حوارُ الغافلين والجادين المُهْمَلين مع النصارى
29 شوال 1426

صورتان:
الأولى: لمجموعة من المُنَصرين... المتمرسين...المتفرغين... الحاقدين على الإسلام والمسلمين، يجلسون مع مجموعة منتقاة من موظفي الدين الرسميين... عديمي الكفاءة العلمية... محدودي الصلاحيات فيما يسمى بالحوار بين الأديان.

والجلسة أشبه ما تكون بين محقق ومتهم، الطرف الإسلامي في وضع اعتذاري... تسويغي، يدافع عن الإسلام ضد تُهم الطرف النصراني، ويحاول جهده أن (يحسن) صورة الإسلام أمام الطرف الآخر، فمرة ينكر الجهاد (جهاد الطلب بل والدفع أحيانا)، ومرة يتنكر للتعدد - تعدد الزوجات - أو يقيده بقيود ما أنزل الله بها من سلطان، ومرة يتكلم عن محبة (الآخر)، وأن الإسلام نزع من قلوبنا بغض من حاد الله ورسوله ولو كانوا مقاتلين مُغتصبين، ويتلجلج في نطقه ويتصبب عرقا حين يسأل عن جهاد نبيه _صلى الله عليه وسلم_ - وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ناهيك عما يفعله (الإرهابيون) اليوم.!!

والطرف الثاني في هذا المشهد هم الغافلون.
غافلون عن أن للطرف الأول - النصراني - أهدافاً أخرى يرمي إليها، فالحوار بمثابة الاعتراف به من جهة إسلامية (رسمية) تعطي الكنائس شرعية لما تمثله من عقائد ودعاوى، وهذا الأمر في غاية الخطورة، فهم يُثَبِّتون قومهم على الكفر بهذا الاعتراف، يقولون لهم (مشايخ) الإسلام يعترفون بنا ويقرون بشرعيتنا، وهم يُدْخِلون الناس في الكفر بهذا الاعتراف - الذي يأخذونه من هذه الحوارات - حين يُسَوِّقونه في الأماكن التي ينشط فيها التنصير، يُظهرون لهم أن (مشايخ) الإسلام لا تُخَطِئهم - في الجملة - وهذا صدٌّ صريح عن دين الله.

في كثير من حوارات البالتوك مع النصارى تكلم أكثر من فرد - من النصارى - مستشهدا بأقوال نفر من المسلمين على صحة ما يعتقدون. يقول: وقد اعترف بهذا فلان وفلان ممن يحملون أسماء إسلامية واشتهروا بين الناس بأنهم من علماء الدين الرسميين، أقول هذا لتعرف خطورة الأمر.

وهم غافلون لأنهم بحوارهم بهذه الطريقة يُعدِّلون المفاهيم الإسلامية مثل الجهاد وأوضاع المرأة، وتحديد النسل... الخ.
وهم غافلون عن أن هذا الطرف النصراني هو هو بأم عينه الذي يمارس التنصير في بلاد العالم الإسلامي كلها، في ذات الوقت الذي يتحاور فيه معهم.
وهم غافلون عن أن هذا الطرف النصراني المتحاور هو الذي يحرك العداء الديني للإسلام في الغرب برمته، وهو هو الذي يساند الأقليات الكافرة في بلاد المسلمين لخلق البلبلة والتشتت حتى أصبحت الكنائس في العالم الإسلام مراكز قوى.
ولولا غفلتهم لتساءلوا لماذا الحوار فقط مع الكنائس ولم يكن مع عوام النصارى ومثقفيهم؟
ولماذا الحوار فقط في الإسلاميات - الشبهات المثارة حول الإسلام - دون النصرانيات - ضلالات النصارى وما يفترونه على ربهم ونبيهم -؟

والصورة الثانية التي في خيالي:
لأحمد ديدات وهو يحمل كتبه ويرفع لا فتة كتب عليها قول الله _تعالى_: "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ" (سـبأ: من الآية24).

لقد خط أحمد ديدات خطا جديدا وسن سنة حسنة في الحوار بين الأديان، فتح جبهة على القوم ما كانوا يحسبون لها حساب.
وحين تَرِد صورة أحمد ديدات ومن على دربه في خاطري أردد قول الله _تعالى_: "فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا" (الحشر: من الآية2). وقد بارك الله له في جهده،وأتى سعيه أُكله ضعفين، فأسلم عدد غير قليل على يده، وصار على دربه ثلة من الشباب، والله أسأل أن يتقبل منه ومنهم وأن يكتب أجره وأجرهم أضعافا مضاعفة.
وأحمد ديدات ومن على دربه هم الجادون المُهْمَلون.

والعجب أنهم مُهملون. مع أن الكل يتكلم عن أهمية إيصال صورة واضحة للإسلام لعامة النصارى في الغرب والشرق.
والعجب أن الكل يقف عند حد التنبيه على أهمية هذا الأمر دون التحرك للتحاور مع عوام النصارى، أو التوجه إليهم بخطاب ينقض معتقداتهم الباطلة في المسيح أو الأحبار والرهبان، أو يحسن لهم صورة محمد _صلى الله عليه وسلم_.بعد أن رماه قساوستهم بالخنا والفجور وعظائم الأمور.
والعجب أن الجامعات الإسلامية تخرج أساتذة متخصصين في ما يسمى بعلم (مقارنة الأديان) ولا وجود لهم في الميدان، اللهم نفر أو نفران.
والعجب أننا نبادر بالحديث إلى المثقفين ونترك العوام، وغالب الظن أن المثقفين لا يجهلون الإسلام، وهم هم الملأ الذين يمكرون على قومهم بالتعاون مع الساسة، ونترك عوام الناس الذين يريدون أن يعبدوا ربهم.
والعجب أننا نرفع عقيرتنا بالشكاية من التنصير، الذي اجتاح كل بلاد المسلمين، من المغرب العربي إلى أندونسيا مرورا بأفريقيا التي كاد يأكلها والجزيرة العربية وباقي دول المسلمين، ثم لا نقوم بنشر ثقافة مضادة له تواجه شبهاته أو معتقداته التي يبثها في أرضنا بين شبابنا.
والعجب أن يصرح المسئولون في الكنيسة المصرية الأرثوذكسية الحاقدة الثائرة أن النشاط التنصيري في مصر بلد الأزهر والصحوة الإسلامية مُرضي للغاية. وأنهم موجودون حتى في الجزيرة العربية.!!
والعجب كل العجب من هذا البليد الذي يسمع سبَّ نبيه -_صلى الله عليه وسلم_ - ويرى الناس تكفر بربهم ولا يتحرك.!!

إرشادات للمشاركة:
ميدان التصدي الفكري للنصرانية المحرفة - أو حملات التنصير خصوصا - وكذا دعوة عوام النصارى الذين يبحثون عن الحق، هو من الطريق الذي شقه أحمد ديدات وتبعه عليه كثيرون في كل بقاع العالم، وهم متواجدون الآن في البالتوك بصفة أساسية، وعلى أرض الواقع، ولهم إصدارات مكتوبة ومسموعة، والملاحظ أنهم - وكذا شيخهم أحمد ديدات _رحمه الله رحمة واسعة _ ليسوا بطلبة علم شرعيين، وربما كانت هذه هي الثغرة في فكر الرجل، وهم يحتاجون لطلبة العلم الشرعي للانضمام إليهم. فهل من مجيب؟

ومن يريد المشاركة... من يريد التعرف على شبهات النصارى والرد عليها، أو إيجاد طرح إيجابي مضاد لطرح النصارى، فعليه فقط أن يدخل للبالتوك يوما أو يومين وينصت إلى النصارى، أو يتكلم مع المسلمين المتمرسين في غرف البالتوك وهم يُعَرِّفوه.

- لا يُفهم من كلامي أبدا أنها دعوة للتوجه للمشاركة في غرف البالتوك، وإنما هي دعوة للتصدي للتنصير بدراسة شبهاتهم، ثم تكوين مادة علمية مضادة لهذه الشبهات وطرحها على عوام النصارى الذين يكذب عليهم الأحبار والرهبان وكذا عوام المسلمين الذين يستهدفهم التنصير.
أرجو قراءة الثلاثة أسطر الأخيرة مرة ثانية.!!

- شيوخنا الأفاضل الذين من الله عليهم بانتشار خطبهم عن طريق الشريط معنيون بهذا الأمر أكثر من غيرهم فمنبرهم عال وجمهورهم غفير ومن كل المستويات، والشريط طويل العمر واسع الانتشار.
ولا يحتج علينا أحد بضيق الوقت وكثرة الشواغل، فهل هناك أعظم من الذب عن عرض رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ -؟!
ثم إنه تنزل النوازل - كالسيول والإعصار والعمليات (التفجيرية) - فينقطع لها جدول أعمال الشيوخ للتعقيب عليها، وسب نبينا وكفر أبناءنا وإخواننا والله إحدى الكُبر التي ينقطع لها القلب لا الوقت.
والمطلوب تحديدا هو:
عرض موجز لعقيدة النصرانية وكيف فسادها، وسرد شبهات النصارى والرد عليها.

وقد خالطنا التنصير ونزل بساحتنا فلم نجلس عن مواجهته؟!
ونريد من الأكادميين والمتخصصين حوارا بمستوى عال يخاطب علمائهم الدينيين ومنظريهم، ولا مانع من أن يأخذ الحوار صفة الالتفاف عليهم، أو أي صفة أخرى كتسكينهم وفتح دوامات فكرية لهم بإثارة الشبهات وطلب الرد عليها من أجل إشغالهم، فأولئك الملأ،ويجوز في حقهم مالا يجوز في حق غيرهم.

- في افتتاح المركز الإسلامي الذي قام به الشيخ الدكتور سفر الحوالي - حفظه الله من كل سوء -- وحضره الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، اقترح الشيخ سفر ترجمة (الجواب الصحيح على من بدل دين المسيح) لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، وقد توقف العمل أو تأخر، واقترح الشيخ ابن عثيمين في مؤتمر الافتتاح، أن تفرد - من الكتاب - رسائل صغيرة - مطويات - في المواضيع ذات الشأن. فلم لا ننشط لهذا؟
لم لا يوضع كشف زيف النصرانية إحدى موضوعات الدروس والخطب والمطويات؟ لم؟ ولو بمحاضرة أو محاضرتين من كل شيخ؟

وأختم بهمسة في أذن أولي الألباب وأصحاب النظرة البعيدة أقول:
الحوار له أهمية في إضعاف معنويات الخصم، وتجنيد طابور خامس فهناك من يُسلم في السر - من العوام ومن القساوسة وهذا أمر مشاهد معلوم - ولا تدري عله ينفعنا يوما. وما أمر نعيم بن مسعود منكم ببعيد.