شراء بيت للفقير من مال الزكاة
15 ذو القعدة 1435
أ.د. خالد المشيقح

هذه المسألة تنبني على مسألة وهي ما هو مقدار ما يعطاه الفقير من الزكاة ؟
الرأي الأول : أن مقدار ما يعطاه الفقير من الزكاة هو كفاية العام له ولمن يمونه من النفقات الشرعية والحوائج الأصلية ([1]) . وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى .
" النفقات الشرعية ": مثل الطعام والشراب وأجرة السكن .
"والحوائج الأصلية " : مثل الآلات التي يحتاج إليها مثل آلة تبريد ، آلة تغسيل ، آلة طبخ ، الفرش، أواني ، غطاء ... الخ فهذه حوائج أصلية نعطيه منها.
الرأي الثاني : أن الفقير أنه يعطى كفاية العمر .
وهو رأي الشافعي رحمه الله وهو أوسع المذاهب في هذه المسألة ([2]).
الرأي الثالث : أن الفقير يعطى أقل من النصاب وهو مئتا درهم .
وهو رأي أبي حنيفة رحمه الله وهو أضيق المذاهب.
لأن النصاب في الفضة مئتا درهم ونصاب الذهب عشرون مثقالاً فيعطى أقل من النصاب وهو مئتا درهم .
الترجيح : ويظهر من حيث الدليل أن أرجح الأقوال في هذه المسألة هو : ما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله من أن الفقير يعطى من الزكاة كفاية عام كاملة أو تتمتها من النفقات الشرعية والحوائج الأصلية لأن الزكاة تجب كل عام ، وحينئذٍ يأخذ كفايته هذا العام إلى العام المقبل . فنعطيه من الزكاة كفاية عام كاملة أو تتمتها فقد يكون عنده مرتب ألف ريال ، وألف ريال في السنة يساوي اثنا عشر ألف ريال ، وما يحتاج هو وعائلته من النفقات والحوائج الأصلية إلى عشرين ألف فعنده إثنا عشر ألفاً ، فيحتاج إلى زيادة ثمانية آلاف ، فنعطيه تمام عشرين ألف .
واستثنى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وكذلك أيضاً جمع من الحنابلة ما يتعلق بآلة المهنة قالوا لا بأس أننا نعطي الفقير من الأموال ما يستطيع به أن يشتري آلة مهنة مثلاً أن يشتري آلات يشتري مكائن بحيث أنه يعمل ويكتفي بنفسه بمقدار ما ينفق على نفسه وعلى من يمونه أو نعطيه مثلاً رأس مال تجارة مثلاً نعطيه عشرة آلاف ريال بعد أن نعطيه حاجته من النفقات والحوائج الأصلية فيضارب فيها أو يفتح محلاً بحيث أنه يكتفي وقدر ما يعطى ما يشتري به الآلة وما يكون رأس مال تجارة بقدر ما ينفق عليه هو ومن يمونه لا زيادة على ذلك .
من عرض هذا الخلاف يتبين لنا حكم شراء البيت من الزكاة هل نشتري للفقير بيتاً من الزكاة أو نقول لا نشتري ؟
ذكرنا أن الراجح في هذه المسألة ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله يتبين بهذا أنه لا يجوز أن يشتري للفقير بيتاً من الزكاة فهذا غير جائز لأن الفقير نستطيع أن نعطيه كفايته بأن نعطيه مقدار الأجرة قد يكون البيت يساوي مئة ألف فنعطيه ما يستأجر مثله بعشرة آلاف ريال فنعطيه عشرة آلاف ريال ولا نعطيه مئة ألف أو مئتي ألف لكي يشتري بذلك منزلاً .
لكن هناك طريق آخر ذهب إليه بعض المتأخرين أنه لا بأس أن الفقير يشتري المنزل وحينئذٍ يكون من أصناف الغارمين ، فحينئذٍ يعطى من الزكاة لكي يسدد غرمه لأنه غارم لنفسه في أمر يتعلق بحاجته .
ومثل ذلك أيضاً شراء السيارة للفقير هل له أن يشتري زيادة عن الزكاة أو لا ؟
إذا كانت السيارة سيعمل عليها بالتحميل والتنزيل وينفق على أهله فكما قلنا أن شيخ الإسلام رحمه الله استثنى هذه المسألة وإذا كانت هذه السيارة سيركبها فهنا لا يجوز أن نعطيه من الزكاة ما يشتري به سيارة لأنه بإمكانه أن يأخذ من الزكاة ما يستأجر به ، لكن كما أسلفنا لو أن هذا الفقير اشترى سيارة ولحقه غرم بشرط أن تكون هذه السيارة لمثله فحينئذٍ نعطيه من الزكاة لكونه أصبح من الغارمين .

________________________________________
([1]) الإنصاف 3/ 238 .
([2]) المجموع 6/ 203.