السؤال
دخَلَ واعظٌ إلى المسجد بعد الأذان وأنا أقرَأُ القرآن، فهل الأفضَلُ أنْ أكملَ القراءَةَ، أمْ أطبقَ المُصحَفَ وأَسْتمعَ إلى الواعِظ؟
الجواب
الحمدُ الله وحْدَه، وصلى الله وسلم على مَنْ لا نَبِيَّ بعدهُ، أمّا بعد:
فإن الأَوْلى - والله أعلم- أنْ تتوقَّفَ عن القراءة رجاء أنْ تنتفِعَ بموعظة هذا الواعظ، ولِئَلَّا يُسَاء بك الظَّنُّ، فيُظَنَّ أنَّكَ لا تَعْتَدُّ بهذا الواعِظِ ولا بموعظته، وصيانةُ العِرْض مطلوبة، ولا يخفى أن الإنسان ينتفع كثيرا مما يستمع إليه من المواعظ التي يتكلم بها بعض المجتهدين في الدعوة إلى الله، ولا سيما من يستمد كلامه من مواعظ القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ففيهما من الأوامر والنواهي ما يستوجب وقوف المسلم عندها، وعرض حاله وعمله عليها، وفيهما من الترغيب والترهيب، وذكر الجنة والنار مما تلين له القلوب الحية، وإذا جرى ذلك على لسان واعظ صادق ومذكر قدير على البيان، وأصغى إليه المستمع بقلب حاضر كان لذلك أثر عظيم في نفسه، مما يدعوه إلى محاسبة نفسه، ولهذا قال سبحانه: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ).
لذلك ينبغي للمسلم أن يبادر إلى الحضور إلى المساجد، ليتزود من نوافل الطاعات من صلاة وذكر وتلاوة قرآن وتعلم علم نافع، مما يلقى في المساجد من الدروس؛ فالمساجد بيوت الله، (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ).
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده) رواه مسلم.
وعند أبي داود: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تبارك وتعالى) الحديث.
وإلقاء الدروس وتعلم العلم هو من تدارس القرآن، قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
وإن تعليم القرآن وتعلمه شاملٌ لتعلم حروفه ومعانيه. والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم