السؤال
سمعتم يافضيلة الشيخ عن طرح البنك الأهلي 25 % من أسهمه للاكتتاب قريبا، فهل يجوز شراء أسهم البنك المذكور؟ جزاكم الله خيرا، ورفع قدركم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فإن أكل الربا من أعظم المحرمات، بل من السبع الموبقات، قد دلَّ على تحريمه الكتاب والسنة، قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) إلى قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)، وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ)، وَقَالَ: (هُمْ سَوَاءٌ).
وأكل الربا سنة اليهود التي أخبر الله بها عنهم، قال تعالى: (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ) ولم يزل اليهود معروفين بتعاملهم بالربا، وقد جرى على سنتهم النصارى وغيرهم من أمم الكفر، حتى صار الربا في هذا العصر من أهم القوانين التي يقوم عليها نظام المال في الدول الكافرة، فأُسست البنوك في الشرق والغرب على نظام القرض بفائدة، وهذا يجمع نوعي الربا؛ ربا الفضل وربا النسيئة، ويدخل فيه ربا الجاهلية: إما أن تَقضي وإما أن تُربي، ومن المصائب العظيمة أن قانون الربا ـ أي: القرض بفائدة ـ قد سرى إلى المسلمين في أكثر البلاد الإسلامية بسبب التشبه بالكفار، والتبعية لهم، والإعجاب بهم، لذلك بنوا مؤسساتهم المالية من البنوك وغيرها على هذا القانون.
هذا؛ وقد علمت من عدد من الاقتصاديين الشرعيين الثقات ومن ذوي الخبرة من العلماء أن البنك الأهلي يقوم نظامه على الربا في أكثر تعاملاته أو كثير منها، وعليه؛ فلا يجوز الاشتراك فيه بشراء شي من أسهمه؛ فإن كثيرًا من فوائده وعوائده من ثمرات المعاملات الربوية المحرمة، وعلى هذا؛ فالمشتري لأسهم البنك المذكور آكلٌ للربا، ومعينٌ عليه، فالواجب على المسلم أن يتقي الله، ولا يحمله حب المال على الإقدام على ما حرم الله، قال صلى الله عليه وسلم: (َلا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيةِ اللَّهِ)، وقال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ). والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال ذلك:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في يوم الخميس ٢٢ ذي الحجة ١٤٣٥