السؤال
الحديث بعد الصلاة ، هل يراعي فيه المتأخرون الذين يقضون الصلاة، حيث يشكو بعضهم من التشويش عليه؟ وهل يفرق بين التعليم والوعظ ؟
وهل الحديث اليومي والامتناع عن الحديث في يوم الجمعة، فيه شيء من التخصيص المحظور؟
س: وما هو أفضل الأوقات في نظركم لتعليم الناس من الأوقات الخمسة، وفي سائر الأيام؟
الجواب
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد جرت عادة كثير من الأئمة بقراءة الحديث أو إقامة بعض الدروس بعد صلاة العصر مباشرة، والأصل أن ذلك لا يتجاوز بضع دقائق، ولا يخفى ما في ذلك من المصلحة لجماعة المسجد.
وأما ما يترتب على ذلك من التشويش على المتأخرين في الصلاة فإنه لا يوجب ترك هذا العمل الحسن المبارك، لكن ينبغي تخفيف الصوت، وأكثر ما يحصل التشويش برفع المتحدث أو القارئ صوته، هذا مع أن المتأخرين عن صلاة الجماعة هم المتسببون فيما يحصل لهم من نقص في صلاتهم بسبب التشويش الذي يذكرونه، مع أنه يمكن لهم أن ينتظروا ويستمعوا الحديث، ثم يصلون بعد ذلك، فالذين شهدوا الجماعة الأولى أحق بالمراعاة، فلا يترك ما فيه مصلحتهم لمصلحة المتأخرين والمفرِّطين في صلاة الجماعة.
كما جرت عادة كثير من الأئمة والدعاة بترك القراءة والتحدث يوم الجمعة، ولا أعلم لهذا أصلا، اللهم إلا ما ورد في سنن أبي داود من النهي عن التحلق يوم الجمعة، وتفسيرهم له بترك الموعظة والتدريس خلافُ ما فسره به أهل العلم؛ فإنهم قالوا: المراد بالتحلق المنهي عنه هو أن يكون الناس في المسجد الجامع حِلَقًا في درس أو غيره قبل صلاة الجمعة، قالوا: وإنما نهي عن التحلق قبل الصلاة ليتفرغوا للصلاة والذكر واستماع الخطبة، ولئلا يضيقوا المكان على المتقدمين للصلاة، وأما بعد صلاة الجمعة فلا ينهى عن التحلق للدروس، وقد كان لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كرسيٌّ في المسجد يفسر فيه القرآن بعد الجمعة. كما ذكر ذلك ابن عبد الهادي في مواضع من كتابه العقود الدرية.
وأما ترك المشايخ للدروس يوم الجمعة ولو في غير المسجد، أو بعد صلاة الفجر فهو راجع إلى مراعاة رغبة كثير من الطلاب في التمتع بالإجازة، ليقضوها فيما يشاؤون، وبعد؛ فلا فرق بين الدرس والموعظة فيما تقدم.
وأولى الأوقات للدروس والموعظة ما يوافق فراغ الناس وحضورهم، وهو لذلك راجع إلى اجتهاد الإمام والمعلم. والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.