المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾(1).
﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبًا﴾(2).
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا﴾(3).
أما بعد: فإن مسألة تحديد يوم عرفة عند اختلاف الرؤية مسألة مهمة، وذلك بأن الشارع ندبنا إلى الصوم فيه، فالناس كل سنة يسألون العلماء عن تحديده، فمنهم من يفتي بأن يوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الحجاج بعرفة.
ومنهم من يقول: بأنه اليوم التاسع من ذي الحجة حسب التوقيت المحلي، فالناس في بلبلة وتحيُّر واضطراب، لا يعرفون المسار الراجح من المسار المرجوح، فلما نظرت إلى هذه المشكلة أردت أن أكتب فيها بحثًا يخدم الموضوع، ويكون مرشدًا للناس إلى المسار الراجح، ومخرجًا لهم من التحيُّر والاضطراب، وإن كان مثلي لا يقدر على ذلك، إذ الكلام في هذه المسألة ليس بسهل، لكني أرجو من الله العون والتوفيق، إذ به يسهل الأمر الصعب، ويصير غير المقدور مقدورًا، وقد عنوتته بـ«بلوغ البغية في تحديد يوم عرفة عند اختلاف الرؤية».
أهمية الموضوع وأسباب اختياره:
تظهر أهمية الموضوع، وأسباب اختياره فيما يلي:
- أن الموضوع متعلق بالفقه في الدين وأهميته معلومة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»(4).
- أن هذا الموضوع مهم جدًّا، وذلك لأنه يبني عليه صوم عرفة، وهو يتكرر كل عام، فالبحث في هذا الموضوع مفيد لكل مسلم.
- أن هذا الموضوع يخدم جانبًا من جوانب العبادة من حيث إنه يرشد المكلف إلى ما هو الراجح في هذه المسألة.
- أن الموضوع متعلق بتحديد يوم عرفة عند اختلاف الرؤية، وفضل الصيام في يوم عرفة عظيم، إذ ورد في حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة، فقال: «يكفر السنة الماضية والباقية»(5)، فهل المراد اليوم اليوم الذي يقف فيه الحجيج بعرفة أم اليوم التاسع من ذي الحجة وإن لم يكن ذلك موافقًا لوقفة الحجيج بعرفة؟ هذا ما سيقف على الجواب عليه من نظر في هذا البحث إن شاء الله.
الدراسات السابقة:
قد كتب في هذه المسألة الشيخ أحمد بن محمد بن خليل(6) -حفظه الله- بحثًا مفيدًا سماه بـ«النور الساطع من أفق الطوالع في تحديد يوم عرفة إذا اختلفت المطالع» وهو منشور على النِّتْ(7) إلا أنه ينقصه أمور:
- لم يدرس الموضوع في ضوء أصول الشريعة ومقاصدها.
- لم يوثق المعلومات توثيقًا علميًا.
- لم يقم بتحرير محل النزاع في المسألة.
- لم يذكر بعض الأدلة القوية في المسألة.
الإضافات الجديدة في البحث:
- كون هذه المسألة مدروسة في ضوء أصول الشريعة ومقاصدها.
- بيان تحرير محل النزاع في المسألة.
- إضافة بعض الأدلة القوية المتعلقة بالقول: بأن يوم عرفة علم على الزمان.
- إيراد النقض على القول: بأن الشارع أضاف الصيام إلى يوم عرفة، لا إلى اليوم التاسع من ذي الحجة، فتكون الإضافة معتبرة.
أهداف البحث:
- المحاولة للوصول إلى القول الراجح في المسألة.
- إخراج الناس من التحير والتردد والاضطراب في هذه المسألة.
- خدمة جانب من جوانب الفقه الإسلامي.
خطة البحث:
قد قسمت هذا البحث إلى مقدمة وخمسة مطالب وخاتمة.
المقدمة: وتشتمل على ما يلي:
- الافتتاحية.
- أهمية الموضوع وأسباب اختياره.
- الدراسات السابقة.
- الإضافات العلمية في البحث.
- أهداف البحث.
- خطة البحث.
- منهج البحث.
المطلب الأول: تحرير محل النزاع في المسألة.
المطلب الثاني: الأقوال في المسألة.
المطلب الثالث: سبب الخلاف في المسألة.
المطلب الخامس: القول الراجح في المسألة.
الخاتمة: وهي تشتمل على أهم النتائج والتوصيات.
ثم أتبعت ذلك فهرس المصادر والمراجع وفهرس المحتويات.
منهج البحث:
قد سلكت في إعداد هذا البحث مسلكًا استقرائيًّا، وذلك أنني جمعت أقوال العلماء وأدلتهم وما يرد عليها من الاعتراض بالتتبع والاستقراء، ودرستها دراسة فقهية مقارنة في ضوء أصول الشريعة ومقاصدها، ووثقتها توثيقًا علميًّا إلا ما كان مني اجتهادًا.
المطلب الأول: تحرير محل النزاع في المسألة
لا خلاف بين العلماء في أن الحجاج يقفون في اليوم التاسع من ذي الحجة بعرفة، وأن الاعتبار فيه برؤية مكة المكرمة، وإنما الخلاف في أن يوم عرفة لأهل البلاد الأخرى هو اليوم الذي يقف فيه الحجيج بعرفة أم اليوم التاسع من ذ الحجة اعتبارًا برؤية بلدانهم(8).
المطلب الثاني: أقوال العلماء في المسألة
بعد إمعان في شروح دواوين السنة والمدوَّنات الفقهية تبيَّن لي أن العلماء القدامى تكلموا في مسألة اختلاف المطالع، فمنهم قائل: باختلافها في كل الشهور دون تفريق بين شهر وآخر.
ومنهم قائل: باتحادها في كل الشهور دون تفريق بين شهر وآخر إلا أن ابن عابدين ذكر على سبيل التنبيه أن اختلاف المطالع في شهر ذي الحجة دون غيره معتبر، حيث قال -رحمه الله-: «يفهم من كلامهم في كتاب الحج أن اختلاف المطالع فيه معتبر، فلا يلزمهم شيء لو ظهر أنه رئي في بلدة أخرى قبلهم بيوم، وهل يقال كذلك في حق الأضحية لغير الحجاج؟ لم أره، والظاهر نعم؛ لأن اختلاف المطالع إنما لم يعتبر في الصوم لتعلقه بمطلق الرؤية، وهذا بخلاف الأضحية، فالظاهر أنها كأوقات الصلوات يلزم كل قول العمل بما عندهم، فتجزئ الأضحية في اليوم الثالث عشر وإن كان على رؤيا غيرهم هو الرابع عشر، والله أعلم»(9).
وذهب بعض العلماء المعاصرين إلى اتجاه آخر يخالف اتجاه ابن عابدين تمامًا، فقالوا: إن اختلاف المطالع في جميع الشهور، ما عدا شهر ذي الحجة، واستدل له بعضهم بقول ابن العربي -رحمه الله-: «إن سائر أهل الآفاق تبع للحاج فيها»(10)، والاستدلال بهذا غير سديد، وذلك بأنه ورد في سياق مسألة ابتداء التكبير للحاج يوم النحر، وليس له علاقة بما نحن فيه(11)؛ فعلم أن الخلاف في هذه المسألة بعينها منحصر لدى العلماء المعاصرين، وإليك أقوالهم فيها:
القول الأول: أن يوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الحجيج بعرفة، وأن أهل البلدان الأخرى تبع لهم في تحديد هذا اليوم، وبه قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله-(12)، ودار الإفتاء المصرية(13)، والأستاذ الدكتور حسام الدين عفانة(14)، والشيخ سليمان بن عبدالله الماجد(15).
القول الثاني: أن يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة سواء وافق هذا اليوم وقفة الحاج بعرفة أم لم يوافقه، وأن لكل بلد رؤيتهم، وإليه ذهب المجلس الأوربي للإفتاء(16)، ومركز الفتوى(17)، والعلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-(18)، والشيخ عبدالله بن جبرين(19)، والدكتور هاني بن عبدالله الجبير(20)، والأستاذ الدكتور أحمد الحجي الكردي(21)، والأستاذ الدكتور خالد المشيقيح(22).
المطلب الثالث: سبب الخلاف في المسألة
يرجع سبب اختلافهم في هذه المسألة إلى أمرين:
الأول: هل عرفة علم على المكان، أم علم على الزمان؟
فمن ذهب إلى أن عرفة علم على المكان قال: بأن يوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الحجيج بعرفة.
ومن ذهب إلى أنه علم على الزمان قال: بأن يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة وإن لم يكن موافقًا لوقفة الحجاج بعرفة(23).
الثاني: هل الهلال واحد في الدنيا كلها أم هو يختلف باختلاف المطالع؟
فمن ذهب إلى أن الهلال يختلف باختلاف المطالع، قال: بأن يوم عرفة هو اليم التاسع من ذي الحجة بناء على رؤية كل بلد(24).
ومن ذهب إلى أن الهلال لا يختلف باختلاف المطالع، قال: بأن يوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الحجاج بعرفة(25).
المطلب الرابع: أدلة الأقوال مع المناقشة
أدلة القول الأول:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
الدليل الأول: أن المراد بيوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الحجاج بعرفة، وقد دل على ذلك عدة أحاديث:
الحديث الأول: عن عبدالعزيز بن عبدالله بن خالد بن أَسِيْد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يوم عرفة اليوم الذي يعرف فيه الناس»(26).
الاعتراض: يعترض عليه بأنه حديث ضعيف(27).
الحديث الثاني: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عرفة يوم يعرف الإمام، والأضحى يوم يضحي الإمام، والفطر يوم يفطر الإمام»(28).
الاعتراض: يعترض عليه بأنه حديث ضعيف(29).
الحديث الثالث: عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: رجل حج أول ما حج، فأخطأ الناس بيوم النحر أيجزئ عنه؟ قال: نعم إي لعمري إنها لتجزئ عنه، قال: وأحسبه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون»، وأراه قال: «وعرفة يوم تعرفون»(30).
الحديث الرابع: عن مسروق أنه دخل على عائشة رضي الله عنه يوم عرفة فقال: اسقوني، فقالت عائشة: يا غلام، اسقه عسلًا، ثم قالت: وما أنت يا مسروق بصائم؟ قال: لا، إني أتخوف أن يكون يوم الأضحى، فقالت عائشة: ليس ذلك، إنما يوم عرفة يوم يعرف الإمام، ويوم النحر يوم ينحر الإمام(31).
وجه الاستدلال: أن الأحاديث المذكورة تدل دلالة صريحة على أن المراد بيوم عرفة هو اليوم الذي يقف فيه الناس بعرفة(32).
الاعتراض: ليس مدلوها أن الناس في كل بلد يعتبرون رؤية مكة دون غيرها في تحديد يوم عرفة، وإنما معناه أن يوم الفطر والأضحى مع الجماعة في كل بلد، وأن الحجيج إذا غلطوا في الوقوف لم يلزمهم القضاء(33).
قال الإمام الترمذي -رحمه الله-: «وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعُظْم الناس»(34).
وقال أبو الحسن السندي -رحمه الله-: «والظاهر أن معناه أن هذه الأمور ليس للآحاد فيها دخل، وليس لهم التفرد فيها، بل الأمر فيها إلى الإمام والجماعة، ويجب على الآحاد اتباعهم للإمام والجماعة، وعلى هذا فإذا رأى أحد الهلال، وردَّ الإمام شهادته ينبغي أن لا يثبت في حقه شيء من هذه الأمور، ويجب عليه أن يتبع الجماعة في ذلك»(35).
قال الألباني -رحمه الله- بعد إيراد كلام السندي: «قلت: وهذا المعنى هو المتبادر من الحديث، ويؤيده احتجاج عائشة به على مسروق حين امتنع من صيام يوم عرفة خشية أن يكون يوم النحر، فبينت له أنه لا عبرة برأيه، وأن عليه اتباع الجماعة»(36).
الدليل الثاني: عن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صيام عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله»(37).
وجه الاستدلال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أضاف الصيام إلى يوم عرفة، ولم يضفه إلى اليوم التاسع، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه أضافه إلى اليوم التاسع، فدل على أن هذه الإضافة معتبرة(38).
الاعتراض: أقول: إن استقراء نصوص الشريعة يدل على أن الشارع يضيف الأحكام الشرعية إلى الأسباب الظاهرة، لا إلى الأسباب الخفية(39)، وإضافة الصيام إلى اليوم الذي يقف فيه الحجاج بعرفة يعد سببًا ظاهرًا لأهل مكة ومن يسكن حولها، ويُعَدُّ سببًا خفيًّا لأهل البلدان النائية؛ إذ الاطلاع لهم على ذاك اليوم قبل وجود وسائل الاتصالات الحديثة كان غير ممكن، وكذلك يكون بعد زوالها، فدل ذلك على أن هذه الإضافة غير معتبرة.
الدليل الثالث: أن الصيام ورد مضافًا إلى يوم عرفة في النصوص الشرعية، والقاعدة المقررة عند الأصوليين أنه يتعين البقاء على الظاهر من دلالة الاسم حتى يدل دليل على العدول عنه(40).
الاعتراض: أن المعنى المتبادر من لفظ «يوم عرفة» هو اليوم التاسع من ذي الحجة، قال شمس الدين الكرماني -رحمه الله-: «فإن قلت: عرفة اسم الزمان، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، فما المراد منها، قلت المراد إما الزمان أي رجع من وقوف عرفة بعرفات أو من مكان عرفة، وإما المكان لما قيل أن عرفة وعرفات مفردًا وجمعًا جاء كلاهما اسمًا للمكان المخصوص، والأول أولى ليوافق الاصطلاح المشهور للفقهاء»(41).
وقال بدرالدين العيني -رحمه الله-: «قوله من عرفة على وزن فعلة اسم للزمان، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهذا هو الصحيح، وقيل عرفة وعرفات كلاهما اسمان للمكان المخصوص»(42).
الدليل الرابع: «أن المسلمين في جميع أقطار العالم الإسلامي قد أجمعوا إجماعًا عمليًّا منذ عشرات السنين على متابعة الحجاج في عيد الأضحى، ولا يجوز لأي جهة، أو مجموعة من الناس مخالفة هذا الإجماع»(43).
الاعتراض: أن هذا الإجماع غير مسلم، وذلك لأن الإجماع مع وجود الخلاف غير معتبر عند الأصوليين(44)، وهذه المسألة قد اختلف فيها المسلمون قديمًا وحديثًا.
أما اختلافهم فيها قبل توافر وسائل الاتصالات الحديثة، فهذا أمر معلوم من العقل بالضرورة، لا يخفى على أي عاقل؛ إذ لم يكن الاطلاع على يوم الوقوف بعرفة لأهل البلاد النائية ممكنًا، ومن يتتبع كتب التاريخ يتجلّى له أن اختلاف المسلمين فيها منذ عهد قديم.
ومما يدل على ذلك ما ذكره المقريزي ضمن أحداث سنة (748هـ) فقال: «ووقع اختلاف في أمر الوقوف بعرفة، فإن الوقفة كانت عند أهل مكة يوم الجمعة على ما ثبت بمكة على قاضيها بحضور قاضي القضاء عزالدين عبدالعزيز بن جماعة وغيره من حجاج مصر والشام والعراق، وكان يوم عرفة بمصر والإسكندرية يوم الخميس، فقام الشيخ علاء الدين علي بن عثمان التركماني الحنفي في الإنكار على ابن جماعة، وأفتى أن حج الناس فاسد، ويلزم من وقف بالناس يوم الجمعة بعرفة جميع ما أنفقه الحجاج من الأموال، وأنه يجب على الحجاج كلهم أن يقيموا محرمين لا يطئوا نسائهم، ولا يمسوا طيبًا حتى يقفوا بعرفة مرة أخرى، وشنع بذلك عند الأمراء، وأظهر الحزن على الناس والأسف على ما أنفقوه من أموالهم، فشق ذلك على الأمير طغيتمر الدوادار من أجل أن زوجته حجت فيمن حج، وأخذ خط ابن التركماني بما تقدم ذكره، فغضب الشافعية، وأنكروا مقالته، وردوها، وقصد ابن جماعة أن يعقد مجلسًا في ذلك، ويطلب ابن التركماني، ويدعى عليه بما أفتى به مما لا يوجد في كتب الحنفية، فراجعه الناس عن ذلك مخافة الشناعة»(45).
وذكر مثله الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- أيضًا ضمن أحداث سنة (824هـ)، فقال: «وفي هذه السنة حججت بعد أن توجه الحاج بعشرة أيام على رواحل، فوصلت بالقرب من الحوراء، ورافقتهم إلى مكة، ثم عدت صحبتهم، وكانت الوقفة يوم الجمعة بعد تنازع بمكة مع أن العيد كان بالقاهرة يوم الجمعة»(46).
وذكر مثله أيضًا ضمن أحداث سنة (828هـ)، حيث قال: «وفي الثالث والعشرين من ذي الحجة وصل المبشر من الحاج، وأخبروا بالرخاء الكثير في الحجاز، وأنه نودي بمكة أن لا يباع البهار إلا على تجار مصر، وأن لا يكون البهار إلا بهار واحد، وأخبر بأن الوقفة كانت يوم الاثنين وكانت بالقاهرة يوم الأحد، فتغيّظ السلطان ظنًّا منه أن ذلك من تقصير في ترائي الهلال، فعرفه بعض الناس أن ذلك يقع كثيرًا بسبب اختلاف المطالع، وبلغني أن العيني شنع على القضاة بذلك السبب، فلما اجتمعنا عرفت السلطان أن الذي وقع يقدح في عمل المكيين عند من لا يرى باختلاف المطالع، حتى لو كان ذلك في رمضان للزم المكيين قضاء يوم، فلما لم يفهم المراد سكن جأشه»(47).
وأما ادِّعاء الإجماع فيها بعد توافر وسائل الاتصالات الحديثة فينقضه الواقع المشاهد في السنوات الماضية(48).
ومما يدل على ذلك ما ذكره العلامة أحمد شاكر في رسالته «أوائل الشهور العربية» ما نصه: «ثبت في مصر لدى المحكمة العليا الشرعية أن أول شهر ذي الحجة من هذا العام (سنة 1357هـ) يوم السبت، فكان عيد الأضحى يوم الاثنين (30 يناير سنة 1939م) بعد بضعة أيام، نشر في المقطم أن الحكومة العربية السعودية لم يثبت عندها أن السبت أول ذي الحجة، فصار أوله الأحد، فكان وقوف الحجيج بعرفة يوم الاثنين، والعيد يوم الثلاثاء (31 يناير سنة 1939م)، وفي يوم الجمعة 21 ذي الحجة (10 فبراير سنة 1939م) نشرت جريدة البلاغ عن مراسلها في بومباي بالهند في أول فبراير سنة 1939م: أن المسلمين في بومباي احتفلوا بعيد الأضحى بهذا العام يوم الأربعاء خلافًا لما أعلن في الممالك الإسلامية الأخرى، ومعنى هذا أنه لم يثبت لدى مسلمي الهند أن أول الشهر السبت ولا الأحد، فاعتبروا أوله يوم الاثنين، وهكذا في أكثر أشهر المواسم، يتراءى الناس الهلال في البلاد الإسلامية، فيُرى في بلدٍ، ولا يُرى في بلد آخر، ثم تختلف مواسم العبادات في بلاد المسلمين، فبلد صائم، وبلد مفطر، وبلد مضحٍّ، وبلد يصوم أهله يوم عرفة»(49).
الدليل الخامس: أن ما ورد في الأحاديث الصحيحة من فضائل عرفة من مباهاة الله بأهل الموقف ودنوه سبحانه وتعالى بما يليق بجلاله وعظمته وتغيظ الشيطان، فهو بكون وقوف الناس بعرفة، وعلى هذا يحمل فضل صيام عرفة على اليوم الذي يقف فيه الحجيج، لا على غيره(50).
الاعتراض: أن ما ورد في فضائل عرفة من مباهاة الله بأهل الموقف، ودنوه سبحانه وتعالى بما يليق بجلاله وعظمته، وتغيُّظ الشيطان، وأنه يختص بيوم الوقفة فهذا مسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «وجميع ما وصف به الرب عز وجل نفسه من القرب، فليس فيه ما هو عام لجميع المخلوقات كما في المعية، فإن المعية وصف نفسه فيها بعموم وخصوص، وأما قربه مما يقرب منه، فهو خاص لمن يقرب منه، كالداعي والعابد، وكقربه عشية عرفة، ودنوه إلى السماء الدنيا لأجل الحجاج، وإن كانت تلك العشية بعرفة قد تكون وسط النهار في بعض البلاد، وتكون ليلًا في بعض البلاد، فإن تلك البلاد لم يَدْنُ إليها، ولا إلى سمائها الدنيا، وإنما دنا إلى السماء الدنيا التي على الحُجاج، وكذلك نزوله بالليل»(51).
وأما حمل فضل صيام عرفة على ذاك اليوم فهذا غير مسلَّم.
قال الإمام ابن العربي -رحمه الله- بعد ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنة قبله، وسنة بعده»(52): «ومع حث النبي صلى الله عليه وسلم على صومه، وإخباره عن فضله، فإنه أفطره يوم حجه، وذلك لوجهين:
أحدهما: لئلا يشق على أمته.
الثاني: لِيَسُنَّ فطره لمن كان حاجًّا، فإنه أقوى له على الدعاء والعبادة، فيكون ذلك تخصيصًا للحاج من عموم الحديث ويبقى الفضل لغير الحاج»(53)، ولم يوجد فيها قيد يدل على كونه مختصًّا بيوم الوقفة(54)، وبذلك نرى أن شراح السنن، وعلماء الفقه يعنون به اليوم التاسع من ذي الحجة(55).
الدليل السادس: أن يوم عرفة علم على المكان، ويدل على ذلك أن الفقهاء قد قرروا أن عرفة هو اليوم الذي يقف الناس فيه بعرفة بغض النظر عن كونه اليوم التاسع أو اليوم العاشر، فلو وقفوا بعرفة خطئًا يوم العاشر من ذي الحجة، فحجهم صحيح باتفاق الفقهاء(56)، وإليكم أقوالهم:
قال الكاساني الحنفي -رحمه الله-: «ولو اشتبه على الناس هلال ذي الحجة فوقفوا بعرفة بعد أن أكملوا عدة ذي القعدة ثلاثين يومًا ثم شهد الشهود أنهم رأوا الهلال يوم كذا، وتبين أن ذلك اليوم كان يوم النحر فوقوفهم صحيح، وحجتهم تامة استحسانًا»(57).
وقال الخرشي المالكي -رحمه الله-: «وكذلك يجزئ إذا أخطأ في رؤية الهلال الجم أي: جماعة أهل الموسم بأن غم عليهم ليلة ثلاثين من القعدة فأكملوا العدة ووقفوا فوقع وقوفهم بعاشر من ذي الحجة»(58).
وقال الماوردي -رحمه الله-: «ألا ترى أن الحجاج لو أخطأوا جميعهم الوقوف بعرفة فوقفوا في اليوم العاشر أجزأهم ولم يجب عليهم القضاء لما فيه من عظم المشقة، ولو أخطأ واحد فوقف في اليوم العاشر لم يجزه»(59).
وقال الإمام النووي -رحمه الله-: «وإن غلطوا بيوم واحد فوقفوا في اليوم العاشر من ذي الحجة أجزأهم، وتم حجهم، ولا قضاء»(60).
وقال ابن قدامة -رحمه الله-: «وإذا أخطأ الناس العدد فوقفوا في غير ليلة عرفة، أجزأهم ذلك»(61).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «ونظير هذا قول بعضهم إذا وقف الناس يوم العاشر خطأ أجزأهم فالصواب أن ذلك هو يوم عرفة باطنًا وظاهرًا، ولا خطأ في ذلك، بل يوم عرفة هو اليوم الذي يعرف فيه الناس»(62).
وقال المرداوي -رحمه الله-: «قوله: «وإن أخطأ الناس، فوقفوا في غير يوم عرفة: أجزأهم»، سواء كان وقوفهم يوم الثامن أو العاشر نص عليهما»(63).
وقال ابن حزم -رحمه الله-: «ومن أخطأ في رؤية الهلال لذي الحجة فوقف بعرفة اليوم العاشر، وهو يظنه التاسع، ووقف بمزدلفة الليلة الحادية عشرة، وهو يظنها العاشرة، فحجه تام، ولا شيء عليه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل: إن الوقوف بعرفة لا يكون إلا في اليوم التاسع من ذي الحجة أو الليلة العاشرة منها، وإنما أوجب -عليه السلام- الوقوف بها ليلًا أو نهارًا، فصح أن كل من وقف بها أجزأه ما لم يقف في وقت لا يختلف اثنان في أنه لا يجزيه فيه»(64).
الاعتراض: هذا الدليل ليس للمستدل بل عليه، وذلك بأنه يدل على كونه علمًا على الزمان، إذ مقتضى قول المستدل إقراره بأن الناس قد يخطئون في الوقوف بعرفة في يومه الصحيح، وهو التاسع من ذي الحجة(65).
وأما كون وقوفهم مجزئًا فهو ليس لكون الوقوف هو الأصل، بل لما في وجوب القضاء عليهم من المشقة العامة، ومن قواعد الفقه الإسلام «أن المشقة تجلب التيسير»(66).
قال العلائي -رحمه الله- ذاكرًا لما يندرج من الفروع ضمن القاعدة: «وكذلك إذا اجتهد جميع الحجيج في يوم عرفة، فوقفوا في اليوم العاشر أجزأهم، لما في وجوب القضاء عليهم من المشقة العامة، ولم يجئ ذلك في الشرذمة اليسيرة لعدم المشقة العامة، ولتقصيرهم بانفرادهم بالوقوف عن الجمع الكثير»(67)، ولأنهم لو كُلِّفوا بالقضاء ما أمنوا وقوع مثل هذا الخطأ مرة ثانية.
قال الإمام الخطابي -رحمه الله-: «إن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قومًا اجتهدوا، فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين، فلم يفطروا حتى استوفوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعًا وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماضٍ، فلا شيء عليهم من وزر أو عتب، وكذلك هذا في الحج إذا أخطؤوا يوم عرفة، فإنه ليس عليهم إعادته، ويجزيهم أضحاهم كذلك، وإنما هذا تخفيف من الله سبحانه ورفق بعباده، ولو كُلِّفوا إذ أخطؤوا العدد أن يعيدوا لم يأمنوا أن يخطؤوا ثانيًا، وأن لا يسلموا من الخطأ ثالثًا ورابعًا، فإن ما كان سبيله الاجتهاد كان الخطأ غير مأمون فيه»(68).
وقال إمام الحرمين الجويني -رحمه الله-: «إذا وقع غلط في الهلال، فوقف الناس يوم العاشر، ثم تبينوا الغلط، وقع وقوفهم الموقع وفاقًا، والسبب فيه أنهم لو كلفوا القضاء لم يأمنوا وقوع مثله في القضاء، ثم إن أقاموا لاقوا عسرًا، وإن انقلبوا وآبوا، تضاعفت المشقات، وليس في الشرع تكليف مثل هذا»(69).
الدليل السابع: ما أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» عن إبراهيم النخعي -رحمه الله- أنه قال في صوم عرفة في الحضر: «إذا كان فيه اختلاف فلا تصومن»(70)، وقد حسن إسناده الدكتور عبدالله بن الجبرين(71).
وأخرجه عنه أيضًا أنه قال: «كانوا لا يرون بصوم عرفة بأسًا، إلا أن يتخوفوا أن يكون يوم الذبح»(72)، وقد صحح إسناده الدكتور عبدالله بن الجبرين(73).
وجه الاستدلال: هذان الأثران يدلان على أن صوم عرفة لابُد أن يكون في اليوم الذي يقف فيه الحجيج بعرفة(74).
الاعتراض: ما ورد عن النخعي -رحمه الله- لا يدل صراحة على أن النهي عن صيام يوم عرفة هو بسبب الاختلاف مع الناس في عرفة، بل الظاهر أن كلامه وارد فيما إذا غُمّ هلال ذي الحجة على الناس، أو شهد برؤيته من لم تقبل شهادته، فأكملوا شهر ذي القعدة، ففي تلك الحالة يكون اليوم التاسع مشكوكًا في كونه يوم عرفة أو يوم النحر، ولهذا كرهه من كرهه ممن كان يقصدهم النخعي -رحمه الله-(75).
هكذا ذكر معنى كلام النخعي -رحمه الله- شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال: «فلو غم هلال ذي الحجة، أو شهد برؤيته من لا تقبل شهادته، إما لانفراده بالرؤية أو لكونه ممن لا يجوز قبوله، ونحو ذلك، واستمر الحال على إكمال ذي القعدة، فصوم يوم التاسع الذي هو يوم عرفة من هذا الشهر المشكوك فيه جائز بلا نزاع، قلت: ولكن روى ابن أبي شيبة في كتابه عن النخعي في صوم يوم عرفة في الحضر إذا كان فيه اختلاف فلا تصومن(76)، وعنه قال: كانوا لا يرون بصوم يوم عرفة بأسًا إلا أن يتخوفوا أن يكون يوم الذبح(77)، وروي عن مسروق وغيره من التابعين مثل ذلك، وكلام هؤلاء قد يقال: إنه محمول على كراهة التنزيه دون التحريم، والله أعلم»(78).
ويمكن أن تكون هذه الكراهة في كلامهم من باب الاحتياط غير أن الذي يظهر أنه لا مسوغ لها إذا لم تتحقق الرؤية الشرعية لهلال ذي الحجة(79).
وعلى فرض تسليم ما قاله المستدل لا يثبت بقول النخعي -رحمه الله-: «إذا كان فيه اختلاف فلا تصومن»، حكم شرعي، قال الشعبي -رحمه الله-: «ما حدثوك عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ به، وما قالوا برأيهم فبُل عليه»(80).
وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: «إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نختار من قولهم، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم»(81).
وقال أبو داود -رحمه الله-: «سمعت أحمد يقول: «الاتباع: أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، ثم هو من بعد في التابعين مخير»(82).
وأما قول النخعي -رحمه الله-: «كانوا لا يرون بصوم عرفة بأسًا، إلا أن يتخوفوا أن يكون يوم الذبح»، فهو يحتمل أن يكون المراد به الصحابة -رضي الله عنهم-، ويحتمل أن يكون المراد به التابعون، وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
وعلى فرض كونه حكاية عن الصحابة لا يكون صالحًا للاحتجاج به؛ إذ يعارضه ما رواه مسروق أنه دخل على عائشة -رضي الله عنها-، يوم عرفة، فقال: اسقوني، فقالت عائشة: يا غلام، اسقه عسلًا، ثم قالت: وما أنت يا مسروق بصائم؟ قال: لا، إني أتخوف أن يكون يوم الأضحى، فقالت عائشة: ليس ذلك، إنما يوم عرفة يوم يعرف الإمام، ويوم النحر يوم ينحر الإمام»(83).
قال ابن رجب -رحمه الله-: «فهذا الأثر صحيح عن عائشة -رضي الله عنها-، إسناده في غاية الصحة، ولا يعرف لعائشة في ذلك مخالف من الصحابة، ووجه قولها أن الأصل في هذا اليوم أن يكون يوم عرفة؛ لأن اليوم المشكوك فيه، هل هو من ذي الحجة أو من ذي القعدة: الأصل فيه أنه من ذي القعدة، فيعمل بذلك استصحابًا للأصل»(84).
أدلة القول الثاني:
استدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
الدليل الأول: عن هنيدة بن خالد، عن امرأته، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، أول اثنين من الشهر والخميس»(85).
وجه الاستدلال: أن زوج النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم تسع ذي الحجة، وهذا بلا ريب كان قبل حجة الوداع، ولفظ «كان» يدل على الاستمرار، ولم يبلغنا عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يتحرى وقفة الناس بعرفة»(86).
الاعتراض: يعترض عليه بأنه حديث ضعيف، كما قاله الزيلعي(87).
وأجيب عنه بأن الحديث قد حسنه السيوطي(88)، وصححه الألباني(89).
الدليل الثاني: أن هذه المسألة متفرعة من الأصل: هل الهلال واحد في الدنيا أم يختلف باختلاف المطالع، فمن أثبته أثبته في جميع الشهور، ومن نفاه نفاه في جميع الشهور إلا ما فهمه ابن عابدين من كلام أصحابه أنهم يثبتون الاختلاف في شهر ذي الحجة دون غيره.
على هذا ينبغي أن تخرج مسألتنا هذه عليه، وذلك بأن أدلة هذه المسألة هي نفسها أدلة تلك المسألة فليرجع إليها في مظانها، ولا يعقل القول باختلاف المطالع في جميع الشهور دون شهر ذي الحجة، إذ مقتضى الأصل المذكور آنفًا أن لا يفرق بين شهر وآخر، فكيف تجوز المخالفة في شهر رمضان وشوال والمحرم، ولا تجوز المخالفة في شهر ذي الحجة، ولم ينقل هذا التفريق عن العلماء المتقدمين القائلين باختلاف المطالع.
قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- في إجابة له على سؤال حول هذه المسألة: «هذا يبني على اختلاف أهل العلم: هل الهلال واحد في الدنيا كلها أم هو يختلف باختلاف المطالع؟ والصواب أنه يختلف باختلاف المطالع، فمثلًا إذا كان الهلال قد رؤي بمكة، وكان هذا اليوم هو اليوم التاسع، ورؤي في بلد آخر قبل مكة بيوم، وكان يوم عرفة عندهم اليوم العاشر، فإنه لا يجوز لهم أن يصوموا هذا اليوم؛ لأنه يوم عيد.
وكذلك لو قدر أنه تأخرت الرؤية عن مكة، وكان اليوم التاسع في مكة هو الثامن عندهم، فإنهم يصومون يوم التاسع عندهم الموافق ليوم العاشر في مكة، هذا هو القول الراجح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»(90).
وهؤلاء الذين لم يُر في جهتهم لم يكونوا يرونه(91).
الاعتراض: هذا استدلال بمحل النزاع، والاستدلال به غير مقبول عند الأصوليين.
الدليل الثالث: أن المراد بيوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وأن المعتبر فيه هو التاريخ الهجري في القطر الذي يوجد فيه الإنسان، لا مطلق الوقوف بعرفة، ويدل على ذلك صنيع أهل العلم في تعريف يوم عرفة، حيث يذكرون في تعريفه أنه اليوم التاسع من ذي الحجة، ولا يربطونه بيوم الوقوف.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: «فأما يوم عرفة: فهو اليوم التاسع من ذي الحجة»(92).
وقال شمس الدين الزركشي الحنبلي: «ويوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة بلا ريب»(93).
وقال شمس الدين الكرماني -رحمه الله-: «فإن قلت: عرفة اسم الزمان، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، فما المراد منها. قلت: المراد إما الزمان -أي رجع من وقوف عرفة بعرفات، أو من مكان عرفة-، وإما المكان لما قيل: إن عرفة وعرفات مفردًا وجمعًا جاء كلاهما اسمًا للمكان المخصوص، والأول أولى ليوافق الاصطلاح المشهور للفقهاء»(94).
وقال العيني -رحمه الله-: «قوله من عرفة على وزن فعلة اسم للزمان، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهذا هو الصحيح، وقيل: عرفة وعرفات كلاهما اسمان للمكان المخصوص»(95).
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: «سن صوم يوم عرفة، وهو تاسع ذي الحجة»(96).
وقال شمس الدين الخطيب الشربيني: «وصوم يوم عرفة، وهو تاسع ذي الحجة لغير الحاج»(97).
وقال شمس الدين الرملي: «وصوم يوم عرفة وهو تاسع ذي الحجة لغير الحاج»(98).
وقال محمد بن عبدالله الخرشي المالكي -رحمه الله-: «قوله: وعرفة وعاشوراء هذه المواسم المشار بقوله وغيره من المواسم، وعاشوراء ونصب شعبان موسم من حيث الصوم وغيره مما يطلب فيه، والمواسم جمع موسم الزمن المتعلق به الحكم الشرعي، ولم يرد معرفة موضع الوقوف، بل أراد به زمنه، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة»(99).
وقال أبو الحسن العدوي -رحمه الله-: «وكذلك صوم -يوم عرفة- وهو التاسع من ذي الحجة مرغب فيه»(100).
وقال عبدالرحمن بن محمد الجزيري -رحمه الله-: «يندب صوم اليوم التاسع من ذي الحجة، ويقال له: يوم عرفة، وإنما يندب صومه لغير القائم بأداء الحج»(101).
الاعتراض: هذا استدلال بمحل النزاع، والاستدلال به غير مسلم عند الأصوليين.
الدليل الرابع: أن يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة ويوم العيد هو اليوم العاشر حسب الرؤية في ذلك البلد، ولا إشكال أن يكون يوم عرفة مختلفًا ويوم العيد مختلفًا، فلا يضر أن يكون يوم عرفة في مكة يوافق العاشر في بلد آخر، فيكون عرفة في مكة يوافق يوم العيد في ذلك البلد، ويوم عرفة في ذلك البلد يوافق الثامن في مكة لا إشكال في هذا، كما أن اليوم الأول من رمضان في ذلك البلد يوافق الثلاثين من شعبان في مكة، ويوم عيد الفطر في ذلك البلد يوافق الثلاثين من رمضان في مكة، لا فرق بينهما أبدًا، وإنما الفرق حصل بسبب قدوم أهل تلك البلاد للحج، فيختلف الحكم في حقهم، ويكون عرفة يوافق رؤية أهل مكة، ولو لم يكن الحكم معلقًا بشعيرة عامة، وهي لزوم الوقوف حيث يقف الناس لكان العبرة برؤية أهل بلده لكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالموافقة للمسلمين في ذلك البلد في الوقوف وفي الفطر يوم العيد.
ولذا لو كان صام تسعًا وعشرين يومًا لضرورة الفطر في البلد الآخر؛ لعدم المخالفة لزمه أن يقضي يومًا يتم به الثلاثين إن كان الشهر كاملًا»(102).
الدليل الخامس: أن القول باختلاف المطالع في جميع الشهور دون شهر ذي الحجة يؤدي إلى اضطراب في حساب الأشهر، وذلك بأن التوافق مع حساب بلاد الحرمين لا يمكن إلا بحذف يوم أو أكثر أو بزيادة يوم أو أكثر من الحساب في بعض البلدان، وهذا أمر معلوم من العقل بالضرورة(103).
الدليل السادس: أن «يوم عرفة زمن فاضل مقيد بتاريخ معين، ومثله مثل ليلة القدر التي تتنزل فيها الملائكة، والعبرة في الزمن الفاضل -والله أعلم- ليست بمسمى اليوم، ولكن بالتاريخ المعين في الشرع، ويحل الزمن الفاضل في البلدان بحسب استهلالها، وينتهي تبعًا لذلك، وبقدر ما يكون الاستهلال صحيحًا يقدر ما يكون التتابع بين البلدان متصلًا، والتفاوت محصورًا، فمثلًا حسب موقع البلد شرقًا أو غربًا بالنسبة لمكة المكرمة، بلد يقع غرب مكة بفارق (10) ساعات، ولهما نفس السمت، إما أن يستهل مع مكة في نفس اليوم متأخرًا بالفارق الزمني (10) ساعات أو يستهل قبل مكة بيوم واحد متقدمًا بفارق (14) ساعة، فسواء كان استهلالهما في نفس اليوم أو في يومين متتاليين، فالفارق الزمني حاصل، وهو فارق لا يتجاوز (24) ساعة، وكذلك بلد يقع شرق مكة بفارق (8) ساعات، إما أن يتقدم على مكة بـ(8) ساعات أو يتأخر عن مكة بـ(16) ساعة»(104).
المطلب الخامس: القول الراجح في المسألة
بعد إحالة النظر في أدلة القولين تبيّن لي أن الراجح هو القول الثاني، وذلك لما يلي:
- أن ما استدل به أصحاب القول الثاني أقوى مما استدل به أصحاب القول الأول.
- عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله»(105).
وجه الاستدلال: كما أرى -والله أعلم- أن الشارع أضاف الصيام إلى يوم عرفة، وهذا يحتمل أن يكون المراد به اليوم الذي يقف فيه الحجيج بعرفة، ويحتمل أيضًا أن يكون المراد به اليوم التاسع من ذي الحجة، وإذا أضفنا الصيام إلى الأول تكون الإضافة إلى سبب ظاهر في حق أهل مكة ومن حولها، وتكون الإضافة إلى سبب خفي في حق أهل البلاد النائية، إذ كان التعرف على يوم الوقوف بعرفة قبل وجود وسائل الاتصالات الحديثة غير ممكن، وكذلك يكون بعد زوالها، وقد دل استقراء نصوص الشريعة على أن الشارع يضيف الأحكام الشرعية إلى الأسباب الظاهرة، لا إلى الأسباب الخفية.
قال الغزالي -رحمه الله-: «اعلم أنه لما عسر على الخلق معرفة خطاب الله تعالى -في كل حال- لاسيما بعد انقطاع الوحي أظهر الله سبحانه خطابه لخلقه بأمور محسوسة نصبها أسبابًا لأحكامه، وجعلها موجبة ومقتضية للأحكام على مثال اقتضاء العلة الحسية معلولها، ونعني بالأسباب هٰهنا أنها هي التي أضاف الأحكام إليها كقوله تعالى: ﴿أقم الصلاة لدلوك الشمس﴾(106)، وقوله تعالى: ﴿فمن شهد منكم الشهر فليصمه﴾(107)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»(108).
وقال عبدالعزيز البخاري -رحمه الله-: «إنما وضعت الأسباب لأجل التيسير على العباد ليتوصلوا إلى معرفة الواجبات بمعرفة الأسباب الظاهرة»(109).
وقال تاج الدين السبكي -رحمه الله-: «إذا عرفت هذا فمن محاسن الشرع ضبط الأحكام بالأسباب الظاهرة وإقامتها عللًا يدور الحكم معها وجودًا وعدمًا، والعدول عن الأسباب الخفية وإن كانت هي الحكم ولها مناط الحكم بالأصالة لعسر انضباطها، وما تؤدي إليه محاولته إليه من المنازعة»(110).
وقال التفتازاني -رحمه الله-: «إنه لا كلام في أن شارع الشرائع هو الله تعالى وحده، وأنه المنفرد بإيجاب الأحكام إلا أنا نضيف ذلك إلى ما هو سبب في الظاهر بجعل الله تعالى الأحكام مترتبة عليها تيسيرًا وتسهيلًا على العباد ليتوصلوا بذلك إلى معرفة الأحكام بمعرفة الأسباب الظاهرة على أنها أمارات وعلامات»(111).
فعلم أن هذه الإضافة غير معتبرة، وإذا أضفنا الصيام إلى اليوم التاسع من ذي الحجة تكون الإضافة إلى سبب ظاهر في حق جميع المكلفين، فعلم أن هذه الإضافة معتبرة.
- أن اطلاع مسلمي البلاد النائية على اليوم الذي يقف فيه الحجيج بعرفة قبل وجود وسائل الاتصالات الحديث لم يكن ممكنًا، وكذلك يكون بعد زوالها، وقد ندبت الشريعة الإسلامية أتباعها الذين لم يشاركوا في الحج إلى الصوم في هذا اليوم، ولا يمكن لأحد منهم أن يصوم إذا كان غير مطلع على يوم الوقوف بعرفة، فدل ذلك على أن العمل ببعض أحكام الشريعة ممكن في مكان دون مكان، وفي زمان دون زمان، وهذا أمر غير معهود من هذه الشريعة، إذ أحكامها صالحة لكل زمان ومكان.
قال الإمام الشاطبي -رحمه الله-: «إذا ثبت أن الشارع قد قصد بالتشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية، فذلك على وجه لا يختل لها به نظام، لا بحسب الكل، ولا بحسب الجزء، وسواء في ذلك ما كان من قبيل الضروريات أو الحاجيات أو التحسينات، فإنها لو كانت موضوعة بحيث يمكن أن يختلَّ نظامها أو تختلَّ أحكامها، لم يكن التشريع موضوعًا لها، إذ ليس كونها مصالح إذ ذاك بأولى من كونها مفاسد، لكن الشارع قاصد بها أن تكون مصالح على الإطلاق، فلابد أن يكون وضعها على ذلك الوجه أبديًّا وكليًّا وعاما في جميع أنواع التكليف والمكلفين وجميع الأحوال، وكذلك وجدنا الأمر فيها، والحمد لله»(112).
- أن هذه الشريعة شريعة أمية كما دل على ذلك نصوص متواترة اللفظ والمعنى كقول الله عز وجل: ﴿هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم﴾(113)، وقوله: ﴿فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته﴾(114)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنا أمة الأمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا»(115)، وقوله أيضًا: «إني بعثت إلى أمة أمية»(116).
وكونها أمية اقتضى أن تكون أحكامها منوطة بأسباب ظاهرة وعلامات باهرة حتى يسهل العمل بها لكل مكلف في كل مكان وزمان.
قال الإمام الشاطبي -رحمه الله-: «وأما العمليات فمن مراعاة الأمية فيها أن وقع تكليفهم بالجلائل في الأعمال والتقريبات في الأمور، بحيث يدركها الجمهور كما عرف أوقات الصلوات بالأمور المشاهدة لهم، كتعريفها بالظلال، وطلوع الفجر والشمس، وغروبها وغروب الشفق، وكذلك في الصيام في قوله تعالى: ﴿حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود﴾(117)، ولما كان فيه من حمل العبارة على حقيقتها، نزل ﴿من الفجر﴾، وفي الحديث: «وإذا أقبل الليل من هٰهنا، وأدبر النهار من هٰهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم»(118)، وقال: «نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب، الشهر هكذا وهكذا»(119)، وقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»(120)، ولم يطالبنا بحساب مسير الشمس مع القمر في المنازل؛ لأن ذلك لم يكن من معهود العرب ولا من علومها، ولدقة الأمر فيه، وصعوبة الطريق إليه، وأجرى لنا غلبة الظان في الأحكام مجرى اليقين، وعذر الجاهل فرفع عنه الإثم، وعفا عن الخطأ، إلى غير ذلك من الأمور المشتركة للجمهور، فلا يصح الخروج عما حد في الشريعة، ولا تطلب ما وراء هذه الغاية، فإنها مظنة الضلال ومزلة الأقدام(121).
فقد تبين بهذا أن ربط الناس جميعًا في حكم صوم عرفة وعيد الأضحى برؤية أهل مكة خلاف مقتضى الأمية؛ إذ لم يكن لأهل البلدان النائية الاطلاع على التوقيت المكي وعلى يوم الوقوف بعرفة قبل وجود الاتصالات الحديثة ممكنًا، ولا يمكن لهم ذلك بعد زوالها، وليس هذا فحسب، بل ثمة أمر آخر ينافي كونها أمية وهو التكلف الكبير والمشقة الفادحة في الحصول على هذا الاطلاع.
الخاتمة
بعد حمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات أريد أن أذكر أهم النتائج والتوصيات التي ظهرت لي بعد الفراغ من هذه الجولة العلمية، وهي كما يلي:
- أن القول باختلاف المطالع في جميع الشهور دون شهر ذي الحجة قول حادث، قال به بعض العلماء المعاصرين، ولم يوجد عليه دليل من المتقدمين.
- أن مسألة تحديد يوم عرفة عند اختلاف الرؤية من المسائل الاجتهادية وللعلماء فيها قولان: قول بأن المراد به اليوم الذي يقف فيه الحجيج بعرفة، وقول بأن المراد به اليوم التاسع من ذي الحجة سواء كان ذلك موافقًا ليوم الوقوف أو غير موافق له، وهذا القول هو الراجح؛ لكونه أقرب إلى مقاصد الشريعة، إذ كون الشريعة أمية اقتضى أن تكون أحكامها منوطة بعلامات واضحة، وأسباب ظاهرة، كطلوع الشمس، ودلوكها، وغروبها، ورؤية الهلال ونحو ذلك، وربط الناس جميعًا في حكم صوم عرفة وعيد الأضحى برؤية أهل مكة خلاف مقتضى الأمية، إذ لم يكن لأهل البلدان النائية الاطلاع على التوقيت المكي، وعلى يوم الوقوف بعرفة ممكنًا قبل وجود وسائل الاتصالات الحديثة، ولا يمكن لهم ذلك بعد زوالها.
- اقتراح عقد مؤتمر في هذا الموضوع حتى يسهل فهمه فهمًا صحيحًا في ضوء نصوص الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة الإسلامية وفهم سلف الأمة أوصي علماء الأصول ومقاصد الشريعة بالنظر في هذه المسألة، ودراستها دراسة فقهية مبنية على أصول الشريعة، ومقاصدها.
- أوصي العلماء القائلين بأن المراد بيوم عرفة اليوم الذي يقف فيه الحجيج بعرفة بإعادة النظر في هذه المسألة؛ وذلك لأن ما قالوه خلاف العموم والاطراد، وهما خصيصتان من خصائص الشريعة الإسلامية؛ وذلك لأن العمل بصوم عرفة كان ممكنًا لأهل مكة ومن حولها، قبل وجود وسائل الاتصالات الحديثة، ويكون ذلك ممكنًا لهم بعد زوالها، إذ الاطلاع على ذلك اليوم مكن لهم في كلتا الحالتين.
وأما أهل البلدان النائية فلا يمكن لهم العمل به؛ إذ الاطلاع على ذلك اليوم غير ممكن لهم في كلتا الحالتين، فدل ذلك أن العمل ببعض أحكام الشريعة ممكن لقوم دون قوم، وفي زمان دون زمان، وفي مكان دون مكان.
ومن وجه آخر: أن العمل بصوم عرفة بناء على هذا القول لا يكون ممكنًا لأهل البلاد الإفريقية إذا كان عندهم يوم عيد، إذ لا يجوز الصوم فيه، وكذلك لا يمكن ذلك لمن كان داخلًا في الليل من أهل البلاد الأوربية، فدل ذلك أن العمل به ممكن لفئة دون فئة، وفي مكان دون مكان، وفي زمان دون زمان، وهذا غير مسلم، إذ أحكام هذه الشريعة صالحة لكل قوم في كل زمان ومكان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله عليه وسلم، وبارك على نبينا محمد وعلى وآله وأصحابه أجمعين.
----------------
(1) سورة آل عمران، رقم الآية (102).
(2) سورة النساء، رقم الآية (1).
(3) سورة الأحزاب، رقم الآية (70-71).
(4) أخرجه البخاري في «صحيحه»، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين (ص17)، رقم (71).
(5) أخرجه مسلم في «صحيحه»، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس (2/818)، رقم (1162).
(6) هو أبو محمد أحمد بن محمد بن خليل أحد علماء عمان، من مؤلفاته: «اتحاف الأعيان بذكر ما جاء في فضائل أهل عمان»، و«النور الساطع من أفق الطوالع في تحدي يوم عرفة إذا اختلفت المطالع» وغيرهما، هذا ما عرفته عنه، والله أعلم بالصواب.
(7) انظر: شبكة مشكاة الإسلامية، وموقع صيد الفوائد، وموقع هدي الإسلام.
(8) انظر: «المغني» (4/442)، و«مجموع الفتاوى» (22/211)، و(25/202-203)، و«شرح الزركشي» (2/640)، و«حاشية ابن عابدين» (3/364)، و«مجموع فتاوى ورسائل محمد بن صالح العثيمين» (20/47)، و«النور الساطع من أفق الطوالع» (ص2-3).
(9) «حاشية ابن عابدين» (3/364).
(10) «أحكام القرآن» (1/200).
(11) انظر: «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص19).
(12) انظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/393).
(13) راجع: موقع جار الإفتاء المصرية، رقم (3471)، www.dar-alifta.org.
(14) انظر: «فتاوى يسألونك» (10/348).
(15) راجع: موقع الشيخ سليمان بن عبدالله الماجد، فتوى رقم (17165).
(16) انظر: القرارات والفتاوى الصادرة عن المجلس الأوربي للإفتاء وال، منذ تأسيسه وحتى الدورة العشرين (ص82-83).
(17) راجع: موقع مركز الفتوى (islamweb.net)، رقم الفتوى (103355).
(18) انظر: «مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين» (20/47).
(19) راجع مقوع عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-. http://ibn-jebreen.com
(20) انظر: «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص7).
(21) راجع: شبكة الفتاوى الشرعية (http://www.islamic-fatwa.com)، رقم الفتوى (33969).
(22) راجع: موقع المسلم (http://almoslim.net/55164).
(23) انظر: «شرح مختصر خليل» للخرشي (2/234).
(24) علمًا بأن بعض المعاصرين ذهب إلى أن يوم عرفة عند اختلاف الرؤية هو اليوم الذي يقف فيه الحجاج بعرفة مع قوله: «بأن اختلاف المطالع معتبر»، وهذا تناقض.
(25) انظر: «مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين» (20/47).
(26) أخرجه أبو داود في «المراسيل» (ص153) ، رقم الحديث (149).
(27) انظر: «سلسلة الأحاديث الضعيفة» (8/324)، رقم (3863).
(28) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (5/286)، رقم (9827).
(29) انظر: «سلسلة الأحاديث الضعيفة» (14/127)، رقم (6554).
(30) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (5/286)، رقم (9829)، وصححه الألباني في «صحيح الجامع الصغير» (2/778)، رقم (4222).
(31) أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (7/44)، رقم (6802)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (5/316)، رقم 3487)، وضعف إسناده الهيثمي والألباني إلا أن هذا الأثر صححه الحافظ ابن رجب نظرًا إلى كثرة طرقه. انظر: «مجمع الزوائد ومنبع الفوائد» (3/192-193)، و«سلسلة الأحاديث الضعيفة» (11/310)، رقم (5199)، و«أحكام الاختلاف في رؤية هلال ذي الحجة» لابن رجب (ص36).
(32) انظر: «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص3).
(33) انظر: «معالم السنن» (2/82)، و«شرح مسند الشافعي» (2/12).
(34) «سنن الترمذي»، كتاب الصوم، باب ما جاء الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون...(3/71)، رقم (697).
(35) «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (1/509).
(36) «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (1/443).
(37) أخرجه مسلم في «صحيحه»، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس (2/818)، رقم (1162).
(38) انظر: «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص4).
(39) انظر: «المستصفى من علم الأصول» (1/251)، و«كشف الأسرار» للبخاري (2/341)، و«الأشباه والنظائر» لابن السبكي (2/188)، و«التلويح على التوضيح» (2/141).
(40) راجع: موقع فضيلة الشيخ سليمان بن عبدالله الماجد، فتوى رقم (17165).
(41) «الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري» (2/178).
(42) «عمدة القارئ شرح صحيح البخاري» (2/259).
(43) «فتاوى يسألونك» للدكتور حسام الدين عفانة (10/351).
(44) انظر: «الفصول في الأصول» (3/311)، و«شرح اللمع» (2/704)، و«المستصفى من علم الأصول» (1/496)، و«شرح تنقيح الفصول» (ص263)، و«العدة في أصول الفقه» (4/1117)، «شرح الكوكب المنير» (2/229).
(45) «السلوك لمعرفة دول الملوك» (4/44).
(46) «إنباء الغمر بأبناء العمر» (3/250).
(47) المصدر نفسه (3/350).
(48) انظر: «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص14).
(49) «أوائل الشهور العربية، هل يجوز شرعًا إثباتها بالحساب الفلكي» (ص3).
(50) انظر: «النور السطاع من أفق الطوالع» (ص5).
(51) «مجموع الفتاوى (5/478)، و«شرح حديث النزول» (ص114).
(52) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2/818)، رقم (1162)، كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس.
(53) «القبس في شرح موطأ مالك بن أنس» (3/575).
(54) انظر: «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص17).
(55) انظر: «المغني» (4/442)، و«الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري» (2/178)، و«عمدة القارئ شرح صحيح البخاري» (2/259)، و«البناية شرح الهداية» (4/166)، و«شرح مختصر خليل» للخرشي (2/234)، و«تحفة الأحوذي» (3/402).
(56) انظر: «فتاوى يسألونك» (10/348).
(57) «بدائع الصنائع» (2/126).
(58) «شرح مختصر خليل» للخرشي (2/321).
(59) «الحاوي الكبير» (4/348).
(60) «المجموع» (8/292).
(61) «المغني» (5/429).
(62) «مجموع الفتاوى» (22/211).
(63) «الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» (4/66).
(64) «المحلى» (5/204).
(65) انظر: «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص21).
(66) «المجموع المذهب في قواعد المذهب» (1/97)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص160)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص96)، و«شرح الكوكب المنير» (4/445).
(67) «المجموع المذهب في قواعد المذهب» (1/117).
(68) «معالم السنن» (2/82).
(69) «نهاية المطلب في دراية المذهب» (4/314).
(70) «مصنف ابن أبي شيبة» (2/341)، رقم (9719)، كتاب الصيام، (باب) ما قالوا في صوم يوم عرفة بغير عرفة.
(71) انظر: أحكام الاختلاف في رؤية هلال ذي الحجة» (ص19-20).
(72) «مصنف ابن أبي شيبة» (2/341)، رقم (9720)، كتاب الصيام، (باب) ما قالوا في صوم يوم عرفة بغير عرفة.
(73) انظر: «أحكام الاختلاف في رؤية هلال ذي الحجة» (ص20).
(74) «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص6).
(75) انظر: «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص15).
(76) تقدم تخريجه.
(77) تقدم تخريجه.
(78) «الفتاوى الكبرى» (5/377-378).
(79) انظر: «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص16).
(80) أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (11/256)، رقم (20476).
(81) أخرجه البيهقي في «المدخل» (ص111)، رقم (40).
(82) «مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني» (ص368)، رقم (1789).
(83) تقدم تخريجه.
(84) أحكام الاختلاف في رؤية هلال ذي الحجة (ص36).
(85) أخرجه أبو داود في «سننه»، كتاب الصوم، باب في صوم العشر (2/815)، رقم (2437)، وصححه الألباني، انظر: «صحيح أبي داود» (7/196)، رقم (2106).
(86) «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص9).
(87) انظر: «نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية» (2/157).
(88) انظر: «التيسير بشرح الجامع الصغير» (2/278).
(89) انظر: «صحيح أبي داود» (7/196)، رقم (2106).
(90) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ص305-306)، رقم (1900)، كتاب الصوم، باب هل يقال: رمضان أو شهر رمضان؟ ومن رأى كله واسعًا، ومسلم في «صحيحه» (ص440)، رقم (2504)، كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال...
(91) «مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (20/47).
(92) «المغني» (4/442).
(93) «شرح الزركشي» (2/640).
(94) «الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري» (2/178).
(95) «عمدة القارئ» (2/259).
(96) «فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب» (1/145).
(97) «مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج» (2/182).
(98) «نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج» (3/206).
(99) «شرح مختصر خليل» للخرشي (2/234).
(100) «حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني» (2/408).
(101) «الفقه على المذاهب الأربعة» (1/505).
(102) أرشيف ملتقى أهل الحديث (88/361)، رقم (119752).
(103) انظر: «النور الساطع من أفق الطوالع» (ص18).
(104) أرشيف ملتقى أهل الحديث (88/363)، رقم (119752).
(105) تقدم تخريجه.
(106) سورة الإسراء، رقم الآية (78).
(107) سورة البقرة، رقم الآية (185).
(108) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ص307)، رقم (1909)، كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»، ومسلم في «صحيحه» (2/762)، رقم (1081)، كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال...
(109) «كشف الأسرار» (2/341).
(110) «الأشباه والنظائر» (2/188).
(111) «التلويح على التوضيح» (2/141).
(112) «الموافقات» (2/62).
(113) سورة الجمعة، (2).
(114) سورة الأعراف، (158).
(115) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ص307)، رقم (1913)، كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكتب ولا نحسب».
(116) أخرجه أحمد في «مسنده» (38/438)، رقم (23447)، والبزار في «مسنده» (7/310)، رقم (308)، وابن حبان في «صحيحه»، وصححه الهيثمي والألباني. انظر: «صحيح ابن حبان» (3/14)، رقم (739)، و«مجمع الزائد» (7/150)، رقم (11567)، و«التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان» (2/155)، رقم (736).
(117) سورة البقرة، (187).
(118) أخرجه البخاري في «صحيحه»، كتاب الصوم، باب متى يحل فطر الصائم (ص314)، رقم (1954).
(119) تقدم تخريجه قبل قليل.
(120) الحديث بهذا اللفظ أخرجه مسلم في «صحيحه»، كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال (2/762)، رقم (1081).
(121) «الموافقات» (2/143-145).