الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته: الثانية والعشرين المنعقدة بمكة المكرمة، في المدة من 21-25 رجب 1436هـ التي يوافقها 10-14 مايو 2015م نظر في موضوع: (البيع أو التأجير بالسعر المتغير) والمراد به: البيع أو التأجير بعوض آجر متغير، وغير محدّد وقت العقدن وإنما يُعرف مقداره النهائي لاحقاً عند حلول القسط الذي يليه من العقد، ويتم تحديده بناء على طرق معينة، ومؤشر معين متفق عليه، يزيد أو ينقص بحسب حال السوق.
ومن أهم التطبيقات المعاصرة لهذا الموضوع:
أ/ المرابحة بالسعر المتغير: وهي بيع بثمن آجل على أقساط، يحدد فيها عند العقد الربح الخاص بالقسط الأول فقط، ويربط ربح ما بعده من الأقساط بمؤشر متفق عليه، بحيث يحدد ربح القسط الثاني عند استحقاق القسط الأول، ويحدد ربح القسط الثالث عند استحقاق القسط الثاني، وهكذا إلى نهاية الأقسا.
ب/ الإجارة بسعر متغير: وهو عقد إجارة طويلة المدة، تحدد فيه الأجرة حين العقد للمدة الأولى وتربط بقية الأجرة بمؤشر متفق عليه، بحيث تحدد في نهاية كل مدة أجرة المدة التي تليها.
وبعد الاستماع إلى البحوث المقدمة في هذا الموضوع، وبعد المناقشات من قبل أعضاء المجلس، والباحثين، وحيث إنه لا خلاف بين أهل العلم أن من شروط صحة العقد، العلم وقت العقد بالمعقود عليه ثمناً ومثمناً، علماً نافياً للجهالة وسالماً من الغرر. فقد قرر مجلس المجمع ما يلي:
أولاً: أن عقد البيع بسعرٍ آجل متغير لا يصح؛ للأسباب الآتية:
1/ جهالة الثمن وقت العقد، وهي جهالة كبيرة تفضي إلى المنازعة، ويحصل معها الغرر والمخاطرة وليست من الجهالة اليسيرة المغتفرة.
2/ إن تأجيل الثمن يجعله ديناً في ذمة المشتري، وتغيُّر المؤشر بالزيادة يعني زيادة الدين بعد لزومه، مما يوقع في شبهة الربا.
ثانياً: يجوز عقد الإجارة بأجرة متغيرة مرتبطة بمؤشر منضبط معلوم للطرفين، يوضع له حد أعلى وأدنى، شريطة أن تكون أجرة الفترة الأولى محددة عند العقد، وأن تحدد أجرة كل فترة في بدايتها.
والفرق بين عقد الإجارة وعقد البيع هو أن عقد الإجارة يغتفر فيه من الغرر ما لا يغتفر في البيع، باعتباره يقوم على بيع منافع في المستقبل تتجدد شيئاً فشيئاً بخلاف عقد البيع الذي يقع على عين قائمة، وقد أجاز الفقهاء استئجار الأجير بطعامه وكسوته، وأجازوا استئجار الظئر، بحسب العرف، ولأن عقد الإجارة متغيرة الأجرة يخلو من شبهة الربا.
ثالثاً: يرى المجمع مناسبة عقد ندوة للبحث في بدائل البيع بالسعر المتغير القابلة للتطبيق، والتي توافق أصول الشريعة الإسلامية في العقود، ويمكن بواسطتها معالجة المشكلة التي تواجه العاقدين بسبب تغير الأسعار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.