5 رجب 1432

السؤال

هل يجوز السفر لبلاد الكفر للسياحة؟ وما هي الأسباب الشرعية لجواز السفر لبلاد الكفار؟

أجاب عنها:
د. عبد الله الجبرين رحمه الله

الجواب

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فذكر العلماء أنه يجوز السفر لبلاد الكفار لأجل التجارة، إذا قدر على إظهار دينه، وأمن الفتنة، فأما السفر لمجرد السياحة فأرى أنه مكروه، حيث إن شعائر الكفر هناك ظاهرة، وهو عاجز عن إنكارها، ثم إن المعاصي وأسباب الفتنة موجودة بكثرة، ويخاف على المسلم أن يقع في تلك المحرمات، فهو يشاهد النساء في غاية التبرج والتكشف، ويشاهد المسارح وأماكن العهر والفساد، ولا يقدر في الغالب أن يملك نفسه، ويحميها عن الوقوع في الفواحش، وفي شرب الخمور والمخدرات، وذلك لكثرة ما يشاهد من إعلانها، والدعاية إليها، وهكذا الفتنة في الدين، حيث يشاهد مبتكرات الكفار، واختراعاتهم، وما أنتجوه من الصناعات الكبيرة التي تفوقوا بها، وقويت شوكتهم ومعنوياتهم، وقهروا من حولهم، وخوفوا القريب والبعيد، فالغرب الجاهل يحتقر الإسلام وأهله، ويستصغر شأنهم، ويخيل إليه أنهم تأخروا بسبب علومهم الشرعية، وأنهم عاجزون عن إنتاج أصغر صغير، فيعظم الكفار في نفسه، فتراه يمدحهم ويغالي في ذكرهم، وقد يفضل دينهم، ويتأثر بدعاتهم، فيتهود أو يتنصر، ويغفل عن المثالب والعيوب التي وقعوا فيها شرعًا وعقلا، وهذه حالة أكثر من يسافر إلى تلك البلاد لأجل النزهة، وتسريح الأنظار، وزيارة المصانع والمعامل.
فأما من كان متمسكًا بدينه وعقيدته، فهذا غالبًا يحميه إسلامه عن الوقوع في المآثم والمنكرات، حيث إن العقيدة متى رسخت في القلب لم يتأثر بالدعايات، والمظاهر البراقة، بل يحتقر أهلها، حيث إنهم أوتوا علومًا ولم يؤتوا فهمومًا، وأوتوا ذكاءً ولم يؤتوا زكاء، وأوتوا (سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ) (الأحقاف: 26) فمن وثق بعقيدته، وعرف الشر والكفر وتهافت الكفار، واحتاج إلى السفر للدراسة، أو للدعوة إلى الله، أو لمشاركة في مؤتمر، أو عمل في سفارة أو نحوها، فلا مانع من ذلك، وقد يشترط استصحاب زوجته إذا خاف على نفسه الوقوع في الحرام، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.