وسائل إعمار أعيان الأوقاف
17 جمادى الأول 1435
أ.د. علي محيي الدين القره داغي

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيّبين وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان الي يوم الدين.
وبعد
فإن الوقف بمؤسساته وآثاره المتنوعة كان الشامة البيضاء في جبين الحضارة الإسلامية ، وكان يمثل بحق ما يطلق عليه الآن : مؤسسات المجتمع المدني ، ولكن كان يمتاز بالصدق والاخلاص والصفاء والبعد عن النفاق والرياء ، فقد حمل الحضارة الإسلامية وحافظ عليها لعصور عدة ، وأعطى لها صورة رائعة من الجمال والبهجة والبهاء.
وقد سعدت بخطاب أخي العزيز فضيلة الدكتور خالد المذكور ، رئيس منتدى قضايا الوقف الفقهية ، بأن أكتب بحثاً حول : ( وسائل إعمار أعيان الأوقاف ) ، ولم يسعني إلاّ الاستجابة لهذه الدعوة الكريمة ، حيث يتناول البحث العناصر الآتية :
- التعريف بعنوان البحث ( المقصود بإعمار أعيان الوقف ) .
- حكم إعمار أعيان الوقف .
- الأسس الشرعية في حساب نفقات الإعمار من الريع .
- تكوين مخصصات للإعمار .
- تكوين مخصصات لإهلاك الأعيان الموقوفة .
- نفقات صيانة إعمار الوقف .
- تطبيق نظام ( البناء والإدارة والتحويل ) لإعمار أعيان الوقف (B.O.T) .
- تطبيق أسلوب المشاركة المتناقصة لإعمار أعيان الوقف المتهالكة .
- الاقتراض من ريع الوقف لإعمار أوقاف أخرى .
- إصدار صكوك إسلامية على أعيان الوقف للاستفادة منها في إعمارها .
- حالات أخرى من التمويل الاسلامي للاعمار.
والله أسأل أن يوفقنا لتحقيق المقاصد التي استهدفت من البحث ، والغايات التي ارْتَجْت من الكتابة ، وقبل ذلك وبعد أسأل الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن يعصمنا من الخطأ والزلل في القول والعمل إنه مولاي فنعم المولى ونعم النصير والمجيب.

التعريف بعنوان البحث :
ولا أريد الخوض هنا في التفاصيل اللغوية للكلمات الأربع التي يتكون منها العنوان ، وإنما أعرف به بصورة مجملة نظراً لكون تلك الكلمات الأربع من الواضحات ، وتوفيراً للوقت المناسب لدراسة الموضوع .
فالمقصود بعنوان البحث ، هو : بيان العقود والمنتجات المالية المناسبة لإعمار الأوقاف بحيث تتوافر فيها الشروط المطلوبة شرعاً ، والضوابط التي تحقق الغرض المنشود من التعمير .
فهذه العقود والأدوات تشمل ما هو قديم استعملها فقهاؤنا العظام ، وما هو جديد معاصر ـ كما سيأتي ـ مثل نظام (B.O.T) والصكوك ونحوهما .
ولكن نقصد بالاعمار هنا : ما هو أعمّ من الاعمار العرفي الخاص بإعادة الاعمار فعلاً للعين الموقوفة ، بحيث يشمل هذا النوع وكل ما يمكن أن يحافظ على العين الموقوفة من خلال الترميم والصيانة ، والاضافة ، والتحسين والتطوير .

حكم إعمار الوقف :
يختلف حكم إعمار عين الوقف حسب نوعية الاعمار ، ومدى حاجة العين الموقوفة إلى التعمير ، لذلك نستطيع القول بأن الأحكام الخمسة التكليفية ترد عليه :

أولاً ـ الوجوب :
يجب على ناظر الوقف ، أو متوليه تعمير العين الموقوفة إذا توافرت الشروط الآتية :
1. إذا كانت العين الموقوفة لا يمكن الاستفادة منها إلاّ بالتعمير ، سواء كان ذلك بسبب الهدم ، أو الخوف منه ، او نحو ذلك ، وبعبارة أخرى : ( أن تقف العين الموقوفة عن الإنتاج بسبب الهدم أو الخوف منه ) .
2. أن تكون هناك إمكانية للتعمير وذلك بأن يكون هناك وفر كافٍ من السيولة للتعمير ، أو من خلال التمويل المتاح .
ويدل على وجوب التعمير عند توافر هذين الشرطين ما يأتي:
أ ـ أن حقيقة الوقف هي : حبس الأصل وتسبيل المنفعة ، فهذه الحقيقة لا تتحقق إذا كانت العين الموقوفة معطلة .
ب ـ أن مقاصد الشريعة من الوقف هي الحفاظ على العين الموقوفة نفسها مع الانتفاع بها من خلال الاستعمال ، أو الاستغلال ، وتحقيق التنمية ، والخدمات للمجتمع ، وكل ذلك لا يتحقق مع كون العين الموقوفة معطلة لأي سبب كان ، وحينئذ يكون التعمير واجباً ، لأن ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب .

ثانياً ـ الاستحباب في الحالات التي لا تتوافر فيها شروط الوجوب ، ولكن التعمير يؤدي إلى زيادة الدخل ، أو تقوية العين الموقوفة ، أو نحو ذلك .

ثالثاً ـ الاباحة إذا كان التعمير غير ضروري ، وأنه يستوي مع عدمه في الآثار .

رابعاً ـ الكراهة إذا كان التعمير للزينة فقط دون وجود حاجة العين الموقوفة إليه ، ولم يترتب عليه إضرار بأموال الوقف ، وذلك لأن صرف أموال الوقف دون الحاجة نوع من السرف وهو في حالة عدم الاضرار مكروه .

خامساً ـ الحرمة إذا كان التعمير يؤدي إلى هدم المبنى دون أي فائدة تذكر ، أو كان الصرف عليه بإسراف وتبذير وإضاعة للمال ، ففي هذه الحالة يكون التعمير حراماً ، لأنه يؤدي إلى إضاعة المال وصرف مال الوقف في غير أوجهه الشرعية ، وحرمان أصحابه المستحقين منه .

الأسس الشرعية في حساب نفقات الإعمار من الريع :
لا شك أن هذه المسألة تحتاج إلى شيء من التفصيل ، وهو :
(1) أن الواقف إذا كان قد خصص جزءاً من الريع للإعمار ـ وهو يكفي ـ فإن الإعمار يكون منه حسب شرط الواقف ، وتحقيق المصلحة أيضاً .
وأما إذا كان ما خصصه الواقف لا يكفي فهنا ننظر إلى مدى ضرورة الإعمار فإن كان ضرورياً فيتم تحصيل الباقي من أي جهة ممكنة حسب التفصيل المذكور للحالات التي سنفصلها في الفقرة اللاحقة .
(2) أما إذا كان الواقف لم يخصص ذلك فنكون أمام الحالات الآتية :
أ ـ أن يكون الواقف قد أطلق كيفية الصرف ، وحينئذ فالأولى للناظر أن يقسم الريع على ثلاثة أقسام : قسم يصرف على الجهة الموقوف عليها ، وقسم يخصص للصيانة والتعمير ، وقسم يعاد للاستثمار ، أو التطوير.
ففي هذه الحالة عندما توجد ضرورة أو حاجة للإعمار فإن مصاريفه تنفق من الثلثين الأخيرين .
ب ـ أن يكون الواقف عين الريع كله للصرف ، ففي هذه الحالة وحالات عدم توافر الريع الكافي للإعمار فإن الإعمار إن كان ضرورياً ، أو محتاجاً إليه فإن على الناظر أن يسعى جاهداً لتوفير المال اللازم له عن طريق القرض الحسن إن أمكن ذلك ، وإلاّ فعن طريق التمويل بأي وسيلة مشروعة ـ كما سيأتي ـ .
وإن لم يستطع الحصول على التمويل مع بذل كل المجهود فإنه بإمكانه بيع جزء من الوقف لإعمار الجزء الآخر حتى لا يتضرر الكل تنفيذاً للقاعدة الأساسية القاضية بتحمل الضرر الأدنى لدرء الضرر الأكبر ، والتضحية بمصلحة جزئية أو صغيرة لتحقيق مصلحة كلية ، أو كبرى[1] .

تكوين مخصصات للإعمار والإهلاك[2] :
إن حقيقة الوقف نفسه هي : تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ، وان مقاصد الشريعة فيه هي الاستمرار والدوام ، وذلك يقتضي الحفاظ على الأصل الموقوف بكل الوسائل المتاحة ، وقد دلت على وجوب الحفاظ عليها بقدر الامكان وبما يحقق المصالح نصوص شرعية كثيرة ، حيث تقتضيه الأمانة وعدم التفريط في حقوق الآخرين وهو واجب أساسي على الدولة الإسلامية بأن تضع الأنظمة والأجهزة لحماية أوقاف المسلمين ، والحفاظ عليها ، وهو واجب كذلك على ناظر الوقف ومتوليه ، بل على المسلمين جميعاً كلٌّ حسب إمكانه وصلاحياته .
وقد نصّ الفقهاء على إعطاء الأولوية من ريع الوقف لإصلاحه وتعميره وترميمه وصيانته بما يحافظ على قدرته على الانتفاع به ، حيث يوجه الريع الناتج من الوقف إلى إصلاحه أولاً ثم إلى المستحقين ، حتى أن الفقهاء قد نصوا على أنه إذا شرط الواقف أن يصرف الريع إلى المستحقين دون النظر إلى التعمير فإن هذا الشرط باطل ، قال المرغيناني : ( والواجب أن يبتدأ من ارتياع الوقف بعمارته ، شرط ذلك الواقف ، أو لم يشترط ، لأن قصد الواقف صرف الغلة مؤبداً ، ولا تبقى دائمة إلاّ بالعمارة فيثبت شرط العمارة اقتضاءً ) ، وقال ابن الهمام : ( ولهذا ذكر محمد ـ رحمه الله ـ في الأصل في شيء من رسم الصكوك فاشترط أن يرفع الوالي من غلته كل عام ما يحتاج إليه لأداء العشر ، والخراج ، والبذر ، وأرزاق الولاة عليها ، والعمالة ، وأجور الحراس والحصادين والدراسين ، لأن حصول منفعتها في كل وقت لا يتحقق إلاّ بدفع هذه المؤن من رأس الغلة ، قال شمس الأئمة: (وذلك وإن كان يستحق بلا شرط عندنا لكن لا يؤمن جهل بعض القضاة فيذهب رأيه إلى قسمة جميع الغلة،فإذا شرط ذلك في صكه يقع الأمن بالشرط ) ثم قال:(ولا تؤخر العمارة إذا احتيج إليها )[3].
فالواجب هو إبقاء الوقف على حالته السليمة التي تستطيع أن تؤدي دورها المنشود وغرضه الذي أوقفه الواقف لأجله ، وذلك بصيانته وعمارته والحفاظ عليه بكل الوسائل المتاحة ، بل ينبغي لإدارة الوقف ( أو الناظر ) أن تحتفظ دائماً بجزء من الريع للصيانة الدائمة والحفاظ على أموال الوقف .
وبناء على هذا الواجب وتحقيقه فإن على الناظر ، أو المتولى ، أو إدارة الوقف تكوين مخصصات للإعمار والاستهلاك ـ بالنسبة للعقارات المبنية ـ من الريع والدخل المتحقق سنوياً ، وأن يستثمر كذلك استثماراً في مؤسسات مالية إسلامية متخصصة ( مأمونة ) .
ومما لا شك فيه أن قيام الناظر ( إدارة الوقف ) بتخصيص نسبة من الريع للاهلاك أمر مشروع ، بل مطلوب ، لأنه يؤدي إلى استمرار الوقف ، والقيام بالاعمار المطلوب بعدما ينتهي العمر الافتراضي للمبنى ، أو المصنع حيث يستطيع الناظر القيام بالاعمار ، أو بشراء أصل جديد يحل محل القديم بالأموال التي تجمعت خلال سنوات الاهلاك .
ومن المعلوم أن هذا العمل داخل فيما ذكره الفقهاء في توزيع الريع وصرفه للاعمار ، وللاستمرارية .

نفقات صيانة إعمار الوقف :
فإذا كان الواقف قد خصص لصيانة الموقوف شيئاً من الدخل أو غيره فبها ونعمت ، وإلاّ فتصرف من إيرادات الوقف أولاً ـ كما سبق ـ ، بل إذا لم يكن الايراد للصيانة والاصلاح ولم يستطع الناظر توفير تمويل له ببيع جزء منه لهذا الغرض ، قال ابن عرفة : ( والحاصل أن نفقة الحبس من فائده ، فإن عجز بيع وعوض من ثمنه ما هو من نوعه ، فإن عجز صرف ثمنه في مصرفه ) ، وقال الوزاني : ( ..وعليه ، فإن اقتضى نظره بيع جزء منها للاصلاح فلا اشكال )[4] .

تطبيق نظام ( البناء والإدارة والتشغيل ، والتمويل ) لإعمار أعيان الوقف (B.O.T) :
1- التعريف بهذا النظام :
إن كل حرف من هذه الحروف B.O.T الثلاثة اختصار لكلمة ، فـ (B) اختصار لكلمة (BUILD) أي : البناء الذي يشمل إقامة مشروع ، و(O) اختصار لـ (OPERATE) أي : التشغيل ، و(T) اختصار لـ (TRANSFER) أي : التحويل ، وتستعمل بعض الدول مثل كندا واستراليا ونيوزلندا مصطلح (B.O.O.T) أي بإضافة كلمة أخرى وهي (OWN) ، أي بعد (BUILD) .
وقد استعملت هذه الصيغة في أوروبا في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي من قبل الحكومات التي تضطلع بمشاريعها وتمويلها ، الأمر الذي يرهق كاهلها فكانت تعطي المشروع لقطاع خاص للقيام بالمطلوب لتعود الأرض والمشروع إليها بعد فترة زمينة محددة ، وبذلك تحققت لكل من الدولة ، والمموّل فوائد كثيرة ، وكذلك للمجتمع ، فمثلاً أقيمت قناة السويس على أساس هذا العقد حيث قامت بها شركة انجليزية وفرنسية بالاتفاق مع الحكومة المصرية على أساس شق القناة ، وبناء مرافقها ، ثم تشغيلها فيكون ريعها لهما ، على أن تعود ملكيتها كلها لمصر بعد 99 عاماً ، وهكذا الأمر بالنسبة لقناة بنما أخذتها شركة أمريكية[5] .
وهناك صورة تطبيقية لهذا العقد او النظام ، منها أن يكتفي صاحب الأرض بالبناء أو إنشاء المشروع لفترة زمنية محددة ، ومنها أن صاحب الأرض يأخذ أيضاً أجرة مخفضة سنوية ، أو شهرية خلال الفترة كلها ، أو بعد بدء التشغيل إلى التسليم .
ويمكن تعريف هذا العقد أو النظام بانه : اتفاق بين صاحب أرض ، ومموّل يقوم بإقامة مشروع متكامل عليها ، وبتشغيله وصيانته ، والإفادة منه لفترة محددة متفق عليها ليعود بعدها إلى مالك الأرض[6] .
وهذا العقد يستفيد من خلاله المالك حيث تعمر أرضه بمشروع يعود إليه بعد فترة ، والمستثمر حيث يشغل أمواله فيه فيربح من خلال تشغيل المشروع والافادة من ريعه ، أو استعماله ، ولذلك يشترط أن تكون الفترة مناسبة لاسترداد رأس ماله مع أرباحه المتوقعة .
وأركانه هي نفس أركان العقد المتمثلة : بالعاقدين ، والمعقود عليه ، والصيغة ، فالمالك قد يكون الحكومة ، أو ناظر الوقف ، أو غيرهما ، وأن مسؤوليته تكمن في منح الأرض للطرف الثاني ، وتسهيل مهمته ، وان المموّل قد يكون شخصاً طبيعياً ، أو شخصاً اعتبارياً ، أو مجموعة من الأشخاص والشركات ، وأنه يلتزم بالنباء والتشغيل والصيانة حسب الشروط والمواصفات المتفق عليها بين الطرفين ، ثم إعادة المشروع إلى المالك بصورة سليمة صالحة للاستفادة منه .
ثم إن الممول قد يقوم بنفسه بإقامة المشروع من خلال شركاته ، وقد يقوم بذلك من خلال شركات مقاولات أخرى ، وقد تمنح الصيانة أيضاً لشركات متخصصة ، وهكذا حيث تحدد المسؤوليات في العقد ومقدار التمويل وأرباحه ، والتقنيات المطلوبة لاقامة المشروع ، والشروط المطلوبة في الاشرف على المشروع ، وكيفية الصيانة والتشغيل ، وغير ذلك مما يتضمنه العقد المنظم لذلك .

2- مقاصد العقد وأهدافه :
إن الغرض من هذا العقد هو تحقيق ما يأتي :
1- تحقيق المصالح والمنافع المعتبرة للطرفين ـ كما سبق ـ بل تلبية حاجات المجتمع الإنساني وتوفير الراحة للفرد والجماعة بأسلوب علمي وعملي محكم.
2- إقامة البنية التحتية بأموال القطاع الخاص مع تحقيق أغراضه أيضاً ، ولاسيما في المشاريع الكبرى التي يقع عبؤها على الدولة ، مثل شق القنوات والطرق الكبيرة الطويلة ، وترتيب القطارات ، وإقامة الجسور ، وإنشاء المصانع الكبرى ، والعقارات أو نحوها .
3- الاستفادة من أموال المواطنين والاستثمارات الأجنبية للمساهمة في خطط التنمية ، وتنفيذ المشروعات المهمة ، والمرافق العامة .
4- تقليل مخاطر السوق والاقراض .
5- التخفيف من أعباء الدولة حيث لا تتتحمل شيئاً من تكاليف البناء والانشاء ونحوهما .
6- المساهمة في تشغيل الأيدي العاملة ، وتقليل نسب البطالة ، وبالتالي : التضخم .
7- استقطاب المهارات الفنية والإدارية الوطنية ، والأجنبية والاستفادة منها .
8- تدريب العمالة الوطنية من خلال مساهمتها في البناء والتشغيل ، والصيانة .
9- تنمية الأموال واستثمارها بطريقة تخدم المجتمع ـ كما سبق ـ[7] .

3- الوصف الفقهي لهذا العقد ( التكييف الفقهي ) :
ذكر بعض الباحثين أن هذا العقد يشتمل على أربعة عقود وهي : عقد البناء ، وعقد التشغيل ، وعقد الصيانة ، وعقد التحويل ( إعادة الملك ) بإعادة المشروع لأصحابه[8] .
والذي يظهر لي أنه نظام كامل يشمل كل هذا ، وغيره ـ مثل عقد تأجير المنفعة من قبل المالك في مقابل إعادة البناء ـ في عقد واحد يتضمن كل هذه الأمور مع تفاصيل أخرى ، فهو في حقيقته منظومة شاملة ، وينبغي أن ننظر إليها بهذا الاعتبار ، ومن هنا نستطيع القول : إنه نظام أو عقد جديد يخضع للقواعد والمبادئ العامة الخاصة بالعقود المشروعة ، وهي عدم وجود شرط أو أثر يتعارض مع أحكام الشريعة الغراء ، بناءً على أن الأصل في العقود والشروط هو الاباحة تأسيساً على الأدلة المعتبرة في هذا الشأن ، وأن جمهور الفقهاء على هذا الأصل ـ كما حققناه ـ[9] ، ومن جانب آخر فإن هذا العقد لا تتوافر فيه أصول الفساد الأربعة ، وهي : الربا ، والغرر ، والمعقود عليه المحرم ، والشروط المفسدة ، وبالتالي فهو مشروع وصحيح بعد توافر الأركان والشروط المطلوبة في العقود[10] .
وإذا نظرنا إلى هذا العقد فنجد أن مقاصد الشريعة في إجراء العقود متوافرة فيه ، وأنه حسب ظاهره ومن حيث هو عقد ليس فيه مخالفة ، أو تعارض مع نص شرعي ، ولذلك يبقى على أصل الجواز والصحة والمشروعية .
وبالاضافة إلى ذلك فإنه يمكن تكييفه على أساس عقد الحكر ـ كما سيأتي ـ .
وأما عقوده الجزئية التي يتكون منها هذا النظام فهي عقود مقبولة شرعاً ، فإن عقد البناء لا تخرج عن دائرة عقد الاستصناع ، وأن عقد التشغيل يدخل في عقد الإجارة ، وأن عقد الصيانة قد أجازه مجمع الفقه الإسلامي الدولي من حيث المبدأ ومع التفصيل [11] كما أن ما فيه من عقد المقاولة جائز مشروع وداخل في قرار مجمع الفقه الاسلامي الدولي قرار رقم (129/3/14) .
ومن الباحثين من يقول : إنه عقد استصناع تغليباً على بقية ما فيه من أعمال باعتبار أن البناء هو الجزء الأول والأساس والأهم[12] ، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الاسلامي الدولي قرار رقم (65(3/7) الذي عرف الاستصناع بأنه : عقد وارد على العمل والعين في الذمة ، وأنه ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط ، وبالتالي فإن بقية العقود تكون تباعة للاستصناع من باب الأصالة والتبعية ، والكثرة والغلبة والقلة والندرة[13] .
وهذا في المرحلة الأولى أما في مرحلة التشغيل فإن العقد الذي ينظمه عو عقد الإجارة حيث إن العقد ينص على الأجرة المتضمنة لرأس المال والربح ، وفترة التشغيل ، وفي المرحلة الأخيرة تعاد الأرض وما عليها إلى المالك بناءً على انتهاء فترة الإجارة بالنسبة للأرض وتنفيذ الوعد بالتنازل عما بني عليها بالنسبة للمشنآت المبنية أو المقامة عليها .

4- نظام B.O.T وما في فقهنا العظيم :
بالاضافة إلى ما ذكرنا من التكييفات الفقهية فإن فقهاءنا العظام قد سبقوا فقهاء العصر ، والقانونيين بعقود شبيهة تماماً بهذا النظام ، وذلك من خلال بعض الصور لعقد الإجارة ، وعقد الحِكر ، ولذلك سنلقي عليهما بعض الأضواء.
أ ـ عقد الكراء ( الإجارة ) حيث نجد في الفقه المالكي مسائل شبيهة بهذا النظام ، منها ما ذكره ابن رشد في البيان والتحصيل : ( قال ابن القاسم في رجل قال لرجل أعطني عرصتك هذه أبنيها بعشرة دراهم، أو بما دخل فيها، على أن أسكنها في كل سنة بدينار حتى أوفي ما غرمت فيها وأصلحت؟ قال: إن سمى عدة ما يبنيها به، وما يكون عليه في كل سنة فذلك جائز، وإن لم يسم فلا خير فيه ) قال محمد بن رشد : (وهو كما قال؛ لأنه إن سمى عُدّة ما يبنيها به، ولم يسم ما يكون عليه في كل سنة كان كراءً مجهولاً، وإن سمى ما يكون عليه في كل سنة، ولم يسم ما يبنيها به كان الكراء معلوماً، وأمده مجهولاً، وإذا سمى الوجهين كان كراء معلوما إلى أجل معلوم فجاز. وإنما جاز وإن لم يبين هيئة بناء العرصة والأغراض في ذلك مختلفة من أجل أن المكتري كالوكيل له على ذلك، فإذا بنى العرصة على الهيئة التي تشبه أن تبنى عليها لزمه.....ولو وصف البنيان، وعدد ما يسكنها من السنين لجاز وإن لم يسم عُدّة ما يبنيه به ولا ما يكون عليه في كل سنة ، بل لا يجوز إذا اكتراه منه سنين معلومة ببناء موصوف أن يسمي للبنيان عددا ًمعلوماً ، لأنه يعود بذلك غرراً ويكون من بيعتين في بيعة ، وبالله التوفيق )[14] .
وهذا النص واضح في أن هذه الصورة المذكورة فيه أصل صالح لنظام البناء والتشغيل واإعادة ، بل إنها لا تختلف عنه سوى التطوير في العقود المنظمة والتوسع في التشغيل حيث يتم تشغيل المباني لغير المستأجر .
ففي ضوء ما ذكر فإن هذا العقد المنظم هو عقد واحد وهو عقد الكراء ، وان الأجرة تحدد بمبالغ متفق عليها ، تجعل في المقابل البناء والمشروع ، فمثلاً يتفق الناظر مع المؤسسة المستثمرة على أن تكون أجرة الأرض مليون دولار لعشر سنوات ، ويتفقان أيضاً ان يكون البناء أو المشروع مقابل هذا المبلغ للفترة الزمنية المذكورة ، ثم تنزل على الأقساط الايجارية الشهرية أو السنوية ، بل إن المالكية أجازوا أيضاً أن تكون أجرة الأرض بناء العقار أو المشروع نفسه أو غرس الأشجار فيها ، جاء في الشرح الكبير للدردير : ( أو كراء أرض مدة كعشر سنين لغرس معلوم فإن انقضت المدة فهو ـ أي المغروس ـ يكون لرب الأرض ملكاً ... فالأجرة هي الشجر ...) ، وعلق على ذلك الدسوقي فقال : (مفهومه : أنه يجوز إجارتها مدة البناء ، وبعد انقاضء المدة يكون البناء كله أو بعضه لرب الأرض أرجة ، قال في المدونة : وإن أجرته أرضك ليبني فيها ويسكن عشر سنين ثم يخرج ويدع البناء فإن بيّن صفة البناء والمدة التي يسكن فيها المكتري فهو جائز وهو إجارة ، وان لم يصفه لم يجز )[15] .
وجاء في البيان والتحصيل : ( وسئل مالك عن رجل تكارى عرصة خربة على أن ينفق عليها، ويكون كراؤها كذا وكذا، قال مالك: أرى أن يسمى ما ينفق فيها ويقاصه بذلك في كراء ما تكارى به من السنين ، فقيل له: أفيجعل كراءها دراهم؟ قال: بل أجزاء يجعل نفقته عشرة دنانير، وكراءها إياها عشرين سنة، في كل سنة نصف دينار، أو أقل من ذلك، أو أكثر من السنين والأجزاء، فعلى هذا يتكارى المتكارون، ويكري صاحب الدار.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة في المعنى؛ لأن مآلها إن أكراه العرصة عشر سنين، سنة بعشرة دنانير على أن يبني العرصة لربها، إذا شرط أن يقاصه بالنفقة في الكراء لم يجز؛ لأنه إذا لم يكن الكراء بالنقد لم يوجب الحكم المقاصة به، ووجب أن يتبعه بنفقته سلفاً حالاً عليه، ويؤدي إليه الكراء بقدر ما سكن شيئاً بعد شيء على ما يوجبه الحكم في ذلك. ووجب أن يتبعه بنفقته سلفاً حالاً عليه، ويؤدي إليه الكراء بقدر ما سكن شيئاً بعد شيء على ما يوجبه الحكم في ذلك. قال ابن المواز: وهذا إذا كان البناء لرب العرصة، ويسمي ما بنى به، وكان ذلك من الكراء لا يزيد عليه، وشرط ابن المواز أن يكون ذلك الكراء لا يزيد عليه، صحيح مثل ما في المدونة؛ لأنه إن شرط أن ينفق في العرصة أكثر من كرائها كان الزائد على الكراء سلفاً منه لرب العرصة؛ فدخله كراء وسلف.
قال ابن المواز: وأما إن كان البناء للمكتري فلا يحتاج إلى تسمية ما يبني، ولا ما ينفق، ولا أحب شرطه في أصل الكراء إلا أنه إن بنى فمتى ما خرج فلرب العرصة أن يعطيه قيمته مقلوعاً، أو يأمره بقلعه. وقول ابن المواز: إن البناء إذا كان للمكتري فلا أحب اشتراطه في أصل الكراء صحيح بيّن؛ لأنه إذا اشترط ذلك عليه فقد وقع الكراء على أن يأخذ المكري من المكتري بنيانه بقيمته مقلوعاً عند انقضاء أمد الكراء، وذلك غرر لا يجوز، وإنما لم يرَ في الرواية أن يجعل كراءها دراهم إذا كان ينفق فيها دنانير، ويفاصله بها في الكراء؛ لأنه يدخله عدم المناجزة في الصرف؛ إذ لا يحل الكراء عليه إلا بالسكنى شيئاً بعد شيء، ولو قال: أكتري منك العرصة لعشرين سنة بعشرة دنانير، نصف مثقال لكل سنة على أن أنفق فيها مائة درهم من مالي تكون مقاصة بالكراء، أو قال أكتري منك العرصة بمائة درهم من مالي تكون مقاصة الكراء، أو قال أكتري منك العرصة بمائة درهم لعشرين سنة على أن أنفق فيها عشره دنانير تكون مقاصة بالكراء لجاز ذلك، وإن سمج القول؛ لأن الأمر يؤول فيه إلى صحة الفعل، وهو كراء العرصة عشرين عاماً بالعدد الذي سمى أنه ينفق فيها، وبالله التوفيق)[16] .

ب ـ الحكر ، أو حق القرار :
الحِكر ـ بكسر الحاء وسكون الكاف ـ العقار المحبوس ، وجمعه أحكار ، وبفتحهما : كل ما احتكر[17].
وفي اصطلاح الفقهاء يطلق على ثلاثة معان :
1.العقار المحتكر نفسه ، فيقال : هذا حكر فلان .
2.الإجارة الطويلة على العقار .
3.الأجرة المقررة على عقار محبوس في الإجارة الطويلة ونحوها[18] ، قال الشيخ عليش : ( من استولى على الخلو يكون عليه لجهة الوقف يسمى عندنا بمصر حكراً لئلا يذهب الوقف باطلاً )[19].
والحكر في باب الوقف وسيلة اهتدى إليها الفقهاء لعلاج مشكلة تتعلق بالأراضي والعقارات الموقوفة التي لا تستطيع إدارة الوقف ( أو الناظر ) أن تقوم بالبناء عليها ، أو زراعتها ، أو أنها مبنية لكن ريعها قليل إذا قسنا بحالة هدم بنيانها ، ثم البناء عليها ، ففي هذه الحالة أجاز الفقهاء الحكر ، وحق القرار وهو عقد يتم بمقتضاه إجارة أرض للمحتكر لمدة طويلة ، وإعطاؤه حق القرار فيها ليبني ، أو يغرس مع إعطائه حق الاستمرار فيها ما دام يدفع أجرة المثل بالنسبة للأرض التي تسلمها دون ملاحظة البناء والغراس[20] .
وهذا النوع قريب من الإجارة بأجرتين التي ذكرناها من حيث طول المدة ، ومن حيث تسلم نوعين من الأجرة : أجرة كبيرة معجلة قريبة من قيمة الأرض ، وأجرة ضئيلة سنوية أو شهرية ، لكنه مختلف عنها من حيث إن البناء والغراس في الحكر ملك للمحتكر ( المستأجر ) لأنه أنشأهما بماله الخاص وفي الإجارة بأجرتين ملك للوقف ، لأن إدارة الواقف ( أو الناظر ) قد صرفت الأجرة الكبيرة المقدمة في التعمير ، والبناء أو الغراس.
ويسميه بعض الفقهاء بالاحتكار ، والاستحكار ، والإحكار ، قال ابن عابدين : ( الاحتكار إجارة يقصد بها منع الغير ، واستبقاء الانتفاع بالأرض )[21] ، وفي الفتاوى الخيرية : ( الاستحكار عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض للبناء ، أو الغرس أو لأحدهما ، ويكون في الدار والحانوت أيضاً )[22].
ويسميه المالكية خلواً في حين أن الخلو عند الحنفية وغيرهم ممن قالوا به أعمّ من الحكر ، لأنه يكون في كل إجارة اكتتب المستأجر من خلال أعماله وتجارته وشهرته ، أو أهمية الموقع حقاً خاصاً به ، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الرابعة عام 1408هـ أجاز فيه بدل الخلو بشروط وضوابط[23] .

مدى شمولية الحكر للوقف وغيره :
وقد ارتبط اسم الحكر بالوقف سواء كان وقفاً عاماً وهو الشايع ، أو خاصاً ، ولكنه مع ذلك قد يكون الحكر في العقارات المملوكة ملكية خاصة حيث جاء في تـنقيح الفتاوى الحامدية أن : (الاحتكار هو الأرض المقررة للاحتكار وهي أعم من أن تكون ملكاً أو وقفاً )[24] ولكن حديثنا هنا حول الحكر في الأوقاف فقط .

حكم الحكر في الأوقاف :
اختلف الفقهاء في حكر الوقف على ثلاثة مذاهب :
أ.ذهب جمهور الفقهاء[25] إلى أنه جائز حتى ولو اشترط الواقف منعه إذا توافرت الشروط الآتية :
1.أن يكون الوقف قد تخرّب وتعطّل الانتفاع به .
2.أن لا يكون لدى إدارة الوقف ( أو الناظر ) أموال يعمّر بها .
3.أن لا يوجد من يقرض الوقف المقدار المحتاج إليه .
واشترط الحنفية أيضاً أن لا يمكن استبدال الوقف بعقار ذي ريع[26] ، إذا توافرت هذه الشروط جاز الحكر في الوقف .
ب.ذهب جماعة من الفقهاء منهم الحنابلة ، وجمهور الشافعية ، إلى أنه جائز مطلقاً [27].
ج.ذهب بعض الشافعية ـ منهم الأذرعي والزركشي ـ إلى أنه غير جائز مطلقاً [28].
والذي نراه راجحاً هو الرأي الأول ، لأنه قيّد الحكر بتحقيق مصالح الوقف ، وأن لا يوجد سبيل أفضل من الحكر ، وحينئذٍ فالحكر بلا شك أفضل من أن يبقى الوقف خرباً أو معطلاً .

مدة الحكر :
من المعلوم أن عقد الحكر يتضمن مدة محددة للحكر وإن كانت طويلة ، ولكن جرى العرف ـ كما يقول العدوي ـ بمصر أن الأحكار مستمرة للأبد ، وإن عُيّن فيها وقت الإجارة مدة لكنهم لا يقصدون خصوص تلك المدة ، والعرف عندنا ـ أي في مصر ـ كالشرط فمن احتكر أرضاً مدة ومضت فله أن يبقى وليس للمتولي آمر الوقف إخراجه[29].
وقد ذكر الحنفية أيضاً أنه يثبت للمحتكر حق القرار إذا وضع بناءه في الأرض ويستمر ما دام أس بنائه قائماً فيها ، فلا يكلف برفع بنائه ، ولا بقلع غراسه ما دام يدفع أجرة المثل المقررة على ساحة الأرض المحتكرة[30].
ولكن الفقهاء لم يغفلوا من أمرين :
الأمر الأول : أنه يجوز اشتراط إخراج المحتكر بعد المدة المتفق عليها ؛ لأن المشروط المتفق عليه مقدم على العرف السائد .
الأمر الثاني : أن لا يترتب على بقاء المحتكر بأجرة المثل ضرر على الوقف ، فإن كان فيه ضرر بأن يخاف منه الاستيلاء على الوقف ، أو أن يكون فيه تعسف بالوقف في استعمال هذا الحق فإنه يجوز أن يرفع الأمر إلى القاضي فيفسخه[31] .
التحكير بغبن فاحش : ما ذكرناه في اجر المثل فيما يخص الإجارة ينطبق على التحكير بغبن فاحش تماماً .
انتهاء الحكر : إذا خرب البناء الذي بناه المحتكر في أرض الوقف وزال عنها بالكلية ينقضي حق المحتكر في القرار فيها إذا انـتهت مدة الإجارة ، وكذلك الحكم إذا فنيت الأشجار التي غرسها في الأرض الزراعية الموقوفة[32].
ويرى بعض الباحثين[33] أن هذا النظام السائد الآن في أوروبا هو : تطوير نظام الحِكر الذي اتحدثه الفقه الاسلامي منذ أكثر من أربعة قرون بسبب حالات الحرائق والجوائح التي اجتاحت الموقوفات في استنابول وغيرها حيث احتاج إلى صورة جديدة لإعمار الموقوفات بصيغ الحكر ، والإجاريتين ، والمرصد ـ كما سبق ـ وأن أوجه الشبه بين النظامين تكمن فيما يأتي :
* الحاجة إلى مصدر تمويل خارجي .
* يقوم الممول بإقامة المشروع على أرض طالب التمويل .
* أن الأرض تبقة مملوكة لطالب التمويل ( ناظر الوقف أو الدولة ، أو غيرهما ) .
* أن الممول يعوض نفسه فيما أنفقه ، وبحق ربحه من خلال الاستفادة من المشروع بالاستعمال ، أو التأجير خلال الفترة المتفق عليها .
* أن الأرض وما بني عليها ، أو غرس فيها تعود إلى طالب التمويل بعد انتهاء الفترة المتفق عليها ، وبالتالي فإن كلا من الممول وطالب التمويل ، قد حقق هدفه .

5- مدى الافادة من نظام B.O.T للأوقاف :
إن هذا النظام في حقيقته وأصوله نظام وقفي أبدعه الفقه الاسلامي لخدمة الأوقاف التي دامت أن تتعطل ، حيث لم تكن لدى ناظرها أموال كافية لتعميرها فالتجأ إلى نظام ( الحِكر ) الذي يعتبر شبيهاً سابقاً لفكرة B.O.T .
وفي عصرنا الحاضر ساعد هذا النظام على احياء أوقاف خربة ، أو معطلة في مكة المكرمة ، والمدينة المنورة ، وفي غيرهما دون التفريط فيها ، بل إن ما نرى من هذه الأبراج العالية الوقفية التي سميت ( وقف الملك عبدالعزيز " رحمه الله " رقم 1 ) على الحرمين الشريفين قائم على نظام الـ أو نظام الحِكر ، حيث اضطلعت بذلك مؤسسة ابن لادن ببناء الأبراج وتشغيلها لمدة 25 سنة واستثمارها لهذه المدة بما يكفل استرجاع رأس المال والأرباح ، ثم تعود كل المنشآت إلى الوقف ، وهكذا تم الاتفاق على مشروع ( وقف الملك عبدالعزيز ، رقم 2) [34] وبذلك تم تحقيق خير كثير مقاصد شرعية وأهداف اقتصادية واجتماعية ـ كما سبق ـ .

6- شروط عقود B.O.T للأوقاف :
ويشترط لضبط هذا العقد ما يأتي :
* أن لا تتضمن العقود المنظمة لهذا النظام أي محظور شرعي من الربا وغيره ، وهذا يتحقق عندما يتم ذلك عن طريق المؤسسات المالية الملتزمة بأحكام الشريعة ، أو يتم الاتفاق على الالتزام بها من خلال المراقبة الشرعية للعقود والالتزامات الخاصة به .
* أن لا يكون في العقود غرر أو جهالة فاحشة في بنودها ، ولا سيما ما يتعلق بالالتزامات المالية .
* أن لا يقع غبن على الوقف من حيث المدة وكيفية البناء ، والإعادة من بدايته إلى نهايته ، حتى لا يكون هناك افراط او تفريط بحق الوقف من حيث الزمن ، ونوعية البناء ، وكيفية التسليم والاعادة ، بحيث تضبط شروط البناء والتسليم بما يحقق المصلحة للوقف ، لأنه إذا لم يضبط البناء بنوعية ممتازة ، ولم يشترط إعادة المنشآت بصورة سليمة يتم تسليماه بما لا يمكن الاستفادة منها ، أو يستفاد منها بصورة متواضعة ، لأن الغرض من هذا النظام هو تحقيق مصالح الوقف أولاً ، ثم مصالح المستثمر ثانياً ، وليس العكس .
وهذا الشرط يتطلب من الناظر ( إدارة الوقف ) الاعتماد على الخبراء وبيوت الخبرة ، ودراسات الجدوى الجادة للوصول إلى ما فيه مصلحة الوقف دون الوقوع في الغبن أو التغرير .

الاقتراض من ريع الوقف لإعمار أوقاف أخرى :
الأصل أن يصرف ريع كل وقف على من اشترط له الواقف ، ولكن عند الضرورة ، أو الحاجة العامة ، أو الملحة يجوز التصرف فيه حسب ما يحقق المصالح الضرورية أو الحاجية العامة أو الملحة للوقف ، وذلك بأن يتوقف إعمار وقف خاص بالمسجد ـ مثلاً ـ على مبلغ من المال لا يستطيع الناظر ، أو المتولي توفير المال اللازم لهذا الاعمار بطرق أخرى سوى الاقتراض من ريع وقف آخر خاص بغير المسجد ـ مثلاً ـ ففي هذه الحالة أرى جواز ذلك على أن يعيد الناظر مبلغ الاقتراض إلى الجهة المقرضة بعد فترة زمنية مناسبة .
وبما أن هذه المسألة تدخل في باب الاستدانة للوقف ، وعليه نذكر بإيجاز آراء الفقهاء ، حيث ذهب الحنفية إلى أنه لا يجوز الاستدانة على الوقف إلاّ للمصلحة وبإذن القاضي ، وعند عدم إمكان وسيلة أخرى بحيث لا توجد غلة كافية ، ثم يسترد من غلته[35] ، في حين أجاز الحنابلة الاستدانة على الوقف عند الحاجة[36] ، وأما الشافعية فأجازوها عند المصلحة ولكن بإذن القاضي[37] .

الترجيح مع الضوابط :
الذي نرى رجحانه هو جواز الاستدانة على الوقف ، إذا أذن فيه الحاكم ، أو أذن فيه الواقف في صك الوقف ، ويقاس على ذلك إذا أدخلت الاستدانة ضمن أهداف الوقف وأعماله أو وسائله في النظام الأساسي ، والعقد التأسيسي لنظام الوقف .
وذلك ؛ لأن الاستدانة للوقف قد تحقق مصالح معتبرة للوقف ، بل قد تقع مفاسد كبيرة إذا لم يقم الناظر ، أو القيم على الوقف بالاستدانة في حالات كثيرة يكون الوقف مهدداً بالضياع ، أو النقص أو الإضرار ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف واقترض لبيت المال كثيراً [38] وأن الخلفاء الراشدين قد استدانوا لبيت المال ، وعليه لمصلحته[39] ويمكن أن يقاس على الاستدانة لبيت المال : الاستدانة للوقف بجامع كونهما من الجهات العامة .

ولذلك فضوابط الاستدانة هي :
1- موافقة القاضي ، أو وجود شرط الواقف الذي أذن فيه للاستدانة أو صك الوقف الذي فيه الموافقة ، أو أن ينص النظام الأساسي مع العقد التأسيسي على حق الاستدانة ،ولا يجوز مخالفة هذا الشرط إلاّ في حالة الضرورة ، أو يتحقق ضرر عظيم للوقف في حالة الانتظار لموافقة القاضي .
2- أن تكون هناك حاجة لهذه الاستدانة ، وأن يترتب على هذه الاستدانة مصلحة للوقف ، أو درء مضرة ومفسدة عنه ، وبعبارة أخرى ان تكون الاستدانة محققة لمصلحة ، بحيث يكون الوقف بالاستدانة قادراً على الاستمرارية،أو التطور والتنمية،أما لو كانت الاستدانة لا تؤثر في ذلك بحيث يبقى الوقف في أضراره حتى مع الاستدانة،فإنها غير جائزة آنذاك.
والدليل على ذلك : القاعدة الفقهية المعروفة القاضية بان التصرف في الأموال العامة ونحوها منوط بالمصلحة[40] ويدل عليها عموم قوله تعالى في وجوب حفظ جميع الأمانات وردها إلى أهلها : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل .......)[41] ولذلك قال القرافي استنباطاً من هذه الآية : (يقدم في كل موطن وكل آية من هو أقوم بمصالحها)[42] وذلك لأن رد الأمانة إلى أهلها يتطلب أن يكون المتولى قادراً على حفظها ورعايتها ودرء المضرة والمفسـدة عنها.
وقد ذكر ابن الهمام أنه يجوز أن يستدين لزراعة الوقف وبزره بأمر القاضي[43].
3- أن يقوم متولى الوقف ، أو إدارة الوقف بترتيب آلية لرد الديون سواء كان هذا الرد من الغلة أو الريع ، أو عن طريق التأجير ، أو أي طريق آخر مشروع .
4- أن تكون الاستدانة بطريقة مشروعة خالية عن الربا ، والمحرمات الأخرى .
5- أن تكون الاستدانة على ريع الوقف ، ولا تكون على أصل الوقف إلاّ في حالة الضرورة والخوف من ضياع الوقف نفسه ، وأن الريع لا يكفي لذلك[44] .
6- أن يحسم (يخصم) الدين من الغلة أولاً أي قبل التوزيع .
وأما الاستدانة من أموال الوقف للآخر فمحل خلاف كبير أيضاً ، حيث أجازها الحنفية والشافعية إذا كانت بإذن القاضي وللضرورة ، أو مافيه مصلحة واضحة للوقف ، والحنابلة مع الجمهور ولكن دون اشتراط الاذن من القاضي[45] .
وإذا كان هذا الخلاف موجوداً في موضوع الاستدانة من أموال الوقف للغير ، أو من الغير للوقف ، فإن الاستدانة داخل الوقف أحق في نظري ، لذلك يجوز ذلك بشرط تحقق المصلحة ، وعدم توافر مصدر آخر لتمويل الاعمار ، وأن يكون ذلك بإذن القاضي ، أو المجلس الذي يشرف على الوقف .

تطبيق أسلوب المشاركة المتناقصة لإعمار أعيان الوقف المتهالكة :
نعرف أولاً هذا المصطلح ، ثم نتحدث عن مدى تنزيله على الوقف .

(1) التعريف بالمشاركة المتناقصة :
فالمشاركة المتناقصة ، هي المساهمة في مشروع مع إعطاء الحق للشريك في أن يجعل محله في ملكية المشروع دفعة واحدة ، أو على دفعات حسبما تقتضيه الشروط المتفق عليها وطبيعة العملية ، وعلى أساس إجراء ترتيب منتظم لتجنيب جزء من الدخل المتحصل كقسط لسداد قيمة الحصة[46] .
فالبنك الإسلامي في هذا الأسلوب يتمتع بكامل حقوق الشريك العادي وعليه جميع التزاماته غير أنه لا يريد منذ التعاقد البقاء والاستمرار في المشاركة إلى حين انتهاء الشرة بل يعطي الحق للشريك ليحل محله في ملكية المشروع .
وهذا الأسلوب صالح للقيام بتمويل المنشآت الصناعية والمزارع والمستشفيات وكل ما من شأنه أن يكون مشروعاً منتجاً ، كما أنه اسلوب مناسبة لكافة عمليات الاستثمار الجماعية في عصرنا الحاضر ، لأنها تحقق للبنك أرباحاً دورية على مدار السنة ، كما أنه يشجع الشريك على الاستثمار الحلال ، ويحقق طموحاته المتمثلة في انفراده بامتلاك المشروع على المدى المتوسط ، كما يفيد المجتمع في تصحيح المسار الاقتصادي بتطوير أسلوب المشاركة الايجابي عوضاً عن الأساليب الربوية، كما أنه يحقق العدالة في توزيع النتائج[47].

والبنوك الإسلامية حينما تدخل في مثل هذه المشاركات تضع نصب أعينها مجموعة من الشرائط ، وهي:
1. أن تتوافر المقدرة والخبرة الإدارية في الشريك لإدارة العملية .
2. أن يحتفظ الشريك بحساب منفصل ومنظم لعملية المشاركة ، وإدارة المخازن بطريقة سليمة مع الاحتفاظ بحق البنك في الاشراف الفعلي على المخازن .
3. أن يلتزم الشريك بكتابة تقارير دورية عن كل ما يتصل بعمل الشركة .
4. أن يلتزم الشريك بتوريد حصيلة المبيعات للبنك حسب الاتفاق ، وان تكون المشتريات طبقاً لما هو منصوص عليه في العقد .
كما أن البنك عادة يحدد مدة معينة للشركة يجب على الشريك الالتزام بها وإذا أخل فللبنك الحق في اتخاذ إجراءات مناسبة ، كما أن العقود التي يبرمها البنك تتضمن التفاصيل المطلوبة[48] .

صور المشاركة المتناقصة :
ناقش مؤتمر المصرف الإسلامي الأول الذي عقد بدبي ( الإمارات العربية المتحدة ) في الفترة 23-25 جمادى الثانية 1399هـ الموافق 20-22 مايو 1979 موضوع المشاركات المنتهية بالتمليك فوافق على ثلاث صور منها ، وهي :
الصورة الأولى :
يتفق المصرف مع متعامله على تحديد حصة كل منهما في رأس مال الشركة وشروطها .
وقد رأى المؤتمر أن يكون بيع حصص المصرف إلى المتعامل بعد إتمام الشركة بعقد مستقل بحيث يكون له الحق في بيعها للمصرف أو لغيره وكذلك الأمر بالنسبة للمصرف بأن تكون له حرية بيع حصصه للمتعامل شريكة أو غيره .
الصورة الثانية :
يتفق المصرف مع متعامله على المشاركة في التمويل الكلي أو الجزئي لمشروع دخل متوقع وذلك على أساس اتفاق المصرف مع الشريك الآخر لحصول المصرف على حصة نسبية من صافي الدخل المحقق فعلاً مع حقه بالاحتفاظ بالجزءالمتبقي من الايراد أو أي قدر منه يتفق عليه ليكون ذلك الجزء مخصصاً لتسديد أصل ما قدمه المصرف من تمويل.
الصورة الثالثة :
يحدد نصيب كل من المصرف وشريكه في الشركة في صورة أسهم تمثل مجموع قيمة الشيء موضوع المشاركة ( عقار مثلاً ) يحصل كل من الشريكين ( المصرف والشريك ) على نصيبه من الايراد المتحقق من العقار .... وللشريك إذا شاء أن يقتني من هذه الأسهم المملوكة للمصرف عدداً معيناً كل سنة بحيث تكون الأسهم الموجودة في حيازة المصرف متناقصة إلى أن يتم تمليك شريك المصرف الأسهم بكاملها فتصبح له الملكية المنفردة للعقار أو المصنع دون شريك آخر .

شروط المشاركة المتناقصة :
ويشترط إضافة إلى شروط الشركة العامة :
1. أن لا تكون مجرد تمويل بقرض ، حيث لا بدّ من وجود إرادة فعلية للمشاركة وإن كانت مؤقتة ، وأن يتحمل جميع الأطراف الربح والخسارة أثناء فترة المشاركة .
2. أن تكون ملكية البنك لحصته في المشاركة ملكية تامة ، وأن يكون لها دور إما في الإدارة والتصرف ، أو في المراقبة والمتابعة في حالة توكيل الشريك .
3. وأن لا يتضمن العقد رد الشريك رأس مالك البنك في الشركة بالكامل ، أو مع جزء من الربح.
ولكن لا مانع من وجود وعد ، او تعهد ببيع الحصة ، أو إجارتها ، ثم بيعها[49] .

الخطوات العملية للمشاركة المتناقصة :
1. تقديم الدراسات
2. وعد من أحد الطرفين ببيع حصته في آخرالمدة التي يحددانها ، أو بيع أسهمه أو جزء من نصيبه إلى الطرف الآخر سنوياً .
3. التوقيع على ( مذكرة التفاهم ) وعقد المشاركة .
4. بيع الحصة أو السهم بعقد جديد في الوقت المتفق عليه .

(2) مدى تنزيل المشاركة المتناقصة على الوقف :
في رأيي أن هذه الصيغة بصورها الثلاث إذا كانت واردة على أعيان الوقف فلا تتوافق مع حقيقة الوقف ومقاصده ، وبخاصة الوقف الخيري الذي يرى الجمهور أن ملكية الوقف لله تعالى ، وان الناظر ، أو المتولي ، أو إدارة الوقف أو الموقوف عليه من الجهات العامة لا يملكون التصرف في رقبة الموقوف ، وبما أن المشاركة الدائمة أو المتناقصة تقتضي ملكية الشريك التامة في الأعيان المشتركة بنسبته فيها .
أما إذا كانت المشاركة ـ من خلال مبالغ يوفرها ناظر الوقف لشراء أرض أو مصنع ، أو نحوهما عن طريق المشاركة المتناقصة بالتمليك حتى للشريك الآخر ـ فهذه جائزة لأنها داخلة في الاستثمار في أموال الوقف .
ومن المعلوم أن المشاركة المتناقصة في أعيان الوقف ـ لو أجيزت للضرورة أو الحاجة الملحة ـ تتم كالآتي :
أ . شراء المؤسسة أو الشخص الطبيعي نسبة من الأعيان الموقوفة المراد تعميرها .
ب . تخصيص هذا المبلغ للتعمير .
ج. الوعد الملزم من المؤسسة ببيع حصة ، أو حصص في كل سنة ، أو فترة ، حتى ينتهي بالتمليك الكامل .
وبالتالي فإن المشاركة المتناقصة تقتضي هنا أن تشتري المؤسسة المستثمرة نسبة من الأعيان الموقوفة ، ومن المعلوم أنه لا يجوز ذلك إلاّ للضرورة ، أو حالات خاصة ذكرها الفقهاء[50] .
حالات الافادة من المشاركة المتناقصة :
والخلاصة أن المشاركة المتناقصة في أعيان الوقف غير جائزة إلاّ في ثلاث حالات :

إحداها : الحالات التي يجوز فيها بيع العين الموقوفة[51] .

الحالة الثانية : أن يتم الاتفاق بين المؤسسة المالية ( أو الشخص الطبيعي ) وبين الناظر أو المتولى أو إدارة الوقف على أن يكون حق الانتفاع هو ثمن المشاركة ، وبأن يحدد حق الانتفاع بالأرض لمدة عشرة سنوات مثلاً بمبلغ محدد ( فلنفرض مليون دولار ) وأن مبلغ المشاركة المطلوب لتعمير الأرض هو مليونان ( مثلاً ) وبالتالي تكون المشاركة على النصف ، ومن هنا تتكون شركة العقد لغرض محدد وهو إعمار الأرض نفسه ، ثم يتم الاتفاق على تمليك الوقف حصة الطرف الآخر ( المؤسسة المالية ) حسب إحدى الصور الثلاث السابقة .

فهذه الحالة جائزة لا غبار عليها إن شاء الله .

الحالة الثالثة : أن يدخل ناظر الوقف ( إدارة الوقف ) بجزء من الريع ، أو الأموال المخصصة للاستثمار في المشاركة المتناقصة مع مؤسسة استثمارية ، أو تمويلية ، ولها صورتان :
الصورة الأولى : أن تنتهي المشاركة بتملّك الوقف للمشروع أو العقار في ضوء ما يأتي :
1. القيام بدراسة الجدوى الجادة التي تبين بوضوح نجاح المشروع أو المبنى أو البرج من جميع الجوانب .
2. اختيار المشروع والدخول في الاتفاقيات مع مؤسسة مالية إسلامية لتحقيق الغرض المذكور مع الوعد منها بتمليك العين المشتركة للوقف بإحدى الصور الثلاث التي ذكرناها للمشاركة المنتهية بالتمليك .
الصورة الثانية : أن تنتهي بتملّك المؤسسة المالية ، او الشخص المستثمر العين المشتركة بإحدى الصور الثلاث التي ذكرناها .

إصدار صكوك إسلامية على أعيان الوقف للاستفادة منها في إعمارها :
بما أن السندات التقليدية حرام صدر بحرمتها قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته السادسة ( قرار رقم 60/11/6) اتجه الاجتهاد الفردي والجماعي لبديل إسلامي له من خلال إجازة المجمع نفسه في قراره رقم (30(3/4) سندات المقارضة وسندات الاستثمار بشروط وضوابط محددة ذكرها القرار نفسه معتمداً على مجموعة من البحوث القيمة والدراسات الجادة[52].
وهناك أنواع كثيرة من الصكوك تصلح لإعمار الأرض الموقوفة منها :
1- صكوك المقارضة ( سندات المقارضة ) وسندات الاستثمار :
إن إدارة الوقف تستطيع أن تساهم في هذه السندات المشروعة ، بالاكتتاب فيها ، أو شرائها ، أو أن تقوم هي بإصدارها ، ولا غرو في ذلك فإن وزارة الأوقاف الأردنية هي التي طرحت هذه الصيغة وصاغتها حتى صدر بها قانون سندات المقارضة رقم 10 لعام 1981[53].
وفي هذه الحالة تكون إدارة الوقف هي المضارب ، وحملة الصكوك هم أرباب المال ، ويكون الربح بينهما بالنسبة حسب الاتفاق ، وإدارة الوقف لا تضمن إلاّ عند التعدي ، أو التقصير ـ كما هو مقرر فقهياً ـ ومن هنا تأتي مشكلة عملية في مسألة عدم ضمان السندات ، ولذلك عالجها قرار المجمع من خلال أمرين :
أحدهما : جواز ضمان طرف ثالث مثل الدولة تضمن هذه الصكوك تشجيعاً منها على تجميع رؤوس الأموال ، وتثميرها ، وتهيئة عدد من الوظائف ، وتحريك رؤوس الأموال وإدارتها .
ثانيهما : عدم ممانعة المجمع من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة من عائدات المشروع ووضعها في صندوق احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال فيما لو تحققت ، إضافة إلى ضرورة توخي أقصى درجات الحذر من الاستثمارات بحيث لا تقدم الإدارة إلاّ على الاستثمارات شبه المضمونة مثل الاستثمارات في العقارات المؤجرة في بلاد مستقرة ، ومثل الاتفاق مع الآخرين أصحاب الخبرات الواسعة لإدارة الأموال ودراسة الجدوى الاقتصادية ونحوها .

2- ـ أنواع أخرى من الصكوك :
وقد ذكر القرار ( 30(3/4) شروط وضوابط الصكوك الشرعية ، ولا تـنحصر مشروعية الصكوك على صكوك المقارضة التي صدر بها قرار من مجمع الفقه الإسلامي ، بل يمكن ترتيب صكوك ( سندات مشروعة ) أخرى مثل صكوك الاستصناع ، وصكوك الإجارة التشغيلية أو التمويلية ، وصكوك المشاركة المتناقضة ، وكذلك صكوك أخرى كما فصلنا ذلك في بحثنا[54] ، وكما أشار إليه قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي السابق حيث وانتهى إلى كيفية استفادة الوقف منها ، حيث نص على : ( ثانياً: استعرض مجلس المجمع أربع صيغ أخرى اشتملت عليها توصيات الندوة التي أقامها المجمع، وهي مقترحة للاستفادة منها في إطار تعمير الوقف واستثماره دون الإخلال بالشروط التي يحافظ فيها على تأبيد الوقف وهي:
‌أ- إقامة شركة بين جهة الوقف بقيمة أعيانه وبين أرباب المال بما يوظفونه لتعمير الوقف.
‌ب- تقديم أعيان الوقف – كأصل ثابت – إلى من يعمل فيها بتعميرها من ماله بنسبة من الريع.
‌ج- تعمير الوقف بعقد الاستصناع مع المصارف الإسلامية، لقاء بدل من الريع.
‌د- إيجار الوقف بأجرة عينية هي البناء عليه وحده، أو مع أجرة يسيرة.
وقد اتفق رأي مجلس المجمع مع توصية الندوة بشأن هذه الصيغ من حيث حاجتها إلى مزيد من البحث والنظر، وعهد إلى الأمانة العامة الاستكتاب فيها، مع البحث عن صيغ شرعية أخرى للاستثمار، وعقد ندوة لهذه الصيغ لعرض نتائجها على المجمع في دورته القادمة. والله أعلم ؛؛ ))[55] .

ملاحظات مهمة حول صكوك الوقف :
إن من أهم الضوابط الخاصة بصكوك الوقف ـ بالاضافة إلى الضوابط العامة لها ـ هي أن لا تؤدي إلى انتقال ملكية العين الموقوفة إلى حملة الصكوك ، فهي غير جائزة إلاّ لحالات الضرورة ونحوها ـ كما سبق ـ ولذلك يجب أن تكون الصكوك في حدود حق المنفعة ، والانتفاع بما يبنى على الأرض الموقوفة من منشآت لمدة زمنية محددة ، وتبقى الأرض موقوفة دون بيعها أو التنازل عنها ، أو أن تكون الصكوك استثمارية ، ولذلك فأفضل الصيغ هي صيغة الصكوك القائمة على (B.O.T) أو الإجارة المنتهية بالتمليك للوقف ، أو المشاركة المتناقصة ولكن في حق المنفعة الانتفاع فقط ، وما يبنى على الأرض الموقوفة ـ كما سبق ـ .

صيغ أخرى لإعمار الوقف :
فبالاضافة إلى ما سبق فإن هناك صيغاً أخرى قديمة ومعاصرة تصلح لإعمار العين الموقوفة ، فمن الصور القديمة والحديثة ما يأتي :
1. الحكر أو الخلو ـ كما سبق ـ .
2. الإجارة بأجرتين :
ابتكر الفقهاء هذه الطريقة لعلاج مشكلة حدثت للعقارات الموقوفة في استنبول عام 1020هـ عندما نشبت حرائق كبيرة التهمت معظم العقارات الوقفية أو شوهت مناظرها ، ولم يكن لدى إدارة النظارة الوقفية أموال لتعمير تلك العقارات فاقترح العلماء أن يتم عقد الإجارة تحت إشراف القاضي الشرعي على العقار المتدهور بأجرتين : أجرة كبيرة معجلة تقارب قيمته فيتسلمها الناظر ويعمر به العقار الموقوف ، وأجرة سنوية مؤجلة ضئيلة يتجدد العقد كل سنة ، ومن الطبيعي أن هذا العقد طويل الأجل يلاحظ فيه أن المستأجر يسترد كل مبالغه من خلال الزمن الطويل[56].
فهذه الصيغة التمويلية تعالج مشكلة عدم جواز بيع العقار فتحقق نفس الغرض المنشود من البيع من خلال الأجرة الكبيرة المعجلة ، كما أنها تحقق منافع للمستأجر في البقاء فترة طويلة في العقار المؤجر سواء كان منـزلاً أو دكاناً أو حانوتاً ، أو نحو ذلك ، كما أن وجود الأجرة يحمى العقار الموقوف من ادعاء المستأجر أنه قد تملكه بالشراء مثلاً ، كما أن ما بني على هذه الأرض الموقوفة يظل ملكاً للوقف دون المستأجر .

3. المرصــد :
وهو الاتفاق بين إدارة الوقف ( أو الناظر ) وبين المستأجر أن يقوم بإصلاح الأرض وعمارتها وتكون نفقاتها ديناً مرصداً على الوقف يأخذه المستأجر من الناتج ، ثم يعطى للوقف بعد ذلك الأجرة المتفق عليها[57].
وهذا إنما يكون عندما تكون الأرض خربة لا توجد غلة لإصلاحها ، ولا يرغب أحد في استئجارها مدة طويلة يؤخذ منه أجرة معجلة لإصلاحها ، وحينئذٍ لا تبقى إلاّ هذه الطريقة التي تأتي في آخر المراتب من الطرق الممكنة لإجارة الوقف ، ومما يجدر الإشارة إليه أن عقلية فقهائنا الكرام استطاعت أن تشتق من الإجارة كل هذه الصور ، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن الفقه لا ينبغي أن يتوقف بل لا بدّ أن يستجيب لحل كلّ المشاكل .

4. المزارعة :
وهي أن تتفق إدارة الوقف ( أو الناظر ) مع طرف آخر ليقوم بغرس الأرض الموقوفة ، أو زرعها على أن يكون الناتج بينهما حسب الاتفاق إما بالنصف ، أو نحوه[58].

5. المساقاة :
وهي خاصة بالبساتين ، والأرض التي فيها الأشجار المثمرة حيث تـتفق إدارة الوقف ( أو الناظر) مع طرف آخر ليقوم برعايتها وسقيها على أن يكون الثمر بينهما حسب الاتفاق[59].ولا تختلف المزارعة أو المساقاة في باب الوقف عنهما في غيره .

6. الاســـتصناع :
الاستصناع من العقود التي أجازها جمهور الفقهاء وإن كانوا مختلفين في إلحاقه بالسلم وحينئذٍ إخضاعه لشروطه الصعبة من ضرره تسليم الثمن في مجلس العقد عند الجمهور ، أو خلال ثلاثة أيام عند مالك ،ولكن الذي يهمنا هنا هو الاستصناع الذي أجازه جماعة من الفقهاء منهم الحنفية[60].
والذي أقره مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة حيث نص قراره ( رقم66/3/7 ) على : (أن عقد الاستصناع ـ هو عقد وارد على العمل والعين في الذمة ـ ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط).
وعقد الاستصناع يمكن لإدارة الوقف أن تستفيد منه لبناء مشروعات ضخمة ونافعة حيث تستطيع أن تـتفق مع البنوك الإسلامية ( أو المستثمرين ) على تمويل المشاريع العقارية على أرض الوقف أو غيرها ، والمصانع ونحوها عن طريق الاستصناع ، وتقسيط ثمن المستصنع على عدة سنوات ، إذ أن من مميزات عقد الاستصناع أنه لا يشترط فيه تعجيل الثمن ، بل يجوز تأجيله ، وتقسيطه مما أعطى مرونة كبيرة لا توجد في عقد السلم .
وغالباً ما يتم الاستصناع في البنوك الإسلامية عن طريق الاستصناع الموازي حيث لا تبني هي ولا تستصنع ، وإنما تـتفق مع المقاولين لتـنفيذ المشروع بنفس المواصفات التي تم الاتفاق عليها بينها وبين إدارة الوقف .

7. المضاربة ( القراض ) :
وهي المشاركة بين المال والخبرة والعمل ، بأن يقدم ربّ المال المال إلى الآخر ليستثمره استثماراً مطلقاً أو مقيداً ( حسب الاتفاق ) على أن يكون الربح بالنسبة بينهما حسب الاتفاق والمضاربة إنما تـتحقق في باب الوقف في ثلاث حالات :
1.الحالة الأُولى : إذا كان الوقف عبارة عن النقود عند من أجاز ذلك منهم المالكية[61]، وبعض الحنفية[62] ، والإمام أحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية[63]. وحينئذٍ تستثمر هذه النقود عن طريق المضاربة الشرعية .
2.الحالة الثانية : إذا كانت لدى إدارة الوقف ، ( أو الناظر ) نقود فاضت عن المصاريف والمستحقات ، أو أنها تدخل ضمن الحصة التي تستثمر لأجل إدامة الوقف فهذه أيضاً يمكن أن تدخل في المضاربة الشرعية .
3.الحالة الثالثة : بعض الأدوات أو الحيوانات الموقوفة حيث يجوز عند الحنابلة أن تكون المضاربة بإعطاء آلة العمل من ربّ المال وتشغيلها من قبل المضارب ، ويكون الناتج بين الطرفين ، كمن يقدم إلى الأجير فرساً ، أو سيارة ، ويكون الناتج بينهما[64].

8. الإجارة المنتهية بالتمليك ـ كما سبق ـ .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ،

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كتبه الفقير إلى ربه
علي محيى الدين القره داغي

---------------
([1]) يراجع بحثنا حول : تنمية موارد الوقف ، بحث منشور في مجلة ( أوقاف ) الكويتية العدد4 شوال 1425هـ ص 19 وما بعدها ومصادره المعتمدة في المذاهب الفقهية ،ـ ويراجع : د. عبدالرحيم العلمي : الاجتهادات الفقهية في نوازل الوقف عند المالكية ، بحث منشور في مجلة ( أوقاف ) الكيويتة العدد12 السنة7 جمادى الأولى 1428هـ ص 47
([2]) جرت العادة في عصرنا الحاضر وحسب الأنظمة المحاسبية أن تحسب الموجودات الثابتة من العقارات ـ غير الأراضي ـ والمصانع والسيارات بقيمتها محسوماً منها نسبة للإهلاك ( أو الاستهلاك ) وتخصيص هذه ضمن مخصص الاهلاك ، وهذه النسب تختلف من المنقولات إلى المباني ، فمخصص العقارات في بعض القوانين 10% في حين أن مخصص الاهلاك للسيارات وأجهزة الكومبيوتر 25% وهكذا ، كما أن القوانين فيها مختلفة .
([3]) الهداية مع فتح القدير ( 6/221 ـ 222 )
([4]) النوازل الصغري لمحمد المهدي الوزاني (4/171)
([5]) يراجع لهذا النظام : أ.د. عبدالوهاب أو سليمان : بحثه عن عقد البناء والتشغيل وإعادة الملك ، منشور في موقع ( المسلم ) ، وأمل نجاح البشيسي : نظام البناء والتشغيل والتحويل B.O.T ، بحث منشور في المعهد العربي للتخطيط ، العدد32 السنة3 ، أغسطس 2004 ص 11
([6]) المراجع السابقة
([7]) المراجع السابقة
([8]) د. عبدالوهاب أبو سليمان : بحثه السابق
([9]) مبدأ الرضا في العقود ، دراسة فقهية مقارنة ، ط. دار البشائر الاسلامية – بيروت (2/ 1148-1195)
([10]) يراجع بداية المجتهد لابن رشد ط. دار الجيل / بيروت 1409هـ ( 2/00212) حيث حصر أسباب الفساد العامة للعقود أربعة ، وهي : أ ـ تحريم عين المبيع ، ب ـ الربا ، ج ـ الغرر ، د ـ الشروط المفسدة ، وسماها أصول الفساد الأربعة .
([11]) يراجع قرار مجمع الفقه الاسلامي الدولي قرار رقم (103/6/11) و مجلة المجمع ع11 ج2 ص5
([12]) أ.د. أبو سليمان : بحثه السابق
([13]) أ.د. أبو سليمان : بحثه السابق
([14]) البيان والتحصيل لأبي الوليد ابن رشد القرطبي ، تحقيق أحمد الشرقاوي ود.محمد حجي ط.دار الغرب الاسلامي (8/461/462)
([15]) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ، ط. عيسى الحلبي (4/48)
([16]) البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة لأبي الوليد ابن رشد القرطبي ، تحقيق الأستاذ أحمد الحبابي ط. دار الغرب الاسلامي (9/16-18)
([17]) المعجم الوسيط ، ولسان العرب ، وتاج العروس : مادة " حكر "
([18]) يراجع في موضوع الحكر : الفتاوى الهندية ( 2/420 ) ، وحاشية ابن عابدين ( 3/398 ) ، وفتح العلى المالك في الفتوى على مذهب مالك ، ط.مصطفى الحلبي ( 2/243 ) ، والشرح الصغير ( 4/127 ) ، وشرح الخرشي ( 7/78 ، 100 ) ، وتحفة المحتاج ( 6/172 ) ، والفتاوى الكبرى لابن حجر الهيثمي ( 3/144 ) ، ومطالب أولي النهى ( 4/316 ) ، ومجموع الفتاوى لابن تيمية ( 31/224 ) ، والموسوعة الفقهية الكويتية ( 18/53 )
([19]) فتح العلى المالك ( 2/243 )
([20]) د . خليفة بابكر الحسن ، بحثه عن : " استثمار موارد الأوقاف " المقدم إلى الدورة الثانية عشرة لمجمع الفقه الإسلامي الدولي (ص21)
([21]) منحة الخالق على البحر الرائق ، ط . المطبعة العلمية بالقاهرة ( 5/220 )
([22]) الفتاوى الخيرية ( 1/197 )
([23]) يراجع بحثنا : " الحقوق المعنوية " المنشور في أبحاث وأعمال الندوة السابقة لقضايا الزكاة المعاصرة في الفترة 22 ـ 24 /1/1417هـ (ص537 ـ 564)
([24]) تـنقيح الفتاوى الحامدية ( 1/176 )
([25]) حاشية ابن عابدين ( 30/398 ) ، والفتاوى الهندية ( 2/422 ) ، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ( 4/96 ) ، وتحفة المحتاج ( 6/172 ) ، ومطالب أولي النهى ( 4/316 ) ،وأعلام الموقعين ( 3/304 )
([26]) حاشية ابن عابدين ( 3/398 )
([27]) مطالب أولي النهى ( 4/316 ) ، والفتاوى لابن حجر الهيثمي ( 3/144 )
([28]) تحفة المحتاج ( 6/172 ) ، والفتاوى الهندية لابن حجر الهيثمي ( 3/144 )
([29]) العدوي على الخرشي ( 7/79 )
([30]) حاشية ابن عابدين ( 5/20 )
([31])المصادر السابقة
([32]) تـنقيح الفتاوى الحامدية ( 2/131 ) ، وفتح العلي المالك ( 2/252 ) ، والموسوعة الفقهية ( 18/64 )
([33]) أحمد محمد خليل الاسلامبولي : ورقته المقدمة إلى ندوة بمركز أبحاث الاقتصاد الاسلامي بجامعة الملك عبدالعزيز في 6/9/1422هـ=21/11/2001م
([34]) أ.د. أبو سليمان : بحثه السابق
([35]) يراجع : فتح القدير (6/240) وفتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهندية (3/398) والاشباه والنظائر لابن نجيم ص194 ، 202
([36]) كشاف القناع (3/313-314)
([37]) تحفة المحتاج (6/289) وفتاوى السبكي (2/25-26) وحاشية القليوبي وعميرة (3/109)
([38]) يراجع : صحيح البخاري (2/139،84,83،62،38) ومسلم (3/1224) والترمذي (1/247) وابن ماجه الحديث 2423 والبيهقي (5/352)
([39]) الموسوعة الفقهية الكويتية (3/267)
([40])وهي مأخوذة من قاعدة : (التصرف على الرعبة منوط بالمصلحة) والمراد بالراعي هو كل من ولي أمراً من أمور العامة ، وقد ذكر الفقهاء من تطبيقات هذه القاعدة تصرفات متولى الوقف ، يراجع : شرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد الزرقا ط. دار الغرب الإسلامي ص 249
([41]) سورة النساء / الآية (58) ويراجع تفسير القرطبي (5/255)
([42])الفروق (3/206)
([43])فتح القدير (6/240)
([44]) المصادر السابقة ، وفتح القدير ( 6/241 ) ، ويراجع لمزيد من التفصيل : أ.د. علي محيى الدين القره داغي ، بحثه : ديون الوقف ، المنشور على موقعه الشخصي /www.qaradaghi.com
([45]) يراجع : المصادر السابقة ، وبدائع الصنائع (5/153) وحاشية ابن عابدين (5/417) وروضة الطالبين (4/191) والمغني (4/167) والانصاف (5/328)
([46]) الطبيعة المتميزة للبنوك الإسلامية د. سيد الهواري 8
([47]) أدوات الاستثمار الإسلامي ص 111
([48]) عبدالرحيم حمدي : المرجع السابق ، ونصر الدين فضل المولى ، المرجع السابق ص 115
([49]) عزالدين خوجة : أدوات الاستثمار الإسلامي ، مراجعة الدكتور عبدالستار أبو غدة ، ط. دلة البركة بجدة ص 13-14
([50]) يراجع : بحثنا عن التنمية موارد القوف ، والحفاظ عليها ، بحث منشور في مجلة ( أوقاف ) الكويتية ، العدد7 السنة4 شوال1425هـ ص13-60 وقد ذكرنا في بحثنا المقدم ص19-32 أن الاستبدال ، وبيع الموقوف لا يجوز إلاّ في حالات منها : حالة الهدم والخراب ويتعذر إعمارها ، وحالة عدم الانتفاع والاستغناء ، وحالة العجز ونحو ذلك .
([51]) المصدر السابق ، ومصادره المعتمدة
([52]) انظر : العدد الرابع من مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، الجزء الثالث (1809ـ2159)
([53]) بحث د . عبدالسلام العبادي في الجزء الثالث من مجلة المجمع الفقهي الإسلامي الدولي ( ص 1963 )
([54])التطبيقات العملية لإقامة السوق الإسلامية ، بحث مقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الثامنة ، العدد الثامن ، المجلد الأول (ص379) ، ومنه بحوث أخرى أيضاً
([55]) مجلة مجمع الفقه الاسلامي الدولي ع4 ج3 ص 1809
([56]) الشيخ الصديق أبو الحسن ، بحثه : " مقتطفات من أحكام الوقف "، منشور في ندوة الوقف الخيري لهيئة أبو ظبي الخيرية عام 1995 (ص94 )،والشيخ كمال جعيط ، بحثه عن :" استثمار موارد الأحباس "، المقدم إلى الدورة الثانية عشرة (ص47)
([57]) حاشية ابن عابدين ( 4/402 ) ، وبداية المجتهد ( 2/236 ) ، ومجموع الفتاوى لابن تيمية ( 31/224 )
([58]) يراجع : المبسوط للسرخسي ( 23/17 ) ، وفتح القدير مع العناية على الهداية ( 9/462 ) ، وحاشية ابن عابدين (6/274 ) ، والشرح الكبير مع الدسوقي ( 3/372 ) ، والخرشي ( 6/63 ) ، ومغني المحتاج ( 2/324 ) ، والمغني لابن قدامة ( 5/416 )
([59]) يراجع : حاشية ابن عابدين ( 5/174 ) ، وبداية المجتهد ( 2/242 ) ، ونهاية المحتاج ( 5/244 ) ، وشرح منتهى الإرادات ( 2/343 )
([60]) يراجع : بحثنا المفصل حول الاستصناع في مجلة المجمع الفقهي الدولي ، العدد السابع ، المجلد الثاني (ص323)
([61]) حاشية العدوي على الخرشي ( 7/80 )
([62]) حاشية ابن عابدين ( 4/363 ) ، ودرر الحكام ( 2/133 )
([63]) مجموع الفتاوى ( 31/234 )
([64]) شرح منتهى الإرادات ( 2/219 )