إتحاف أهل الإيمان بأحكام الترديد مع الأذان
18 ربيع الأول 1439
فهد بن يحيى العماري

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإن من السنن العظيمة التي حث وحض الرسول صلى الله عليه وسلم عليها، ورغّب فيها، مسألة: الترديد مع المؤذن، وتسمى عند الفقهاء إجابة المؤذن، وتتضمن أحكاماً عدة، يغفل بعض الناس عنها، ويجهلها الكثير، وقد جمعت عدداً من مسائلها، وذكر بعض الأدلة والأقوال مختصرة، لتسهل قراءتها، ولا يملّها الملول في زمن الخلاصة والسرعة والاختصار، وعددها إحدى وعشرون مسألة، مذكّراً بها نفسي وإخواني، وما أهدى المرء لأخيه المسلم هدية أفضل من حكمة يزيده الله بها هدى أو يرده بها عن ردى.

وإذا الإخوانُ فاتهم التلاقي *** فما صلةٌ بأحسنَ من كتاب

وقد سميتها:

(إتحاف أهل الإيمان بأحكام الترديد مع الأذان).

تقبلها الله قبولاً حسناً، ونفع بها العباد والبلاد، والحاضر والباد، وجعلها عملاً صالحاً، دائماً، مباركاً، وأن يحيينا جميعاً على العلم النافع والعمل الصالح، وأن يمتّعنا متاع الصالحين، وأن ينصر عباده المؤمنين، هو خير مسؤول وأكرم مأمول.
 

أولاً: الفضائل والمغانم.

*عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلا قال يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعطه) رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه وحسنه ابن حجر.
 

*عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة). رواه مسلم.
 

*عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا، غفر له ذنبه» رواه مسلم.
 

*عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدا رسول الله قال: أشهد أن محمدا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة" رواه مسلم.
 

ثانياً: الأحكام.

المسألة الأولى: ترديد الأذان هو أن يردد المستمع الأذان مع المؤذن وراءه جملة جملة.
 

المسألة الثانية: حكم الترديد وراء المؤذن: محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
القول الأول: واجب، حكاه الطحاوي عن قوم من السلف، وهو مذهب الحنفية وبعض المالكية والظاهرية، لقوله صلى الله عليه وسلم:
(إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن) رواه الجماعة، والأمر يقتضي الوجوب.

 

القول الثاني: سنة، وهو مذهب جمهور الفقهاء وقول بعض الحنفية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سمع الأعرابي يؤذن فلما كبّر قال: على الفطرة فلما تشهد قال خرجت من النار. رواه مسلم، فلم يردد الرسول صلى الله عليه وسلم معه.
 

والراجح: أنه سنة، والصارف للوجوب فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولحديث " إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم.. " ولم يأمر الآخر بالترديد.
 

وقفة:

وينبغي للمسلم ألا يغفل عن هذه السنة، ونجد وللأسف كثير من الناس يتساهلون في هذه السنة بل تجد البعض يستمر في كلامه من غير حاجة أو ينشغل بكلام لا طائل من وراءه، ويغفل ويزهد فيها، ولاشك أن هذا من الغفلة، فعلى المؤمن أن يحرص على هذه السنن والفضائل ويربّي الناس عليها، ويذكرهم بها من زوجة وأولاد وطلاب وأصدقاء، ويكون قدوة لهم، وكان كثير من طلبة العلم والعلماء إذا جاءهم أحد يستفتيهم وأذن المؤذن توقفوا، ورددوا مع المؤذن ثم واصلوا بعد ذلك، وهذا كله حرص على اغتنام الأجور، وتطبيق السنن، وعدم تفويت المغانم والفضائل في زمن الصحة والإمهال، والتوفيق توفيق، والحرمان حرمان وخذلان، وكل ذلك يحتاج إلى مجاهدة ومصابرة، فكيف بزمن الغربة والغفلة؟! (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين). ونسأل الله أن يعيننا على أنفسنا.
 

المسألة الثالثة: كيفية الترديد.

أولاً: اتفق الفقهاء على أن يقول المستمع مثل المؤذن حتى آخر الشهادتين.
ثانياً: اختلفوا في ما بعدها:

 

القول الأول: يقول مثله إلا في الحيعلة فيقول لا حول ولا قوة إلا بالله، وهو مذهب الجمهور وقول بعض المالكية.
 

القول الثاني: يسكت، وهو مذهب مالك وأصحابه.
 

القول الثالث: يقول كقوله، وهو قول بعض المالكية والحنابلة.
 

الراجح: الأول، لما ورد في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله قال أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة ) رواه مسلم.
 

المسألة الرابعة: متى يردد؟

القول الأول: يردد وراء المؤذن جملة جملة، وهو محل اتفاق.
 

القول الثاني: يجوز قبله، وهو مذهب المالكية، لأن المقصود الذكر، والراجح الأول، لأن الشارع قال فقولوا، والفاء للتعقيب.
 

المسألة الخامسة: ماذا يقال عند التثويب؟

التثويب: قول المؤذن الصلاة خير من النوم.
 

القول الأول: صدقت وبررت، وهو مذهب جمهور الفقهاء وقول عند المالكية.
 

القول الثاني: لا يقل شيئاً، وهو مذهب المالكية.
 

القول الثالث: يقول كقوله، وهو قول بعض المالكية والشافعية والحنابلة.
 

الراجح: الثالث، لعموم النص: (فقولوا مثل ما يقول)، وأما قول صدقت وبررت فلا أصل له كما قال أهل العلم.
 

المسألة السادسة: إذا سمع الإنسان بعض الأذان سواء في أوله أو وسطه أو آخره ولم يسمع البعض أو أدرك أخره؟

محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
 

القول الأول: يجيبه في ما سمع وما لم يسمع، وهو ظاهر مذهب الحنفية وبعض المالكية ومذهب الشافعية وأكثر الحنابلة.
 

القول الثاني: يستحب في ما سمع فقط، وهو لبعض المالكية والحنابلة ورجحه الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله.
 

الراجح الثاني: لحديث (إذا سمعتم المؤذن..). فعلق الترديد بالسماع.
 

المسألة السابعة: إذا رأى إنسان المؤذن يؤذن ولكنه لا يسمع شيئاً فهل يردد؟

الصحيح: لا يردد، لأن العبرة بالسماع لا الرؤيا.
 

المسألة الثامنة: إذا سمع المؤذن يؤذن ولكن لا يفهم ما يقول لبعده فهل يردد؟

الصحيح لا يردد لحديث: (فقولوا مثل ما يقول) وهنا لا يدري ما يقول.
 

المسألة التاسعة: هل لابد في الترديد من التلفظ؟

نعم، لأن القول لا يكون قولاً إلا بالتلفظ، (فقولوا مثل ما يقول).
 

المسألة العاشرة: إذا سمع أكثر من مؤذن في وقت واحد فمع من يردد؟ محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:

القول الأول: يستحب إجابة الجميع، وهو قول بعض الحنفية والمالكية والشافعية.
 

القول الثاني: يجيب الأول، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية.
 

القول الثالث: يستحب ما لم يصل فريضة الوقت، وهو قول بعض الشافعية ومذهب الحنابلة.

 

الراجح: يردد مع أقربها وإذا كانت وراء بعض كلما انتهى مؤذن أذن آخر يردد اغتناًما للأجر، واختاره ابن تيمية والشوكاني.
 

المسألة الحادية عشرة: هل يردد المؤذن مع نفسه؟ محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:

القول الأول: يجيب نفسه، وهو مذهب الحنابلة، وابن الملقن الشافعي.
 

القول الثاني: لا يجيب، وهو مذهب المالكية وبعض الحنابلة وقيد المالكية يردد بعد الانتهاء من أذانه.
 

الراجح: الثاني، لعدم الدليل، ولأنه أتى بالأصل، ورجحه ابن رجب.
 

المسألة الثانية عشرة: إذا كان في الحمام فهل يردد؟ محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:

القول الأول: لا يجيب، وإذا خرج يقضيه، وهو صحيح مذهب الحنابلة.
 

القول الثاني: يردد سراً، وهو قول عند الحنابلة.
 

القول الثالث: يجيبه، وهو اختيار تقي الدين.
 

الراجح، لا يجيب، لأن الحمام ليس موطن ذكر، وينزه الله.
 

المسألة الثالثة عشرة: إذا كان في طواف أو قراءة قرآن فهل يردد؟

نعم، يردد مع المؤذن ويقف عن القراءة، لأن الترديد سنة الوقت، فهو مقدم على قراءة القرآن في هذه الحالة وإن كان القرآن أفضل، وهذه من قواعد المفاضلة في الأعمال، وهي مهمة، وفي الطواف يردد كذلك.
 

المسألة الرابعة عشرة: إذا كان في صلاة فهل يردد؟

القول الأول: لا يجيبه سواء كانت فرضاً أو نفلاً، وهو مذهب جمهور الفقهاء، وقول لابن تيمية.
 

القول الثاني: يجيبه في النافلة لا الفرض، وهو مذهب المالكية.
 

القول الثالث: يجيبه إذا سلم، وهو رواية في مذهب الحنابلة.
 

القول الرابع: يجيبه، وهو رواية في مذهب الحنابلة،لأنه ذكر لله إلا في الحيعلتين فلا يجيب لأنه خطاب آدمي، واختاره تقي الدين.
 

القول الخامس: يكره، واختاره ابن حجر ومال إليه الشوكاني.
 

الراجح: لا يجيب، لحديث: (إن في الصلاة لشغلا) رواه البخاري، ولأن في ذلك انشغالاً عن الصلاة.
 

المسألة الخامسة عشرة: هل يصح الترديد مع الأذان عن طريق التسجيل؟ له حالات:

الأولى: إذا كان أذان البلد مباشرة كما ينقل أذان الحرم الآن عبر الاذاعة أو بعض المصليات في الدوائر الحكومية أو في الفنادق فهذا يردد معه.
 

الثانية: إذا كان ليس مباشراً كمجرد تسجيل في الجوال أو عبر المسجلات فلا يردد، لأنه لا عبرة به، ولأن الأذان عبادة.
 

الثالثة: إذا كان ليس وقت أذان البلد وإنما بلد آخر فهذا لا يردد، لأن العلة من الأذان دخول الوقت للإجابة وليس الأمر كذلك، وقيل: يردد لظاهر النص، والأقرب الأول.
 

المسألة السادسة عشرة: هل يقضي الترديد أم لا؟ له حالات:

الأولى: إذا كان فاته شيء من الأذان وقد سمعه ومازال الأذان لم ينته فإنه يقضي ويكمل الباقي.
 

الثانية: إذا كان فاته الأذان كله وقد سمعه فهل يقضي محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:
 

القول الأول: يقضي ما لم يطل الفصل، فإن طال لا يقضي، واختاره النووي وظاهره سواء ترك الترديد لعذر أم لغير عذر، لأنه سنة يسن قضاؤها.
 

القول الثاني: يقضي إن كان ترك الترديد لعذر، وهو مذهب الحنابلة، كقولهم يردد إذا انتهى من قضاء الحاجة وسلّم من الصلاة.
 

القول الثالث: لا يقضي مطلقاً، لأنه سنة فات محلها، وذهب إليه بعض المعاصرين، والمسألة محتملة، وأقرب الأقوال القضاء لعذر ما لم يطل الفصل.
 

وهذه المسألة مبنية على مسألة القضاء هل يحتاج إلى أمر جديد أم لا؟ محل خلاف بين الأصوليين رحمهم الله:
 

القول الأول: أن القضاء بالأمر الأول، لأن الأمر مرتبط بالفعل، وهو مذهب جمهور أهل الأصول.
 

القول الثاني: أن القضاء لابد من أمر جديد، لأن الأمر مرتبط بالزمان، وهو مذهب أهل الكلام والغزالي والجويني وابن تيمية.
 

الثالثة: إن كان لم يسمع شيئاً فلا يردد، لأن الحديث علق الترديد بالسماع.
 

المسألة السابعة عشرة: من دخل المسجد وهو يؤذن فهل يصلي أم يردد الأذان؟

فيه وجهان في مذهب الحنابلة: والأولى أن يردد لاغتنام ذلك إلا في الجمعة فإنه يصلي، لأن الاستماع للخطبة أولى من الترديد وهو مذهب الحنابلة.
 

المسألة الثامنة عشرة: ماذا يقول بعد الأذان؟

1- يردد مع المؤذن كما تقدم.
 

2- ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
 

3- ثم يقول الدعاء المشروع، وهو (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محموداً الذي وعدته) رواه مسلم وعند النسائي وابن خزيمة (المقام المحمود) بالتعريف. وفي رواية عند البيهقي بزيادة: "إنك لا تخلف الميعاد" وسكت عنها ابن حجر.
الدعوة التامة: الأذان سمي تاماً لكماله.
الصلاة القائمة: التي ستفعل.
الوسيلة: الجنة.
الفضيلة: قيل منزلة أخرى، وقيل: المرتبة الزائدة على سائر الخلائق، ويحتمل أن تكون تفسيراً للوسيلة كما يقول الشوكاني.
المقام المحمود: الشفاعة العظمى.
وعبارة "الدرجة العالية الرفيعة" لا أصل لها كما بين الحافظ ابن حجر العسقلاني والحافظ السخاوي.

 

4-ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا، لحديث مسلم المشهور، وقد تقدم، وورد في رواية: (وبمحمد نبياً) رواه ابن ماجة وصححه الألباني.
 

واختلف العلماء في الموضع الذي يقال فيه هذا الذكر:

القول الأول: أنه يقال بعد فراغ المؤذن من الأذان وقال علي القاري في كتابه مرقاة المفاتيح.
 

القول الثاني: أنه يقال عند تشهد المؤذن، أي قبل قوله: (حي على الصلاة)، وقال بذلك الإمام النووي والسفاريني.
 

فرع: هل قوله في الحديث: (من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله...) لفظ الشهادة من يقوله المؤذن أم المستمع؟
قال ابن علان في دليل الفالحين: واللفظ محتمل للأمرين، واختاره النووي السامع، لرواية: (وأنا أشهد..) رواه أبوداود والترمذي، لأن الواو عاطفة على محذوف، والتقدير: شهدت أيها المؤذن بكذا، وأنا أشهد مثلك.

 

فرع: هل يجمع بين قوله نبياً ورسولاً أم لا يجمع بينها؟

قرر ابن علان الشافعي: الجمع بينها كظلماً كبيراً كثيراً، وفي الجمع في الأخيرة خلاف، والأقرب: عدم الجمع المسألتين، وإنما يكون من باب التنويع لا الجمع، لأن النص الشرعي لم يجمع بينها.
 

المسألة التاسعة عشرة: لا تشترط الطهارة من الحدث الأكبر أو الأصغر في الترديد، لعدم الدليل، وقرره النووي رحمه الله.

المسألة العشرون: حكم ترديد الإقامة: محل خلاف بين العلماء رحمهم الله:

القول الأول: مستحب، وهو مذهب جمهور الفقهاء، واختاره ابن باز، لحديث: أبي أمامة أو بعض من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن بلالاً أخذ في الإقامة، فلما قال: قد قامت الصلاة، قال صلى: (أقامها الله وأدامها) رواه أبوداود، وقد ضعفه النووي وابن حجر، ولحديث (بين كل أذانين صلاة) رواه مسلم فسمى الإقامة أذانا فيستحب الترديد، ولعموم (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن) رواه مسلم.
 

القول الثاني: لا يستحب، وهو قول للحنفية والمالكية وللشافعية ورجحه ابن عثيمين، لعدم الدليل، ولأن الأصل في العبادات التوقيف، ولأنه لو ورد لا شتهر بين الصحابة رضي الله عنهم.
 

المسألة الواحدة والعشرون: يقول مثل ما يقول المقيم إلا في قد قامت الصلاة يقول أقامها الله وأدامها، وهو مذهب الحنابلة للحديث السابق في المسألة السابقة.
 

وفقنا الله وإياكم لهداه وجعل أعمالنا في رضاه وثبتنا على دينه حتى نلقاه ووقانا شر الفتن ما ظهر منا وما بطن، وأن يكون خير معين للمستضعفين والمظلومين، هو حسبنا ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين(1).
 

_______________________________

(1) أحكام الأذان والإقامة للحازمي، فتاوى محمد بن إبراهيم، والشيخين ابن باز وابن عثيمين، الموسوعة الميسرة في فقه القضايا المعاصرة، شرح عمدة الفقه للكاتب.