حكم تحريم المسلم الحلال على نفسه
16 ربيع الثاني 1434
أ.د. خالد المشيقح

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن مِمَّا يكثر على ألسنة كثير من الناس تحريم ما أحل اللَّه عز وجل لهم من طعام، أو شراب، أو لباس، أو زوجة ونحو ذلك، وخصوصاً إذا قصد بذلك اليمين بأن يقصد في تحريمه المباح من طعام أو زوجة ونحو ذلك الحث على فعل شيء، أو الامتناع أو التصديق، أو التكذيب، وقد دعاني للكتابة في هذا الموضوع أمور:
1 - كثرة هذا التحريم على ألسنة كثير من الناس.
2 - وقيام الحاجة لمعرفة حكم هذه المسألة.
3 - تشعب أقوال أهل العلم، وكثرتها في مسألة تحريم الزوجة خاصة، فرغبت في تحرير مذاهب السلف والأئمة من مصادرها المعتمدة.
4 - أني لم أقف على كتابة جمعت أطراف هذا الموضوع.

وقد سلكت في كتابته المنهج العلمي الآتي:
أولاُ: قمت بعرض المسألة الخلافية بذكر القول أولاً، فالقائل به، ثم اتبعه بالاستدلال، وما ورد عليه من مناقشة، وما أجيب به عنها، هذا في جملة البحث.
ثانياً: اعتمدت في نسبة كل قول لكل مذهب على أمهات كتب المذهب.
ثالثاً: اجتهدت في التوفيق بين الأقوال، فإن تعذر ذلك رجحت ما ظهر لي رجحانه، بناء على قوة الأدلة.
رابعاً: عزوت الآيات القرآنية إلى مواضعها في كتاب اللَّه، بذكر السورة ورقم الآية.
خامساً: خرجت جميع الأحاديث الواردة في البحث، وما كان منها في صحيح البخاري أو مسلم اكتفيت به، وما لم يخرجه أحدهما، أو كلاهما خرجته من الصحاح، والسنن، والمسانيد المتبقية، مع بيان درجة الحديث معتمداً في ذلك على ما ذكره العلماء في ذلك.
سادساً: خرجت الآثار الواردة في البحث من مصادرها، مع بيان درجة الأثر ما وجدت في ذلك نقلاً عن أهل هذا الفن.
وأحياناً إذا لم أجد حكماً للمتقدمين على الحديث، أو الأثر، أقوم بالنظر في إسناده والحكم عليه.
سابعاً: وضحت معنى ما يرد في هذا البحث من كلمات وألفاظ غريبة.
ثامناً: الخاتمة، واشتملت على أبرز النتائج التي انتهى إليها البحث، ثم ذكرت فهرساً لمصادر البحث ومراجعه.
واللَّه أسأل أن ينفع به كاتبه وقارئه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

تمهيد: في رفع الحرج عن هذه الأمة، وترك الحلال زهداً وورعاً
وفيه أمران:
الأمر الأول: رفع الحرج عن هذه الأمة:
لقد رفع اللَّه سبحانه وتعالى الحرج عن هذه الأمة، فشريعة اللَّه سبحانه وتعالى لاعنت فيها، ولا مشقة، تراعي المكلف، فاليسر وعدم الحرج هو شأن هذه الملة التي جاءت من أحكم الحاكمين ومن رب العالمين، ومع أن شرع اللَّه لا حرج فيه إلاّ أنه أيضاً إذا طرأ على المكلف ما يستدعي التيسير خفف عنه بالقدر الذي لا يشق عليه، فهذا المسافر يقصر الصلاة، ويفطر في رمضان ؛ لأنَّ السفر مظنة الكلفة والمشقة، وهذا المريض يصلي قائماً، فإذا لم يستطع صلى قاعداً، فإذا لم يستطع صلى على جنب.
وهكذا الشرع مع أحوال المكلفين، قال اللَّه تعالى: { لا يكلف اللَّه نفساً إلاّ وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت...} الآية([1])، وقال تعالى: { ما جعل عليكم في الدين من حرج } ([2])، وقال تعالى: { ما يفعل اللَّه بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان اللَّه شاكراً عليماً } ([3]).
وفي حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن النَّبِيّ صلى اللَّه عليه وسلم قال: " إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلاّ غلبه... " ([4]).
وإن من نعم اللَّه على هذه الأمة فيما خفف عنهم أن من قبلهم كانوا إذا حرموا على أنفسهم شيئاً حَرُم عليهم، كما وقع ليعقوب عليه السلام، فخفف اللَّه ذلك عن هذه الأمة، ونهاهم أن يحرموا على أنفسهم شيئاً ما أحل لهم، فقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللَّه لكم } ([5])([6]).
وقد روى يوسف بن ماهك ([7]): " أن أعرابياً أتى ابن عباس فقال: إني جعلت امرأتي حراماً، قال: ليست عليك بحرام، قال أرأيت قول اللَّه تعالى: { كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه } قال ابن عباس: إن إسرائيل كان به عرق النسا، فجعل على نفسه إن شفاه اللَّه أن لا يأكل العروق من كل شيء، وليست بحرام يعني على هذه الأمة"([8]).
الأمر الثاني: ترك الحلال زهداً وورعاً.
وفيه فرعان:
الفرع الأول: تعريف الزهد والورع.
الزهد في اللغة: زَهِد فيه وعنه – زُهداً وزهادة: أعرض عنه، وتركه لاحتقاره، أو لتحرجه منه أو لقلته، وزَهُد في الشيء رغب عنه، ويقال: زهد في الدنيا: ترك حلالها مخافة حسابه وترك حرامها مخافة عقابة([9]).
والزهد في الاصطلاح: قال ابن الجوزي([10]): "الزهد عبارة عن انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الزهد هو عما لا ينفع، إما لانتفاء نفعه، أو لكونه مرجوحاً، لأنه مفوّت لما هو أنفع منه، أو محصل لما يربوا ضرره على نفعه، وأما المنافع الخالصة أو الراجحة، فالزهد فيها حمق([11]).
وقال ابن القيم: الزهد: ترك ما لا ينفع في الآخرة([12]).
والورع في اللغة: يقال: ورع يرَع وَرْعاً ووَرَعاً ورِعَة: تحرج وتوقى عن المحارم، ثم استعير للكف عن الحلال المباح، فهو وَرِع ومتورع([13]).
وفي الاصطلاح: "هو الإمساك عما قد يضره فتدخل فيه المحرمات والشبهات لأنها قد تضر، فإنه من اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات واقع الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يواقعه" ([14]).
وقال ابن القيم: الورع ترك ما يحسن ضرره في الآخرة([15]).
الفرع الثاني: أقسام ترك الحلال زهداً وورعاً.
الزهد من باب عدم الرغبة والإرادة في المزهود فيه، والورع من باب وجود النفرة والكراهة للمتورع عنه، والواجبات والمستحبات لا يصلح فيها زهد ولا ورع، وأما المنافع الخالصة، أو الراجحة فالزهد فيها حمق. وأما المحرمات والمكروهات فيصلح فيها الزهد والورع وأما المباحات فيصلح فيها الزهد، دون الورع.
أما الورع عما لا مضرة فيه، أو فيه مضرة مرجوحة – لما تقترن به من جلب منفعة راجحة أو دفع مضرة أخرى راجحة-، فجهل وظلم، وذلك يتضمن ثلاثة أقسام لا يتورع عنها: المنافع الكافأة، والراجحة والخالصة، كالمباح المحض أو المستحب أو الواجب، فإن الورع عنها ضلالة([16]).
وقال ابن القيم: الزهد أقسام:
الأول: زهد في الحرام، وهو فرض عين.
الثاني: وزهد في الشبهات، وهو بحسب مراتب الشبهة، فإن قويت التحق بالواجب، وإن ضعفت كان مستحباً.
الثالث: وزهد في الفصول، وزهد فيما لا يعني من الكلام والنظر، والسؤال واللقاء وغيره، وزهد في الناس وزهد في النفس بحيث تهون عليه نفسه في الله.
الرابع: وزهد جامع لذلك كله، وهو الزهد فيما سوى الله، وفي كل ما يشغلك عنه، وأفضل الزهد، وأصعبه الزهد في الحظوظ([17]).
وقال أيضاً الزهد على أربعة أقسام:
الأول: أحدها فرض على كل مسلم، وهو الزهد في الحرام.
الثاني: زهد مستحب، وهو على درجات في الاستحباب بحسب المزهود فيه، وهو الزهد في المكروه وفضول المباحات والتفنن في الشهوات المباحة.
الثالث: زهد الداخلين في هذا الشأن، وهم المشمرون في السير إلى الله، وهو نوعان:
أحدهما: الزاهد في الدنيا جملة، وليس المراد تخليها من اليد ولا إخراجها، وقعوده صفراً، وإنما المراد إخراجها من قلبه بالكلية، فلا يلتفت إليها، ولا يدعها تساكن قلبه، وإن كانت في يده.
والذي يصحح هذا الزهد ثلاثة أشياء:
أحدها: علم العبد أنها ظل زائل، وخيال زائر، وأنها كما قال تعالى فيها: ) اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً ( ([18]).
ونحوها من الآيات وسماها سبحانه وتعالى ) متاع الغرور ( ([19]) ونهى عن الاغترار بها، وأخبرنا عن سوء عاقبة المغترين، وحذرنا مثل مصارعهم وذم من رضي بها واطمأن إليها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما لي وللدنيا، إنما أنا كراكب قال في ظل شجرة ثم راح وتركها " ([20]).
والثاني: علمه أن وراءها داراً أعظم منها قدراً وأجل خطراً، وهي دار البقاء، فالزهد فيها لكمال الرغبة فيما هو أعظم منها.
والثالث: معرفته بأن زهده فيها لا يمنعه شيئاً كتب لـه منها وأن حرصه عليها لا يجلب لـه مالم يقض لـه منها، فمتى تيقن ذلك ثلج لـه صدرهن وعلم أن مضمونه منها سيأتيه، بقي حرصه وتعبه وكده ضائعاً والعاقل لا يرضي لنفسه بذلك فهذه الأمور الثلاثة تسهل على العبد الزهد فيها وتثبت قدمه في مقامه.
والنوع الثاني من نوع زهد المشمرين في السير إلى الله: الزهد في النفس، وهو أصعب الأقسام، وأشقها ([21]).

المطلب الأول: تعريف العنوان
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: تعريف الحرام، والحلال لغة:
أولاً: تعريف الحرام:
قال ابن فارس ([22]): " الحاء والراء والميم أصل واحد، وهو المنع والتشديد، فالحرام ضد الحلال، قال اللَّه تعالى: { وحرام على قرية أهلكناها } ([23])، وسوط محرم إذا لم يلين بعد، قال الأعشى ([24]):
تحاذر كفي والقطيع المحـرما ([25])
والقطيع: السوط، والمحرم الذي لم يمرن، ولم يلين بعد... " ([26]).
فالتحريم في اللغة: خلاف التحليل وضده.
ففي الصحاح، ولسان العرب: " الحِرْمُ بالكسر، والحرام نقيض الحلال، وجمعه حُرُمٌ.
وقد حرم عليه الشيء حُرْماً وحراماً، وحَرُمَ الشيء بالضم حُرْمة وحَرَّمه اللَّه عليه، وحَرُمتِ الصلاة على المرأة حُرُماً وحُرْماً... والحرام: ما حرم اللَّه، والمحرم: الحرام، والمحارم: ما حرم اللَّه، ومحارم اللَّيل: مخاوفه التي يحرم على الجبان أن يسلكها " اهـ([27]).
وفي المصباح: " حرم الشيء بالضم حُرْماً، وحُرُماً، مثل: عُسْر وعُسُرٍ: امتنع فعله.
وحرمت الصلاة من بابي قرب وتعب حراماً، وحُرْماً امتنع فعلها.
والحُرْمَةُ: ما لا يحل انتهاكه.
والحرمة: المهابة، وهذه اسم من الاحترام.
وذو رحم محرم: أي لا يحل نكاحه.
وأحرم الشخص: نوى الدخول في حج أو عمرة، ومعناه: أدخل نفسه في شيء حرم عليه به ما كان حلالاً له.
وأحرم: دخل في الحرم، وأحرم دخل في الشهر الحرام.
وحريم الشيء: ما حوله من حقوقه ومرافقه ؛ سمي بذلك لأنه يحرم على غير مالكه أن يستبد بالانتفاع به " ([28]).
ثانياً: تعريف الحلال:
قال ابن فارس: ( الحاء واللام له فروع كثيرة ومسائل، وأصلها كلها عندي: فتح الشيء لا يشذ عنه شيء.
يقال: حللت العقدة أحلها حلاً.
والحلال: ضد الحرام، وهو من الأصل الذي ذكرناه، كأنه من حللت الشيء إذا أبحته وأوسعته لأمر فيه ) ([29]).
وفي الصحاح ولسان العرب: " والحل والحلال والحليل: نقيض الحرام، حَلَّ يَحلُّ حِلاً وأحَلَّهُ اللَّه وحلله...
ويقال: هذا لك حِلٌّ وحَلاَلٌ، كما يقال لضده: حِرمٌ وحرام أي محرم، وأحللت له الشيء جعلته له حلالاً، واستحل الشيء عده حلال..."([30]).
وحل الشيء يَحِلُّ بالكسر حلاً خلاف حَرُمَ، فهو حلال.
وحِلٌّ أيضاً وصفٌ بالمصدر، ويتعدى بالهمزة والتضعيف، فيقال: أحللته، وحللته.
وحل الدين يحِلّ بالكسر حلولاً: انتهى أجله ؛ فهو حال.
وحلت المرأة للأزواج: زال المانع الذي كانت متصفة به كانقضاء العدة، فهي حلال.
وحل المحرم حِلاً: خرج من إحرامه.
وحل الهدي: وصل الموضع الذي ينحر فيه.
وحلت اليمين برت ([31]).
المسألة الثانية: تعريف تحريم الحلال شرعاً:
وأما في الشرع: فالمراد به: أن يحرم المكلف على نفسه ما كان مباحاً له شرعاً.
مثل: أن يحرم على نفسه طعاماً، أو لباساً، أو زوجة، أو أمة، ونحو ذلك.

المطلب الثاني:
الحكم التكليفي لهذا التحريم
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن يقصد مجرد التحريم.
إذا تلفظ المكلف بتحريم شيء ما أبيح لـه من المطاعم والمشارب والمناكح وغير ذلك، فإنه محرم ولا يجوز.
قال شيخ الإسلام: " المناكح، والمطاعم، التي يباح الانتفاع بها هي مما سماه اللَّه حلالاً، ومن جعل ما أحل اللَّه حراماً فقد أتى منكراً من القول وزوراً، وهو كلام لا يمكن تحقيق موجبه، ولا يحل التكلم به، فلا يجعل سبباً لما أباحه اللَّه من الطلاق الذي فيه إرسال المرأة ".
وقال أيضاً عند قوله تعالى: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللَّه لك تبتغي مرضاة أزواجك واللَّه غفور رحيم ¯ قد فرض اللَّه لكم تحلة أيمانكم واللَّه مولاكم وهو العليم الحكيم } ([32])، وهذا الاستفهام استفهام إنكار يتضمن النهي، فإن اللَّه لا يستفهم لطلب الفهم والعلم، فإنه بكل شيء عليم، ولكن مثل هذا يسميه أهل العربية استفهام إنكار، استفهام الإنكار يكون بتضمن الإنكار مضمون الجملة: إما إنكار نفي إن كان مضمونها خبراً وإما إنكار نهي إن كان مضمونها إنشاء، والكلام إما خبر وإما إنشاء، وهذا كقوله: { عفا اللَّه عنك لم أذنت لهم } ([33])، وقوله: { لم تقولون ما لا تفعلون } ([34]) ونحو ذلك " ([35]).
وقال القرطبـي ([36]) في معرض استدلاله للمالكية في عدم لزوم كفارة اليمين في تحريم غير الزوجة: " فذم المحرم للحلال، ولم يوجب عليه كفارة، قال الزجاج ([37]): ليس لأحد أن يحرم ما أحل اللَّه، ولم يجعل لنبيه أن يحرم إلا ما حرم اللَّه عليه... " ([38]).
وقال أيضاً عند قوله تعالى: { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللَّه الكذب } ([39]).... ومعنى هذا: أن التحليل والتحريم إنما هو لله عز وجل، وليس لأحد أن يقول أو يصرح بهذا في عين من الأعيان، إلا أن يكون البارىء تعالى يخبر بذلك عنه " اهـ ([40]).
ويدل لهذا قوله تعالى: { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللَّه الكذب إن الذين يفترون على اللَّه الكذب لا يفلحون } ([41]).
وقوله تعالى: { قل أرأيتم ما أنزل اللَّه لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل آللَّه أذن لكم أم على اللَّه تفترون } ([42]).
وقوله تعالى: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللَّه لك تبتغي مرضاة أزواجك واللَّه غفور رحيم } ([43]).

المسألة الثانية: أن يقصد اليمين.
إذا قصد المكلف بتحريمه الطعام، أو الشراب، أو المركب ونحو ذلك مما أحل اللَّه عز وجل له بأن يقصد في يمينه مجرد الامتناع عن شيء، أو فعله، أو التصديق أو التكذيب. فاختلف العلماء في حكم ذلك.
القول الأول:
كراهة اليمين بتحريم الحلال.
وهو قول للإمام أحمد ([44]).
حجته: حديث ابن عمر رضي اللَّه عنهما أن النَّبِيّ صلى اللَّه عليه وسلم قال: ... من كان حالفاً فليحلف باللَّه أو ليصمت " ([45]).
ونوقش هذا الاستدلال: بأن المراد النهي عن الحلف بالمخلوق كما يدل عليه صدر الحديث.
القول الثاني:
إباحة اليمين بتحريم الحلال.
وهو قول جمهور أهل العلم ([46]) .
وحجته: أنه لم يحلف بمخلوق، ولم يلتزم لغير اللَّه شيئاً، وإنما التزم لله كما يلتزم بالنذر ([47]).
ونوقش: بأن النذر مكروه، وتوقف شيخ الإسلام في تحريمه ([48]).
الترجيح: يترجح لي -واللَّه أعلم- القول بكرهة اليمين بتحريم الحلال، إلحاقاً له بالإلتزام بالنذر.

المطلب الثالث:
تحريم غـير الـزوجة والأمة
وفيـه مسألتان:
المسألة الأولى: أثر هذا التحريم على العين المحرمة:
من تشرك شيئاً من الحلال مما أبيح له من مطعم، أو مشرب، أو ملبس، وغير ذلك، بأن قال: هذا الطعام عليّ حرام، أو هذا اللباس، أو دخول هذا البيت، أو ركوب هذه الدابة، أو إن لم أفعل كذا فهذا الطعام عليّ حرام، ونحو هذا، أو حرمت الزوجة زوجها على نفسها.
فقد اختلف أهل العلم في أثر هذا التحريم على العين المحرمة على قولـين:
القول الأول:
أنه لا أثر لهذا التحريم، فلا تحرم به العين مطلقاً.
وهذا قول جمهور أهل العلم ([49])، ومنهم الأئمة الأربعة.
واحتجوا بما يلي:
1 - قوله تعالى: { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللَّه الكذب } ([50]).
2 - قوله تعالى: { قل أرأيتم ما أنزل اللَّه لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً، قل آللَّه أذن لكم أم على اللَّه تفترون } ([51]).
فاللَّه سبحانه وتعالى لم يجعل للعبد تحريماً ولا تحليلاً، وإنما جعل له تعاطي الأسباب التي تحل بها العين وتحرم كالطلاق والنكاح، والبيع والعتق، وأما مجرد قوله: حرمت كذا، وهو عليّ حرام. فليس إليه([52]).
3 - قوله تعالى: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللَّه لك }، فإذا كان اللَّه سبحانه لم يجعل لرسوله أن يحرم ما أحل اللَّه له، فكيف يجعل لغيره التحريم ؟ ([53]).
4 - حديث عائشة رضي اللَّه عنها أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ " ([54]).
وهذا التحريم كذلك، فيكون مردوداً باطلاً.
5 - حديث عبد الرحمن بن سمرة: أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: " إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيراً منها، فائت الذي هو خير، وكفر عن يمينك"([55]).
فاللَّه عز وجل أمر بفعل المحلوف عليه، ولو كان محرماً لم يأمر به، وسماه خيراً، والمحرم ليس بخير ([56]).
6 - حديث ابن عمر رضي اللَّه عنهما، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحرم الحرام الحلال " ([57]). لكنه ضعيف في إسناده عبد اللَّه بن عمر العمري ([58]).
7 – ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الحرام: "يكفر"([59]).
وجه الدلالة: أن ابن عباس رضي الله عنهما جعل في تحريم الحلال كفارة يمين، فيفيد عدم تحريم تلك العين.
القول الثاني:
أنها تحرم عليه تحريماً مقيد إلى أن يكفر كفارة يمين.
وقد نسبه ابن قدامة وابن القيم لأبي حنيفة ([60])، واحتمال لأبي الخطاب([61]) من الحنابلة.
واحتجوا بما يلي:
1 - قوله تعالى: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللَّه لك تبتغي مرضاة أزواجك واللَّه غفورٌ رحيم % قد فرض اللَّه لكم تحلة أيمانكم... } ([62]).
فاللَّه سبحانه سمى الكفارة تحلة، وهي ما يوجب الحل، فدل على ثبوت التحريم قبلها.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن الكفارة إنما سميت تحلة من الحل الذي هو ضد العقد لا من الحل الذي هو مقابل التحريم، فهي تحل اليمين بعد عقدها.
2 - قوله تعالى: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللَّه لك }، فاللَّه عز وجل سماه تحريماً.
ونوقش: بأن المراد من الآية تحريم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم للأمة أو العسل ([63])، ومنع نفسه منه، وذلك يسمى تحريماً فهو تحريم بالقول لا إثبات للتحريم شرعاً([64]).
3 - ولأنه تحريم لما أبيح لـه، فيحرم بتحريمه كما لو حرم زوجته، وكما إذا ظاهر من امرأته، فإنه لا يحل له وطؤها حتى يكفر ([65]).
ونوقش: بأن الزوجة لا تحرم بتحريمه كما يأتي بيانه قريباً.
قال ابن القيم: " وأما قياسه على تحريم الزوجة بالظهار... فلو صح هذا القياس لوجب تقديم التكفير على الحنث قياساً على الظهار ؛ إذ كان في معناه، وعندهم ([66]) لا يجوز التكفير إلا بعد الحنث، فعلى قولهم: يلزم أحد أمرين ولابد إما أن يفعله حراماً وقد فرض اللَّه تحلة اليمين فيلزم كون المحرم مفروضاً، أو من ضرورة المفروض ؛ لأنه لا يصل إلى التحلة إلا بفعل المحلوف عليه، أو أنه لا سبيل له إلى فعله حلالاً ؛ لأنه لا يجوز تقديم الكفارة فيستفيد بها الحل، وإقدامه عليه وهو حرام ممتنع " ([67]).
الـترجيح:
يترجح - والله الموفق - قول جمهور أهل العلم رحمهم اللـه، وهو أن من حرم شيئاً مما أباحه اللـه لـه لا يحرم عليه، ولا أثر لذلك التحريم؛ لقوة ما استدلوا به، ولأن الأصل في المطاعم والمشارب والملابس ونحوها الإباحة، واللـه عز وجل لم يجعل للمكلف تحليلاً أو تحريماً، وإنما جعل لـه تعاطي الأسباب التي تحل بها العين وتحرم.
المسألة الثانية: لزوم الكفارة بهذا التحريم:
اختلف العلماء في لزوم الكفارة لمن حرم شيئاً مِمَّا أباح اللـه عزوجل على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
أنه تلزمه كفارة يمين.
وهو مذهب الحنفية ([68])، والحنابلة ([69]).
واستدلوا بما يلي:
1 - قول اللـه تعالى: يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللـه لك تبتغي مرضاة أزواجك واللـه غفورٌ رحيم % قد فرض اللـه لكم تحلة
أيمانكم واللـه مولاكم وهو العليم الحكيم } ([70]).
قال ابن القيم: " وهذا صريح في أن تحريم الحلال قد فرض فيه تحلة الأيمان، إما مختصاً به، وإما شاملاً لـه ولغيره، فلا يجوز أن يخلى سبب الكفارة المذكورة في السياق عن حكم الكفارة، ويعلق بغيره، وهذا ظاهر الامتناع " اهـ([71]).
2 - قولـه تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللـه لكم }، ثم قال تعالى بعد ذلك: { لا يؤاخذكم اللـه باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته.... } الآية ([72]).
قال شيخ الإسلام: " ذكر هذا بعد النهي عن التحريم ليبين المخرج من تحريم الحلال إذا عقد عليه يميناً باللـه، أو يميناً أخرى، وبهذا يستدل على أن تحريم الحلال يمين " ([73]).
3 - حديث عائشة رضي اللـه عنها قالت: " آلى رسول اللـه صلى الله عليه وسلم من نسائه وحرم، فجعل الحرام حلالاً، وجعل في اليمين كفارة " ([74]).
فدل هذا الحديث على أن تحريم الزوجة إذا لم يقصد به طلاق يمين فيها كفارة.
ونوقش هذا الاستدلال: بضعف هذا الحديث، لضعف مسلمة بن علقمة ([75]).
4 - حديث عائشة رضي اللـه عنها قالت: " كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يمكث عند زينب بنت بنت جحش، ويشرب عندها عسلاً فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا دخل عليها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير([76]) أكلت مغافير ؟ فدخل على إحداهما فقالت ذلك لـه، فقال: لا بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش، ولن أعود. فنزلت: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللـه لك }... { إن تتوبا إلى اللـه } ([77]) لعائشة وحفصة { وإذ أسر النَّبِيّ إلى بعض أزواجه حديثاً } لقولـه: بل شربت عسلاً، وقال إبراهيم بن موسى ([78]) عن هشام ([79]): " ولن أعود لـه وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحداً " ([80]).
5 - ما ورد عن ابن عباس رضي اللـه عنهما قال في الحرام: "يكفر"([81])، وقال ابن عباس: { لقد كان لكم في رسول اللـه أسوة حسنة } ([82])، وفي لفظ: " أنه كان يقول: في الحرام يمين يكفرها"([83]).
6 - ما رواه مسروق ([84]) قال: " أتي عبد اللـه بضرع ([85]) فأخذ يأكل منه، فقال للقوم: ادنوا فدنا القوم وتنحى رجل منهم، فقال عبداللـه: ما شأنك ؟ قال: إني حرمت الضرع، قال: هذا من خطرات الشيطان، ادن وكفِّر عن يمينك، ثم تلا: { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللـه لكم } ([86]) ([87]).
7 – ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت في الحرام: "يمين تكفر"([88]).
القول الثاني:
أنه لا تلزمه كفارة إلا إن حلف باللـه.
وهو مذهب المالكية ([89])، والشافعية ([90]).
واجتـجـوا بما يلي:
1 - قولـه تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللـه لكم }، وقولـه تعالى: { قل أرأيتم ما أنزل اللـه لكم من رزقٍ فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل آللـه أذن لكم أم على اللـه تفترون}([91]). قال ابن العربي: "فذم اللـه المحرم للحلال، ولم يوجب عليه كفارة "([92]).
ونوقش هذا الاستدلال بعدم التسليم كما تقدم في كلام شيخ الإسلام في الدليل الثاني من أدلة الموجبين للكفارة.
وأيضاً: ليس في الآيتين ذم بل الأولى تتضمن النهي عن تحريم الطيبات، والثانية تتضمن استفهاماً يفيد الإنكار على من يفعلون ذلك.
2 - حديث عائشة رضي اللـه عنها المتقدم، وفيه قولـه صلى الله عليه وسلم : " ولن أعود وقد حلفت، فلا تخبري بذلك أحداً " ([93]).
فدل على أن الكفارة للحلف لا للتحريم ([94]).
ونوقش هذا الاستدلال من وجـوه:
الأول: أنه افتراض دلالة غير حاصلة من الدليل. أنه لم يرد في الحديث التصريح بالحلف باللـه ([95]).
الثاني: أن المراد بقولـه: " وقد حلفت " التحريم ([96]) ؛ إذ تحريم الحلال يمين كما تقدم في أدلة الرأي الأول.
الثالث: أن ما ورد من زيادة الحلف تصرف من بعض الرواة بالمعنى([97])، لقول ابن عباس رضي اللـه عنهما: " فصير الحرام يميناً "([98]).
الرابع: أن قول من قال: إنه حرم وحلف أيضاً لا يسلم، فإن ظاهر الآية لا يدل عليه، وإنَّما فيها التحريم فقط فغير جائز أن يلحق في الآية ماليس فيها، فوجب أن يكون التحريم يميناً لإيجاب اللـه تعالى فيها كفارة يمين بإطلاق لفظ التحريم " ([99]).
3 - ما رواه قتادة ([100]) قال: " كان رسول اللـه صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة، فدخلت فرأت معه فتاته ([101])، فقالت: في بيتي ويومي، فقال: اسكتي فواللـه لا أقربها وهي علي حرام " ([102]).
وروى زيد بن أسلم ([103]) قال: " أصاب رسول اللـه صلى الله عليه وسلم أم إبراهيم ولده في بيت بعض نسائه، فقالت: يا رسول اللـه في بيتي وعلى فراشي فجعلـها عليه حراماً، فقالت: يا رسول اللـه كيف تحرم الحلال ظ فحلف باللـه لا يصيبها فنزلت " ([104]). لكنه مرسل.
4 - أنه قصد تغيير الشرع فلغا ما قصده كما لو قال: هذه ابنتي([105]).
ونوقش هذا الدليل: أن قصده تغيير الشرع لا يبرئه من كفارة اليمين، لما تقدم من الأدلة على وجوبها.
القول الثالث:
أنه تلزمه كفارة ظهار.
وهو قول لابن عباس رضي اللـه عنهما. فقد ورد عنه رضي اللـه عنهما: " في الرجل إذا قال: حرام عليّ أن آكل، أ وقال: هذا طعام عليّ حرام ؟ قال: يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكيناً"([106]).
ونوقش: بأنه مخالف لما ورد عنه رضي اللـه عنهما من أنه تجب عليه كفارة يمين ([107]).
الـترجـيـــح:
الراجح - واللـه الموفق - وجوب كفارة اليمين بتحريم غير الزوجة؛ لقوة ما استدلوا به، وورود المناقشة على أدلة المانعين. وأيضاً فإن المنع من الفعل بالتحريم كالمنع منه باليمين، بل أقوى، فإن اليمين إن تضمن هتك حرمة اسمه سبحانه، فالتحريم تضمن هتك حرمة شرعه وأمره، فإذا شرع الشيء حلالاً فحرمه المكلف كان تحريمه هتكاً لحرمة ما شرعه، ونحن نقول: لم يتضمن الحنث في اليمين هتك حرمة الاسم، ولا التحريم هتك حرمة الشرع... فإن الحنث إما جائز، وإما واجب، أو مستحب، - وإما مكروه وإما محرم - وما جوز اللـه لأحد البتة ان يهتك حرمة اسمه، وقد شرع لعباده الحنث مع الكفارة. وأخبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم " أنه إذا حلف على يمين، ورأى غيرها خيراً منها كفَّر عن يمينه وأتى المحلوف عليه " ([108])، ومعلوم أن هتك حرمة اسمه تبارك وتعالى لم يبح في شريعة قط، وإنَّما الكفارة كما سماها اللـه تعالى تحلة وهي تفعلة من الحل فهي تحل ما عقد به اليمين ليس إلا، وهذا العقد كما يكون باليمين يكون بالتحريم، وظهر سر قولـه تعالى: {قد فرض اللـه لكم تحلة أيمانكم} ([109])، عقيب قولـه: { لم تحرم ما أحل اللـه لك } " اهـ([110]).

المطلب الرابع
تحريــم الأمـــــة
لا فرق فيما تقدم بين الأمة وسائر ما أحلـه اللـه تعالى من المطاعم والمشارب والملابس وغيرها.
فمن حرم أمة لـه، بأن قال: أمتي هذه عليّ حرام ونحو هذا لم تحرم، ولزمه كفارة يمين بوطئها.
وهذا قول جمهور أهل العلم من الحنفية ([111])، والشافعية، والحنابلة([112]).
فالشافعية: لا يرون بتحريم الحلال غير الزوجة كفارة كما تقدم إلا الأمة، فتلزمه كفارة يمين بوطئها.

ووجه التفريق عندهم بين الأمة وغيرها: أن الأبضاع مختصة بالاحتياط، ولشدة قبولـها للتحريم، بدليل تأثير الظهار فيها، بخلاف الأموال.
وأمَّا المالكية: فلا فرق عندهم بين تحريم الأمة وغيرها مِمَّا أحلـه اللـه عز وجل، فلا تلزم بتحريم الأمة كفارة يمين ([113]).
وقد نص المالكية والشافعية ([114]): أنه إذا نوى السيد بتحريم أمته العتق عتقت؛ لأن التحريم كناية من كنابات العتق، فتعتق بالنية.

المطلب الخامس
تحريم الزوجـــة
وفيه مسألتــان:
المسألة الأولى: أن يكون التحريم بغير قصد اليمين:
بأن يقول لزوجته: أنت عليّ حرام، أو يعلقه تعليقاً محضاً لا يقصد منه اليمين أي الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب كأن يقول: إذا دخل شهر شعبان فأنت علي حرام.
فقد تشعبت أقوال العلماء في هذه المسألة، فذكر فيها ابن عبدالبر ثمانية أقوال ([115]) وابن حزم ([116]) اثنى عشر قولاً ([117])، والقرطبـي ثمانية عشر قولاً([118])، وابن القيم في إعلام الموقعين خمسة عشر قولاً، وفي زاد المعاد ثلاثة عشر قولاً([119])، وغيرهم ([120]).
قال القرطبـي: " قال بعض علمائنا: سبب الاختلاف أنه لم يقع في القرآن صريحاً، ولا في السنة نص ظاهر صحيح يعتمد عليه في حكم هذه المسألة، فتجاذبها العلماء... " ([121]).
ومن قال لزوجته: أنت عليّ حرام، فإما أن يريد إنشاء تحريمها، أو الإخبار عنها بأنها حرام، فإن أراد الإخبار فكذب، وإن أراد بقولـه: أنت عليّ حرام إنشاء تحريم زوجته.
فقد اختلف العلماء فيما يترتب على قولـه هذا على أقوال:
القول الأول:
أنه إن نوى الطلاق فهو طلاق، وإن لم ينوه كان يميناً ([122]).
وبه قال طاووس([123])، والزهري ([124])، ورواية عن الحسن([125])، والنخعي([126])، وإسحاق ([127])([128]).
واجتـجـوا بما يلي:
1 - قولـه تعالى: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللـه لك تبتغي مرضاة أزواجك واللـه غفور رحيم % قد فرض اللـه لكم تحلة أيمانكم}([129]).
وجه الدلالة من الآية والأثر: أن الآية دلت على أن التحريم منه كفارة يمين وهذا يشمل الزوجة، وأثر عمر رضي الله عنه دل على أن التحريم طلاق إذ الرجل طلق طلقتين، ثم حرم زوجته، فقال عمر رضي الله عنه: لا أردها عليك. دل على وقوع الطلقة الثالثة.
2 - وروده عن ابن مسعود رضي اللـه عنه أنه قال: " نيته في الحرام ما نوى إن لم يكن نوى طلاقاً، فهي يمين " ([130]).
وعنه قال: " الحرام إن نوى يميناً فهي يمين، وإن نوى طلاقاً فطلاق"([131]).
وعنه قال: " الحرام إن نوى طلاقاً فهي واحدة وهو أملك برجعتها، وإن لم ينو طلاقاً فيمين يكفرها " ([132]).
3 - ما رواه إبراهيم النخعي: " أن رجلاً أتى عمر وقد طلق امرأته تطليقتين، فقال: أنت عليّ حرام، فقال عمر: لا أردها عليك"([133]).
لكنه منقطع. إبراهيم النخعي لم يدرك عمر رضي اللـه عنه ([134]).
4 - ويمكن أن يستدل لـهم أيضاً: أنه كناية في الطلاق، فإذا نواه كان طلاقاً، وإذا لم ينوه كان يميناً.
القول الثاني:
أنها يمين يكفرها كفارة يمين، وظاهره مطلقاً ولو نوى طلاقاً أو ظهاراً.
وهو قول طائفة من السلف منهم: عكرمة([135])، وعطاء([136])، ومكحول([137])، وقتادة، والحسن، وسعيد بن المسيب([138])، وسعيد بن جبير ([139]) ([140]).
وحجة هذا القول ما يلي:
1 - ما تقدم من الأدلة على أن تحريم الحلال غير الزوجة فيه كفارة يمين([141]).
2 - أنه الوارد عن جمع من الصحابة.
فقد روي " أن أبا بكر وعمر وابن مسعود قالوا: من قال لامرأته: هي عليّ حرام فليست بحرام، وعليه كفارة يمين " ([142]).
لكنه ضعيف، ومنقطع ([143]).
ما روي من طريق عكرمة عن عمر رضي اللـه عنه أنه قال: " هي يمين"([144]).
لكنه منقطع. عكرمة لم يدرك عمر.
وروى عطاء عن عائشة رضي اللـه عنها قالت في الحرام: " يمين تكفر"([145]).
وروى قبيصة بن ذؤيب([146]) قال: سألت زيد بن ثابت وابن عمر عمن قال لامرأته: " أنت علي حرام " قالا جميعاً عليه كفارة يمين"([147]).
وروى مجاهد ([148]) أن ابن مسعود قال: " هي يمين يكفرها "([149]).
وروى سعيد بن جبير أنه سمع ابن عباس رضي اللـه عنه يقول: "إذا حرم الرجل عليه امرأته فهي يمين يكفرها، وقال: { لقد كان لكم في رسول اللـه أسوة حسنة } ([150]) " ([151]).
ونوقش الاستدلال بهذه الأدلة: بأنها محمولة على ما إذا لم ينو الطلاق، أو الظهار، مع أن آثار الصحابة مختلفة.
القول الثالث:
أنه إن أراد بالتحريم طلقة - واحدة أو اثنتين – فيقع عليه واحدة بائنة، لا يملك رجعتها وإن نوى طلاق الثلاث فثلاث، وإن أراد الظهار فظهار، وإن أراد الكذب فباطل، وإن مجرد أراد التحريم أو لم يرد شيئاً فإيلاء.
وهو مذهب الحنفية ([152]).
وعند متأخري الحنفية: إذا لم يرد شيئاً فطلاق ؛ لكثرة الاستعمال والعرف فألحق بالصريح.
واحتجـوا بما يلي:
1 - أنه يقع عليه طلقة واحدة بائنة إذا نوى بالتحريم طلقة أو طلقتين، أو أطلق ؛ لأن التحريم من كنايات الطلاق، ولا تصح نية الثنتين ؛ لأنهما عدد محض، بخلاف نية الثلاث.
2 - أن الحرمة نوعان: غليظة، وخفيفة. فكانت نية الثلاث تعين بعض ما يحتملـه اللفظ فيصح، وإذا نوى واحدة كانت واحدة بائنة؛ لأن اللفظ ينبىء عن الحرمة، واللفظ الرجعي لا يوجب الحرمة.
3 – أنه إذا أراد بالتحريم الظهار فليحقه الظهار؛ لأن في الظهار نوع حرمة ([153]).
4 – أنه إن أراد بالتحريم الكذب فباطل ؛ لأنه نوى حقيقة كلامه، إذ حقيقته وصفها بالحرمة، وهي موصوفة بالحل فكان كذباً ([154]).
5 - أنه إن أراد التحريم أو لم يرد شيئاً فإيلاء ؛ لأن تحريم الحلال يمين، وقد حلف على زوجته فيكون إيلاء ([155]).
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: أن طلاق الثلاث والثنتين بدعي، فلا يصار إليه، بإيقاع الطلاق الثلاث والثنتين بالتحريم، وفي الطلاق الرجعي نوع حرمة، والقاعدة الأصولية: تعلق اللفظ المطلق بأقل مسماه ([156])، فيلحقه طلاق رجعي بالتحريم.
الوجه الثاني: لا يسلم أن التحريم المطلق إيلاء ؛ إذ الإيلاء أن يحلف على ترك وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر.
القول الرابع:
أنه طلاق ثلاث في المدخول بها، إلا إن نوى أقل فحسب نيته. وأمَّا غير المدخول بها فطلقة، إلا إن نوى أكثر فحسب نيته.
وقيل: يلزمه واحدة بائنة، إلا إن نوى فحسب نيته.
وهذا المشهور عند المالكية ([157]).
واحتجـوا بما يلي:
1 - ما ورد عن علي رضي اللـه عنه أنه قال: " إذا قال الرجل لامرأته: أنت عليّ حرام فهي ثلاث " ([158]).
وعنه رضي اللـه عنه أنه كان: " الخلية، والبرية، والبتة، والحرام ثلاثاً" ([159]).
2 - أن اللفظ لما اقتضى التحريم وجب أن يترتب عليه حكمه، ولا تحرم الزوجة إلا بالثلاث أو الواحدة البائنة إلا إن نوى فنيته تقيد لفظه.
وأمَّا غير المدخول بها فالواحدة تبينها، إلا إن نوى أكثر، فنيته تقيد لفظه.
ونوقش من وجوه:
الوجه الأول: أن الآثار عن الصحابة مختلفة، فيما يترتب على التحريم من طلاق أو ظهار، أو كفارة يمين.
الوجه الثاني: أن تطليق الزوجة أكثر من واحدة طلاق بدعي محرم، فلا يوقع الطلاق البدعي بالتحريم.
الوجه الثالث: أن المدخول بها يملك الزوج إبانتها بواحدة بائنة([160]).
فأجابـوا: أن الإبانة بالواحدة الموصوفة بأنها بائنة إبانة مقيدة، بخلاف التحريم فإن الإبانة به مطلقة، ولا يكون ذلك إلا بالثلاث.
ورد: بأن إبانة التحريم أعظم تقييداً من قولـه: أنت طالق طلقة بائنة، فإن غاية البائنة أن تحرمها، وهذا قد صرح بالتحريم فهو أولى بالإبانة من قولـه: أنت طالق طلقة بائنة ([161]).
القول الخامس:
إن نوى طلاقاً فعلى ما نوى من العدد، وإن نوى ظهاراً كان ظهاراً، وإن نوى الطلاق والظهار معاً أو متعاقبين بأن نوى أحدهما في أول اللفظ، والآخر في آخره، تخير أحدهما، وإن نوى التحريم أو أطلق ففيه كفارة يمين على الأظهر.
وهذا مذهب الشافعية ([162]).
واحتجـوا بما يلي:
1 - أنه إذا نوى الطلاق أو الظهار وقع ما نواه ؛ لأن كلاً منهما يقتضي التحريم فجاز أن يكنى عنه بالحرام، والكناية تقع بالنية ([163]).
2 - أنه إذا نواهما معاً يتخير أحدهما ؛ لأن الطلاق يزيل النكاح، والظهار يستدعي بقاءه، فلا يثبتان جميعاً ([164]).
3 - أنه إذا نوى التحريم فعليه كفارة يمين ؛ لما تقدم عن ابن عباس رضي اللـه عنهما ([165]).
ولا تحرم عليه لما ورد عن ابن عباس رضي اللـه عنهما: " أن
رجلاً سألـه فقال: إني جعلت امرأتي عليّ حراماً، فقال: كذبت ليست عليك بحرام، ثم قرأ قولـه تعالى: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللـه لك}([166]) " ([167]).
القول السادس:
أنه ظهار ولو نوى طلاقاً أو يميناً.
وهو مذهب الحنابلة ([168])، وهو قول شيخ الإسلام رحمه اللـه
وابن القيم ([169])، والشنقيطي ([170])، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ([171])، لكن عند شيخ الإسلام، وابن القيم، والشيخ محمد بن إبراهيم: إن قصد اليمين فيمين، ويأتي ([172]).
واحتجـوا بما يلي:
1 - ما ورد أن رجلاً أتى ابن عباس فقال: إني جعلت امرأتي عليّ حراماً، قال: " كذبت ليست عليك بحرام، ثم تلا: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم.... } عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة " ([173]).
وعنه رضي اللـه عنه قال: " في الحرام والنذر: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً " ([174]).
ونوقش: بأنه مخالف لما عن ابن عباس رضي اللـه عنهما، كما تقدم قريباً ([175]).
2 - أنه صريح في التحريم فكان ظهاراً وإن نوى غيره، كقولـه: أنت عليّ كظهر أمي ([176]).
ونوقش: بالمنع، بل إذا نوى غير الظهار كاليمين مثلاً، فإنه يقصد بذلك الحث أو المنع، أو التصديق والتكذيب، ولم يقصد التحريم، بخلاف قولـه: أنت عليّ كظهر أمي فإنه صريح في الظهار.
3 - أنه تحريم للزوجة بغير طلاق فوجبت به كفارة الظهار، كما لو قال: أنت علي كظهر أمي ([177]).
ونوقش: بما نوقش به الدليل المتقدم.
4 - أنه لا يخرج عن كونه ظهاراً بنية الطلاق، كما لو قال: أنتِ عليّ كظهر أمي، ونوى به الطلاق، أو قال: أعني به الطلاق، فإنه لا يخرج بذلك عن الظهار عند الأكثرين، إلا على قول شاذ لا يلتفت إليه لموافقته ما كان الأمر عليه الأمر في الجاهلية من جعل الظهار طلاقاً، ونسخ الإسلام لذلك وإبطالـه، فإذا نوى به الطلاق، فقد نوى ما عليه أهل الجاهلية عند إطلاق لفظ الظهار، وقد نوى ما لا يحتملـه شرعاً، فلا تؤثر نيته في تغيير حكم اللـه الذي حكم به بين عباده " ([178]).
ونوقش: بوجود الفرق بين قولـه: أنتِ عليّ كظهر أمي، فهو صريح في الظهار، فلو نوى به طلاقاً لم يقع، وأمَّا قولـه: أنتِ عليّ حرام فمن الكنايات، والكناية تقيدها النية.
وأيضاً: قال ابن العربي: "الظهار حكم شرعي يختص بمعنى فاختص بلفظ، وهذا إنما يلزم لمن يرى مراعاة الألفاظ، ونحن نعتبر المعاني خاصة إلا أن يكون اللفظ تعبدياً"([179]).
5 - أن اللـه تعالى لم يجعل للمكلف التحليل والتحريم وإنَّما ذلك إليه تعالى، وإنَّما جعل لـه مباشرة الأقوال والأفعال التي يترتب عليها التحريم، فإذا قال: أنت عليّ كظهر أمي، أو أنتِ عليّ حرام، فقد قال المنكر من القول والزور، وكذب على اللـه تعالى، فإنه لم يجعلـها عليه كظهر أمه ولا جعلـها عليه حراماً، فقد أوجب بهذا القول المنكر والزور أغلظ الكفارتين وهي كفارة الظهار " ([180]).
ونوقش هذا الاستدلال: بوجود الفرق بين قولـه: أنتِ علي كظهر أمي، وبين قولـه: أنتِ عليّ حرام، كما تقدم في مناقشة الدليل السابق.
القول السابع:
أنها ثلاث تطليقات مطلقاً، وظاهره سواء كانت مدخولاً به أم لا.
وبه قال الحسن البصري، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى([181])([182]).
وحجة هذا القول:
1 - ما ورد عن علي رضي اللـه عنه أنه قال: " إذا قال الرجل لامرأته: أنت عليّ حرام، فهي ثلاث " ([183]).
وورد عن علي رضي اللـه عنه أنه كان " يجعل الخلية، والبرية، والبتة والحرام ثلاثاً " ([184]).
وعنه قال: " الخلية، والبرية، والبتة، والبائن، والحرام، إذا نوى فهي بمنزلة الثلاث " ([185]).
ونوقش: بأنه خلاف الوارد عن علي رضي اللـه عنه بالوقف([186]).
2 - ما ورد عن زيد بن ثابت رضي اللـه عنه أنه كان يقول: " في الحرام ثلاث "([187]).
ونسبه ابن حزم لزيد وابن عمر رضي اللـه عنهم معلقاً([188]).
ونوقش: بأنه خلاف الوارد عنهما بأن في التحريم يميناً([189]).
3 - أن الصحابة رضي اللـه عنهم أفتوا في الخلية والبرية بأنها ثلاث، قال أحمد: هو عن علي وابن عمر صحيح ([190])، ومعلوم أن غاية الخلية والبرية أن تصير إلى التحريم، فإذا صرح بالغاية فهي أولى أن تكون ثلاثاً، ولأن المحرم لا يسبق إلى وهمه تحريم امرأته بدون الثلاث، فكأن هذا اللفظ صار حقيقة عرفية في إيقاع الثلاث ([191]).
ونوقش: أن ما ورد عن الصحابة رضي اللـه عنهم ليس إجماعاً.
وأيضاً: فإن جمع الثلاث طلاق بدعي محرم شرعاً فلا يصار إليه.
وأيضاً: فإن الطلقة الواحدة فيها نوع تحريم، والقاعدة الأصولية: "أن اللفظ المطلق يتعلق بأقل مسماه ".
4 - أن الواحدة لا تحرم إلا بعوض، أو قبل الدخول، أو عند تقييدها بكونها بائنة عند من يراه، فالتحريم بها مقيد، فإذا أطلق التحريم ولم يقيد انصرف إلى التحريم المطلق الذي يثبت قبل الدخول أو بعده، وبعوض وغيره، وهو الثلاث ([192]).
ونوقش: بعدم التسليم كما في مناقشة الدليل السابق.
القول الثامن:
أنه لغو باطل لا يترتب عليه شيء.
وبه قال مسروق،وأبو سلمة ([193]) بن عبد الرحمن، وعطاء، والشعبي([194])، وهو قول الظاهرية ([195]).
ودليلـهم ما يلي:
1 - قولـه تعالى: { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم هذا الكذب هذا حلال وهذا حرام } ([196]).
2 - قولـه تعالى: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللـه لك...}([197]).
وأن سبب نزولـها: ما رواه أنس رضي اللـه عنه: " أن رسول اللـه
صلى الله عليه وسلم كانت لـه أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه، فأنزل اللـه عز وجل: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللـه لك... } "([198]).
والمحرم شرعاً ليس عليه أمر الله ولا رسوله فيكون لغواً لا يترتب عليه أثره.
3 - ما روته عائشة رضي اللـه عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ " ([199]).
وتحريم الزوجة عمل ليس عليه أمر الله، ولا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم .
ونوقش الاستدلال بهذه الأدلة:
أن كون الشيء محرماً ليس عليه أمر اللـه ولا أمر رسولـه صلى الله عليه وسلم لا يلزم منه عدم ترتب أثر عليه، فالظهار محرم ليس عليه أمر اللـه ولا رسوله، ويترتب عليه أثره من تحريم قربان المرأة حتى يكفر، وإيجاب الكفارة، وكذا الإيلاء محرم ويترتب عليه أثره من ضرب المدة، وإيجاب كفارة اليمين بالحنث.
4 - ما رواه سعيد بن جبير أنه سمع ابن عباس رضي اللـه عنهما يقول: " إذا حرم امرأته ليس بشيء لكم في رسول اللـه صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة"([200]).
ونوقش: بأن المراد عدم تحريم العين، دون ما يترتب على ذلك من كفارة، وغير ذلك ([201]).
5 - أنه لا فرق بين تحريم الحلال، وتحليل الحرام، وكما أن هذا الثاني لغو لا أثر لـه، فكذلك الأول ([202]).
ونوقش: بأنه هذا مسلم من جهة تحريم العين، أمَّا من جهة ترتب أثر هذا التحريم من كفارة وغيرها فغير مسلم.
5 - أن ما سوى هذا القول أقوال مضطربة متعارضة يرد بعضها بعضاً، فلا تحرم الزوجة بشيء منها بغير برهان من اللـه ورسولـه، فنكون قد ارتكبنا أمرين: تحريمها على الأول، وإحلالها لغيره، والأصل بقاء النكاح حتى تجمع الأمة، أو يأتي برهان من الله ورسوله على زواله، فيتعين القول به([203]).
ونوقش: بأن تعارض أقوال العلماء لا يلزم منه إبطال أثره إذا دل على ذلك النص ([204]).
القول التاسع:
التـوقـف.
وهو مروي عن علي رضي اللـه عنه.
فقد روى الشعبي عنه أنه قال: " في الرجل يجعل امرأته حراماً، قال: يقولون: إن علياً رضي اللـه عنه جعلـها ثلاثاً، ما قال رضي اللـه عنه هذا إنَّما قال: لا أحلـها ولا أحرمها " ([205]).
ونوقش هذا: بأنه مخالف لما ورد عن علي من أنها ثلاث ([206]).
قال ابن عبد البر: " الصحيح عن علي خلاف ما قال الشعبي من وجوه يطول ذكرها، أنه كان يرى الحرام ثلاثاً لا تحل لـه إلا بعد زوج " ([207]).
وعلل ابن القيم لـهذا القول: أن التحريم ليس بطلاق، والزوج لا يملك تحريم الحلال إنَّما يملك السبب الذي تحرم به وهو الطلاق، وهذا ليس بصريح في الطلاق، ولا هو مِمَّا له عرف الشرع في تحريم الزوجة فاشتبه الأمر فيه ([208]).
ونوقش: بأن التحريم من كنايات الطلاق فيقع مع النية، وإلا لزمته كفارة يمين كما تقدم في الأدلة.
الـترجـيـــح:
يترجح - واللـه أعلم - قول من قال تلزمه كفارة يمين، إلاّ إن قصد الطلاق، أو الظهار فيقع ما نواه ؛ إذ تحريم الزوجة من كنايات الطلاق، والطلاق يقع بالكناية مع النية.
قال ابن القيم: " وقد أوقع الصحابة الطلاق بأنت حرام، وأمرك بيدك، واختاري، ووهبتك، وأنت خلية، وقد حلوت مني، وأنت برية، وقد أبرأتك، وأنت مبرأة، وحبلك على غاربك " ([209]) ([210]).
وقال الشوكاني: " وأمَّا من أراد طلاقها بذلك اللفظ - أي تحريمها- فليس في الأدلة ما يوجب اختصاص الطلاق بألفاظ مخصوصة وعدم جوازه بما سواها، وليس في قولـه تعالى: { فإن طلقها فلا تحل لـه من بعد... } ([211]) ما يقضي بانحصار الفرقة في لفظ الطلاق، وقد ورد الإذن بما عداه من ألفاظ الفرقة كقولـه صلى الله عليه وسلم لابنة الجون: " الحقي بأهلك"([212]).
وأيضاً فإن الله تعالى قال: { فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان } ([213])، وظاهره: أنه لو قال: سرحتك لكفى في إفادة معنى الطلاق، وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز التجوز لعلاقة مع قرينة في جميع الألفاظ إلا ما خُصَّ، فما الدليل على امتناعه في باب الطلاق؟!"اهـ([214]).
وكذا إن نوى الظهار وقع ما نواه ؛ لما علل به شيخ الإسلام، وابن القيم ([215]).
المسألة الثانية:
أن يكون التحريم بقصد اليمين
وذلك مثل أن يقول: إن لم أفعل كذا فزوجتي عليّ حرام، أو إن فعلت كذا فزوجتي عليّ حرام، أو إن لم يكن هذا الخبر صدقاً فزوجتي عليّ حرام، أو إن كان كذباً فزوجتي عليّ حرام، وهكذا، يقصد الحث أو المنع، والتصديق أو التكذيب.
فاختلف أهل العلم في ذلك على عدة أقوال:
القول الأول:
أنه يمين تلزمه كفارة يمين بالحنث فيها.
وهذا اختيار شيخ الإسلام ([216])، وابن القيم ([217])، والشيخ محمد ابن إبراهيم ([218]).
وهذه المسألة من المسائل التي خالف فيها شيخ الإسلام الأئمة الأربعة فهو يفرق بين التعليق المحض، كقوله: إذا دخل شهر شعبان ([219]) فأنت علي حرام، وبين التعليق القسمي كما في المثال السابق.
وحجة هذا القول:
أن ألفاظ الطلاق والظهار والعتاق والنذر والإيجاب والتحريم، إذا قصد بتعليقها الحث أو المنع، أو التصديق، أو التكذيب يمين، ويدل لـهذا ما يلي:
1 - قولـه تعالى: { لا يؤاخذكم اللـه باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين } ([220]).
قال ابن القيم: " فهذا صريح في أن كل يمين منعقدة، فهذه كفارتها... فالواجب تحكيم هذا النص العام، والعمل بعمومه حتى يثبت إجماع الأمة إجماعاً متيقناً على خلافه " ([221]).
2 - قولـه تعالى: { قد فرض اللـه لكم تحلة أيمانكم } ([222]). وهذه الآية متناولة لكل يمين منعقدة يحلف بها المسلمون من غير تخصيص إلا بنص أو إجماع ([223]).
قال شيخ الإسلام: ( وذكره سبحانه بصيغة الخطاب للأمة بعد تقدم الخطاب بصيغة الإفراد للنبي صلى الله عليه وسلم ، مع علمه سبحانه بأن الأمة يحلفون بأيمان شتى، فلو فرض يمين واحدة ليس لـها تحلة لكان مخالفاً للآية...
فإن قيل: المراد بالآية اليمين باللـه، فإن هذا هو المفهوم من مطلق اليمين... ؟
فيقال: لفظ اليمين شمل هذا كلـه بدليل استعمال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والصحابة والعلماء اسم اليمين في هذا كلـه كقولـه صلى الله عليه وسلم : " النذر حلف"([224])، وقول الصحابة لمن حلف بالـهدي والعتق كفِّر عن يمينك...) ([225]).
3 - حديث أبي موسى رضي اللـه عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: " إني واللـه إن شاء اللـه لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها "، وفي رواية: " إلا كفّرت عن يمينـي وأتيت الذي هو خير " ([226]).
قال شيخ الإسلام: " فهذه نصوص رسول اللـه صلى الله عليه وسلم أنه أمر من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير، ولم يفرق بين الحلف باللـه أو النذر ونحوه " ([227]) -كاليمين بالإيجاب والتحريم -.
4 - ما رواه سعيد بن المسيب: " أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدهما صاحبه القسمة، فقال: إن عدت تسألني القسمة فكل مالي في رتاج الكعبة ([228])، فقال عمر: إن الكعبة غنية عن مالك كفِّر عن يمينك وكلم أخاك، سمعت رسول اللـه صلى الله عليه وسلم يقول: لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب ولا في قطيعة الرحم وفيما لا يملك"([229]).
قال شيخ الإسلام: " فهذا عمر بن الخطاب أمر هذا الذي حلف بصيغة الشرط ونذر اللجاج والغضب أن يكفّر يمينه، وأن لا يفعل ذلك المنذور، واحتج بما سمعه من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يمين عليك، ولا نذر في معصية الرب، ولا في قطيعة الرحم وفيما لا يملك "، ففهم من هذا أن من حلف يميناً، أو نذراً على معصية، أو قطيعة فإنه لا وفاء عليه في ذلك وإنَّما عليه الكفارة كما أفتاه عمر، ولولا أن هذا النذر كان عنده يميناً لم يقل لـه كفر عن يمينك وإنَّما قال صلى الله عليه وسلم : " لا يمين ولا نذر " لأن اليمين ما قصد بها الحض أو المنع، والنذر ما قصد به التقرب، وكلاهما لا يوفى به في المعصية والقطيعة.
وفي هذا الحديث دلالة أخرى وهو أن قول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : " لا يمين ولا نذر في معصية الرب، ولا في قطيعة الرحم " يعم جميع ما يسمى يميناً أو نذراً سواء كانت اليمين باللـه، أو كانت بوجوب ما ليس بواجب من الصدقة أو الصيام أو الحج أو الـهدي، أو كانت بتحريم الحلال كالظهار والطلاق والعتاق، ومقصود النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إما أن يكون نهيه عن المحلوف عليه من المعصية والقطيعة فقط، أو يكون مقصوده مع ذلك لا يلزمه ما في اليمين والنذر من الإيجاب والتحريم وهذا الثاني هو الظاهر ؛ لاستدلال عمر بن الخطاب به، فإنه لولا أن الحديث يدل على هذا لم يصح استدلال عمر رضي الله عنه على ما أجاب به السائل من الكفارة دون إخراج المال في كسوة الكعبة " ([230]).
5 - ما رواه أبو رافع([231]) أن مولاةً لـه أرادت أن تفرّق بينه وبين امرأته فقالت: "هي يوماً يهودية، ويوماً نصرانية، وكل مملوك لـها حر إن لم تفرق بينهما، فسألتْ عائشةَ وابنَ عباس وحفصةَ وأمَّ سلمة رضي اللـه عنهم، فكلـهم قال لـها: أتريدين أن تكوني مثل هاروت وماروت؟، فأمروها أن تكفّر عن يمينها وتخلي بينهما" ([232]) ([233]).
قال ابن القيم: ( وصحّ عن ابن عمر، وعائشة، وأم سلمة أمّي المؤمنين " أنهم جعلوا في قول ليلى بنت العجماء - كل مملوك لـها حر، وكل مالٍ هَدْيٌ، وهي يهوديةٌ ونصرانيةٌ، إن لم تطلق امرأتك - كفارة يمين واحدة " ([234]).
6 - قال شيخ الإسلام: "... وإذا كان كذلك فالحلف بالنذر والطلاق ونحوهما هو حلف بصفات اللـه، فإنه إذا قال: إن فعلت كذا فعلي الحج فقد حلف بإيجاب الحج عليه، وإيجاب الحج حكم من أحكام اللـه تعالى وهو من صفاته، وكذا لو قال: فعلي تحرير رقبة، وإذا قال: فامرأتي طالق، وعبدي حر فقد حلف بإزالة ملكه الذي هو تحريمه عليه، والتحريم من صفات اللـه كما أن الإيجاب من صفات اللـه".
7 - أن الاعتبار في الكلام بمعنى الكلام لا بلفظه، وهذا الحالف ليس مقصوده قربة للـه، وإنَّما مقصوده الحض على الفعل أو المنع، وهذا معنى اليمين، وإذا علق الحالف الحض والمنع باللـه تعالى أجزأته الكفارة فلأن تجزئه إذا علق به وجوب عبادة أو تحريم مباح بطريق الأولى؛ لأنه إذا علقه باللـه ثم حنث كان موجب حنثه أنه قد هتك إيمانه باللـه حيث لم يف بعهده، وإذا علق به وجوب فعل أو تحريمه فإنَّما يكون موجب حنثه ترك واجب أو فعل محرم، ومعلوم أن الحنث الذي موجبه خلل في التوحيد أعظم مِمَّا موجبه معصية من المعاصي...) ([235]).
القول الثاني:
أن حكم الحلف بتحريم الزوجة حكم قولـه: أنت عليّ حرام، ولا فرق، وقد تقدم بيان ذلك.
وهذا قول جمهور أهل العلم.
استدل الجمهور بالأدلة الآتية:
1 - عمومات أدلة وقوع الطلاق والظهار، كقولـه تعالى: {الطلاق مرتان} ([236])، وقولـه تعالى: {يا أيها النَّبِيّ إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} ([237]).
وقولـه تعالى: {الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن إمهاتكم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً}.
وهذا يشمل ما إذا حرم زوجته بنية الطلاق، أو الظهار، سواء كان هذا التحريم معلقاً بقصد الحث أو المنع... أو غير معلق.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن هذه العمومات خص منها ما إذا قصد بتعليقه الحث أو المنع أو التكذيب أو التصديق.
2 - ما ورد عن أبي ذر رضي اللـه عنه أنه قال لامرأته وقد ألحت عليه في سؤالـه عن ليلة القدر: "إن عدت تسألين عن ليلة القدر فأنت طالق"([238]).
وعمومه يشمل وقوع الطلاق نواه، أو نوى المنع، ونحوه.
ونوقش: بضعفه([239]).
3 - ما رواه نافع([240]) قال: "طلق رجل امرأته البتة إن خرجت، فقال ابن عمر: إن خرجت فقد بتت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء"([241]).
4 - ما رواه الثوري ([242]) عن ابن مسعود رضي اللـه عنه في رجل قال لامرأته: إن فعلتِ كذا وكذا فأنت طالق، قال: " هي واحدة وهو أحق بها"([243]).
ونوقش: بأنه منقطع ([244]).
قال ابن القيم: " اليمين بالطلاق والعتاق إلزام الحالف بهما إذا حنث بطلاق زوجته، وعتق عبده مِمَّا حَدَث الإفتاء به بعد انقراض عصر الصحابة، فلا يحفظ عن صحابي في صيغة القسم إلزام الطلاق به أبداً، وإنَّما المحفوظ بصيغة الشرط والجزاء الذي قصد به الطلاق عند وجود الشرط.... فهذا لا ينازع فيه إلاّ من يمنع وقوع الطلاق المعلق بالشرط مطلقاً، وأمَّا مَن فصل بين القسم المحض والتعليق الذي يقصد به الوقوع فإنه يقول بالآثار المروية عن الصحابة في الوقوع وعدمه، ولا يؤخذ ببعض فتاويهم ويُتْرَك بعضها..."([245]).
5 - أنه خلاف القياس على الشرط والجزاء المقصودين كقولـه: إن أبرأتينـي فأنت طالق ([246]).
ونوقش: أنه قياس مع الفارق ؛ لأن الحلف بالطلاق ونحوه لم يقصد به وقوع الجزاء، وإنَّما قصد به الحث أو المنع... وأمَّا الشرط المقصود ولم يرد به الحث أو المنع... فقد قصد فيه الجزاء.
6 -أنه حكم معلق بشرط فوجب عند ثبوته كسائر الأحكام([247]).
ونوقش هذا الاستدلال: بعدم التسليم ؛ لوجود الدليل على عدم الإلحاق.
الـترجـيـــح:
الراجح - واللـه أعلم - ما اختاره شيخ الإسلام رحمه اللـه من أن الحلف بالتحريم إذا قصد به الحث أو المنع، أو التصديق أو التكذيب يمين فيه كفارة يمين؛ لقوة دليلـه، والإجابة عن أدلة المخالفين.

المطلب السادس:
أن يكون التحريم بلفظ عـام
مثل أن يقول: الحل عليّ حرام، أو ما أحل اللـه عليّ حرام، أو حلال المسلمين عليّ حرام.
فجمهور أهل العلم ([248]): أنه لا فرق بين اللفظ العام والخاص.
فإن نوى باللفظ العام الزوجة وقع التحريم عليها، وقد تقدم بيان حكم تحريم الزوجة ([249]).
وإن نوى غير الزوجة كطعام وشراب وغيرهما وقع التحريم على ما نواه، وقد تقدم بيان حكمه ([250]).
وإن أطلق شمل التحريم الزوجة وغيرها.
وعند الحنفية في ظاهر الرواية: أنه عند الإطلاق ينصرف للطعام والشراب فقط، وعلى هذا فيحنث بالأكل والشرب.
وإذا نوى الزوجة يشمل الزوجة والطعام والشراب.
وعند المتأخرين، وهو المفتى به: أنه يكون هذا التحريم طلاقاً بائناً([251]).
ودليلـهم على ذلك العرف إذ مرجع الأيمان عند الحنفية للعرف([252])، وتحريم الحلال عند الحنفية يمين.
والراجح - واللـه الموفق - قول جمهور أهل العلم ؛ إذ إن اللفظ مطلق، ونيته تقيد مطلق لفظه، فإن لم ينو شمل الزوجة وغيرها.
فــــــرع:
اختلف الحنابلة ([253]) القائلون بأن تحريم الزوجة ظهار، هل يلزمه كفارة ظهار وكفارة يمين، إذا حرم بلفظ عام على قولين:
القول الأول: أنه تلزمه كفارة واحدة للظهار.
وهذا هو المذهب عند الحنابلة.
وحجته: أنها يمين واحدة، فلا توجب كفارتين، كما لو تظاهر من امرأتين، أو حرم من مالـه شيئين ([254]).
ونوقش: بالفرق، فالسبب هنا مختلف ظهار ويمين، بخلاف ما لو تظاهر من امرأتين، أو حرم من مالـه شيئين فالسبب متحد.
والقول الثاني: أنه يلزمه كفارتان كفارة للظهار، وكفارة لليمين.
وهو رواية عن أحمد.
وحجته: أن التحريم يتناولـهما، وكل واحد منهما لو انفرد أوجب كفارة، فكذلك إذا اجتمعا ([255]).
ونوقش: بعدم التسليم، بل اليمين واحدة، فلا تجب عليه كفارتان كما لو حلف باللـه أن يأكل من هذا الطعام، ويشرب من هذا الماء.
ورد هذا بالفرق، فلا تلزمه إلا كفارة واحدة ؛ لأن السبب واحد، إذ هو يمين واحد، بخلاف التحريم بلفظ عام، فاشتمل على الظهار واليمين.
وعلى هذا فالأقرب القول الثاني، واللـه أعلم.

خاتمة في نتائج البحث
بعد الدراسة السابقة لكلام أهل العلم في مسألة تحريم الحلال أخلص إلى النتائج الآتية:
1 - لا يجوز تحريم ما أحل اللـه عز وجل لعباده من مشارب، ومطاعم، ومناكح.
2 - لا أثر لتحريم غير الزوجة على العين المحرمة.
3 - وجوب كفارة اليمين في تحريم غير الزوجة.
4 - من حرم زوجته وقع ما نواه من طلاق أو ظهار، وإلا لزمته كفارة يمين.
5 - إذا حلف بتحريم زوجته فيمين مكفرة مطلقاً، إذا حنث في يمينه، وإلا لم يلزمه شيء.
6 - لا فرق في التحريم بين اللفظ العام أو الخاص، فإن نوى شيئاً فعلى ما نوى، وإلا شمل الزوجة وغيرها.
7 - من نوى بتحريمه العام الزوجة وغيرها لزمه كفارتان للظهار واليمين. وآخر دعوانا أن الحمد للـه رب العالمين، وصلى اللـه وسلم وبارك على نبينا محمد وآلـه وصحبه.
-------------
([1]) سـورة البقرة: 286.
([2]) سـورة الحج: 78.
([3]) سـورة النساء: 147.
([4]) أخرجه البخاري في العلم، باب الدين يسر رقم (39).
([5]) سـورة المائدة: 87.
([6]) فتح الباري 9/272.
([7]) يوسف بن مَاهِك بن بُهْزَاد الفارسي المكي، ثقة، مات سنة 106هـ، وقيل: قبل ذلك. ( التقريب 2/382).
([8]) أخرجه البيهقي 7/351 وسنده صحيح كما في فتح الباري 9/372.
([9]) القاموس المحيط 2/268، والنهاية 2/321، ولسان العرب 3/197، والمصباح 1/257.
([10]) من مختصر منهاج القاصدين 324 بتصرف.
([11]) فتاوى شيخ الإسلام 10/615.
([12]) الفوائد ص118.
([13]) ينظر: القاموس 3/96، ولسان العرب 8/388، والمصباح المنير 2/655.
([14]) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 10/615.
([15]) الفوائد ص118.
([16]) من فتاوى شيخ الإسلام 10/615-618 بتصرف.
([17]) الفوائد 118.
([18]) سورة الحديد: 20.
([19]) في قوله تعالى: ) وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ( [ آل عمران: 185، الحديد: 20].
([20]) أخرجه الإمام أحمد 1/393، والترمذي في الزهد، باب قياس الدنيا بالنسبة للآخرة (3324)، وابن ماجه في الزهد، باب مثل الدنيا (4109)، والحاكم 4/310، وصححه الترمذي.
([21]) طريق الهجرتين 453-456 ط. قطر، بتصرف.
([22]) أحمد بن فارس بن زكريا، أبو الحسين الرازي، من أئمة اللغة، من مصنفاته: المجمل، ومعجم مقاييس اللغة، وفقه اللغة، مات سنة (395هـ). (وفيات الأعيان 1/118، وسير أعلام النبلاء 17/103).
([23]) سورة الأنبياء: 10.
([24]) ميمون بن قبس بن جندل، يكنى بأبي بصير، أدرك الإسلام ولم يسلم، قال أبو عبيد: طوابع الشعراء المتقدمين. ( طبقات الشعراء ص25 ).
([25]) ديوان الأعشى ص201.
([26]) معجم مقاييس اللغة 2/44.
([27]) الصحاح 5/1896، لسان العرب 12/119، مادة ( حرم ).
([28]) المصباح المنير 1/132، مادة ( حرم ).
([29]) معجم مقاييس اللغة، 2/45، مادة (حلل).
([30]) الصحاح 4/1673، ولسان العرب 11/166، مادة (حلل).
([31]) الصحاح 4/1673، والمصباح المنير 1/147، ولسان العرب 11/166 مادة (حلل).
([32]) سورة التحريم، آية: 1، 2.
([33]) سورة التوبة، آية: 43.
([34]) سورة الصف، آية: 1.
([35]) مجموع الفتاوى 35/329.
([36]) محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري، القرطبـي، المالكي، أبو عبداللَّه، فقيه، مفسر، محدث، من كتبه: الجامع لأحكام القرآن، والتذكرة، وغيرهما، مات سنة (671هـ). ( شجرة النور الزكية ص197، والديباج المذهب 2/308).
([37]) إبراهيم بن السري بن سهل النحوي، أبو إسحاق، من أئمة العربية، من كتبه: كتاب معاني القرآن، والعروض، والقوافي، وغيرها، مات سنة (311هـ). (إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين ص12).
([38]) أحكام القرآن للقرطبـي 18/180.
([39]) سورة النحل: 16.
([40]) أحكام القرآن للقرطبـي 10/196.
([41]) سورة النحل: 16.
([42]) سورة يونس، آية: 59.
([43]) التحريم: 1.
وانظر أيضاً: كلام ابن حزم في: المحلى 10/128: أن تحريم الزوجة منكر مردود. وانظر أيضاً: بدائع الصنائع 3/167.
([44]) الفروع 6/340.
([45]) أخرجه البخاري في الأيمان، باب لا تحلفوا بآبائكم (6646) ، ومسلم في الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير اللَّه (1646).
([46]) ينظر: حاشية ابن عابدين 3/434، والقوانين الفقهية ص106،، والشرح الصغير 2/193، ومغني المحتاج 4/324، والقواعد النورانية ص256، ومجموع الفتاوى 35/262، والفروع 6/340، وشرح المنتهى 3/422.
([47]) الفروع 3/340.
([48]) الاختيارات ص479.
([49]) تبيين الحقائق 3/115، ومجمع الأنهر 1/547، والبحر الرائق 4/318، والمدونة مع مقدمات ابن رشد 2/32، والشرح الكبير مع حاشيته 2/135، والمغني 13/505، والشرح الكبير 6/86، والإشراف 1/417، والتنبيه ص194، والهداية لأبي الخطاب 2/118، والمحرر 2/55، والمبدع 7/283.
([50]) سورة النحل: 16.
([51]) سورة يونس آية: 59.
([52]) زاد المعاد 5/307.
([53]) زاد المعاد 5/307.
([54]) أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم في البيوع، باب النجش، بعد حديث (2141) ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة 3/1343.
([55]) أخرجه البخاري في الأيمان، باب الكفارة قبل الحنث وبعده (ح6722)، ومسلم في الأيمان، باب ندب من حلف فرأى غيرها خيراً... (ح3/1273).
([56]) المغني 13/505.
([57]) أخرجه ابن ماجه في النكاح، باب لا يحرم الحرام الحلال (ح2015).
([58]) عبد اللَّه بن عمر العمري المدني أبو عبد الرحمن، ضعيف، عابد، مات سنة71هـ. ( التقريب 1/435 ).
([59]) أخرجه البخاري في التفسير، باب تفسير سورة التحريم (4911).
([60]) نسبه في المغني 13/505 لأبي حنيفة، وتابعه على ذلك ابن القيم في زاد المعاد 5/307، ولم أقف عليه في كتب الحنفية، ومذهب الحنفية كمذهب الجمهور.
([61]) الهداية 2/118.
وأبو الخطاب هو: محفوظ بن أحمد بن حسن العراقي الكلوذاني، من أذكياء الرجال، ومن علماء الفقه والحديث، من كتبه: الهداية، والخلاف الكبير، والخلاف الصغير. توفي سنة (510هـ). ( ذيل طبقات الحنابلة 3/116، وسير أعلام النبلاء 19/350 ).
([62]) سورة التحريم: 1، 2.
([63]) انظر -صلى اللَّه عليه وسلم- 14.
([64]) المغني 13/505، زاد المعاد 3/314.
([65]) المصدر السابق.
([66]) أي الحنفية.
([67]) زاد المعاد 3/413.
([68]) أحكام القرآن للجصاص 3/466، وتبيين الحقائق 3/115، والبحر الرائق 4/318، والفتاوى الهندية 2/55.
([69]) المغني 13/466، والشرح الكبير مع الإنصاف 27/503، والهداية 2/118، وشرح المنتهى 3/426.
([70]) سورة التحريم: 1، 2.
([71]) زاد المعاد 3/316.
([72]) سورة المائدة آية: 87-89.
([73]) مجموع الفتاوى 14/450.
([74]) أخرجه الترمذي في الطلاق، باب ما جاء في الإيلاء (ح1201)، والبيهقي في السنن الكبرى 10/352.
([75]) مسلمة بن علقمة المازني، وثقه يحيى بن معين، وضعفه أحمد، فقال: شيخ ضعيف روى عن داود مناكير، قال الذهبي: من مناكيره روايته عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة في إيلاء النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ( ميزان الاعتدال 4/109 ).
([76]) صمغ شبيه بالناطف ينضحه العُرْفط، يوضع في ثوب، ثم ينضح بالماء فيشرب. لسان العرب 5/28، مادة ( غفر ).
([77]) سورة التحريم، آية 1، 5.
([78]) إبراهيم بن موسى بن يزيد التميمي، أبو إسحاق الفراء الرازي، يلقب بالصغير، ثقة حافظ، مات بعد العشرين ومائتين. ( التقريب 1/44 ).
([79]) هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه، ربما دلس. (التقريب 1/319).
([80]) أخرجه البخاري في الأيمان والنذور، باب إذا حرم طعاماً (ح6691)، ومسلم في الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته (ح1474).
([81]) أخرجه البخاري في التفسير، باب تفسير سورة التحريم (ح4911).
([82]) سورة الأحزاب: 21.
([83]) أخرجه مسلم في الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته (ح1473).
([84]) مسروق بن الأجدع بن مالك، أحد الأعلام، أبو عائشة الكوفي، ثقة فقيه عابد مخضرم. (تاريخ بغداد 13/232، وتقريب التهذيب 2/242 ).
([85]) في المصباح 1/361: " والضرع لذات الظلف كالثدي للمرأة، والجمع ضروع، مثل: فَلْس، وفُلُوس ".
([86]) سورة المائدة: 87.
([87]) أخرجه الحاكم 2/313، وصححه على شرطهما، وأقره الذهبي، وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد 4/190 للطبراني في الكبير، وقال: " رجاله رجال الصحيح"، وعزاه في فتح الباري 11/498 بنحوه لجامع الثوري، وابن المنذر، وصححه.
([88]) أخرجه ابن أبي شيبة 5/73، والدارقطني 4/66، والبيهقي في السنن 7/351.
([89]) المدونة مع مقدمات ابن رشد 2/32، وأحكام القرآن لابن العربي 4/1847، والشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي 2/135.
([90]) الإشراف 1/417، والتنبيه ص194، وروضة الطالبين 8/28، ومغني المحتاج 3/283.
([91]) سورة يونس، آية: 59.
([92]) أحكام القرآن لابن العربي 4/1846.
([93]) تقدم ص15.
([94]) أحكام القرآن للقرطبـي 18/180، وفتح الباري 9/378.
([95]) المصدر السابق.
([96]) فتح القدير لابن الهمام 3/372، وأحكام القرآن للقرطبـي 9/331.
([97]) إعلاء السنن 11/379.
([98]) أخرجه الطبري في تفسيره 28/101 وسنده صحيح.
([99]) أحكام القرآن للجصاص 3/364.
([100]) قتادة بن دعامة السدوسي، مفسر، حافظ، عالم بالعربية وأيام العرب والنسب، مات سنة (117هـ). ( تهذيب التهذيب 4/64 ).
([101]) المراد بقوله: "فتاته" أم ولده إبراهيم عليه السلام كما في رواية زيد بن أسلم. (تفسير ابن جرير 21/147).
([102]) أخرجه أبو داود في المراسيل ص202، رقم (240).
([103]) زيد بن أسلم العدوي، مولى عمر، أبو عبد اللَّه، المدني، ثقة عالم وكان يرسل. ( التقريب 1/272 ).
([104]) أخرجه ابن جرير في تفسيره 12/147.
([105]) الشرح الكبير مع الإنصاف 27/504.
([106]) أخرجه ابن حزم 10/125، وصححه.
([107]) انظر ص16.
([108]) تقدم تخريجه ص10.
([109]) سورة التحريم: 2.
([110]) زاد المعاد 5/316، 317.
([111]) تبيين الحقائق 3/115، والبحر الرائق 4/318، ومجمع الأنهر 1/547.
([112]) روضة الطالبين 8/28، ومغني المحتاج 3/283، والشرح الكبير مع الإنصاف 27/503.
([113]) أحكام القرآن لابن العربي 4/1851، والشرح الصغير للدردير 1/134، وبلغة السالك 1/134، وحاشية الدسوقي 2/135.
([114]) المصادر السابقة للمالكية والشافعية.
([115]) الاستذكار 17/38.
([116]) علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، كان حافظاً واسع العلم والذكاء، من كتبه: المحلى، والأحكام في أصول الفقه، والفصل في الملل والنحل، مات سنة (459هـ). ( شذرات الذهب 3/399، والأعلام 4/25 ).
([117]) المحلى 10/124.
([118]) أحكام القرآن للقرطبـي 18/180.
([119]) إعلام الموقعين 3/64، وزاد المعاد 5/300.
([120]) كابن العربي في أحكام القرآن 4/1847، وابن حجر في فتح الباري 8/524، والعينـي في عمدة القاري 19/454، والشوكاني في نيل الأوطار 6/264.
([121]) أحكام القرآن للقرطبـي 18/180.
([122]) أي في تحريمه كفارة يمين.
([123]) طاووس بن كيسان الخولاني، أبو عبد الرحمن، من كبار التابعين في الحديث والفقه. مات سنة (106هـ). (تهذيب التهذيب 5/8).
([124]) محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، من حفاظ التابعين، ومن أئمة الحديث، مات سنة (124هـ). ( سير أعلام النبلاء 5/326، وتذكرة الحفاظ 1/108).
([125]) الحسن بن أبي الحسن البصري، أبو سعيد، من أئمة التابعين، مات سنة (110هـ). ( طبقات الحفاظ ص28، وتقريب التهذيب 1/165).
([126]) إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، أبو عمران من كبار التابعين، وأئمة الحديث. توفي سنة (96هـ). ( طبقات ابن سعد 6/188، وتهذيب التهذيب 1/177).
([127]) إسحاق بن أبي الحسن المروزي، المعروف بابن راهويه، قال الإمام احمد: إسحاق عندنا إمام من أئمة المسلمين، مات سنة (238هـ). (سير أعلام النبلاء 11/358، ووفيات الأعيان 1/199).
([128]) مصنف عبد الرزاق 6/401، والمحلى 10/125، وفتح الباري 8/524، ونيل الأوطار 6/265.
([129]) سورة التحريم: 1.
([130]) أخرجه البيهقي 7/351، وفي معرفة السنن 5/485 من رواية الشافعي عن أبي يوسف عن أشعث عن الحكم عن إبراهيم النخعي عنه.
([131]) أخرجه البيهقي 7/351 من رواية الثوري عن أشعث عن الحكم عن إبراهيم عنه.
([132]) أخرجه عبد الرزاق 6/401 من رواية الثوري عن أشعث عن الحكم عن إبراهيم عنه، وأخرجه ابن أبي شيبة 5/72 من طريق شريك عن مخول بن راشد عن الشعبي، وأخرجه سعيد بن منصور (ح1692) من طريق هشيم عن أشعث عن الحكم عن إبراهيم عنه.
ومدار أثر ابن مسعود على أشعث بن سوار وهو ضعيف كما في: (التقريب 1/79)، لكن تابعه شريك ابن عبد اللَّه النخعي الكوفي عن مخول بن راشد كما عند ابن أبي شيبة، وشريك صدوق يخطىء كثيراً. ( التقريب 1/351 ).
([133]) سنن البيهقي 7/350.
([134]) التلخيص الحبير (1752).
([135]) عكرمة بن عبد اللَّه، مولى ابن عباس رضي اللَّه عنهما، أحد فقهاء التابعين، وفقهاء مكة، بربري الأصل، مات سنة (107هـ). (سير أعلام النبلاء
5/12).
([136]) عطاء بن أبي رباح القرشي مولاهم، من أئمة التابعين، انتهت إليه الفتوى بمكة، توفي سنة (114هـ). (تهذيب التهذيب 7/199، وتذكرة الحفاظ 1/98).
([137]) مكحول بن عبد اللَّه الدمشقي، أبو عبد اللَّه، تابعي جليل، وعالم أهل الشام، مات سنة (113هـ). ( سير أعلام النبلاء 5/155، وفيات الأعيان 5/280).
([138]) سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو القرشي المخزومي، من كبار التابعين، وأئمة الحديث، من أحفظ الناس لأحكام عمر بن الخطاب، مات سنة (93هـ). (تهذيب التهذيب 4/84 ).
([139]) سعيد بن جبير الأسدي، مولاهم، الكوفي، ثقة ثبت، قتل بين يدي الحجاج سنة (95هـ). ( التقريب 1/292 ).
([140]) مصنف عبد الرزاق 6/399، ومصنف ابن أبي شيبة 5/74، 75، والاستذكار 17/41، والمحلى 10/126.
([141]) انظر: ص13.
([142]) أخرجه ابن أبي شيبة 5/74.
([143]) التلخيص الحبير (ح1752).
([144]) أخرجه عبد الرزاق 6/399، (ح11360)، وأخرجه ابن أبي شيبة 5/73 من طريق عبد اللَّه بن المبارك عن خالد عن عكرمة، وابن حزم 10/125 من طريق معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن عمر، وأخرجه البيهقي 7/350، وابن حزم 10/125 من طريق الدستوائي عن يحيى بن كثير عن عكرمة..، وأخرجه أيضاً سعيد بن منصور (ح1691) من طريق هشيم عن خالد عن عكرمة، وأخرجه البيهقي 7/351 من طريق جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس عن عمر رضي اللَّه عنهم، وجابر ضعيف.
([145]) صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة 5/73، والدارقطني 4/66، (ح163)، والبيهقي في السنن الكبرى 7/351.
([146]) قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي، أبو سعيد، أو أبو إسحاق المدني من أولاد الصحابة، له رؤية، مات سنة بضع وثمانين. (التقريب 2/122).
([147]) أخرجه ابن حزم في المحلى 10/125، وقال الحافظ في التلخيص 3/435: "سنده صحيح ".
([148]) مجاهد بن جبر المخزومي، مولاهم المكي، أبو الحجاج، ثقة، وإمام في التفسير والعلم، مات سنة 104هـ. ( التقريب 2/229 ).
([149]) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 6/401، (ح11366) من طريق ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وهذا إسناد صحيح.
([150]) سورة الأحزاب، آية: 21.
([151]) أخرجه البخاري في التفسير، باب تفسير سورة التحريم (ح4911)، ومسلم في الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته (ح1473).
([152]) الاختيار 3/156، وبدائع الصنائع 3/167، ومجمع الأنهر 1/445، وحاشية ابن عابدين 3/434.
([153]) أحكام القرآن للجصاص 3/364، وبدائع الصنائع 3/167، وحاشية ابن عابدين 3/434.
([154]) بدائع الصنائع 3/167، وحاشية ابن عابدين 3/434.
([155]) أحكام القرآن للجصاص 3/364، وبدائع الصنائع 3/167، وحاشية ابن عابدين 3/434.
([156]) أحكام القرآن لابن العربي 4/848، وشرح الكوكب المنير 3/392.
([157]) المدونة مع المقدمات 2/32، وأحكام القرآن لابن العربي 4/1849، وأحكام القرآن للقرطبـي 13/181، والتاج والإكليل 3/276، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2/135، والشرح الصغير 1/134، وانظر: المنتقى 4/9، والقوانين الفقهية ص152، وأسهل المدارك ص142.
([158]) انظر تخريجه ص38.
([159]) تخريجه ص38.
([160]) زاد المعاد 5/309.
([161]) المصدر السابق.
([162]) الأم 5/279، وروضة الطالبين 8/28، ومغني المحتاج 3/282.
وقيل: إذا نواهما معاً أو متعاقبين: يقع الطلاق ؛ لأنه أقوى لإزالة الملك.
وقيل: يقع الظهار: لأن الأصل بقاء النكاح.
([163]) مغني المحتاج 3/282.
([164]) 3/283.
([165]) انظر ص30.
([166]) سورة التحريم، آية: 1.
([167]) أخرجه النسائي في الطلاق، باب تأويل هذه الآية على وجه آخر 6/151.
([168]) الشرح الكبير 22/267، والمحرر 2/55، والمبدع 7/283.
([169]) مجموع الفتاوى 32/295، 33/74، 117، 160، 167، وزاد المعاد 5/313، وأضواء البيان 6/539، فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 11/78.
([170]) محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي، حفظ القرآن صغيراً، وأخذ عن علماء بلده حتى برع في فنون العلم، من كتبه: أضواء البيان في التفسير، مات سنة (1393هـ). ( أضواء البيان 8/ملحق الترجمة ).
([171]) محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب، حفظ القرآن الكريم صغيراً، وأخذ عن علماء وقته كوالده، والشيخ حمد بن عتيق، والشيخ حمد بن فارس، والشيخ عبد الله بن راشد، وغيرهم حتى برع في العلم، مات سنة (1389هـ). ( فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد ابن إبراهيم 1/23 ).
([172]) انظر: ص47.
([173]) أخرجه عبد الرزاق 6/404، والنسائي في الطلاق، باب تأويل هذه الآية على وجه آخر 6/151، (ح3420)، والبيهقي 7/351 (وإسناده صحيح).
([174]) أخرجه عبد الرزاق 6/404 من طريق الثوري عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، ( وإسناده صحيح ). وأخرجه ابن حزم في المحلى 10/125، وصححه.
([175]) انظر ص30.
([176]) الشرح الكبير مع الإنصاف 22/267، 268.
([177]) المصدر السابق.
([178]) انظر: مجموع الفتاوى 33/160، 167، وزاد المعاد 5/312.
([179]) انظر: أحكام القرآن لابن العربي 4/1849.
([180]) إعلام الموقعين 3/64.
([181]) هو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، الكوفي القاضي، أبوعبدالرحمن، صدوق سيء الحفظ جداً. ( التقريب 1/184).
([182]) مصنف عبد الرزاق 6/403، ومصنف ابن أبي شيبة 5/74، والاستذكار 17/36، والمحلى 10/124.

([183]) صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة 5/72، من طريق حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه عن علي، وعبد الرزاق 6/403 من طريق ابن جريج ثنا جعفر عن أبيه عن علي، وأخرج أيضاً بنحوه من طريق عبد اللَّه بن محرر عن قتادة عن خلاس ابن عمرو وأبي حسان الأعرج، وأخرجه مالك في الموطأ 2/552 عن علي بلاغاً.
([184]) أخرجه البيهقي 7/344.
([185]) أخرجه البيهقي 7/344، وقال: " والرواية الأولى أصح إسناداً ".
وفي الجوهر النقي 7/352: " وظاهر هذا يقتضي صحة الثانية... وقال صاحب الاستذكار: الصحيح عن علي: أنها ثلاث ".
([186]) انظر ص44.
([187]) أخرجه ابن أبي شيبة 5/73، عن زيد بن ثابت رضي اللَّه عنه. ( وإسناده صحيح ).
ونسبه في المحلى 10/124 لزيد بن ثابت وابن عمر رضي اللَّه عنهما معلقاً.
وعلق البيهقي في سننه 7/351: عن علي وزيد رضي اللَّه عنهما أنهما قالا: "في البرية، والبتة، والحرام أنها ثلاث ثلاث ".
([188]) المحلى 10/125.
([189]) زاد المعاد 5/303.
([190]) انظر هذه الآثار عن الصحابة في مصنف عبد الرزاق 6/356، وابن أبي شيبة في مصنفه 5/73، وسعيد بن منصور في سننه (ح1666)، والبيهقي في سننه 7/344، وابن حزم في المحلى 10/188، 192.
([191]) زاد المعاد 5/308.
([192]) زاد المعاد 5/308.
([193]) أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قيل: اسمه عبد اللَّه، وقيل: إسماعيل، ثقة مكثر، مات سنة (94هـ). ( التقريب 2/430).
([194]) عامر بن شراحيل الهمداني الشعبي، أبو عمرو، تابعي جليل القدر، سمع من بعض كبراء الصحابة، مات سنة (73هـ). (سير أعلام النبلاء 3/203، والإصابة 4/107).
([195]) مصنف عبد الرزاق 6/402، ومصنف ابن أبي شيبة 5/74، والاستذكار 17/45.
([196]) سورة النحل، آية: 116.
([197]) سورة التحريم: 1.
([198]) أخرجه النسائي في عشرة النساء، باب الغيرة 7/71، وصححه الحافظ في الفتح 8/503، 9/328.
([199]) تقدم تخريجه ص9.
([200]) تخريجه ص16، وهو في الصحيحين.
([201]) انظر: سبل السلام 3/321.
([202]) زاد المعاد 5/308.
([203]) المصدر السابق.
([204]) انظر ص39، 42.
([205]) صحيح. أخرجه عبد الرزاق 6/403، وابن أبي شيبة 5/75، عن ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي، وسعيد بن منصور (ح1676) عن هشيم وإسماعيل ومطرف عن الشعبي، والبيهقي 7/351 من طريق عبثر بن القاسم عن مطرف عن الشعبي، وأخرجه ابن حزم في المحلى 10/126 من طريق يحيى بن سعيد القطان عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي.
([206]) انظر ص45.
([207]) الاستذكار 17/38.
([208]) إعلام الموقعين 3/64.
([209]) انظر ص49.
([210]) زاد المعاد 3/64.
([211]) سورة البقرة، آية: 230.
([212]) أخرجه البخاري في الطلاق، باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق (ح5254).
([213]) سورة البقرة، آية 229.
([214]) نيل الأوطار 6/265.
([215]) انظر ص37.
([216]) مجموع الفتاوى 33/160، 74.
([217]) انظر: زاد المعاد 3/64، وإعلام الموقعين 1/382.
([218]) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 11/78.
([219])
([220]) سورة المائدة: 89.
([221]) إعلام الموقعين 1/382.
([222]) سورة التحريم: 2.
([223]) إعلام الموقعين 1/382.
([224]) أخرجه الإمام أحمد 4/149، 156، ولفظه: " إنَّما النذر يمين كفارتها كفارة يمين "، وفي إسناده ابن لهيعة، وفي صحيح مسلم (1645) عن عقبة بن عامر رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "كفارة النذر كفارة يمين ".
([225]) مجموع الفتاوى 35/268-271، وانظر تخريج الأثر ص51.
([226]) أخرجه البخاري في الأيمان والنذور، باب قول اللَّه تعالى { لا يؤاخذكم اللَّه باللغو في أيمانكم } (ح6623)، ومسلم في الأيمان، باب النهي عن الإصرار على اليمين (1654).
([227]) مجموع الفتاوى 35/276.
([228]) في المصباح 1/218: " الرِّتَاجُ بالكسر: الباب العظيم، والباب المغلق أيضاً، وجعل فلان ماله في رتاج الكعبة، أي نذره هدياً، وليس المراد نفس الباب".
([229]) أخرجه أبو داود (ح3272)، وابن حبان (ح4355)، والحاكم 4/300، والبيهقي 10/33، وابن حزم في المحلى 8/43، وأعله ابن حزم بالانقطاع ؛ لأن سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر رضي اللَّه عنه شيئاً إلا نعيه النعمان بن مقرن المزني على المنبر. ( المحلى 8/43 ).
لكن قال أبو طالب: قلت لأحمد: سعيد عن عمر حجة ؟ قال: هو عندنا حجة قد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل ؟ وقال الليث عن يحيى بن سعيد: كان ابن المسيب يُسمَّى راوية عمر، كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته. ( تهذيب الكمال 7/301، 302 ).
([230]) مجموع الفتاوى 35/268.
([231]) أبو رافع، اسمه: نُقَيع الصّائغ، من أئمة التابعين الأولين، ومن الثقات. ترجمه في: طبقات ابن سعد 7/87، تهذيب الكمال 30/14، سير أعلام النبلاء 4/414.
([232]) رواه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب الأيمان والنذور 8/486، رقم (ح16000)، والبيهقي، كتاب الأيمان (10/66)، وانظر الحاشية التالية.
([233]) يُعرفُ هذا بحديث ليلى بنت العجماء، وله طرق كثيرة، في بعضها زيادة وفي بعضها نقص، وذكر له ابن القيم نحواً من عشرة طرق نفى بها أن يكون في الحديث علة، أو له معارض، وأن ما عارضه معلول، وحديث ليلى هذا أشهر إسناداً وأصح. وانظر: إعلام الموقعين 4/56-58. ([234]) مصنف عبد الرزاق 8/486، وسنن الدارقطني 4/164، وسنن البيهقي 10/66، ومعرفة السنن والآثار 14/191.
([235]) مجموع الفتاوى 35/257.
([236]) سورة البقرة: 229.
([237]) سورة الطلاق: 1.
([238]) أخرجه النسائي في كتاب الاعتكاف 2/278، والبيهقي في السنن 4/307.
([239]) المجموع 6/473.
([240]) نافع، أبو عبد اللَّه العدوي، مولى ابن عمر، وأحد أوعية العلم وحفاظه، بعثه عمر بن عبدالعزيز إلى أهل مصر يعلمهم السنن، مات سنة (117هـ). ( تذكرة الحفاظ 1/99 ).
([241]) أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم في الطلاق، باب الطلاق في الاغلاق والكره تحت باب رقم (11).
([242]) سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد اللَّه، من أئمة الحديث، يبلغ حديثه ثلاثين ألفا، مات بالبصرة سنة (161هـ). (طبقات الحفاظ ص88).
([243]) أخرجه البيهقي 7/89.
([244]) إعلام الموقعين 3/54.
([245]) إعلام الموقعين 3/54.
([246]) إعلام الموقعين 2/133.
([247]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام 35/254.
([248]) مصنف ابن أبي شيبة 5/74، وحاشية الدسوقي 2/135، وروضة الطالبين 8/30، والشرح الكبير مع الإنصاف 23/242، و27/503.
([249]) انظر ص24.
([250]) انظر ص8.
([251]) حاشية ابن عابدين 3/434.
([252]) المصدر السابق.
([253]) تقدم أن المالكية، والشافعية لا يوجبون كفارة اليمين في تحريم غير الزوجة، انظر ص17. وتقدم قريباً مذهب الحنفية.
([254]) الشرح الكبير مع الإنصاف 23/243.
([255]) الشرح الكبير مع الإنصاف 23/243.