4 رجب 1432

السؤال

قال صلى الله عليه وسلم : "سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله" وفي حديث آخر : "سياحة أمتي الصيام"(1) فهل السياحة محصورة في هذين المعنيين اللذين ذكرهما الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

أجاب عنها:
د. عبد الله الجبرين رحمه الله

الجواب

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الحديث الأول رواه أبو داود في سننه عن أبي أمامة وسكت عنه، وذكر المنذري أن القاسم بن عبد الرحمن الراوي عن أبي أمامة تكلم فيه غير واحد، وتعقبه المحقق ووثق القاسم وقد سبق ذكر الحديثين نقلا عن ابن كثير في تفسير سورة التوبة، والظاهر أنه ذكر الجهاد والصيام كمثالين للسياحة التي أصلها السفر والذهاب بعيدًا في البلاد، وقد روى ابن جرير بسنده عن وهب بن منبه قال: كانت السياحة في بني إسرائيل وكان الرجل إذا ساح أربعين سنة رأى ما كان يرى السائحون قبله. وذكر القرطبي عن عبد الرحمن بن فريد قال: السائحون المهاجرون، وعن عكرمة هم الذين يسافرون لطلب العلم. وقيل: هم الجائلون بأفكارهم في توحيد ربهم وملكوته، وما خلق من العبر والعلامات الدالة على توحيده وعظمته.
قال القرطبي فإن السياحة أصلها الذهاب على وجه الأرض، كما يسيح الماء، فالصائم مستمر على الطاعة في ترك ما يتركه من الطعام وغيره، فهو بمنزلة السائح، والمتفكرون تجول قلوبهم فيما ذكروا ا. هـ(2).
وقال ابن سعدي فسرت السياحة بالصيام، أو السياحة في طلب العلم، وفسرت بسياحة القلب في معرفة الله ومحبته، والإنابة إليه على الدوام، والصحيح أن المراد بالسياحة السفر في القربات كالحج، والعمرة، والجهاد، وطلب العلم، وصلة الأرحام ونحو ذلك ا. هـ(3).
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
________________
(1) ذكره بهذا اللفظ: القرطبي في تفسيره (8/270)، ورواه ابن جرير في تفسيره عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: "سياحة هذه الأمة الصيام" وضعفه أحمد شاكر رحمه الله (14/506).
(2) تفسير القرطبي (8/270).
(3) تفسير ابن سعدي (3/304).