8 رمضان 1441

السؤال

س: ما قولكم ـ حفظكم الله ـ في عمل بعض الأئمة في هذه الليالي بالاقتصار على إحدى عشرة ركعة محتجا بحديث عائشة رضي الله عنها؟

أجاب عنها:
سليمان الماجد

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد..

فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حدد عدد الركعات في قيام الليل، وما من أمر في الشريعة له حد محدود بزمن أو عدد أو كيل أو وزن أو مسافة إلا بينته بعدده ؛ كالوتر ، ومدة المسح على الخفين ، وعدة المطلقة ، والمتوفى عنها زوجها ، ومقدار صدقة الفطر ، وغيرها من الأحكام التي قد لا يحتاج المسلم لبعضها إلا مرة في العمر ، أو في السنة ، والقيام يحتاجه المسلم كل يوم ؛ فكان ترك بيان عدد ركعات قيام الليل دليلا على أنه لا يتحدد ولا يتوقت بعدد ، وعلى هذا الفقه مضى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون وأئمة الدين ؛ فلم يقل أحد إن ذلك محدود لا تحل الزيادة عليه ، ومما يؤكد هذا قوله صلى الله عليه وسلم : "صلاة الليل مثنى مثنى" ، ولم يحدها بعدد .
وإنما وقع الخلاف في الأفضل؛ حيث قال بعضهم إن الأفضل أن لا يزيد على إحدى عشرة ركعة ، والصحيح أن يُنظر في ذلك إلى تحقيق الخشوع أو عدم ذلك؛ فيكون الأفضل والسنة ما يكون أقرب إلى خشوعه ، سواء كان بتقليل الركعات وإطالة القيام ، أو تكثير الركعات وترك الإطالة، وهذا اختيار ابن تيمية وغيره حيث قال في "مجموع الفتاوى" (23/113): ( .. والصواب أن ذلك جميعه حسن كما قد نص على ذلك الإمام أحمد رضي الله عنه وأنه لا يتوقت في قيام رمضان عدد فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت فيها عددا وحينئذ فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره. فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل القيام بالليل حتى إنه قد ثبت عنه في الصحيح من حديث حذيفة أنه كان يقرأ في الركعة بالبقرة والنساء وآل عمران فكان طول القيام يغني عن تكثير الركعات . وأبي بن كعب لما قام بهم وهم جماعة واحدة لم يمكن أن يطيل بهم القيام فكثر الركعات ليكون ذلك عوضا عن طول القيام وجعلوا ذلك ضعف عدد ركعاته فإنه كان يقوم بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ثم بعد ذلك كان الناس بالمدينة ضعفوا عن طول القيام فكثروا الركعات حتى بلغت تسعا وثلاثين.) أ.هـ. والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم