واجبات الطواف وسننه
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
الواجب عند جماهير أهل العلم هو ما تصح معه العبادة مع نسيانه أو تركه غير أنه لا بد لتركه من جابر، وهذا الجابر يختلف باختلاف العبادة، فقد يجبر بفعل شيء من جنس العبادة كما في سجود السهو للصلاة عند ترك واجب فيها، وقد يكون بشيء آخر كما في ترك واجب من واجبات الحج أو واجبات الطواف مثلاً، فهذا يجبر بدم لعموم حديث من ترك نسكاً فعليه دم(1).
هذا وبخصوص واجبات الطواف فإن فقهاء المذاهب ما عدا الحنفية(2) لم يفردوها بالذكر، وإنما يذكرها بعضهم ضمن الشروط على أنها في معناها، ويعبرون عن ذلك بالشروط والواجبات كالشافعية(3) بينما يذكرها البعض الآخر مدموجة مع بعض الشروط، لا لأنها في معناها ولكن لكونها دائرة بين الشرطية والوجوب بين أرباب كل مذهب، وقد يذكرونها في السنن لكونها أيضاً دائرة بين السنية والوجوب.
وبناءً على هذا فسأستخلص الواجبات عند الفقهاء من كل ذلك، وبيانه على ما يلي:
الأول: ستر العورة:
يرى الحنفية أن ستر العورة واجب من واجبات الطواف يجبر بدم بينما يرى الجمهور أنها شرط لصحة الطواف، وقد استدل الحنفية بعموم قوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: من الآية29)، قالوا فالأمر قد جاء بالطواف مطلقاً عن شرط الستر فيجري على إطلاقه(4)(5).
الثاني: إكمال سبعة الأشواط من الطواف:
ذهب الحنفية إلى وجوب ما زاد عن أكثر الأشواط السبعة بينما ذهب الجمهور إلى اشتراط إكمال السبعة الأشواط لصحة الطواف.
هذا وقد استدل الحنفية لمذهبهم بأن الأكثر يقوم مقام الكل وبعموم قوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: من الآية29) قالوا فالأمر بالطواف قد جاء مطلقاً، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار إلا أن الزيادة على المرة الواحدة إلى أكثر الأشواط ثبت بدليل آخر وهو الإجماع، ولا إجماع في الزيادة على أكثر الأشواط(6).
الثالث: البدء من الحجر الأسود في الطواف:
ذهب الشافعية وبعض فقهاء الحنابلة إلى وجوب البدء من الحجر الأسود عند الطواف(7) بينما ذهب الحنفية إلى سنية(8) ذلك، وذهب المالكية وجمهور الحنابلة إلى شرطية(9) ذلك لصحة الطواف.
هذا وقد استدل القائلون بالوجوب بما جاء في الصحيحين عن ابن عمر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف حين يقدم يخب ثلاثة أشواط(10).
الرابع: جعل البيت عن يسار الطائف:
ذهب الحنفية إلى أن جعل البيت على اليسار في الطواف واجب وليس بشرط(11) بينما ذهب الجمهور ومنهم المالكية والشافعية والحنابلة إلى اشتراط ك لصحة الطواف(12).
هذا وقد استدل الحنفية على وجوب جعل البيت عن يسار الطائف بعموم قوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: من الآية29).
وجه الدلالة لهم: أن الآية مطلقة من غير شرط البداية باليمين أو اليسار.
الخامس: الموالاة بين أشواط الطواف:
الموالاة بين أشواط الطواف شرط لصحة الطواف عند المالكية والحنابلة ما لم تكن لعذر، وليست شرطاً عند الحنفية والشافعية في الأصح عندهم بل هي سنة وهي واجبة في قول للشافعية.
السادس: المشي في الطواف مع عدم العذر:
واجب يجبر بدم وهذا هو قول الحنفية والمشهور من مذهب مالك كما أنه رواية عن أحمد(13).
السابع: الطهارة في الطواف:
الحنفية يرون أن الطهارة واجبة للطواف وليست بشرط وهذا القول هو رواية عن الغمام أحمد اختارها ابن تيمية وابن القيم بينما يرى جمهور العلماء اشتراط ذلك(13).
سنن الطواف:
الأول: ما يشرع لداخل المسجد الحرام:
إذا وصل إلى المسجد الحرام سن له تقديم رجله اليمنى ويقول: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم افتح لي أبواب رحمتك. فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: "اللهم افتح لي أبواب رحمتك" وإذا خرج فليقل: "اللهم إني أسألك من فضلك"(14)، وهذا الدعاء مشروع لدخول أي مسجد كما هو ظاهر الحديث وليس لدخول المسجد الحرام دعاء خاص.
الثاني: الاضطباع:
صفة الاضطباع: أن يجعل وسط الرداء تحت كتفه اليمنى ويرد طرفيه على كتفه اليسرى، وتبقى كتفه اليمنى مكشوفة.
حكم الاضطباع:
للعلماء – رحمهم الله – في حكم الاضطباع قولان:
القول الأول: أنه مكروه وإليه ذهب الإمام مالك(15) وحجته في ذلك ذهاب سببه الذي هو إظهار الجلادة والقوة للمشركين.
وقد أجيب عن ذلك بما رواه البيهقي بسنده عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول: فيم الرملان الآن والكشف عن المناكب وقد أوطأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله ومع ذلك لا نترك شيئاً كنا نصنعه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم(16).
قال النووي بعد سياقه له رواه البيهقي بإسناد صحيح(17).
القول الثاني: أنه سنة وبه قال جماهير أهل العلم منهم الحنفية(18) والشافعية(19) والحنابلة(20) مستدلين بما رواه أبو داود في سننه عن ابن جريج عن ابن يعلى عن يعلى، قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم مضطبعاً ببرد أخضر.
وبما رواه أبو داود أيضاً عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم قد قذفوها على عوائقهم اليسرى(21).
حكمة الاضطباع:
قال ابن حجر: الحكمة في أصل مشروعيته كالرمل إظهار الجلادة والقوة للمشركين، وبالنسبة إلينا إظهار التأسي والاتباع والجد في العبادة(22).
ويسن الاضطباع في طواف القدوم وطواف العمرة عند جميع القائلين بسنيته.
كما اتفقوا أيضاً على أنه لا يسن في غير طواف الحج والعمرة، واختلفوا فيما بينهم هل تقتصر مشروعيته على طواف القدوم وطواف العمرة أو يشرع أيضاً في كل طواف يعقبه سعي(23) فذهب إلى الأول الحنابلة وهو قول في مذهب الشافعي بينما ذهب الحنفية والشافعية في الأصح عندهم إلى الثاني أي أنه يشرع في كل طواف بعده سعي(24).
والراجح في نظري أن سنيته تقتصر على طواف القدوم سواء أكان هذا الطواف للحج أو العمرة لظاهر الأدلة المتقدمة في مشروعيته، والله أعلم.
من لا يشرع له الاضطباع:
لا يشرع الاضطباع في حق المرأة، وهذا محل اتفاق لأن اضطباعها فيه كشف لما هو عورة منها، كما لا يشرع في حق من أحرم من مكة أو قربها، ولا لراكب ولا لحامل معذور، وقد قال بهذا جمهور العلماء(25).
الثالث: الرمل:
ومعناه هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى وتحريك المنكبين، ويسمى: الخبب بفتح الخاء والباء، وقد جاء في بعض روايات الحديث: رمل وفي بعضها خَبّ والمعنى واحد.
حكمه: الرمل مسنون عند عامة العلماء(26) إلا ما روي عن ابن عباس أنه قال: ليس بسنة من شاء رمل ومن شاء لم يرمل(27). والحق أن الرمل سنة ثابتة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم.
والرمل في الأشواط الثلاثة الأول من أول طواف يطوفه، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول يخب ثلاثة أطواف ويمشي أربعة"(28).
من لا يشرع له الرمل:
الرمل كالاضطباع بالنسبة لمن يشرع في حقه أو من لا يشرع وقد تقدم بيان من يشرع له بالاضطباع ومن لا يشرع له(29) وما هو مختلف فيه، وهو كذلك في الرمل(30) وقد جاء في المجموع: أن الرمل يتفق مع الاضطباع إلا في شيء واحد وهو أن الاضطباع مسنون في جميع الطوافات السبع بخلاف الرمل فإنما يسن في الثلاث الأول ويمشي في الأربع الباقية(31).
الرابع: استلام الحجر الأسود وما يتعلق به:
يسن للطائف استلام الحجر الأسود وتقبيله إن تيسر ذلك وهذا محل إجماع بين أهل العلم(32) فإن شق التقبيل استلمه بيده أو عصا وقبَّل ما استلمه به فغن شق استلامه أشار إليه وقال: الله أكبر ولا يقبل ما أشار به.
والدليل على ما تقدم ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما واللفظ لمسلم أن عمر رضي الله عنه قَبّل الحجر وقال إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك، وفي رواية لهما عنه أنه قال: "والله أني لأقبلك وإني أعلم أنك حجر وأنك لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّلك ما قبلتك".
وروى البخاري ومسلم أيضاً للبخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه(33).
أما استحباب تقبيل ما استلم به، فقد روى مسلم أيضاً عن معروف بن خرَّبوذ قال سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبِّل المحجن(34).
وأما استحباب التكبير، فلما رواه البخاري في صحيحه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير كلما آتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده وكبر(35).
ما يقوله عند استلام الحجر الأسود واستقباله إذا شق استلامه:
ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يستحب عند استلام الحجر الأسود أو استقباله بوجهه إذا شق استلامه أن يقول (بسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعاً لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم) ويقول ذلك كلما استلمه(36).
أما الحنفية فقد قال الكاساني: إذا استقبل الحجر كبر واستلمه وقبله إن تيسر ذلك وإلا استقبله وكبر وهلل وحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم كما يصلي عليه في الصلاة ولم يذكر عن أصحابنا فيه دعاء بعينه لأن الدعوات لا تحصى(37).
أما المالكية فقد جاء في المدونة ما نصه: (قلت) ابن القاسم سألت مالكاً عن هذا الذي يقول الناس عند استلام الحجر: إيماناً بك وتصديقاً بكتابك فأنكره (قلت) لابن القاسم أفيزيد على التكبير عند استلام الحجر والركن اليماني قال: لا يزيدن على التكبير في قول مالك(38).
الترجيح:
قلت ومما تقدم يتضح أن هذا الدعاء لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما نقل عن ابن عمر وعلي رضي الله عنهما وإسناده عنهما لا بأس به.
ونقول: إن أتي بهذا الدعاء فلا بأس بل قال بعض أهل العلم إن أتي به فحسن.
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله -: وإن قال في ابتداء طوافه: اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فهو حسن لأن ذلك قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم(39).
قلت وقد بالغ بعض أهل العلم فعدّ هذا الدعاء من بدع الطواف(40) وفيه نظر. والله أعلم.
الخامس: في الذكر والدعاء وقراءة القرآن في الطواف:
الأول: في الذكر والدعاء:
يسن للطائف أن يكثر من ذكر الله تعالى ودعائه في هذا المكان الطاهر المبارك وليعلم أنه لا يجب في الطواف ذكر مخصوص ولا دعاء مخصوص بل يذكر الله تعالى ويسأله من خيري الدنيا والآخرة، وينبغي أن يدعو هو بنفسه ويسأل ربه أسمى الطلبات، ولا يجعل له مطوفاً يلقنه الدعاء، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقّن أصحابه دعاءً خاصاً، بل كان يدعو بما في نفسه من رغبات وكذا كان أصحابه رضي الله عنهم أما ما أحدثه بعض الناس وبعض مؤلفي المناسك من تخصيص كل شوط من الطواف أو السعي بذكر أو دعاء مخصوص فهذا مما لا يعتمد على أدلة شرعية، ولم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم شيء من ذلك، اللهم إلا ما ورد من التكبير عند الحجر الأسود وقول: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" ما بين الركنين(41).
في قراءة القرآن للطائف:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم قراءة القرآن في الطواف على قولين:
القول الأول: أنها مستحبة لأن القرآن ذكر بل من أفضل الذكر والطواف قد شرع فيه الذكر لكن لا يرفع صوته بالقراءة لئلا يؤذي غيره(42) وهذا قول جمهور العلماء وقد قال به الحنفية والشافعية كما أنه المشهور من مذهب الحنابلة وقول في مذهب مالك.
والقول الثاني: أن القراءة في الطواف مكروهة وهو قول مالك في المشهور عنه ورواية عن أحمد.
الترجيح:
قلت: ويترجح لي جواز قراءة القرآن بالطواف مع عدم رفع الصوت بل هو أفضل من الدعاء الذي لم يؤثر، والدعاء المأثور أفضل من القراءة تأسياً بالرسول صلى الله عليه وسلم(43)، ثم إن القرآن من أفضل الذكر، وقد روى أبو داود في سننه قال: حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا عبيد الله بن أبي أياد عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله"(44). فعلم أن من حكمة مشروعية الطواف إقامة ذكر الله، ومن ذكره سبحانه تلاوة كتابه.
السادس: استلام الركن اليماني وتقبيله:
اتفق الأئمة الأربعة(45) على استحباب استلام الركن اليماني.
والدليل على استلام الركن اليماني ما رواه البخاري ومسلم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنهما قال: لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين(46).
تقبيل الركن اليماني:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في تقبيل الركن اليماني على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المشروع هو استلامه فقط ولا يقبله ولا يقبل يده بعد استلامه وهذا هو المشهور عند الحنفية(47) والمالكية(48) والحنابلة(49).
القول الثاني: أنه يستحب استلامه ولا يقبله لكن يقبل يده بعد استلامه وإليه ذهب الشافعية(50) وهو رواية عن مالك(51) وأحمد(52).
القول الثالث: أنه يستلمه ويقبله ويكبر وهو قول في مذهب الحنابلة(53)، وروي عن الحنابلة أيضاً أنه إذا لم يتيسر له الاستلام يشير إليه(54).
الأدلة:
استدل القائلون بمشروعية الاستلام فقط بأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استلمه ولم يقبل يده لما استلمه، ذلك أن الذين وصفوا حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره ذكروا أنه كان يستلم الحجر ويقبله، وأنه يستلم الركن اليماني ولم يذكروا تقبيلاً ولو قبّله لنقوله كما نقلوه في الركن الأسود(55).
واستدل أهل القول الثاني الذين يرون تقبيل اليد بعد الاستلام بما رواه البيهقي في سننه عن عطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استلم الحجر فقبله واستلم الركن اليماني فقبل يده(56).
هذا ونوقش هذا الدليل بما قاله البيهقي بعد سياقه له: عمر بن قيس المكي ضعيف (وقد روي) في تقبيله خبر لا يثبت مثله.
واستدل أهل القول الثالث الذين يرون مشروعية الاستلام والتقبيل بما رواه الدارقطني عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه(57).
الترجيح:
قلت بعد سياق أدلة كل من الأقوال الثلاثة ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة يتضح أن القول الراجح: إنما هو الاقتصار على مسح الركن اليماني دون تقبيله ولا الإشارة إليه عند تعذر المسح لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما كان يستلم ويقبل الحجر الأسود، وأما الركن اليماني فقد ثبت استلام النبي صلى الله عليه وسلم له، أما تقبيله فقد روي بأحاديث ضعيفة لا يحتج بمثلها لا سيما وأن الذين وصفوا حج الرسول صلى الله عليه وسلم وعمره لم يذكروا تقبيلاً للركن اليماني ولو ثبت لنقل كما نقل في الحجر الأسود.
في حكم استلام الركنين الشاميين:
جماهير أهل العلم على أنه لا يشرع استلام الركنين الشاميين وبه قال الجم الغفير من الصحابة كما أنه مذهب الأئمة الأربعة، وقد روي عن معاوية وجابر وابن الزبير والحسن والحسين وأنس وعروة استلامهما، وقال معاوية ليس شيء من البيت مهجوراً(58).
والدليل على عدم مشروعية استلامهما ما جاء في الصحيحين واللفظ للبخاري عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنهما قال: لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين، وعن مسلم بلفظ (يمسح)(59).
السابع: الدنو من البيت:
يسن للرجال القرب والدنو من البيت لشرفه ولأنه المقصود، ولأنه أيسر في الاستلام والتقبيل، هذا فيما إذا كان المطاف غير مزدحم، وأما إن كان المطاف مزدحماً بالطُوّاف، ويحصل من قربه إيذاء لغيره، فالبعد والحالة هذه أولى لأن القرب سنة والإيذاء محرم، فيقدم اجتناب المحرم على فعل المسنون.
أما المرأة فهي كالرجل في استحباب القرب فيما إذا كان المطاف خالياً.
أما مع وجود الرجال فإن الأفضل في حقهن أن يطفن في حاشية المطاف بعيدات عن الرجال، وقد جاء في صحيح البخاري عن عطاء: إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال قال كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال، قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: أي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب، قلت كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرة(60) من الرجال لا تخالطهم. فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: عنك وأبت(61)، يخرجن متنكرات مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن، وأُخرج الرجال، وكنت آتي عائشة أنا وعبيدة بن عمير وهي مجاورة في جوف ثبير) الحديث.
الثامن: ركعتا الطواف:
من سنن الطواف المؤكدة(62) صلاة ركعتيه لما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم، سعى ثلاثة أطواف ومشى أربعة ثم سجد سجدتين.. الحديث.
وروى البخاري أيضاً في صحيحه عن عبد الله بن أبي أوفى قال: "اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين" الحديث.
التاسع: استلام الحجر الأسود بعد صلاة ركعتي الطواف:
يسن للطائف بعد صلاة ركعتي الطواف أن يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه إن تيسر ذلك لثبوت ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه في قصة روايته لحجة الرسول صلى الله عليه وسلم وفيها أنه قال: "حتى أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً، ...، ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا"(63) الحديث.
هذا ومشروعية استلام الحجر الأسود بعد ركعتي الطواف محل اتفاق بين الأئمة الأربعة(64)، بل نقل بعض أهل العلم الإجماع على ذلك.
العاشر: الملتزم والدعاء به(65):
الملتزم هو ما بين الركن الذي فيه الحجر الأسود وباب الكعبة، ومقداره أربعة أذرع(66)، وجاء في الموطأ عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – أنه كان يقول ما بين الركن والباب الملتزم(67).
هذا وقد استحب كثير من أهل العلم الوقوف بالملتزم، ونص على ذلك فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة.
الأدلة:
استدل من رأى مشروعية الالتزام بما رواه أبو داود في سننه قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة: قلت لألبسن ثيابي، وكانت داري على الطريق، فلأنظرن كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه، وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم، وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم.
وقال ابن حجر: وقد ورد في الوقوف عند الملتزم ما رواه أبو داود من طريق المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب...) إلخ، وساق حديث أبي داود المتقدم، ثم ساق أيضاً روايات أخرى.
وقال ويؤيده ما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال: طاف جدي محمد بن عبد الله بن عمرو مع أبيه عبد الله بن عمرو، وفي شعب الإيمان للبيهقي من طريق أبي الزبير عن عبد الله بن عباس مرفوعاً قال: ما بين الركن والباب ملتزم، ورواه عبد الرزاق مقلوباً بإسناد أصح منه(68).
هذا وقد ورد عن بعض السلف من الصحابة ومن بعدهم عدم الالتزام.
فقد روى عبد الرزاق أيضاً عن عبد الله بن عمر(69) عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يلتزم شيئاً من البيت.
وروى أيضاً عن معمر عن أيوب عن نافع أن ابن عمر كان لا يلزم شيئاً من البيت(70).
الترجيح والمناقشة:
يظهر لي أن الالتزام وردت فيه أحاديث لا تخلو من مقال، لكنها وردت من عدة طرق كما هو واضح، فيرتقي الحديث بها إلى درجة الحسن(71).
فالذي أراه أن للإنسان أن يلتزم بناءً على ما تقدم من الأدلة، والتي تقوى بثبوت العمل به عن عدد من السلف من الصحابة وغيرهم.
دخول الكعبة، والحِجْر، والشرب من ماء زمزم:
الأول: دخول الكعبة المشرفة:
استحب كثير من أهل العلم دخول الكعبة المشرفة إن تيسر ذلك ولم يؤذ أحداً، للحاج والمعتمر، وغيرهما، كما استحبوا الصلاة فيها والدعاء في نواحيها كلها(72) وذلك استناداً إلى ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما واللفظ للبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم الباب، فلما فتحوا كنت أول من ولج فلقيت بلالاً فسألته هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم بين العمودين اليمانيين(73).
الثاني: دخول الحِجْر والصلاة والدعاء فيه:
الحِجْر بكسر الحاء وإسكان الجيم هو الذي تسميه العامة بحجر إسماعيل، وهو في الحقيقة ليس بحجر إسماعيل، وإنما يطلق عليه اسم الحجر أو الجَدْر، ويطلق عليه أيضاً الجدار، ويسمى أيضاً بالحطيم، وهو محوط مدور على شكل نصف دائرة، وقد جاءت أحاديث صحيحة أنه من البيت. فقد روى البخاري في صحيحه عن عائشة – رضي الله عنها – أنها سألت الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجَدْر أمِن البيت؟ قال: نعم(74).
وجاء في أحاديث أخرى أن بعضه من البيت، فقد روى مسلم في صحيحه عدة روايات: منها قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لولا أنّ قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة وزدت فيها ستة أذرع، وفي رواية خمسة أذرع(75)(76).
هذا وقد استحب كثير من العلماء دخول الحِجْر والصلاة فيه والدعاء.
الثالث: في الشرب من ماء زمزم(77):
جماهير أهل العلم على استحباب الشرب من ماء زمزم وبه قال الأئمة الأربعة(78).
هذا وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل زمزم والشرب من مائها، ومنها:
ما رواه البخاري عن الشعبي أن ابن عباس – رضي الله عنهما – حدثه قال: سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم.
__________________
(1) حديث (من ترك نسكاً فعليه دم) تقدم الكلام عنه بالتفصيل في ثمرة الخلاف في اشتراط المشي أو عد اشتراطه مع العذر.
(2) الحنفية نصوا على ذكر الواجبات وأفردوها فقد جاء في حاشية ابن عابدين 3/551 ما نصه (وواجباته – يعني طواف الإفاضة – المشي للقادر والتيامن وإتمام السبعة والطهارة عن الحدث وستر العورة، وفعله في أيام النحر).
(3) انظر المجموع شرح المهذب للنووي 8/14، فقد جاء فيه: "فأما الشروط الواجبات فثمانية... إلخ".
(4) انظر: بدائع الصنائع للكاساني 2/129، والمبسوط للسرخسي 4/39.
(5) هذا وقد تقدمت أدلة الجمهور، وبأن القول الراجح هو اشتراط ستر العورة لصحة الطواف.
(6) انظر المبسوط 4/42، وما بعدها، وبدائع الصنائع 2/132.
(7) انظر المجموع شرح المهذب 8/32 وانظر المغني لابن قدامة 3/371.
(8) انظر بدائع الصنائع 2/130.
(9) انظر القوانين الفقهية لابن جزي ص 89 والإنصاف للمرداوي 4/49 وكشاف القناع للبهوتي 2/485.
(10) صحيح البخاري 2/126، وصحيح مسلم 4/63.
(11) انظر المبسوط 4/44 وبدائع الصنائع 2/130 وحاشية ابن عابدين 2/551.
(12) انظر مواهب الجليل 3/69 والقوانين الفقهية لابن جزي ص 89، وانظر المجموع للنووي 8/14 ومتن الإيضاح ص 72، وانظر الإنصاف للمرداوي 4/19 وكشاف القناع للبهوتي 2/485.
(13) تقدم أدلة القائلين بالاشتراط في بحث شروط صحة الطواف ومناقشة هذا القول وبسطها مع الأدلة.
(14) صحيح مسلم 2/155.
(15) ذكره عن الإمام مالك النووي في المجموع 8/21، والشوكاني في نيل الأوطار 5/44 وابن حجر في فتح الباري 3/472 حيث قال: والاضطباع هيئة تعين على إسراع المشي بأن يدخل رداءه تحت إبطه الأيمن ويرد طرفه على منكبه الأيسر فيبدي منكبه الأيمن ويستر الأيسر وهو مستحب عند الجمهور سوى مالك قاله ابن المنذر.
(16) سنن البيهقي 5/79 في (باب الاضطباع للطواف).
(17) المجموع شرح المهذب 8/19.
(18) انظر بدائع الصنائع 2/147.
(19) انظر المجموع 8/19 وما بعدها.
(20) انظر كشاف القناع 2/477 وما بعدها.
(21) سنن أبي داود 2/177 تحت رقم (1883) ورقم (1884) في (باب الاضطباع في الطواف).
(22) حاشية ابن حجر على شرح الإيضاح ص 241.
(23) هذا يتأتى فيما أجمعوا عليه في طواف القدوم وطواف العمرة، ويتأتى أيضاً في طواف الإفاضة لمن لم يسع مع طواف القدوم حيث يجب عليه سعي الحج وهل يشرع في حقه؟ هذا محل الخلاف.
(24) انظر بدائع الصنائع 2/147 وحاشية ابن عابدين 2/527، وانظر المجموع شرح المهذب 8/19 وما بعدها وانظر المغني 3/372 وكشاف القناع 2/477 وما بعدها.
(25) المجموع للنووي 8/20 وما بعدها.
(26) انظر حاشية ابن عابدين 2/130 وبداية المجتهد 1/149، والمنتقى شرح موطأ مالك 2/284، والأم للشافعي 1/67، وكشاف القناع 2/480، هذا وقد قال ابن قدامة في المغني 3/373: (إنه لا يعلم فيه بين أهل العلم خلافاً) يعني في سنيته.
(27) انظر فتح الباري 3/471، وبدائع الصنائع 2/147.
(28) صحيح البخاري 2/127 في (باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة) وصحيح مسلم 4/63 وفي (باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة وفي الطواف الأول في الحج).
(29) تقدم فيما سبق بما يفي عن إعادته هنا.
(30) انظر في موضوع الرمل بدائع الصنائع 2/147 وشرح معاني الآثار 2/182 وانظر المنتفي للباجي 2/284 وما بعدها، وانظر المجموع للنووي 8/43 وما بعدها وانظر كشاف القناع 2/478.
(31) انظر المجموع للنووي 8/44.
(32) انظر بدائع الصنائع 2/146 والمنتقى شرح موطأ مالك 2/287 والمجموع شرح المهذب للنووي 8/57، وانظر المغني لابن قدامة 3/370.
(33) صحيح البخاري 2/126، وما بعدها في (باب استلام الركن بالمحجن) و(باب من أشار إلى الركن)، وصحيح مسلم 4/66 وما بعدها.
(34) صحيح مسلم 4/66 و68.
(35) صحيح البخاري 2/127 في (باب التكبير عند الركن).
(36) انظر الأم للشافعي مختصر المزني ص 67 وانظر كشاف القناع 2/479.
(37) بدائع الصنائع 2/146.
(38) المدونة الكبرى لمالك 1/313.
(39) التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة للعلامة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله – ص 42 الطبعة التاسعة عشرة.
(40) قال ذلك الألباني في كتابه: مناسك الحج والعمرة في الكتاب والسنة وآثار السلف وسرد ما ألحق الناس به من البدع وذلك في ص 51 قال: البدعة رقم (43) قولهم عند استلام الحجر: اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك. قلت وفي هذا مبالغة والله أعلم.
(41) روى أبو داود في سننه عن عبد الله بن السائب 2/179 تحت رقم (1892)، وصححه ابن حبان والحاكم.
(42) عدم رفع الصوت مطلوب أيضاً في الدعاء لئلا يشغل غيره من الطائفين هذا وإن ما يحصل في المطاف اليوم من رفع أصوات المطوفين بالدعاء ومجاوبة التابعين لهم بأصوات مزعجة لهو من الأمور المحزنة، إضافة إلى أن الاجتماع على الدعاء ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا التابعين لهم بإحسان، فالله المستعان.
(43) ومن المأثور ما تقدم من التكبير عند الحجر وقول (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ما بين الركنين وقد تقدم بيان ذلك.
(44) الحديث رواه أبو داود وسكت عنه مما يدل على أنه صالح عنده وقد قال النووي في المجموع 8/56 بعد سياقه للحديث المذكور: هذا الإسناد كله صحيح إلا عبيد الله فضعفه أكثرهم ضعفاً يسيراً ولم يضعف أبو داود هذا الحديث فهو حسن كما سبق وروى الترمذي هذا الحديث من رواية عبيد الله هذا وقال: هو حديث حسن وفي بعض النسخ حسن صحيح فلعله اعتضد برواية أخرى بحديث اتصف بذلك. انتهى. قلت وقد فصلت القول عن هذا الحديث عند بيان حكمة الطواف.
(45) روي عن أبي حنيفة أن استلامه ليس بسنة لكن استلامه حسن قال الكاساني في بدائع الصنائع (2/147) وأما الركن اليماني فلم يذكر في الأصل أن استلامه سنة ولكنه قال: إن استلمه فحسن وإن تركه لم يضره في قول أبي حنيفة رحمه الله وهذا يدل على أنه مستحب وليس بسنة وقال محمد رحمها لله يستلمه ولا يتركه، وهذا يدل على أن استلامه سنة): قلت أما بقية المذاهب فقالوا بسنية استلامه انظر المنتقى شرح موطأ مالك 2/287 وما بعدها، وانظر المجموع 8/35 وكشاف القناع 2/480.
(46) صحيح البخاري 2/127 في (باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين) وصحيح مسلم 4/65.
(47) انظر: بدائع الصنائع 2/147.
(48) انظر: المنتقى شرح موطأ مالك 2/267 وما بعدها.
(49) انظر: كشاف القناع 2/479، والإنصاف 4/9.
(50) انظر: المجموع للنووي 8/35، وكتاب متن الإيضاح ص 80.
(51) انظر المنتقى شرح موطأ مالك للباجي 2/288.
(52) انظر شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لابن تيمية تحقيق د/ صالح الحسن 2/447، والإنصاف 4/9.
(53) جاء في شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة لابن تيمية تحقيق د/ صالح الحسن 2/443 مسألة: وكلما حاذى الركن اليماني والحجر استلمهما وكبر وهلل، وفي ص (447) وقال أبو الخطاب ويستلمه ويقبل يده.
(54) جاء في كشاف القناع 2/480، وكلّما حاذى الحجر الأسود والركن اليماني استلمهما.. وإن شق أشار إليهما.
(55) تقدمت الأدلة في استلام الحجر وتقبيله.
(56) سنن البيهقي 5/76 في (باب استلام الركن اليماني بيده).
(57) سنن الدارقطني 2/290 تحت رقم (242).
(58) انظر فتح الباري لابن حجر 3/474، والمغني لابن قدامة 3/380.
(59) صحيح البخاري 2/127 في (باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين) وصحيح مسلم 4/65.
(60) حَجْرة أي ناحية من الناس معتزلة. ويروى حجزه.
(61) زاد الفاكهي: وكن يخرجن إلخ وهو أوضح.
(62) تقدم في واجبات الطواف تفصيل القول في حكم ركعتي الطواف وذكرنا هناك خلاف العلماء رحمهم الله حيث ذهب الحنفية والمالكية في المشهور عنهم إلى الوجوب، وهو قول في مذهب الشافعي، كما ذهب الشافعية في الأصح عندهم والحنابلة إلى سنتيهما، وهو قول في مذهب مالك، وقد بسطنا الأدلة هناك مع المناقشة والترجيح بما يغني عن الإعادة هنا، وإنما المقصود هنا بيان أنهما من سنن الطواف.
(63) صحيح مسلم 4/40 في (حجة النبي صلى الله عليه وسلم).
(64) انظر في مذهب الحنفية: بدائع الصنائع 2/148، وفي مذهب المالكية: المنتقى شرح موطأ مالك 2/299، وفي مذهب الشافعية: المجموع 8/55 و67، وفي مذهب الحنابلة: كشاف القناع 2/485.
(65) أيضاً من السنن: الموالاة بين أشوطة الطواف، وهذا عند الحنفية والأصح عند الشافعية. انظر: المبسوط 4/48، وفتح القدير 2/389 وبدائع الصنائع 2/130، وانظر: المجموع 8/47، ومتن الإيضاح ص 82، هذا وقد تقدم الكلام عن ذلك وتفصيل الخلاف في شروط صحة الطواف، وكذا في مبحث واجبات الطواف، لأن الموالاة عند أئمة المذاهب، دائرة بين الشرطية والوجوب والسنية، ولذا كان لزاماً علينا الإشارة إلى حكمها في كل المواضع الثلاثة.
(66) انظر كشاف القناع للبهوتي 2/513.
(67) جامع الأصول لابن الأثير 3/182، تحت رقم 1447، وذكر أنه أخرجه مالك في الموطأ.
(68) تلخيص الحبير 2/269.
(69) عبد الله بن عمر، أي العمري.
(70) مصنف عبد الرزاق 5/73 و ص 76.
(71) قال الألباني في كتابه مناسك الحج والعمرة ص 21، وله أن يلتزم ما بين الركن والباب فيضع صدره ووجهه وذراعيه عليه، ثم علق على ذلك بقوله: روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريقين، يرتقي الحديث بهما إلى مرتبة الحسن ويزداد قوة بثبوت العمل به عن جمع من الصحابة منهم ابن عباس رضي الله عنه، وقال (هذا الملتزم بين الركن والباب وصح من فعل عروة ابن الزبير أيضاً، وكل ذلك مخرج في الأحاديث الصحيحة) (2138) انتهى.
(72) لقد ترجم الإمام مسلم رحمه الله بهذه الترجمة في صحيحه 4/95 (باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره والصلاة فيها والدعاء في نواحيها كلها). وانظر: فتح الباري 3/446، وانظر: حاشية ابن عابدين 2/664، والمجموع للنووي 8/270.
(73) صحيح البخاري 2/125 في (باب إغلاق البيت) وصحيح مسلم 4/95 في (باب استحباب دخول الكعبة... إلخ).
(74) صحيح البخاري 2/123.
(75) صحيح مسلم 4/98 وما بعدها.
(76) تقدم في شروط الطواف والتي منها اشتراط كون الطواف من وراء الحِجْر، بيان معنى الحِجْر وأسمائه ومقدار ما للكعبة منه والتحقيق في ذلك بما يغني عن إعادته هنا.
(77) زمزم بئر معروفة في المسجد الحرام بينها وبين الكعبة ثمان وثلاثون ذراعاً، وسميت زمزم قيل لكثرة مائها يقال ماء زمزم وزمزوم وزمازم إذا كان كثيراً، وقيل: لضم هاجر رضي الله عنها لمائها حين انفجرت وزمها إياه، وقيل لزمزمة جبريل عليه السلام وكلامه، وقيل إنها غير مشتقة، ولها أسماء منها: زمزم، وبرة، وهزمة جبريل، والهزمة: الغمزة بالعقب في الأرض، ومنها: المضمونة، وتكتم، وشباعة، وقيل سميت زمزم لأنها زمت بالميزان. انظر: المجموع للنووي 8/267، وفتح الباري لابن حجر 3/493.
(78) انظر حاشية ابن عابدين 2/532، وانظر مواهب الجليل 3/115. وانظر: المجموع 8/270، وانظر: المغني لابن قدامة 3/445.