15 جمادى الأول 1436

السؤال

سمعت من بعض أهل العلم أنه إذا تزوج شخصٌ امرأة، ثم طلقها وتزوجت شخصا آخر بعده، وأنجبت منه بنتا، فإن هذه البنت تكون ربيبة للزوج الأول، معللا قوله بأن تحريم الربيبة بعد الدخول بأمها أبديٌّ، فهل هذا الكلام صحيح؟ أفتوني مأجورين.

أجاب عنها:
عبد الرحمن البراك

الجواب

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد قال الله تعالى في ذكر المحرمات من النساء: (وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ).
واتفق العلماء على أن الربيبة التي لم يدخل الرجل بأمها أنها لا تحرم؛ لقوله تعالى: (فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ).
واختلفوا في الربيبة إذا لم تكن في حجر الزوج، وقد دخل بأمها، فذهب الجمهور إلى أنها محرمة على زوج أمها التي دخل بها، وقالوا: إن قوله تعالى: (اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم) وصفٌ خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له، وعليه فتحرم الربيبة مطلقا، سواء كانت في حجر الزوج أو لم تكن، من زوج سابق أو لاحق، ومعنى كونها في حجره أي تتربى في بيته وفي كنَفه، أو تحت رعايته، وذهب جماعة من السلف والخلف إلى أن الربيبة لا تحرم على زوج أمها التي دخل بها إلا أن تكون في حجره، فإن لم تكن في حجره فإنه إذا طلق أمها حل له أن يتزوجها؛ لقوله: (اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم)، وجعلوا هذا شرطا في تحريم الربيبة الربيبة، وتوقف آخرون، فموجَب قولهم أي المتوقفين: أنه لا يكون محرما لها، ولا يحل له أن يتزوجها، وهذا أحوط، للاختلاف في قوله: (اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم) هل هو شرط؟ أو وصفٌ أغلبيٌّ؟ أي: فلا مفهوم له، كما تقدم.
ونكاح الربيبة التي لم تكن في حجر الزوج من المشتبهات التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الحلال بيِّنٌ، وإن الحرام بيِّنٌ، وبينها أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام) الحديث.
وبناء على ما سبق: فبنت الزوج الثاني المذكورةُ في السؤال ينطبق عليها مذهب القائلين بالتوقف، فليس لزوج أمها الأول نكاحُها، ولا يكون محرما لها تكشف له أو يخلو بها.
وهذا هو الأحوط في حقها وفي حق زوج أمها الأول، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين