانون الدولي. والمرجع السابق موسوعة حقوق الإنسان: 1/ 263.
(195) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 465.
(196) ينظر مبادئ القانون الدولي في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 305 وما بعدها.
(197) موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 134. وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1 / 263.
(198) المرجع السابق موسوعة القانون الدولي: 6/ 157.. والمرجع السابق موسوعة حقوق الإنسان:1/ 295.
(199) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص469.
(200) ينظر المرجع السابق موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 12.
(201) المرجع نفسه.
(202) ينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 134. وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 263، 264.
(203) المرجع السابق موسوعة القانون الدولي: 6/ 123. والمرجع السابق موسوعة حقوق الإنسان: 1/ 249.
(204) المرجع السابق موسوعة القانون الدولي: 6 / 135. والمرجع السابق موسوعة الإنسان: 1/ 265.
(205) المرجع السابق موسوعة حقوق الإنسان: 1/ 11.
(206) ينظر تفسير الطبري: 8/ 37. والموضع السابق في تفسير القرآن العظيم.
(207) ينظر المرجع السابق: الطبري: 6 / 30.
(208) الإحكام في أصول الأحكام: الآمدي: 1 / 75.
(209) الأشباه والنظائر: السيوطي: 1/ 60. وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل السنة وغيرهم وللفائدة. ينظر التبصرة: الشيرازي: ص 532.
(210) ينظر التشريع الجنائي في الإسلام: عبد القادر عودة: 1 /116، 117. وكذلك قد فصَّل في الشروط الواجب توفرها في الشخص المكلف والفعل المكلف به، والأمر كذلك بالنسبة لجرائم التعزير، فإنَّ العقوبة والجريمة المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية فمثلاً (تقبيل الأجنبية) الجريمة: محرمة شرعاً،والعقوبة: أن لا تبلغ أدنى الحدود (خلاف في المسألة) وللاستزادة ينظر المرجع نفسه: 1/ 126 وما بعدها.
(211) ينظر أحكام القرآن: الجصاص: 3 / 41. أحكام القرآن: ابن العربي: 1 / 457. وأحكام القرآن: الشافعي: 1/ 304.
(212) تنظر المراجع نفسها.
(213) رواه مسلم:3/ 1316. ح (1690). ط دار إحياء التراث،بيروت، ت.محمد فؤاد عبد الباقي.
(214) ينظر التشريع الجنائي الإسلامي: عبد القادر عودة: 1 / 262.
(215) المرجع نفسه: 1 / 264.
(216) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 1/ 476. وأحكام القرآن: الشافعي: 1 / 182، 183.
(217) ينظر المرجعان السابقان. وتفسير الطبري: 4/ 318. والمرجع السابق التشريع الجنائي: 1/ 263.
(218) للاستزادة في هذه الاستثناءات ينظر المرجع السابق التشريع الجنائي: 1/ 216- 273.
(219) ينظر التشريع الجنائي الإسلامي: عبد القادر عودة: 1/ 118، 273.
(220) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 445.
(221) ينظر المرجع السابق التشريع الجنائي الإسلامي: 1/ 274.
(222) ينظر المرجع السابق حقوق المدنيين: ص 449.
(223) المرجع السابق التشريع الجنائي الإسلامي: 1/ 274.
(224) ينظر تفسير الطبري:6/274. وأحكام القرآن الجصاص:4/99
(225) ينظر تفسير الآية ودلالتها على وجوب القصاص في أحكام القرآن: الجصاص: 1 / 164 -166.وأحكام القرآن: الشافعي: 1/ 271، 277. وأحكام القرآن: ابن العربي: 1/ 89، 90. وزاد المسير: ابن الجوزي: 1/180، 181.
(226) ينظر تفسير الطبري: 2/ 114. وأحكام القرآن: الجصاص: 1 / 196، 197. وأحكام القرآن: الشافعي: 1/ 277. وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: ابن سعدي: ص 67.
(227) المحًّصن: "هو من وطئ امرأته المسلمة أو الذمية أو المستأمنة في نكاح صحيح في قُبُلِها" ينظر الروض المربع: البهوتي: ص 445.
(228) رواه مسلم: 3/1316، ح(1690). ط. دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(229) ينظر مطالب أولي النهى: الرحيباني: 6 / 175، 179.
(230) ينظر الأحكام السلطانية: الماوردي: ص 368. وقصة ماعز- رضي الله عنه - رواها البخاري: 6/ 2502. ح (6438). ط.دار ابن كثير، بيروت، الثالثة 1407هـ.ت. مصطفى البغا.ومسلم: 3/ 1319. ح (1692) ط. دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(231) الجواب الكافي: ابن القيم: 220، 221. ط. دار الكتاب العربي، بيروت.
(232) المرجع نفسه ص 240.
(233) ينظر تفسير الطبري:6/274. وأحكام القرآن الجصاص:4/99.
(234) الأحكام السلطانية: الماوردي: ص 386. وينظر تبصرة الحكام: ابن فرحون: 2/ 218.
(235) ينظر المرجعان السابقان. والبحر الرائق: ابن نجيم: 5/ 45. والفروق: القرافي: 9/ 400، 401. وروضة الطالبين: النووي: ص 1772. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 13، 14. وكشاف القناع: البهوتي: 6/ 124
(236) ينظر الفروق: القرافي: 4/ 1306. ط.دار السلام، القاهرة، الأولى: 1421هـ، ت. محمد أمين – علي جمعة.
(237) الوزر: هو الثِّقل، يقال وزَرَه يَزِره إذا حمل ثقله، والمراد به هنا (الذنب). ينظر مادة (وَزَرَ) في مفردات القرآن الكريم: الأصفهاني: ص 867. وأحكام القرآن: ابن العربي: 2 / 300.
(238) ينظر تفسير الطبري: 11/ 178. وأحكام القرآن: الجصاص: 1/ 104. وأحكام القرآن: ابن العربي: 2/ 299-310.
(239) رواه النسائي: 7/ 144. ح (4139)، وإسناده صحيح.
(240) ينظر أحكام القرآن: الجصاص: 3/ 194.
(241) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال: العشماوي: ص 451، 457.
(242) الأصل في التعزير عدم جواز القتل أو القطع؛ لأنًَّ معناه (التأديب) فلا يكون بالقتل. ينظر البحر الرائق: ابن نجيم: 5/ 44، 45. ولكنَّ كثيراً من الفقهاء نصوا على جواز القتل تعزيراً في حال المصلحة والضرورة، ويسميه بعضهم: "القتل سياسة"، كقتل الجاسوس المسلم، والداعي إلى البدعة، ومن لا يزول فساده إلا بالقتل. ينظر حاشية ابن عابدين: 6/ 107. وتبصرة الحكام: ابن فرحون: 2/223. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28 / 109، 35/ 405، 406. وكشاف القناع: البهوتي: 6 / 126. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 6 /223.
(243) ينظر التشريع الجنائي: عبد القادر عودة: 1/ 689.
(244) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال: العشماوي: ص 465.
(245) ويستوي الذمي والحربي فيما يتعلق بمصلحة المسلمين وحقوق العباد ويختلفان في حقوق الله تعالى. ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 216. وحاشية ابن عابدين: 6/ 280. والفروق: القرافي: 3/ 275. وروضة الطالبين: النووي: ص 1758، 1759.والمغني: ابن قدامة: 13/ 81، 82.
(246) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 466، 467.
(247) رواه مسلم: 4/ 1994. ح (2577)
(248) هناك بحث مُحكَّم هو " ضمانات عدالة القضاء دراسة مقارنة " لشيخنا الدكتور: ناصر الجوفان، فليراجع للفائدة.
(249) ينظر أحكام القانون الدولي العام: حامد سلطان: ص 253..ط. دار النهضة العربية، القاهرة، 1974م.
(250) ينظر تفسير الطبري:6/274. وأحكام القرآن الجصاص:4/99
(251) وردت عدة أقوال في كمال الدين وتمام النعمة كلها صحيحة، منها: أنه بكمال الدين لم ينزل بعد هذه الآية شيء وذلك أن الله – سبحانه - لم يزل يصرف نبيه وأصحابه في درجات الإسلام ومراتبه درجةً درجة،حتى أكمل شرائعه ومعالمه وبلغ أقصى درجاته فلما أكمله تمت به النعمة ورضيه دينا كما هو عليه الآن، فالزموه ولا تفارقوه ولا تغيروه كما فعل سواكم بدينه. ينظر تفسير الطبري: 6/79.و أحكام القرآن: ابن العربي: 2/40.
(252) ويُورد بعضهم قصة خليفة المؤمنين علي – رضي الله عنه – مع النصراني ومحاكمتهما إلى شريح القاضي والقصة ضعيفة. ينظر تلخيص الحبير: ابن حجر: 4/ 193.
(253) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 16، 17. والذخيرة: القرافي: 8/ 51- 76. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 333-336. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 6 / 485- 489
(254) تنظر المراجع نفسها.
(255) رواه الإمام أحمد في المسند: 1/ 143. ح (1215). والترمذي في الجامع الصحيح واللفظ له: 3/ 618. ح (1331). وقال: "هذا حديث حسن". ورواه الحاكم في المستدرك وصححه: 4/ 105. ح (7025). والحديث وإن لم يصح سنده فمعناه صحيح.
(256) رواه البيهقي في السنن الكبرى واللفظ له: 10/ 135. ح (20244). والطبراني في المعجم الكبير: س23/ 284. وفي إسناده ابن كثير وهو ضعيف. ينظر تلخيص الحبير: ابن حجر: 4/ 193. ونصب الراية: الزيلعي: 4/ 74، 75. والحديث يتقوى بمجموع طرقه وبالشواهد وهو كذلك صحيح المعنى.
(257) الأشباه والنظائر: السيوطي: 1/ 53.
(258) رواه البخاري: 4/ 1656. ح (4277). ط.دار ابن كثير، بيروت، الثالثة 1407هـ.ت. مصطفى البغا. مسلم واللفظ له: 3/ 1336. ح (1711) ط.دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(259) ينظر المرجع السابق الأشباه والنظائر: 1/ 53.
(260) رواه مسلم: 1/ 123. ح (139) ط.دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(261) وذلك إذا عُرِف بالفجور. ينظر حاشية ابن عابدين: 6/ 126. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 35 / 401. والطرق الحُكمية: ابن القيم: ص 124، 125.
(262) رواه ابن ماجه واللفظ له: 2 / 513. ح (2043). والحاكم في المستدرك: 2/216. ح (2801) وصححه. والبيهقي في السنن الكبرى: 6 / 84. ح (11236). والحديث حسن الإسناد ينظر تلخيص الحبير: ابن حجر: 1/ 281.
(263) ينظر حقوق الإنسان في الإسلام دراسة مقارنة: محمد الزحيلي: ص 383. وقد بوَّب البيهقي - رحمه الله – على الحديث السابق بـ (باب من لا يجوز إقراره) حيث إنَّ المكره لا يقبل إقراره.
(264) رواه مسلم: 3 / 1324. ح (1324) ط. دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(265) رواه مسلم 3 / 1548. ح (1955).
(266) (المنهاج) شرح صحيح مسلم: 13/ 108.