رفض الإحرام بالنسك.. حكمه وآثاره
3 ذو الحجه 1437
د. سعد الخثلان

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد:

فإن الإحرام ركن من أركان الحج والعمرة، وكل من قصد النسك من حج أو عمرة فلا بد أن يتلبس به، ومع كثرة الحجاج والعمار الوافدين إلى البيت الحرام في هذا العصر تكثر الأخطاء المتعلقة بالحج عموماً وبالإحرام خصوصاً إما جهلاً أو تساهلاً، فبعض الناس لا يعرف خصائص الإحرام وأن الأصل فيه أنه لا يرتفض برفضه ولذلك نجد أنه عند وجود صعوبات أو متاعب يفسخ لباس الإحرام ويرجع من مكة معتقداً أن بوسعه ذلك وأنه بالإمكان الإعادة في أي وقت، كما أنه مع وجود بعض التنظيمات التي وضعت للمصلحة العامة للحجيج وعدم التزام بعض الحجاج بها قد يتسبب في منع دخولهم مكة بعد تلبسهم بالإحرام مثل تصريح الحج فإن بعض الحجاج إلى مكة بدون تصريح ثم لا يسمح لهم بالدخول بعد تلبسهم بالإحرام فهل يأخذون حكم المحصر في هذه الحال؟ هذه المسألة وأمثالها مما وقع فيه الخلاف بين العلماء.. وقد رغبت الأمانة العامة للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي أن أكتب بحثاً في هذا الموضوع بعنوان (رفض الإحرام بالنسك حكمه وآثاره) وقد جعلت له خطة مكونة من تمهيد وأربعة مباحث وخاتمة، وهي على النحو الآتي:

التمهيد في حقيقة رفض الإحرام ووجوب إتمام النسك، وفيه ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: تعريف الرفض.
المسألة الثانية: تعريف الإحرام.
المسألة الثالثة: وجوب إتمام النسك، وتعظيم الشعائر.
المبحث الأول: حالات رفض النسك.
وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: رفض الإحرام لأجل الإحصار بالعدو.
المطلب الثاني: رفض الإحرام لأجل الإحصار بغير العدو.
المطلب الثالث: الإحصار عن الوقوف بعرفة.
المطلب الرابع: الإحصار بعد الوقوف بعرفة.
المبحث الثاني: ما يترتب على رفض الإحرام.
المبحث الثالث: رفض الإحرام لغير عذر.
المبحث الرابع: أثر جهل المكلف بحكم رفض الإحرام بالنسك.
والله أسأل أن يجعل عملي خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به ويبارك فيه وأن يرزقنا جميعاً التوفيق والسداد في القول والعمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

تمهيد في بيان حقيقة رفض الإحرام ووجوب إتمام النسك:

وفيه ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: تعريف الرفض:

قال ابن منظور: "الرفض: تركك الشيء. تقول: رفضني فرفضته، رفضت الشيء أرفضه وأرفضه رفضا ورفضا: تركته وفرقته"(1).
ومن المرادفات اللغوية للرفض: الفسخ، والنقض.

 

أما الفسخ فهو "النقض وبابه قطع يقال: (فسخ) البيع والعزم (فانفسخ) أي نقضه فانتقض"(2).
وقال ابن الأثير: "(فسخ) فيه "كان فسخ الحج رخصة لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو أن يكون قد نوى الحج أولاً ثم ينقضه ويبطله ويجعله عمرة ويحل، ثم يعود يحرم بحجة، وهو التمتع، أو قريب منه"(3).

 

وأما النَّقْض: هو ضد الإبرام، قال الخليل الفراهيدي: "النقض: إفساد ما أبرمت من حبل أو بناء، والنقض: البناء المنقوض"(4)(5).

 

المسألة الثانية: تعريف الإحرام:

الإحرام لغة: نية الدخول في التحريم كأن الرجل يحرم على نفسه النكاح والطيب وأشياء من اللباس فيقال أحرم أي دخل في التحريم كما يقال أشتا إذا دخل في الشتاء وأربع إذا دخل في الربيع وأقحط إذا دخل في القحط(6).

 

الإحرام اصطلاحاً: نية الدخول في النسك من حج أو عمرة(7).

 

ومما سبق يتبين أن معنى رفض الإحرام: نية الخروج من النسك حجاً كان أو عمرة بعد اللبس به، وهو بمعنى نقضه وقطعه وفسخه والتحلل منه..

 

المسألة الثالثة: وجوب إتمام النسك:

قال تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196] جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: من أحرم بحج أو بعمرة فليس له أن يحل حت يتمهما(8).

 

وقال الشعبي وغيره: إتمامهما أن لا تفسخ وأن تتمهما إذا بدأت بهما(9).

 

وقال القرطبي - رحمه الله -: "اختلف العلماء في المعنى المراد بإتمام الحج والعمرة لله، فقيل: أدهاؤهما والإتيان بهما، وهذا على مذهب من أوجب العمرة، ومن لم يوجبها قال: المراد تمامهما بعد الشروع فيهما، فإن من أحرم بنسك وجب عليه المضي فيه ولا يفسخه"(10).

 

وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "أمر بإتمام الحج والعمرة، وظاهر السياق إكمال أفعالهما بعد الشروع فيهما؛ ولهذا قال بعده: (فإن أحصرتم) أي: صددتم عن الوصول إلى البيت ومنعتم من إتمامهما. ولهذا اتفق العلماء على أن الشروع في الحج والعمرة ملزم، سواء قيل بوجوب العمرة أو باستحبابها، كما هما قولان للعلماء"(11).

 

وإتمام النسك بعد التلبس به على الوجه المطلوب من تعظيم شعائر الله تعالى، وقد قال سبحانه: {وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} [الحج:30].

 

قال ابن جرير الطبري - رحمه الله -: "يقول: ومن يجتنب ما أمره الله باجتنابه في حال إحرامه تعظيماً منه لحدود الله أن يواقعها وحُرمَه أن يستحلها، فهو خير له عند ربه في الآخرة"(12).
وقال: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32].

 

قال ابن جرير الطبري - رحمه الله -: "إن الله تعالى ذكره أخبر أن تعظيم شعائره، وهي ما جعله أعلاماً لخلقه فيما تعبدهم به من مناسك حجهم، من الأماكن التي أمرهم بأداء ما افترض عليهم منها عندها، والأعمال التي ألزمهم عملها في حجهم: من تقوى قلوبهم، لم يخصص من ذلك شيئاً، فتعظيم كل ذلك من تقوى القلوب"(13).

 

المبحث الأول: حالات رفض النسك:

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: رفض الإحرام لأجل الإحصار بالعدو:

الإحصار لغة: قال ابن فارس: "(حصر) الحاء والصاد والراء أصل واحد، وهو الجمع والحبس والمنع"(14).

 

وقال ابن الأثير: "الإحصار المنع والحبس. يقال: أحصره المرض أو السلطان إذا منعه عن مقصده، فهو محصر، وحصره إذا حبسه فهو محصور"(15).

 

والفرق بين الحصر والإحصار في اللغة أن الإحصار منع بغير حبس بينما الحصر المنع بالحبس(16).

 

والإحصار شرعاً: منع المضي في أفعال النسك سواء كان المنع ظاهراً كالعدو، أو باطناً كالمرض(17).

 

والأصل في حكم الإحصار قول الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة:196].

 

قال ابن جرير الطبري - رحمه الله -: "وأولى التأويلين بالصواب في قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}، تأويل من تأوله بمعنى: فإن أحصركم خوف عدو أو مرض أو علة عن الوصول إلى البيت أي: صيركم خوفكم أو مرضكم تحصرون أنفسكم، فتحبسونها عن النفوذ لما أوجبتموه على أنفسكم من عمل الحج والعمرة"(18).

 

وقال الشافعي - رحمه الله -: "لم أسمع ممن حفظت عنه من أهل العلم بالتفسير مخالفاً في أن هذه الآية نزلت بالحديبية حين أحصر النبي صلى الله عليه وسلم فحال المشركون بينه وبين البيت وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر بالحديبية وحلق ورجع حلالاً ولم يصل إلى البيت"(19).

 

وجاء عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين" فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيراً لقريش، وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل فألحت، فقالوا خلأت القصواء، خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما خلأت القصواء، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل" ثم قال: "والذي نفسي بيده، لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"... – ثم صالحهم النبي صلى الله عليه وسلم الصلح المعروف – قال المسور – فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا" قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك، اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا، فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كان بعضهم يقتل بعضاً غماً"(20)..

 

وقد اتفق العلماء على أن المحرم إذا أحصر بعدو فإن له التحلل ولا فرق بين الإحصار بعدو كافر أو مسلم(21).
قال الشافعي - رحمه الله -: قلإن قال قائل فكيف زعمت أن الإحصار بالمسلمين إحصار يحل به المحرم إذ كان رسول الله إنما أحصر بمشركين؟ قيل له إن الله ذكر الإحصار بالعدو مطلقاً لم يخصص فيه إحصاراً بكافر دون مسلم(22).

 

ولا فرق بين الحصر العام والخاص قال موفق الدين بن قدامة - رحمه الله -: "لا فرق بين الحصر العام في حق الحاج كله، وبين الخاص في حق شخص واحد، مثل أن يحبس بغير حق، أو أخذته اللصوص وحده؛ لعموم النص، ووجود المعنى في الكل. فأما من حبس بحق عليه، يمكنه الخروج منه، لم يكن له التحلل؛ لأنه لا عذر له في الحبس وإن كان معسراً به عاجزاً عن أدائه، فحبسه بغير حق، فله التحلل، وإن كان عليه دين مؤجل، يحل قبل قدوم الحاج، فمنعه صاحبه من الحج، فله التحلل أيضاً؛ لأنه معذور"(23).

 

المطلب الثاني: رفض الإحرام لأجل الإحصار بغير العدو:

إذا أحرم بالنسك ثم حصر بغير العدو كالمرض، أو ذهاب النفقه، أو امرأة أحرمت بالحج بغير إذن زوجها ثم منعها من إتمامه، ونحو ذلك، فهل يدخل ذلك في الإحصار، أم أن الإحصاء خاص بالعدو؟

 

اختلف الفقهاء في هذه المسألة وسبب الخلاف هو الخلاف في تفسير قول الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}.

 

قال ابن رشد - رحمه الله -: "اختلف العلماء في هذه الآية اختلافاً كثيراً، وهو السبب في اختلافهم في حكم المحصر بمرض أو بعدو. فأول اختلافهم في هذه الآية هل المحصر ها هنا هو المحصر بالعدو؟ أو المحصر بالمرض؟ فقال قوم: المحصر ها هنا هو المحصر بالعدو، وقال آخرون: بل المحصر بالمرض" فأما من قال: إن المحصر ها هنا هو المحصر بالعدو فاحتجوا بقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ} قالوا: فلو كان المحصر بمرض لما كان لذكر المرض بعد ذلك فائدة. واحتجوا أيضاً بقوله سبحانه: {فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}.

 

وهذه حجة ظاهرة، ومن قال: إن الآية إنما وردت في المحصر بالمرض فإنه زعم أن المحصر هو من أحصر، ولا يقال: أحصر في العدو، وإنما يقال: حصره العدو، وأحصره المرض. قالوا: وإنما ذكر المرض بعد ذلك؛ لأن المرض صنفان: صنف محصر، وصنف غير محصر. وقالوا: معنى قوله: {فَإِذَا أَمِنتُمْ} معناه من المرض. وقال قوم: بل المحصر ها هنا الممنوع من الحج بأي نوع امتنح؛ إما بمرض، أو بعدو، أو بخطأ في العدد، أو بغير ذلك. وجمهور العلماء على أن المحصر عن الحج ضربان: إما محصر بمرض، وإما محصر بعدو"(24).

 

وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن الإحصار لا يختص بالإحصار بالعدو بل يشمل الإحصار بالمرض ونحوه، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه والثوري وهو رواية عن الإمام أحمد(25). واستدلوا بما يأتي:
1 – عموم قول الله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} قال ابن القيم – رحمه الله – مبينا وجه الدلالة من الآية: "ظاهر القرآن بل صريحه يدل على أن الحصر يكون بالمرض فإن لفظ الإحصار إنما هو للمرض يقال أحصره المرض وحصر العدو فيكون لفظ الآية صريحاً في المريض وحصر العدو ملحق به فكيف يثبت الحكم في الفرع دون الأصل؟! قال الخليل وغيره: حصرت الرجل حصراً منعته وحبسته وأحصر هو عن بلوغ المناسك بمرض أو نحوه"(26).

 

2 – عن عكرمة قال: سمعت الحجاج بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كسر أو عرج أو مرض فقد حل وعليه الحج من قابل" قال عكرمة: سألت ابن عباس، وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صدق(27).

 

3 – ما جاء عن عبد الرحمن بن يزيد قال: خرجنا مهلين بعمرة فينا الأسود بن يزيد، حتى نزلنا ذات الشقوق، فلدغ صاحب لنا، فشق ذلك عليه مشقة شديدة، فلم ندر كيف نصنع به، فخرج بعضنا إلى الطريق، فإذا نحن بركب فيه عبد الله بن مسعود، فقلنا له: يا أبا عبد الرحمن رجل منا لدغ، فكيف نصنع به؟ قال: يبعث معكم بثمن هدي، فتجعلون بينكم وبينه يوماً أمارة، فإذا نحر الهدي فليحل، وعليه عمرة من قابل(28).

 

4 – لأن الإحصار بالمرض أشد من الإحصار بالعدو؛ لأنه لا يقدر على دفع المرض عن نفسه، ويقدر على دفع العدو عن نفسه، إما بقتال، أو بمال، فلما جاز له التحلل بما قد يمكنه أن يدفعه عن نفسه، كان تحلله فيما لا يمكنه أن يدفعه عن نفسه أولى(29).

 

القول الثاني: أن الإحصار خاص بإحصار العدو ولا يشمل غيره من الإحصار بالمرض ونحوه، وإليه ذهب جمهور الفقهاء من المالكية(30)، والشافعية(31)، والحنابلة(32)، واستدلوا بما يأتي:

1 – قول الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} قال الشافعي رحمه الله: الإحصار الذي ذكره الله تبارك وتعالى فقال: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} نزلت يوم الحديبية وأحصر النبي صلى الله عليه وسلم بعدو(33). قالوا: ويتأيد ذلك بمفهوم قوله: {فَإِذَا أَمِنتُمْ} والأمن إنما يكون من العدو، لا من المرض(34).
ونوقش بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وأما الاستشهاد بلفظ الأمن فإن ذكر بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص.

 

2 – عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير، فقال لها: "لعلك أردت الحج؟" قالت: والله لا أجدني إلا وجعة، فقال لها: "حجي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني"(35).
قال الماوردي: وجه الدلالة من وجهين:

أحدهما: أنه لو جاز لها الخروج بالمرض من غير شرط، لأخبرها ولم يعلقه بالشرط.
والثاني: أنه علق جواز إحلالها من المرض بالشرط، والحكم المعلق بشرط لا يتعلق بغيره، وينتفي عند عدمه(36).
ونوقش بأن الاشتراط في هذه الحالة يفيد فائدة جديدة وهي الإحلال بغير دم ولا حلق.

 

3 – آثار عن بعض الصحابة تدل على اختصاص الإحصار بالمرض، وممن روي عنه ذلك:
عمر، وابن عباس، وابن عمر، وأبو أيوب رضي الله عنهم(37).
ونوقش ذلك بأن بعض هذه الآثار في ثبوتها نظر، وعلى تقدير صحتها فتبقى آراء لصحابة خالفهم فيها صحابة آخرون.

 

4 – ولأن المحصر بمرض أو غيره محتاج إلى التحلل؛ لأنه مُنِع عن المضي في موجب الإحرام على وجه لا يمكنه الدفع، فلو لم يجز له التحلل لبقي محرماً لا يحل له ما حظره الإحرام إلى أن يزول المانع، وفيه من الضرر والحرج ما لا يخفى فمست الحاجة إلى التحلل والخروج من الإحرام دفعاً للضرر والحرج(38).
وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج:78].

 

الترجيح:

بعد عرض قولي الفقهاء في المسألة وما استدل به أصحاب كل قول وما أورد من مناقشات واعتراضات يظهر – والله أعلم – أن القول الراجح هو القول الأول وهو أن الإحصار لا يختص بالعدو بل يشمل العدو والمرض وكل ما منع من الوصول إلى البيت وإتمام النسك وذلك لقوة أدلته، قال ابن القيم – رحمه الله -: لو لم يأت نص بحل المحصر بمرض لكان القياس على المحصر بالعدو يقتضيه فكيف وظاهر القرآن والسنة والقياس يدل عليه(39).

 

المطلب الثالث: الإحصار عن الوقوف بعرفة:

من قدم مكة فأحصر بها لم يكن محصراً عند بعض الفقهاء كما هو المذهب عند الحنفية(40).
قال العيني: "الإحصار لا يتحقق عندنا، إلا إذا منع عن الوقوف والطواف جميعاً"(41).
وعند بعض الفقهاء يخرج إلى الحل ويفعل ما يفعله المعتمر كما هو المذهب عند المالكية(42).
وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يعد محصراً لكنه يتحلل من الحج بعمرة ولا هدي عليه.

 

قال الموفق ابن قدامة – رحمه الله -: "فأما من تمكن من البيت ويصد عن عرفة، فله أن يفسخ نية الحج، ويجعله عمرة، ولا هدي عليه؛ لأننا أبحنا له ذلك من غير حصر، فمع الحصر أولى. فإن كان قد طاف وسعى للقدوم، ثم أحصر، أو مرض حتى فاته الحج، تحلل بطواف وسعي آخر؛ لأن الأول لم يقصد به طواف العمرة، ولا سعيها، وليس عليه أن يجدد إحراماً. وبهذا قال الشافعي، وأبو ثور"(43).

 

وهذا القول الأخير هو القول الراجح في المسألة والأقرب للأصول والقواعد الشرعية، أما القول بأنه ليس محصراً فليس بظاهر، وأما القول بخروجه للحل فلا دليل عليه.

 

المطلب الرابع: الإحصار بعد الوقوف بعرفة:

إن عرض للحاج عارض كمرض ونحوه فأحصر بعد الوقوف بعرفة فإن حجه صحيح لكن ليس له التحلل حتى يأتي بما بقي عليه من أركان أو واجبات، أو يجبر الواجبات بدم.

 

قال الموفق ابن قدامة - رحمه الله -: "إن أحصر عن البيت بعد الوقوف بعرفة... فإن كان ما حصر عنه ليس من أركان الحج، كالرمي، وطواف الوداع، والمبيت بمزدلفة أو بمنى في لياليها، فليس له التحلل؛ لأن صحة الحج لا تقف على ذلك، ويكون عليه دم؛ لتركه ذلك، وحجه صحيح، كما لو تركه من غير حصر. وإن أحصر عن طواف الإفاضة بعد رمي الجمرة، فليس له أن يتحلل أيضاً؛ لأن إحرامه إنما هو عن النساء، والشرع إنما ورد بالتحلل من الإحرام التام، الذي يحرم جميع محظوراته، فلا يثبت بما ليس مثله، ومتى زال الحصر أتى بالطواف، وقد تم حجه"(44).

 

المبحث الثاني: ما يترتب على رفض الإحرام:

المحصر له أن يرفض إحرامه بالتحلل منه باتفاق العلماء قال النووي رحمه الله: "يجوز للمحرم بالعمرة التحلل عند الإحصار بلا خلاف ودليل التحلل وإحصار العدو نص القرآن والأحاديث الصحيحة المشهورة في تحلل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية وكانوا محرمين بعمرة وإجماع المسلمين على ذلك"(45).
ولكن ما الذي يترتب على تحلله من ذلك الإحرام؟

 

ذهب بعض العلماء إلى أنه لا شيء عليه، وهو المشهور من مذهب المالكية قال ابن عبد البر: "أما قول مالك فيمن أحصر بعدو أنه يحل من إحرامه ولا هدي عليه ولا قضاء إلا أنه إن كان ساق هدياً نحر"(46).

 

وذهب أكثر العلماء إلى وجوب الهدي عليه لقول الله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، وهذا هو القول الراجح في المسألة؛ فإن دلالة الآية على إيجاب الهدي ظاهرة.

 

قال الموفق ابن قدامة – رحمه الله -: "أجمع أهل العلم على أن المحرم إذا حصره عدو من المشركين، أو غيرهم، فمنعوه الوصول إلى البيت، ولم يجد طريقاً آمناً، فله التحلل. وسواء كان الإحرام بحج أو بعمرة أو بهما وعلى من تحلل بالإحصار الهدي، في قول أكثر أهل العلم، وحكي عن مالك، ليس عليه هدي؛ لأنه تحلل أبيح له من غير تفريط، أشبه من أتم حجه. وليس بصحيح؛ لأن الله تعالى قال: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}"(47).

 

وقال أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله -: "ليس له أن يتحلل حتى ينحر هدياً إن أمكنه؛ لأن الله يقول: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} فأمر بإتمام الحج والعمرة وجعل ما استيسر من الهدي في حق المحصر قائماً مقام الإتمام. وهذا يدل على وجوب الهدي من وجوه:

أحدها: أن التقدير – فإن أحصرتم فعليكم ما استيسر من الهدي -، أو – ففرضكم ما استيسر – فهو خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ خبره محذوف، ترك ذكر المحذوف لدلالة سياق الكلام عليه.

 

الثاني: أنه أمر بالإتمام وجعل الهدي في حق المحصر قائماً مقام الإتمام. والإتمام واجب فما قام مقامه يكون واجباً؛ ولهذا لا يجوز له التحلل حتى ينحر الهدي؛ لأنه بدل عن تمام النسك. ولا يجوز له التحلل حتى يتم النسك.

 

الثالث: أن قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} كقوله: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} وذلك أن الإحصار المطلق هو الذي يتعذر معه الوصول إلى البيت، وهذا يوجب الهدي لا محالة.

 

الرابع: أنه قال: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} وهذا عام..."(48).

 

وهل يجب مع الهدي حلق الرأس؟ قولان للعلماء فمنهم من ذهب إلى عدم وجوبه؛ لأنه من توابع الوقوف كالرمي، ومنهم من ذهب إلى وجوبه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك بل إن غضب لما لم يبادر الصحابة إلى الحلق لما أحصروا في الحديبية ثم إن قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} فيه إشارة إلى أنه لا بد من الحلق والقول الراجح هو القول بوجوب الحلق في حق المحصر لقوة دليله وأما القول بأن الحلق من توابع الوقوف فهو أيضاً من توابع الإحصار(49).
وهل يجب على المحصر بعد الهدي والحلق قضاء ذلك النسك؟

 

قال ابن القيم – رحمه الله -: اختلف الفقهاء في ذلك على أربعة أقوال:
أحدها: أن من أحصر عن العمرة يلزمه الهدي والقضاء، وهذا إحدى الروايات عن أحمد، بل أشهرها عنه.
والثاني: لا قضاء عليه، وعليه الهدي، وهو قول الشافعي، ومالك في ظاهر مذهبه، ورواية أبي طالب عن أحمد.
والثالث: يلزمه القضاء، ولا هدي عليه، وهو قول أبي حنيفة.
والرابع: لا قضاء عليه، ولا هدي، وهو إحدى الروايات عن أحمد.

 

فمن أوجب عليه القضاء والهدي، احتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحروا الهدي حين صدوا عن البيت، ثم قضوا من قابل، قالوا: والعمرة تلزم بالشروع فيها، ولا يسقط الوجوب إلا بفعلها ونحر الهدي لأجل التحلل قبل تمامها، وقالوا: وظاهر الآية يوجب الهدي، لقوله تعالى: { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}.

 

ومن لم يوجبهما قالوا: لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذين أحصروا معه بالقضاء، ولا أحداً منهم، ولا وقف الحل على نحرهم الهدي بل أمرهم أن يحلقوا رؤوسهم وأمر من كان معه هدي أن ينحر هديه.
ومن أوجب الهدي دون القضاء احتج بقوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}.

 

ومن أوجب القضاء دون الهدي، احتج بأن العمرة تلزم بالشروع، فإذا أحصر جاز له تأخيرها لعذر الإحصار، فإذا زال الحصر، أتى بها بالوجوب السابق، ولا يوجب تخلل التحلل بين الإحرام بها أولا وبين فعلها في وقت الإمكان شيئاً، وظاهر القرآن يرد هذا القول، ويوجب الهدي دون القضاء؛ لأنه جعل الهدي هو جميع ما على المحصر، فدل على أنه يكتفى به منه"(50).

 

والراجح أنه لا يجب القضاء في حق المحصر وإنما يستحب؛ لأن الصحابة الذين أحصروا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية قرابة ألف وأربعمئة ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أو أمر أحداً منهم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لنقل واشتهر، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

 

وإذا لم يجد المحصر الهدي فهل ينتقل إلى الصيام فيكون الصوم بدلاً عنه؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة فمنهم من ذهب إلى أن الهدي ليس له بدل فلا ينتقل عند العجز عنه إلى الصيام وهذا هو مذهب الحنفية وقول عند المالكية(51)؛ لأن الله تعالى إنما ذكر الهدي في قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ولم يذكر الصيام، ولو كان يصار للصيام عند العجز عن الهدي لذكره الله كما ذكر في هدي التمتع في قوله: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}.

 

ومن الفقهاء من ذهب إلى أنه إذا عجز عن الهدي، انتقل إلى صوم عشرة أيام، ثم حل وهذا هو المذهب عند الشافعية(52)، والحنابلة(53)، واستدلوا بالقياس على هدي التمتع؛ فإن المتمتع إذا لم يجد هدياً انتقل إلى الصيام.

 

والراجح هو القول الأول وهو أن الهدي ليس له بدل فلا ينتقل عند العجز عنه إلى الصيام لقوة دليله، وأما ما استدل به أصحاب القول الثاني من القياس على هدي التمتع فهذا القياس محل نظر من وجهين هما:

الأول: أن ظاهر حال الصحابة الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية وكانوا قرابة ألف وأربعمائة أن فيهم الفقراء، ولم يرد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم: من لم يجد الهدي فليصم عشرة أيام، والأصل براءة الذمة.

 

الثاني: أن الهدي الواجب في التمتع هدي شكران للجمع بين النسكين، أما في الإحصار فهو عكس التمتع؛ لأن المحصر حُرِم من نسك واحد فكيف يقاس هذا على هذا؟(54).

 

المبحث الثالث: رفض الإحرام لغير عذر:

صورة المسألة: رجل أحرم بعمرة أو حج، ثم وجد زحاماً أو اختلف مع الرفقة ونحو ذلك فرفض إحرامه وخلع ملابس الإحرام وترك النسك فما الحكم؟

 

اتفق أهل العلم على عدم جواز قطع الإحرام ابتداء بغير عذر، كما اتفقوا على أنه إذا شرط التحلل بلا عذر بأن قال في إحرامه متى شئت خرجت منه أو إن ندمت أو كسلت ونحو ذلك فلا يجوز له التحلل(55)، كما ذهب عامة أهل العلم إلى أن الإحرام لا يرتفض برفضه وأنه باق ولا ينقطع بمجرد نية قطعه ما لم يشترط وهذا هو المذهب عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة(56)(57)، وذلك لقول الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} فأمر الله تعالى بإتمام الحج والعمرة بعد الشروع فيهما، واستثنى حالة الإحصار التي أباح فيها التحلل بعد ذبح ما استيسر من الهدي وهذا يقتضي نفي ما عدا ذلك.
أما إذا اشترط شرطاً مقارناً للإحرام فلا يخلو أن يكون له فيه غرض صحيح أو لا يكون.

 

قال الماوردي: إن شرط قبل إحرامه أو بعده لم ينعقد الشرط، وإن كان الشرط مقترناً بإحرامه، فعلى ضربين:
أحدهما: أن يكون فيه غرض صحيح.
والثاني: أن لا يكون فيه غرض صحيح.

 

فإن كان فيه غرض صحيح، وهو أن يقول: إن حبسني مرض، أو انقطعت بي نفقة، أحللت، أو أنا حلال، أو يشترط فيقول: إن أخطأت العدد، أو ضللت عن الطريق، أو عاقني عائق، ففاتني الحج، كان حجي عمرة، فهذه الشروط كلها منعقدة؛ لما فيها من الغرض الصحيح، وإن لم يكن في الشروط غرض صحيح، مثل قوله أنا محرم بحج، فإن أحببت الخروج منه خرجت، وإن لم يساعدني زيد قعدت، فهذا وما أشبهه من الشروط فاسدة، لا تنعقد، ولا يجوز الإحلال بها(58).

 

وقد اختلف العلماء في حكم الاشتراط في النسك على أقوال:
القول الأول: الاشتراط مشروع ويترتب عليه آثاره، وهو قول الشافعي – في القديم – وأصحابه(59)، واستحبه الحنابلة(60).
وعند أبي حنيفة التحلل ثابت بكل إحصار(61).

 

قال أبو داود: "قلت لأحمد يشترط الرجل إذا حج؟ قال: إن اشترط فلا بأس، وسئل عمن اشترط في الحج، ثم أحصر؟ قال: ليس عليه شيء"(62).

 

قال النووي: "وإنما توقف الشافعي لعدم وقوفه على صحة الحديث وقد صرح الشافعي بهذا الطريق في نصه الذي حكيته الآن عنه وهو قوله "لو صح حديث عروة لم أعده فالصواب الجزم بصحة الاشتراط للأحاديث"(64).

 

وقال الماوردي: "فأما إذا شرط مع الإحرام الإحلال بالمرض، وهو أن يقول في إحرامه: إن حبستني مرض، أو انقطعت في نفقة، أو عاقني عائق من ضلال طريق أو خطأ في عدو، تحللت، فقد ذهب الشافعي في القديم إلى انعقاد هذا الشرط، وجواز الإحلال به"(65).

 

وقال ابن قدامة: "يستحب لمن أحرم بنسك، أن يشترط عند إحرامه، فيقول: إن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني. وممن روي عنه أنه رأى الاشتراط عند الإحرام"(66).

 

واستدلوا بحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير، فقال لها: "لعلك أردت الحج؟" قالت: والله لا أجدني إلا وجعة، فقال لها: "حجي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني"(67).

 

وقال الحافظ ابن حجر: "وصح القول بالاشتراط عن عمر وعثمان وعلي وعمار وابن مسعود وعائشة وأم سلمة وغيرهم من الصحابة ولم يصح إنكاره عن أحد من الصحابة إلا عن ابن عمر، ووافقه جماعة من التابعين ومن بعدهم من الحنفية والمالكية"(68).

 

القول الثاني: لا يصح الاشتراط في الإحرام وبه قال مالك(69)، وهو قول ابن عمر، وإبراهيم النخعي، وابن شهاب الزهري(70).

 

قال مالك: "الاشتراط في الحج باطل ويمضي على إحرامه حتى يتمه على سنته ولا ينفعه قوله محلي حيث حبستني"(71).

 

واستدلوا: بما جاء عن سالم بن عبد الله قال: كان ابن عمر يقول: "أليس حسبكم سنة رسول الله؟ إن حبس أحدكم عن الحج، طاف بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم حل من كل شيء، حتى يحج عاماً قابلاً، فيهدي أو يصوم إن لم يجد هدياً"(72).

 

وفي لفظ آخر:
عن سالم بن عبد الله قال: كان ابن عمر ينكر الاشتراط في الحج ويقول: "أليس حسبكم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم"(73).

 

قال البيهقي: "وعندي أن أبا عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب لو بلغه حديث ضباعة بنت الزبير لصار إليه ولم ينكر الاشتراط كما لم ينكره أبوه"(74).

 

القول الثالث: أنه سنة لمن كان يخاف المانع من إتمام النسك، وغير سنة لمن لم يخف. وهو قول عند الحنابلة اختاره أبو العباس ابن تيمية(75)، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه اشترط، ولا أمر به أصحابه أمراً مطلقاً، بل أمر به من جاءت تستفتي وهي ضباعة بنت الزبير؛ لأنها كانت مريضة تخشى أن يشتد بها المرض فلا تكمل النسك، فمن خاف من مانع يمنعه من إتمام النسك فيستحب له الاشتراط وأما من لم يخف فالسنة ألا يشترط(76).

 

وهذا القول الأخير – وهو أن الاشتراط إنما يسن في حق من يخشى من عائق يعوقه عن إتمام النسك ولا يسن في حق من لم يخش من عائق يعوقه – هو القول الراجح في هذه المسألة؛ لأنه القول الذي تجتمع به الأدلة.

 

فائدة الاشتراط:

إذا اشترط المحرم فقال: "إذا حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، حل بمجرد وجود المانع؛ من عدو، أو مرض، أو ذهاب نفقة، ونحوه، لأنه علق الحل على شرط فوجد الشرط، فإذا وجد الشرط وجد، ومتى حل بذلك، فلا دم عليه ولا صوم"(77).

 

قال الموفق ابن قدامة - رحمه الله -: (يفيد هذا الشرط شيئين: أحدهما، أنه إذا عاقه عائق من عدو، أو مرض، أو ذهاب نفقة، ونحوه، أن له التحلل، والثاني، أنه متى حل بذلك، فلا دم عليه ولا صوم)(78).

 

وبناء على ما سبق فإن من أحرم بعمرة أو حج وتلبس بنية الإحرام فليس له التحلل منه ورفضه بل يلزمه إتمام النسك فرضاً كان أم نافلة إذا أن يكون محصراً – وقد سبق بيان أحكام المحصر في المبحث السابق – أو أنه اشترط عند إحرامه ماله فيه غرض صحيح فإن له التحلل بمقتضى ذلك الشرط من غير أن يترتب عليه شيء.

 

ومن التطبيقات المعاصرة لهذه المسألة أن يحرم المسلم بالحج ثم يمنع من دخول مكة لكونه لا يحمل تصريحاً للحج فإن كان قد اشترط عند إحرامه تحلل ولا شيء عليه، وإن لم يكن قد اشترط فيكون حكمه حكم المحصر فيذبح هدياً حيث أحصر ويحلق رأسه أو يقصر، وبذلك يكون قد حل من إحرامه.

 

المبحث الرابع: أثر جهل المكلف بحكم رفض الإحرام بالنسك:

من رفض إحرامه عالماً معتقداً عدم تأثير الرفض على الغحرام لكنه تمادى في ارتكاب المحظورات فيلزمه عن كل محظور ما يترتب عليه من فدية أو جزاء في قول أكثر أهل العلم، قال الموفق ابن قدامة - رحمه الله -: (التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء: كمال أفعاله، أو التحلل عند الحصر، أو بالعذر إذا شرط، وما عدا هذا فليس له أن يتحلل به. فإن نوى التحلل لم يحل، ولا يفسد الإحرام برفضه؛ لأنه عبادة لا يخرج منها بالفساد، فلا يخرج منها برفضها، بخلاف سائر العبادات، ويكون الإحرام باقياً في حقه، تلزمه أحكامه، ويلزمه جزاء كل جناية جناها عليه. وإن وطئ أفسد حجه، وعليه لذلك بدنة، مع ما وجب عليه من الدماء، سواء كان الوطء قبل الجنايات أو بعدها، فإن الجناية على الإحرام الفاسد توجب الجزاء، كالجناية على الصحيح. وليس عليه لرفضه الإحرام شيء؛ لأنه مجرد نية لم تؤثر شيئاً"(79) ا.هـ.

 

أما إن رفض إحرامه جاهلاً ومعتقداً أنه يسعه فسخ إحرامه والإتيان بهذا النسك مستقبلاً فإن إحرامه لا يرتفض برفضه ولا ينفسخ بنية التحلل والفسخ لكن هل يلزمه عن كل محظور ارتكبه وقت جهله فدية أو جزاء؟

 

هذه المسألة ترجع لمسألة حكم ارتكاب محظورات الإحرام مع الجهل أو النسيان، وقد اختلف فيها الفقهاء فمنهم من ذهب إلى أنه يستوي العامد والجاهل فيها وأنه يلزم مرتكب المحظورات جاهلاً ما يلزم مرتكبها عالماً إلا أن الجاهل يرتفع عنه الإثم لجهله وهذا هو مذهب الحنفية(80)، والمالكية(81)، ومنهم من ذهب إلى أنه لا فدية على الجاهل والناسي إلا ما كان على سبيل الإتلاف كحلق الشعر وتقليم الأظافر والصيد والجماع فيستوي عمده وجهله، وهذا هو المذهب عند الشافعية(82). (إلا أن الأصح عندهم في الجماع أنه لا فدية فيه على الجاهل)، والحنابلة(83). ومنهم من ذهب إلى أن من ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه مطلقاً وإليه ذهب الظاهرية(84). وجمع من المحققين من أهل العلم(85)، وهذا هو القول الراجح في المسألة لعموم الأدلة الدالة على رفع المؤاخذة عن الجاهل والناسي والمخطئ، ومنها قول الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5]، وقوله: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286].

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه"(86).

 

ولأن الجزاء، أو الفدية، أو الكفارة إنما شرعت لفداء النفس من المخالفة أو للتكفير عن الذنب، والجاهل أو الناسي أو المكره لم يتعمد المخالفة، ولهذا لو كان ذاكراً أو عالماً أو مختاراً لم يفعل(87).

 

ولكن ننبه هنا إلى أن الجهل أو النسيان لا أثر له في عدم صحة نكاح المحرم أو المحرمة، وعليه فلو أن محرماً ارتفض إحرامه جاهلاً أو لم يفعل ما يحصل به التحلل من النسك جاهلاً أو ناسياً فعقد الرجل على امرأة أو أن المرأة عقد عليها في هذه الحال فإن العقد لا يصح ويلزم تجديده لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَنْكِحُ المُحْرِمُ ولا يُنْكَحُ ولا يَخْطُبُ"(88).

 

كما ننبه إلى أنه لا أثر لتقادم رفض الإحرام في اختلاف الفتوى، وغالب من يقع منهم رفض الإحرام يقع عن جهل وبناء على القول الراجح فلا شيء عليهم في هذه الحال فيما ارتكبوه من محظورات الإحرام لجهلهم ولو طالت المدة مع التحقق من عدم عقد النكاح في هذه المدة؛ إذ إنه لو عقد لم يصح ويلزم تجديده. والله أعلم.

 

خاتمة البحث:

في ختام هذا البحث ألخص أبرز النتائج التي توصلت إليها في الآتي:

-    رفض الإحرام هو: نية الخروج من النسك حجاً كان أو عمرة بعد التلبس به، وهو بمعنى نقضه وقطعه وفسخه والتحلل منه.

 

-    من أحرم بحج أو بعمرة فرضاً كان أم نقلاً فليس له أن يحل حتى يتمهما، وإتمامهما من تعظيم شعائر الله تعالى.

 

-    أن من أحصر بعدو أو غيره فله التحلل بعدما يذبح هدياً ويحلق رأسه، واختلف العلماء في وجوب قضاء ذلك النسك الذي أحصر عنه والراجح أنه يستحب قضاؤه ولا يجب، وإذا عجز عن الهدي فلا يجب عليه صيام في أرجح قولي الفقهاء.

 

-    الراجح أنه لا فرق في الإحصار بين أن يكون بعدو أو بغيره كمرض ونحوه.

 

-    من صور الإحصار في الوقت الحاضر منع من يريد الحج من دخول مكة لكونه لا يحمل تصريح الحج فإن كان قد اشترط تحلل ولا شيء عليه وإن لم يكن قد اشترط ذبح هدياً في مكان الإحصار وحلق رأسه وتحلل.

 

-    من تمكن من دخول مكة ولم يستطع الوصول لعرفة فإنه محصر وله التحلل بفسخ نية الحج، وجعله عمرة، والإتيان بأفعال العمرة ولا هدي عليه في أرجح أقوال الفقهاء.

 

-    إن عرض للحاج عارض كمرض ونحوه فأحصر بعد الوقوف بعرفة فإن حجه صحيح لكن ليس له التحلل حتى يأتي بما بقي عليه من أركان أو واجبات، أو يجبر الواجبات بدم.

 

-    اتفق أهل العلم على عدم جواز قطع الإحرام ابتداء بغير عذر، كما اتفقوا على أنه إذا شرط ا لتحلل بلا عذر بأن قال في إحرامه متى شئت خرجت منه ونحو ذلك فلا يجوز له التحلل كما ذهب عامة أهل العلم إلى أن الإحرام لا يرتفض برفضه وأنه باق ولا ينقطع بمجرد نية قطعه ما لم يشترط فإن اشترط فيما له فيه غرض صحيح فله أن يتحلل من إحرامه.

 

-    أن الراجح في الاشتراط أنه سنة لمن كان يخاف من عائق يعوقه عن إتمام النسك، وغير سنة لمن لم يخف.

 

-    فائدة الاشتراط: أنه إذا عاقه عائق من عدو، أو مرض ونحوه فله التحلل، ومتى حل بذلك، فلا دم عليه ولا صوم.

 

-    التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء: كمال أفعاله، أو التحلل عند الحصر، أو بالعذر إذا شرط، وما عدا هذا فليس له أن يتحلل به، فإن نوى التحلل لم يحل، ولا يفسد الإحرام برفضه، ويكون الإحرام باقياً في حقه، تلزمه أحكامه، ويلزمه جزاء عن كل محظور ارتكبه عالماً عامداً.

 

-    من رفض إحرامه جاهلاً ومعتقداً أنه يسعه فسخ إحرامه والإتيان بهذا النسك مستقبلاً فإن إحرامه لا يرتفض برفضه ولا ينفسخ بنية التحلل والفسخ، والراجح أنه لا يلزمه شيء عن محظورات الإحرام التي ارتبكها وقت جهله لكن الجهل لا أثر له في عدم صحة نكاح المحر أو المحرمة، وعليه فلو أن محرماً ارتفض إحرامه جاهلاً فعقد الرجل على امرأة أو المرأة عقد عليها في هذه الحال فإن العقد لا يصح ويلزم تجديده.

 

-    لا أثر لتقادم رفض الإحرام في اختلاف الفتوى، وغالب من يقع منهم رفض الإحرام يقع عن جهل.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

 

_________________________

(1)    لسان العرب (7/156) فصل الراء، مادة رفض. وينظر: العين (7/29) والصحاح تاج اللغة (3/1078) مادة رفض، ومجمل اللغة لابن فارس (1/391) باب الراء والفاء وما يثلثهما مادة رفض.
(2)    ينظر: مختار الصحاح (1/239) مادة ف س خ، القاموس المحيط (1/257) فصل الفاء. وانظر: تاج العروس (7/319) مادة فسخ.
(3)    النهاية في غريب الحديث والأثر (3/445).
(4)    العين (5/50) باب القاف والضاد والنون معهما ن ق ض يستعمل فقط.
(5)    ينظر: التوقيف على مهمات التعاريف (1/329) فصل القاف، تهذيب اللغة (8/269) باب القاف والضاد مادة نقض، ولسان العرب (7/242) فصل القاف، مادة نقض.
(6)    ينظر: غريب الحديث لابن قتيبة (1/218) الإحرام، التوقيف على مهمات التعاريف (1/40) فصل الحاء.
(7)    ينظر: تحرير ألفاظ التنبيه (1/139)، المبدع (3/107).
(8)    جامع البيان (3/7) (أثر 3188) وانظر: ما بعده.
(9)    المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المعروف بـ تفسير ابن عطية (1/265).
(10)    تفسير القرطبي (2/365).
(11)    تفسير القرآن العظيم المعروف بـ تفسير ابن كثير (1/530).
(12)    تفسير الطبري (18/617).
(13)    المرجع السابق (18/622).
(14)    مقاييس اللغة (2/72) مادة حصر.
(15)    النهاية في غريب الحديث والأثر (1/395) مادة حصر. وانظر: لسان العرب (4/195).
(16)    ينظر: الفروق اللغوية للعسكري (1/115).
(17)    التوقيف على مهمات التعاريف (1/40) والكليات (1/54) والتعريفات (1/12).
(18)    جامع البيان (3/25).
(19)    الأم (2/173).
(20)    أخرجه البخاري في صحيحه (3/193) (2731) كتاب الشروط – باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط.
(21)    ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/176)، المجموع (8/300).
(22)    الأم (2/175) وانظر: مختصر المزني (8/169) والحاوي الكبير للماوردي (4/345).
(23)    المغني (3/327). وينظر: المجموع شرح المهذب (8/305).
(24)    بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/120) وينظر: تمام قوله هناك، وانظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/395) مادة حصر، لسان العرب (4/195)، الفروق اللغوية للعسكري (1/115).
(25)    ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/175)، والعناية شرح الهداية (3/124)، والاستذكار ومعالم السنن (2/159)، وشرح السنة للبغوي (7/287)، وشرح صحيح البخاري لابن بطال (4/457)، وسبل السلام (1/660).
(26)    تهذيب السنن (5/223).
(27)    أخرجه أحمد (24/509) (15731) وأبو داود في سننه (2/173) (1862) كتاب المناسك – باب الإحصار، والترمذي في سننه (3/268) (940) كتاب أبواب المناسك – باب ما جاء في الذي يهل بالحج فيكسر أو يعرج، وحسنه، والنسائي في سننه (5/198) (286) كتاب مناسك الحج – فيمن أحصر بعدو، وابن ماجه في سننه (2/1028) (3077) كتاب المناسك – باب المحصر، والدارمي في سننه (2/1205) (1936) كتاب المناسك – باب في المصحر بعدو، والطبراني في الكبير (3/224) (3211) والحاكم في المستدرك (1/642) (1725) وصححه، والبيهقي في سننه (5/360) (1009) كتاب الحج – باب من رأى الإحلال بالإحصار بالمرض. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (6/117) (1627).
(28)    أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (3/41) (3295) والبيهقي في الكبرى (15/36) (10101) كتاب الحج – باب من رأى الإحلال بالإحصار بالمرض. قال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/3) أخرجه ابن جرير بإنساد صحيح.
(29)    الحاوي الكبير (4/910).
(30)    ينظر: التمهيد (15/194)، والمقدمات الممهدات (1/390) والذميرة (3/187).
(31)    ينظر: الأم (2/178)، المجموع (8/301)، روضة الطالبين (3/173).
(32)    ينظر: المغني (3/331) والمبدع في شرح المقنع (3/245) وشرح الزركشي على مختصر الخرقي (3/168)، الإنصاف (4/71).
(33)    الأم (2/218).
(34)    ينظر: بداية المجتهد (1/354).
(35)    أخرجه: البخاري في صحيحه (7/7) (5089) كتاب النكاح – باب الأكفاء في الدين.
(36)    الحاوي الكبير (4/357).
(37)    ينظر: الموطأ (1/361) (103) كتاب الحج – باب ما جاء فيمن أحصر بغير عدو، مصنف ابن أبي شيبة (3/213) (13555).
(38)    ينظر: بدائع الصنائع (2/177).
(39)    تهذيب السنن (5/224).
(40)    ينظر: المبسوط (4/114) والمحيط البرهاني في الفقه النعماني (2/473).
(41)    البناية شرح الهداية (4/456).
(42)    ينظر: المدونة (1/403)، التاج والإكليل (4/301).
(43)    المغني (3/329).
(44)    المغني (3/329).
(45)    المجموع (8/294).
(46)    الاستذكار (4/170)، وانظر: الكافي في فقه أهل المدينة (1/400)، بداية المجتهد (2/120).
(47)    المغني (3/326).
(48)    شرح عمدة الفقه لابن تيمية (3/368).
(49)    ينظر: شرح منتهى الإرادات (2/592)، الشرح الممتع لابن عثيمين (7/416).
(50)    زاد المعاد في هدي خير العباد (3/334).
(51)    ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/180) البناية شرح الهداية (4/437)، الذخيرة (3/185).
(52)    ينظر: المجموع (8/291) وتحفة المحتاج في شرح المنهاج (4/203) وحاشية الجمل على شرح المنهج (2/543) وأسنى المطالب في شرح روض الطالب (1/531) ومغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (2/316).
(53)    ينظر: المغني (3/330) وشرح الزركشي على مختصر الخرقي (3/167) والمبدع في شرح المقنع (3/247).
(54)    ينظر: الشرح الممتع لابن عثيمين (7/416).
(55)    المجموع (8/317).
(56)    ينظر: بدائع الصنائع (2/218)، الذخيرة (3/223)، المجموع (7/414)، كشاف القناع (6/372).
(57)    وفي المسألة قول آخر نسب لربيعة وعطاء وداود وابن حزم أن الإحرام يرتفض برفضه وينقطع بإفساده، المحلى (5/198) المغني (5/205)، المجموع (1/414)، لكنه قول شاذ لمخالفته للنصوص التي فيها الأمر بإتمام الحج والعمرة، وقد قيل إنه مسبوق بإجماع الصحابة – رضي الله عنهم – على أن الإحرام لا يرتفض برفضه.
(58)    الحاوي الكبير (4/360).
(59)    الأم (2/172)، المجموع (8/310)، الحاوي الكبير (4/359).
(60)    المغني (3/266)، والكافي في فقه الإمام أحمد (1/477)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (3/92)، والمبدع في شرح المقنع (6/124).
(61)    ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (2/463)، والمبسوط للسرخسي (4/106)، وبدائع الصنائع (2/175)، والعناية شرح الهداية (3/124).
(62)    مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني (1/171).
(63)    الأم (2/172).
(64)    المجموع (8/310).
(65)    الحاوي الكبير (4/359).
(66)    المغني (3/265).
(67)    أخرجه: البخاري في صحيحه (7/7) (5089) كتاب النكاح – باب الأكفاء في الدين، ومسلم في صحيحه (2/867) (1207) كتاب الحج – باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه.
(68)    فتح الباري لابن حجر (4/9).
(69)    الاستذكار (4/410).
(70)    المجموع (8/311)، والمغني (3/266).
(71)    الاستذكار (4/410).
(72)    أخرجه البخاري في صحيحه (3/9) (1810) كتاب الحج – باب الإحصار في الحج.
(73)    أخرجه الترمذي في سننه (3/270) (942) كتاب الحج – باب منه وقال هذا حديث حسن صحيح.
(74)    السنن الكبرى (5/366).
(75)    ينظر: الإنصاف (3/434)، مجموع فتاوى ابن تيمية (26/106).
(76)    ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (26/106)، والشرح الممتع على زاد المستقنع (7/72).
(77)    انظر: المجموع (8/311)، والحاوي الكبير (4/361)، والمغني (3/265)، والشرح الممتع على زاد المستقنع (7/75).
(78)    المغني (5/92، 93).
(79)    المغني (5/205).
(80)    ينظر: بدائع الصنائع (2/188)، البحر الرائق (3/13).
(81)    ينظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/130)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/389).
(82)    ينظر: الأم (2/167)، والحاوي الكبير (4/105)، والبيان في مذهب الإمام الشافعي (4/198)، وروضة الطالبين وعمدة المفتين (3/132)، والمجموع (7/342).
(83)    ينظر: المغني (3/435)، والإنصاف (3/540)، وشرح الزركشي على مختصر الخرقي (3/332)، وكشاف القناع (2/425).
(84)    ينظر: المحلى (7/214).
(85)    ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (25/266)، وإعلام الموقعين لابن القيم (2/50)، ومجموع فتاوى ابن باز (16/213).
(86)    أخرجه ابن ماجه في سننه (1/659) (2045)، كتاب الطلاق – باب طلاق المكره والناسي، والحميدي في مسنده (2/265) (1207)، وإسحاق ابن راهويه في مسنده (1/80) (5) والنسائي في الكبرى (5/265) (5597)، والطحاوي في مشكل الآثار (4/320) (1631) وابن حبان (16/202) (7219) وصححه الألباني في إرواء الغليل (1/123) (82)، وانظر: البدر المنير (4/177).
(87)    ينظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/200).
(88)    أخرجه مسلم في صحيحه (3512) (4/136) من حديث عثمان رضي الله عنه.