وقف الأسهـم والصكـوك والحقوق المعنوية
18 شعبان 1432
أ.د. حمزة بن حسين الفعر

 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين .  
          فعرفت الأمم على اختلافها –قبل الإسلام- أنواعاً عديدة من التصرفات المالية تُخرج الانتفاع بالمال عن ملك صاحبه إلى ملك غيره، ويبقى الانتفاع بها على الدوام لمن خرجت إليهم، كما يُلحظ ذلك في دور العبادة، وأماكنها حتى عند الوثنيين، ومن أبرز مظاهر ذلك، العقارات التي تخصص لخدمتها، وإصلاحها والقيام بشؤونها، وقد ظلَّ هذا المفهوم سائداً حتى عصرنا الحاضر، وإن كان قد لحقه عند بعض الأمم تطوُّرٌ نوعيٌّ في المؤسسات، والأنظمة التي تحكمها، وأجلى صور هذا التطور ما يعرف في النظام الأنجلو أمريكي بنظام: الترست،(thetrest)، ويرجع بعض الباحثين هذا التطور إلى الإفادة من نظام الوقف الإسلامي والأحكام المتعلقة به، عبر الاتصال بالحضارة الإسلامية والإفادة من معطياتها في مجالات عديدة.
        والترست كما عرَّفه معهد القانون الأمريكي: علاقة أمانة خاصة بمال معيَّن تلزم الشخص الذي يحوز هذا المال بعدَّة التزامات تهدف إلى استغلاله لصالح شخصٍ آخر، وتنشأ هذه العلاقة نتيجة للتعبير عن إرادة إنشائها، وهذا يعني أن من يقوم باستغلال هذا المال ليس هو المستفيد منه وإنما هو أمين، أو وصيٌّ عليه لمصلحة غيره، بناءً على إرادة من قام بتخصيص المال لهذا الغرض.
        ومن أهم الأحكام المتعلِّقة بالترست: أنه لا يلزم أن يبقى مؤبدا، بل يمكن أن ينتهي في الحالات التالية:
1 – بحلول الأجل الذي حدد له.
2 – بالرجوع فيه من قبل المنشئ، إذا احتفظ لنفسه بهذا الحق.
3 – بإرادة المستفيدين إذا أجمعوا شريطة أن لا يتعارض ذلك مع الغرض الذي أنشئ من أجله الترست[1].
        وهناك مصطلحات أخرى قريبة الصلة بالترست، مثل: Endowment وهي تعني الأموال التي توهب لشخصٍ أو منظمة من H جل تمويلها سواءً باستعمال تلك الأموال مباشرة، أو بما يحصل من ذلك من دخل دوري مستمر.
        ومن ذلك foundation وهي تعني: هيئة أو منظمة غير حكومية تعمل بأموال مخصَّصة من مؤسسيها في الغالب لخدمة أمرٍ ذي منفعة عامة على الدوام.
        وبين هذين المصطلحين ترابط وثيق ؛ لأن الهيئة أو المؤسسة foundation تحتاج لاستمرار عملها إلى المال المخصص Endowment.
        ومن ذلك أيضاً: الشخصيَّات الاعتبارية التي لا تقصد الربح Nonprofit corporation وكثيرٌ منها يملك أصولاً وقفيَّةً استعماليَّةً، واستثماريَّةً وتتلقى في كثيرٍ من الأحيان تبرعات من المؤسسات، ومن الجمهور[2].
 
المبحث الأول
تعريف الوقف، وبيان مشروعيته
        تعريف الوقف لغة: تدلُّ كلمة الوقف على الحبس والمنع.
        قال ابن فارس: الواو، والقاف، والفاء: أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تمكُّثٍ في شيءٍ ثم يقاسُ عليه... يقولون للذي يكون في شيءٍ ثم ينزع عنه: قد أوقف.
        قال الطرماخ:
جَامِحاً في غِوايَتِي ثم أوقَف                 تُرضا بالتُّقى وذو البرِّ رَاضِي
        وحكى الشيباني قوله:
وكل شيءٍ أمسكت عنه، فإنك تقول: أوقفت[3].
        ويأتي الوقف بمعنى الاحتباس والدوام أيضاً، قال في الصحاح وفي القاموس: يقال: وقفت الدابة، تقف وقوفاً، ووقف يقف وقوفاً: دام قائماً، والوقيفة: الوَعِلُ لحقه الكلاب إلى صخرة فلا يمكنه أن ينزل حتى يصاد[4].
- تعريف الوقف في اصطلاح الفقهاء:
        عُرِّف بتعريفاتٍ عديدة:
1 – عند الحنفيَّة:
        هو حبس العين على ملك الواقف، والتصدق بالمنافع، وهذا عند أبي حنيفة، فلا يزول الملك عنه إلا بالوصيَّة به، أو بقضاء القاضي ؛ لأنه فعلٌ مجتهدٌ فيه فينفذ قضاؤه.
        وعند الصاحبين: حبس العين على حكم ملك الله تعالى والتصدق بالمنفعة، وهذا بناءً على أن أبا حنيفة لا يجيز الوقف أصلاً ؛ أو أنه يجوز عنده ولا يلزم، بمنزلة العارية حتى يجوز له الرجوع فيه في أيِّ وقتٍ شاء، و يورث عنه، فإذا أوصى به، ولم يرجع في وصيَّته لزم بعد الموت، باعتبار أن الوصية لا تنفذ إلا حينئذٍ مع مراعاة أن تكون في حدود الثلث، وأن لا تكون لوارث أو إذا حكم به حاكم حال عدم الوصيَّة به بناءً على ما تقدم.
        أما عندهما فالوقف جائز، ويزول ملك الوقف عنه غير أنه عند أبي يوسف يزول بمجرد القول، وعند محمد لا يزول حتى يجعل للوقف ولياً، ويسلِّمه إليه[5].
        وقد عرَّفه بمثل ذلك القونوي في أنيس الفقهاء إلا انه قيَّد التصدُّق بالمنافع على الفقراء[6]، وهذا التقييد غير مسلَّم ؛ لأن الوقف عند من يجيزه يصح على الفقراء، وعلى غيرهم.
2 – عند المالكية:
        هو: إعطاء منفعة شيءٍ مدة وجوده، لازماً بقاؤه في ملك معطيه، ولو تقديراً.
        وهذا التعريف يشمل المنفعة المتحصلة من العين سواءً أكانت العين مملوكة للواقف أم لغيره، كما أنه يدلُّ على أن العين باقية على ملك الواقف.
        وشرط لزوم الوقف خروجه عن يد الواقف، وتركه الانتفاع به قبل فلسه، وموته، ومرض الموت، فإن حبَّس في صحَّته، وأبقاه في يده مدَّة حياته أو إلى أن فلَّس، أو إلى مرض موته، بطل الوقف، وعاد الموقوف ميراثاً، إذا لم تكن منفعته تصرف في مصرفه.
        وعند المالكيَّة لا يشترط التنجيز، ولا التأبيد في صحة الوقف بل يمكن أن يقع معلَّقاً، أو أن يكون مؤقتاً[7].
عند الشافعيَّة:
        حبس مالٍ يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح.
        ويصحُّ بناءً على هذا وقف عقار ومنقول يقبل نقل الملك مع دوام الانتفاع به، والعين الموقوفة تنفكُّ عن اختصاص الآدميِّ، فلا تكون ملكاً للواقف، ولا للموقوف عليه، بل هي ملكٌ لله تعالى، وفوائدها الحادثة بعد الوقف ملكٌ للموقوف عليه.
        ويشترط له التنجيز والتأبيد، والإلزام بأن لا يكون فيه خيار ولا رجوع ولا بيع ونحوه[8].
4 – عند الحنابلة:
        تحبيس مالكٍ مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرُّفه وغيره في رقبته، بصرف ريعه إلى جهة بِرٍّ.
        ويشترط له أن يكون في عينٍ يصحُّ بيعها، والانتفاع بها بلا ضرورة، مع بقائها منقولةً كانت أو عقاراً، وأن يكون الوقف ناجزاً ؛ فلا يصحُّ معلَّقاً ولا مؤقتاً.
        كما يشترط دوام الانتفاع ببقاء العين، فلا يصحُّ وقف ما لا تبقى عينه بالانتفاع به[9].
        ولدى التأمل في تعاريف العلماء فإنه يمكن استخلاص الأمور التالية:
1 – أنَّ الوقف عملُ من أعمال البرِّ التي يقصد بها التقرُّب لله سبحانه وتعالى، وتحصيل الأجر المرتب على ذلك بما يلحقه من أجر الصدقة الجارية التي ورد ذكرها في الحديث الصحيح: «إِذَا مَاتَ ابنُ آدَمَ انقَطَعَ عَمَلُهُ إلا مِن ثَلاثٍ، صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَو عِلْمٍ يُنتَفَعُ بِه، أَو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدعُو لَه»[10].
     كما أنَّ فيه حفظاً لمصالح الموقوف عليهم بما يعود عليهم من غلَّة الوقف، أو منفعته مدَّةً طويلة.
2 – أن الوقف عند جمهور الفقهاء الشافعيَّة، والحنابلة، وأبي يوسف، ومحمد صاحبي أبي حنيفة يخرج الموقوف عن ملك الواقف، ويرى أبو حنيفة والمالكية أنه لا يخرج عن ملك الواقف.
3 – يشترط جمهور العلماء في الوقف ؛ التأبيد والتنجيز والإلزام، ولا يشترط ذلك المالكية، بل يجوز عندهم أن يكون مؤقتاً، وأن يقع معلَّقاً.
4 – يصح وقف العقار والمنقول والمشاع عند جمهور العلماء، ومنع الحنفيَّة من وقف المنقول، لأنه لا يتحقق به شرط التأبيد لكونه على شرف الهلاك.
     وهذا الاختلاف مرجعه إلى عدم وجود نصٍّ يحسم المسألة، فاجتهد العلماء في وضع الشروط التي يرونها محققة لمعنى الوقف ومقاصده حسبما تفيده النصوص التي دلَّت على مشروعيَّته.
     وهذا كله عند من يرى مشروعيَّته، وهم جماهير علماء الأمة، وإن كان هناك من يرى عدم مشروعيته، كما يروى ذلك عن القاضي شريح الكندي، وعن أبي حنيفة استناداً إلى أنه يؤدي إلى تضييع فرائض الله المتعلِّقة بالمواريث التي حددها الله، وتولى قسمتها، وإلى أن شريعة الإسلام جاءت تبطل الحبوس التي شاعت في الجاهلية، وقد نقل عن شريح رحمه الله عندما سأله سائلٌ عن الحبس أنه قال: لا حبس عن فرائض الله، وجاء عنه قوله: جاء محمد صلى الله عليه وسلم بإطلاق الحُبس.
وقد ردَّ الإمام مالكٌ رحمه الله مقالة شُريحٍ هذه بقوله: إنَّما تكلَّم شريحٌ ببلده –العراق- ولم يرد المدينة فيرى أحباس الصحابة، وينبغي للمرء أن لا يتكلم فيما لم يُحط به خبرا[11].
     كما ردَّ عليه الإمام الشافعي رحمه الله بردٍّ مفصَّل من أربعة أوجهٍ فقال:
1 – الحبس التي جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم  -والله أعلم- ما وصفنا من البحيرة والوصيلة، والحام، والسائبة إن كانت من البهائم، فإن قال قائل: ما دلَّ على ما وصفت؟ قيل: ما علمنا جاهليَّاً حبَّس داراً على ولد، ولا في سبيل الله، ولا على مساكين، وحبسهم على ما وصفنا... فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم  بإطلاقها.
2 – فإن قال قائل: فهو يحتمل ما وصفت، ويحتمل إطلاق كل حبس فهل من خبر يدل على أن هذه الحبُس في الدور، والأموال خارجة عن الحبس المطلقة؟ قيل: نعم، أخبرنا سفيان عن نافع عن ابن عمر، قال: جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقال: يا رسول الله، إني أصبت مالاً لم أصب مثله قط، وأردتُ أن أتقرَّب به إلى الله عزَّ وجلَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «حَبِّسْ أَصْلَهُ، وَسَبِّل ثَمَرَتَه»[12].
3 – حجَّة الذي أبطل الصدقات الموقوفات... لا حجَّة فيها عندنا، ولا عنده ؛ لأنه يقول: قول شريح على الانفراد لا يكون حجة، ولو كان حجة لم يكن في هذا حبس عن فرائض الله عز وجل، فإن قيل: وكيف؟ قيل: إنما أجزنا الصدقات الموقوفات إذا كان المتصدق بها صحيحاً، فارغة[13] من المال، فإن كان مريضاً لم نجزها إلا من الثلث ؛ إذا مات من مرضه ذلك، وليس في واحدة من الحالين حبس عن فرائض الله.
4 – فإن قال قائل: وإذا حبَّسها صحيحاً ثم مات لم تورث عنه! قيل: فهو أخرجها وهو مالكٌ لجميع ماله يصنع فيه ما يشاء، ويجوز له أن يخرجها لأكثر من ذلك عندنا، وعندك، أرأيت لو وهبها لأجنبي، أو باعه إيَّاها محاباةً، أيجوز؟ فإن قال: نعم، قيل: فإذا فعل ثم مات أتورث عنه؟ فإن قيل: لا، قيل: فهذا فرار من فرائض الله تعالى، فإن قال: لا ؛ لأنه أعطى وهو يملك، وقبل وقوع فرائض الله تعالى، وقولك: لا حبس عن فرائض الله تعالى محال ؛ لأنه فعل قبل أن تكون فرائض الله في الميراث ؛ لأن الفرائض إنما تكون بعد موت المالك، وفي المرض[14].
وقد ثبتت مشروعية الوقف بنصوصٍ كثيرةٍ يحصل بمجموعها التواتر، منها:
1 – صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأموال مخيريق اليهودي الذي خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  إلى أحد دفاعاً عن المدينة وأوصى إن أصيب أن تكون أمواله لرسول الله صلى الله عليه وسلم  يضعها حيث أراه الله، فوقفها النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مصالح المسلمين[15].
2 – صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم  من أموال بني النضير، وفدك، وخيبر، والتي حبَّسها لأوجهٍ عديدة من أوجه البر[16].
3 – صدقة عمر رضي الله عنه بسهمه في خيبر، روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم  فقال: أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه فكيف تأمرني به؟ قال: «إِنْ شِئْتَ حَبَّستَ أصلَهَا، وتَصَدَّقتَ بهَا»، فتصدَّق بها عمر أنه لا يباع أصلها، ولا يوهب، ولا يورث، للفقراء، والقربى، والرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم صديقاً غير متمول فيه[17].
4 – صدقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأرض ثَمْغَ بالمدينة، والتي أعطاه إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم  من أموال اليهود الذين جلوا عن المدينة، واشترى عمر رضي الله عنه أرضاً أخرى فضمَّها إليها فأصبحت مالاً معجباً، فقال عمر: يارسول الله، إن لي مالاً فأنا أحبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «احبِسْ أَصْلَهُ وَسَبِّل ثَمَرَتَهُ»، ففعل[18].
5 – شراء عثمان رضي الله عنه لبئر رومه ووقفها للمسلمين.
6 – وتصدق أبو بكرٍ بداره على ولده.
7 – وتصدق عليٌّ بأرضه بينبع، وتصدق الزبير بداره بمكة، وداره بمصر، وأمواله بالمدينة على ولده، وتصدق سعد، وعمرو بن العاص، وحكيم بن خزام بمثل ذلك.
     قال جابر رضي الله عنه: لم يكن أحدٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم  ذو مقدرةٍ إلا وقف[19].
     قال ابن قدامة رحمه الله بأن ذلك اشتهر عنهم، فكان إجماعاً[20]، وقد تتابعت على ذلك الأمة في جميع طبقاتها، وفي مختلف البلدان، وهذا التشريع الحكيم فيه حفاظ على استمرار عمل الخير الذي ينتفع به الإنسان حال حياته، وبعد مماته يجري عليه أجره وخيره.  
 
المبحث الثاني
تعريف الأسهم والصكوك، والحقوق المعنوية
أولاً: تعريف السهم:
1 -    لغة: جمع سهم، قال ابن فارس: السين والهاء والميم، أصلان أحدهما يدلُّ على تغيُّرٍ في لونٍ، والآخر يدلُّ على حظٍ ونصيب، وشيءٍ من الأشياء. فالسهمة: النصيب، ويقال: أسهم الرجلان ؛ إذا اقترعا، وذلك من السهمة.
        والنصيب أن يفوز كل واحدٍ منهما بما يصيبه، قال تعالى: (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) (سورة الصافات، آية: 141)، ثم حمل على ذلك فسمي السهم الواحد من السهام، كأنه نصيب من أنصباء، وحظ من حظوظ[21].
2 – في الاصطلاح:
        الأسهم: صكوك متساوية القيمة غير قابلة للتجزئة، وقابلة للتداول بالطرق التجارية المخصصة لذلك، وهي تمثل حقوق المساهمين في الشركات التي أسهموا في رأس مالها.
        والسهم بذلك يفيد حصته مشاعة في شركات الأموال بكل ما تشمله الشركة من أموال وأصول، وديون، وما تملكه من حقوق وامتيازات[22].
        وقد نص القرار رقم (63) من قرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته السابعة المنعقدة في جدة في ذي القعدة عام1412هـ على أن المحل المتعاقد عليه في بيع السهم هو الحصة الشائعة من أصول الشركة، وشهادة السهم عبارة عن وثيقة للحق في تلك الحصة، وللسهم قيم متعددة باعتبارات معينة، فهناك:
1 – القيمة الاسمية، وهي التي تحدد للسهم عند تأسيس الشركة، ومجموع قيم الأسهم هذه هو ما يحدد رأس مال الشركة.
2 – قيمة الإصدار، وهي التي تصدر بها الأسهم للاكتتاب، وقد تكون أكبر من القيمة الاسمية، وقد تكون مثلها، ولكن لا يجوز أن تكون أقل منها.
3 – القيمة الدفترية، وهي قيمة السهم بعد خصم التزامات الشركة، وقسمة ممتلكاتها بعد ذلك على عدد الأسهم المصدرة، وقد تكون بقسمة حقوق الملكية التي تتمثل في رأس المال المدفوع، والاحتياطات والأرباح المحتجزة على عدد الأسهم المصدرة.
4 – القيمة الحقيقية، وهي التي تمثل نصيب السهم الواحد في أصول الشركة، بعد إعادة تقييمها وفقاً للسعر الجاري بعد خصم ديونها.
5 – القيمة السوقية: وهي القيمة التي يساويها السهم في سوق التداول، وهي غير ثابتة بناءً على اختلاف العرض والطلب[23].
حكم وقف الأسهم:
        تقدم أن السهم يمثِّل حصة شائعة لمالكه في شركات الأموال، ولما كانت هذه الحصة ذات قيمة معتبرة في التداول بين الناس فهي بهذا الاعتبار مالٌ صالح للتصرف فيه بالمعاوضة أو بالتبرع به، لكن لما كانت هذه الحصة مشاعة فإنه لا بدَّ من ذكر آراء العلماء في جواز وقف المشاع، وذكر أدلتهم ومناقشتها حتى يتم التوصل إلى رأي مترجح في شأن وقف المشاع، وللعلماء في وقف المشاع رأيان:
1 – فيرى محمد بن الحسن الشيباني من الحنفيَّة أنَّ وقف المشاع فيما يقبل القسمة لا يجوز حتى يفرز ؛ لأن القسمة من تتمة القبض، والقبض شرطٌ عنده[24].
2 – ويرى أبو يوسف، وجمهور العلماء، المالكية، والشافعية، والحنابلة جواز وقف المشاع، ودليلهم في ذلك ما يلي:
أ-      حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم المدينة أمر ببناء المسجد في موضعه الذي بني فيه، فقال: يا بنى النجار! ثامنوني بحائطكم هذا،قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله [25].
والحائط كان مملوكا بين بنى النجار، فهو من المشاع وقد جرى التبرع به ليكون وقفا لله.
ب-    ورد في بعض ألفاظ حديث عمر رضي الله عنه في الوقف أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أن المائة سهم التي لي بخيبر..." [26]
        وهذا دليل على أنها حصة مشاعة، وقد أرشده النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى تحبيس أصلها، وتسبيل ثمرتها، فدل ذلك على جواز وقف المشاع.
        وقد بوب له النسائب بقوله: باب حبس المشاع.

      وبالنظر للدلالات الواضحة للنصوص التي استدل بها من قال بجواز المشاع، وكون هذا الوقف يتحقق به الغرض المقصود منه بإمكان استيفاء منافعه كما لو لم يكن مشاعا فإنه يتجه القول بجواز وقف أسهم الشركات المساهمة، مع مراعاة ما ذكره العلماء من اشتراط كونها مما يجوز تداوله شرعا.

 

ثانيا، الصكوك:
1 -    لغة: جمع صك، وهو الكتاب[27]).
2 - اصطلاحاً: وثيقة أو سند إثبات ملكية حصة شائعة في الأعيان، والمنافع، وهي ذات قيمة متساوية، وقابلة للتداول، ومتعلقة بمشروع استثماري يُدرُّ دخلاً.
        وهذا التعريف يتعلق ببيان التصكيك، (أو التسنيد، أو التوريق) المقبول شرعاً، إذ هو تحويلٌ للموجودات العينية، أو المنافع إلى صكوك قابلة للتداول، بخلاف الصكوك التقليدية، أو السندات فإنها تمثل وثيقة قرض مستحق في أجل معين، وله فوائد ربوية ثابتة، وهما من الربا المحرم شرعاً.
        والصكوك الشرعية لها ضوابط وشروط لابد من تحققها حتى تكون بعيدة عن الربا، والمخالفات الشرعية الأخرى. وهي قائمة على أساس المضاربة، وبذلك فهي معرضة للربح والخسارة، كأي استثمار يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية، وهناك أوجه اتفاق، وأوجه افتراق بينها وبين الأسهم، فهي تتفق معها في:
1 – أنها متساوية القيمة.
2 – أن لها قيمة اسمية.
3 – أنها ليست مالاً متقوماً في ذاتها، ولأنها وثيقة بالحق لصاحبه.
4 – قابلة للتداول.
وتفترق الأسهم عن الصكوك في الأمور التالية:
1 – السهم يمثل جزءاً من رأس مال الشركة، وليس للشركة في الغالب تاريخ للتصفية، لأن الغرض من إنشائها الاستثمار، والتوسع فيه، أما الصك فالغالب اختصاصه بمشاريع لها تاريخ ابتداء وانتهاء.
2 – السهم يعطي صاحبه حق حضور الجمعية العمومية، والتصويت، والاشتراك في الإدارة والرقابة، ولا يملك حامل الصك ذلك.
3 – الصكوك تصدرها الشركات باعتبارها منتجاً من منتجاتها التجارية أما الأسهم فإنها تمثل ما تملكه الشركة من أصول وأعيان وغير ذلك.
حكم وقف الصكوك:
        الصكوك بحسب التعريف الذي ذكر مالٌ متقوم، لأنها تمثل حصة شائعة في الأعيان، أو المنافع، وهي قابلة للتداول، وليست سندات قرض، بل هي قائمة على أساس المضاربة، التي تحتمل الربح والخسارة، وقد استقرَّ مفهومها في العرف بين المتعاملين بها.
        وبينها وبين الأسهم تشابه كبير من حيث دلالة كل منهما على حصة شائعة، وإن اختلف محل هذه الحصة، فهي في الأسهم رأس مال الشركة، وفي الصكوك المشاريع الاستثمارية المحددة سواء أكانت منافع أم أعيان.
        وكذلك كون أفراد كلٍّ منهما متساوية القيمة، قابلة للتداول.
        ولا يمنع من ماليتها عدم معرفة الناس بها فيما مضى، فإن مفهوم المال عرفي، ويجوز أن تجد بين الناس أموال في زمن تروج وتحظى بالقبول منهم مع أنها لم تكن معروفة من قبل، وعليه فإن ما تقرر في جواز وقف الأسهم يتقرر مثله في جواز وقف الصكوك مع وجوب مراعاة تحقق الضوابط الشرعية التي تميزها عن الصكوك التقليدية، والسندات.
وأهم هذه الضوابط ما يلي:
1 – يجب أن تمثل الصكوك القابلة للتداول ملكية حملة الصكوك بجميع حقوقها والتزاماتها.
2 – لا يجوز أن تمثل الصكوك القابلة للتداول الإيرادات، أو الديون.
3 – يتعيَّن على الهيئات الشرعية أن تدقق العقود والوثائق ذات الصلة بالصكوك، وأن لا تكتفي بإصدار الفتاوى فقط.
4 – أن يتم استثمار حصيلة الصكوك بإحدى صيغ الاستثمار الشرعي[28].
 
الحقوق المعنوية:
1 – في اللغة:
        قال ابن فارس: الحاء، والقاف أصل واحد يدل على إحكام الشيء وصحته.
وهو يطلق على أشياء عديدة، فهو اسم من أسماء الله، وعلى القرآن، وضد الباطل، والأمر المقضي، والعدل، والإسلام، والمال، والملك، والموجود، والثابت، والصدق، والموت، والجزم[29].
2 – في الاصطلاح:
        الحق: مصلحة ذات قيمة مالية يحميها القانون[30].
        وعرَّف الدكتور محمد يوسف موسى الحق بأنه: مصلحة ثابتة للفرد، أو المجتمع، أو لهما معاً يقررها الشارع الحكيم.
        واعترض عليه الدكتور قطب سانو بأنه غير جامع لأنواع الحق، لأن هناك حقوقاً تثبت بغير الشرع كالحقوق التي تثبت بالقانون، أو بالعرف، واقترح أن يكون التعريف هكذا: الحق: مصلحة ثابتة للفرد، أو المجتمع، أو لهما معاً، يقررها الشارع الحكيم، أو القانون أو العرف[31].
        وفي رأيي أن هذه الإضافة لا لزوم لها، لأن البحث هنا ليس في مسألة لغوية، ولا عقلية، ولا عرفية، وإنما هو لبيان الحق في الشرع، وعلى ذلك فالقانون والعرف الموافقان للشرع داخلان فيه، والمخالفان له خارجان عنه، فلا لزوم لهذه الزيادة، للاستغناء بالمذكور عنها.
        ولعلَّ أقرب التعاريف إلى تصوير الحق ما ذكره الدكتور عبد السلام العبادي بقوله: اختصاص ثابت في الشرع يقتضي سلطة أو تكليفاً لله على عباده أو لشخصٍ على غيره[32].
        والحق المعنوي في القانون: سلطة مقررة لشخصٍ على شيءٍ معنوي، هو ثمرة فكره، أو نشاطه[33].
        وهذا النوع من الحقوق لم يكن معهوداً فيما مضى من الأزمنة، ولكن نظراً للتطور الصناعي والعلمي، ظهرت الحاجة إلى ضبطه، وإثباته، والدفاع عنه، ووضعت الدول في قوانينها مواد خاصة تكفل المحافظة على هذه الحقوق لأصحابها، ووجدت وكالة متخصصة من وكالات الأمم المتحدة للعمل من أجل تطوير نظام دولي متوازن وميسر بشأن الملكية الفكرية، تحت اسم: المنظمة العالمية للملكية الفكرية، (الويبو) وكان تأسيسها عام 1967م بموجب اتفاقية (الويبو) وبتفويض من الدول الأعضاء فيها في جنيف، لتعزيز حماية الملكية الفكرية عبر العالم على سبيل التعاون بين الدول، ومع سائر المنظمات الدولية، ودخلت هذه المنظمة حيز التنفيذ عام 1970م، وانظم إلى عضويتها 183 دولة [34].
        ولم يعهد في التاريخ الإسلامي، ولا في التراث العلمي للمسلمين فيما مضى التفات لهذا النوع من الحقوق على سبيل الأفراد، والتخصيص رغم النشاط الكبير الظاهر في التأليف الذي لا يمكن إنكاره أو تجاهله، ولعل السبب في ذلك أن كل ما لا تستغني عنه الأمة يعتبر من فروض الكفاية، التي تأثم الأمة جميعها بتركها، والعلم، وخاصة الشرعي منه لا يحلُّ كتمانه وبذلك لم يوجد اهتمام ببحث مسألة استحقاق الشخص لما ينتجه من الأشياء الفكرية، أو الأدبية، ولكن بتطور الزمن ووجود الخشية من انصراف القادرين عن إنتاج ما ينفع من الأمور غير المادية، وظهور أناس يستغلون جهود غيرهم مما يؤدي إلى الإضرار بهم، ومن ثم تقاعسهم، أو امتناعهم عن إنتاج هذه الأمور النافعة، فإنه لا مانع من وضع القواعد التي تكفل الحق لأصحابه، وتمنع من الاعتداء عليه حتى يستمر العطاء وينمو ويزيد الإبداع، كما حصل من الأئمة بالإفتاء بجواز أخذ الأجرة على الأذان، وعلى تعليم القرآن، بعد أن كان ذلك ممنوعاً في العصور الأولى، نظراً لانصراف الناس عن القيام بذلك احتساباً، بسبب اشتغالهم بأمور معاشهم، فكان لا بدَّ من الإفتاء بجواز ذلك، حتى تضمن الكفاية لهم، فيؤدوا واجب الأذان وتعليم القرآن[35].
        وقد تطور شأن الحقوق المعنوية في تعاملات الناس وأعرافهم وأمكن إثباتها، وتسجيلها لأصحابها، مما يسر لأهل العصر الإفادة منها مادياً بحيث تباع، أو يستفاد منها عند بيع الكتب أو المصنوعات بتخصيص نسبة من قيمة البيع لصاحب الكتاب، أو نسبة من قيمة المصنوع للمخترع، ونحو ذلك.
الحكم الفقهي في وقف الحقوق المعنوية:
        الحقوق المعنوية بناءً على ما تقدم من التفات الناس إليها وقبولهم مقابلتها بالمال، وتداولها فيما بينهم، أموال محترمة يمكن أخذها وإعطاؤها تبرعاً للأفراد، أو الهيئات والجهات، أو معاوضة، وهي أقرب ما تكون إلى المنافع، والمنافع عند جمهور العلماء أموال، وإن كانت هناك فروق بين ملك العين، وملك المنفعة، أهمها:
1 – قبول ملك المنفعة لأن يتقيد بالزمان والمكان والصفة، والنوع، فتملُّك المنفعة في مدة معينة كما في الإجارة والوصية بالمنافع، أما قبوله للتقيد بالزمن، فلأنَّ الزمن يعدُّ معياراً للمنفعة المملوكة، فيملك من المنفعة بقدر ما يكون منها في زمن معين، وأما تقييدها بالمكان والصفة والنوع فلأن ذكره ذلك يعد بياناً لما ملك منها، وتعريفاً به.
        وهذا بخلاف ملك العين فإنه دائم مطلق، ومن ثم لا يتقيد بزمان ولا مكان ولا نوع ولا صفة.
2 – قبوله للتوارث عند جمهور الفقهاء، لأنه لا ينتهي بالموت، وخالف في ذلك الحنفية، فقالوا بأنه لا يقبل التوارث في جميع صوره وأحواله، لانتهائه بالموت عندهم، ويستثنى من ذلك ما لا ينتهي بالموت عندهم مثل حقوق الارتفاق[36].
        وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورة مؤتمره الخامس المنعقد في الكويت عام1409هـ القرار رقم 43 (5/5)(1) بشأن الحقوق المعنوية، والذي نص على ما يلي:
        أولاً: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجاري، والتأليف والاختراع أو الابتكار، حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة، لتمول الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً فلا يجوز الاعتداء عليها.
        ثانياً: يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري، أو العلامة التجارية ونقل أي منها بعوض مالي، إذا انتفى الغرر، والتدليس، والغش، باعتبار أن ذلك أصبح حقاً مالياً.
ثالثاً: حقوق التأليف والاختراع، أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها[37].
        وبناءً على ذلك فإنه يجوز وقفها، وتسبيل ما قد يعود منها من نفع في وجه البر الذي يحدده الواقف.
 
المبحث الثالث
المناقشة والترجيح:
        مرَّ معنا فيما تقدَّم تصوُّرٌ للوقف ولمشروعيَّته، واختلاف العلماء فيما يصحُّ وقفه وما لا يصحُّ، وتناول البحث مسألة وقف الأسهم والصكوك والحقوق المعنوية –وهي موضوع البحث الأساس- في محاولة لبيان حقيقتها، ومعرفة إمكانية وقفها، ومن خلال ما تقدَّم يمكن أن نقرِّر ما يلي:
        أولا: إنَّ مفهوم (المال) مفهوم يستند إلى أعراف الناس، وقبولهم بشيءٍ ما على أنَّ له قيمة فيما بينهم، مع وجوب اعتبار الشريعة له، وعدم ورود ما يمنع من ذلك فيهما سواء في نصوصها الجزئية، أو في قواعدها الكلية.
        ولدى النظر في تعاريف العلماء للمال نجد أنها تحاول تصوير حقيقة المال بما يتفق ورؤيتهم المذهبية، فالحنفيَّة مثلاً يؤكدون المعنى العام للمال في تعاريفهم بمثل قولهم: «ما يميل إليه الطبع»، و «كل قيمة مالية بين الناس»، ونحو ذلك، ولكنهم يضمنوها غالباً رؤيتهم لما يصلح أن يكون مالاً، فيقولون: «ما يمكن ادِّخاره لوقت الحاجة»، أو «موجود يميل إليه الطبع»، أو «كل عين ذات قيمة بين الناس» ونحوه، ليدلوا به على أن الأعيان هي التي توصف بالمالية وليست المنافع حسب رؤيتهم التي ترتكز على أمرين:
        الأول: كون الشيء مادياً محسوساً تمكن حيازته وإحرازه، ليخرجوا بذلك المنافع.
        ثانيهما: أن يكون الشيء منتفعاً به انتفاعاً معتاداً في غير حال الضرورة للاحتراز عن لحم الميتة، والخمر ونحوها حال الضرورة فإنها وإن كانت مادية محسوسة إلا أنَّ الانتفاع بها حال السعة والاختيار ممنوع بنصِّ الشرع [38].
        وجمهور العلماء من المالكية، والشافعيَّة، والحنابلة يوافقون الحنفية في أن أهم عناصر المالية، القبول بين الناس، وما يترتب على ذلك من آثار [39].
        ولكنهم لا يوافقونهم على حصر المالية في الأعيان فقط.
        وهذا الذي مرَّ عن المذاهب في مجمله يؤكد كون المعول عليه في اعتبار المالية عرف الناس في القبول بالشيء مع عدم مصادمة الشرع، وهذا أمر يتسع في مفهوم المال ليشمل كل ما يجد من الأموال مما لم يكن موجوداً فيما مضى من الأزمنة أو كان موجوداً ولكن لم تتطور الوسائل والاعتبارات التي تمكن من تحصيله وضبطه، كما أنه يتسع أيضاً لاختلاف البيئات والأعراف.
        وهذا ما قرره العلماء والمحققون من أهل العصر في ماهية النقود، حيث بينوا أن وصف النقدية يتحقق في كل شيءٍ يلقى قبولاً عاماً بين الناس كوسيط للتبادل، بقطع النظر عن مادته التي اتخذ منها، وهذا النظر الفقهي الدقيق ليس حادثاً بالكلية بل هو منقول عن بعض العلماء المتقدمين.
        جاء في فتاوى الإمام ابن تيمية رحمه الله قوله: «وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حدٌّ طبعي، ولا شرعي، بل مرجعه إلى العادة، والاصطلاح ؛ وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به، بل الغرض أن يكون معياراً لما يتعاملون به، والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها، بل هي وسيلة إلى التعامل بها، ولهذا كانت أثماناً».
        وهذا المعنى متسق مع نصوص الشرع أيضاً، فإن أكثرها يذكر المال، ولا يفصل في ماهيته، بل يكتفي بإضافته إلى من هو له، مما يدل على أن الإحالة في فهم المعنى على ما يعرفه الناس، ويعهدونه فيما بينهم، جرياً على القاعدة المعروفة أن كل ما لم يرد له تجديد في الشرع، ولا في اللغة، يرجع في تحديده إلى العرف.
ومن هذه النصوص:
قوله تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا) (سورة النساء، آية: 5).
وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) (سورة النساء، آية: 10).
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) (سورةالنساء، آية: 29).
وقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ) (سورة الأنفال، آية: 28).
وقوله عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ دِمَاءَكُم وَأَموَالَكُم وَأَعْرَاضَكُم حَرامٌ عَلَيْكُم»[40].
وقوله: «لا يَحِلُّ مَالُ امرئ مُسلِمٍ إِلَّا بِطِيْبٍ مِنْ نَفْسِهِ»[41].  
        وبعد هذا كله يمكن أن نقول: إن الأسهم، والصكوك، والحقوق المعنوية أموالٌ لاعتبارها بين الناس وصحة الاعتياض عنها، وترتب الضمان على متلفها، وإن جريان العرف بقبولها واعتبار ماليتها في هذا الزمن يجعلها أموالاً محترمة يجري فيها كل ما يجري في المال من التصرفات بالمعاوضة، أو التبرع.
        ثانياً: الوقف تبرُّعٌ محض، قال المحاملي في أماليه صفحة(257) نقلاً عن تيسير الوقوف على غوامض أحكام الوقوف لعبدالرؤوف المناوي الشافعي: «التبرعات ستة: الوقف – الصدقة- والهبة- والعمرى - والرقبى - والوصية»، قال: «ويزاد عليها الإباحة على ما ذكره في التدريب»[42].
        وقال القرافي في الفروق عند الكلام على الفرق الرابع والعشرين من قاعدة ما تؤثر فيه الجهالات والغرر، وقاعدة ما لا يؤثر فيه ذلك من التصرفات: وانقسمت التصرفات عنده -يعني: الإمام مالكا- ثلاثة أقسام: طرفان، وواسطة، فالطرفان: أحدهما: معاوضة صرفه فيجتنب فيها ذلك إلا ما دعت الضرورة إليه عادة، ثانيهما: ما هو إحسان صرف لا يقصد به تنمية المال، كالصدقة والهبة والإبراء ؛ فإن هذه التصرفات لا يقصد بها تنمية المال، بل إن فاتت على من أحسن إليه بها لا ضرر عليه، فإنه لم يبذل شيئاً، بخلاف القسم الأول، إذا فات بالغرر والجهالة ضاع المال المبذول في مقابلته، فاقتضت حكمة الشرع، وحثه على الإحسان التوسعة فيه بكل طريق، بالمعلوم، والمجهول ؛ فإن ذلك أيسر لكثرة وقوعه قطعاً، وفي المنع من ذلك وسيلةٌ إلى تعطيله... [43] 
        ومن المعلوم أن المؤثر في تحديد صيغ التبرع، وما يكون فيها من شروط جعليَّة، إنما هو إرادة المتبرع نفسه –بشرط أن لا تخالف الشرع- وليس في الشرع ما يدلُّ على منعه من وقف ما يرجو بره وخيره مما يُعدُّ مالاً، عقاراً، أو منقولاً، عيناً، أو منفعة، ما دام الانتفاع به ممكنا.
        ومن العبارات المشهورة في باب التبرع قولهم: إن المتبرع أمير نفسه، وعلى ذلك فمنعه منه يضيق أبواب الخير، ويحجر على باغيه.
        ثالثاً: الذي ورد من صيغ الوقف في حديث النبي عليه الصلاة والسلام، إنما هو بيان للصورة المثلى التي لا خلاف على أهميتها وفضلها في موضوع الوقف؛ لانتفاء الشك في بقائها واستمرارها مدة طويلة تحصل ثواب الصدقة الجارية للواقف؛ لارتباطها بعقار قائم، تحقيقاً لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ ابنُ آدَمَ انقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلاثٍ، صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَو عِلْمٍ يُنتَفَعُ بِه، أَو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدعُو لَه»[44].
        ولكن هذا لا يمنع غيرها مما لم يصل إلى مرتبتها في الأهميَّة، ولا يقلل من شأنها، ومثل ذلك ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من الإشادة والثناء على بعض أنواع الذكر، كقوله: «أَحَبُّ الكَلام إِلى الله أَربَع، لا يَضُركَ بِأَيهنَّ بَدَأت، سُبحَانَ اللهِ، وَالحَمدُ لله، وَلا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكبَر»[45].
        فإنه يثبت الفضل لهؤلاء الكلمات ببيان كونهن أحب الكلام إلى الله عز وجل، ولكنه لا ينفي فضل أذكارٍ وأعمالٍ أخرى، مثل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومثل الاستغفار، وقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل ونحوها، وكذلك جوابه صلى الله عليه وسلم  لمن سأله عن أفضل الأعمال بقوله: «الصَّلاةُ لِوَقتِهَا»[46]، ولآخر بقوله: «بِرُّ الوَالِدَيْن»[47] ونحوه، ولا يمنع من تعاطيها.
        ولم يثبت نص عن الله ولا عن رسوله يحدد ما يجوز وقفه وما لا يجوز من الأموال، والذي ورد هو سؤال خاص من عمر رضي الله عنه في شأن أرضه التي أراد أن يتصدَّق بها في سبيل الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «احبِسْ أَصْلَهُ وَسَبِّل ثَمَرَتَهُ»، وفى رواية (( إن شئت حبست أصلها..)). مما يدل على عدم الإلزام،وان الأمر إلى خيرة المتبرع.
        وما كان للنبي صلى الله عليه وسلم  أن يفعل غير ذلك وهو يستشار من صاحبه في عمل البر الذي ينفعه أكثر من غيره.
        وكذلك لا توجد قاعدة شرعيَّة تحدد ذلك، وتمنع ما عداه.
        وبناءً على ذلك فإن وقف الأسهم،والصكوك، والحقوق مندرج تحت التبرع المندوب إليه، وهو يحقق مقاصد الواقفين في تحصيل الثواب الدائم، ويحقق أيضاً مقاصد الموقوف عليهم بسد حاجاتهم، وتحصيل مصالحهم.
        رابعاً: الشروط التي وضعها العلماء للوقف، اجتهادية، أخذاً من الصورة التي علمها الرسول صلى الله عليه وسلم  لعمر رضي الله عنه، وهي بهذا الاعتبار مقبولة؛ لأنها تؤدي إلى المحافظة على مقصود المتبرع، واستمرار ثواب عمله ببقاء العين الموقوفة، ولعل هذا هو السبب في منع بعض العلماء من وقف المنقولات، والمنافع، ولكن لا ينبغي أن ينظر إليها على أنها مانعٌ من عمل البر الذي لا يعارض الشرع في غير هذه الصورة المثلى، وبناءً عليه فإنه ينبغي النظر إلى ما ورد من عبارات الفقهاء في شروط الوقف من قولهم: (لا يصح)، أو (لا يجوز) على أنها تحمل دلالات خاصة غير ما قد يفهم منها من الحرمة، أو مخالفة الشرع ؛ لأنه ليس من مقاصد الشرع تضييق أبواب البر، بل على العكس من ذلك فإنالأدلة المتكاثرة تدل على خلافه، (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) (سورة المائدة، آية: 2)، (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) (سورة آل عمران، آية: 133)، (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) (سورة الحج، آية: 77)، (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) (سورة الحديد، آية: 11)، (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ) (سورة المزمل، آية: 20)، (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (سورة الزلزلة، آية: 7-8)، وغيرها كثير.
        والتضييق في شروط الوقف بما يجعله محصوراً في الصورة التي ذكرها الرسول عليه السلام جواباً لعمر رضي الله عنه عندما استنصحه، يضاد مقاصد الشرع في الترغيب في التوسع في عمل الخير، والحث عليه.
        خامساً: حاجة العمل الخيري المعاصر إلى تعداد، وتوسعة أوجه البذل لا سيما في المصارف الكبيرة التي يعجز فردٌ أو أفراد قلائل عن القيام بسدها، ومن ذلك: الأوقاف الكبيرة، مثل: الجامعات، والمستشفيات، والمراكز، والمؤسسات الكبيرة التي تحتاج إلى تمويل مجمع من أناس كثيرين، يسهمون في تحصيل هذا المبلغ الكبير بشراء أسهم خيرية فيه أو يقدمون أصولا نافعة يكون من مجموعها ما يتحقق به هذا العمل الوقفي العظيم، الذي ينفع الله به الإسلام والمسلمين، وهو معتمد بعد الله تعالى على وقف هذه القيم النقدية التي تقدم للإسهام فيه، وقد خطت بحمد الله كثيرٌ من مؤسسات العمل الخيري الرائدة خطوات كبيرة موفقة في هذا المضمار مما مكَّنها من إنجاز مشروعات ضخمة ما كان لها أن تتم لولا فضل الله أولاً، وتيسير الأمر على الراغبين بقبول وقف النقود وغيرها مما له قيمة نافعة ثانياً، والتي تحولت بعد ذلك إلى أصولٍ ثابتة.
        ثم إن هناك حاجات كثيرة الآن لا تجد لها من يسدها إلا بالعمل على تيسير الهياكل الوقفيَّة، وصياغة شروط ميسرة منضبطة بضوابط الشرع لها، مثل مؤسسات القرض الحسن، ووقف المنافع، في استخدام الطرق، وفي الحصول على بعض الخدمات المجانية لبعض الفئات التي لا تستطيع دفع تكاليفها، وكذلك لدعم بعض جهات الخير، ومؤسسات النفع العام، وذلك كله يوجب ابتكار أساليب جديدة، وطرق أبواب عديدة مما جدَّ في الحياة من أساليب الاستثمار وأنواع الأموال التي استحدثت حتى يكون الوقف محققاً لما قصد منه من سد الحاجات والإسهام في النهضة والتنمية، وتحصيل الأجر والثواب من أوسع الأبواب.  
        وأخيرا فإنه يمكن القول بأن أقرب المذاهب إلى قواعد الشرع وأدلته في موضوع الوقف هو: المذهب المالكي، حيث أجاز الوقف في العقار،والمنقول، وأجازه منجزاً، ومعلقاً، ومؤبداً، ومؤقتاً، فهو يحقق معنى التبرع الذي ينتمي الوقف إليه ويفتح باب الخير للراغبين، ويشجع على الإسهام فيه بكل ما هو ممكن، وبالله التوفيق وعليه الاعتماد.
 
الخاتمة
        تناول البحث التعريف بالوقف وبيان مشروعيته، والتعريف بالأسهم والصكوك، والحقوق المعنوية، وبيان الحكم الشرعي في جواز وقفها، وقد توصل البحث إلى ما يلي:
        أولاً: إن ما ذكره العلماء رحمهم الله من شروط وضوابط للوقف اجتهادٌ منهم في النصوص والوقائع التي ورد فيها ذكر الحبس، ولم يرد بها نص، وهي منهم سعي للمحافظة على ما قصدوه من ضبطٍ لأحكام هذا التبرع، حتى يكون محققاً لاستمرار البر لصاحبه الذي بذله، ولكن كثيراً من هذه الشروط ضيقت سبل هذا الخير، وألزمت بما لا يلزم.
        ثانياً: عرف البحث بالأسهم والصكوك، والحقوق المعنوية، وناقش مسألة وقفها، وتوصل إلى جواز وقفها بناءً على ماليتها المعتبرة في العرف بين الناس، وضبطها، وإمكان استثمارها،وتداولها.
        ثالثا: تطرق البحث إلى بيان مفهوم المال في الشريعة الإسلامية وأن الضابط في تحديد المالية إنما هو القبول العرفي بين الناس، وصلاحية الشيء للتداول، وليس هناك شيءٌ مختصٌّ بالمالية بطبعه ولا بوصفه، كما تطرق إلى مناقشة مفهوم التبرع، وأنه الأساس في الوقف، ولذلك فلا حرج على المتبرع فيما يحدده، أو يخصصه في تبرعه، لأنه أمير نفسه.
        رابعاً: توصل البحث إلى أن أقرب المذاهب الفقهية إلى مقاصد الوقف خاصة، والتبرعات عامة، هو المذهب المالكي، وبالله التوفيق.
--------------------------------------------------------
([1])   انظر:محاضرات في الوقف للشيخ محمد أبو زهرة ص1،2،د/محمد عبيد الكبيسي، أحكام الوقف في الشريعة الإسلامية1/21-32.
([2])   قضايا فقهيَّة معاصرة في الأوقاف الإسلاميَّة، د. منذر قحف، ص11-20.
[3]) )    معجم مقاييس اللغة، باب الواو والقاف وما يثلثهما6/135.
([4])    الصحاح، فصل الواو4/1445، القاموس، فصل الواو، باب القاف3/212.
([5])   انظر: مختصر اختلاف العلماء، للجصاص4/157، وبدائع الصنائع للكاساني8/398، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي3/325..
([6])      ص197.
([7])    عقد الجواهر المنيفة، لابن شاس3/31-40، الحدود لابن عرفة مع شرحه للرصاع، ص411-412، الثمر الداني شرح رسالة أبي زيد القيرواني، صالح عبدالسميع الآبي، ص522.
([8])   تحفة المحتاج بشرح المنهاج، لابن حجر الهيثمي، حواشي الشرواني، وابن قاسم العبادي6/235-238، تحرير ألفاظ التنبيه للنووي، ص237، فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب لزكريا الأنصاري1/256-259، الأنوار لأعمال الأبرار للأردبيلي1/642-646.
([9])   المغني لابن قدامة8/184-234، شرح منتهى الإرادات للبهوتي2/489-496.
([10]) قال الزيلعي في نصب الراية: هذا الحديث رواه مسلم وأبو داود والنسائي في الوصايا والترمذي في الأحكام في الوقف من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة3/159.
([11])   التاج والإكليل لمختصر خليل، لأبي عبدالله المواق6/18.
([12])   الأم، 4/58
([13])   يعني: غير مشغولة بما ينفع وقفها.
([14])   الأم4/158، والمغني لابن قدامه8/185.
([15])   فتح الباري5/402، شرح النووي على صحيح مسلم، باب حكم الفيء12/82.
([16])   سنن أبي داود، باب في صفايا رسول الله 3/139.
([17])   صحيح البخاري، باب الشروط في الوقف2/982.
([18])   أحكام الأوقاف للخصاف، ص4، 5.
([19])   المغني، كتاب الوقف والعطايا5/348.
([20])   المغني لابن قدامة8/185-186.
 ([21])   القاموس المحيط، السين والهاء وما يثلثهما3/111، وانظر أيضاً: القاموس المحيط، للفيروزآبادي، فصل السين، باب الميم4/135.
([22])   انظر: الشركات، للدكتور عبدالعزيز الخياط2/212.
([23])   انظر: المساهمة في النظام السعودي، د/صالح بن زابن المرزوقي، ص356-358، والأسهم والسندات في الفقه الإسلامي، د/أحمد الخليل، ص47، والأسهم حكمها وآثارها، د/صالح بن محمد السلطان، ص47، 61، 62.
([24])   مختصر اختلاف العلماء، لأبي بكر الجصاص الرازي4/159، تبيين الحقائق للزيلعي3/326.
([25]) صحيح البخارى،الوصايا،باب اذا وقف جماعة أرضا مشاعا فهو جائز.
([26]) سنن النسائى- الأحباس، باب اذا حبس المشاع 6/232
([27])   القاموس المحيط، فصل الصاد، باب الكاف3/32.
 ([28])   هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
 ([29])   معجم مقاييس اللغة، باب ما جاء في كلام العرب في المضاعف والمطابق، أوله حاء3/15، والقاموس المحيط للفيروز آبادي، فصل الحاء باب القاف3/288.
([30])   أحكام الأوقاف للشيخ مصطفى الزرقا.
([31])   وقف المنافع والحقوق وتطبيقاته المعاصرة، د/قطب مصطفى سانو، ص11-13.
([32])   الملكية في الشريعة الإسلامية، د/عبد السلام العبادي1/103.
([33])   الملكية في الشريعة الإسلامية، د/عبد السلام العبادي نقلاً عن شرح نظرية الالتزام في القانون السوري للزرقا، ص56-66.
([34])   www.wipoint، وانظر المجمع العربي للملكية الفكرية، www.aspip.org.
([35])   انظر: الملكية في الشريعة الإسلامية، د/عبدالسلام العبادي1/199.
([36])   الملكية في الشريعة الإسلامية مع مقارنتها بالقوانين العربية، الشيخ علي الخفيف.
([37])   مجلة المجمع، العدد الخامس3/2267.
 ([38])   الملكية في الشريعة الإسلامية، د. عبد السلام العبادي1/172-175.
([39])   المرجع السابق1/175-179.
 ([40])   صحيح البخاري 2/619.
([41])   مسند الإمام أحمد بن حنبل5/72.
([42])   سبق قبل قليل.
([43])   1/151.
([44]) سبق تخريجه.
([45]) صحيح مسلم3/1685.
([46]) صحيح البخاري1/197.
([47]) صحيح البخاري 1/197.