5 شوال 1440

السؤال

ما حكم تقديم صيام الست من شوال على صيام القضاء؟

أجاب عنها:
د. عمر بن عبد الله المقبل

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في هذه المسألة على قولين مشهورين:

أحدهما:  أنه لا يجوز تقديم الست على القضاء، احجاجاً بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي أيوب: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال.."، فدلالة (ثم) تفيد الترتيب، ولأن من صام الست قبل القضاء، فلا يصدق عليه أنه صام رمضان، وهذا مذهب لبعض أهل العلم، من الشافعية والحنابلة.

القول الثاني: جواز تقديم قضاء الست على القضاء، وهو أحد صور مسألة أعمّ وهي مسألة: تقديم النفل على القضاء، وهذا مذهب جمهور أهل العلم، ومنهم من صرّح بالكراهة مع الجواز، وقول الجمهور أقرب للصواب؛ للأدلة التالية:

 أولاً: أنه وقع في بعض روايات حديث أبي أيوب (وأتبعه ستا)([2]) بدلا من (ثم)([3]) وفي بعضها: (من صام رمضان وستا من شوال)([4])، وهذا يدل على التوسعة، وأن بعض الرواة رواه بالمعنى.

 ثانياً: أن مضاعفة الأجر الواردة في حديث ثوبان (الحسنة بعشر أمثالها)([5]) تحصل بتقديمها أو تأخيرها.

 ثالثاً: أن من أدرك رمضان وصام منه ما قدر عليه يصدق عليه أنه ممن شهد الشهر فصامه، ولو فاتته بعض الأيام التي سيقضيها لاحقاً.

 رابعاً: أن الله تبارك وتعالى قال: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ ...} [البقرة: 185]، فيلزم من يمنع من البدء بالست قبل القضاء بحجة أنه لم يكمل رمضان، أن يقول لمن بقي عليه ولو يوم واحد ألا يكبر ليلة العيد، لأن عدته لم تكتمل، ولا قائل به. والله أعلم.

وأود أن أشير إلى تنبيه مهم يتعلق بقضية منهجية لاحظتها من خلال تعليقات بعض الإخوة والأخوات على أمثال هذه الإجابات من بعض طلاب العلم، فيقول: "لكن الشيخ فلان يقول كذا"، وهذا لا يناسب ولا يصلح، فمن كان مقلدًا لأهل العلم فلا يصح له الاعتراض، ومن كان طالبَ علم فليناقش الأدلة والتعليلات وليس الأشخاص، فكل عالم يُستدل لكلامه ولا يستدل بكلامه، وكلٌ يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم .

والمقصود أنه ليس من أدب المتلقي الاعتراض في المسائل الاجتهادية، بل له أن يستفسر ويناقش، أما الاعتراض بأسماء الأعلام فليس بجيد. والله الموفق.

-------
[1]- ينظر: حاشية ابن عابدين (2/125)، وبدائع الصنائع (2/78)، حاشية الدسوقي (1/517)، مغني المحتاج (1/447)،الإنصاف (3/343)، حاشية البجيرمي  (2/ 406)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج (3/ 456)، الفروع لابن مفلح (5/ 86).

[2]- أخرجه ابن حبان في صحيحه ح (3634)، والنسائي في الكبرى ح (2876).

[3]- أخرجه مسلم ح (2815).

[4]- أخرجه أحمد ح (14341).

[5]- أخرجه البخاري ح (1894)، ومسلم ح (2786).