الخليط الاعتزالي و نقدهم للأصول
2 شعبان 1427

أمة الإسلام مجموعة على كلمة واحدة وهي كلمة التوحيد, ولكن أعداء الله لا يهنئ لهم بال, ولا يقر لهم قرار, حتى يلبسوا عليهم دينهم, ويضلوهم عن طريق ربهم . هذا التلبيس بدأ من العصر الأول, ذلك العصر المفضل بلسان النبي _صلى الله عليه وسلم_, فمنه خرج رؤوس لبعض أهل البدع , وتتابُع تلك البدع ينذر بخطر داهم على الأمة. من تلك البدع التي ظهر رأسها ,وافترقت عن أهل السنة ,ونازعت في بعض المسائل, المعتزلة, أولئك المعتزلة قد اغتر بهم كثير من المسلمين , وهذا الاغترار قد يكون له حقيقته وله سببه, وذلك أن واصل بن عطاء رأس المعتزلة وزعيمهم كان طالباً من طلاب الحسن البصري, فاختلف في القصة المشهورة هو والحسن في مسألة في العقيدة, فاعتزل حلقة الحسن, فسموا معتزلة, فهو له حظ من العلم الشرعي فكان يسخر ذلك العلم في ترويج بدعته, وتلبيس الحق على الناس, فلا ملامة على الجاهل من تأثره لعظمة العلم الشرعي في قلوب الناس هذا في القديم, ولكن في الحديث خلف المعتزلة موجودين متوافرين متوارثون لبدعتهم, غير أن الأسباب التي ساعدت واصل بن عطاء لم تكن لهؤلاء المعاصرين من المعتزلة, فكان الخلط فيهم في أصول الاعتزال كثير, وقد تجد من أتباعهم من يتكلم بكلام يلومه أصحابه لجهله بطريقته التي يسير عليها والتي يجب أن يكون ملتزما فيها, فليس سراً أن كثيراً من الطرح العقلاني المعاصر سلسلة لما سبق، وأن الطرح العلماني يناصره في أكثر المسائل, وإن كان من الناس من لا يفرق بينهما وكأن التلازم موجود عنده بينهم. والمعتزلي الحديث لا يحتاج إلى كثير جهد ولا إلى خلفية سابقة, لا وإنما عليه شيء واحد فقط, وهو أن يتكلم باسم الإسلام بعقله, فيخلط ويلبط وهنيئا للمتندر به. فمن تكلم فيما لا يحسن, أتى كما قيل بالعجائب. ولربما فرق إنسان بين منهج المعتزلة وبين عقيدتهم, فأين أصوله الثابتة في الاستدلال؟
ولكن مما يؤلم السني أن يرى طرح هؤلاء المعتزلة وتركيزهم على نقض عرى الدين عروة عروة, والسير على طريقة تسقط الإسلام بالتتابع. تجد هؤلاء المعتزلة يتعلقون ويناقشون ويتكلمون في أصول الدين وفي أصول الفقه ..فلماذا الأصول هي المرادة بالحرب فقط ؟؟!!
أما مناقشتهم وبدعتهم في أصول الدين وخلطهم فيها فشهرتها تغني عن التنبيه عليها, كمسألة التحسين والتقبيح العقليين, ومسألة العدل وغيرها. ولكن الطرح المعاصر للمعتزلة أغلبه يدور على أصول الفقه, فلا تعجب من تلك الدعوى الكلية, المطالبة بتجديد أصول الفقه, وكأن الأصول تتغير!
أي شيء يكون للأصول من تعريفها إذا كانت تتغير, دعوى فجه ومشتهرة ,يرمى بها أهل السنة بأنهم جموديون على قديمهم, ويمثلون بأمثلة من الأخطاء في التطبيق الأصولي الذي قد يكون أهل السنة قد أخطئوا فيه, وخطأ في التطبيق ليس خطأ في الأصل, والمناداة بإحياء التطبيق الأصولي على الواقع تطبيقا معاصرا أولى لسد الباب عليهم.
ما سبق حكم منهم على الأصول بالجملة. وأما حين البداية في الدخول فترى أن قاعدة سد الذرائع شرقوا بها وغصوا, وداروا حولها وأجلبوا بخيلهم ورجلهم عليها, فقُصدت لأجل ما يترتب على إسقاطها من أحكام, فأي أصل يسقط ,ففروعه له تبع, فإسقاط هذا الأصل أولى في نظرهم من أن يتكلموا في جواز قيادة المرأة للسيارة, بل جهلتهم هم الذين يتطرقون إلى مباشرة مثل هذا العرض ,وكبارهم فقهاء في الإسقاط, فمتى ما أسقط الإنسان حكم قيادة المرأة للسيارة سيحتاج إلى أن يأتي إلى غطاء الوجه والحجاب وهكذا, فيتعب نفسه في تتبع الفروع, فالأصل أولى بالنقض . فالاختلاط وعدم المفاصلة بين المسلمين والكفار, والتغريب الشامل وغيرها ,مما يدندنون عليه داخل تحت ذلك. والمرأة ركن من أركان المساومة والنقاش, والمحاولة في الوصول إليها أساس عندهم ,فلا بأس أيضا أن يناقشوا مسألة القوامة ,فالمرأة القديمة التي كانت كالمتاع في السابق جاهلة مهانة و...و.. هذه ليست كالعصرية التي صار لها المصنع والمتجر ,وصار لها الشهادات العلمية العالية والتعليم المتواصل ,أيعقل أن تكون قوامة الرجل على المرأة القديمة كقوامة الرجل على المرأة الحديثة. وهكذا .. حتى في مسائل النكاح والولاية صار النقاش. ولن تنتهي المساومة في الأصول إلى أن يسقطوا الدين كله ,وأحيانا قد يكون الإنسان منهم مؤدبا! فيتكلم في قاعدة تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان, فيحاول أن يدخل من هذا الطريق, وما علم المسكين حتى وإن كان يسمى فقيها ,أن تغير الفتوى لا يعني تغير الحكم . أصول دين المسلم يلعب بها, ويحاول إسقاطها ,وتلك هي المواجهة. والأدهى من ذلك والأمر أن يسمى بعضهم بالإسلاميين !