الاصطلاحات ذات العلاقة

المطلب الأول: تعريف السفر:
قال في معجم مقاييس اللغة:
"السين والفاء والراء أصل واحد يدل على الانكشاف والجلاء، من ذلك السَّفَر، سمي بذلك لأن الناس ينكشفون عن أماكنهم، والسَّفْر: المسافرون"(62).
والسَّفَرُ قطع المسافة والجمع الأسفار وهو خلاف الحضر، والسَّفْرُ جمع سافرٍ، والمسافر كالسَّافِر، والمِسْفَرُ: الكثير الأسفار القوي عليها.
ويقال: سفرت أسفُرُ سفوراً: خرجت إلى السفر، فأنا سَافرٌ وقوم سفرٌ مثل صاحب وصحب وسُفّارٌ مثل راكب وركاب، وسافرت إلى بلدة كذا مُسَافَرَةً وسِفَاراً(63).
فالسفر في أصل معناه اللغوي: الظهور والبروز والانكشاف والجلاء وقطع المسافة سفر من هذا المعنى لأنه ينكشف عن الحضر ويبرز إلى الأرض الفضاء وتنكشف فيه أخلاق المسافر ويظهر ما كان خافياً.
ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرجل شهد عنده: "لست أعرفك ولا يضرك أن لا أعرفك ائت بمن يعرفك فقال رجل من القوم: أنا أعرفه قال: بأي شيء تعرفه؟ قال بالعدالة والفضل قال فهو جارك الأدنى الذي تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه؟ قال: لا. قال: فمعاملك بالدينار والدرهم اللذين بهما يستدل على الورع؟ قال: لا. قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا. قال: فلست تعرفه، ثم قال للرجل ائت بمن يعرفك"(64).
ولم يرد تحديد السفر بمسافة معينة في اللغة ولا في الشرع مما أدى إلى اختلاف الفقهاء في ذلك والصواب هو الرجوع إلى العرف في ذلك وعلى هذا فالسفر اصطلاحاً: "الخروج من العمران على قصد قطع مسافة القصر الشرعية فما فوقها"(65).
وبين السياحة والسفر عموم وخصوص فإن السياحة في الاصطلاح الشرعي تطلق على معان غير السفر كالصيام كما أن السياحة في اصطلاح المعاصرين سفر مخصوص بأغراض ومدة معينة فهي من أغراض السفر وقد وردت مادة (سفر) في القرآن في 11 موضع(66).

 

 

المطلب الثاني: تعريف الهجرة:
جاء في معجم مقاييس اللغة: "الهاء والجيم والراء أصلان يدل أحدهما على قطيعة وقطع، والآخر على شد شيء وربطه".
فالأول الهجر: ضد الوصل، وكذلك الهجران، وهاجر القوم من دار إلى دار: تركوا الأولى للثانية(67).
قال في المفردات: "المهاجرة في الأصل مصارمة الغير ومتاركته... فالظاهر منه الخروج من دار الكفر إلى دار الإيمان كمن هاجر من مكة إلى المدينة(68).
فالهجرة في اللغة مفارقة البلد ومصارمة الغير ومتاركته، يقطع المهاجر صلته ببلده وينتقل لبلد آخر لسكناه والإقامة الدائمة فيه فهي أخص من السفر في اللغة، لأن المهاجر يقصد الإقامة الدائمة والهجرة في الاصطلاح: الخروج من دار الإسلام إلى دار الكفر(69) يقول سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا) (البقرة: من الآية218).
ويقول سبحانه: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ) (الحشر: من الآية8).
والهجرة في الاصطلاح أخص من السفر لأنها سفر لغرض مخصوص ومكان مخصوص وهو دار الإسلام.
وقد وردت مادة (هجر) في القرآن في عشرين موضعاً(70).

 

 

المطلب الثالث: تعريف السير:
أصل مادة (سير) يدل على مضي وجريان يقال: سار يسير سيراً، وذلك يكون ليلاً ونهاراً(71).
والسَّيْرُ: الذهاب، يقال: سَارَ يَسِيْرُ سَيْرَاً ومَسِيْراً ومسيْرَة وسَيْرورَة وتَساراً: يذهب، والاسم: السِّيرةُ.
ويقال: سار القوم يسيرون سيراً ومسيراً إذا امتد بهم السير في جهة توجهوا لها.
وقوله: مسيرة شهر أي المسافة التي يسار فيها من الأرض كالمنزلة أو هو مصدر بمعنى السير كالمعيشة(72).
فالسير اصطلاحاً: المضي في الأرض والسير أخص من السفر فليس كل سير سفر. وقد وردت مادة سير في القرآن في 32 موضع(73).

 

ــــــــــــــــــــــــ

(62) لابن فارز (3/82).
(63) ينظر: لسان العرب، لابن منظور (4/2024) بتصرف، والقاموس المحيط للفيروزابادي (2/49) بتصرف.
(64) أخرجه البيهقي في الكبرى (10/125)، كتاب آداب القاضي، باب من يرجع إليه في السؤال يجب أن تكون معرفته باطنة، وفي معرفة السنن والآثار (14/237)، والبغوي بإسناد حسن والخطيب في الكفاية وغيرهم عن خرشة بن أبحر ورواه ابن أبي الدنيا في الصمت والدينوري في المجالسة وصححه ابن السكن، ينظر: كشف الخفا، للعجلوني (1/549).
(65) ينظر: التعريفات، للجرجاني ص 122، والموسوعة الفقهية الكويتية (25/26).
(66) في سورة البقرة الآيات 184-185-283، والنساء الآية 43، والمائدة الآية 6، والتوبة الآية 42، والكهف الآية 62، وسبأ الآية 19، والجمعة الآية 5، والمدثر الآية 34، وعبس الآية 15.
(67) لابن فارس (6/34).
(68) للراغب الأصفهاني (ص536).
(69) المصدر السابق، وفتح الباري، لابن حجر (7/270)، والمغني لابن قدامة (13/149)، والهجرة والنصرة في القرآن الكريم، موسى العليلي ص9، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (12/48).
(70) في سور: البقرة الآية 218، وآل عمران الآية 195، والنساء الآيات 89، 97، 100، وفي سورة الأنفال الآيات 72، 74، 75، والتوبة الآيات 20، 100، 117، والنحل الآيات 41، 100، ومريم الآية 46، والحج الآية 58، والمؤمنون الآية 67، والنور الآية 22، والفرقان الآية 30، والعنكبوت الآية 26، والأحزاب الآية 6.
(71) ينظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس (3/120-121)، بتصرف.
(72) ينظر: لسان العرب، لابن منظور (4/2169)، والقاموس المحيط للفيروزابادي (2/54) والمجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث، للأصفهاني (2/162) بتصرف.
(73) في سور: آل عمران الآية 137، والمائدة الآية 96، والأنعام الآية 11، ويوسف الآيات 10، 19، 65، 109، والرعد الآية 31، والنحل الآية 36، والكهف الآية 47، وطه الآية 21، والحج الآيات 46، 70، والنمل الآية 69، والقصص الآية 29، والعنكبوت الآيات 19، 20، والروم الآيات 9، 42، وسبأ الآية 18.