فقهُ يوم عاشوراء
20 ذو الحجه 1441
صلاح عباس فقير

تلخيصٌ وتبويب لكلام ابن القيّم في: زاد المعاد(1)

أثارت الأحاديث النّبويّة الواردة في شأن يوم عاشوراء، كثيراً من الإشكالات، لدى شرّاح الحديث النّبويّ، وأئمّة المذاهب والفقهاء، عند نظرهم فيه وتقرير الأحكام المتعلّقة بصيامه، وفي كتابه "زاد المعاد في هدي خير العباد"، تناول الإمام ابن القيّم نصوص هذه الأحاديث النّبويّة، مورداً عليها تلك الإشكالات، قادحاً زناد فكره، من أجل إزالتها والتوفيق بين دلالات النّصوص، على نحوِ ما نُلخّصه من كلامه:

 

أوّلاً: المعنى الكلّي في صيام يوم عاشوراء:

يبدأ ابنُ القيّم بتناول المعنى الكلّيّ المتعلق بصيام عاشوراء، والذي يتضمّنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما، القائل: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ! هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ؛ فَصَامَهُ مُوسَى! قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ" [صحيح البخاري(2004)]، والّذي يكتمل معناهُ بما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: "فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ؛ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَا يَصُومُهُ"[صحيح البخاري(3831)].

 

الإشكالات الّتي أثارها ابن القيّم وإجاباتُه عنها:

الإشكال الأول: أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلم، قدم المدينة فى شهر ربيع الأول، فكيف يقول ابنُ عباس رضي الله عنه أنّه صلّى الله عليه وسلم جاءها ووجد اليهود صُيَّاماً يومَ عاشوراء؟ [2/ 66].

وجوابُه:

إنّ حديث ابن عباس، ليس فيه أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلم وجدَهم صائمين عاشوراء يومَ قدومِه، بل كان ذلك فى العام الثانى من قدومه للمدينة، هذا إن كان أهل الكتاب قد عيّنوا هذا اليوم بالأشهر الهلالية، أما إن كانوا عيّنوه بالأشهر الشمسية، فعندئذٍ يزول الإشكالُ بالكلية، فيكون يوم عاشوراء الّذي عيّنوه بناءً على الشهور الشمسية، موافقاً لمقدَم النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة فى ربيع الأول، وصومُ أهلِ الكتاب إنما هو بحساب سير الشمس، وكذلك حَجُّهم، فهذا من أسباب قول النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم: "نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُم"، أي لأنّنا نعظّم هذا اليوم ونُعيّنه تعييناً صحيحاً، وأنتم تخطئون في تعيينه، كما أخطأ النصارى فى تعيين صومهم بأن جعلوه فى فصل من السنة تختلِف فيه الأشهر.

 

الإشكال الثّاني، يُثيره حديث عائشة رضي الله عنها الثّابت في الصحيحين أنّها قالت: "كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ" [صحيح البخاري(2002)]، فكيف يُقال إنّه صامه في المدينة، لمّا رأى اليهودَ يصومونه؟

وجوابه:
أنَّه لا تعارض، فقد كانت قريش تصوم هذا اليوم وتعظّمه، و كان الرّسول صلّى الله عليه وسلم يصومه، فلما قَدِمَ المدينة، ووجدهم كذلك يُعظِّمون هذا اليوم، انضاف هذا القدرُ من التّعظيم إلى ذاك، فبعث رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منادياً يُنادى في الأمصار بصومه.

 

الإشكال الثّالث: يُثيره ما ثبت فى الصحيحين، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: دَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى عَبْدِ اللهِ (ابن مسعود)، وَهُوَ يَتَغَدَّى فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، ادْنُ إِلَى الْغَدَاءِ، فَقَالَ: أَوَ لَيْسَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ؟ قَالَ: وَهَلْ تَدْرِي مَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ؟ قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: «إِنَّمَا هُوَ يَوْمٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَلَمَّا نَزَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ تُرِكَ»، قال ابن القيم: "إنَّ ابن مسعود أخبر أن يومَ عاشوراء تُرِكَ بِرمضانَ، وهذا يُخالفه حديثُ ابن عباس المذكور أعلاه؟".

وجوابه:
لا يُمكن التخلُّص من هذا الإشكال، إلا بأنَّ صيام عاشوراء  كان فرضاً قبل رمضان، وحينئذ فيكون المتروكُ وجوبُ صومه لا استحبابه، ويتعين هذا ولا بُدّ، لأنّ استحبابه باقٍ بدليل حديث ابن عباس: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ»: أي: مع اليوم العاشر، وقال: "خالِفوا اليهودَ وَصُومُوا يَوْماً قَبْلَهُ أو يَوْماً بَعْدَهُ"، أي: معه، ولا ريب أنَّ هذا كان في آخر الأمر، وأمَّا في أول الأمر، فكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلم يُحبّ موافقة أهلِ الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيءٍ، فعُلِم أن استحبابه لم يُترك.

 

ويلزم مَن قال: إن صومَه لم يكن واجباً أحدُ الأمرين: أن يقولَ المتروك هو الاستحباب، أو يقول: إنّ عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قد خفي عليه كونُ صومِ هذا اليوم مستحبّاً، وهذا بعيد، لأنّ النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد حثَّهم على صيامه، وأخبرهم أنه يُكفِّر السنة الماضية، وقد صاموه!
فإن قيل: هذا يُخالف حديث معاوية رضي الله عنه، المتفق على صحته، والذي ورد فيه: "عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، عَامَ حَجَّ، عَلَى الْمِنْبَرِ، يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ" [صحيح البخاري (2003)] فهذا صريحٌ فى عدم فرضيته!
يُقال: إنَّ حديث معاوية صريحٌ فى نفي استمرار الوجوب، لا في نفي وجودِ وجوبٍ متقدّمٍ منسوخٍ! هذا جوابٌ أول.
وجوابٌ ثانٍ: إذا كان حديث معاوية يدل على النفي العام فى الزَّمان الماضي والحاضر، فإنّه يُخصُّ بأدلة الوجوب فى الماضي، وترك النَّفي فى استمرار الوجوب.
وجواب ثالث: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنما نفى أن يكون فرضُ صيام هذا اليوم ووجوبُه مستفاداً من جهة القرآن، يوضِّح هذا أنَّ معاوية إنما سُمع هذا منه بعد فتح مكة، واستقرار فرض رمضان، ونسخ وجوب عاشوراء به!
ومن لم يسلك هذا المسلكُ، تناقضت أحاديثُ الباب بين يديه واضطربت.

 

الإشكال الرَّابع، يُثيره حديث ابن عباس في صحيح مسلم الذي قال فيه: "حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " [صحيح مسلم (1134)]، قال ابن القيم: "فهذا فيه أنَّ صومَه والأمَر بصيامه كان قبل وفاته بعام، وحديثُه المتقدِّمُ فيه أنَّ ذلك كان عندَ مَقْدَمِه المدينة"!

وجوابه:
إنّ ابن عباس روى هذا وهذا، وصحَّ عنه هذا وهذا، ولا تنافي بينهما، إذ من الممكن أن يصومَ التاسِعَ، ويخبر أنه إن بقي إلى العام القابل صامه، أو يكون ابنُ عباس أخبر عن فعله مستنداً إلى ما عزم عليه، ووعد به، ويصِحُّ الإخبار عن ذلك مقيَّداً (أى: كذلك كان يفعل لو بقي)، ومطلقاً (إذا عُلم الحال)، وعلى كلِّ واحد من الاحتمالين، فلا تنافي بين الخبرين.

 

الإشكال الخامس، وهو أنّ حديث ابن عبّاس أعلاه، والّذي ورد فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» يُعارضه ما رواه مسلم فى صحيحه عن الحكم بن الأعرج، قال: "انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي زَمْزَمَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ، وَأَصْبِحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا» ، قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ قَالَ: «نَعَمْ»" [صحيح مسلم (1133)]".

وجوابه:
إنّ من تأمَّل مجموع روايات ابن عباس، تبيَّن له زوالُ الإشكال، وسعةُ علم ابن عباس، فإنه لم يجعل عاشوراء هو اليومَ التاسع، بل قال للسائل: صُمِ اليوم التاسع، واكتفى بمعرفة السائل أنَّ يوم عاشوراء هو اليومُ العاشر الذى يعدُّه الناسُ كلُّهم يومَ عاشوراء، ويدلّ على ذلك أنّ ابن عبّاس هو الذي روى: "أمرنا رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصيام عاشوراء يوم العاشر"، و"صُومُوا يوماً قبله ويوماً بعده"، فكلّها آثارٌ، يُؤيِّد بعضُها بعضاً.

 

الإشكال السّادس، يُثيره ما ورد "عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ: مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ" [صحيح البخاري (1960)] فكيف يُقال بأنّ صيام عاشوراء، كان مفروضاَ في أولَ الإسلام، وقد فات هؤلاء تبييتُ النيةِ له من الليل، مخالفين قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صِيامَ لِمَنْ لَمْ يُبِيِّتِ الصِّيامَ مِنَ اللَّيْل"؟

وجوابه:
أنَّ هذا الحديث مختلفٌ فيه: هل هو مِن كلام النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو مِنْ قولِ حفصةَ وعائشة؟ وحتّى إن ثبت رفعُ هذا الحديث، فمعلومٌ أنَّه إنما قيل بعد فرض رمضان، فإجزاءُ صيام يومِ عاشوراء بنية من النهار، كان قبل فرض رمضان، فهذه طريقة.
وطريقة ثانية، هي طريقةُ أصحاب أبى حنيفة: أنَّ وجوب صيام يوم عاشوراء تضمَّن أمرين: وجوبَ صومِ ذلك اليوم، وإجزاء صومِه بنية من النهار، ثم نُسِخ تعيينُ الواجب بواجب آخر، فبقي حكم الإجزاء بنيةٍ من النهار غيرَ منسوخ.
وطريقة ثالثة، وهى أنَّ الواجب تابعٌ للعلم، ووجوبُ عاشوراء إنما عُلِمَ من النهار، وحينئذ فلم يكن التبييتُ ممكناً، وإلا كان تكليفاً بما لا يُطاق، وهو ممتنع.
وهذه طريقة شيخنا، وهي كما تراها أصحُّ الطرق، وأقربُها إلى موافقة أُصول الشرع وقواعده، وعليها تَدُلُّ الأحاديثُ، ويجتمِعُ شملُها الَّذي يُظنُّ تفرُّقه، ويُتخلّص من دعوى النسخ بغير ضرورة.
وغيرُ هذه الطريقة لا بُدَّ فيه من مخالفة قاعدة مِن قواعد الشرع، أو مخالفة بعض الآثار، وإذا كان النبىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمر أهل قُباء بإعادة الصلاة التى صلَّوا بعضها إلى القِبْلة المنسوخة، إذ لم يبلُغهم وجوبُ التحول، فكذلك مَن لم يبلغه وجوبُ فرضِ الصوم، أو لم يتمكن مِن العلم بسبب وجوبه، لم يُؤمر بالقضاء، ولا يُقال: إنَّه ترك التبييتَ الواجِبَ، إذ وجوبُ التبييت تابع للعلم بوجوب المبيّت، وهذا فى غاية الظهور.
ولا ريبَ أن هذه الطريقةَ أصحُّ مِن طريقة مَن يقول: كان عاشوراء فرضاً، وكان يُجزئ صيامُه بنية من النهار، ثم نُسِخَ الحكمُ بوجوبه، فنُسِخَتْ متعلقاتُه.
وأصحُّ مِن طريقة مَن يقول: إنَّ صوم يوم عاشوراء لم يكن واجباً قطُّ، لأنه قد ثبت الأمرُ به، وتأكيدُ الأمر بالنداء العام، إضافةً إلى حديث ابن مسعود: "إنه لما فُرِضَ رمضان تُرِكَ عاشوراء". ومعلومٌ أن استحبابه لم يُترك، فيتعين أن يكون المتروكُ وجوبه، فهذه خمس طرق للناس فى ذلك. والله أعلم.

 

مراتب صوم يوم عاشوراء:

ثلاث مراتب:
أكملُها: أن يُصام قبله يومٌ وبعده يومٌ.
وأوسطُها: أن يُصام التاسع والعاشر، وعليه أكثرُ الأحاديث.
وأدناها: إفرادُ العاشر وحده بالصوم.
وأما إفراد التاسع، فمن نقص فهم الآثار، وعدمِ تتبع ألفاظها وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشرع، والله الموفق للصواب.

 

مسلكٌ آخر في فقه صيام يوم عاشوراء:

وقد سلك بعضُ أهل العلم مسلكاً آخر فقال: قد ظهر أنَّ القصدَ مخالفةُ أهل الكتاب فى هذه العبادة مع الإتيان بها، وذلك يحصلُ بأحد أمرين: إما بنقلِ العاشر إلى التاسع، أو بصيامِهما معاً. وقوله: "إذا كان العامُ المقبلُ صُمنا التاسِع": يحتمِل الأمرين. فتُوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يتبيَّن لنا مرادُه، فكان الاحتياطُ صيامَ اليومين معاً، بيد أنّ مجموعَ أحاديثِ ابن عباس التي أوردناها تدلُّ على صحة الطريقة التى سلكناها، والله أعلم.
_________________
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد: 2/ 63-77.