أحكام زكاة التمور
17 محرم 1435
أ.د. خالد المشيقح

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ }، وقال سبحانه وتعالى: {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}.
مسألة: مقدار نصاب التمر هو نصاب جميع الزروع والثمار التي تجب فيها الزكاة وهي خمسة أوسق لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليس فيما دون خمسة أوسق من حب ولا تمر صدقة ) متفق عليه من حديث أبي سعيد رضي الله عنه . وقال -عليه الصلاة والسلام- : ( فيما سقت السماء والعيون العشر ) رواه البخاري من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- .
والوسق : ستون صاعاً بالصاع النبوي الذي مقداره أربع حفنات بكفي الرجل المعتدل الخلقة ، ومقداره بالغرامات (2.40) أي كيلوان وأربعون غراماً.
فمن بلغ محصوله من التمر خمسة أوسق فما فوق أي ثلاثمائة صاع أي ستمائة كيلو جرام وجب عليه أن يؤدي زكاة تمره.
مسألة: ويشترط في زكاة التمر شرطان :
الأول : بلوغ النصاب على ماسبق بيانه .
الثاني : أن يكون مملوكًا له وقت وجوب الزكاة ، فلو ملك النصاب بعد ذلك لم تجب عليه زكاة كما لو اشتراه ، أو أخذه أجرة لحصاده ، أو حصله باللقاط ، ونحو ذلك .
مسألة : والقدر الواجب إخراجه في زكاة التمر يختلف باختلاف وسيلة السقي :
فإذا سقي بلا مؤونة كالذي سقي بالأمطار والعيون والأنهار يجب فيه العشر ؛ لما في البخاري من حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- : ( فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًا العشر ). ولمسلم عن جابر رضي الله عنه : ( فيما سقت الأنهار والغيم العشر ).
ويجب فيما سقي بمؤونة كالذي سقي من الآبار والآلات نصف العشر - بمعنى أنك تقسم قدر الزكاة على عشرين والناتج هو الزكاة- ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر : ( وما سُقي بالنضح نصف العشر )رواه البخاري . والنضح: السقي بالسواني .
ولمسلم عن جابر رضي الله عنه : ( وفيما سقي بالسانية نصف العشر )وإن سقي بمؤنة وبغير مؤنة نصفين ففية ثلاثة أرباع العشر ، فإن تفاوتا السقي بمؤنة وبغير مؤنة فيعتبر الأكثر نفعاً ، ومع الجهل العشر .
وقدر الواجب في بلادنا – المملكة العربية السعودية- نصف العشر؛ لأن الثمرة تسقى بمؤونة .
مسألة: وقت وجوب الزكاة في ثمر النخيل: إذا بدا صلاح ثمرة النخيل وذلك بأن تحمر أو تصفر وجبت الزكاة ، وتجب الزكاة على من كان مالكاً لها حين الوجوب أي حين الاحمرار أو الاصفرار ، فإذا باع مالك النخيل ثمرته بعد بدو الصلاح فإن الزكاة تكون واجبة عليه إلا إذا شرط البائع على المشتري أن يخرج الزكاة فهذا شرط صحيح والمسلمون على شروطهم .
مسألة: وتضم ثمرة العام في إخراج الزكاة وتكميل النصاب , ولو اختلفت أماكن الثمرة, فإذا كان عند الإنسان مزرعة وعنده استراحة فيها بعض النخيل وفي بيته أيضاً نخلة أو نخلتان أو شيء من النخيل فإنه يضم جميع الثمرة ويحسب ثمرة المزرعة والاستراحة والبيت ويخرج زكاتها إذا بلغت نصاباً .
وتضم أيضاً الأنواع بعضها إلى بعض في تكميل النصاب فالسكري مثلاً يضم إلى البرحي أو الشقر ، لأنها أنواع تدخل تحت جنس واحد وهو التمر.
مسألة: إذا باع المالك الثمرة كما هو صنيع كثير من الناس اليوم فإنه يخرج الزكاة من الثمن ولا يلزمه أن يشتري ثمراً يعطيه الفقراء والمساكين نص عليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
مسألة: لا يجوز أن يخرج الرديء من التمر عن الجيد ومن فعل ذلك لم يجزئه عن الواجب لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } [البقرة 267] ، وقال تعالى {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [ آل عمران الآية 92].
وكما أوصي بهذه المناسبة المسلم بأن يصدق في بيعه وشرائه ويتحرى الصدق ويبتعد عن الكذب والغش في بيعه فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاث لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) قلنا: من هم يا رسول الله ! فقد خابوا وخسروا ، ولهم فقال( المنان ، والمسبل إزاره والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) متفق عليه.
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( البيعان بالخير ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما ) متفق عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.