الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإنَّ من صِيغ التمويل التي تُسهِمُ في تلبية حاجات المؤسسات المالية والمصارف الإسلامية في أنشطتها وتعاملاتها مسألة السلم بسعر السوق والتي تُعَدُّ إحدى صيغ عقد السلم في الفقه الإسلامي(1).
وصيغة السَلَم بسعر السوق يَعتريها بعضُ الشُبَه من حيث اشتباكها بخيوط الرِّبا؛ وتأتي هذه الورقات مُسهِمةً في تجلية هذا الموضوع إِلى حَدٍّ ما على مُقتَضى البحث العلمي.
وسوف يكون الكلام – بعون الله – عَبْرَ العناصر التالية:
أولاً: صورة المسألة.
ثانياً: الخلاف في المسألة.
ثالثاً: الترجيح في المسألة.
أولاً: صورة المسألة
أن يُسلِّمَ المشتري مقداراً معلوماً من المال (الثمن)، في سلعة موصوفة، لكن لا يعين مقدارها وقت العقد، وإنما يربط تحديد كمية المسلم فيه بسعر السلعة أو أنقص منه بنسبة معلومة يوم التسليم، فإذا علم السعر وقت التسليم اُحتُسِبَ الثمن المدفوع وقت العقد وفق سعر الوحدة من البضاعة المسلم فيها، فتخرج الكمية(2).
ومثال ذلك:
أنْ يَشتريَ شخصٌ بمائةِ ألف ريال نقداً نوعاً محدداً من النفط بوصف منضبط، دون تحديد الكمية، يُسلَّم بعد سنة، على أن يكون سعر البرميل وقت التسليم أقل من سعر السوق بـ10 ريالات أو بناقص 11% من سعر السوق. فإذا كان سعر البرميل وقت التسليم 90 ريالاً، فإن البائع يحتسب سعر البرميل على أنه 80 ريالاً، ويتم استخراج الكمية عن طريق قسمة الثمن على قيمة البرميل الواحد وقت التسليم.
فإذا كان:
رأس المال المدفوع = 100.000 ريال.
وسعر البرميل= 80 ريال.
فعلى ذلك: يكون عدد البراميل التي يجب تسليمها هو 100.000÷ 80= 1250- ألف ومائتان وخمسون برميلاً.(3)
ومن الأمثلة أيضاً: (بطاقة شراء البنزين بثمن أقل من وقت التسليم)
وصورة ذلك: أن تكون هناك بطاقة لتعبئة البنزين قيمتها 100ريال، وتتمكن خلال شرائك هذه البطاقة بتعبئة ما قيمته 120 ريال من البنزين (يوم التعبئة)، فيلاحظ في ذلك:
1. أن هذا العقد عقد على موصوف في الذمة (عقد سلم).
2. قُبِضَ رأسُ المال في مجلس العقد.
3. المسلم فيه غير محدد الكمية، باعتبار أن سعر البنزين يتغير، وعلى ذلك فلا يُعلَم مقدار ما سيباع من لترات البنزين، ولكن ثمن السلعة محدد، وهو ما قيمته 120ريال.
فهذه هي صورة السلم بسعر السوق، فقد تم احتساب ما قيمته 120 ريال يوم التسليم من سعر السوق، والمشتري قد دفع في مجلس العقد أنقص من ذلك بعشرين ريالاً.
ومن التطبيقات لهذه الصيغة أيضاً: (بطاقات مسبوقة الدفع) ومن أمثلتها (بطاقة سوا).
حيث يقوم العميل بشراء بطاقة مسبوقة الدفع، يتمكن من خلالها من إجراء مكالمات بقيمة 100 ريال. فيلاحظ في هذا العقد:
1. أن العقد على منفعة موصوفة (منفعة إجراء المكالمات)، وعلى هذا يجري الخلاف بين الفقهاء في حكم السلم بالمنافع.
2. لم تحدد كمية المنافع المستوفاة، وإنما يتم التحديد حسب سعر السوق، فمن المحتمل أن ترتفع أسعار المكالمات الداخلية أو الخارجية، وبالتالي تقل الدقائق (المسلم فيه) المنتفع بها، والعكس بالعكس.
إضافة إلى أن المكالمات غير منضبطة، فقد تكون داخلية أو خارجية، وعلى ذلك فالسعر يختلف، ومن هنا كان دخول هذه الصورة في صيغة السلم بسعر السوق ظاهراً من حيث تحديد ثمن السلعة، دون العلم بكمية المسلم فيه (عدد الدقائق المستوفاة).
وقد جاء في جامع المسائل عن شيخ الإسلام ابن تيمية " مسألة: في رجل استلف من رجل دراهم إلى أجل على غلة، بحكم أنه إذا حل الأجل دفع إليه الغلة بأنقص مما تساوي بخمسة دراهم، فهل يحل أن يتناول ذلك منه على هذه الصفة أم لا؟
الجواب: إذا أعطاه عن البيدر كل غرارة بأنقص مما يبيعها لغيره بخمسة دراهم وتراضيا بذلك جاز. فإن هذا ليس بقرض، ولكنه سلف بناقص عن السعر بشيء، وقدر هذا بمنـزلة أن يبيعه بسعر ما يبيعه الناس، أو بزيادة درهم في كل غرارة، أو نقص درهم في كل غرارة.
وقد تنازع الناس في جواز البيع بالسعر، وفيه قولان في مذهب أحمد، والأظهر في الدليل أن هذا جائز، وأنه ليس فيه خطر ولا غرر؛ لأنه لو أبطل مثل هذا العقد لرددناهم إلى قيمة المثل، فقيمة المثل التي تراضوا بها أولى من قيمة مثل لم يتراضيا بها. والصواب في مثل هذا العقد أنه صحيح لازم... ومنهم من قال: إن ذلك لا يلزم، فإذا تراضيا به جاز، والله أعلم"(4).
وهذا النص من شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – قد اختلف فيه العلماء المعاصرون والباحثون في فَهمِ مُرادِ شيخ الإسلام - رحمه الله – من عبارته، وهل هي صيغة السلم بسعر السوق التي سبق شرحها وإيضاح الأمثلة عليها ؟
وتبدو ثمرة الخلاف: في صحة نسبة جواز هذه الصورة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله –(5).
وبغض النظر عن نص شيخ الإسلام هذا، فإن المسألة تبقى بحاجة إلى نظر وتأمل، لا سيما وأن نصوص الأئمة تضافرت في اشتراط العلم بالمسلم فيه؛ لنص حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم "(6).
ثانياً: الخلاف في المسألة
اختلف العلماء المعاصرون والباحثون في صورة السلم مع تحديد مقدار المسلم فيه يوم التسليم على قولين:
القول الأول: عدم جواز صورة السلم مع تحديد مقدار المسلم فيه يوم التسليم، وهذا القول اختاره الصديق الضرير، ومحمد عبد الغفار الشريف، وعبد الباري مشعل وغيرهم(7).
القول الثاني: جواز صورة السلم بسعر السوق يوم التسليم، واختار هذا القول على القره داغي، وعبد الله بن موسى العمار، وسامي السويلم، واختار هذا القول بحثُ أمانة الهيئة الشرعية بشركة الراجحي(8)، وغيرهم.
وقد توقف عدد من الباحثين في هذه الصيغة، ولم يكن لهم رأي صريح حول المسألة.
أدلة الأقوال
استدل أصحاب القول الأول بعدد من الأدلة منها:
الدليل الأول:
أن هذا الصيغة ذريعة يُتوصَّل بها إلى القرض بفائدة، وإلى الربا المحرم شرعاً، ويتبين ذلك من خلال المثال التالي:
إذا أراد عميلٌ أن يُقرِض شركة نفط بمبلغ 100.000ريالاً لمدة سنة بفائدة قدرها 11%، فما عليه إلا أن يتذرع بحيلة ربوية صورتها: أن يشتري العميل بمائة ألف نقداً نوعاً محدداً من النفط بوصف منضبط، دون تحديد الكمية، يُسَلَّم بعد سنة، على أن يكون سعر البرميل وقت التسليم أقل من سعر السوق بـ11% إذ لا يخفى أن العميل الممول بصيغة السَّلم بسعر السوق لا حاجة له بعين النفط غالباً؛ ولهذا فإنه يَعمِدُ إِلى تَوكيلِ المُسلَم إليه (وهي شركة النفط) ببيع ذلك النفط المُسلَم فيه لحسابه بسعر السوق يوم التسليم، أو يُوكِّل غيره بِتَسَلُّمِهِ وبيعِه لحسابه فوراً في ذلك اليوم، فيؤول عقد السلم بهذه الصيغة إلى نفس معنى القرض الربوي، والنفط المسلم فيه هو الحريرة(9).
نوقش بأمرين:
الأول: بأن صورة السلم مع تحديد مقدار المسلم فيه يلاحظ فيها أن المشتري سيتحمل ضمان ومخاطر السلعة من حين تسلمها إلى حين بيعها.
ثم إنه ترد عدة أسئلة في جانب المُسلِم، منها:
- إذا تسلم السلعة هل سيبيع بسعر السوق أو لا، فلربما يُؤْثِر إبقاء السلعة عنده؟
- هل سيوجد حال قبض المُسلِم السلعةَ من يشتري أو لا ؟(10)
وبهذا فإن الحيلة الربوية بهذا الصورة تكون بعيدة؛ حيث إن جميع مخاطر السلم المشروع ترد على هذه الصيغة.
الثاني: " أن مجرد كون مقصود المشتري – أو المُسلِم في هذه الصيغة- هو النقد ليس موجباً للتحريم؛ وذلك لأن مقصود التجار كلهم من تجارتهم هو الحصول على نقود أكثر بنقود أقل،
والسلع المبيعة هي الواسطة لذلك "(11).
الدليل الثاني:
أن صيغة السلم مع تحديد مقدار المسلم فيه يوم التسليم مخالفةٌ لنص حديث ابن عباس في السلم، كما أنها مخالفة لما أجمع عليه أهل العلم من اشتراط العلم بالمسلم فيه.
نوقش:
لا نسلم أن هذه الصيغة مخالفة لنص حديث ابن عباس رضي الله عنه في السلم، أو أنها مخالفة لما أجمع عليه أهل العلم؛ لأن الأمر راجع إلى تحقيق المناط(12) في كون المسلم فيه في صيغة (السلم مع تحديد مقدار المسلم فيه) مجهولاً، وإيضاح ذلك يتبين من خلال ما يلي:
أولاً: مما لا شك فيه أن نفي الجهالة في عقد السلم لا يراد بها نفيُ الجهالة المطلقة، بدليل:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه قال: "في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يشترط تحديد مكان المسلم فيه، بل لو اشترط أن يكون من نخل فلان أو حائط بني فلان لم يصح.
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تداين إلى آجال لا تعد معلومة علماً تاماً لا جهالة فيها، كشرائه البعير والبعيرين إلى إبل الصدقة، وكشرائه صلى الله عليه وسلم من يهودي إلى ميسرة.
وبهذا يتبين أن المراد من العلم بالمسلم فيه ليس العلم التام النافي للجهالة المطلقة، وإنما النافي للجهالة المؤدية إلى النزاع(13).
ثانياً: تصريح عدد من الفقهاء أن المراد بالجهالة المفسدة للعقد: هي المؤدية والمفضية إلى النزاع، ومن ذلك:
قال في بدائع الصنائع: " ومنها أن يكون المبيع معلوماً وثمنه معلوماً علماً يمنع المنازعة، فإن كان أحدهما مجهولاً جهالة مفضية إلى المنازعة فسد، وإن كان مجهولاً جهالة لا تفضي إلى المنازعة لا يفسد؛ لأن الجهالة إذا كانت مفضية إلى المنازعة كانت مانعة من التسليم والتسلم، فلا يحصل مقصود البيع، وإن لم تكن مفضية إلى المنازعة لا تمنع ذلك فيحصل المقصود " ا.هـ.(14)
وبهذا يتبين أن جهالة المُسلَم فيه المؤثرة إنما هي المؤدية إلى النزاع، وليس مطلق الجهالة، ويظهر بذلك أنه لا تعارض بين صيغة السلم مع تحديد مقدار المسلم فيه يوم التسليم، وبين إجماع أهل العلم على اشتراط العلم بالمسلم فيه المستند إلى حديث ابن عباس رضي الله عنه في السلم، حيث إن " تحديد مقدار المسلم فيه حسب سعر السوق يوم التسليم لا يفضي إلى النزاع؛ لأن إجمالي قيمة المُسلَم فيه (وهو حاصل ضرب الكمية في السعر) محدد حين العقد، فبحسب السعر وقت التسليم يتحدد المقدار: فإن زاد السعر قلَّ المقدار، وإن قلَّ السعر زاد المقدار.
لكن في جميع الأحوال لا يمكن أن تتجاوز القيمة الإجمالية مقدار رأس المال المدفوع مقدماً"(15).
استدل أصحاب القول الثاني بعدة أدلة منها:
الدليل الأول:
أن صيغة (السلم مع تحديد مقدار المسلم فيه يوم التسليم) تعامل يؤول إلى العلم، فلا تعارض بين هذا الصيغة، وبين ما يجب تَوفُّرهُ في عقد السلم من العلم بالمُسلَم فيه.
وقد تقدم بيان وجه ذلك، كما أنه قد تقدم في مناقشة أصحاب القول الأول أن الجهالة المؤثرة هي التي تؤدي إلى النزاع والشقاق.
الدليل الثاني:
القياس على البيع بالسعر، وقد سبق بيان الخلاف في المسألة والترجيح(16).
وهذا الاستدلال هو الذي ذكره شيخ الإسلام في عبارته، على التسليم بأن مقصوده في ذلك هذه الصيغة.
ووجه القياس:
" أن السعر المعتبر هو السعر وقت قبض المبيع... فإن سعر السوق المراد به سعر يوم القبض، وفي عقد السلم بالسعر إذا تحدد السعر تحدد مقدار المبيع أو المسلم فيه، ومن ثم انتفت الجهالة المفضية إلى النزاع.
فالبيع بالسعر والسلم بالسعر كلاهما يتحدد فيه السعر وقت قبض المبيع، فإذا تَعَيَّنت السـلعة، وتحدد مقدارها، وقبضها المشتري، لزم تحديد السعر حينئذ، وهذا متحقق في البيع بالسعر، وفي السلم بالسعر"(17).
الدليل الثالث:
القياس على بيع الصبرة كل قفيز بدرهم(18).
ووجه القياس:
أن بيع الصبرة كل قفيز بدرهم فيها جهالةٌ في ثمن عدد القفزان، ولكن الجهل بالكمية لا يضر لكونها آيلة إلى العلم، حيث إن سعر الوحدة معلوم.
وكذلك الأمر في صيغة السلم مع تحديد مقدار المسلم فيه، فإن الجهالة بالمسلم فيه لا يضر؛ لكون مآله إلى العلم؛ حيث إن مقدار رأس المال محدد معلوم(19).
الدليل الرابع:
أن الأصل في المعاملات والعقود الحل والإباحة، ما لم يرد دليل على المنع.
ولم يرد دليل أو تعليل سالم من الاعتراض يمنع من هذه الصيغة، ولهذا فتبقى على الأصل وهو الحل(20).
ثالثاً: الترجيح في المسألة:
من خلال التَّمعُّن في هذه المسألة، يبدو جلياً أنها بحاجة إلى تأمُّلٍ وتَبصُّرٍ، خاصةً فيما يتعلق بتطبيقاتها في المصارف الإسلامية.
والذي يظهر للباحث من حيث التقعيد الفقهي – والله أعلم – جواز هذه الصورة من صيغ السَّلم؛ لكون مُتَمسَّك المانعين اعتبارها من القرض الربوي، وسبق مناقشة ذلك.
ولا تُعارِض هذه الصورة اشتراط العلم بالمسلم فيه، فتَسْلَمُ حينئذٍ من المحاذير الشرعية، وتَدْخُل في دائرة ( الأصل في المعاملات الحل والإباحة ).
ويَدعَمُ القول بالجواز أن مآلاها إلى العلم المعتبر شرعاً، فهي كالبيع بسعر السوق.
والقول بالجواز مشروط بِابْتعاد العقد عن كل ما يجعل المعاملة صورية. أما إذا طَرَأ ما يجعل العقد صورياً: فهو محرم؛ لكونه قرض بفائدة، ومن أمثلة ذلك: أن يقوم العميل بتوكيل المسلَم إليه في بيع العين المسلم فيها بسعر السوق يوم التسليم، فالعقد في هذه الصورة حيلة ظاهرة على الربا المحرم. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسَلَّم.
_______________________
(1) وقد قام مصرف الراجحي مشكوراً بعقد ملتقى فقهي بعنوان(السلم بسعر السوق يوم التسليم) وكان هذا ثالث الملتقيات التي يعقدها حول النوازل المعاصرة في الفقه الإسلامي.
(2) بحث الملتقى الفقهي الثالث ص 18.
(3) يلاحظ أن محل هذه الصورة في شرط العلم بالمسلَم فيه، قال في الشرح الكبير " ويشترط معرفة المذروع بالذرع، والمعدود بالعد؛ لأنه عوض غائب، يثبت في الذمة، فاشترط معرفة قدره كالثمن. ولانعلم في اعتبار معرفة مقدار المسلم فيه خلافاً. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز في الثياب بذرع معلوم" ا.هـ. 12/253. وبهذا يتبين أن محل النزاع في صورة السلم بسعر السوق: هل مثل هذا العقد يجعل المسلم فيه مجهولاً، وبالتالي يكون فاسداً، أو أن مثل هذه الصورة مآلاها إلى العلم؟. ينظر: بحث الملتقى الفقهي الثالث ص20.
وبعد هذا المثال يلاحظ أن تسمية هذا العقد بـ(السلم بسعر السوق يوم التسليم) غير دقيق؛ حيث إن ثمن السلعة محدد معلوم، أما كمية المسلم فيه فهي غير محددة، وهي التي ستكون حسب سعر السوق يوم التسليم؛ ولهذا فالأقرب أن تسمية هذا العقد تكون (السلم مع تحديد مقدار المسلم فيه حسب سعر السوق يوم التسليم) أو يقال (السلم بمسلم فيه حسب سعر السوق يوم التسليم). ينظر: بحث الملتقى الفقهي الثالث في تعقيب أ.د. الصديق الضرير – حفظه الله – ص41.
(4) جامع المسائل (المجموعة الرابعة) ص336-337، وقد أورد هذا النص أيضاً ابن مفلح في الفروع 4/179-180 قال: " وقال شيخنا فيمن أسلف دراهم إلى أجل على غلة، بحكم أنه إذا حل دفع الغلة بأنقص مما تساوي بخمسة دراهم: هذا سلف بناقص عن السعر بشيء مقدر, فهو بمنزلة أن يبيعه بسعر ما يبيع الناس، أو بزيادة درهم في الغرارة، أو نقص درهم فيها، وفي البيع بالسعر قولان في مذهب أحمد, الأظهر جوازه, لأنه لا خطر ولا غرر؛ ولأن قيمة المثل التي تراضيا بها أولى من قيمة مثل لم يتراضيا بها" ا.هـ من الفروع، ونقل هذا النص عن شيخ الإسلام تلميذه البعلي في الاختيارات ص193.
(5) وممن رأى انطباق صيغة السلم بسعر السوق على عبارة شيخ الإسلام أ.د. نزيه حماد، ويقول: " ولا شك عندي في أنّ الصيغة المطروحة للنقاش هي التي ذكرها وقصدها وصححها شيخ الإسلام ابن تيمية، وأن الحُجَجَ المُقدَّمة على جوازها، والأجوبة عن الاعتراضات الواردة عليها، فيها من القوة والوجاهة، ما لا يسع المنصف إنكاره، ولولا ما في تلك الصيغة من آفة الذريعة القوية إلى القرض الربوي والحيلة للتوصل إليه لاتجهت إلى استظهار مشروعيتها " ا.هـ. وشَكَّك في ذلك أ.د. الصديق الضرير، ود. علي الندوي، وغيرهم. ينظر: بحث الملتقى ص41، 100، 117.
(6) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب السَّلم، باب ( السلم في وزن معلوم )، حديث رقم: (2126)، (2/781)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب ( السلم )، رقم: (1604)، (11/217 مع شرح مسلم للنووي) من حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً.
(7) ينظر: بحث الملتقى الفقهي الثالث ص 55، 97-99، 140-141.
(8) ينظر: بحث الملتقى الفقهي الثالث ص73، 88، 161-162.
(9) ينظر: مداخلة أ.د.نزيه حماد في بحث الملتقى الفقهي الثالث ص92.
(10) ينظر: مداخلة الشيخ د.عبد الرحمن الأطرم ص95.
(11) فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز في مجلة البحوث الإسلامية ع7ص53 (نقلاً عن أحكام بيع التقسيط للتركي ص71).
(12) تحقيق المناط هو: " بيان وجود علة الأصل في الفرع، أو بيان وجود علة متفق عليها في محل النزاع، كبيان وجود الطواف المتفق عليه في الهرة" ا.هـ من شرح مختصر الروضة للطوفي 3/243.
(13) ينظر: بحث الملتقى الفقهي الثالث ص 21-22.
(14) بدائع الصنائع للكاساني 5/156، ونص على ذلك أيضاً في كتاب الإجارة 4/179-180. وينظر: حاشية النسفي على تبيين الحقائق 4/43، إعلام الموقعين لابن القيم 5/310.
(15) ينظر: بحث الملتقى الفقهي ص22.
(16) ينظر: المبحث الثاني من الفصل الثاني ص83، وأيضاً: بحث الملتقى ص 23، 25.
(17) بحث الملتقى الفقهي الثالث ص30.
(18) وقد تقدم عرض الأقوال في المسألة والترجيح في المطلب السادس من الفصل الثاني.
(19) ينظر: تعقيب د.عبد الله بن موسى العمار على بحث الملتقى الفقهي ص86، ويمكن أيضاً قياس صيغة السلم مع تحديد مقدار المسلم فيه على مسألة إذا باع من الصبرة كل قفيز بدرهم؛ بجامع الجهالة في مقدار المبيع المستوفى، وفي كلٍّ منهما تم تحديد سعر الوحدة.
(20) ينظر: مجموع الفتاوى 29/150.