أحكام السرقة المتعلقة بالسيارات
11 ربيع الأول 1431

أحكام السرقة المتعلقة بالسيارات

إعداد:
أبو عاصم
حسين بن معلْوي الشهراني

المقدمة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن استن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين، وبعد:
هذا بحث موجز في: أحكام السرقة المتعلقة بالسيارات، ولا يخفى على الجميع أهمية هذا الموضوع؛ نظراً لما يلاحظ في المقروء والمسموع من كثرة الاعتداء بسرقة السيارات في هذه الأيام، والله المستعان.
وقد وضعت لهذا البحث خطة قسّمتها إلى: تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة.
التمهيد: في عناية الشريعة الإسلامية بحفظ الأموال.
المبحث الأول:حقيقة السرقة، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول:تعريف السرقة في اللغة وفي الاصطلاح.
المطلب الثاني:حكم السرقة.
المطلب الثالث:شروط السرقة.
المبحث الثاني:حقيقة الحرز، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول:تعريف الحرز في اللغة والاصطلاح.
المطلب الثاني:ضابط الحرز.
المطلب الثالث:أنواع الحرز.
المبحث الثالث: معنى السيارة، وبيان حرزها، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: معنى السيارة في اللغة وفي الاصطلاح المعاصر.
المطلب الثاني:حرز السيارات.
المبحث الرابع:أحكام السرقة المتعلقة بالسيارات، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: سرقة السيارة نفسها.
المطلب الثاني: السرقة من السيارة، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:سرقة قطعة من قطع السيارة، أو جزء من أجزائها.
المسألة الثانية:سرقة متاع من السيارة من غير أجزائها.
الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات.

التمهيد:

عناية الشريعة الإسلامية بحفظ الأموال.
أباحت الشريعة الإسلامية كسب المال وتملكه من الطرق المباحة، وأثبتت للإنسان حق التملك والتصرف في هذا الملك، وثبوت الحقوق عن طريق الشرع يعني أن تلك الحقوق مصونة، محفوظة عن التعدي عليها، وإلا لم يكن لإثباتها فائدة، بل لا يتصور للتناقض الذي تتنزه عنه شريعة الإسلام المحكمة الخاتمة التي ارتضاها الله _تعالى_ ديناً للعباد؛ فقال _عز وجل_:
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً "(3)
ومن جملة الحقوق التي عنيت الشريعة الإسلامية بحفظها وتكفلت بصيانتها الحقوق المالية.
وفي نصوص الوحيين المتكاثرة ما يكون أصلاً لذلك؛ وأنىّ لأحدٍ أن يحيط بها جمعاً وفهماً، ولكني أذكر هنا بعض النصوص الشرعية العامة التي تدل على عناية الشريعة الإسلامية بحفظ الحقوق بأنواعها، والتحذير من التعدي عليها؛ فمن ذلك:
قول الله _عز وجل_ : " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون "(2).
وقوله _تعالى_: " يآ أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم..."(3).
وهاتان الآيتان بعمومهما دالتان على عدم جواز التعدي على الحقوق المالية؛ فيشمل النهي فيهما التعدي على المال بأنواعه؛ لأن المال لم يرد له حد في اللغة ولا في الشرع ؛ فيكون مردّه إلى العرف يبين المقصود منه، ولذلك قرر العلماء أن مفهوم المال يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأعراف.
وعليه فإن النهي عن أكل أموال الآخرين بالباطل يشمل كل ما يدخل في مفهوم المال، مما يتعارف الناس على ماليته.
ومن ذلك أيضاً قوله _صلى الله عليه وسلم_: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"(4).
وقوله _صلى الله عليه وسلم_ في أكبر اجتماع للناس، في حجة الوداع، في أعظم بقعة: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا، في شهركم هذا…"(5).
فهذه النصوص وغيرها من النصوص دالة على تحريم الاعتداء والظلم والإضرار بالآخرين، وقد أجمع المسلمون على أن أخذ أموال الناس وأكلها ظلماً لا يحل، وأن الله _عز وجل_ حرم ذلك(6) ؛ مما يبين حفظ الشريعة الإسلامية لحقوق الناس، بشتى أنواعها، وصيانتها عن الاعتداء عليها بأية صورة من صور الاعتداء.
ومن هذه الأموال، بل من أهمها: السيارات التي جعل الله _تعالى_ منها بفضله ومنّه وسيلة يستعين بها الناس في قضاء كثير من حوائجهم ومتطلباتهم، حتى أصبحت في هذه الأيام من الوسائل التي تشتد حاجة الناس إليها، ولا غنى لهم عنها؛ فإذا ثبت أن تملكها من الحقوق الثابتة لأصحابها بمقتضى الشرع؛ فإنه لا يجوز التعدي عليها بأي صورة من صور التعدي، ومن ذلك السرقة، وفي النصوص السابقة ما يجعلها محفوظة لأصحابها، والله _تعالى_ أعلم.

المبحث الأول : حقيقة السرقة.
المطلب الأول: تعريف السرقة في اللغة والاصطلاح:
السرقة في اللغة : مصدر الفعل (سَرَق)، ويدل على أخذ ما ليس له أخذه، في خفاء وستر. يقال: سرَق منه الشيء يسرق سَرَقاً –محرّكة- وسرْقاً، واستَرَقَه: جاء مستتراً إلى حرز؛ فأخذ مالاً لغيره(7).
والسرقة في معناها الشرعي لا تخرج عن معناها في اللغة؛ فتعرف بأنها: أخذ مال على وجه الاختفاء من مالكه أو نائبه، وهذه هي السرقة المحرمة بصفة عامة.
أما السرقة الموجبة لحد القطع فهي لا تختلف عن المعنى اللغوي والمعنى العام مع إضافة بعض الأوصاف؛ فعرفت بأنها:
أخذ مال محترم لغيره، وإخراجه من حرز مثله، لا شبهة له فيه، على وجه الاختفاء(8).

المطلب الثاني: حكم السرقة.
السرقة نوع من أنواع التعدي على حقوق الآخرين، وداخلة في أكل أموال الناس بالباطل؛ لأنها أخذ لمال الغير على وجه لم يؤذن به شرعاً، ولذلك حرمها الله _عز وجل_ وأوجب فيها حدّ القطع؛ دل على ذلك نصوص الوحيين وإجماع المسلمين.
فمن أدلة الكتاب قول الله _عز وجل_:
"والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم"(9).
ومن السنة ما روته أم المؤمنين عائشة –رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً"(10).
وقد أجمع المسلمون على وجوب قطع السارق في الجملة(11).
وكذلك فإن أهل العلم لا يختلفون في وجوب رد العين المسروقة على مالكها إذا كانت باقية(12).
وبناءً على هذا فإن من صور السرقة أن يقوم شخص بسرقة سيارة من مالكها؛ فإذا ثبت فعل السرقة وتوافرت الشروط، وانتفت الموانع كان ذلك موجباً للحدّ، وذلك لأنها من الأشياء التي تقع عليها السرقة وتدخل في مسمى المسروق الذي يجب حد السرقة بسرقته.
وجملة ذلك أن العلماء –رحمهم الله تعالى- قد وضعوا لذلك ضابطاً، وهو أن كل متمول جاز بيعه وأخذ العوض؛ فإن فيه القطع.
ففي المعونة على مذهب عالم المدينة(13): "كل ما جاز بيعه، وأخذ العوض عليه جاز أن يقطع في سرقته كسائر الأموال، ويقطع في سائر المتمولات التي يجوز بيعها وأخذ العوض عنها".
وفي بداية المجتهد(14): "العلماء متفقون على أن كل متملك غير ناطق يجوز بيعه وأخذ العوض منه؛ فإنه يجب في سرقته القطع ما عدا الأشياء التي أصلها مباحة فإنهم اختلفوا في ذلك؛ فذهب الجمهور إلى أن القطع في كل متمول يجوز بيعه وأخذ العوض فيه، وقال أبو حنيفة: لا قطع في الطعام ولا فيما أصله مباح كالصيد والحطب والحشيش"(15).
والراجح ما ذهب إليه الجمهور، ولا حاجة هنا لعرض الخلاف والأدلة؛ لأن السيارة على كلا القولين مما يجب القطع بسرقتها؛ إذ هي خارجة عن محل الخلاف.
وقد يعدل القاضي من القطع إلى التعزير لفوات شرط أو حصول مانع أو شبهة، ذلك أن العقوبات – كما هو معلوم – نوعان(16):
1- عقوبات مقدرة في الشرع، لا يزاد فيها ولا ينقص، وهي الحدود كحد القتل، والزنا، والسرقة، وغيرها إذا توافرت الشروط وانتفت الموانع.
2- عقوبات على معاصٍ، لا حدّ فيها ولا كفّارة، وهي التي تسمى "التعزير"، وهي راجعة إلى اجتهاد الوالي بحسب ما يحصل به المقصود، وتكون بالضرب وبالحبس وبالتوبيخ وبالمال، كل أحد بحسب ذنبه، وبحسب حاله.

المطلب الثالث:شروط السرقة.
يثبت حد القطع إذا توافرت الشروط المعتبرة في السرقة، وهذه الشروط، هي(17):
1- أن تكون السرقة من حرز(18)، وحرز كل شيء بحسبه، والمحكَّم في ذلك العرف – كما سيأتي- وهو يختلف باختلاف الأموال والأمكنة والأزمنة والأحوال.
2- أن يكون المسروق مملوكاً ملكاً تاماً لغير السارق.
3- أن يكون المسروق محترماً؛ فلا قطع على من سرق آلة تستخدم للمعصية؛ كأن تستخدم في الغناء والطرب، أو في تزوير وتزييف النقود، أو في إجهاض الأجنّة ونحو ذلك، وكذلك لا قطع في سرقة كتباً محرمة؛ كالمشتملة على كفر أو شركيات أو سحر وكهانة ونحو ذلك؛ لأن كل هذه الأشياء غير محترمة، بل محرمة، يجب إتلافها وإفسادها.
4- انتفاء الشبهة، بألا يكون فيه شبهة استحقاق للسارق؛ لأن وجود الشبهة يدرأ الحد، تبعاً للقاعدة المطردة في كتاب الحدود، وهي درء الحدود بالشبهات، وأهل العلم متفقون على ذلك(19).
5- أن يكون المسروق نصاباً.
ومقدار نصاب السرقة الموجب للقطع هو – على الصحيح- ثلاثة دراهم، أو ربع دينار، أو ما تبلغ قيمته ذلك.
6- مطالبة المسروق منه بماله.
7- ثبوت السرقة بالإقرار مرتين أو بشهادة عدلين.
فإذا سرق مكلف سيارة مع توافر الشروط السابقة وجب إقامة حد السرقة عليه بقطع يده، وذلك حفظاً للأموال التي بها قوام الحياة، ولأن المال محبوب إلى النفوس تميل إليه الطباع البشرية وخاصة عند الحاجة، ومن الناس من لا يردعه عقل، ولا يمنعه نقل، ولا تزجرهم الديانة، ولا تردهم المروءة والأمانة، فلولا الزواجر الشرعية من القطع والصلب ونحوهما، لبادروا إلى أخذ الأموال مكابرة على وجه المجاهرة، أو خفية على وجه الاستسرار، وفيه من الفساد ما لا يخفى؛ فناسب شروع هذه الزواجر حسماً لباب الفساد، وإصلاحاً لأحوال العباد(20) ، والله _تعالى_ أعلم.

المبحث الثاني: حقيقة الحرز.
المطلب الأول:معنى الحرز في اللغة والاصطلاح.
الحرز في اللغة (21): مأخوذ من الحفظ والتحفظ، يقال: حرزته واحترز هو، أي: تحفظ، وأصل الحرز في اللغة الموضع الحصين، والمكان الذي يحفظ فيه، والجمع أحراز، وأحرزت المتاع جعلته في الحرز.
وفي الاصطلاح: تعددت عبارات الفقهاء في بيان المراد منه، مع وجود التقارب في بيانه، ومن تعريفاتهم للحرز ما يلي:
1- عرفه الموصلي بأنه:"ما يصير به المال محرزاً عن أيدي اللصوص(22).
2- وعرفه ابن رشد بأنه: "ما من شأنه أن تحفظ به الأموال كي يعسر أخذها، مثل: الأغلاق والحظائر، وما أشبه ذلك(23).
3- وعرّفه القرطبي بقوله: "الحرز هو ما نصب عادة لحفظ أموال الناس، وهو يختلف في كل شيء بحسب حاله(24).
4 – وعرفه الماوردي بأنه:"ما يصير به المال محفوظاً(25).
5 - وعرّفه الحجاوي بقوله : "وحرز المال ما العادة حفظه فيه، ويختلف باختلاف الأموال والبلدان وعدل السلطان وجوره، وقوته وضعفه(26).
ومن هذه التعاريف يظهر التواطؤ بين المعنى اللغوي والشرعي للحرز: من أن الحرز هو المكان المعدّ لحفظ المال فيه، كما نجد أن النقول متفقة على أن حرز كل شيء بحسبه، وأنه يختلف باختلاف الأموال والأمكنة والأزمنة والأحوال ونحو ذلك(27) ،والله أعلم.
المطلب الثاني: ضابط الحرز.
لم يرد في الشرع للحرز حقيقة اصطلاحية، بحيث إذا أطلق تبادرت إلى الأذهان، كما هو الحال في الصلاة والصوم والنكاح وغيرها؛ بل ترك ذلك لما يتعارف الناس عليه بما يعرفون ويألفون، وهذا يعني أن مفهوم الحرز قابل للتبدل بحسب اختلاف الأعراف زماناً ومكاناً.
ولأنه لم يرد للحرز تعريف محدد في اللغة أو الشرع؛ فإن المرجع في بيان معناه هو العرف؛ لأن مقتضى قاعدة الأسماء المطلقة في الشريعة الإسلامية هو اعتبار الحقيقة الشرعية؛ فإن لم يوجد فيها تحديد فاللغوية؛ فإن لم يوجد فيها تحديد فالعرفية.
وقد نص الفقهاء – رحمهم الله تعالى – على أن كل اسم ليس له حد في اللغة ولا في الشرع؛ فالمـرجع فيـه إلى العرف(28).
قال ابن قدامة – رحمه الله تعالى - :
"والحرز ما عدّ حرزاً في العرف؛ فإنه لما ثبت اعتباره في الشرع من غير تنصيص على بيانه عُلم أنه ردّ ذلك إلى أهل العرف؛ لأنه لا طريق إلى معرفته إلا من جهته؛ فيرجع إليه، كما رجعنا إليه في معرفة القبض والفرقة في البيع وأشباه ذلك"(29).
وبناءً على ما قرّره العلماء –رحمهم الله تعالى- فيما سبق يتبين أن ضابط الحرز وتحديد مفهومه إنما مرجعه إلى العرف، وأن الإحراز يختلف باختلاف المُحرزات وكيفية إحرازها زماناً ومكاناً، ومن الأمور التي ذكر بعض العلماء أن الأحراز تختلف بناءً على اختلافها وتفاوتها ما يلي:
1- اختلاف جنس المال ونفاسته.
2- اختلاف البلدان؛ فإن كان البلد واسع الأقطار كثير الدعّار- أي: المفسدين- غلظت أحرازه، وإن كان صغيراً قليل المارّ، لا يختلط بأهله غيرهم خفت أحرازه.
3- اختلاف الزمن؛ فإن كان زمان سلم ودعة خفّت أحرازه، وإن كان زمان فتنة وخوف غلظت أحرازه.
4- اختلاف السلطان؛ فإن كان عادلاً غليظاً على أهل الفساد خفّت أحرازه، وإن كان جائراً مهملاً لأهل الفساد غلظت أحرازه.
5- اختلاف الليل والنهار؛ فيكون الإحراز في الليل أغلظ لاختصاصه بأهل العبث والفساد(30) .
وقد يضاف إلى ما سبق:
6- اختلاف البلاد وتفاوتها من حيث الحكم بشرع الله _عز وجل_، وتطبيقه في الأحكام بعامة وفي الحدود بخاصة؛ فلا شك أن البلد الذي يطبّق أحكام الشرع يقلّ فيه المفسدون فتقل أحرازه، والبلاد التي لا تطبق شرع الله _تعالى_ يكثر فيها المفسدون فتغلظ أحرازها.
وجملة ما سبق أنه يعتبر في الحرز شرطان(31):
الشرط الأول: العرف.
الشرط الثاني: عدم التفريط.
وذلك لأن المال المحرز هو ما لا يُعدّ صاحبُه مضيعاً.
المطلب الثالث: أنواع الحرز.
الحرز نوعان :
1- حرز بنفسه، ويسمى حرزاً بالمكان، وهو كل بقعة معدة للإحراز يمنع الدخول فيها إلا بإذن كالدار والبيت .
2- وحرز بغيره، ويسمى حرزاً بالحافظ: وهو كل مكان غير معدِّ للإحراز، لا يمنع أحد من دخوله؛ كالمسجد والسوق،
ولما كان ضابط الحرز وتحديد مفهومه يرجع إلى العرف، وهو يختلف باختلاف الزمان والمكان ونوع المال المراد حفظه، وباختلاف حال السلطان من حيث العدل أو الجور، ومن حيث القوة أو الضعف؛ فقد اختلف الفقهاء في الشروط الواجب توافرها ليكون الحرز تاماً، وبالتالي يقام الحد على من يسرق من.
فذهب الحنفية(32) إلى أن الحرز بنفسه: كل بقعة معدة للإحراز يمنع دخولها إلا بإذن، كالدور والحوانيت والخيم والخزائن والصناديق والجرن حظائر الماشية، سواء كان الباب مغلقاً أو مفتوحاً أو لا باب لها؛ لأن هذه الأبنية قُصِد بها الإحراز كيفما كان،
ولا يُشترط في الحرز بنفسه عندهم وجود حافظ، ولو وُجد فلا عبرة به.
أما الحرز بغيره: فهو كل مكان غير معد للإحراز يدخل إليه بدون إذن ولا يمنع منه؛ كالمساجد والطرق والأسواق، وهي لا تُعد حرزاً إلا إذا كان عليها حافظ، أي: شخص ليس له من مقصد سوى الحراسة والحفظ؛ فإن كان له مقصد آخر فلا يكون المال محرزاً به.
وذهب المالكية(33) إلى أن الحرز بنفسه: كل مكان أتخذه صاحبه مستقراً له، أو اعتاد الناس وضع أمتعتهم به، سواء أكان محاطاً أم غير محاط؛ كالبيوت والحوانيت والخزائن وكالجرن الذي يُجمع فيه الحب والتمر وليس عليه باب ولا حائط ولا غلق، وكالأماكن التي يضع التجار بضائعهم فيها، في السوق أو في الطريق دون تحصين، وكالأماكن التي تُراح فيها الدواب دون بناء، أو التي تُناخ فيها الإبل للكراء.
أما الحرز بغيره فهو المكان الذي لم يتخذه صاحبه مستقراً له، ولم تجر العادة بوضع الأمتعة فيه؛ كالطريق والصحراء، وهو يكون حرزاً بصاحب المتاع إن كان قريباً من متاعه عرفاً، بشرط أن يكون حيًا عاقلاً مميزاً.
وعند الشافعية(34) لا يكون حرزاً بنفسه إلا المكان المغلق المعد لحفظ المال داخل العمران؛ كالبيوت والحوانيت وحظائر الماشية،
فإن كان المكان غير مغلق بأن كان بابه مفتوحاً أو ليس له باب، أو كان حائطه متهدما أو به نقب؛ فإنه لا يعُد حرزاً بنفسه .
وإن كان المكان خارج العمران، بأن كان منفصلاً عن مباني القرية أو البلدة ولو ببستان، فلا يكون حرزاً بنفسه، ولا يرى الشافعية ما يمنع من اعتبار الحرز بنفسه حرزا حرزاً بالحافظ إذا اختل الحفظ بالمكان .
أما الحرز بغيره فهو كل مكان لم يعد لحفظ المال، أو كان خارج العمران أو غير مغلق، وهو لا يكون حرزاً إلا بملاحظ يقوم بحراسة المال، بحيث لا يعتبر العرف صاحبه مقصرا عند سرقته، والملاحظة يختلف مداها باختلاف نوع الحرز.
ويتفق الحنابلة مع الشافعية في أن الحرز بنفسه هو كل موضع مغلق معد لحفظ المال داخل العمران كالبيوت والحوانيت وحظائر الماشية0 فإن لم يكن مغلقا مغلقاً فلا يُعد حرزاً بنفسه، وإن لم يكن معدا لحفظ المال كالسوق والمسجد فلا يُعد حرزاً بنفسه، وإن كان خارج العمران فلا يُعد حرزاً بنفسه، ولا يرى الحنابلة مانعا من اعتبار الحرز بنفسه حرزاً بالحافظ إذا اختل الحرز بالمكان بأن أذن للسارق بالدخول أو كان الباب مفتوحا، أما الحرز بغيره فهو الموضع الذي لم يعدّ لحفظ المال دون حافظ في العادة؛ كالخيام والمضارب، أو الموضع المنفصل عن العمران؛ كالبيوت في البساتين والطرق والصحراء مغلقة كانت أو مفتوحة فلا تكون حرزاً إلا بحافظ أياً كان(35) .

المبحث الثالث: معنى السيارة، وبيان حرزها.
المطلب الأول: معنى السيارة في اللغة، وفي الاصطلاح المعاصر.

السيارة في اللغة مأخوذة من الفعل ( سير)، وفي معجم مقاييس اللغة أن السين والياء والرّاء أصل واحد يدل على مضي وجريان، يقال: سار يسير سيراً، وذلك يكون ليلاً ونهاراً،ومنه السيرة، وهي الطريقة في الشيء والسنة، سميت بذلك؛ لأنها تسير وتجري(36).
والسيّارة: القافلة(37) ، ومنه قوله _تعالى_: "وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم"(38) ، سميت بذلك لكثرة سيرها.
وأما السيّارة في الاصطلاح المعاصر فعرِّفت بأنها:
" عربة آلية سريعة السير، تسير بالبنزين ونحوه، وتستخدم في الركوب أو النقل"(39).
والسيارة إذا أطلقت في زمننا هذا فهي معروفة، لا يكاد يجهلها أحد، بل يعرفها الصغير والكبير، والجاهل وغير الجاهل؛ لأنها مما تمّس حاجة الناس اليوم إليها، وعليها المعوّل في غالب تنقلاتهم.
ومن المعلوم أن السيارات أنواع كثيرة؛ فمنها ما يستخدم للنقل الخاص، أي: لنقل الأشخاص والأمتعة الخفيفة – وهي الأكثر- ومنه ما يستخدم لنقل الجماعات الكثيرة من الناس، ومنها ما يستخدم لنقل الأحمال الثقيلة، أو لنقل الماء والوقود، وغير ذلك من الاستخدامات المتعددة؛ فضلاً من الله _تعالى_ ونعمة؛ فالحمد والشكر له _سبحانه_ على تفضله وإنعامه.

المطلب الثاني: حرز السيارات.
من المعلوم أن السيارات بأنواعها هي من الآلات التي استحدثت في العصور المتأخرة بعد اكتشاف النفط، والاستفادة منه في تطبيقات صناعية كثيرة منها صناعة المعدات الآلية والتي منها السيارات، ثم ما زالت هذه السيارات تطوّر وتحسّن حتى وصلت إلى ما نراه اليوم من أنواع ومواصفات كثيرة؛ ولذا كان من الطبعي ألاّ يتطرق الفقهاء المتقدمون في كتبهم لمسألة حرز السيارات؛ لأنها لم تكن قد وجدت آنذاك، وإنما تطرّقوا لحرز بعض الأشياء التي كانت تقوم – في عهدهم - مقام السيارات الآن؛ كحرز الإبل، وحرز السفن، وفصّلوا الكلام في حكم سرقة الإبل وسرقة السفن، وحكم السرقة منها، وحرز كل منها.
والحقيقة أننا بحاجة إلى بيان حرز السيارات نظراً لما نلحظه من كثرة السرقات الواقعة عليها؛ فهل يُقال:إن السيارات تأخذ حكم الإبل أو السفن من جهة الإحراز وعدمه، أم أن لها حكماً آخر؟
ذهب بعض الباحثين المعاصرين إلى أن السيارات تأخذ حكم الإبل في الإحراز وعدمه(40)، ولعل من ذهب إلى هذا نظر إلى أن السيارات الآن لما قامت مقام الإبل في التنقل وحمل الأثقال، ونحو ذلك؛ فإنها تأخذ حكمها؛ لأن البدل يأخذ حكم المبدل.
وبناءً على هذا الاتجاه – وقياساً على ما ذكره الفقهاء في حرز الإبل – فإن حرز السيارات الواقفة داخل العمران يكون – على مذهب الحنفية والمالكية – هو وجودها في مكانها المتعارف على وضعها فيه، سواء أكانت داخل الدار أم في الطريق أم في مكانها المعدّ لبيعها في السوق، أم في الأماكن المعدّة لها عموماً؛ كمواقف السيارات.
وإذا أوقفت السيارة في مكان غير متعارف على وضعها فيه؛ كأن تكون عند المسجد أو في السوق في غير المكان المعدّ لها فإنها تكون غير محرزة.
أما إذا كانت خارج العمران فإنها لا تكون محرزة إلا بالحافظ.
أما بناءً على مذهب الشافعية والحنابلة فإن السيارة لا تكون محرزة إلا بحافظ؛ فإذا كانت مقفلة؛ فيكتفى بالحافظ ولو كان نائماً.
هذا بناءً على ما تقدم بيانه من نوعي الحرز، وهما: الحرز بالمكان والحرز بالحافظ، وما يترتب على كل منهما من أحكام.
والذي يظهر – والعلم عند الله تعالى – أن قياس السيارات على الإبل في طريقة إحرازها فيه بُعد؛ ذلك لأن السيارات وإن كانت بديلاً عن الإبل في بعض الاستخدامات إلا أنها تختلف عنها وتفارقها في أمور كثيرة من أهمها:
أولاً: أن الإبل يمكن سرقتها بمجرد فكّ عقالها إن كانت معقولة ثم قيادتها، بخلاف السيارة فهي تحتاج لفتح قفل بابها، ومن ثم تشغيلها وإدارة محركاتها، وهذا وذاك لا يكونان إلا بمفتاح، ثم إن كل سيارة لها مفتاح خاص بها.
ثانياً:إن عادة الناس في هذه الأيام في إحراز السيارات تختلف عن عادتهم- في هذه الأيام كذلك- في إحراز الإبل؛ فكل منهما له طريقة معينة في الحفظ والإحراز فدلّ على التفاوت بينها.
ثالثاً: إن الحرز إنما يعتبر بالعادة، وعادات الناس تختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة -كما سبق بيانه- وتختلف كذلك باختلاف المال المحرز، بل إن السيارات فيما بينها قد تختلف أحرازها باختلاف الزمان والمكان؛ فإذا جاز اختلافها فيما بينها؛ فإن اختلافها عن الإبل من باب أولى.
فإذا تبيّن بُعد قياس السيارات على الإبل في الإحراز؛ فإن الأقرب أن يقال:
إن حرز السيارات إنما يعتبر بالعرف والعادة التي درج عليها الناس في ذلك البلد وذلك الزمان؛ فما عدّه الناس حرزاً لمثل هذه السيارة حُكِم بأنه حرز لها، وما عدّه الناس أنه ليس بحرز حُكِِم به كذلك؛ أخذاً بالقاعدة الفقهية المشهورة: (القاعدة مُحَكَّمة)(41).
وقد أكّد الفقهاء –رحمهم الله تعالى- قديماً على هذا المعنى فيما يتعلق بخصوص الحرز، ومن ذلك قول الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى-:
"وانظر إلى المسروق فإن كان في الموضع الذي سرق فيه تنسبه العامة إلى أنه في مثل ذلك الموضع محرز فاقطع فيه، وإن كانت العامة لا تنسبه على أنه في مثل ذلك الموضع محرز فلا يقطع فيه"(42).
وقال: "الأحراز تختلف فيحرز بكل ما يكون العامة تحرز به"(43).
ويقول ابن قدامة –رحمه الله تعالى- :
"والحرز ما عُدَّ حرزاً في العرف؛ فإنه لما ثبت اعتباره في الشرع من غير تنصيص على بيانه؛ عُلِم أنه ردّ ذلك إلى أهل العرف؛ لأنه لا طريق إلا معرفته إلا من جهته؛ فيرجع إليه، كما رجعنا إليه في معرفة القبض والفرقة في البيع وأشباه ذلك"(44).
وبهذا يتبين أن المحكم في ضبط حرز السيارات إنما هو العرف، وذلك للأمور التالية:
أولاً: أن الشارع أثبت اعتبار الحرز في وجوب القطع من غير تنصيص على بيانه؛ فعُلِم أنه ردّ على عرف الناس فيه؛ فيؤخذ به في حرز السيارات.
ثانياً: أن الرجوع في ضبط الحرز إلى العرف هو في حقيقته رجوع إلى الشرع، فإن الشرع ما ترك التحديد إلا أن الحرز لا ينضبط(45).
ثالثاً: أن ضبط حرز السيارات بضابط محدد غير العرف لا يمكن؛ لأن ذلك يختلف باختلاف الزمان والمكان، واستتباب الأمن وضعفه، ويختلف كذلك باختلاف أنواع السيارات واختلاف استخداماتها.
وبهذا يتبين أن ضابط الحرز في السيارات هو العرف، ولكن ينبغي أن ينضم على ذلك ضابط آخر وهو عدم حصول التفريط في إحراز السيارة؛ لأن التفريط في الإحراز يضعفه؛ إذ الحرز في اللغة يدل على الحفظ والصيانة عن الأخذ(46) ، والتفريط يضاد ذلك.
ولذا فسّر بعض الفقهاء المُحرز بأنه لا يُعدّ صاحبه مضيِّعاً(47) ، وقال الماوردي -بعد بيانه للحرز وأنه يختلف باختلاف المُحرَزات-:
"..وجملة ذلك اعتبار شرطين: العرف، وعدم التفريط(48).
والذي يظهر أنه لا بُدّ من اعتبار هذين الشرطين في حرز السيارات، والله _تعالى_ أعلم.

المبحث الرابع: أحكام السرقة المتعلقة بالسيارات وفيه مطلبان:
المطلب الأول:سرقة السيارة نفسها.
المطلب الثاني:السرقة من السيارة.

المطلب الأول: سرقة السيارة نفسها.
سرقة السيارات من الجرائم التي كثرت وفشت في هذه الأيام، وما زلنا نسمع ونقرأ ما بين آونة وأخرى أخباراً تترى عن سرقة السيارات حتى أصبح كثير من الناس لا يستغرب إذا ما قرأ أو سمع بنبأ سرقة سيارة في مكان ما، ولا ريب أن لهذه الجريمة أسباباً وأغراضاً متعددة ليس هذا هو مقام بحثها، إلا أنها تعود في مجملها إلى ضعف الإيمان ونقص الوازع وكثرة المفسدين ووسائل الإفساد،
والذي يسبر الواقع يجد أن سرقة السيارات قد أخذت صوراً عديدة، أذكر فيما يلي أهمها، مع أن البحث سيكون متوجّهاً إلى سرقة سيارات النقل الخاصة؛ إذ إن غالب السرقة تقع عليها – كما هو ملاحظ- ومن أهم تلك الصور ما يلي:

أولاً: سرقة السيارات من عند المنازل.
اعتاد الناس في هذه الأزمنة إيقاف سياراتهم الخاصة أمام منازلهم، وقليل هم أولئك الذين لديهم مواقف خاصة لسياراتهم داخل سور المنزل، والذين لديهم تلك المواقف قد لا يداومون على إدخال سياراتهم فيها، وعلى كل حال فإن الأمر لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون السيارة موقفة داخل سور المنزل وأبوب السور مغلقة:
ففي هذه الحالة تكون السيارة مُحرزة، ومن سرقها فقد سرقها من حرزها، سواء أكانت السيارة أبوابها مغلقة أم مفتوحة، وسواء كان عندها حافظ – أي: حارس وضع لحراستها- أم لا، وهذا بناءً على ما قرره الفقهاء من أن الدور والبيوت والحظائر تعد حرزاً بنفسها إذا كانت أبوابها مغلقة، وهذا عند فقهاء الشافعية والحنابلة الذين يشترطون في الحرز بنفسه –كالبيوت والحظائر والحوانيت- أن تكون أبوابه مغلقة؛ فإن كان المكان غير مغلق بأن كان مفتوحاً أو ليس له باب فإنه لا يعد حرزاً بنفسه.
وأما على قول فقهاء الحنفية والمالكية فإن إخراج السيارة من داخل السور يعد إخراجاً لها من حرزها، ويترتب عليه حدّ القطع، سواء أكان باب السور مغلقاً أو مفتوحاً.
والذي يظهر لي – والله تعالى أعلم- أنه إذا كان باب السور مغلقاً؛ فهو حرز لها، وإخراج السيارة بعد ذلك هو إخراج لها من حرزها يستوجب حدّ القطع، وينبغي ألاّ يكون ذلك محل خلاف.
إما إذا كان باب السور مفتوحاً أو متهدماً أو لا باب له؛ فإننا ننظر إلى حال السيارة؛ فإن كانت أبوابها مغلقة فهي مُحرزة – كما سيأتي بيانه في الحالة الثانية- وإن كانت غير مغلقة؛ فالذي يظهر أن الإحراز هنا ناقص، والقاعدة أن " النقصان في الحرزية يمنع من وجوب القطع"(49).
الحالة الثانية: أن تكون السيارة موقفة أمام المنزل:
وهذا حال أغلب الناس في هذه الأيام، ومع ذلك فإن السيارة الواقفة أمام المنزل لا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون مطفأة المحرِّك، مغلقة الأبواب؛ فالذي يظهر لي أن السيارة في هذه الحالة محرزة، وأن من سرقها من هذا المكان فقد سرقها من حرزها؛ فيستحق القطع عند توافر باقي الشروط وانتفاء الموانع، وذلك أن الناس -في هذه الأيام- جرت عادتهم على هذا الصنيع؛ فهم -مع شحّهم على سياراتهم التي هي من أثمن أموالهم وحرصهم عليها- هكذا يحرزونها؛ فيرجع إلى عادتهم في ذلك.
الحالة الثانية: أن تكون السيارة غير مطفأة المحرك، أو غير مغلقة الأبواب، أو قد ترك مفتاحها فيها أو قريباً منها؛ فالذي يظهر أن صاحبها في هذه الحالة قد فرّط في حفظها وإحرازها، وهي إن لم تكن محرزة فإنها على الأقل ناقصة الإحراز؛ والنقصان في الحرزية -كما سبق- يمنع من وجوب القطع، ومما يؤيد حصول التفريط أن من حصل منه ذلك فإن الناس ينسبونه إلى التفريط ويلومونه عليه.

ثانياً: السرقة من معارض السيارات.
معارض السيارات هي الأماكن المخصصة لبيع السيارات، سواء كانت لبيع السيارات الجديدة أو المستعملة، ومن خلال الواقع يلاحظ أنه قد جرت العادة في السيارات المعروضة للبيع أن تحفظ داخل بناء أو حائط (معرِض) يكون له باب، وقد يضعون مع ذلك حافظاً-أي حارساً مخصصاً للحراسة- وعندئذٍ يقال:
إن وجود صاحب المعرض أو العاملين فيه أثناء مدة العمل يعد حرزاً لجميع السيارات التي في المعرض، حتى وإن لم تكن أبواب السيارات مغلقة؛ وذلك لأن القاعدة أن الإنسان حرز لما عليه أو معه أو يحرسه(50) ، وأن من سرق بحضرة رب المتاع يقطع(51).
وإذا كان المعرض مغلقاً على ما بداخله من سيارات؛ فإن السيارات التي بداخله تعد محرزة بهذا البناء المقفل، وهو المعرض.
وكذلك الحال إذا كان هناك حارس مخصص للملاحظة والحراسة؛ فهو حرز لها، حتى وإن كان باب المعرض مفتوحاً.
وبناءً على ما سبق فإن من سرق سيارة في إحدى الحالات السابقة فهو مخرج لها من حرزها، ويكون شرط السرقة من الحرز قد تحقق فيه.
أما ما عدا ذلك من الصور فلا تخلو من أن تكون السيارة غير محرزة أو تكون محرزة إحرازاً ناقصاً، كما إذا كان باب المعرض مفتوحاً، والسيارة كذلك غير مقفلة، ولا يوجد من يلاحظها- وهذا نادر؛ فلا شك أن هناك تفريطاً واضحاً تحصل معه شبهة في وجوب القطع على الآخذ فيدرأ بها، والله _تعالى_ أعلم.
مسألة: ولعله قريب من معارض السيارات الأماكن المخصصة لتصليح السيارات(الورش)، ومراكز الصيانة؛ فالعادة في هذه الأماكن أن تكون داخل بناء، وتكون تحت ملاحظة العاملين في هذه الأماكن؛ فتأخذ حكم ما تقدم في معارض السيارات، من جهة ضابط الإحراز وعدمه، والله _تعالى_ أعلم.

ثالثاً: السرقة من المواقف المخصصة للسيارات.
جرت العادة في هذه الأيام على تحديد مواقف مخصصة للسيارات عند المرافق وفي الأماكن العامة، كما هو الحال عند المساجد أو الجامعات أو الأسواق أو المستشفيات أو المطارات أو الدوائر الحكومية الأخرى، ونحوها، وهذه المواقف لا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون السيارات داخل سور أو حائط أو بناء معين، له باب، ويكون عليها حارس مخصص لحفظها وحراستها؛ ففي هذه الحالة يعد هذا الحارس حرز لجميع السيارات التي داخل الموقف، وسرقة سيارة من هذه السيارات من موقفها يعد سرقة لها من حرزها يتوجه معه القول بوجوب القطع.
الحالة الثانية: أن تكون هذه المواقف بدون سور أو حافظ، كما هو الحال في المواقف التي عند المساجد أو الأسواق أو على جانب الطرق العامة داخل العمران؛ ففي هذه الحالة يظهر –والله تعالى أعلم- أن من أوقف سيارته في هذه المواقف المعدّة لوقوف السيارات يكون قد وضعها في المكان المخصص لوقوفها؛ فيكون حرزاً لها، وعلى هذا جرت عادة الناس، والواقع يشهد بأنه لا يمكن إحرازها بأكثر من ذلك، في الوقت الذي اعتاد الناس إيقاف سياراتهم فيه في هذه المواقف.
ومع ذلك فإنه ينبغي التحقق من عدم حصول التفريط أو النقصان في الإحراز؛ كأن تترك السيارة مفتوحة، أو يترك مفتاحها فيها، أو غير مطفأة المحرك ونحو ذلك من الأمور التي تشعر بالإهمال والتفريط؛ فيكون ذلك مانعاً من وجوب القطع.
وكذلك الحال بالنسبة لإيقاف السيارة في إحدى الطرق؛ فيعتبر في ذلك عرف الناس في هذا المكان، ومدى اعتباره ملائماً لوقوف تلك السيارة فيه(52) ؛ فإن كان ملائماً فهو حرز لها بشرط ألاّ ينظم إلى ذلك تفريط؛ كأن يتركها مدة تشعر بأن هذه السيارة مهملة.
ومن المعلوم أن الصور لا تنحصر ولكن مرجع ذلك كله – كما سبق- إلى العرف وعدم التفريط، والعرف قد يختلف باختلاف الزمان والمكان، ولعل من ذلك أن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم _رحمه الله تعالى- قد أفتى في زمنه بأن وقوف السيارات في السوق ليس حرزاً لها؛ فقال:"السيارات ليس حرزاً وقوفها في السوق"(53).
أقول: ولعل مقصد الشيخ –رحمه الله تعالى- أن وقوف السيارات في السوق ليس حرزاً لها بعد انصراف الناس، وإغلاق الأسواق؛ لأن وقوفها بعد ذلك ليس وقوفاً معتاداً، وقد يقال بأن هذا مبني على اختلاف العرف في عهد الشيخ-رحمه الله تعالى- عن العرف في هذه الأيام؛ فلربما لم تكن آنذاك مواقف مخصصة لوقوف السيارات، والله _تعالى_ أعلم.

رابعاً:سرقة السيارات من الطرق التي تربط بين المدن.
من المعلوم أن وسائل المواصلات في هذه الأزمنة قد تعددت وتيسرت بما هيّأه الله _تعالى_ للناس من طائرات وقطارات وسفن وسيارات، واعتاد كثير من الناس التنقل بين المدن بسياراتهم، مع أن المسافات بين بعض المدن طويلة، والمساحات شاسعة، مما يحتاج معه إلى الوقوف للراحة ثم متابعة السفر؛ فما هو المعتبر في حرز السيارات في هذه الحالة؟
أقول –وبالله التوفيق- إنه لا يدخل في مسألتنا هذه، ولا حتى في المسائل المتقدمة الاستيلاء على السيارة غصباً أو مكابرة، وذلك لإجماع العلماء على أنه ليس على الغاصب ولا المكابر قطع، إلا أن يكون قاطع طريق، شاهراً للسلاح على المسلمين، مخيفاً للسبيل؛ فهذا حكمه حكم المحارب(54).
والبحث هنا هو فيما إذا أوقف شخص سيارته بجانب الطريق، وهو في سفر؛ فما هو المعتبر في إحرازها، الذي يتحقق معه أن السيارة قد أُخِذت من حرزها؟
الذي يظهر أن إيقاف السيارة بجانب الطريق خارج العمران لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى:أن يكون وقوف السيارة في أماكن مخصصة للوقوف.
كما هو الحال في بعض الطرق الطويلة، حيث تخصص مواقف للوقوف، تجتمع فيها مجموعة من السيارات، والغالب أن سائق السيارة يكون فيها أو قريباً منها؛ فعندئذٍ تكون السيارة واقفة في حرزها؛ لأنها واقفة في الموقف المعتاد لها في هذه الحالة، وإن لم يلاحظها سائقها، ما دام أنها في مجتمع من السيارات.
الحالة الثانية: أن يكون وقوف السيارة في غير الأماكن المخصصة للوقوف.
فإن الأمر حينئذ لا يخلو كذلك من حالين: إما أن يكون صاحب السيارة فيها أو ملاحظاً لها أو لا !
فإن كان فيها ولو نائماً، أو ملاحظاً لها فهو حرز لها لجريان العادة بذلك(55)، وقد نص الفقهاء – كما سبق- على أن الإنسان حرزٌ لما عليه أو معه أو يحرسه وهو يقظان أو نائم، بل نقل عدم الخلاف في ذلك(56)، ونصوا على أن من سرق بحضرة رب المتاع يقطع (57).
وإن أوقفها على جانب الطريق وهو ليس فيها ولا قريباً منها؛ فإنها تكون في هذه الحالة غير محرزة لا بالمكان ولا بالحافظ؛ لأن العادة أن وقوفها في مثل هذا المكان لا يُعدّ إحرازاً لها، وكذلك الحال في السيارات التي توقف خارج العمران، والله _تعالى_ أعلم.

المطلب الثاني: السرقة من السيارة، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: سرقة قطعة أو جزء من السيارة.
المسألة الثانية: سرقة متاع من السيارة من غير أجزائها.

المسألة الأولى: سرقة قطعة أو جزء من السيارة.
صورة هذه المسألة أن يعمد شخص إلى سيارة فيسرق شيئاً من قطعها أو أجزائها المركبة أو المربوطة فيها؛ فهل يعدّ هذا آخذاً لها من حرزها أم لا؟.
الذي يظهر – والله تعالى أعلم – أن قطع السيارة المركبة فيها والمشدودة إليها_كالعجلات والأنوار ونحوها _ إحرازها يكون بوضعها مشدودة ومربوطة في أماكنها المخصصة لها(58) ؛ فمن أخذ شيئاً من هذه الأجزاء بأن حلَّها من مكانها المشدودة إليه فهو آخذ لها من حرزها؛ شريطة أن تكون السيارة ذاتها مُحرَزة، فإن كانت السيارة غير محرزة؛ كأن تكون خارج العمران بدون حافظ؛ فإن أجزاءها المركبة فيها تأخذ حكم السيارة نفسها في عدم الإحراز.
والحاصل أن السيارة إذا كانت في حرز معتبر، وأُخِذ جزء من أجزائها من مكانه المشدود إليه، وتحقق من بلوغه النصاب؛ فإنه يتوجه القول بوجوب القطع إذا توافرت باقي الشروط، وانتفت الموانع والشبهات، والله _تعالى_ أعلم.

المسالة الثانية: سرقة متاع من السيارة من غير أجزائها.
صورة هذه المسألة أن يقوم شخص بسرقة متاع من سيارة ما؛ فهل تعد السيارة حرزاً لما فيها أو عليها أو لا؟
بحث الفقهاء –رحمهم الله تعالى- في مسألة الحرز وأحكامه مسألة السرقة من على ظهر الدابة أو الرجل أو السفينة، وذكروا أن ظهر الدابة والرجل حرز لما عليه، وأن السفينة حرز لما فيها(59).
والذي يظهر أن السيارة كذلك حرز لما فيها أو عليها إذا كانت السيارة نفسها محرَزة، سواء بصاحبها أو بمكانها وكان ما عليها محكماً مشدوداً عليها.
وأما إذا كانت البضاعة أو المتاع على سيارة نقل مثلاً، معبّأ في جوالقها، واستلها من رصّتها من تحت شدتها المعقودة عليها من حبال، أو جنازير قُطع؛ لأنه حرز مثلها.
وإن سرق السيارة بما عليها من حملها قُطع، وذلك أن السيارة وما عليها محرزة بصاحبها أو قائدها أو تابعها؛ فيقطع سارقها كما لو سرق متاعاً محرزاً به بالبيت(60).
وأما إذا كان المتاع داخل السيارة قد أُحكمت عليه أبوابها، والسيارة في حرز مثلها؛ فإن ما بداخلها يكون مُحرَزاً بها؛ كالأغلاق تكون حرزاً لما فيها.
وإن كانت السيارة غير مغلقة، ولم يكن عندها حافظ فأُخذ منها متاع؛ فإنها لا تُعد سرقة لعدم الإحراز.
وينبغي مع ما سبق النظر إلى المسروق إن كانت السيارة تصلح حِرزاً لمثله أو لا !
فإن كان ما بداخلها مما لا يترك مثله في السيارة؛ كالنقود والذهب والمجوهرات فقد يقال بعدم القطع على من سرقها؛ لأن مثل هذه الأشياء لا توضع عادة في السيارة؛ فليست في حرز مثلها، والله _تعالى_ أعلم.
الخاتمـــــــــة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله والصحب والزوجات، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد، فبعد بحث هذا الموضوع المتعلق بسرقة السيارات والسرقة منها لاحت لي بعض النتائج رأيت أن أرقمها في النقاط التالية:
1- إن الضابط في حرز السيارات مرجعه إلى أمرين:
الأول: عادة الناس التي درجوا عليها في حفظ سياراتهم، وهذه تختلف باختلاف الزمان والمكان، وغيرهما من الأمور المؤثِّرة.
الثاني: عدم التفريط، وهذا ثابت حتى مع تغير العادات والأعراف.
2- إن وجود الإنسان بحضرة سيارته يعد حرزاً لها، سواء كان يقظاً أم نائماً.
3- إن إيقاف السيارة داخل بناء محكم بين العمران؛ كأسوار المنزل، أو معارض السيارات ونحوها يعد حرزاً لها.
4- إن إيقاف السيارة أمام المنزل، أو في موقف صحيح مناسب لمثلها، مقفلة الأبواب، يعد حرزاً لها، بشرط عدم التفريط والإهمال، وعلى هذا جرت عادة الناس في هذه الأيام، والقاعدة أن العادة محكّمة)، ويترتب على ذلك أن سرقتها من هذه الأماكن هي سرقة لها من حرزها تستوجب القطع.
5- أن إيقاف السيارة في مكان مّا خارج العمران لا يعد حرزاً لها ما لم يكن معها حافظ.
6- إن وجود أجزاء السيارة في أماكنها المخصصة لها مربوطة في السيارة، مشدودة إليها يعد حرزاً شريطة أن تكون السيارة نفسها مُحرَزة.
7- إن سرقة شيء من الأمتعة في السيارة أو عليها يعد سرقة تستوجب القطع إذا بلغ المسوق نصاباً، وكانت السيارة محرزة وصالحة لإحراز مثل ذلك المسروق.
8- " إن شرائط العقوبة يراعى وجودها بصفة الكمال، لما في النقصان من شبهة العدم"، وعليه فإن" النقصان في الحرزية يمنع من وجوب القطع".
9- إن عدم وجوب القطع لتخلف شرط أو وجود مانع لا يمنع من إيقاع عقوبة التعزير؛ حفظاً لأموال المسلمين وحقوقهم، خصوصاً مع انتشار جريمة سرقة السيارت وتعدد أساليبها وصورها.
10- الحرص على تبصير الناس، وبخاصة النشء بوجوب احترام حقوق الآخرين وأمواله، وحرمة التعدي عليها.
11- وجوب إيقاع حدّ السرقة على من ثبت بحقه الاعتداء بسرقة سيارة معصوم، والحرص على إشهار هذه العقوبات ردعاً للمفسدين.
وبعد فهذه الورقات التي سطرتها ما هي إلا جهد المقل حقيقة، المعترف بالقصور والتقصير، صادف ذلك عدم الاستقرار، وتشتت الذهن؛ فإن يكن من صواب فمن الله _تعالى_ وحده، هو الموفق لذلك، وإن يكن من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان، وأنا أرجع عنه، وأستغفر الله.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

وكتبه أبو عاصم حسين بن معْلْوي بن حسين الشهراني
الرياض 12 محرم 1424.

-------------------------------------------------------------------

الهوامش

(1) بعض الآية 3 من سورة المائدة.
(2) الآية 188 من سورة البقرة
(3) الآية 29 من سورة النساء.
(4) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وماله وعرضه، ص 1124،حديث رقم (6541).
(5) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب: الحج، باب: الخطبة أيام منى، من حديث ابن عباس، وأبي بكرة، وعبد الله بن عمر –رضي الله تعالى عنهم- ص280، الأحاديث رقم:1739،1740،1742، ومسلم في صحيحه: كتاب القسامة والمحاربين، باب: تغليظ الدماء والأعراض والأموال، من حديث أبي بكرة -رضي الله تعالى عنه- ص743، الحديث رقم 1679.
(6) ينظر: الإشراف 2/350، الإجمـاع، لابن المنـذر ص 184، حلية الفقهـاء ص 145، مراتب الإجماع ص100.
(7) ينظر: معجم مقاييس اللغة ص491، القاموس المحيط ص893.
(8)ينظر: المغني 12/416، المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 26/468، الإقناع مع كشاف القناع 6/129، الروض المربع مع الحاشية 7/353.
(9) الآية 38 من سورة المائدة.
(10)متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الحدود، باب قول الله _تعالى_: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما" وفي كم يقطع؟ ص1170، الحديث رقم (6789)، وأخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الحدود، باب حد السرقة ونصابها، ص746، الحديث رقم (1684).
(11) ينظر: الإجماع ص157، مراتب الإجماع ص220،221، المعونة 3/1414، بداية المجتهد 2/553، المغني12/415، شرح النووي على صحيح مسلم 11/260.
(12)ينظر: الإجماع ص160، مراتب الإجماع ص222، المغني 12/454.
(13) 3/1420، وينظر: التلقين 2/509، الكافي 2/180، الخرشي على مختصر خليل 8/96.
(14) 2/55، وينظر: الإنصاف 26/483، كشاف القناع 6/130،131.
(15) ينظر في قول الحنفية: بدائع الصنائع 6/11،15، بداية المبتدي مع شرحها الهداية 2/364، المختار مع شرحه الاختيار 4/128، تنوير الأبصار مع شرحه والمختار وحاشية رد المختار 6/112،113.
(16) ينظر: الأحكام السلطانية للما وردي ص276، قواعد الأحكام 1/163،2/204، مجموع الفتاوي 28/107، إعلام الموقعين 2/92، الطرق الحكمية ص94،222.
(17) ينظر: الاختيار لتعليل المختار 4/124، بداية المجتهد 2/547، وما بعدها، روضة الطالبين 7/326، وما بعدها، مغني المحتاج 4/207 وما بعدها، زاد المستقنع ص141،142.
(18) سيأتي تعريف الحرز في المبحث الثاني.
(19) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص162، المغني 12/344.
(20) الاختيار لتعليل المختار 4/123،124، بتصرف يسير.
(21) ينظر: المحيط في اللغة 3/7، معجم مقاييس اللغة ص236، الصحاح 3/873، لسان العرب 3/121، تحرير التنبيه 231، المصباح المنير ص50، القاموس المحيط ص508.
(22) الاختيار لتعليل المختار 4/125.
(23) بداية المجتهد 2/550.
(24) الجامع لأحكام القرآن 6/106.
(25) الحاوي الكبير 13/280.
(26) زاد المستقنع ص141.
(27) ينظر: الحدود والتعزيرات عند ابن القيم، بكر أبوزيد ص361.

(28) ينظر: البيان، للعمراني 12/444، الحاوي، للماوردي 13/281، الموافقات 4/24، مجموع الفتاوى لابن تيمية 7/9،24/40، 29/16، 227، القواعد النورانية ص 133، إعلام الموقعين 1/337، الفروق للقرافي 3/283، التمهيد في تخريج الفروع على الأصول، للإسنوي ص 230، مغني المحتاج للشربيني 4/215، المنثور في القواعد للزركشي 2/193، الأشباه والنظائر للسيوطي ص98، رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه المهمة للسعدي ص16، 67.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في الفتاوى 29/15، 16: "وكل اسم فلا بد له من حدّ؛ فمنه ما يعلم حده باللغة؛ كالشمس، والقمر، والبر، والبحر، والسماء، والأرض. ومنه ما يعلم بالشرع؛ كالمؤمن والكافر والمنافق، وكالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وما لم يكن له حد في اللغة ولا في الشرع؛ فالمرجع فيه إلى عرف الناس….".
(29) المغني 12/427.
(30) ينظر: الحاوي الكبير 13/ 282، فتح القدير 5/308، شرح منتهى الإرادرت 3/368.
(31) ينظر: الحاوي الكبير 13/282.
(32) ينظر: المبسوط 9/150، الاختيار لتعليل المختار 2/4/355، بدائع الصنائع 9/301، فتح القدير 5/384، حاشية ابن عابدين 6/143.
(33) ينظر: حدود ابن عرفة مع شرحها 2/651، تبصرة الحكام 2/191. شرح الزرقاني على مختصر خليل 2/101.
(34) الحاوي، للماوردي 13/285.
(35) ينظر: المغني 12/427.
(36) ينظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس ص 487.
(37) ينظر: القاموس المحيط، للفيروز آبادي ص 412.
(38) بعض الآية ( 19) من سورة يوسف.
(39) المعجم الوسيط ص 476.
(40) ينظر: مكافحة جريمة السرقة في الإسلام، خليفة البراهيم الزرير ص 72.
(41) هذه القاعدة هي إحدى القواعد الخمس الكلية المعروفة، وهي من القواعد المهمة في الفقه الإسلامي، وقد رجع إليها الفقهاء في أمور كثيرة حتى قال عنها السيوطي –رحمه الله تعالى- بأنها مسائل لا تعدّ كثرة، وهي إحدى أربع قواعد ردّ القاضي حسين إليها جميع مذهب الشافعي _رحمهما الله تعالى_.
ولأهمية هذه القاعدة أوجبوا على المفتي معرفة العوائد، وسؤال المستفتي عن عادات قومه قبل أن يفتي في مسألة. = =وأما المقصود بالعادة فقد عُرِّفت بأنها "الأمر المتكرر من غير علاقة عقليّة"، وهذا هو تعريف ابن أمير الحاج في التقرير والتحبير 1/282، واختاره الدكتور يعقوب الباحسين في كتابه: قاعدة العادة محكمة، وينظر تفريقه بين العرف والعادة في ص 49.
(42) الأم 3/6/ 148.
(43) المرجع نفسه.
(44) المغني 12/427.
(45) ينظر: فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 12/136.
(46) ينظر: لسان العرب 3/121.
(47) ينظر: فتح القدير 5/380، الخرشي على مختصر خليل 5/97، جواهر الإكليل 2/98.
(48) الحاوي الكبير 13/282.
(49) المبسوط 9/154.
(50) ينظر:شرح الزرقاني على مختصر خليل 2/101.
(51) ينظر: تبصرة الحكام 2/192، جواهر الإكليل 2/292، الخرشي على مختصر خليل 5/99، منح الجليل شرح مختصر خليل 7/315.
(52) أجرت جريدة الجزيرة في عددها الذي صدر يوم الجمعة بتأريخ 9/7/1421 لقاءً مع فضيلة الشيخ إبراهيم الخضيري، قاضي المحكمة الكبرى بالرياض، حول السرقة وأحكامها، وكان من ضمن اللقاء سؤال عن سرقة السيارات؛ فأجاب الشيخ بقوله:"سرقة السيارات فيها حكم القطع إذا سرقها وقد أغلقها صاحبها وأوقفها في موقف صحيح؛ فإنه تقطع يد السارق". انتهى كلامه.
(53) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 12/142.
(54) ينظر: بداية المجتهد 4/400، 401.
(55) ينظر: فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم 12/ 142، تكملة المجموع، للمطيعي 22/182.
(56) ينظر: شرح الزرقاني على مختصر خليل 2/101.
(57) ينظر: تبصرة الحكام 2/192، جواهر الإكليل 2/292، الخرشي على مختصر خليل 5/99، منح الجليل شرح مختصر خليل 7/315.
(58) ينظر: مكافحة جريمة السرقة في الإسلام ص 73، أحكام الحرز في الفقه الإسلامي..، إبراهيم بن ناصر السحيباني ص 77 (بحث تكميلي للماجستير من المعهد العالي للقضاء، بإشراف فضيلة الشيخ الدكتور/ عبدالله المطلق، 1417).
(59) ينظر: المدونة 6/290، تبصرة الحكام 2/192، القوانين الفقهية ص 377، شرح الزرقاني 2/99، 101، منح الجليل 7/313.
(60) ينظر: تكملة المجموع، للمطيعي 22/181، 182.

فهرس الموضوعات

رقم الصفحة الموضوع
2 المقدمة
3 التمهيد
5 المبحث الأول: حقيقة السرقة، وفيه ثلاث مطالب؛
5 المطلب الأول: تعريف السرقة في اللغة والاصطلاح
5 المطلب الثاني: حكم السرقة
6 المطلب الثالث: شروط السرقة
8 المبحث الثاني:حقيقة الحرز، وفيه ثلاث مطالب؛
8 المطلب الأول: معنى الحرز في اللغة والاصطلاح
8 المطلب الثاني: ضابط الحرز
10 المطلب الثالث: أنواع الحرز
12 المبحث الثالث:معنى السيارة وبيان حرزها،وفيه مطلبان؛
12 المطلب الأول: معنى السيارة في اللغة وفي الاصطلاح المعاصر
13 المطلب الثاني: حرز السيارات
16 المبحث الرابع: أحكام السرقة المتعلقة بالسيارات،وفيه مطلبان،
16 المطلب الأول: صور من سرقة السيارات
16 سرقة السيارات من أمام المنازل
17 السرقة من معارض السيارات
18 السرقة من المواقف المخصصة للسيارات
19 السرقة من الطرق التي تربط بين المدن
21 المطلب الثاني: السرقة من السيارة
21 سرقة قطعة أو جزء من أجزاء السيارة
21 سرقة متاع من السيارة
22 الخاتمة
24 الهوامش
27 فهرس الموضوعات