السؤال
ما حكم الاعتماد على الأسباب؟
الجواب
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، أما بعد.
فإن الاعتماد بالقلب على الأسباب شركٌ في التوحيد ـ وإن كانت صحيحة وثابتا تأثيرها ـ؛ لأن ذلك نوع توكل عليها، ويتضمن الغفلة عن الله الذي خلقها، وجعل فيها ماشاء من التأثير في مسبَّباتها؛ فإنه تعالى خالق الأسباب والمسبَّبات، وهو الذي جعل التأثير في الأسباب والقابلية في المسبَّبات، أما الأسباب الوهمية أو الأسباب المحرمة فالاعتماد عليها أقبح؛ فإنه يتضمن الشرك في التوحيد والمعصية بفعل المحرم، والجهلَ ونقصَ العقل إن كان السبب وهميا؛ كتعليق التمائم والودَع ونحوهما لدفع العين أو الشفا من مرض أو علة، ولذا قال أهل العلم: "الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابا نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكليِّة قدحٌ في الشرع"، (مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 1/131)
وهذا صحيح؛ فإن الالتفات إلى الأسباب معناه التعلق بها، والتعويل عليها، ومحو الأسباب جحدٌ لها، وهذا مناف لمقتضى الحس والعقل والشرع، والإعراض عن الأسباب بالكلية يتضمن ترك ما أمر الله به ورسوله وجوبا أو استحبابا، ويتفاوت حكم ذلك حسب درجات المأمور به.
وبعد؛ فالأسباب تنقسم في جملتها إلى قسمين: كونية وشرعية، فالكونية منها ما عرف بالعادة والتجربة، وتتعلق آثارها بمنافع الدنيا ومضارها، والشرعية ما عرف بدلالة الشرع، وتتعلق آثارها بمنافع ومضار الدنيا والآخرة.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.