حكم عيادة المريض
29 محرم 1435
د. أحمد الخليل

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
أما بعد.
حكم عيادة المريض (*)
عيادة المريض مشروعة بالإجماع لم يخالف في هذا أحد من أهل العلم.
ولكن اختلفوا في حكمها على ثلاثة أقوال:
القول الأول : أن عيادة المريض سنة وهو مذهب جمهور العلماء ، فهو قول الحنفية [1]، والمالكية [2]، والشافعية [3]، والحنابلة [4].
واستدلوا بأحاديث كثيرة منها:
1- حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ، وَيُشَمِّتُهُ إِذَا عَطَسَ، وَيَعُودُهُ إِذَا مَرِضَ، وَيَشْهُدُ جَنَازَتَهُ إِذَا مَاتَ، وَيُجِيبُهُ إِذَا دَعَاهُ" [5].
2- عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ..... الحديث وفيه: وأمرنا أن نتبع الجنائز، ونعود المريض، ونفشي السلام" [6].
فدل هذا على أن عيادة المريض سنة مرغوبة للشارع.
القول الثاني: أن عيادة المريض واجبة -فرض عين- إذا علم الإنسان بمريض فيجب أن يزوره وإلى هذا مال البخاري[7]، (ورجحه ابن الجوزي والآجري) من الحنابلة قال ابن مفلح: ويحمل ذلك على أن الواجب الزيارة مرة واحدة [8]، (وأوجبه ابن حزم لكن خصه بالجار الذي لا يشق عليه عيادته )[9].
ودليل هؤلاء: ظاهر الأمر في الأحاديث المتقدمة [10].
القول الثالث: أن زيارة المريض فرض كفاية وهو وجه عند الحنابلة ، وإلى هذا ذهب شيخ الاسلام ابن تيمية [11]، وذهب أيضاً إليه الشيخ الفقيه ابن قاضي الجبل .
الترجيح:
يلحظ الإنسان أن ما اختاره شيخ الاسلام فيه توسط فإذا مرض الإنسان ولم يزره أحد من المسلمين أثم كل من استطاع زيارته ولم يفعل، كيف وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وجعله حق من حقوق المريض.
________________________________________
(*)" حكم عيادة المريض "، وقد تكلمت عن هذه المسألة في شرحي للزاد ورأيت أن أفردها بالنشر على موقعي، وقد أسندت تنسيقها للمشرف العلمي على الموقع، فقام بتوثيق النقولات وتخريج الأحاديث، كما أنه وقف على بعض النقولات المفيدة فوضعها بين قوسين إتماما للفائدة.
[1]المبسوط للسرخسي (3 / 129)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/114).
[2] الذخيرة للقرافي (13 / 310).
[3] المجموع شرح المهذب (5 / 109)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (10/233).
[4] المغني لابن قدامة (2/334)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (2/461).
[5] أخرجه "البُخاري" 1240، و"مسلم" 5701.
[6] صحيح البخاري (7 / 116).
[7] فتح الباري لابن حجر (10 / 112).
[8] الفروع وتصحيح الفروع (3/252)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (2/461).
[9] المحلى بالآثار (3 / 402، 403).
[10] قال النووي في شرح مسلم (14 / 31) :" أما عيادة المريض فسنة بالإجماع وسواء فيه من يعرفه ومن لايعرفه والقريب والأجنبي ".
[11] مجموع الفتاوى (27 / 412)، الاختيارات الفقهية (ص: 443)، الفروع وتصحيح الفروع (3 / 252) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (2 / 461).