إمتاع النظر بأحكام الجمع في المطر
30 جمادى الأول 1438
فهد بن يحيى العماري

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد ؛

فهذه بعض المسائل المهمة في أحكام الجمع بسبب المطر، سألني بعض الإخوة عن المشكل منها، فكتبتها لنفسي وإخواني إجابة على أسئلتهم، ومن ثم طلب بعض الأخوة نشرها، فاستعنت بالله في جمعها وكتابتها على عجل، واخترت أهمها، دون إطالة، وخشية الملل والسآمة مع إشارة للخلاف يسيرة، وفاء بالوعد، ورغبة في عدم التأخير، وضيقًا للوقت، وهي ثلاثون مسألة، وأسميتها: (إمتاع النظر بأحكام الجمع في المطر)

 

سائلاً الله التوفيق والسداد والهدى والرشاد لأنفسنا وأمتنا، وأن يحيينا جميعًا على العلم النافع والعمل الصالح، وأن يمتعنا متاعًا حسناَ، وأن يتقبل وينفع بهذه الرسالة العباد والبلاد، وأن يعفو ويصفح عما كان من خطأ وزلل في الدنيا ويوم التناد، إنه سميع قريب مجيب للعباد.

إن رُمْتَ أنْ تَعرِفَ أحكامَ المطرْ

 

وتبلُغَ المُنى وتَقضي للوطر

وتَرتوي من خيرِ علمٍ مُستطَر(1)

 

فاقرأ كتابي ذاك إمتاع النظر

 

 

أولاً: إن من نعم الله على عباده نعمة المطر، يقول الله تعالى:﴿فَقُلتُ استغفِروا ربَكم إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ ويقول سبحانه ﴿فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْييِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ يقول سبحانه: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ﴾، ويقول سبحانه:﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾.

 

فالواجب شكر الله وحمده، والدعاء، وعدم مقابلة ذلك بالفسق والعصيان واللهو المحرم، فإن النعم تزول بالمعاصي، وتسلب بركة الخيرات وثمرتها بسببها، وتعود على البلاد والعباد بالشرور والفساد.

 

غيثٌ من الرحمنِ عَمّ بلادنا

 

سُقيا منَ المنّان تَروي أرضَنا

فانظـرْ إلى آثارِ رحمـةِ ربّنا

 

واشـكره أَكثِـرْ للإله مـن الثّنـا

 

*****

قال الإله "استغفروا ربكمُ"

 

لمنْ أرادَ الغيثَ مِدرارًا يَصُبْ

فاستغفـروه دائمـاً وسـرمدًا

 

ولـتـفـعـلـوا كل الـذي يُـحِــبْ

 

 

ثانيًا: أهم المسائل في حكم الجمع بسبب المطر:

1 - حكم الجمع في المطر محل خلاف:

القول الأول: يجوز، وهو مذهب عمر بن الخطاب وابن عمر وابن عباس وعروة وأبان بن عثمان رضي الله عنهم(2) وعمر بن عبد العزيز، وسعيد بن المسيب وعامة فقهاء المدينة.

القول الثاني: يجوز، ولكن الأفضل تركه، وهو مذهب الشافعية واختاره النووي ومذهب الحنابلة وصححه المرداوي وابن مفلح وعليه أكثر الأصحاب.

القول الثالث: لا يجوز الجمع إلا في عرفة ومزدلفة، وهو مذهب الحنفية.

الراجح: الجواز ، لأن الأحاديث الواردة في السنة التي تدل على أصل الجمع بغير سبب المطر كثيرة، وفعل الصحابة رضوان الله عليهم وسلف الأمة على مشروعية الجمع بسبب السفر والمطر والخوف ونحوها، وورد عن ابن عباس، قال: «جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، في غير خوف، ولا مطر» في حديث وكيع: قال: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: «كي لا يحرج أمته» رواه مسلم، فيفهم من الحديث جواز الجمع بسبب المطر.

 

2 - هل الجمع في السفر سنة أم رخصة ومباح؟

القول الأول: سنة وهو مذهب المالكية.

القول الثاني: جائز وهو مذهب الشافعية والحنابلة.

الراجح: سواء قلنا سنة أو رخصة، فإن الرخصة يحبها الله كما قال صلى الله عليه وسلم:(إن الله يحب أن تؤتى رخصه) رواه أحمد وصححه النووي وغيره.

 

3-هل يجوز الجمع لتوقع المطر؟

القول الأول: يجوز فإن لم ينزل وجبت الإعادة وهو مذهب المالكية.

القول الثاني: لا يجوز، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.

الراجح الثاني: لعدم وجود السبب.

 

4-أيهما أولى الصلاة في المساجد جمعًا في جماعة أم الصلاة في البيوت بدون الجمع؟

أ/ إن كان نزل المطر قبل خروج الناس إلى الصلاة في المساجد فينادي المؤذن: (ألا صلوا في رحالكم) وهذا هو السنة، وقد ورد ذلك عن ابن عمر رضي الله عنه أنه نادى بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ومطر فقال في آخر ندائه: (ألا صلوا في رحالكم) ثم قال إن رسول صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر في السفر أن يقول (ألا صلوا في رحالكم) رواه مسلم، وورد كذلك عن ابن عباس رضي الله عنه رواه مسلم، وهي سنة مهجورة.

ب/ إن كان نزل المطر بعد وصول الناس إلى مساجدهم فيشرع الجمع حينها.

 

5- ضابط المطر المبيح للجمع محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:

القول الأول: أن يكون غزيرًا يشق على الناس في الذهاب للمساجد، وهو مذهب المالكية.

القول الثاني: أن يبل الثياب، وهو مذهب الشافعية.

القول الثالث: أن يبل وتلحق به المشقة، وهو مذهب الحنابلة، واختاره ابن باز وابن عثيمين.

الراجح: ضابط المشقة هو الأقرب، وأما الجمع بسبب المطر اليسير فلا يجوز وهو مذهب جمهور الفقهاء واختاره ابن باز وابن عثيمين، ويتساهل الناس في هذا كثيرًا وخاصة في الأزمان، فالطرق معبدة، ووسائل النقل متيسرة، فلا مشقة، والعلة ظاهرة في أن سبب الجمع هو المشقة وليس حصول المطر فقط كالسفر، لأن سبب القصر في السفر هو السفر، فالشارع علق ذلك بالسفر وليس المشقة، فكل مسافر يقصر الصلاة سواء وجدت المشقة أم لا، وأما الجمع بسبب المطر فالعلة المشقة فمتى وجدت وجد السبب وإذا انتفت فلا جمع، ولأنه إذا كان المقصود من الجمع المطر فما فائدة ضابط المطر المبيح للجمع وكلام الفقهاء عنه، والنداء بقول:ألا صلوا في رحالكم.

 

6 – ماهو البلل المبيح للجمع؟

هو الذي إذا عصر الثوب تقاطر منه الماء.

 

7-إذا تيقن الإمام وجود العذر والمشقة فيجوز الجمع، وإذا تردد في العذر والمشقة فلا يجمع، لأن الأصل عدم الجمع، والأصل أن تصلى كل صلاة في وقتها.

 

8- من لا يرغب الجمع فماذا يفعل؟

كإنسان يرى أن الإمام متساهل في الجمع أو لا يرى الجمع وغير ذلك، فإنه يجوز له عدم الجمع، ولكن إذا كان يترتب على عدم الجمع مفسدة وفتنة وخلاف وتشويش وتهويش فيصلي ويدخل مع الإمام بنية النافلة.

 

9- إذا رأى الإمام الجمع واختلف المأمومين فماذا يفعلون؟.

فالجواب كالمسألة السابقة، والمرجح الإمام، لأنه إنما جعل الإمام ليؤتم به.

 

10- إذا رفض الإمام الجمع ورغب المأمومين الجمع محل خلاف:

القول الأول: لهم أن يجمعوا بدونه وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام، لأن الصلاة جماعة أولى من الصلاة فرادى في البيوت، ولأنه لا يشترط اتحاد الإمام في الصلاتين المجموعتين واختاره ابن قدامة، وهو مذهب الحنابلة.

القول الثاني: المنع ويصلون في بيوتهم الصلاة الثانية واختاره شيخنا ابن عثيمين.

والأقرب: عدم الجمع، وهو الموافق لمقاصد الشريعة وأصولها، لأن الجمع فيه مخالفة للإمام، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" رواه البخاري ومسلم، ولأن الإمام صاحب الولاية في المسجد والصلاة كما قرر ذلك الماوردي رحمه الله، ولأن في ذلك افتياتًا على إمام المسجد وإمام المسجد هو السلطان في المسجد فلا يجوز لأحد أن يتعدى على سلطانه، ولأن ذلك سيترتب عليه مفسدة وشقاق، والقاعدة: (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح). وهم مأجورون، وسيمتثلون سنة أخرى ألا وهي ألا صلوا في رحالكم، وخرجوا من الخلاف الفقهي والخلاف الشخصي المفسد للقلوب.

 

11- هل يصح جمع من لا يشق عليه كمن يسكن بجواره المسجد أو في المسجد ومن يسهل وصوله إلى المسجد محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:

القول الأول: يجمع ما دامت الرخصة موجودة، وهو قول بعض المالكية ومذهب الشافعية والحنابلة.

القول الثاني: لا يجمع إلا من يلحق به المشقة، وهو مذهب الشافعي القديم واستظهره النووي ووجه عند الحنابلة.

الراجح الأول: لأن الحكم للغالب، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع وبيوته ملاصقة للمسجد، ولأن تحصيل الجماعة أولى من أن يصلي منفردًا.

 

12- حكم جمع من لا يحضر الجماعة:

النساء في البيوت ومن هو معذور في ترك الجماعة في المسجد لا يجمع، لأن المقصود تحصيل الجماعة، ورفع الحرج والمشقة.

 

13- إذا حضرت المرأة وصلت في المسجد وجمع الإمام فهل تجمع؟

فيها قولان عند المالكية كما في شرح التلقين، والأقرب أنه يجوز لها الجمع، ولأن الحكم للغالب.

 

14- المجتمعون في مكان يصلون فيه الجماعة سويًا كالموظفين والطلاب وغيرهم ولا يخرجون إلى المسجد فلهم حالتان:

الأولى: إن كانوا كل الوقتين سيكونون في أماكنهم فإنهم لا يجمعون ويصلون كل صلاة في وقتها، لأن المقصود من الجمع تحصيل الجماعة، ورفع الحرج والمشقة، وهنا الأمران منتفيان.

الثانية: إن كانوا سيخرجون بعد الصلاة الأولى وغالب المساجد تجمع فإن لهم الصلاة جمعًا، وتحصيل الجماعة أولى، واختاره ابن عثيمين، وإن كان سيجدون من يصلون الجماعة في وقتها فلا يجمعون وهو الأحوط.

 

15- هل يجوز جمع الظهر مع العصر في المطر؟ محل خلاف بين العلماء:

القول الأول: لا يجوز، وهو مذهب المالكية والحنابلة.

القول الثاني: يجوز، وهو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة واختاره ابن باز وابن عثيمين.

الراجح: الثاني، لحديث جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، في غير خوف، ولا مطر» رواه مسلم.

 

16- جمع المغرب مع العشاء في المطر يجوز، وهو مذهب جمهور الفقهاء.

 

17-أيهما أفضل جمع التقديم أم جمع التأخير؟

القول الأول: يجمع جمع تقديم، وهو مذهب الحنابلة.

القول الثاني: يجمع جمع تأخير، وهو قول في مذهب الحنابلة.

الراجح: الأول، لأنه ربما وقف المطر وزال العذر في جزء من وقت الأولى، فيكون أخر الصلاة لغير عذر وبطل الجمع، وعليه عمل السلف.

 

18- هل يشترط في الجمع أن يكونوا جماعة؟ محل خلاف بين العلماء:

القول الأول: يشترط الجماعة، وأما الفرد فلا يجمع، وهو مذهب جمهور الفقهاء ووجه عند الحنابلة.

القول الثاني: يجوز للفرد الجمع، لأنه قد وجد سبب الجمع، وهو المطر.

الراجح: الأول، لأن المقصود من الجمع تحصيل الجماعة ورفع الحرج والمشقة، والفرد في حقه الأمر منتفٍ.

 

19- من دخل مع الإمام في الصلاة الثانية من المجموعة كالعصر والعشاء وفاتته الأولى فهل يجمع بعد هذا؟ لها حالتان:

الأولى: إن كان لم يجد جماعة بعد ذلك ليصلي معها فمحل خلاف مبناه الخلاف السابق: فقيل: يجمع، واختاره ابن باز. وقيل: لا يجمع واختاره ابن عثيمين في قول له.

الثانية: إن كان وجد جماعة أخرى فيجوز على الصحيح من قولي أهل العلم في جواز تكرار الجماعة في المسجد بعد الجماعة الأولى.

 

20- من أدرك الإمام في التشهد الأخير من الأولى فيجوز له الجمع، وهو مذهب الحنابلة وقول للشافعية.

 

21- من صلى في مسجد لم يجمع ثم خرج من المسجد ووجد جماعة أخرى يجمعون فيجوز له أن يدخل معهم ويجمع بشرط ألا يطول الفاصل، لأن الموالاة شرط، وهو مذهب جمهور الفقهاء، والفاصل الذي لا يخرج عن معنى الجمع لا يضر.

 

22- هل يجوز للجماعة الثانية أن تجمع؟

نعم يجوز على الصحيح، لعدم المانع الشرعي.

 

23-هل يجمع العصر مع الجمعة؟ محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:

القول الأول: لا يجوز الجمع، وهو مذهب الحنابلة ومقتضى مذهب المالكية.

القول الثاني: يجوز، وهو مذهب الشافعية وقول للإمام أحمد.

وسبب الخلاف هل الجمعة بدل الظهر أم لا؟ محل خلاف بين العلماء.

الراجح: الأول، واختاره ابن باز وابن عثيمين، وهو الأحوط، وخروجًا من الخلاف.

 

24- هل يؤذن ويقام لكل صلاة في الجمع؟ محل خلاف بين العلماء:

القول الأول: يكون بأذان وإقامة لكل صلاة وهو مذهب المالكية ورواية عند الحنابلة.

القول الثاني: يكون بأذان واحد وإقامة لكل صلاة، وهو مذهب جمهور الفقهاء وقول عند المالكية.

الراجح: الثاني، لفعله صلى الله عليه وسلم في عرفة صلى بأذان وإقامتين كما في حديث جابر في قصة حجته صلى الله عليه وسلم رواه مسلم.

 

25-إذا جمع الناس الصلاة فهل يؤذن للصلاة الثانية في وقتها كالعصر والعشاء؟

القول الأول: لا يؤذن، وهو مذهب جمهور الفقهاء وهو قول عند المالكية، لعدم وروده منه صلى الله عليه وسلم حينما جمع في مزدلفة وعرفة.

القول الثاني: يؤذن، وهو مذهب المالكية، لإعلام أصحاب البيوت ومن لم يجمع بدخول وقت الثانية.

 

26- هل يشترط أن يكون الجمع في مسجد؟ محل خلاف بين العلماء:

القول الأول: يشترط في مسجد أو مصلى يتخذ للصلاة وهو ظاهر مذهب المالكية وصحيح مذهب الشافعية.

القول الثاني: لا يشترط، وهو قول في مذهب المالكية والشافعية ومذهب الحنابلة.

الأقرب: أنه لا فرق إذا كان مسجدًا أو مصلى يتردد عليه لأداء الجماعة، وتحصل بالتردد مشقة، لأن هذا هو المراد من الجمع.

 

27- شروط الجمع مختصرة:

1-النية فيشترط نية الجمع من أول الصلاة الأولى وهو مذهب المالكية والحنابلة ,وقيل: تصح قبل السلام من الأولى، وهو مذهب الشافعية، وقيل: لا يشترط أن ينوي من أول الصلاة فلو نوى بعد الأولى صح، وهو قول للمالكية والشافعية والحنابلة واختاره ابن تيمية وهو الراجح، لأن الاشتراط من أول الصلاة يحتاج دليلاً، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه خبر إعلام الصحابة بإرادة الجمع.

2/وجود العذر له حالتان:

الأولى: لو انقطع المطر قبل الأولى فلا يجمع اتفاقًا.

الثانية: يشترط وجود المطر عند افتتاح الصلاتين، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وهو الراجح، لأن المطر إذا انقطع وزالت المشقة بسببه فلا فائدة من الجمع.

3-الترتيب، وهو مذهب جمهور الفقهاء لفعله صلى الله عليه وسلم في جمعه للصلوات.

4 - الموالاة، وهو مذهب جمهور الفقهاء، والفاصل اليسير لا يضر.

 

28- من جمع الظهر مع العصر جمع تقديم فقد دخل في حقه وقت النهي فهل يصلي السنة؟ له حالتان:

الأولى: التنفل المطلق فلا يجوز التنفل قال ابن قدامة: (لا أعلم في هذا خلافًا). لأن العبرة بالصلاة وليس الوقت، لأن الشارع علق الأمر بذلك.

الثانية: السنن الرواتب، وهذه المسألة مبنية على مسألة حكم قضاء الرواتب في وقت النهي وهي محل خلاف:

 القول الأول: تقضى في أوقات النهي وهو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة واختاره ابن تيمية.

 القول الثاني: المنع وهو مذهب جمهور الفقهاء، لعموم النهي وقال إن حديث عائشة خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام. وأجيب: الأصل عدم الخصوصية.

القول الثالث: القضاء بعد العصر فقط وما عداه فلا واختاره ابن قدامة.

القول الرابع: يقضي في الوقتين الطويلين فقط وما يسمى وقت النهي الموسع، وهو رواية في مذهب الحنابلة.

الأقرب: الرابع، والدليل حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قضى نافلة الظهر بعد صلاة العصر قالت وكان ينهى عن ذلك، رواه ابو داود وحديث أم سلمة قضاؤه صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد العصر رواه مسلم وكذلك حديث قيس بن قهد أنه صلى نافلة الفجر بعد صلاة الفجر رواه أبوداود وأجيب عن حديث عائشة وكان ينهى عن ذلك أي النهي لغير سبب وأدلة النهي مخصوصة بالأدلة السابقة.

 

29- يجوز الوتر بعد العشاء حين الجمع ولا ينتظر حتى دخول وقت العشاء وهو مذهب الشافعية والحنابلة واختاره ابن باز وابن عثيمين، وقيل: لا يوتر حتى يدخل وقت العشاء وهو مذهب المالكية.

 

30- هل تتداخل الأذكار فيكتفى بمرة واحدة أم يكرر؟

لم أجد في المسألة نصًا شرعيًا حسب بحثي القاصر، ولذا المسألة محتملة، والأمر فيه سعة، وقرر الرملي الشافعي في نهاية المحتاج لو كرر الذكر لكل صلاة كان أولى ولو اكتفى بواحد فقد أتى بأصل السنة(3).

 

وفي الختام نسأل الله أن يرزقنا الفقه في الدين، والتمسك بسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، وأن يصلح نياتنا وذريتنا، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن ينصرهم ويعزهم ويرفع عنهم الضراء.

 

_______________________________

(1) وهو علم الكتاب والسنة.

(2) رواها ابن أبي شيبة وعبدالرزاق ومالك وابن المنذر والبيهقي في السنن الكبرى والأوسط لابن المنذر والتمهيد لابن عبدالبر.

(3) فتاوى اللجنة الدائمة، اللقاء المفتوح لابن عثيمين أحكام الجمع لعبدالله التميمي، أحكام الجمع في المطر لمشهور سلمان، أحكام الأذان والإقامة لسامي الحازمي، المختصر في أحكام السفر لفهد العماري.